#أحدث الأخبار مع #«خروجالعربالدستور١٥-٠٤-٢٠٢٥سياسةالدستور«خروج العرب من التاريخ»: قراءة فى كتاب مُهم «2»قدّمنا فى مقال سابق لكتاب مهم، بل بالغ الأهمية، هو كتاب «خروج العرب من التاريخ»، للمفكر والعالم الاقتصادى التقدمى د. «فوزى منصور»، الذى رحل عن دنيانا عام 2014 عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد أن أثرى الحياة السياسية والأكاديمية والعمل الوطنى بعطاءٍ رفيع المستوى، يأتى فى صدارته هذا الكتاب، الذى يُمكن اعتباره تشريحًا بالغ الصدق والشمول لأوجاع وأدران الوطن العربى، وضع فيه المؤلف يده على سبب البلاء، وأس الجراح، وأيضًا سُبل الشفاء، ووسيلة علاج عالمنا العربى من أوجاعه ونكباته. والميزة الأساسية للكتاب هى جرأته فى طرحه التساؤلات الجوهرية الماسّة بالواقع الراهن المُتدهور، وبما يدفع إلى التفكير بعمق فى وضع الأمة العربية الحرج وفى آفاق مستقبلها. فضلًا عن تحليله الجرىء الصارم لأسباب التخلّف الذى حاصرنا، وعناصر الجمود التى كبّلت أوطاننا، بهدف تنوير الرأى العام بطبيعة التحديات الكبرى التى تواجه المنطقة العربية، مُضمنًا رؤاه دعوة حارة لإحداث تطوير فكرى شامل لأوضاعنا، وبما يجعلنا قادرين على تغيير أحوالنا إلى الأفضل، وتحريك واقعنا الجامد فى مختلف المجالات. وتعبير «الخروج من التاريخ» فى عُرف الكاتب الكبير لا يعنى الموت الإكلينيكى وانزياح المجموعة الإنسانية الكامل من الوجود، إذ يكفى لأمة أن تفقد السيطرة على إدارة شئونها، وتترك «المقادير» تتلاعب بوجودها ومصيرها، وتدع الآخرين يرسمون لها خطوط مسيرتها، ويُديرون لمصلحتهم أمور حياتها، حتى تفعل الأيام بها مفاعيل «الخروج من التاريخ»، إذ يجرى تهميش وجودها، وتكبيل حركتها، وإجبارها على تنفيذ الأوامر والتعليمات، التى لا تخدم بالأساس سوى أعدائها، فتتحول إلى كيان مفعول به، بلا إرادة أو مقدرة.. مُتلقى لا فاعل، تُحركه الرياح الخارجية حيثما تشاء دونما قدرة على الاعتراض. فما هى أسباب وملامح حالة «الخروج من التاريخ» إذن، كما يراها المؤلف؟!. يُشير المؤلف إلى الواقع المُتَخَلِّف من إرث المرحلة الاستعمارية التى تركت آثارًا سلبية بالغة العُمق على البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدول العربية كافة، كسبب رئيسى فى بؤس أحوالها الراهنة، ويرصد مجموعة من الملامح، تصف حالة «الخروج من التاريخ»، أبرزها ظاهرة التخلّف الحضارى الشامل على أغلب الأصعدة: الاقتصادية والتكنولوجية والفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، الأمر الذى قاد إلى سيطرة الجمود الفكرى عليها، وكرَّسَ غياب التفكير النقدى المُستقل، لصالح ما يُمكن تسميته بـ«عبادة الماضى»، والاعتماد على الأفكار الجاهزة والموروثات البالية دون تمحيص، مما شلَّ القدرة على فهم الواقع والتكيُّف معه، والنجاح فى الانتصار على تحدياته. ويعتبر الكاتب أن الاستبداد الفكرى والسياسى، وغياب الديمقراطية وتجاوز الإرادة الشعبية، تمثل عائقًا أساسيًا أمام التقدّم والتطوّر، ويولى اهتمامًا مُستحقًا لدور الأنظمة السياسية، الحاكمة والمُتَحَكِّمة، فى الواقع العربى، فى تكريس التخلّف، وقمع الحريات، وإضعاف المؤسسات، ومنع تطبيق القانون، وإعاقة المشاركة الفعّالة للمواطنين فى صنع القرار. كما يرصد دور حالة التشرذم، والانقسام، والضعف التى تعانى منها الدول العربية، وتجعلها عاجزة عن مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، وتزيد من تبعيتها للقوى الكبرى، على المستويات كافة «سياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا»، الأمر الذى أضعف الهوية العربية المُستقلة، وجعلها أكثر هشاشة فى مواجهة رياح «العولمة» والتغريب، وأدى إلى تقويض القدرة على بناء مسار ثقافى وتنموى ذاتى ومُستقل. واعتبر المؤلف أن التخلّف العلمى والتكنولوجى، والتأخر المزرى فى أوضاع التعليم الحديث والبحث العلمى المُتقدم، فى بلادنا، إحدى أبرز علامات «الخروج»، بالنظر إلى القفزات الهائلة التى قفزتها هذه المجالات فى العقود الماضية. وأضاف، إلى ما تقدم من عوامل، عناصر أخرى لا تقل سلبية على الواقع العربى، منها الصراعات والحروب ومسلسل الاقتتال الأهلى، والتطرّف الدينى، والإرهاب العقائدى، والصراعات العرقية والتوترات المذهبية، «والتى شاهدنا آثارها المدمرة فى السودان وليبيا وسوريا واليمن وغيرها من البلدان العربية»، وكذا الإفراط فى الاعتماد على النفط فى الدول البترولية كمصدر أوحد للدخل، وانتشار الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة، وتردى أوضاع التعليم والصحة.. إلخ. ويضع الكاتب ما يُشبه «الروشتة العلاجية» لأحوال مجتمعاتنا، ولاستعادة دورها التاريخى الضائع، ولـ«رجوعها إلى التاريخ»، قبل فوات الأوان، فى مقدمة بنودها وجوب القيام بـعملية «إصلاح شامل وعميق» تطال جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإسراع فى بناء دولة القانون والمؤسسات، المُرتكزة على سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز دور المؤسسات المستقلة، والسعى الجاد من أجل تفعيل المشاركة الشعبية وتحقيق الديمقراطية كشرط أساسى للتقدم والتطور، كما يُلح فى الدعوة إلى الاستثمار فى التعليم والبحث العلمى والابتكار التكنولوجى لبناء قاعدة معرفية قوية، تستند إليها أوطاننا فى سعيها لتخطى واقعها الحرج الراهن. ثم يُضيف الدكتور «منصور» عاملًا آخر بالغ الأهمية، لعله الآن يبدو شديد الإلحاح أكثر من أى وقت مضى، لمقاومة ما يُحيط بالأمن الوطنى والقومى من تهديدات ومخاطر، هو تعزيز الوحدة والتكامل العربيين، حيث يرى أن تجاوز حالة التجزئة، والعمل على تحقيق قدر من التكامل والتعاون العربى هو ضرورة لمواجهة التحديات المشتركة واستعادة الدور الفاعل فى العالم.
الدستور١٥-٠٤-٢٠٢٥سياسةالدستور«خروج العرب من التاريخ»: قراءة فى كتاب مُهم «2»قدّمنا فى مقال سابق لكتاب مهم، بل بالغ الأهمية، هو كتاب «خروج العرب من التاريخ»، للمفكر والعالم الاقتصادى التقدمى د. «فوزى منصور»، الذى رحل عن دنيانا عام 2014 عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد أن أثرى الحياة السياسية والأكاديمية والعمل الوطنى بعطاءٍ رفيع المستوى، يأتى فى صدارته هذا الكتاب، الذى يُمكن اعتباره تشريحًا بالغ الصدق والشمول لأوجاع وأدران الوطن العربى، وضع فيه المؤلف يده على سبب البلاء، وأس الجراح، وأيضًا سُبل الشفاء، ووسيلة علاج عالمنا العربى من أوجاعه ونكباته. والميزة الأساسية للكتاب هى جرأته فى طرحه التساؤلات الجوهرية الماسّة بالواقع الراهن المُتدهور، وبما يدفع إلى التفكير بعمق فى وضع الأمة العربية الحرج وفى آفاق مستقبلها. فضلًا عن تحليله الجرىء الصارم لأسباب التخلّف الذى حاصرنا، وعناصر الجمود التى كبّلت أوطاننا، بهدف تنوير الرأى العام بطبيعة التحديات الكبرى التى تواجه المنطقة العربية، مُضمنًا رؤاه دعوة حارة لإحداث تطوير فكرى شامل لأوضاعنا، وبما يجعلنا قادرين على تغيير أحوالنا إلى الأفضل، وتحريك واقعنا الجامد فى مختلف المجالات. وتعبير «الخروج من التاريخ» فى عُرف الكاتب الكبير لا يعنى الموت الإكلينيكى وانزياح المجموعة الإنسانية الكامل من الوجود، إذ يكفى لأمة أن تفقد السيطرة على إدارة شئونها، وتترك «المقادير» تتلاعب بوجودها ومصيرها، وتدع الآخرين يرسمون لها خطوط مسيرتها، ويُديرون لمصلحتهم أمور حياتها، حتى تفعل الأيام بها مفاعيل «الخروج من التاريخ»، إذ يجرى تهميش وجودها، وتكبيل حركتها، وإجبارها على تنفيذ الأوامر والتعليمات، التى لا تخدم بالأساس سوى أعدائها، فتتحول إلى كيان مفعول به، بلا إرادة أو مقدرة.. مُتلقى لا فاعل، تُحركه الرياح الخارجية حيثما تشاء دونما قدرة على الاعتراض. فما هى أسباب وملامح حالة «الخروج من التاريخ» إذن، كما يراها المؤلف؟!. يُشير المؤلف إلى الواقع المُتَخَلِّف من إرث المرحلة الاستعمارية التى تركت آثارًا سلبية بالغة العُمق على البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدول العربية كافة، كسبب رئيسى فى بؤس أحوالها الراهنة، ويرصد مجموعة من الملامح، تصف حالة «الخروج من التاريخ»، أبرزها ظاهرة التخلّف الحضارى الشامل على أغلب الأصعدة: الاقتصادية والتكنولوجية والفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، الأمر الذى قاد إلى سيطرة الجمود الفكرى عليها، وكرَّسَ غياب التفكير النقدى المُستقل، لصالح ما يُمكن تسميته بـ«عبادة الماضى»، والاعتماد على الأفكار الجاهزة والموروثات البالية دون تمحيص، مما شلَّ القدرة على فهم الواقع والتكيُّف معه، والنجاح فى الانتصار على تحدياته. ويعتبر الكاتب أن الاستبداد الفكرى والسياسى، وغياب الديمقراطية وتجاوز الإرادة الشعبية، تمثل عائقًا أساسيًا أمام التقدّم والتطوّر، ويولى اهتمامًا مُستحقًا لدور الأنظمة السياسية، الحاكمة والمُتَحَكِّمة، فى الواقع العربى، فى تكريس التخلّف، وقمع الحريات، وإضعاف المؤسسات، ومنع تطبيق القانون، وإعاقة المشاركة الفعّالة للمواطنين فى صنع القرار. كما يرصد دور حالة التشرذم، والانقسام، والضعف التى تعانى منها الدول العربية، وتجعلها عاجزة عن مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، وتزيد من تبعيتها للقوى الكبرى، على المستويات كافة «سياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا»، الأمر الذى أضعف الهوية العربية المُستقلة، وجعلها أكثر هشاشة فى مواجهة رياح «العولمة» والتغريب، وأدى إلى تقويض القدرة على بناء مسار ثقافى وتنموى ذاتى ومُستقل. واعتبر المؤلف أن التخلّف العلمى والتكنولوجى، والتأخر المزرى فى أوضاع التعليم الحديث والبحث العلمى المُتقدم، فى بلادنا، إحدى أبرز علامات «الخروج»، بالنظر إلى القفزات الهائلة التى قفزتها هذه المجالات فى العقود الماضية. وأضاف، إلى ما تقدم من عوامل، عناصر أخرى لا تقل سلبية على الواقع العربى، منها الصراعات والحروب ومسلسل الاقتتال الأهلى، والتطرّف الدينى، والإرهاب العقائدى، والصراعات العرقية والتوترات المذهبية، «والتى شاهدنا آثارها المدمرة فى السودان وليبيا وسوريا واليمن وغيرها من البلدان العربية»، وكذا الإفراط فى الاعتماد على النفط فى الدول البترولية كمصدر أوحد للدخل، وانتشار الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة، وتردى أوضاع التعليم والصحة.. إلخ. ويضع الكاتب ما يُشبه «الروشتة العلاجية» لأحوال مجتمعاتنا، ولاستعادة دورها التاريخى الضائع، ولـ«رجوعها إلى التاريخ»، قبل فوات الأوان، فى مقدمة بنودها وجوب القيام بـعملية «إصلاح شامل وعميق» تطال جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإسراع فى بناء دولة القانون والمؤسسات، المُرتكزة على سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز دور المؤسسات المستقلة، والسعى الجاد من أجل تفعيل المشاركة الشعبية وتحقيق الديمقراطية كشرط أساسى للتقدم والتطور، كما يُلح فى الدعوة إلى الاستثمار فى التعليم والبحث العلمى والابتكار التكنولوجى لبناء قاعدة معرفية قوية، تستند إليها أوطاننا فى سعيها لتخطى واقعها الحرج الراهن. ثم يُضيف الدكتور «منصور» عاملًا آخر بالغ الأهمية، لعله الآن يبدو شديد الإلحاح أكثر من أى وقت مضى، لمقاومة ما يُحيط بالأمن الوطنى والقومى من تهديدات ومخاطر، هو تعزيز الوحدة والتكامل العربيين، حيث يرى أن تجاوز حالة التجزئة، والعمل على تحقيق قدر من التكامل والتعاون العربى هو ضرورة لمواجهة التحديات المشتركة واستعادة الدور الفاعل فى العالم.