#أحدث الأخبار مع #«عسكرةأوروبا»؛بوابة الأهرام١١-٠٤-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامعسكرة أوروباقبل مرور شهر على تنصيب «ترامب» رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، اتخذ الرجل عدة مواقف وقرارات تتعلق بالتحالف الغربى الأطلسي: الأمريكى الأوروبي؛ عدت فى مجملها انقلابا على هذا التحالف التاريخى المستقر منذ الحرب العالمية الثانية. عكس هذا الانقلاب حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية فى «الزمن الترامبي» قد أصبحت لديها رؤية تتناقض مع رؤى الدول الأوروبية الرئيسة حول الأمن الأوروبي. تجلت هذه الرؤية، التى سارع ترامب، وفى زمن قياسى لم يتجاوز الشهر، فى تفعيلها عمليا فى الآتي: أولا: نقد الداخل السياسى الأوروبى بلغة فجة. ثانيا: الإعلان عن ضرورة أن يتحمل الشريك الغربى الأطلسى الأورو بمسئوليته منفردا عن الأمن الأوروبى بزيادة الميزانيات الدفاعية الأوروبية المالية اللازمة. إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية غير مستعدة أن تستمر فى دعمها ضمان أمن أوروبا على المستويين المادى والمالي. ثالثا: التواصل المباشر ـ التحريضى للتيار القومى المتشدد فى أوروبا ودعم دوره «التفكيكي» للتركيبة السياسية الأوروبية السائدة منذ الحرب العالمية الثانية.رابعا: الانفراد بالتعاطى مع أمن أوروبا ــ دون الأوروبيين ــ وذلك بالانخراط فى مفاوضات مباشرة ــ منفردة ــ مع روسيا للوصول إلى تسوية حول حرب الأخيرة مع أوكرانيا التى انطلقت قبل ثلاث سنوات. ونتيجة للانقلاب الترامبى الذى اعتبره المراقبون تحولا تاريخيا فى جوهر العلاقة الأمريكية الأوروبية، دعت فرنسا عددا من القيادات السياسية الأوروبية لمناقشة مستقبل الأمن الأوروبى لما اعتبرته تهديدا وجوديا. وهو الاجتماع الذى عُرف «باجتماع باريس» وذلك لمناقشة ما يلي: أولا: كيفية مواجهة الانقلاب الأمريكي. ثانيا: كيف يمكن إعادة صياغة إستراتيجية الأمن الأوروبى المستقبلية فى ضوء التخلى الأمريكى الترامبى عن الاستمرار فى «ضمان الأمن الأوروبي»، انطلاقا مما تردد حول احتمالية أن تتخذ إدارة ترامب قرارا بالانسحاب من حلف شمال الأطلسى أو «الناتو». ما ولد التشكك فى التزام الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقيات الدفاع الجماعى حسب المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسى «الناتو» التى تنص على التآزر بين الدول الأعضاء للحلف إذا ما تعرضت إحدى الدول لاعتداء فإنه لزاما على باقى الدول المسارعة على صد هذا الاعتداء. وذلك إعمالا لعقيدة «الناتو»: «الواحد للكل والكل للواحد». توافق المجتمعون فى باريس على أن أوروبا تمر بمنعطف خطير ومن ثم عليها أن تواجه «التقويض الترامبي» للتحالف الغربى التاريخى أو ما وصفته دورية الجارديان الأسبوعية: «نقض العهد» Breach؛وما سيترتب عليه من ضرورة أن تعيد أوروبا بناء قدراتها العسكرية والأمنية بشكل مستقلremilitarization of Europe؛ أو ما بات يطلق عليه فى الأروقة السياسية والإستراتيجية الأوروبية خطة: «عسكرة أوروبا»؛ أو «إعادة تسليح أوروبا» Re – Arm Europe؛ وهى الخطة التى أعلنت عنها، قبل أسبوعين، السياسية الألمانية «أورسولا جيرترود فون دير لاين» رئيسة المفوضية الأوروبية فى نص يقع فى 22 صفحة عنوانه: ورقة بيضاء للدفاع ــ الاستعداد الأوروبى White paper for European Defence – Readiness؛ تنطلق الخطة، بالأساس، من التوافق الأوروبى على بلورة إستراتيجية أمنية أوروبية مستقلة ــ تعوض الغياب الأمريكى تدعم استعداداتها الصناعية والتكنولوجية والبشرية فى مجال العسكرة المستقلة لحماية المصالح الحيوية الأوروبية.تقوم هذه الإستراتيجية على ما يلي: أولا:بناء صناعات أوروبية دفاعية مبتكرة. ثانيا: سد الفجوات فى القدرات ودعم الصناعة الدفاعية الأوروبية. ثالثا: دعم تنمية الاستثمارات فى الصناعات الدفاعية والابتكارات التكنولوجية لتلك الصناعات من خلال التطور فى مجالى الكم والذكاء الاصطناعى وما توفره الثورة الصناعية الرابعة من إمكانات متقدمة. رابعا:توفير الكادر العسكرى الأوروبى القادر على ضبط مناطق الصراع فى أوروبا من جانب، وحماية المصالح الأوروبية من جانب آخر. خامسا: تعزيز جاهزية أوروبا لأسوأ السيناريوهات عبر تحسين التنقل العسكري، وتخزين المعدات، وتعزيز التعاون العملياتى عبر الاتحاد الأوروبي. ومن أجل تحقيق إستراتيجية «عسكرة أوروبا» ــ فورا ــ فلقد ذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أنه سيتم تخصيص 800 مليار يورو خلال السنوات الأربع القادمة. إضافة إلى 150 مليار يورو تقدم كقروض لصناعة وإنتاج الأسلحة والتطوير التكنولوجى فى هذا المقام ومواجهة حقيقة أن ما يقرب من 75% من الأسلحة تستوردها أوروبا من أمريكا. إضافة إلى ما سبق للعمل الدءوب الذى يجب على الدول الأوروبية أن تقوم به ــ فورا أيضا ــ لتعويض وجود ما يقرب من 100 ألف جندى أمريكى على الأراضى الأوروبية فى حال قرر ترامب سحبهم فى أى وقت. أى أن «عسكرة أوروبا» صارت ضرورة ومن ثم وضعها على قمة جدول الأعمال الأوروبى حتى يتمكن الاتحاد الأوروبى والحلف الأطلسى من جعل الاستقلال الاستراتيجى العسكرى الأوروبى حقيقة مادية وذلك بحلول 2030. وبالرغم من الاستنفار الأوروبى لتجاوز الأزمة التى تعد الأخطر التى تواجه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية والتوافق العام على ضرورة السير قدما نحو «عسكرة أوروبا» فإنه ينبغى الانتباه إلى جملة من الأمور: أولها: ان ما جرى من انقلاب أمريكى ترامبى على التحالف الغربى الأطلسى العتيد ليس بالأمر البسيط إذ سوف تترتب عليه تداعيات كثيرة فى طبيعة التحالفات الدولية وبالتالى فى تركيبة النظام العالمى من جهة. ثانيها: أن هناك معارضة معتبرة فى الداخل الأوروبى لأى زيادة فى الميزانيات الدفاعية. ناهيك عن أن هناك دولا فى حاجة إلى تعديل قوانينها التى تحول دون اعتماد الميزانيات الدفاعية اللازمة. ثالثها: أن هناك معارضة من بعض القيادات الأوروبية لمبدأ «العسكرة» الذى يناقض المبدأ الذى التزمت به أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية الذى اعتمد إجمالا على تجنب التورط فى الحروب والصراعات وتغليب الحوار والتفاوض وتقديم المبادرات السلامية التنموية لحل النزاعات. رابعها: إن العسكرة ــ وحتى تتم حسبما هو مخطط لها كيفا وكما ــ سوف تفرض على أوروبا أن تسلك سلوكا إمبرياليا لامتلاك المواد والموارد اللازمة للابتكار/للتصنيع فى مجال الصناعات الدفاعية/العسكرية. خامسها: أن هناك دولا أوروبية تطرح تصورا لتشكيل نظام عالمى متعدد الأقطاب قادر على استيعاب الأقطاب العالمية القديمة والبازغة على السواء. وتشير جملة الأمور السابقة إلى أن التراوح بين ضرورة العسكرة وما تتطلبه من إجراءات وبين معارضيها يمثل لحظة تاريخية فارقة ليس فقط لأوروبا، بل للعالم.
بوابة الأهرام١١-٠٤-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامعسكرة أوروباقبل مرور شهر على تنصيب «ترامب» رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، اتخذ الرجل عدة مواقف وقرارات تتعلق بالتحالف الغربى الأطلسي: الأمريكى الأوروبي؛ عدت فى مجملها انقلابا على هذا التحالف التاريخى المستقر منذ الحرب العالمية الثانية. عكس هذا الانقلاب حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية فى «الزمن الترامبي» قد أصبحت لديها رؤية تتناقض مع رؤى الدول الأوروبية الرئيسة حول الأمن الأوروبي. تجلت هذه الرؤية، التى سارع ترامب، وفى زمن قياسى لم يتجاوز الشهر، فى تفعيلها عمليا فى الآتي: أولا: نقد الداخل السياسى الأوروبى بلغة فجة. ثانيا: الإعلان عن ضرورة أن يتحمل الشريك الغربى الأطلسى الأورو بمسئوليته منفردا عن الأمن الأوروبى بزيادة الميزانيات الدفاعية الأوروبية المالية اللازمة. إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية غير مستعدة أن تستمر فى دعمها ضمان أمن أوروبا على المستويين المادى والمالي. ثالثا: التواصل المباشر ـ التحريضى للتيار القومى المتشدد فى أوروبا ودعم دوره «التفكيكي» للتركيبة السياسية الأوروبية السائدة منذ الحرب العالمية الثانية.رابعا: الانفراد بالتعاطى مع أمن أوروبا ــ دون الأوروبيين ــ وذلك بالانخراط فى مفاوضات مباشرة ــ منفردة ــ مع روسيا للوصول إلى تسوية حول حرب الأخيرة مع أوكرانيا التى انطلقت قبل ثلاث سنوات. ونتيجة للانقلاب الترامبى الذى اعتبره المراقبون تحولا تاريخيا فى جوهر العلاقة الأمريكية الأوروبية، دعت فرنسا عددا من القيادات السياسية الأوروبية لمناقشة مستقبل الأمن الأوروبى لما اعتبرته تهديدا وجوديا. وهو الاجتماع الذى عُرف «باجتماع باريس» وذلك لمناقشة ما يلي: أولا: كيفية مواجهة الانقلاب الأمريكي. ثانيا: كيف يمكن إعادة صياغة إستراتيجية الأمن الأوروبى المستقبلية فى ضوء التخلى الأمريكى الترامبى عن الاستمرار فى «ضمان الأمن الأوروبي»، انطلاقا مما تردد حول احتمالية أن تتخذ إدارة ترامب قرارا بالانسحاب من حلف شمال الأطلسى أو «الناتو». ما ولد التشكك فى التزام الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقيات الدفاع الجماعى حسب المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسى «الناتو» التى تنص على التآزر بين الدول الأعضاء للحلف إذا ما تعرضت إحدى الدول لاعتداء فإنه لزاما على باقى الدول المسارعة على صد هذا الاعتداء. وذلك إعمالا لعقيدة «الناتو»: «الواحد للكل والكل للواحد». توافق المجتمعون فى باريس على أن أوروبا تمر بمنعطف خطير ومن ثم عليها أن تواجه «التقويض الترامبي» للتحالف الغربى التاريخى أو ما وصفته دورية الجارديان الأسبوعية: «نقض العهد» Breach؛وما سيترتب عليه من ضرورة أن تعيد أوروبا بناء قدراتها العسكرية والأمنية بشكل مستقلremilitarization of Europe؛ أو ما بات يطلق عليه فى الأروقة السياسية والإستراتيجية الأوروبية خطة: «عسكرة أوروبا»؛ أو «إعادة تسليح أوروبا» Re – Arm Europe؛ وهى الخطة التى أعلنت عنها، قبل أسبوعين، السياسية الألمانية «أورسولا جيرترود فون دير لاين» رئيسة المفوضية الأوروبية فى نص يقع فى 22 صفحة عنوانه: ورقة بيضاء للدفاع ــ الاستعداد الأوروبى White paper for European Defence – Readiness؛ تنطلق الخطة، بالأساس، من التوافق الأوروبى على بلورة إستراتيجية أمنية أوروبية مستقلة ــ تعوض الغياب الأمريكى تدعم استعداداتها الصناعية والتكنولوجية والبشرية فى مجال العسكرة المستقلة لحماية المصالح الحيوية الأوروبية.تقوم هذه الإستراتيجية على ما يلي: أولا:بناء صناعات أوروبية دفاعية مبتكرة. ثانيا: سد الفجوات فى القدرات ودعم الصناعة الدفاعية الأوروبية. ثالثا: دعم تنمية الاستثمارات فى الصناعات الدفاعية والابتكارات التكنولوجية لتلك الصناعات من خلال التطور فى مجالى الكم والذكاء الاصطناعى وما توفره الثورة الصناعية الرابعة من إمكانات متقدمة. رابعا:توفير الكادر العسكرى الأوروبى القادر على ضبط مناطق الصراع فى أوروبا من جانب، وحماية المصالح الأوروبية من جانب آخر. خامسا: تعزيز جاهزية أوروبا لأسوأ السيناريوهات عبر تحسين التنقل العسكري، وتخزين المعدات، وتعزيز التعاون العملياتى عبر الاتحاد الأوروبي. ومن أجل تحقيق إستراتيجية «عسكرة أوروبا» ــ فورا ــ فلقد ذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أنه سيتم تخصيص 800 مليار يورو خلال السنوات الأربع القادمة. إضافة إلى 150 مليار يورو تقدم كقروض لصناعة وإنتاج الأسلحة والتطوير التكنولوجى فى هذا المقام ومواجهة حقيقة أن ما يقرب من 75% من الأسلحة تستوردها أوروبا من أمريكا. إضافة إلى ما سبق للعمل الدءوب الذى يجب على الدول الأوروبية أن تقوم به ــ فورا أيضا ــ لتعويض وجود ما يقرب من 100 ألف جندى أمريكى على الأراضى الأوروبية فى حال قرر ترامب سحبهم فى أى وقت. أى أن «عسكرة أوروبا» صارت ضرورة ومن ثم وضعها على قمة جدول الأعمال الأوروبى حتى يتمكن الاتحاد الأوروبى والحلف الأطلسى من جعل الاستقلال الاستراتيجى العسكرى الأوروبى حقيقة مادية وذلك بحلول 2030. وبالرغم من الاستنفار الأوروبى لتجاوز الأزمة التى تعد الأخطر التى تواجه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية والتوافق العام على ضرورة السير قدما نحو «عسكرة أوروبا» فإنه ينبغى الانتباه إلى جملة من الأمور: أولها: ان ما جرى من انقلاب أمريكى ترامبى على التحالف الغربى الأطلسى العتيد ليس بالأمر البسيط إذ سوف تترتب عليه تداعيات كثيرة فى طبيعة التحالفات الدولية وبالتالى فى تركيبة النظام العالمى من جهة. ثانيها: أن هناك معارضة معتبرة فى الداخل الأوروبى لأى زيادة فى الميزانيات الدفاعية. ناهيك عن أن هناك دولا فى حاجة إلى تعديل قوانينها التى تحول دون اعتماد الميزانيات الدفاعية اللازمة. ثالثها: أن هناك معارضة من بعض القيادات الأوروبية لمبدأ «العسكرة» الذى يناقض المبدأ الذى التزمت به أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية الذى اعتمد إجمالا على تجنب التورط فى الحروب والصراعات وتغليب الحوار والتفاوض وتقديم المبادرات السلامية التنموية لحل النزاعات. رابعها: إن العسكرة ــ وحتى تتم حسبما هو مخطط لها كيفا وكما ــ سوف تفرض على أوروبا أن تسلك سلوكا إمبرياليا لامتلاك المواد والموارد اللازمة للابتكار/للتصنيع فى مجال الصناعات الدفاعية/العسكرية. خامسها: أن هناك دولا أوروبية تطرح تصورا لتشكيل نظام عالمى متعدد الأقطاب قادر على استيعاب الأقطاب العالمية القديمة والبازغة على السواء. وتشير جملة الأمور السابقة إلى أن التراوح بين ضرورة العسكرة وما تتطلبه من إجراءات وبين معارضيها يمثل لحظة تاريخية فارقة ليس فقط لأوروبا، بل للعالم.