أحدث الأخبار مع #«جبهةالإسناد»


الشرق الأوسط
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
الاستهدافات الإسرائيلية للمنازل الجاهزة بجنوب لبنان تحرم السكان من «المأوى المؤقت»
نشطت في الفترة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت المنازل الجاهزة في القرى الحدودية الجنوبية اللبنانية، إذ اختارها العديد من الجنوبيين سكناً مؤقتاً، في انتظار حصولهم على تعويضات يتمكنون من خلالها تشييد منازل لهم بدلاً من تلك التي هدمتها إسرائيل أثناء الحرب الأخيرة، كما أنهم في انتظار استتباب الأمن في المنطقة هناك. ولجأ أهالٍ من المناطق الحدودية الجنوبية إلى خيار المنازل الجاهزة والمتنقلة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وخصوصاً بعد تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من البلدات الحدودية في 18 فبراير (شباط)، كون كلفة هذه المنازل منخفضة وتجهيزها يتمّ خلال فترة قصيرة. الشاب الثلاثيني خضر عواضة، أحد هؤلاء، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اشتريت منزلاً جاهزاً بعد أيام قليلة من عودتنا إلى قرانا، في 19 فبراير (شباط) الماضي، كان صغيراً، فيه غرفة نوم ومطبخ صغير، لكنه كان سيأويني وعائلتي المؤلفة من 5 أشخاص، ولو مؤقتاً». ويضيف: «جهزته بالمياه والكهرباء، ووضعته في زاوية حديقة منزلي، الذي هدمته إسرائيل خلال أيام الحرب الأولى على لبنان، وكان موضوعاً إلى جانب الركام المتراكم هناك». وعواضة أحد أبناء بلدة كفركلا الحدودية، أخرج قسراً من منزله، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، بعدما دخل «حزب الله» فيما عرف بـ«جبهة الإسناد» آنذاك، وخسر كما جنوبيين آخرين منزله. ومنذ ذلك الوقت، يعيش نازحاً في بلدة زبدين، قضاء النبطية، يقول: «فضلت السكن في المنزل الجاهز والعودة إلى بلدتي، بدلاً من البقاء في منزل النزوح الذي استأجرته منذ أكثر من عام ونصف العام». منزل خضر عواضة قبل استهدافه في كفركلا بجنوب لبنان (الشرق الأوسط) بلغت كلفة المنزل الجاهز 5 آلاف دولار، كان قد حصل على هذه الأموال بوصفها بدل إيواء. اختار أن ينتقل إليه في اليوم الأول لعيد الفطر، لكن إسرائيل حالت دون ذلك؛ إذ استهدفه الجيش الإسرائيلي بقذيفة ليلة العيد. في الليلة المذكورة نفسها، استهدفت إسرائيل عدّة منازل جاهزة في كفركلا، ولا يزال الاستهداف مستمراً حتّى يومنا هذا، وقال عواضة: «كأنهم يقولون لنا: لا تعودوا»، وتابع: «اعتقدت أنهم لن يصيبوه بمكروه، فهو ليس مطلاً على مركزهم ولا يشكل خطراً عليهم». يُحدث عواضة عن عودته إلى كفركلا بعد انسحاب الجنود الإسرائيليين: «كنت مشتاقاً للعودة، لذا كنت أزور البلدة يومياً؛ ريثما أسكن في منزلي الجاهز؛ لم أتوقع أن يستهدفوه، لذا عملت على تجهيزه كي أسكن فيه قريباً. ورغم كل الخروقات الإسرائيلية، كنت أقوم بريّ المزروعات هناك». ويضيف: «نحن أبناء هذه القرى، شيدنا منازلنا بعرق الجبين. قبل الحرب كان لدي مقهى صغير. ورغم كل ما حصل، ننتظر لحظة الاتفاق، كي نعود ونبني منازلنا مجدداً»، وعن إمكانية حصوله على تعويضات جراء استهداف المنزل الجاهز، يقول: «لا شيء واضح حتّى الآن، لكني لا أعتقد ذلك». منزل خضر عواضة بعد استهدافه في كفركلا بجنوب لبنان (الشرق الأوسط) وعواضة ليس سوى نموذج يظهر ما حل بحياة جنوبيين كثر، وتجربتهم مع الحرب، خسر غالبيتهم منازل شيدوها على مدى سنوات، ومصالحهم، وما زالوا محرومين من العودة إلى مناطقهم، إلا في زيارات محفوفة بالمخاطر، بسبب الاستهدافات الإسرائيلية شبه اليومية للمنطقة هناك. واللافت أن غالبيتهم لا تكترث، وكأن خدراً قد أصاب مشاعرهم. ومثل عواضة، اشترت منى منزلاً لها لتسكنه وعائلتها المؤلفة من ثلاثة أشخاص، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «وضعته في نقطة تقع بين ديرميماس وكفركلا، وكنت أود أن أنتقل للعيش فيه، كوني أحب بلدتي، وأقصد زيارتها يومياً». لكنها لم تتمكن من ذلك، «بفعل الاستهدافات الإسرائيلية التي أصابت منازل جاهزة هناك، وبشكل متكرر، وأحد هذه المنازل كان يستخدم فرناً للمخبوزات وآخر دكاناً صغيراً فيه بعض الحاجيات الأساسية؛ لا يريدون أيّ شكل من أشكال الحياة هناك»، حسبما تقول. نماذج من البيوت الجاهزة التي تبرعت بها جمعية محلية لإيواء السكان بجنوب لبنان (أ.ف.ب) لم تؤدِ الاستهدافات الإسرائيلية إلى إصابة منزل منى الجديد، لكن بسبب خوفها قررت نقله من المكان الذي كانت تثبته فيه، والعدول عن فكرة السكن فيه. تُخبرنا عن قرارها الجديد: «قبل نحو أسبوعين، نقلته إلى بلدة كفرتبنيت في النبطية، حيث أعيش نازحة منذ عام ونصف العام، وقد اختبرت تجربة النزوح لمرات هناك». تدرك منى جيداً حجم الخطر الذي يحدق بها في حال سكنت فيه: «العدو ليس له أمان، لكن لا خيار لنا سوى العودة إلى أرضنا، حيث ولدت وترعرعت، وتوجد تفاصيل ذكرياتي وحياتي»، وقد قررت تأجيل هذه الخطوة إلى حين يصبح الوضع الأمني أفضل. تخبر منى عن حياتها ما قبل الحرب الأخيرة، كيف شيّدت بيتها وعملت على تجهيزه، بكل تأنٍ وحب. تقول: «اخترت تفاصيل منزلي بعناية ودقة، حتى في أصغر التفاصيل، لكن إسرائيل هدمته، بعد مرور ثلاثة أشهر على الحرب خرجنا منه؛ يومها نجا زوجي بأعجوبة، إذ أصابت منزلنا أربعة قذائف إسرائيلية، وبقينا من دون منزل». لم يكن المنزل الجديد والجاهز أفضل ما تتمناه منى، لكنها وجدت نفسها فجأة أمام خيارات محدودة. تقول: «أردتُ العودة حتى لو كنت سأعيش في خيمة؛ ربما كي أمنح نفسي القليل من الأمل، بأن عودتنا الدائمة باتت قريبة، حزنتُ كثيراً لأنني لن أتمكن من فعل ذلك راهناً». ومنى التي تعمل معلمة، وأم لابن وحيد، ترافق زوجها إلى عمله في القرى الحدودية بشكل شبه يومي. تقول: «سأكون في الصفوف الأمامية حين يعود الناس إلى بلداتهم ليسكنوا فيها، بعد الحصول على ضمانات أمنية»، بسبب غياب الأمن راهناً. وبلغت كلفة شراء منزل منى الجديد 3 آلاف و500 دولار، اشترته من أحد مصانع الشمال بعد أن حصلت على بدل إيواء وأثاث. خسر زوجها مصلحته في تشغيل الآليات، وكانت تفكر في فتح مشروع صغير لها، مثل استراحة على مدخل البلدة. لكن الخروقات الأمنية حالت دون ذلك.


IM Lebanon
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- IM Lebanon
استهداف المنازل الجاهزة جنوبًا: 'لا تعودوا'
كتبت حنان حمدان في 'الشرق الأوسط': نشطت في الفترة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت المنازل الجاهزة في القرى الحدودية الجنوبية اللبنانية، إذ اختارها العديد من الجنوبيين سكناً مؤقتاً، في انتظار حصولهم على تعويضات يتمكنون من خلالها تشييد منازل لهم بدلاً من تلك التي هدمتها إسرائيل أثناء الحرب الأخيرة، كما أنهم في انتظار استتباب الأمن في المنطقة هناك. ولجأ أهالٍ من المناطق الحدودية الجنوبية إلى خيار المنازل الجاهزة والمتنقلة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي، وخصوصاً بعد تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من البلدات الحدودية في 18 شباط، كون كلفة هذه المنازل منخفضة وتجهيزها يتمّ خلال فترة قصيرة. وضعته بجانب ركام منزلي الشاب الثلاثيني خضر عواضة، أحد هؤلاء، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اشتريت منزلاً جاهزاً بعد أيام قليلة من عودتنا إلى قرانا، في 19 شباط الماضي، كان صغيراً، فيه غرفة نوم ومطبخ صغير، لكنه كان سيأويني وعائلتي المؤلفة من 5 أشخاص، ولو مؤقتاً». ويضيف: «جهزته بالمياه والكهرباء، ووضعته في زاوية حديقة منزلي، الذي هدمته إسرائيل خلال أيام الحرب الأولى على لبنان، وكان موضوعاً إلى جانب الركام المتراكم هناك». وعواضة أحد أبناء بلدة كفركلا الحدودية، أخرج قسراً من منزله، منذ الثامن من تشرين الأول عام 2023، بعدما دخل «حزب الله» فيما عرف بـ«جبهة الإسناد» آنذاك، وخسر كما جنوبيين آخرين منزله. ومنذ ذلك الوقت، يعيش نازحاً في بلدة زبدين، قضاء النبطية، يقول: «فضلت السكن في المنزل الجاهز والعودة إلى بلدتي، بدلاً من البقاء في منزل النزوح الذي استأجرته منذ أكثر من عام ونصف العام». «لا تعودوا» بلغت كلفة المنزل الجاهز 5 آلاف دولار، كان قد حصل على هذه الأموال بوصفها بدل إيواء. اختار أن ينتقل إليه في اليوم الأول لعيد الفطر، لكن إسرائيل حالت دون ذلك؛ إذ استهدفه الجيش الإسرائيلي بقذيفة ليلة العيد. في الليلة المذكورة نفسها، استهدفت إسرائيل عدّة منازل جاهزة في كفركلا، ولا يزال الاستهداف مستمراً حتّى يومنا هذا، وقال عواضة: «كأنهم يقولون لنا: لا تعودوا»، وتابع: «اعتقدت أنهم لن يصيبوه بمكروه، فهو ليس مطلاً على مركزهم ولا يشكل خطراً عليهم». يُحدث عواضة عن عودته إلى كفركلا بعد انسحاب الجنود الإسرائيليين: «كنت مشتاقاً للعودة، لذا كنت أزور البلدة يومياً؛ ريثما أسكن في منزلي الجاهز؛ لم أتوقع أن يستهدفوه، لذا عملت على تجهيزه كي أسكن فيه قريباً. ورغم كل الخروقات الإسرائيلية، كنت أقوم بريّ المزروعات هناك». ويضيف: «نحن أبناء هذه القرى، شيدنا منازلنا بعرق الجبين. قبل الحرب كان لدي مقهى صغير. ورغم كل ما حصل، ننتظر لحظة الاتفاق، كي نعود ونبني منازلنا مجدداً»، وعن إمكانية حصوله على تعويضات جراء استهداف المنزل الجاهز، يقول: «لا شيء واضح حتّى الآن، لكني لا أعتقد ذلك». خسارة المنازل وعواضة ليس سوى نموذج يظهر ما حل بحياة جنوبيين كثر، وتجربتهم مع الحرب، خسر غالبيتهم منازل شيدوها على مدى سنوات، ومصالحهم، وما زالوا محرومين من العودة إلى مناطقهم، إلا في زيارات محفوفة بالمخاطر، بسبب الاستهدافات الإسرائيلية شبه اليومية للمنطقة هناك. واللافت أن غالبيتهم لا تكترث، وكأن خدراً قد أصاب مشاعرهم. ومثل عواضة، اشترت منى منزلاً لها لتسكنه وعائلتها المؤلفة من ثلاثة أشخاص، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «وضعته في نقطة تقع بين ديرميماس وكفركلا، وكنت أود أن أنتقل للعيش فيه، كوني أحب بلدتي، وأقصد زيارتها يومياً». لكنها لم تتمكن من ذلك، «بفعل الاستهدافات الإسرائيلية التي أصابت منازل جاهزة هناك، وبشكل متكرر، وأحد هذه المنازل كان يستخدم فرناً للمخبوزات وآخر دكاناً صغيراً فيه بعض الحاجيات الأساسية؛ لا يريدون أيّ شكل من أشكال الحياة هناك»، حسبما تقول. قررت نقله مجدداً لم تؤدِ الاستهدافات الإسرائيلية إلى إصابة منزل منى الجديد، لكن بسبب خوفها قررت نقله من المكان الذي كانت تثبته فيه، والعدول عن فكرة السكن فيه. تُخبرنا عن قرارها الجديد: «قبل نحو أسبوعين، نقلته إلى بلدة كفرتبنيت في النبطية، حيث أعيش نازحة منذ عام ونصف العام، وقد اختبرت تجربة النزوح لمرات هناك». تدرك منى جيداً حجم الخطر الذي يحدق بها في حال سكنت فيه: «العدو ليس له أمان، لكن لا خيار لنا سوى العودة إلى أرضنا، حيث ولدت وترعرعت، وتوجد تفاصيل ذكرياتي وحياتي»، وقد قررت تأجيل هذه الخطوة إلى حين يصبح الوضع الأمني أفضل. «ليس أفضل ما نتمناه» تخبر منى عن حياتها ما قبل الحرب الأخيرة، كيف شيّدت بيتها وعملت على تجهيزه، بكل تأنٍ وحب. تقول: «اخترت تفاصيل منزلي بعناية ودقة، حتى في أصغر التفاصيل، لكن إسرائيل هدمته، بعد مرور ثلاثة أشهر على الحرب خرجنا منه؛ يومها نجا زوجي بأعجوبة، إذ أصابت منزلنا أربعة قذائف إسرائيلية، وبقينا من دون منزل». لم يكن المنزل الجديد والجاهز أفضل ما تتمناه منى، لكنها وجدت نفسها فجأة أمام خيارات محدودة. تقول: «أردتُ العودة حتى لو كنت سأعيش في خيمة؛ ربما كي أمنح نفسي القليل من الأمل، بأن عودتنا الدائمة باتت قريبة، حزنتُ كثيراً لأنني لن أتمكن من فعل ذلك راهناً». ضمانات للعودة ومنى التي تعمل معلمة، وأم لابن وحيد، ترافق زوجها إلى عمله في القرى الحدودية بشكل شبه يومي. تقول: «سأكون في الصفوف الأمامية حين يعود الناس إلى بلداتهم ليسكنوا فيها، بعد الحصول على ضمانات أمنية»، بسبب غياب الأمن راهناً. وبلغت كلفة شراء منزل منى الجديد 3 آلاف و500 دولار، اشترته من أحد مصانع الشمال بعد أن حصلت على بدل إيواء وأثاث. خسر زوجها مصلحته في تشغيل الآليات، وكانت تفكر في فتح مشروع صغير لها، مثل استراحة على مدخل البلدة. لكن الخروقات الأمنية حالت دون ذلك.


المغرب اليوم
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- المغرب اليوم
«طائرات طائرات طائرات»
كان الليل لطيفاً في بيروت. والمقاهي ساهرة كالقناديل قبالة البحر. ومن عادة هذه المدينة أن تغطي جروحَها وخيباتها. وأن تتحدّى موتها والركام. وأن تقنع الزائر أن عرساً يأتي على رغم مقتل كثير من المدعوين. وكنا نقلّب ويلات الخرائط ونحصي الخسائرَ والأرباح. ونحاول إبعاد كأس اليأس عن أيامنا. لكن طنيناً متواصلاً سكب سمّاً في مائدة النسيان. في الأجواء قاتل جوال. لا ينعس ولا ينام. يحصي الأنفاس ويلتقط الصور. يفتّش عن فريسته ويحاصرها ثم يصدر قرار الإعدام. قاتل جوال. يسهر فوق حقول القتل في غزة ولا ينسى الضفة. وينتهك شرايين لبنان ولا يغيب عن سوريا. يصطاد خيمةً في القطاع. وسيارةً في جنوب لبنان. لا غزة تستطيع طرده ولا بيروت ولا دمشق. وحين تسنح فرصةٌ لوليمة قتل كبرى تستعين المسيرات بالطائرات الحربية المتطورة وتكون الجنازات. الذكاء الاصطناعي كائنٌ مذهل. يضاعف قدرة الطائرات على القتل والسباحة في دم الخرائط. والطائرات كالميليشيات لا تحترم القوانين الدولية وعلامات الحدود. استوقفني خبران في صحيفتنا. يقول الأول إنَّ قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني نقل إلى فصائل عراقية رسالة واضحة من القيادة الإيرانية. طالبت الرسالة الفصائلَ المعنية «بتجنّب جميع أشكال الاستفزاز للأميركيين والإسرائيليين» لتفادي العواقب. وينقل الثاني عن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قوله إنَّ «العراق ليس جزءاً من محور المقاومة ولا يقبل بوحدة الساحات. نؤمن بالساحة العراقية فقط». استوقفني أيضاً إعلانُ وزارة الصحة الفلسطينية أنَّ عدد الضحايا في غزة منذ انطلاق «طوفان الأقصى» بلغ خمسين ألف قتيل. قال الجنرال المتقاعد إنَّه يخشى أن تكون الطائرات الإسرائيلية كسرت «التوازن» السابق في المنطقة على نحو أكبر وأخطر مما فعلته في حرب 1967. لاحظ أنَّ طائرات نتنياهو أجهزت وبصورة شبه كاملة على ما تبقَّى من ترسانة جيش بشار الأسد. دمَّرت أسلحة ومنشآت وكأنَّها تريد التأكد من عدم قيام أي قوة معادية لها في السنوات المقبلة. ولم يكن أمام النظام السوري الحالي أيُّ خيار غير التفرج على الطائرات تستهدف المطارات والمنشآت والثكن. ولعلَّ الطائرات أرادت إيصال رسالة مفادها بأن لا استقرار لحكم الرئيس أحمد الشرع في سوريا ما لم يغادر تماماً قاموس التفكير في مواجهة إسرائيل ذات يوم، وأن عليه أن يسلم بخروج سوريا من النزاع العربي - الإسرائيلي على رغم بقاء مرتفعات الجولان محتلة. تخطت إسرائيل ذلك إلى المطالبة بمنطقة آمنة لها في عمق الأراضي السورية ولوّحت بلعب ورقة مخاوف المكونات. الطائرات نفسها كانت قلبت المشهد في سوريا. لم يخطر ببال أحد حين كانت الطائرات الإسرائيلية تطارد مواقع أو مخابئ جنرالات «الحرس الثوري» في سوريا أن «الحرس» سيسارع إلى مغادرة سوريا. ولم يكن متوقعاً أن تتسبب الطائرات في فرار الرئيس بشار الأسد وإطلالة الشرع على سوريا من القصر الذي كان يجلس فيه الأسد الأب وبعده الأسد الابن. نفذت الطائرات انقلاباً كاملاً في المشهد السوري. خسر «محور الممانعة» الحلقة السورية وهي كانت الجسر الرئيسي الذي أوصل أحلام الجنرال قاسم سليماني إلى شاطئ المتوسط. عاقبتِ الطائرات بقسوة مفرطة «حزب الله» اللبناني على إطلاقه «جبهة الإسناد» التي أعلنها غداة انطلاق طوفان يحيى السنوار. خسر الحزب آلاف المقاتلين وخسر الزعيم الألمع في تاريخه حسن نصر الله. انقلاب واضح. غابت ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» عن بيان حكومة الرئيس نواف سلام وكان بيان القسم للرئيس جوزيف عون واضحاً في الحديث عن حصرية السلاح. وعلى رغم وقف النار واصلت إسرائيل عمليات القتل. هيمنتها الجوية لا تتعرّض لأي تهديد. واضح أن «حزب الله» لا يستطيع العودة إلى الحرب في ظل ميزان القوى الجديد الذي أظهر التغيير في سوريا حجم ما أصابه من اختلال. غيّرت الطائرات الحسابات. كانت بعض الفصائل العراقية تشتهي مشاغلة إسرائيل ولو من بعيد على غرار الحوثيين. هددت إسرائيل بإرسال طائراتها باتجاه بغداد. لا تستطيع طهران منع الطائرات الإسرائيلية من استهداف حلفائها في العراق. إيران نفسها لم تستطع مواصلة عملية تبادل الضربات مع إسرائيل وملف منشآتها النووية مفتوح على الطاولة الأميركية - الإسرائيلية. مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط كرَّر البارحة: «لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ولن يحدث ذلك». تستبيح الطائرات الإسرائيلية خرائط عدة. تقتل وتدمر وتفرض شروطاً. للاحتماء منها لا بد من طرق باب الوسيط الأميركي. ولإقناعه لا بد من تقديم ثمن باهظ يبدأ بالخروج من «محور المقاومة». والصورة قاسية وواضحة. لا استقرار في سوريا إلا إذا خرجت من النزاع. لا إعمار في لبنان إلا إذا سلم سلاح «حزب الله» بالتقاعد. لا وقف للغارات على اليمن إلا إذا توقف الحوثيون عن استهداف الملاحة في البحر الأحمر وإسرائيل. لا تساهل مع إيران إلا إذا تنازلت عن حلم القنبلة وسياسة تحريك الأذرع. إسرائيل عدوانية بطبيعتها ونهجها. لكن هل كان يحق لنا دفع خرائطنا إلى مواجهات تدميها متناسين الهوة التكنولوجية والدعم الأميركي الصارم لإسرائيل؟ ذكرتني قصة الطائرات بتلك الأيام التي كان فيها الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهو الصوت العابر للحقب، يراقب من شقته الطائرات الإسرائيلية تنهال على بيروت التي طوقتها قوات الجنرال آرييل شارون. تذكرت أيضاً قصيدته «تلك صورتها وهذا انتحار العاشق» التي يكرّر فيها عبارة «طائرات طائرات طائرات»، ولم أجد أفضل من استعارة العبارة عنواناً للمقال.


العربية
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- العربية
«طائرات طائرات طائرات»
كان الليل لطيفاً في بيروت. والمقاهي ساهرة كالقناديل قبالة البحر. ومن عادة هذه المدينة أن تغطي جروحَها وخيباتها. وأن تتحدّى موتها والركام. وأن تقنع الزائر أن عرساً يأتي على رغم مقتل كثير من المدعوين. وكنا نقلّب ويلات الخرائط ونحصي الخسائرَ والأرباح. ونحاول إبعاد كأس اليأس عن أيامنا. لكن طنيناً متواصلاً سكب سمّاً في مائدة النسيان. في الأجواء قاتل جوال. لا ينعس ولا ينام. يحصي الأنفاس ويلتقط الصور. يفتّش عن فريسته ويحاصرها ثم يصدر قرار الإعدام. قاتل جوال. يسهر فوق حقول القتل في غزة ولا ينسى الضفة. وينتهك شرايين لبنان ولا يغيب عن سوريا. يصطاد خيمةً في القطاع. وسيارةً في جنوب لبنان. لا غزة تستطيع طرده ولا بيروت ولا دمشق. وحين تسنح فرصةٌ لوليمة قتل كبرى تستعين المسيرات بالطائرات الحربية المتطورة وتكون الجنازات. الذكاء الاصطناعي كائنٌ مذهل. يضاعف قدرة الطائرات على القتل والسباحة في دم الخرائط. والطائرات كالميليشيات لا تحترم القوانين الدولية وعلامات الحدود. استوقفني خبران في صحيفتنا. يقول الأول إنَّ قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني نقل إلى فصائل عراقية رسالة واضحة من القيادة الإيرانية. طالبت الرسالة الفصائلَ المعنية «بتجنّب جميع أشكال الاستفزاز للأميركيين والإسرائيليين» لتفادي العواقب. وينقل الثاني عن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قوله إنَّ «العراق ليس جزءاً من محور المقاومة ولا يقبل بوحدة الساحات. نؤمن بالساحة العراقية فقط». استوقفني أيضاً إعلانُ وزارة الصحة الفلسطينية أنَّ عدد الضحايا في غزة منذ انطلاق «طوفان الأقصى» بلغ خمسين ألف قتيل. قال الجنرال المتقاعد إنَّه يخشى أن تكون الطائرات الإسرائيلية كسرت «التوازن» السابق في المنطقة على نحو أكبر وأخطر مما فعلته في حرب 1967. لاحظ أنَّ طائرات نتنياهو أجهزت وبصورة شبه كاملة على ما تبقَّى من ترسانة جيش بشار الأسد. دمَّرت أسلحة ومنشآت وكأنَّها تريد التأكد من عدم قيام أي قوة معادية لها في السنوات المقبلة. ولم يكن أمام النظام السوري الحالي أيُّ خيار غير التفرج على الطائرات تستهدف المطارات والمنشآت والثكن. ولعلَّ الطائرات أرادت إيصال رسالة مفادها بأن لا استقرار لحكم الرئيس أحمد الشرع في سوريا ما لم يغادر تماماً قاموس التفكير في مواجهة إسرائيل ذات يوم، وأن عليه أن يسلم بخروج سوريا من النزاع العربي - الإسرائيلي على رغم بقاء مرتفعات الجولان محتلة. تخطت إسرائيل ذلك إلى المطالبة بمنطقة آمنة لها في عمق الأراضي السورية ولوّحت بلعب ورقة مخاوف المكونات. الطائرات نفسها كانت قلبت المشهد في سوريا. لم يخطر ببال أحد حين كانت الطائرات الإسرائيلية تطارد مواقع أو مخابئ جنرالات «الحرس الثوري» في سوريا أن «الحرس» سيسارع إلى مغادرة سوريا. ولم يكن متوقعاً أن تتسبب الطائرات في فرار الرئيس بشار الأسد وإطلالة الشرع على سوريا من القصر الذي كان يجلس فيه الأسد الأب وبعده الأسد الابن. نفذت الطائرات انقلاباً كاملاً في المشهد السوري. خسر «محور الممانعة» الحلقة السورية وهي كانت الجسر الرئيسي الذي أوصل أحلام الجنرال قاسم سليماني إلى شاطئ المتوسط. عاقبتِ الطائرات بقسوة مفرطة «حزب الله» اللبناني على إطلاقه «جبهة الإسناد» التي أعلنها غداة انطلاق طوفان يحيى السنوار. خسر الحزب آلاف المقاتلين وخسر الزعيم الألمع في تاريخه حسن نصر الله. انقلاب واضح. غابت ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» عن بيان حكومة الرئيس نواف سلام وكان بيان القسم للرئيس جوزيف عون واضحاً في الحديث عن حصرية السلاح. وعلى رغم وقف النار واصلت إسرائيل عمليات القتل. هيمنتها الجوية لا تتعرّض لأي تهديد. واضح أن «حزب الله» لا يستطيع العودة إلى الحرب في ظل ميزان القوى الجديد الذي أظهر التغيير في سوريا حجم ما أصابه من اختلال. غيّرت الطائرات الحسابات. كانت بعض الفصائل العراقية تشتهي مشاغلة إسرائيل ولو من بعيد على غرار الحوثيين. هددت إسرائيل بإرسال طائراتها باتجاه بغداد. لا تستطيع طهران منع الطائرات الإسرائيلية من استهداف حلفائها في العراق. إيران نفسها لم تستطع مواصلة عملية تبادل الضربات مع إسرائيل وملف منشآتها النووية مفتوح على الطاولة الأميركية - الإسرائيلية. مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط كرَّر البارحة: «لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ولن يحدث ذلك». تستبيح الطائرات الإسرائيلية خرائط عدة. تقتل وتدمر وتفرض شروطاً. للاحتماء منها لا بد من طرق باب الوسيط الأميركي. ولإقناعه لا بد من تقديم ثمن باهظ يبدأ بالخروج من «محور المقاومة». والصورة قاسية وواضحة. لا استقرار في سوريا إلا إذا خرجت من النزاع. لا إعمار في لبنان إلا إذا سلم سلاح «حزب الله» بالتقاعد. لا وقف للغارات على اليمن إلا إذا توقف الحوثيون عن استهداف الملاحة في البحر الأحمر وإسرائيل. لا تساهل مع إيران إلا إذا تنازلت عن حلم القنبلة وسياسة تحريك الأذرع. إسرائيل عدوانية بطبيعتها ونهجها. لكن هل كان يحق لنا دفع خرائطنا إلى مواجهات تدميها متناسين الهوة التكنولوجية والدعم الأميركي الصارم لإسرائيل؟ ذكرتني قصة الطائرات بتلك الأيام التي كان فيها الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهو الصوت العابر للحقب، يراقب من شقته الطائرات الإسرائيلية تنهال على بيروت التي طوقتها قوات الجنرال آرييل شارون. تذكرت أيضاً قصيدته «تلك صورتها وهذا انتحار العاشق» التي يكرّر فيها عبارة «طائرات طائرات طائرات»، ولم أجد أفضل من استعارة العبارة عنواناً للمقال.


الشرق الأوسط
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
«طائرات طائرات طائرات»
كان الليل لطيفاً في بيروت. والمقاهي ساهرة كالقناديل قبالة البحر. ومن عادة هذه المدينة أن تغطي جروحَها وخيباتها. وأن تتحدّى موتها والركام. وأن تقنع الزائر أن عرساً يأتي على رغم مقتل كثير من المدعوين. وكنا نقلّب ويلات الخرائط ونحصي الخسائرَ والأرباح. ونحاول إبعاد كأس اليأس عن أيامنا. لكن طنيناً متواصلاً سكب سمّاً في مائدة النسيان. في الأجواء قاتل جوال. لا ينعس ولا ينام. يحصي الأنفاس ويلتقط الصور. يفتّش عن فريسته ويحاصرها ثم يصدر قرار الإعدام. قاتل جوال. يسهر فوق حقول القتل في غزة ولا ينسى الضفة. وينتهك شرايين لبنان ولا يغيب عن سوريا. يصطاد خيمةً في القطاع. وسيارةً في جنوب لبنان. لا غزة تستطيع طرده ولا بيروت ولا دمشق. وحين تسنح فرصةٌ لوليمة قتل كبرى تستعين المسيرات بالطائرات الحربية المتطورة وتكون الجنازات. الذكاء الاصطناعي كائنٌ مذهل. يضاعف قدرة الطائرات على القتل والسباحة في دم الخرائط. والطائرات كالميليشيات لا تحترم القوانين الدولية وعلامات الحدود. استوقفني خبران في صحيفتنا. يقول الأول إنَّ قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني نقل إلى فصائل عراقية رسالة واضحة من القيادة الإيرانية. طالبت الرسالة الفصائلَ المعنية «بتجنّب جميع أشكال الاستفزاز للأميركيين والإسرائيليين» لتفادي العواقب. وينقل الثاني عن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قوله إنَّ «العراق ليس جزءاً من محور المقاومة ولا يقبل بوحدة الساحات. نؤمن بالساحة العراقية فقط». استوقفني أيضاً إعلانُ وزارة الصحة الفلسطينية أنَّ عدد الضحايا في غزة منذ انطلاق «طوفان الأقصى» بلغ خمسين ألف قتيل. قال الجنرال المتقاعد إنَّه يخشى أن تكون الطائرات الإسرائيلية كسرت «التوازن» السابق في المنطقة على نحو أكبر وأخطر مما فعلته في حرب 1967. لاحظ أنَّ طائرات نتنياهو أجهزت وبصورة شبه كاملة على ما تبقَّى من ترسانة جيش بشار الأسد. دمَّرت أسلحة ومنشآت وكأنَّها تريد التأكد من عدم قيام أي قوة معادية لها في السنوات المقبلة. ولم يكن أمام النظام السوري الحالي أيُّ خيار غير التفرج على الطائرات تستهدف المطارات والمنشآت والثكن. ولعلَّ الطائرات أرادت إيصال رسالة مفادها بأن لا استقرار لحكم الرئيس أحمد الشرع في سوريا ما لم يغادر تماماً قاموس التفكير في مواجهة إسرائيل ذات يوم، وأن عليه أن يسلم بخروج سوريا من النزاع العربي - الإسرائيلي على رغم بقاء مرتفعات الجولان محتلة. تخطت إسرائيل ذلك إلى المطالبة بمنطقة آمنة لها في عمق الأراضي السورية ولوّحت بلعب ورقة مخاوف المكونات. الطائرات نفسها كانت قلبت المشهد في سوريا. لم يخطر ببال أحد حين كانت الطائرات الإسرائيلية تطارد مواقع أو مخابئ جنرالات «الحرس الثوري» في سوريا أن «الحرس» سيسارع إلى مغادرة سوريا. ولم يكن متوقعاً أن تتسبب الطائرات في فرار الرئيس بشار الأسد وإطلالة الشرع على سوريا من القصر الذي كان يجلس فيه الأسد الأب وبعده الأسد الابن. نفذت الطائرات انقلاباً كاملاً في المشهد السوري. خسر «محور الممانعة» الحلقة السورية وهي كانت الجسر الرئيسي الذي أوصل أحلام الجنرال قاسم سليماني إلى شاطئ المتوسط. عاقبتِ الطائرات بقسوة مفرطة «حزب الله» اللبناني على إطلاقه «جبهة الإسناد» التي أعلنها غداة انطلاق طوفان يحيى السنوار. خسر الحزب آلاف المقاتلين وخسر الزعيم الألمع في تاريخه حسن نصر الله. انقلاب واضح. غابت ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» عن بيان حكومة الرئيس نواف سلام وكان بيان القسم للرئيس جوزيف عون واضحاً في الحديث عن حصرية السلاح. وعلى رغم وقف النار واصلت إسرائيل عمليات القتل. هيمنتها الجوية لا تتعرّض لأي تهديد. واضح أن «حزب الله» لا يستطيع العودة إلى الحرب في ظل ميزان القوى الجديد الذي أظهر التغيير في سوريا حجم ما أصابه من اختلال. غيّرت الطائرات الحسابات. كانت بعض الفصائل العراقية تشتهي مشاغلة إسرائيل ولو من بعيد على غرار الحوثيين. هددت إسرائيل بإرسال طائراتها باتجاه بغداد. لا تستطيع طهران منع الطائرات الإسرائيلية من استهداف حلفائها في العراق. إيران نفسها لم تستطع مواصلة عملية تبادل الضربات مع إسرائيل وملف منشآتها النووية مفتوح على الطاولة الأميركية - الإسرائيلية. مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط كرَّر البارحة: «لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ولن يحدث ذلك». تستبيح الطائرات الإسرائيلية خرائط عدة. تقتل وتدمر وتفرض شروطاً. للاحتماء منها لا بد من طرق باب الوسيط الأميركي. ولإقناعه لا بد من تقديم ثمن باهظ يبدأ بالخروج من «محور المقاومة». والصورة قاسية وواضحة. لا استقرار في سوريا إلا إذا خرجت من النزاع. لا إعمار في لبنان إلا إذا سلم سلاح «حزب الله» بالتقاعد. لا وقف للغارات على اليمن إلا إذا توقف الحوثيون عن استهداف الملاحة في البحر الأحمر وإسرائيل. لا تساهل مع إيران إلا إذا تنازلت عن حلم القنبلة وسياسة تحريك الأذرع. إسرائيل عدوانية بطبيعتها ونهجها. لكن هل كان يحق لنا دفع خرائطنا إلى مواجهات تدميها متناسين الهوة التكنولوجية والدعم الأميركي الصارم لإسرائيل؟ ذكرتني قصة الطائرات بتلك الأيام التي كان فيها الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهو الصوت العابر للحقب، يراقب من شقته الطائرات الإسرائيلية تنهال على بيروت التي طوقتها قوات الجنرال آرييل شارون. تذكرت أيضاً قصيدته «تلك صورتها وهذا انتحار العاشق» التي يكرّر فيها عبارة «طائرات طائرات طائرات»، ولم أجد أفضل من استعارة العبارة عنواناً للمقال.