
ترامب ضمن مكانه في التاريخ
بقلم: زلمان شوفال
قرر دونالد ترامب العمل. ربما قرر من قبل، وببساطة أراد أن يفاجئ، وربما، مثلما قال الجنرال الأميركي ورئيس الـ «سي.اي.ايه» سابقاً، ديفد بترايوس، كانت هناك حاجة لفترة زمنية معينة كي يعد المعركة.
في فوردو ضمن ترامب مكانه في التاريخ، وأكد من جديد أيضاً، بخلاف كل النبوءات، أن دور الولايات المتحدة ليس فقط شرطي العالم بل السور الواقي المتقدم للعالم الحر أيضاً. وينبغي الافتراض بأن هذه الرسالة استوعبت في بيكين وفي موسكو أيضاً.
لم تكن الضربة لفوردو ومواقع إيرانية أخرى حدثاً عسكرياً فقط، بل مؤشر لما سيأتي من ناحية الانتشار الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط.
كما أن القرار الأميركي للعمل ضد آيات الله يوفر مبرراً قاطعاً للاستراتيجية الأمنية والسياسية لحكومة إسرائيل، برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي كان هدفها عزل إيران، وتثبيت حقائق عسكرية في الميدان بقواها الذاتية في المرحلة الأولى، وبالاستناد المحتمل، وإن لم يكن المؤكد، إلى الشراكة الأميركية في المرحلة الثانية.
صحيح أن الحرب لا تقاس وفقاً للانتصارات أو الإخفاقات في أثنائها بل فقط وفقاً لنتائجها السياسية.
الاختبار التالي لترامب وكذا لنتنياهو سيكون نجاحهما في ترجمة الإنجازات العسكرية إلى نهاية قاطعة للطموحات الهدامة للحكم الإيراني وفي أعقاب ذلك تحقيق انتشار سياسي جديد في الشرق الأوسط كله، وربما وراءه.
الأيام التي سبقت قرار ترامب كانت بعيدة من أن تكون لا لبس فيها.
ففي الحزب الجمهوري دار صراع مبدئي وعملي بين معسكر كبير رأى نفسه حارس جمرة أيديولوجيا Maga (لنجعل أميركا عظيمة مجدداً)، وبين معسكر أكثر تقليدية في الحزب.
لترامب، في ولايته الأولى أيضاً كانت نوازع صقرية وهو لم يعارض مبدئياً تدخلاً في نزاعات دولية. لكنه لا يزال يفضل الطرق الدبلوماسية.
في موضوع إيران يبدو أنه توصل إلى الاستنتاج بأنه لا يوجد أي احتمال لتحقيق هدفه دون عمل عسكري.
من هذه الناحية ليس بعيداً عن هنري كيسنجر الذي ادعى أن الخطوات الدبلوماسية ستكون أكثر فاعلية إذا ما وقفت خلفها قوة عسكرية.
كل هذا لم يعجب المعسكر الانعزالي المتطرف في الحزب الجمهوري، الذي يستمد إلهامه من التيارات العنصرية في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي ممن سجدوا للحكم النازي في ألمانيا.
كما أن المشاعر اللاسامية ليست نادرة لديهم. أناس بارزون في قمة هذا المعسكر هم ستيف بانون، من مستشاري ترامب سابقاً ممن ادعوا أن «يهوداً أميركيين لا يدعمون Maga هم أعداء من الداخل»، وعضو مجلس النواب مارجوري تايلور جرين، التي أشارت إلى أن «هذه لحظة الحقيقة للمعسكر الانعزالي، وكل من يسيل ريقه بأمل أن تشارك الولايات المتحدة في حرب إسرائيل وإيران هو ليس أميركا أولاً».
كما اتهم عائلة روتشيلد بالتسبب بحرائق الغابة في كاليفورنيا، وهاجمت منظمات يهودية مختلفة، بما فيها جمهورية و»مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل»، بمؤامرات تذكر ببروتوكولات حكماء صهيون.
تدعي هذه الشخصيات أن قاعدة ترامب لا تؤيد مواقفه في موضوع إيران، وأن الانضمام إلى الحرب سيؤدي إلى نهاية رئاسته.
رغم أنه يوجد في القاعدة قسم يعتقد ذلك، وقسم آخر، أكبر، هو المعسكر الافنجيلي – وهو بالذات يؤيد انضمام الولايات المتحدة إلى الجهد الحربي لإسرائيل.
اللاسامية هي إحدى العلامات البارزة في الصراع الداخلي في الحزب الجمهوري.
لكن الموضوع الأساس هناك كان الاعتراضات في قسم كبير من الجمهور الأميركي بتدخل الولايات المتحدة في الحرب ضد إيران.
أغلبية كبيرة في الرأي العام وإن كانت تعارض إيران نووية، لكنها ليست بالضرورة تؤيد الحرب ضدها.
هذا يمكن أن يتغير، مثلما كان في حروب الماضي، بعد أن حسم الأمر وسقطت القذائف على مراكز التهديد النووي في إيران.
يوجد ائتلاف غريب بين اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليسار المتطرف والأقل تطرفاً في الولايات المتحدة في موضوع الحرب ضد إيران.
السناتور بيرني ساندرس، عضو مجلس النواب، والكسندرا اوكزيا كورتيز، وتوماس مارسي، الجمهوري الوحيد في مجلس النواب الذي يعارض المساعدة الأمنية لإسرائيل ورفض التصويت إلى جانب قرار يشجب اللاسامية، ارتبطوا معاً لطرح مشروع قرار ضد التدخل في الحرب.
هذا القرار لم يكن لديه احتمال بأن يجاز من قبل. وبالتأكيد ليس له احتمال الآن.
لكن ليس واضحاً أي عصي قد يحاول هذا الائتلاف أن يدخلها في دواليب خطوة ترامب.
في الحزب الجمهوري لا توجد اليوم زعامة، ويدور فيه صراع بقاء بين التيار المركزي والجناح اليساري الراديكالي الذي يتهم أيضاً بالمسؤولية عن الفشل في الاتهامات.
وفيما يحسم مستقبل الحزب الجمهوري، لعله حسم منذ الآن من قبل الرئيس ترامب نفسه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- معا الاخبارية
ترامب يكشف: عملاء اسرائيل جاؤوا إلى منشأة فوردو وشاهدوا تدميرها
بيت لحم معا- كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن عملاء اسرائيليين وصلوا إلى منشأة فوردو النووية في إيران، وقال إنهم شاهدوا "دمارًا شاملًا". وأضاف قبل لقائه بقادة العالم في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي: "تُعدّ إسرائيل تقريرها الخاص حول نتائج الهجمات على المنشآت النووية". وفي مقابلة أُجريت على خلفية تقارير تفيد بأن قلب المنشآت النووية لم يُدمر بالكامل، زعم الرئيس الأمريكي: "لقد كان دمارًا شاملًا، وسترون ذلك". واضاف "هناك أشخاص من إسرائيل كانوا هناك (في فوردو) بعد الهجوم. يقولون إنه كان إبادة كاملة". وجّه ترامب لاحقًا رسالة تصالحية إلى إيران، موضحًا: "آخر ما يريدونه الآن هو تخصيب اليورانيوم، إنهم يريدون إعادة بناء منشآتهم. أعتقد أننا سنقيم علاقة ما مع إيران في نهاية المطاف". وفي وقت سابق، أوضح الرئيس الأمريكي أن "البرنامج النووي الإيراني تراجع عقودًا. الهجوم الأمريكي على إيران أنهى الحرب". وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة ستضرب إيران مجددًا إذا أعادت بناء منشآتها، أجاب: "بالتأكيد". وكشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلا عن مصدر إسرائيلي، أن عملاء الموساد عملوا في عدة منشآت نووية في إيران. وفقًا للتقرير، أمضى الموساد سنوات في جمع معلومات استخباراتية عن كل عالم من العلماء المستهدفين بالاغتيال ودوره في البرنامج النووي الإيراني. وقد استمدت الوكالة معظم معلوماتها عن البرنامج الإيراني من عملاء جندهم الموساد ووظفهم، وعملوا داخل منشأتي نطنز وفوردو.


معا الاخبارية
منذ 2 ساعات
- معا الاخبارية
ترامب: ويتكوف أخبرني أن اتفاق غزة قريب
بيت لحم معا- قبل لقائه بقادة الدول الأخرى في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي، تناول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاوضات صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في فزة. وكشف إن "هناك تقدم كبير في غزة والضربات على إيران ستساعد في التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الاسرى الإسرائيليين ".


معا الاخبارية
منذ 2 ساعات
- معا الاخبارية
تقرير استخباراتي أميركي: الولايات المتحدة لم تدمرالبرنامج النووي الايراني
بيت لحم-معا- يشير تقرير استخباراتي أمريكي أولي صدر يوم الاثنين إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر بضعة أشهر فقط عقب الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، ولم يُدمر بالكامل كما صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وتتولى الاستخبارات الأمريكية، مسؤولية مراقبة البرنامج النووي الإيراني. وسُرّب التقرير إلى شبكة CNN أمس (الثلاثاء) من مصدر مجهول، ونقلته لاحقًا مصادر في صحيفة نيويورك تايمز ووكالتي رويترز وأسوشيتد برس. ووفقًا لتقرير CNN، فإن تقييم وكالة استخبارات الدفاع (DIA)، التابعة لوزارة الدفاع، هو أن الهجمات لم تُدمّر المكونات الأساسية للبرنامج النووي، ولم تُلحق الضرر بمخزون اليورانيوم عالي التخصيب الذي راكمته إيران. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن "أشخاص مطلعين على الأمر" قولهم إن تقرير الاستخبارات استند إلى تقييم للأضرار أجراه الجيش الأمريكي في نهاية الهجوم، لكنها أشارت إلى أن هذا التقييم قابل للتغيير مع توافر المزيد من المعلومات. أفاد التقرير، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، أن جزءًا على الأقل من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهو مخزون يزن أكثر من 400 كيلوغرام ويلزم لصنع أسلحة نووية، نُقل من مواقع قُصفت قبل الهجوم الأمريكي ونجا. وذكر التقرير نفسه أن أجهزة الطرد المركزي اللازمة لتخصيب اليورانيوم إلى المستويات العسكرية لا تزال سليمة إلى حد كبير. تتناقض نتائج التقرير مع تصريحات الرئيس ترامب ونتنياهو بشأن وضع المنشآت النووية الإيرانية. كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز وهيئة الإذاعة الإسرائيلية (كان) عن مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين اعترافهم بأن البرنامج النووي الإيراني لم يُدمر بالكامل. نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا التقرير صباح اليوم على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي "Truth Social": "لقد تعاونت شبكة CNN الإخبارية المزيفة، مع صحيفة نيويورك تايمز الفاشلة، في محاولة للتقليل من شأن واحدة من أنجح الضربات العسكرية في التاريخ".