أحدث الأخبار مع #«ليهيابنفسج»


الدستور
١٧-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الدستور
عن صديقى سامى السيوى وعالمه الشجى
خلو العالم من الأشخاص الملهمين يهدد بكارثة، لأننا فى زمن نفتقد فيه إلى الخيال الذى جئنا من قرانا لنرفع من شأنه. فى منتصف ثمانينيات القرن الماضى انتقلت للعمل والإقامة فى القاهرة، كنت أتعرف على هذه المدينة بحماس الغرباء، تنقلت فى غرف وشقق متناثرة فى تجاعيد العاصمة التى تشعرك مبانيها الضخمة بالضآلة، كنت أتعرف على الشوارع بدون خرائط، وعلى البشر أيضًا، أرتاد أماكن السهر أو أصعد إلى الجبل فى الأباجية وصحراء المماليك بحثًا عن الألفة، تعرفت على معظم رموز هذا الزمن وكنت مخلصًا لفطرتى فى انتخاب من يشبهنى، دوائر كثيرة تحركت فيها، إلى أن تعرفت على سامى السيوى ورضوان الكاشف، كان الأول يسكن فى المنيل، ويعمل مساعد مخرج فى أعمال معروفة، مثل: «أنا وانت والزمن طويل» و«فى بيتنا رجل» و«أهلًا جدو العزيز» و«رجال فى المصيدة» وغيرها، وكان الثانى قد أخرج فيلمًا قصيرًا جميلًا بعنوان «الجنوبية» الذى كان مشروع تخرجه فى معهد السينما. كان سامى يملك سيارة فيات ١٢٤ قوية، سافرنا بها إلى الإسكندرية وإلى المنوفية وإلى الفيوم مرارًا، كان مقعدها الخلفى يحتاج إلى تصليح ولم يتم تصليحه أبدًا. الاثنان بالنسبة لى هما الأقرب إلى قلبى وروحى لعدة أسباب، أهمها أنهما حالمان عظيمان، وينتميان إلى المشاعر البكر الخام التى يندر تواجدها وسط الذين يبحثون عن المجد أو الثروة. سامى، الذى رحل هذا الشهر، كان بيته وبيت أسرته العامر فى الغمراوى مرحبًا ودافئًا ورحبًا، نلتقى لنتحدث عن الشعر والقصة القصيرة والموسيقى والفن التشكيلى، وعن مصائر البشر العاديين الذين نعرفهم أو نلتقيهم فى الحياة، هو الآخر كان يبحث عن الألفة ويحاول أن يدافع عن شىء عظيم غامض فى النفس البشرية، كتب فيلم «ليه يا بنفسج» بروح عطوفة، فيلم عن الحزن والبهجة معًا، حى شعبى محروس بالبركة، فردوس سيدة طيبة، تؤوى فى منزلها الذى لا يوجد به غير سرير واحد ثلاثة رجال، تطعمهم وتكسيهم بل وتغدق عليهم أحيانًا بمصروف يومى، لم تطالبهم بمقابل لهذا العطف، ولا أحد يعرف من أين لها بهذا الخير، ولكنها البركة التى تحل لأنها تحب الخير للآخرين. حارة سامى ليست حارة رمضان والعوضى، هى حارة المشاعر الطيبة التى تسند الجدران وترمم الشروخ، وتبعث الدفء والطمأنينة فى النفوس، حارة الخروج عن النص فيها له مبررات قديمة، هى حارة يوجد فيها غضب شفاف وتسامح جارح، وبؤس مقيم، تموت فردوس فتظهر معادن الذين كانت تعولهم، ويبدأ السعى نحو بهجة مستحيلة، نجح سامى ورضوان فى رصد الغرف المنفصلة وحكاية كل ساكن فيها، آمال بسيطة لشرائح فى المجتمع تحلم بسكن معقول وطعام، شرائح قادرة على البهجة رغم ما تعانيه وتسعى إليه. الفيلم الذى عُرض سنة ١٩٩٣ اعتبره نقاد أيامها ينتمى إلى الواقعية السحرية التى كانت رائجة فى أدب أمريكا اللاتينية، خصوصًا أعمال ماركيز وجورج أمادو، وكان مهديًا إلى جيل الستينيات الذى ألهم صنّاعه. سامى كتب فى النقد الأدبى وكان قريبًا من هذا الجيل، وتابع منجزه بدأب ومحبة، وكان معظم رموزه يحتفظون له بمحبة خاصة، خصوصًا إبراهيم أصلان ومحمد البساطى ويحيى الطاهر عبدالله وعبدالحكيم قاسم، وكان يحلم سامى ورضوان بعمل فيلم عن أيقونة هذا الجيل محمد جاد الرب، الشاعر والكاتب والمثقف الذى كانت حياته صالحة لعمل فيلم، وحضرت جلسات مطولة كان يحكى فيها جاد حكاياته المدهشة التى تتجاوز الواقعية السحرية بمراحل، فى فيلم «الساحر» الذى جمعهما بعد تسع سنوات لم يتخلَ الاثنان عن الروح العطوفة نفسها، والدفاع عن الأحلام البسيطة لبشر يعيشون على حافة الحياة، ومع هذا ينشرون البهجة ويدافعون عن أحلامهم، منصور بهجت «محمود عبدالعزيز» الساحر المبهج الذى تحول إلى ساحر قطاع خاص، والحفافة «سلوى خطاب» التى تزوج رجلها أقرب صديقاتها وأرغمها أن تزينها فى فرحها، فتتركه لتسكن فوق الساحر الذى يخاف على ابنته «منة شلبى» منها، لدرجة أنه حبسها فى البيت وأصبحت لا تخرج منه إلا للسطوح لكى تُطعم الحمام، ولم يكن خوف الساحر على ابنته من الحفافة له ما يبرره، حيث اكتشف أنها امرأة مسكينة تفكر فى الانتقام من زوجها الذى كادت أن تقتله لولا تدخل الساحر فى اللحظات الأخيرة، ثم يكتشف أن ابنها «على» يكاد يفقد بصره بالتدريج ويحتاج لعملية فى المخ مكلفة جدًا، ويوجد إلى جوار الشخصيات الكثيرة سايس يحلم بوجود حصان يؤنس وحدته، وصياد شاب فقير يحلم باستعادة رجولته بعد أن فقدها مع فقدان زوجته، وفجأة يأخذنا الاثنان إلى عالم الأثرياء، كأننا فى حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، لنرى المليونير «جميل راتب» المكتئب بسبب فقدانه الذاكرة فيحاول الساحر إدخال البهجة إلى قلبه فى الوقت الذى يحاول فيه أن يبيع لابن المليونير حصانًا عاديًا على أنه حصان عربى أصيل، لكى يتمكن بثمنه من دفع تكاليف العملية لابن الحفافة، لكن ابن المليونير وافق على هذه الصفقة لكى يلقى بشباكه على ابنة الساحر، والذى كاد أن يفتك بها لولا تدخل الساحر وحبيبها حمودة. أعمال إلى جوار الخيال تنهل من منطقة فى الوجدان لا يتصدى لها سوى الذين يملكون طاقة روحية جبارة، ويسعون إلى ترك أثر فى الوجدان بدون حذلقة، وبدون الرضوخ لآليات السوق ومجاراة الذوق السائد، سامى السيوى «١٠ أغسطس ١٩٤٩- ٩ فبراير ٢٠٢٥» صديقى وأخى الذى عرفته لمدة أربعين عامًا، والذى لم تفارق الابتسامة وجهه، ولم يتذمر أو يشكو مهما ساءت الظروف، والذى آثر أن يبتعد عن مناخ طارد للمواهب، والذى كان سندًا معنويًا لى وصديقًا لأسرتى، والذى عشت أحتكم إلى ذائقته فيما أكتب، وأبتهج لمجرد سماع صوته، والذى هزنى رحيله المفاجئ قبل أن نكمل ما بدأنا من كلام.


الوسط
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الوسط
وفاة المؤلف والمخرج المصري سامي السيوي عن 76 عاما
تُوفي اليوم الأحد، المخرج والمؤلف المصري سامي السيوي عن 76 عامًا، بحسب ما أعلن شقيقه عادل السيوي. وكتب الفنان التشكيلي عادل السيوي عبر حسابه على «فيسبوك» صباح اليوم: «وداعًا أخي سامي السيوي». ولد سامي السيوي في 10 أغسطس 1949، وعمل مخرجًا مساعدًا في عديد الأعمال الفنية ومنها «مسلسل أنا وأنت والزمن طويل» العام 1989، و«مسلسل في بيتنا رجل» العام 1995. - - وكتب عددًا من الأعمال منها فيلم «ليه يا بنفسج» العام 1993، وفيلم «الساحر» العام 2002. تعاون في الفيلمين السابقين مع المخرج الراحل رضوان الكاشف، مشاركًا في كتابة القصة والسيناريو والحوار. واختير فيلم «الساحر» من بين أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية. وكتب السيناريو والحوار لفيلم «أرض أرض» العام 1998، من إخراج إسماعيل مراد.