logo
#

أحدث الأخبار مع #«خباياالمرايا»،

رائد العمري.. قامة أدبية ورؤية ثقافية رائدة
رائد العمري.. قامة أدبية ورؤية ثقافية رائدة

الدستور

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

رائد العمري.. قامة أدبية ورؤية ثقافية رائدة

عدنان فيصل قازان حين يُذْكَر المشهد الثقافي الأردني، يَبرُز اسم القيصر رائد العمري بوصفه أحد أبرز الأسماء التي استطاعت الجمع بين الإبداع والنقد والعمل الثقافي الفاعل، وُلِدَ في إربد عام 1982، ونشأ في بيئةٍ أثَّرَتْ فكره وموهبته، فكان الأدب والنقد واللغة العربية محور اهتمامه الأكاديمي، حيث درس الأدب والنقد في جامعة اليرموك، واللغة العربية ودبلوم عالي في التربية في جامعة آل البيت.. وكان صانعًا للمشهد الثقافي، حيث أسس وأدار العديد من المشاريع التي أسهمت في الارتقاء بالحركة الأدبية، واحتضان الطاقات الشبابية. لم يكتفِ العمري بالإنتاج الأدبي والنقدي، بل تَبنَّى دورًا نهضويًا في دعم الكتّاب الشباب وتوفير منصة حقيقية لهم، عبر تأسيسه اتحاد القيصر للآداب والفنون، الذي أصبح مظلة ثقافية رائدة ترعى الإبداع في مختلف أجناسه، ومن خلال مهرجان القيصر الدولي للآداب والفنون، جمع العمري أدباء ومثقفين من مختلف الدول، فخلق فضاءً أدبيًا تفاعليًا يتيح تبادل الأفكار والخبرات، كما أشرف على أربعاء القيصر الثقافي، وهو منبر أسبوعي يتيح للأدباء فرصة تقديم أعمالهم ومناقشتها في أجواء نقدية بنَّاءة. كانت تجربة العمري الأدبية مغامرة فكرية ونقدية عميقة، كتب في مختلف صنوف الأدب، لكنه برع في القصة القصيرة جدًا، حيث استطاع تطويع اللغة لتكثيف المعاني في مساحة نصية ضيقة، محققًا معادلة صعبة تجمع بين الإيجاز والعمق، كان ناقدًا بارعًا لا يُجَامِل، ينظر إلى النصوص بعين الباحث عن جوهرها، لا بسطحية المديح المجاني، مما جعله مرجعًا أدبيًا في العديد من المسابقات الأدبية التي عمل محكمًا لها. في مقالاته النقدية، كان العمري صاحب رؤيةٍ متفردة، لا يقتصر على تحليل النصوص، وإنما يغوص في أبعادها الفلسفية والفكرية، ويكشف طبقات المعنى الكامنة فيها، هذا المنهج النقدي انعكس في مقالاته وقراءاته المنشورة في الصحف والمجلات المحلية والدولية، حيث تجاوز عدد مقالاته 800 مقال نقدي وأدبي، مما جعله أحد أكثر النقاد إنتاجًا وتأثيرًا. في كتابه «خبايا المرايا»، يطرح العمري رؤية فلسفية عميقة حول الوجود والذات والآخر، العنوان نفسه يحمل دلالات متداخلة؛ فالخبايا تشير إلى الأسرار والخفايا الكامنة، والمرايا تعكس الحقيقة، لكنها قد تكون خادعة أحيانًا، هذه الفكرة المركزية تتجلى في نصوص الكتاب، التي توزَّعت بين القصة القصيرة جدًا والومضات الأدبية، حيث استطاع أن يخلق عوالم مكثفة المعاني، تنفتح على تأويلات متعددة. تتميز نصوص «خبايا المرايا» بأنها لا تُقرَأ من زاوية واحدة، بل تمنح القارئ حرية التأويل، فتارةً يجد نفسه أمام مرآة تعكس ذاته، وتارةً أخرى يكتشف خبايا لم يكن يدركها، استطاع العمري استخدام الرموز بذكاء، معتمدًا على التكثيف اللغوي، والتلاعب بالزمن، واستدعاء الألوان كعنصر دلالي، ليمنح النصوص أبعادًا تتجاوز السطح الظاهري للحكاية. يقول في أحد نصوصه: «وقف أمام المرآة، رأى انعكاسه يبتسم بسخرية، مدَّ يده ليكسرها، لكنه وجد يده في الداخل...». هذه دعوة للتأمل في علاقتنا بصورتنا، بأوهامنا، وبما نخفيه خلف واجهاتنا اليومية، في هذا الكتاب، لا يقدم العمري إجابات، بل يطرح أسئلة، ويدع القارئ يواجه نفسه في كل صفحة. من أبرز ميزات الكتاب قدرته على الموازنة بين الفلسفة والسرد، حيث لم يقع في فخ التجريد أو الابتعاد عن القارئ، بل حافظ على لغةٍ سلسة تحمل عمقًا فكريًا دون أن تفقد متعتها السردية، هذه القدرة على تطويع اللغة مكَّنته من تقديم تجربة أدبية تتجاوز المألوف، وترتقي إلى مستوى التأمل الفلسفي واللغوي. وفي كتابه الثاني «بين عرف ونزف»، يقدم رائد العمري تجربة سردية مميزة عبر مجموعة من القصص القصيرة جدًا والومضات الأدبية، الكتاب يعكس مشاعر صادقة وألمًا عميقًا، حيث يتنقل بين لحظات خذلان عايشها الكاتب وبين مشاهد ثقافية وحياتية مليئة بالتحديات، بأسلوب سهل وبسيط .. يتناول الكتاب الصراع بين العرف الاجتماعي والمشاعر الإنسانية النبيلة، ليترك القارئ في حالة من التأمل العميق حول العلاقات الإنسانية والواقع الذي نعيشه. رائد العمري هو صاحب مشروع ثقافي متكامل، يسعى إلى بناء مشهد أدبي قائم على الجودة والتفاعل والتجديد، رؤيته تقوم على إعادة تشكيل مفهوم الأدب والنقد، وخلق بيئة أدبية تحتضن المواهب وتمنحها فرصة للتطور. كان فكر العمري دائم البحث والتجديد، يُدخل رؤى جديدة إلى الساحة، ويؤمن بأن الأدب أداة لصناعة الواقع وتغييره، ربما لهذا السبب، نجح في ترك بصمةٍ واضحة في المشهد الثقافي الأردني والعربي، وأصبح اسمه مرادفًا للإبداع والفكر النقدي العميق. الحديث عن رائد العمري هو تأمل في تجربة أدبية وثقافية تشكَّلت عبر سنوات من البحث والعمل الدؤوب، إنه نموذج للأديب الفاعل، الذي يخلق فضاءات جديدة للأدب، ويمد جسورًا بين الأجيال، ويترك أثرًا في كل من يقرأ له أو يلتقي به.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store