منذ 11 ساعات
ترامب ضمن مكانه في التاريخ
بقلم: زلمان شوفال
قرر دونالد ترامب العمل. ربما قرر من قبل، وببساطة أراد أن يفاجئ، وربما، مثلما قال الجنرال الأميركي ورئيس الـ «سي.اي.ايه» سابقاً، ديفد بترايوس، كانت هناك حاجة لفترة زمنية معينة كي يعد المعركة.
في فوردو ضمن ترامب مكانه في التاريخ، وأكد من جديد أيضاً، بخلاف كل النبوءات، أن دور الولايات المتحدة ليس فقط شرطي العالم بل السور الواقي المتقدم للعالم الحر أيضاً. وينبغي الافتراض بأن هذه الرسالة استوعبت في بيكين وفي موسكو أيضاً.
لم تكن الضربة لفوردو ومواقع إيرانية أخرى حدثاً عسكرياً فقط، بل مؤشر لما سيأتي من ناحية الانتشار الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط.
كما أن القرار الأميركي للعمل ضد آيات الله يوفر مبرراً قاطعاً للاستراتيجية الأمنية والسياسية لحكومة إسرائيل، برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي كان هدفها عزل إيران، وتثبيت حقائق عسكرية في الميدان بقواها الذاتية في المرحلة الأولى، وبالاستناد المحتمل، وإن لم يكن المؤكد، إلى الشراكة الأميركية في المرحلة الثانية.
صحيح أن الحرب لا تقاس وفقاً للانتصارات أو الإخفاقات في أثنائها بل فقط وفقاً لنتائجها السياسية.
الاختبار التالي لترامب وكذا لنتنياهو سيكون نجاحهما في ترجمة الإنجازات العسكرية إلى نهاية قاطعة للطموحات الهدامة للحكم الإيراني وفي أعقاب ذلك تحقيق انتشار سياسي جديد في الشرق الأوسط كله، وربما وراءه.
الأيام التي سبقت قرار ترامب كانت بعيدة من أن تكون لا لبس فيها.
ففي الحزب الجمهوري دار صراع مبدئي وعملي بين معسكر كبير رأى نفسه حارس جمرة أيديولوجيا Maga (لنجعل أميركا عظيمة مجدداً)، وبين معسكر أكثر تقليدية في الحزب.
لترامب، في ولايته الأولى أيضاً كانت نوازع صقرية وهو لم يعارض مبدئياً تدخلاً في نزاعات دولية. لكنه لا يزال يفضل الطرق الدبلوماسية.
في موضوع إيران يبدو أنه توصل إلى الاستنتاج بأنه لا يوجد أي احتمال لتحقيق هدفه دون عمل عسكري.
من هذه الناحية ليس بعيداً عن هنري كيسنجر الذي ادعى أن الخطوات الدبلوماسية ستكون أكثر فاعلية إذا ما وقفت خلفها قوة عسكرية.
كل هذا لم يعجب المعسكر الانعزالي المتطرف في الحزب الجمهوري، الذي يستمد إلهامه من التيارات العنصرية في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي ممن سجدوا للحكم النازي في ألمانيا.
كما أن المشاعر اللاسامية ليست نادرة لديهم. أناس بارزون في قمة هذا المعسكر هم ستيف بانون، من مستشاري ترامب سابقاً ممن ادعوا أن «يهوداً أميركيين لا يدعمون Maga هم أعداء من الداخل»، وعضو مجلس النواب مارجوري تايلور جرين، التي أشارت إلى أن «هذه لحظة الحقيقة للمعسكر الانعزالي، وكل من يسيل ريقه بأمل أن تشارك الولايات المتحدة في حرب إسرائيل وإيران هو ليس أميركا أولاً».
كما اتهم عائلة روتشيلد بالتسبب بحرائق الغابة في كاليفورنيا، وهاجمت منظمات يهودية مختلفة، بما فيها جمهورية و»مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل»، بمؤامرات تذكر ببروتوكولات حكماء صهيون.
تدعي هذه الشخصيات أن قاعدة ترامب لا تؤيد مواقفه في موضوع إيران، وأن الانضمام إلى الحرب سيؤدي إلى نهاية رئاسته.
رغم أنه يوجد في القاعدة قسم يعتقد ذلك، وقسم آخر، أكبر، هو المعسكر الافنجيلي – وهو بالذات يؤيد انضمام الولايات المتحدة إلى الجهد الحربي لإسرائيل.
اللاسامية هي إحدى العلامات البارزة في الصراع الداخلي في الحزب الجمهوري.
لكن الموضوع الأساس هناك كان الاعتراضات في قسم كبير من الجمهور الأميركي بتدخل الولايات المتحدة في الحرب ضد إيران.
أغلبية كبيرة في الرأي العام وإن كانت تعارض إيران نووية، لكنها ليست بالضرورة تؤيد الحرب ضدها.
هذا يمكن أن يتغير، مثلما كان في حروب الماضي، بعد أن حسم الأمر وسقطت القذائف على مراكز التهديد النووي في إيران.
يوجد ائتلاف غريب بين اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليسار المتطرف والأقل تطرفاً في الولايات المتحدة في موضوع الحرب ضد إيران.
السناتور بيرني ساندرس، عضو مجلس النواب، والكسندرا اوكزيا كورتيز، وتوماس مارسي، الجمهوري الوحيد في مجلس النواب الذي يعارض المساعدة الأمنية لإسرائيل ورفض التصويت إلى جانب قرار يشجب اللاسامية، ارتبطوا معاً لطرح مشروع قرار ضد التدخل في الحرب.
هذا القرار لم يكن لديه احتمال بأن يجاز من قبل. وبالتأكيد ليس له احتمال الآن.
لكن ليس واضحاً أي عصي قد يحاول هذا الائتلاف أن يدخلها في دواليب خطوة ترامب.
في الحزب الجمهوري لا توجد اليوم زعامة، ويدور فيه صراع بقاء بين التيار المركزي والجناح اليساري الراديكالي الذي يتهم أيضاً بالمسؤولية عن الفشل في الاتهامات.
وفيما يحسم مستقبل الحزب الجمهوري، لعله حسم منذ الآن من قبل الرئيس ترامب نفسه.