
رائد العمري.. قامة أدبية ورؤية ثقافية رائدة
عدنان فيصل قازان
حين يُذْكَر المشهد الثقافي الأردني، يَبرُز اسم القيصر رائد العمري بوصفه أحد أبرز الأسماء التي استطاعت الجمع بين الإبداع والنقد والعمل الثقافي الفاعل، وُلِدَ في إربد عام 1982، ونشأ في بيئةٍ أثَّرَتْ فكره وموهبته، فكان الأدب والنقد واللغة العربية محور اهتمامه الأكاديمي، حيث درس الأدب والنقد في جامعة اليرموك، واللغة العربية ودبلوم عالي في التربية في جامعة آل البيت.. وكان صانعًا للمشهد الثقافي، حيث أسس وأدار العديد من المشاريع التي أسهمت في الارتقاء بالحركة الأدبية، واحتضان الطاقات الشبابية.
لم يكتفِ العمري بالإنتاج الأدبي والنقدي، بل تَبنَّى دورًا نهضويًا في دعم الكتّاب الشباب وتوفير منصة حقيقية لهم، عبر تأسيسه اتحاد القيصر للآداب والفنون، الذي أصبح مظلة ثقافية رائدة ترعى الإبداع في مختلف أجناسه، ومن خلال مهرجان القيصر الدولي للآداب والفنون، جمع العمري أدباء ومثقفين من مختلف الدول، فخلق فضاءً أدبيًا تفاعليًا يتيح تبادل الأفكار والخبرات، كما أشرف على أربعاء القيصر الثقافي، وهو منبر أسبوعي يتيح للأدباء فرصة تقديم أعمالهم ومناقشتها في أجواء نقدية بنَّاءة.
كانت تجربة العمري الأدبية مغامرة فكرية ونقدية عميقة، كتب في مختلف صنوف الأدب، لكنه برع في القصة القصيرة جدًا، حيث استطاع تطويع اللغة لتكثيف المعاني في مساحة نصية ضيقة، محققًا معادلة صعبة تجمع بين الإيجاز والعمق، كان ناقدًا بارعًا لا يُجَامِل، ينظر إلى النصوص بعين الباحث عن جوهرها، لا بسطحية المديح المجاني، مما جعله مرجعًا أدبيًا في العديد من المسابقات الأدبية التي عمل محكمًا لها.
في مقالاته النقدية، كان العمري صاحب رؤيةٍ متفردة، لا يقتصر على تحليل النصوص، وإنما يغوص في أبعادها الفلسفية والفكرية، ويكشف طبقات المعنى الكامنة فيها، هذا المنهج النقدي انعكس في مقالاته وقراءاته المنشورة في الصحف والمجلات المحلية والدولية، حيث تجاوز عدد مقالاته 800 مقال نقدي وأدبي، مما جعله أحد أكثر النقاد إنتاجًا وتأثيرًا.
في كتابه «خبايا المرايا»، يطرح العمري رؤية فلسفية عميقة حول الوجود والذات والآخر، العنوان نفسه يحمل دلالات متداخلة؛ فالخبايا تشير إلى الأسرار والخفايا الكامنة، والمرايا تعكس الحقيقة، لكنها قد تكون خادعة أحيانًا، هذه الفكرة المركزية تتجلى في نصوص الكتاب، التي توزَّعت بين القصة القصيرة جدًا والومضات الأدبية، حيث استطاع أن يخلق عوالم مكثفة المعاني، تنفتح على تأويلات متعددة.
تتميز نصوص «خبايا المرايا» بأنها لا تُقرَأ من زاوية واحدة، بل تمنح القارئ حرية التأويل، فتارةً يجد نفسه أمام مرآة تعكس ذاته، وتارةً أخرى يكتشف خبايا لم يكن يدركها، استطاع العمري استخدام الرموز بذكاء، معتمدًا على التكثيف اللغوي، والتلاعب بالزمن، واستدعاء الألوان كعنصر دلالي، ليمنح النصوص أبعادًا تتجاوز السطح الظاهري للحكاية.
يقول في أحد نصوصه: «وقف أمام المرآة، رأى انعكاسه يبتسم بسخرية، مدَّ يده ليكسرها، لكنه وجد يده في الداخل...».
هذه دعوة للتأمل في علاقتنا بصورتنا، بأوهامنا، وبما نخفيه خلف واجهاتنا اليومية، في هذا الكتاب، لا يقدم العمري إجابات، بل يطرح أسئلة، ويدع القارئ يواجه نفسه في كل صفحة.
من أبرز ميزات الكتاب قدرته على الموازنة بين الفلسفة والسرد، حيث لم يقع في فخ التجريد أو الابتعاد عن القارئ، بل حافظ على لغةٍ سلسة تحمل عمقًا فكريًا دون أن تفقد متعتها السردية، هذه القدرة على تطويع اللغة مكَّنته من تقديم تجربة أدبية تتجاوز المألوف، وترتقي إلى مستوى التأمل الفلسفي واللغوي.
وفي كتابه الثاني «بين عرف ونزف»، يقدم رائد العمري تجربة سردية مميزة عبر مجموعة من القصص القصيرة جدًا والومضات الأدبية، الكتاب يعكس مشاعر صادقة وألمًا عميقًا، حيث يتنقل بين لحظات خذلان عايشها الكاتب وبين مشاهد ثقافية وحياتية مليئة بالتحديات، بأسلوب سهل وبسيط .. يتناول الكتاب الصراع بين العرف الاجتماعي والمشاعر الإنسانية النبيلة، ليترك القارئ في حالة من التأمل العميق حول العلاقات الإنسانية والواقع الذي نعيشه.
رائد العمري هو صاحب مشروع ثقافي متكامل، يسعى إلى بناء مشهد أدبي قائم على الجودة والتفاعل والتجديد، رؤيته تقوم على إعادة تشكيل مفهوم الأدب والنقد، وخلق بيئة أدبية تحتضن المواهب وتمنحها فرصة للتطور.
كان فكر العمري دائم البحث والتجديد، يُدخل رؤى جديدة إلى الساحة، ويؤمن بأن الأدب أداة لصناعة الواقع وتغييره، ربما لهذا السبب، نجح في ترك بصمةٍ واضحة في المشهد الثقافي الأردني والعربي، وأصبح اسمه مرادفًا للإبداع والفكر النقدي العميق.
الحديث عن رائد العمري هو تأمل في تجربة أدبية وثقافية تشكَّلت عبر سنوات من البحث والعمل الدؤوب، إنه نموذج للأديب الفاعل، الذي يخلق فضاءات جديدة للأدب، ويمد جسورًا بين الأجيال، ويترك أثرًا في كل من يقرأ له أو يلتقي به.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- جفرا نيوز
صفية العمري تكشف أسباب ابتعادها عن الساحة الفنية
جفرا نيوز - ردًا على ما تردّد بقوة في الآونة الأخيرة حول اتخاذها قرارًا نهائيًا بالاعتزال، أكدت الفنانة المصرية أن غيابها عن الساحة لا يعني اعتزالها، مضيفة: "أنا لم أعتزل الفن، ولا يوجد فنان يعتزل إلا عندما يموت". وشددت في تصريحات أدلت بها إلى برنامج "كلام الناس" الذي تقدمه الإعلامية على رفضها الكثير من الأعمال بسبب ضعف السيناريوهات، قائلة: "تصلني سيناريوهات عبر واتساب، والمشاهد تُكتب ونحن نصور". وأضافت: "هذا غير مقبول ولم يكن أمامي خيار سوى الابتعاد حتى لا أهين تاريخي الفني". وتطرق الحوار إلى واقعة تعرضها لعملية احتيال استُخدم فيها اسم الداعية الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي. وأوضحت العمري أن شخصًا زارها مدعيًا أنه يحمل رسالة من الشعراوي يطلب فيها تبرعًا لعلاج طفل مريض، لكنها اكتشفت فيما بعد أن القصة كانت مفبركة وأن الشخص كان محتالًا. وأشارت إلى أن هذه الواقعة كانت سببًا في لقائها الحقيقي بالشيخ الشعراوي لاحقًا. وأوضحت صفية العمري حقيقة ما تردد بشأن نشوب خلاف بينها وبين الفنان الراحل محمود عبد العزيز، لافتة إلى أنها وافقت في البداية على المشاركة في مسلسل "باب الخلق" الذي لعب بطولته عبد العزيز وبدأت البروفات، لكن مخرج العمل أبلغها بحذف بعض المشاهد بسبب ضيق الوقت، ما دفعها للاعتذار عن الاستمرار. وأضافت: "علمت أن محمود شعر ببعض الانزعاج، لكن لم يحدث خلاف بيننا، ولم يزعل مني". وتابعت: "كان فنانًا جميلًا، الله يرحمه".

عمون
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- عمون
ختام فعاليات مهرجان القيصر الأول للقصة القصيرة في اليرموك
عمون - في مكتبة الحسين بن طلال/ جامعة اليرموك وتحت رعاية عطوفة مدير ثقافه إربد الدكتور سلطان الزغول جرت اليوم فعاليات ختام ملتقى القيصر الأول للقصة القصيرة جدًا والذي نظمه اتحاد القيصر للآداب والفنون في موسمه الأول حسبما صرح رئيس الاتحاد الأديب رائد العمري من خلال كلمة الافتتاح التي ألقاها في الأصبوحة الختامية لفعاليات هذا الملتقى والذي شارك فيها كل من القاصة والروائية فداء الحديدي والروائية نيرمينة الرفاعي والقاصة رولا العمري والأديب القاص رائد العمري وبمشاركه القاصة إيمان زيادة والذي أدارت مفرداتها بامتياز الكاتبة دعاء الصفوري وسط حضور مميز من الأساتذة الجامعيين والإعلاميين والأدباء والطلبة حيث بدأت الفعاليه بكلمة ترحيبية ألقاها الأديب رائد العمري رئيس الملتقى وقال فيها: إننا اليوم في شراكة حقيقية مع مكتبة الحسين بن طلال جامعه اليرموك والذين عقدنا معهم اتفاقية على إقامة بعض الأنشطة الثقافية والتي بدأناها بملتقى القيصر للقصة القصيرة جدًا، وكذلك نشكر مديرية ثقافة إربد ممثلة بعطوفة مديرها الدكتور الشاعر سلطان الزغول على رعايته الكريمة لهذا الملتقى وليس غريبا على جامعتنا الحبيبه ومكتبتها التي حملت اسم الحسين الراحل - رحمه الله - وكذلك مديرية ثقافة إربد في دعم ورفد الثقافة الفاعلة الحقيقية وإننا في اتحاد القيصر اتخذنا على عاتقنا أن نسعى دائما في رفعة الأدب والثقافة والسعي لتحقيق أهدافنا ضمن رؤيتنا ورسالتنا المنبثقة عن رؤية ورسالة وزارة الثقافة الأردنية وكذلك رؤية سيد البلاد من خلال أوراقه النقاشية وإننا نسعى بأن يكون هذا الملتقى بشكل دوري وسنوي في موعده في كل عام، وإننا نشكر كل من شاركنا بالحضور وبالقراءات في هذا اليوم وكل من دعمنا لإنجاح فعاليات هذا الملتقى واهتم بالأدباء والمثقفين. بدورها بدأت القراءات الروائية والقاصة فداء الحديدي والتي تلت بعضا من نصوصها في القصة القصيرة جدًا التي لامست الواقع بأسلوب شيق اعتمد على التكثيف والرمزية في بعض قصصها، تلتها في القراءات الكاتبة نيرمينة الرفاعي التي قرأت عددا من الومضات القصصية التي تعتبر ضمن فن التوقيعات السرديه إذ أنها تميل إلى الرواية أكثر من القصة القصيرة جدا، وأما عن الكاتبة رولا العمري فقد قرأت بعضا من نصوصها التي شملت القصة القصيرة جدا والتوقيعات القصصية وكذلك بعضا من الخواطر والنصوص المفتوحة، فيما شاركت الكاتبة والقاصة إيمان زيادة ببعض من نصوص القصة القصيرة جدًا والتي عاينت الواقع، وختم القراءات الكاتب والأديب القاص رائد العمري بعدد من نصوصه في فن القصة القصيرة جدا بعدة عناوين منها: نص وفاتنة، براءة، بطاقة ، ورطة ، قدر، طهارة روح، هدف، صياد، انتهازي، تماثل، إخلاص ، ورحلة عمر.. وقد عاينت هذه النصوص للعمري الواقع الثقافي والاجتماعي واليتم والفقد وواقع الأنثى والعلاقات ما بين الشباب ولعبت فيها الأنثى دور الضحية في بعضها والانتهازية في أخرى، وانتقدت بعض العادات السلبيه التي يمارسها البعض. وفي ختام الفعالية قام عطوفة مدير ثقافة إربد الشاعر سلطان زغول يرافقه عطوفة مدير مكتبة الحسين بن طلال الأستاذ الدكتور محمد شخاتره ورئيس اتحاد القيصر الأديب رائد العمري بتكريم المشاركين في هذا اللقاء.

الدستور
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
"القيصر للآداب والفنون" يختتم مسابقة الخاطرة الدولية بمشاركة 13 دولة بفوز الأردن
عمان – الدستور – عمر أبو الهيجاء اختتمت مسابقة "الخاطرة الأدبية" في موسمها الخامس التي ينظمها "اتحاد القيصر للآداب والفنون" ضمن سلسلة مسابقات القيصر الأدبية، بعدما أجرى من قبل مسابقتي المقالة الأدبية والقصة القصيرة جدا، وبمسابقة الخاطرة يكون انتهاء هذا الموسم من المسابقات الدورية كما صرّح رئيس الهيئة الإدارية رئيس المسابقة الأديب رائد العمري والتي تقدم للمشاركة فيها مئة وثمانية عشر مشاركا قبل منهم أربعة وسبعون نصا مما انطبقت عليها الشروط ، وكان الكتاب المشاركون من الدول التالية :" الأردن ، فلسطين ، المغرب، الجزائر، السعودية، سورية، ، مصر، العراق، سلطنة عُمان، السودان، ليبيا، تشاد"، هذا ويذكر أن لجنة التحكيم تشكلت من كل من : الأديب حسن أبو قطيش والأديبة إيمان زيادة من الأردن، والأديبة سائدة محمد من فلسطين، والأديبة رغداء العلي من سورية ، وترأس اللجنة الأديب رائد العمري. وقد جاءت نتائج المسابقة كما أعلنها العمري عبر البث المباشر للفائزين بالمراكز الخمس الأوائل على النحو التالي: المركز الأول الكاتبة ناديا بني سلامة من الأردن عن خاطرتها "فكري المرصود" بدرجة ٨٣.٥ ٪. المركز الثاني كان من نصيب كل من الكاتبات : العُمانية ميادة العمري عن خاطرتها "بليد الحب" والجزائرية فضيلة بن دعاس عن خاطرتها "بطعم الوطن" ، والأردنية نسرين الروسان عن خاطرتها "كنت برعما" بدرجة ٨٣٪، أما المركز الثالث فقد كان من نصيب الكاتبة كوثر محمد حسين من دولة تشاد عن خاطرتها " ليالي الأرق" بدرجة ٨٢.٥٪ وعن المركز الرابع حصلت كل من : الكاتبة سوزان اللبابيدي من سورية عن خاطرتها "آنست الخيبات"، والكاتبة الأردنية ولاء خليل القواسمي عن خاطرتها "أصداء ما تبقى" بدرجة ٨١٪، وفي المركز الخامس فاز به كل من: الكاتب عبد الخالق عبده الجوفي من اليمن عن خاطرته "مرافئ اليقين المذبوح"، والكاتب الحسن بن كريش من المغرب عن خاطرته "ضلال الغدر وخيبات الخيانة "، وكذلك الكاتبة المصرية إنجي مطاوع عن خاطرتها " قيدني داخل أحضانك" ، والكاتبة السورية رنيم خالد رجب عن خاطرتها "صهوة الخذلان" وحصدوا درجة ٨٠٪ . وتهدف هذه المسابقات كما أشار العمري إلى تقريب المسافات بين الأشقاء العرب والتعرف إلى آداب ومعارف الدول والشعوب وتبادل الخبرات وصقل مواهب الكتاب الجدد، وتعميم المعرفة من خلال الأدب وإشغال الشباب بما يفيدهم عما يضرهم ويسرف وقتهم بلا فائدة، وعن مسابقة الخاطرة تحديدا شدّد العمري على ضرورة العناية بالنص وعدم استسهال كتابة الخاطرة أو أي فن أدبي آخر وزيادة الاطلاع على العلوم والمعارف والاهتمام باللغة العربية بكل علومها وبيانها. وعن الكاتبة الأردنية الفائزة بالمركز الأول عبرت قالت: شاركت في المسابقات التي يقوم عليها اتحاد القيصر، فشكراً على هذا الجهود المبذولة. وكم أنا سعيدة بالفوز بالمركز الأول هذه المرة. فالفوز يشعرك بالفخر بنفسك. وفي تصريح للكاتبة العُمانية ميادة العمري الفائزة بالمركز الثاني: أنا سعيدة بالمشاركة في هذه المسابقة الأدبية مسابقة اتحاد القيصر الدولية والتي تبرز المواهب الأدبية على مستوى العالم العربي والتي تساهم في ظهور الأقلام الإبداعية، وانضمامي لهذه المسابقات يعد نقله جميلة لي حيث أن جو التنافس الشريف ونزاهة لجنة التحكيم تخلق حروف إبداعية وتجعل الكاتب يكتشف نفسه أكثر ويكون له حافز لكي يقدم أفضل ما عنده.