logo
#

أحدث الأخبار مع #«غرامياتشارعالأعشى»

شارع الأعشى والمسكوت عنه!
شارع الأعشى والمسكوت عنه!

سعورس

time٢٥-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • سعورس

شارع الأعشى والمسكوت عنه!

لهذا كانت قضايا المرأة من أكثر الموضوعات المسكوت عنها في تلك الحقبة، إذ ظلت المرأة محصورة في أدوار محددة داخل الأسرة والمجتمع، مع غيابها شبه التام عن المجالات العامة، حتى جاءت الرواية السعودية التي حققت نجاحاً كبيراً خلال العقدين الماضيين لتقول الكثير من المسكوت عنه في تلك الحقبة لاسيما شؤون المرأة وشجونها، ومن هنا تحديداً جاء هذا النجاح الباهر لمسلسل «شارع الأعشى» الذي جسّد رواية «غراميات شارع الأعشى» للمبدعة د. بدرية البشر، ومع الإشادة بكامل طاقم العمل الذي استطاع أن يقدم لنا سيرة مثيرة لأهل ذلك المكان والزمان، إلا أن المسكوت عنه قديمًا ذاك الذي قالته الرواية وجسّدته الصورة اليوم هو ما منح مسلسل شارع الأعشى هذا الوهج وهذه الإثارة التي جعلتها واحداً من أهم الأعمال الدرامية الرمضانية هذا العام، والحقيقة أننا بانتظار انفتاح أكبر على أعمالنا الروائية التي قالت كثيراً مما سكتنا عنه في ظل النفوذ المتزايد للتيارات الدينية خلال تلك العقود، حيث تعرضت الفنون والثقافة لرقابة مشددة، وتم تقييد الإنتاج الفني ليقتصر على محتوى يتماشى مع الخطاب الديني السائد حينها وكان هناك محاولات لإبعاد أي أفكار تُعتبر "غربية" أو "تغريبية"، ما أدى إلى تراجع الحراك الثقافي والفني مقارنة بدول أخرى في المنطقة. ومع ذلك، ظل هناك اهتمام خفي بالثقافة والفن لدى بعض فئات المجتمع، ولكن في إطار خاص وغير مُعلن ظهر جلياً في الأعمال الروائية التي ازدهرت مع بداية الألفية وبالتالي قاومت التيار الديني كقوة مؤثرة في تلك الفترة، تلعب دورًا في تشكيل القوانين والعادات الاجتماعية. لاسيما والخطاب الديني يُهيمن على العديد من مناحي الحياة، ابتداءً من التعليم وحتى القوانين التي تنظم الحياة العامة، ولم يكن من السهل مساءلة هذا النفوذ أو مناقشة بعض الممارسات الدينية بشكل علني، إذ كان هناك نوع من الرقابة الذاتية التي فرضها المجتمع على نفسه، ما جعل بعض القضايا الدينية والاجتماعية مسكوتًا عنها رغم تأثيرها الكبير على حياة الناس، فضلاً عن حالة الالتباس بين الدين والعادات والتقاليد والهوية الخاصة، لكن الرواية السعودية استطاعت اختراق كل ذلك وقدمت لنا أعمالاً نوعية تقدمت من خلاله رواياتنا وروائيونا إلى موقع الصدارة بالنسبة للإنتاج الروائي العربي .. إذ فاز ثلاثة من روائيينا خلال العقدين الماضيين بجائزة البوكر وهي الجائزة الأقدر على مستوى الرواية العربية. نعود ونقول: إن مسلسل شارع الأعشى الذي حقق كل هذا النجاح ليس إلا إطلالة أولى على أعمالنا الروائية التي تجرّأت في قراءتها لهوامش حياتنا الاجتماعية المسكوت عنها، وبالتالي فإن تقديمها درامياً اليوم تكريماً لها وإمتاعاً لنا...

حكايتا «شارع الأعشى»... مسلسل ينتهي بالدم ورواية بالغناء
حكايتا «شارع الأعشى»... مسلسل ينتهي بالدم ورواية بالغناء

الشرق الأوسط

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشرق الأوسط

حكايتا «شارع الأعشى»... مسلسل ينتهي بالدم ورواية بالغناء

اخترت موضوعاً لهذه المقالة جزءاً صغيراً، فعلاً سردياً ربما لم يلفت انتباه كل مشاهدي «شارع الأعشى». جزء مهم لغرض المقالة، ولوجود تشابه بينه وبين عنصر آخر في المسلسل، ولأنه يشكل، أيضاً، صورة مصغرة لمقام سردي في رواية «غراميات شارع الأعشى». لا يشغل هذا الجزء سوى دقيقة وعدة ثوان من زمن سرد «عزيزة» (لمى الكناني) في الحلقة الأخيرة. وأعني «عزيزة» الصوت بلا جسد، التعليق الصوتي (voice-over)، الذي يأتي من خارج عالم الحكاية، ومن زمن غير زمن الأحداث فيها؛ وعلى نحو متقطع، يرافق المُشاهدَ من الدقائق الأولى إلى الدقائق، بل الثواني، الأخيرة من المسلسل، وليس «عزيزة» الشخصية، صاحبة «فيه شوط طق، فيه شوط مصري»، التي تعيش وتغني وترقص وتقلد سعاد حسني وتتصرف بتهور وتقع في الغرام بدون توقف في عالم الحكاية. الصمت بعد «عرس الدم» لو كنت عضواً في الفريق الذي يُشكِّل «المخرج الضمني» لـ«شارع الأعشى»، لجعلت الصمتَ يعقب فاجعة «عرس الدم»، مُنهياً به المسلسل، فلا يبقى في المشهد الأخير سوى صفحات دفتر مذكرات عزيزة والهواء يقلِّبها ويحركها، ثم تستقر مفتوحة وخالية من أي كتابة، في رمزية لنهاية مفتوحة، قد تطلق العنان لخيال المُشاهد ليكتب فيها النهاية التي يتخيلها، أو النهايات، فما إن يستقر على نهاية، حتى تظهر على شاشة خياله نهاية أخرى. سيكون المشاهد حينئذ في وضع يشبه إلى حد ما وضع قارئ رواية «غراميات شارع الأعشى» بنهايتها المفتوحة: «تمددت روحه (أبو فهد) في الغناء... صار وجه الجازي يظهر له من الضوء المنعكس في أعمدة الكهرباء المحاذية للشارع. يسوق سيّارته البويك على مهل... ويدخل من الشارع الملتوي متجهاً إلى بيته، وصوت الحب عالق في أذنه، ويبتسم وحده في السيارة، ويفكر في حبّة الخال السوداء ويغني وحده: (ماهقيت ان البراقع يفتنني)». وتنتهي الرواية بصوت محمد عبده. ويبقى ما يُحتمل حدوثه لـ«أبو فهد» والجازي مشرعاً للتخيلات والتآويل. أتساءل مبتسماً في هذه اللحظة، لماذا لم يختر «أبو فهد» أغنية أخرى يستمع إليها، أو لماذا لم تختر الروائية بدرية البشر أغنية مثل «أنا أشهد أن البدو حلوين حلوين/ وخفة الدم زودتهم حلاوة». وأضحك ضحكة صغيرة صامتة من الفكرة التي أخفقتُ في إبقائها خارج النص، مع الأغنية التي تعود تاريخياً إلى ما قبل زمن أحداث المسلسل بسنوات قليلة. دفتر «عزيزة» يغري بإعادتها أما في المسلسل، فيبدو أن الدفتر الملطخ بدم عواطف (آلاء سالم)، أوحى لـ«المخرج الضمني» فكرة إنهاء المسلسل بصوت «عزيزة» الساردة، حتى بعد أن تغادر «عزيزة» الشخصية في الداخل «شارع الأعشى»، وتغيبها ظلمة الطريق في رحلة الهروب. اللافت أن «عزيزة» الساردة (voice-over narrator)، تبدو مختلفةً في الثواني الأخيرة. فلم تعد الذات/ الأنا الساردة التي تستمد مادة سردها وتعليقها من تجربتها، وتجارب من حولها، ومن الأحداث التي تشهدها وتتفاعل معها، كما يتجلى في الاقتباس التالي وفيه تصف، في بداية الحلقة الأولى، بدايات الأيام في حياة أسرتها: «كان يومنا يبدأ لما يُشغِّل أبوي الرادو... صوت إبريق الفواح يتداخل مع أصوات الأغاني اللي بينَّا وبينها بحور... من إذاعة لندن أصوات تملأ بيتنا وتفيض (على) شارع الأعشى». يشعر المشاهد، و«عزيزة» تتكلم خلال الثواني الأخيرة، أنه يستمع إلى ساردة مختلفة، ساردة ذات معرفة تتجاوز الأحداث في ماضيها وماضي أسرتها، معرفة تحيط بما لم يحدث بعد، وبما يحتمل حدوثه في المستقبل، حين تعلق بنبرة تشي بتأكدها مما تقول: «بنات الأعشى باقين... حكاياتهم وأحلامهم هي اللي ما تموت... راجعين يعبون باقي صفحات دفتري... راجعين ومكملين مشوارنا... معكم». بالإضافة إلى تمدد حدود معرفة عزيزة لتبدو كساردة عليمة، يدرك المشاهد أنها، وخلال هذه الثواني بالذات، تملك وعياً ميتاقصياً، بأنها وبنات «شارع الأعشى» الأخريات شخصيات يعشن في حكاية، في عالم تخييلي، وأن حكايتهن لم تنته بعد، وأنهن عائدات في حكاية، وربما، حكايات أخرى، وتعي بذاتها ساردةً، وبأن هنالك متلقين ينصتون لما تقول، فتوجه كلامها إليهم: «راجعين ومكملين مشوارنا معكم... انتظرونا». لا أتذكر أنها خاطبت المشاهد مباشرة، وبهذه الطريقة من قبل، أو تلفظت بما يدل على وعي «ميتاقصي» بأنها والآخرين شخصيات خيالية في حكاية. في رأيي إن تلفظها الأخير فعل سردي نشاز، غير متسق نوعياً مع تعليقاتها السابقة. ربما يدل على ارتباك المخرج الضمني من ناحية، وعلى حرصه على إنهاء المسلسل بإعلان «برومو» لموسم ثانٍ من ناحية أخرى. إلهام علي في انتظار بنات «شارع الأعشى» سينتظر المشاهدون عودة بنات «شارع الأعشى»، ولكن هل تعود «عزيزة» الساردة، باختلافها الأخير، الذي اخترقت به أحد أعراف السرد الواقعي بإطلالتها الصوتية بإعلانٍ عن موسم ثان، يفترض ألا يعلم أحد به سوى المخرج الضمني؟ وهل تعود أيضاً بوعي ميتاقصي؟ أم أن تلك اللمحة «الميتاقصية» العابرة حدثت بدون قصد ووعي من المخرج الضمني؟ بالرغم من عنصر المفاجأة فيه، إن تحول «عزيزة» الساردة، ولو لثوانٍ في النهاية، أمر يمكن تَقَبُله إذا ما قورن بظهور الإرهابي المنشق جزّاع/منصور (نايف البحر) ومجيئه إلى «شارع الأعشى» للبحث عن أمه. ظهوره في واقع الحكاية يحدث بطريقة تشبه تطعيم شجرة بغصن من شجرة أخرى ولكن بأيدٍ غير ماهرة ومرتبكة؛ وإدخاله في عالم الحكاية متكلف وتنقصه السلاسة، وإيواؤه في بيت «أبو إبراهيم» (خالد صقر) تحت ذريعة وفاء «أم متعب» (إلهام علي) لأمه (ريم الحبيب)، واستمراراً للعب «أبو إبراهيم» دور «السنيد» (sidekick) لـ«أم متعب»، كلها أمور تتحدى قدرة المشاهد على تعطيل عدم التصديق. بدخول جزّاع فضاء وزمان الحدث ليكون حبيباً آخر لعزيزة تحقق معه حلمها في الهروب، يبدأ الترهل بالنفاذ إلى بنية المسلسل السردية والبطء إلى إيقاع حركة الأحداث إلى حد إثارة الملل في المشاهد. تحولات صوت «عزيزة» يشكل تحول «عزيزة» غير المسبوق إلى ساردة عليمة نقطة التقاء وتشابه بين المسلسل ورواية بدرية البشر. يُذَكر بتحول «عزيزة» الساردة بضمير المتكلم في الرواية إلى ساردة عليمة في فصول خمسة في الرواية (22، 13، 11،10 ،7). (ناقشت الموضوع في مقالة عن التقنية السردية في «غراميات شارع الأعشى»، نُشِرَت في صحيفة اليوم في 2016-05-07). تراوح «عزيزة» في الفصول الخمسة بين سرد الشخصية (character narration) بضمير المتكلم بمحدودية المعرفة المرتبطة به تقليدياً في السرد الواقعي، والسرد العليم بضمير الغائب. فتروي في الفصل السابع، على سبيل المثال، حواراً قصيراً يدور بين الجازي ومزنة في بيت «أم متعب»، بينما هي فوق سطح بيتهم، وتنقل حواراً، لم تشهده، بين وضحى ومزنة في سوق الحريم، وكأنما تفتح في رأس ضاري كوة كالكوى الصغيرة في جدار سطح بيتهم تطل خلالها على أفكاره حين تروي: «بينما لا يجد في منزله سوى امرأة لا يلمس منها إلا حنانها، لأن قوتها الخفية تتحرك فقط في رأسها ولسانها. لا يعرف إلا هذه المرأة التي عملت طويلاً من أجلهم، فيرهقه شعوره بأنه عاجز عن تولي الأمر عنها» (الفصل 7، ص 66). ليس في هذا الفصل الذي يبدأ بصوتها «خرج والدي بعد صلاة العصر وركب سيارته، وقبل أن يدير محركها اكتشف أن مكان الراديو فارغ»، ما يدل على أن «عزيزة» تتوقف عن السرد، لتكمل الساردة العليمة المهمة. ويتكرر هذا المقام السردي في الفصول الأربعة الأخرى. يرى عالم السرد البلاغي جيمس فيلان أن «سرد الشخصية أرض إنتاج خصبة للسرد المضاد للمحاكاة، غير الطبيعي، خصوصاً لاندلاعات المضاد للمحاكاة (antimimetic) المتفرقة داخل السرد الذي يكون المحاكي (mimetic) شفرته المهيمنة» (بويطقيا السرد غير الطبيعي، 197). يمكن القول إن اندلاعات المضاد للمحاكاة في أداء «عزيزة» بانتقالها من سرد الشخصية إلى السرد العليم هي «إفاضات/ paralepses» بلغة جيرار جينيت، أي سرود معلومات وأحداث تتجاوز محدودية معرفتها، ونقل ووصف ما لا يمكن لها إدراكه مثل أفكار ومشاعر ضاري، ليكون الناتج تمثيلاً سردياً مضاداً للمحاكاة (antimimetic narrative representation)، حسب تنظير علماء السرد غير الطبيعي مثل برايان ريتشاردسون وألبر جان. في رواية البشر، يتجاور المحاكي مع المضاد للمحاكاة، حيث يبدو الأخير تعبيراً عن تمرد على مواضعات السرد الواقعي. هذه الكتابة حصيلة جولة ممتعة في «شارع الأعشى» في الرواية والمسلسل، وكأي كتابة لم تتسع لكل ما يراد كتابته، ما يعني أنها وكأي كتابة، أيضاً، تخلق الحاجة إلى كتابة أخرى تكملها. ربما تكون الكتابة الأخرى عن موسم ثان من مسلسل «شارع الأعشى»! * ناقد وكاتب سعودي

شارع الأعشى والمسكوت عنه!
شارع الأعشى والمسكوت عنه!

العربية

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العربية

شارع الأعشى والمسكوت عنه!

شهد المجتمع السعودي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تحولات اجتماعية واقتصادية كبرى، إلا أن هذه التحولات رافقها صمتٌ حول العديد من القضايا الحساسة التي لم يكن من السهل مناقشتها علنًا. فبينما أحدثت الطفرة النفطية تغييرًا واسع النطاق في أنماط الحياة والبنية التحتية، ظلت بعض القضايا في الظل، إمّا بسبب الأعراف والتقاليد، أو بسبب الخطاب الديني والاجتماعي الذي فرض قيودًا على النقاش العلني. لهذا كانت قضايا المرأة من أكثر الموضوعات المسكوت عنها في تلك الحقبة، إذ ظلت المرأة محصورة في أدوار محددة داخل الأسرة والمجتمع، مع غيابها شبه التام عن المجالات العامة، حتى جاءت الرواية السعودية التي حققت نجاحاً كبيراً خلال العقدين الماضيين لتقول الكثير من المسكوت عنه في تلك الحقبة لاسيما شؤون المرأة وشجونها، ومن هنا تحديداً جاء هذا النجاح الباهر لمسلسل «شارع الأعشى» الذي جسّد رواية «غراميات شارع الأعشى» للمبدعة د. بدرية البشر، ومع الإشادة بكامل طاقم العمل الذي استطاع أن يقدم لنا سيرة مثيرة لأهل ذلك المكان والزمان، إلا أن المسكوت عنه قديمًا ذاك الذي قالته الرواية وجسّدته الصورة اليوم هو ما منح مسلسل شارع الأعشى هذا الوهج وهذه الإثارة التي جعلتها واحداً من أهم الأعمال الدرامية الرمضانية هذا العام، والحقيقة أننا بانتظار انفتاح أكبر على أعمالنا الروائية التي قالت كثيراً مما سكتنا عنه في ظل النفوذ المتزايد للتيارات الدينية خلال تلك العقود، حيث تعرضت الفنون والثقافة لرقابة مشددة، وتم تقييد الإنتاج الفني ليقتصر على محتوى يتماشى مع الخطاب الديني السائد حينها وكان هناك محاولات لإبعاد أي أفكار تُعتبر 'غربية' أو 'تغريبية'، ما أدى إلى تراجع الحراك الثقافي والفني مقارنة بدول أخرى في المنطقة. ومع ذلك، ظل هناك اهتمام خفي بالثقافة والفن لدى بعض فئات المجتمع، ولكن في إطار خاص وغير مُعلن ظهر جلياً في الأعمال الروائية التي ازدهرت مع بداية الألفية وبالتالي قاومت التيار الديني كقوة مؤثرة في تلك الفترة، تلعب دورًا في تشكيل القوانين والعادات الاجتماعية. لاسيما والخطاب الديني يُهيمن على العديد من مناحي الحياة، ابتداءً من التعليم وحتى القوانين التي تنظم الحياة العامة، ولم يكن من السهل مساءلة هذا النفوذ أو مناقشة بعض الممارسات الدينية بشكل علني، إذ كان هناك نوع من الرقابة الذاتية التي فرضها المجتمع على نفسه، ما جعل بعض القضايا الدينية والاجتماعية مسكوتًا عنها رغم تأثيرها الكبير على حياة الناس، فضلاً عن حالة الالتباس بين الدين والعادات والتقاليد والهوية الخاصة، لكن الرواية السعودية استطاعت اختراق كل ذلك وقدمت لنا أعمالاً نوعية تقدمت من خلاله رواياتنا وروائيونا إلى موقع الصدارة بالنسبة للإنتاج الروائي العربي .. إذ فاز ثلاثة من روائيينا خلال العقدين الماضيين بجائزة البوكر وهي الجائزة الأقدر على مستوى الرواية العربية. نعود ونقول: إن مسلسل شارع الأعشى الذي حقق كل هذا النجاح ليس إلا إطلالة أولى على أعمالنا الروائية التي تجرّأت في قراءتها لهوامش حياتنا الاجتماعية المسكوت عنها، وبالتالي فإن تقديمها درامياً اليوم تكريماً لها وإمتاعاً لنا...

أبرز مسلسلات أبريل... عواصف وعواطف وعبث
أبرز مسلسلات أبريل... عواصف وعواطف وعبث

Independent عربية

time١٠-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Independent عربية

أبرز مسلسلات أبريل... عواصف وعواطف وعبث

كثيراً ما شكل شهر رمضان فرصة لعرض أنجح الإنتاجات الدرامية العربية، إذ برز عدد من الأعمال كالمسلسل السعودي "شارع الأعشى" المستوحى من رواية «غراميات شارع الأعشى» للكاتبة الروائية بدرية البشر، وتجري أحداثه في سبعينيات القرن الماضي وثمانيناته، مستعرضاً التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدها شارع الأعشى في الرياض. ومن الأعمال الدرامية المصرية التي حققت نجاحاً ونقاشاً واسعاً أيضاً، "لام شمسية" للمخرج كريم الشناوي عن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر والتحرش الجنسي، وكيفية معالجة هذه الآفة والتعامل معها. كما برز أيضاً مسلسل "معاوية" التاريخي، متناولاً سيرة معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية في دمشق، ويقال إن كلفة إنتاجه تعتبر الأضخم في تاريخ الدراما العربية. وبعد انقضاء الشهر، وانطلاق شهر أبريل (نيسان)، يكون المشاهد العربي على موعد مع عدد كبير من الإنتاجات الدرامية العالمية التي ستعرض على عدد مختلف من المنصات. وهنا أبرز هذه الأعمال مع مواعيد بثها. من الأعمال التي بدأ عرضها على "نتفليكس"، نجد الموسم الأول من "نبض" (Pulse)، إذ تجد الطبيبة المقيمة في سنتها الثالثة داني سيمز (ويلا فيتزجيرالد) نفسها فجأة في منصب قيادي كبير بعد تعليق كبير الأطباء المقيمين المحبوب زاندر فيليبس (كولين ووديل)، وكل ذلك وسط إعصار يقترب من أكثر مراكز الصدمات ازدحاماً في ميامي. وبينما تزداد شدة العاصفة وتغرق المستشفى في موجة من الحالات الطارئة، يجري فرض الإغلاق التام، مما يجبر داني وزاندر على العمل معاً على رغم التوترات التي تنبع من علاقة عاطفية معقدة وسرية بينهما بدأت تتكشف تدريجاً. كما انطلق الموسم السادس والأخير من "حكاية الخادمة" ((The Handmaid's Tale، على خدمة البث Hulu، المستوحى من رواية مارغريت أتوود، وتدور أحداثه في مستقبل بائس يعاني العقم، إذ تعين الخادمات لإنجاب الأطفال، والموسم الأول من "السند" (The Bondsman) على خدمة "أمازون برايم". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويجسد في العمل النجم كيفن بيكون دور هاب هالوران، صائد جوائز يجد نفسه أمام فرصة غير متوقعة عندما يبعث من الموت، لكن هذه المرة بصفقة شيطانية تضعه في مواجهة قوى خارقة. يقدم المسلسل مزيجاً فريداً من الأكشن، والرعب الخارق للطبيعة، والدراما العائلية، في قصة مشوقة عن الفداء والمواجهة مع الماضي. Black Mirror في العاشر من الشهر الجاري، تعرض منصة "نتفليكس"، الجزء السابع من المسلسل العبثي "المرآة السوداء". ويعود العمل في هذا الجزء، ليواصل استكشاف الجوانب المظلمة للتكنولوجيا وتأثيرها في المجتمع، من خلال ست حلقات مستقلة تتناول مواضيع متنوعة مثل الذكاء الاصطناعي والوعي البشري وتطورات التكنولوجيا المتسارعة. ينتظر أن يقدم هذا الموسم تجربة مشوقة ومثيرة للتفكير، مع حلقات تتراوح بين الرعب النفسي والدراما العاطفية.​ ومن أبرز مفاجآت هذا الموسم حلقة تكميلية للحلقة الشهيرة "USS Callister" من الموسم الرابع، إذ يعود كل من كريستين ميليوتي وبيلي ماغنوسن وجيمي سيمبسون لاستكمال القصة السابقة، في حين ستقدم الحلقات الخمس المتبقية قصة جديدة كلياً. Your Friends and Neighbors في الـ11 من أبريل، ستعرض منصة "آبل تي في" الموسم الأول من "أصدقاؤك وجيرانك"، وهو دراما مشوقة تتمحور حول الجريمة والهوية. ويتبع المسلسل قصة كوب، مدير مطلق حديثاً يجد نفسه في أزمة مزدوجة بعد أن يفقد وظيفته، غير قادر على التخلي عن نمط الحياة الفاخر الذي اعتادت عليه عائلته، فيبدأ بسرقة الأثرياء في مجتمعه الراقي شمال ولاية نيويورك. في البداية، تمنحه هذه السرقات إحساساً جديداً بالحياة، لكن كل شيء ينقلب رأساً على عقب عندما يقتحم المنزل الخطأ في الوقت الخطأ، لتتغير حياته إلى الأبد. يقدم العمل مزيجاً من التوتر النفسي والدراما الاجتماعية، إذ يستكشف حدود الطموح واليأس، وكيف يمكن للضغوط الاجتماعية أن تدفع الشخص لاتخاذ قرارات غير متوقعة. مع أجواء غامضة وسيناريو مليء بالمفاجآت، يعد هذا العمل واحداً من أكثر الأعمال المرتقبة هذه السنة. 2 The Last of Us يعرض الجزء الثاني والأخير من "آخرنا" في الـ13 الجاري على خدمة البث Max، بعدما نجح الجزء الأول في تحقيق نسب مشاهدة عالية، علماً أنه مقتبس من لعبة فيديو شهيرة تحمل الاسم ذاته، ليكمل قصة إيلي وجول. في عالم منهار بسبب انتشار فطر قاتل يحول البشر إلى مخلوقات متحولة، يجد الناجون أنفسهم في صراع دائم من أجل البقاء. وسط الفوضى، تتشكل علاقة معقدة بين جول، المهرب القاسي الذي فقد ابنته، وإيلي، الفتاة المراهقة التي قد تكون مفتاحاً لإنقاذ البشرية، في رحلة محفوفة بالأخطار عبر الولايات المتحدة المنكوبة. في الموسم الثاني، الذي تدور أحداثه بعد خمس سنوات من الموسم الأول، تغيرت حياة إيلي وجويل بصورة جذرية بعد استقرارهما في "جاكسون"، لكن السلام الذي وجدا فيه ملاذاً لن يدوم طويلاً. صراعات جديدة، وأعداء أقوى، وقرارات مصيرية ستدفع الشخصيات إلى أقصى حدودها العاطفية والجسدية، إذ يصبح الماضي عبئاً ثقيلاً يهدد كل شيء. مع تقديم شخصيات جديدة وأحداث مشوقة، يعد الموسم الثاني بمزيد من التوتر والدراما العميقة التي جعلت المسلسل واحداً من أنجح الأعمال التلفزيونية في السنوات الأخيرة. 2 Andor تعرض منصة "ديزني" الجزء الثاني من "آندور"، في الـ22 أبريل من الجاري، ليكمل رحلة كاسيان أندور، في واحدة من أكثر القصص تعقيداً وإثارة داخل عالم "ستار وورز". يستكشف المسلسل الحقبة المضطربة التي سبقت أحداث Rogue One، إذ تبدأ بذور التمرد في النمو ضد إمبراطورية المجرة القمعية. في خضم الفوضى السياسية والصراعات المتزايدة، يجد "كاسيان" نفسه في مفترق طرق، مدفوعاً بالظلم الذي شهده ليصبح أحد أعمدة الثورة القادمة. في الموسم الثاني، تستمر المؤامرات والأخطار في التصاعد، بينما يقترب "كاسيان" أكثر من دوره الحاسم داخل تحالف المتمردين. مع تعقيد العلاقات والخطط السرية التي تتشابك، يتصاعد التوتر في ظل تصاعد المواجهة مع الإمبراطورية. هذا الموسم سيكون بمثابة الجسر الأخير نحو أحداث Rogue One، مما يجعله محطة لا غنى عنها لعشاق عالم Star Wars، إذ ستصل رحلة كاسيان إلى ذروتها في واحدة من أكثر الفترات المحورية في تاريخ المجرة. You عشاق الرومنسية القاتلة، على موعد مع الجزء الخامس والأخير من مسلسل "أنت" في الـ24 من الجاري على منصة "نتفليكس". كثيراً ما تميز العمل بهوية بصرية فريدة، ونص متزن وعرف المشاهدين على عدد كبير من روايات الجريمة. وسيكون الموسم الخامس والأخير ختام رحلة جو غولدبيرغ، الشخصية المعقدة التي جمعت بين الجاذبية والذكاء والجنون في آن واحد. منذ بدايته، استكشف المسلسل كيف يمكن للحب أن يتحول إلى هوس قاتل، إذ يستخدم جو ذكاءه وسحره وقدرته الفريدة على التلاعب بالمواقف وسط سلسلة من العلاقات المضطربة والأفعال المروعة التي يخفيها تحت قناع المثالية. في هذا الموسم، يجد جو نفسه في وضع أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، إذ تحاصره أشباح ماضيه بينما يسعى جاهداً إلى الحفاظ على حياته الجديدة. لكن هل يمكن لشخص مثله أن يهرب حقاً من طبيعته؟ مع تصاعد التوتر وازدياد الأخطار، يعد الموسم الخامس بنهاية مثيرة ومترقبة لهذا العمل الذي أبهر المشاهدين طوال مواسمه السابقة. 2 Black Snow يعود مسلسل "الثلج الأسود" بموسمه الثاني، ليستكمل التحقيقات المثيرة في قضايا الماضي التي لا تزال تطارد الحاضر، وسيعرض في الـ24 من الجاري على خدمة البث AMC+. في موسمه الأول، تابعنا جريمة قتل غامضة هزت بلدة "آشفورد" الصغيرة عام 1994، إذ لقيت إيزابيل بيكر مصرعها في ظروف غامضة، من دون أن يكشف عن القاتل. لكن بعد 25 سنة، يؤدي اكتشاف مفاجئ داخل كبسولة زمنية إلى إعادة فتح القضية، مما يدفع المحقق جيمس كورماك إلى مطاردة الحقيقة وسط أسرار دفنتها السنوات. في الموسم الجديد، تتعقد الخيوط أكثر مع ظهور أدلة جديدة تربط بين الماضي والحاضر، ليجد كورماك نفسه أمام لغز أكثر خطورة من المتوقع. ومع تصاعد التوترات بين أفراد المجتمع، تبدأ بعض الأسرار القديمة في الانكشاف، مما يجعل الجميع في دائرة الشك. فهل سيتمكن من الكشف عن الحقيقة أخيراً، أم أن بعض الجرائم من الأفضل أن تبقى طي النسيان؟

شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء
شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء

الوطن

time٠٩-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الوطن

شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء

تؤدي الدراما دوراً مهماً وفعالاً في أي مجتمع، خصوصاً من خلال التلفزيون. فالدراما الحقة تسعى إلى المساهمة في بناء المجتمعات وتشكيل الوعي، وإرساء القيم الأخلاقية والثقافية، فهي بالتالي تعكس الواقع الاجتماعي وقضاياه بأمانة وموضوعية، من دون إسقاطات وغموض وتبني وجهات النظر الشخصية للمؤلف وصناع العمل، وهذا يستوجب تحليهم بالمسؤولية الأخلاقية لضمان تقديم محتوى يثري المجتمع ولا يفسده، والحذر من السقوط في فخ الإثارة الرخيصة والمشاهد المفتعلة الفجة. كما يجب أن تراعي الأعمال الدرامية خصوصية المجتمعات التي توجه لها تلك الأعمال، فلا تروج لما يتعارض مع القيم الأخلاقية والثقافية والدينية والاجتماعية لهذا المجتمع، واحترام نمط حياته وقيمه الأسرية. ومن المهم أن تكون الدراما صادقة في تصوير الواقع، وألا تحاول أن تكون جاذبة ومثيرة لاهتمام المتلقي، فتسعى إلى التوظيف السيئ للقضايا الساخنة كالجريمة والفقر والاضطهاد والتطرف وقضايا المرأة. فالمرأة في معظم هذه الأعمال الدرامية تقدم بصورة نمطية وسطحية ومشينة ومشوهة، بعيداً من المعالجة الموضوعية والرؤية العميقة الحقيقية لإبراز أي إشكالية تحوم حولها. المرأة يجب أن تقدم عبر أدوارها الحقيقية والملهمة في المجتمع، بدلاً من وضعها في قالب الضحية والمستضعفة والمستغلة والعاشقة وسط كبت عاطفي مفتعل وسطوة ذكورية مبالغ فيها، فنحن في حاجة إلى قدوات ملهمة. وهذا لا يعني عدم وجود جوانب سلبية، ولكن يجب أن تناقش في إطارها الحقيقي، من دون الذهاب للتجاوزات والتضخيم غير المبرر. محاذير وخطورة الدراما التلفزيونية أنها تخاطب شريحة كبرى في المجتمع، معظمهم من الشباب والمراهقين والأطفال، فكان لا بد أن تسهم في بناء شخصيات واعية بينهم، وأن تعزز قيماً عالية كالصدق والتعاون والتكافل والتسامح وغيرها، وتؤدي في محصلتها لرسالة إيجابية تسهم في التغير الإيجابي. ما ذكرناه آنفاً لا يعني تقييداً للإبداع والحريات، بل هو توجيه نحو إنتاج أعمال تثري العقول وترتقي بالمجتمعات، فالدراما لم تعد وسيلة للترفيه، بل قوة ناعمة لا يمكن إغفالها، تسهم في تشكيل وعي الأفراد والمجتمع. أخيراً عرض على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية مسلسل بعنوان «شارع الأعشى» وهو مأخوذ عن رواية «غراميات شارع الأعشى» للكاتبة بدرية البشر، ولا أدري لماذا جاء مسمى العمل الدرامي منقوصاً من مسماه الغرامي الأصلي، على رغم أن محوره وأهم تفاصيله تدور في فلك غراميات شخصياته الرئيسة؟! لن أدخل في دهاليز النقد الأدبي، ولكنني سآتي على سياق العمل وأفكاره الأساسية وتطوره الزمني والتشريح لشخصياته الرئيسة والتحولات المجتمعية التي أشار إليها العمل الذي ترصد أحداثه الفترة من 1976 حتى بداية الثمانينيات من القرن الماضي. وهذه الفترة تحديداً تسمى «زمن الطفرة الأولى» التي شهدت نهضة تنموية ضخمة، ولكن هذا لا يعني أننا بدأنا مع هذه الطفرة من الصفر، بل كنا نعيش قبلها مراحل تطور كبيرة في كل المجالات، ولكن هذه الطفرة شهدت نقطة الذروة في التحولات المادية. ففرحة الأسرة بالتلفزيون في المسلسل كانت غير مقبولة ومفتعلة، فالتلفزيون دخل الرياض منذ منتصف الستينيات، ولكن البث الملون دخل في ذلك العام. والرياض كانت تعيش منذ منتصف السبعينيات مداً هائلاً في كل المجالات العمرانية ومخططاتها الحديثة والبنية التحتية العملاقة، والتقدم العلمي والمهني، والحراك الثقافي والإعلامي المميز، بل إن كل مظاهر الحداثة العصرية كانت حاضرة في شوارع الرياض وأسواقها. كل هذا والحي الحاضر في المسلسل غائب عن المشهد الحضاري تماماً، لا يتحرك قيد أنملة لمواكبة التحولات العملاقة التي تعج بها كل أركان المدينة. وإن قال قائل «ولكن الأحياء الشعبية كانت بعيدة بعض الشيء عن هذا التغير» نقول: إن هذا التغير الحتمي طال الجميع ولو بتغير نال من نمط حياتهم المادية أو الاجتماعية، بل إن عديداً من سكانه انتقلوا إلى أحياء أخرى، وهذا ما حدث لمن رصد تلك الحقبة. ثم لنذهب إلى «الأعشى»، فلماذا اختيار هذا الاسم بالذات؟ واجتهاداً مني أقول: إن الاسم له تعليلان أحدهما اسم الشاعر (الجاهلي) الأعشى؟ والآخر يذهب إلى المعنى اللغوي الذي يعبر عن الشخص ضعيف البصر الذي لا يرى ليلاً. فهل تريدنا الكاتبة أن نصل إلى حقيقة أن مجتمعها الروائي كان متخبطاً في خطواته، وناقص البصر والبصيرة، محاولاً الوصول إلى التحول الحقيقي الذي يصل به إلى فهم الحياة بواقعها الطبيعي كما تريد الكاتبة؟ ولهذا كان (التمرد) هو المحرك الحقيقي لكل أحداث العمل وشخصياته، التي تتطلع لكسر القيود الاجتماعية والثقافية والدينية، والتي تحول دون حدوث هذا التحول الإيجابي المزعوم؟ فشخصية (عزيزة) المراهقة المولعة بالأفلام المصرية، وتحاول التماهي مع شخصيات بطلاته والتمرد على واقع مجتمعها الذي يحول بينها وبين الانطلاق في سماء أحلامها، ولتأثرها بتلك الثقافة. فهي تقع في غرام طبيبها المصري وتطارده، والغريب أن الطبيب هو من أسدل الستار على تلك العلاقة، معتمداً على بقية لديه من قيم ومبادئ امتلكها وافتقدتها تلك الفتاة اللعوب التي ما فتئت بعد ذلك في التنقل من غرام لآخر حتى نهاية الرواية. لتمتد الروح الثائرة المتمردة إلى أختها (عواطف) التي اتخذت من «السطوح» مرتعاً لغرامياتها مع ابن الجيران، على الرغم من أن سطوح منازل ذلك الزمان كانت ورقة مكشوفة لكل الجيران. ولا تنجو أسرة (وضحى) المرأة البدوية القادمة من مجتمع أكثر محافظة وتمسكاً بالعادات والتقاليد الأصيلة، من إصابة أسرتها بفيروس التمرد عبر ابنتها (مزنة) التي تقع في غرام شاب فلسطيني، تتزوجه والهجرة من دون موافقة أسرتها، وليمثل ابنها (ضاري) النموذج الذكوري للتمرد، الذي طال والدته وإدارة مدرسته ومجتمعه الصغير. وتستمر الرواية في التشريح المجحف ليطال كينونة المجتمع بأكمله، الذي يعيش حالة عامة من التطرف الأسري والاجتماعي والثقافي والديني. في حالة التطرف الديني ارتكزت الكاتبة على «حادثة الحرم الشهيرة» منطلقاً لهذا التطرف بل أشارت إلى مسايرة تلك التوجهات المتطرفة عبر تشديد الرقابة بعد ذلك الحادث. وجميعنا يعرف أننا تجاوزنا تبعات تلك الحادثة سريعاً، وكانت هناك أحداث أخرى مهمة في ما بعد أدت إلى التطرف مثل حرب أفغانستان وظهور «القاعدة» و«داعش» وكل ذلك تجاوزته بلادنا- حفظها الله تعالى- سريعاً، وكان تأثيره وقتياً، ولم يعد له أثر بعد ذلك. في هذا العمل وسم المجتمع بعادات وسلوكيات بغيضة كتسيد النميمة والغيبة والتلصص على أسرار البيوت، بل إن المقهى الشعبي الحاضر بقوة في أحداث المسلسل، ظهر كمقر للغيبة والدسائس والمشاجرات بين أهل الحي، وغابت الحقيقة التي يعلمها الجميع حول شخصية مقاهي تلك الفترة التي اتصفت بكونها مكاناً للألفة وتبادل الأخبار وتفقد أحوال الجيران، ومنطلقاً للمبادرات الاجتماعية الخيرية. لقد حولت الكاتبة مجتمع الحي إلى مادة تجريدية صماء، صالحة لأي تحليل غير منطقي، ولهذا لم يظهر المجتمع في العمل على حقيقته من البساطة والبراءة والفطرة السوية، وعلى طيبة أهله وأصالتهم وتكاتفهم. وجميع من عاشوا تلك الحقبة يعلمون كيف كانت تفاصيل حياتهم السوية، وكيف أن شرف وسمعة أي فتاة في الحي، شرف وعفة للجميع، على الكل الدفاع والذود عنه، وكيف أن معيار الشرف والنخوة والشهامة والأصالة والصفات الحميدة كافة، كانت في حدها الأعلى. فهل يعقل أن عملاً ترجم إلى التركية ثم إلى الإنجليزية ليعود عربياً ثم يظهر برؤية مخرج وكتاب سيناريو أتراك، ثم يأتي من يقنعنا أن هذا هو واقعنا الذي كنا نعيشه! وكأننا كنا نعيش حالة غيبوبة جبرية في وقت غفا فيها زمن أرادوه لنا؟ باختصار هذا العمل لا يشبهنا في شيء، وليس من حق أي كاتب أو صانع للدراما أن ينقل الواقع كما يحب هو أن يكون، وليس كما هو على حقيقته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store