logo
#

أحدث الأخبار مع #«سلّامة»

رمضان و«طفولة الست»
رمضان و«طفولة الست»

الدستور

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

رمضان و«طفولة الست»

أكثر ما يختزنه معظمنا من ذكريات مع شهر رمضان تتعلق بمرحلة الطفولة. فأيام الشهر الكريم دائمًا ما تقفز كمركز لذكرى هذه المرحلة من مراحل عمر الإنسان، تستطيع أن تجد نموذجًا على ذلك فى ذكريات طفولة كوكب الشرق أم كلثوم، كما حكتها للكاتب الصحفى الراحل محمود عوض فى كتاب «أم كلثوم التى لا يعرفها أحد». فقد حظى شهر رمضان بدور البطولة فى رحلة طفولة «الست»، فمع أيامه تدفقت رحلاتها بين القرى والنجوع للإنشاد الدينى فى لياليه الكريمة، ونعمت بدفء أسرتها الصغيرة فى قرية «طماى الزهايرة»، حيث كانت أمها وأبوها يقودان سفينة المحبة والحنان التى أبحرت بالأسرة. رغم رحلات الإنشاد التى خاضتها أم كلثوم فى طفولتها مع أبيها وشقيقها خالد، فإن ذكريات طفولتها، خصوصًا فى رمضان، تتركز حول أمها، فقد بدت شديدة التأثر بها. تقول أم كلثوم: «كانت أمى تحب شهر رمضان جدًا. وطوال الشهر لم نكن نسمع سوى آيات القرآن والأحاديث النبوية» وتستطرد: «وعندما أصبح لنا منزلنا الخاص فى القاهرة كانت ترفض أن تقوم الشغالات بخدمتنا ونحن على مائدة الإفطار، وكانت تصر على أن نجلس جميعًا- جميع مَن فى المنزل- لتناول الإفطار معًا». الأم هى الصانع الأول لحياة الأسرة، وقد كانت والدة أم كلثوم أشبه بالشجرة الوارفة التى تلقى ظلالها على كل من حولها، من زوج وأبناء وبنات وزوجات أبناء حتى الخدم والشغالات تمتد إليهم ظلال عطفها، إنها تعرف كيف تستخلص المعانى الجليلة من الشهر الكريم وتحولها إلى سلوك يحكمها ويحركها. انظر كيف تصف أم كلثوم سلوك أمها فى رمضان وغير رمضان: «كانت ترفض أن تغتاب أحدًا أو أن تتكلم عن أحد بسوء.. فى الواقع إنها سيدة عظيمة.. فبفضلها هى تحولت طفولتنا من أيام شقية إلى أيام سعيدة.. من أيام فقيرة إلى أيام غنية». طفولة عبقرية واعية عاشتها أم كلثوم، استظلت فيها بليالى رمضان فى قريتها الصغيرة، واستمتعت عبر ساعاتها بمدح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته الكرام، والأهم من ذلك تلاوة القرآن الكريم. فقد بدأت أم كلثوم رحلتها بتلاوة آيات الذكر الحكيم، وما زالت ذاكرة الفن المصرى تسجل تلك الآيات الجليلة التى جوّدتها من سورة «إبراهيم» فى فيلم «سلّامة». تجربة طفولة أم كلثوم تقول إن الاستمتاع بالحياة ليس مرده فقر أو غنى، امتلاك أو عدم امتلاك، الاستمتاع بالحياة أساسه عطف الأمومة وحنان الأبوة، ذلك ما يمنح الأطفال الطمأنينة والسعادة، ويجعلهم يستمتعون بأبسط الأشياء فى الحياة، ويصبغ أيامهم الكريمة مثل أيام رمضان بلون المودة والمحبة. تأمل هذه الكلمات التى ترسم بها أم كلثوم صورة طفولتها: «إن طفولتى لم تختلف عن طفولة الكثيرين من أبناء بلدى. إن الطفولة قد تقترن فى أذهان الكثيرين باللعب، بالحنان، بالمرح، العروسة الحلاوة بالجنيه العيدية، ولكنى عندما أتذكر طفولتى تقفز إلى ذهنى أشياء كثيرة، البرد، المطر، الفقر، الطرحة السوداء، الشاى الثقيل، الجبن القريش، الثروة التى كانت قرشًا، العظام التى كانت لحمًا، الركوبة التى كانت حمارًا، الحنان الذى كان أبى، الرحمة التى كانت أمى». إنه الحنان الذى زرعته الأم فى نفس أم كلثوم، منذ أن كانت طفلة لا تستوعب من حياتها سوى أن كتلة الرحمة تلك أمها، وكتلة الحنان التى تستظل بها هى أبوها. يكفى أن نسترجع هذه الحكاية التى قصتها أم كلثوم على محمود عوض حين سمعت أباها يشكو إلى أمها ضيق ذات اليد وعجزه عن شراء جلابيب جديدة لأولاده يسعدون بها فى عيد الفطر. كانت أيام رمضان قد مضت، وبات الأطفال فى ساعاته الأخيرة يحلمون بـ«لبس العيد». أيقظ إحساس الأم والأب بالعجز الطفلة أم كلثوم من حلمها، ولم تنم بقية ليلتها، وحين أذن الفجر، وأحست بأمها تتحرك من سريرها هرولت إليها، وقالت لها: يا أمى لا أريد «جلابية» جديدة، «جلابيتى القديمة حلوة». ما أعظم ذكريات الطفل حين تقترن بحنان الأم وتمتزج بشجون رمضان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store