logo
#

أحدث الأخبار مع #«ليّالذراع»

لا فائز في ساحة الخاسرين
لا فائز في ساحة الخاسرين

العرب اليوم

timeمنذ 9 ساعات

  • سياسة
  • العرب اليوم

لا فائز في ساحة الخاسرين

بكل وضوح، يخوض كل من إيران وإسرائيل معركة شرسة من نوع خاص، معركة يمكن وصفها بمعركة «ليّ ذراع» أو «عضّ أصابع»، حيث يتوهم كل طرف أنه قادر على إرغام الآخر على التراجع من خلال الضربات المتلاحقة والأساليب غير التقليدية فى الهجوم. فإسرائيل تمضى قُدمًا فى سياسة الاغتيالات الدقيقة، وتكثف ضرباتها على منشآت نووية ومراكز حساسة كمنشآت البث التلفزيونى أو البنية التحتية الإلكترونية، محاولة شلّ مفاصل الدولة الإيرانية، وإرسال رسائل قوة تفيد بأنها قادرة على الوصول إلى قلب طهران متى شاءت. وفى المقابل، لا تقف إيران مكتوفة اليدين. فقد نجحت صواريخها خلال الأيام الأخيرة فى اختراق القبة الحديدية الإسرائيلية، التى لطالما افتخرت بها تل أبيب كرمز للحصانة. بل إن طهران نجحت فى أن تصل إلى العمق الإسرائيلى بشكل أكثر تأثيرًا، ما يعكس تحولًا حقيقيًا فى قواعد الاشتباك. لكن رغم كل ذلك، تظل كفة التفوق العسكرى والتكنولوجى تميل بوضوح لصالح إسرائيل، بدعم أمريكى مُعلَن. فالإمكانات الهجومية والدفاعية لتل أبيب، ونجاحاتها فى تنفيذ ضربات نوعية وتحييد أهداف رفيعة المستوى داخل إيران، يجعل تأثيرها فى هذه المعركة أقوى، حتى وإن كانت الردود الإيرانية أكثر صخبًا من حيث الرمزية. ولكن، هذه المعركة ربما لا تؤدى إلى نصر حاسم لأى طرف، بل إلى خسائر متزايدة على كافة الأصعدة. فبدلًا من كسر الإرادة، تزداد العزلة، ويتعاظم الخوف الشعبى من التصعيد فى الجانبين، وتزداد حدة التوترات الإقليمية والدولية معه. هذه الحرب السياسية والأمنية المفتوحة لا تخدم سوى تأجيل الكارثة، لا منعها، فكل ضربة تقود إلى ضربة أخرى، وكل استعراض قوة يولّد استعراضًا مضادًا لا يقلّ خطورة. المؤسف أن سياسة «ليّ الذراع» هذه لا تترك مجالًا للحلول الوسط أو التفاهمات الاستراتيجية. ومع أن كلا الطرفين يدرك استحالة الحسم الكامل، فإنهما ماضيان فى التصعيد، وكأنهما يختبران قدرة الآخر على الانهيار. ولكن حين يطول الصراع، تتحول اللعبة إلى كرة نار يفقد فيها الطرفان السيطرة على دوامة من العنف. الأسوأ من ذلك، أن هذا النوع من النزاعات محفوف بخطر الانفجار الإقليمى. إذ إن أطرافًا أخرى قد تنخرط بشكل مباشر أو غير مباشر، ما ينذر بكارثة تمتد من الخليج حتى المتوسط. وفى قلب هذه المعادلة تقف الولايات المتحدة، بموقفها المتردد، وهو ما يجعل من الجلوس إلى طاولة المفاوضات، رغم صعوبته، الخيار الأكثر عقلانية لكافة الأطراف. حرب «ليّ الذراع» أو «عضّ الأصابع» تلك قد تؤخر لحظة الانفجار، لكنها لن تمنعه، وقد تُرضى غرور قادة البلدين مؤقتًا، لكنها لن تصنع أمنًا ولا استقرارًا دائمًا. الجلوس على طاولة المفاوضات هو الحل، فالسلام ليس ضعفًا، بل مخرجًا أخيرًا قبل أن تتسع دائرة اللهب لتشمل قوى أخرى، وعندها ستتأجل نقطة العودة إلى حد لا يعلمه إلا الله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store