#أحدث الأخبار مع #«ميار٢الدستور٢١-٠٣-٢٠٢٥ترفيهالدستورآسر ياسين: «قلبى ومفتاحه» أعاد الجمهور لزمن «المال والبنون» و«ليالى الحلمية»نجاح كبير حققه الفنان آسر ياسين فى تقديم شخصية «محمد عزت» فى مسلسل «قلبى ومفتاحه»، بعدما تمكن من إبهار الجمهور بقدرته على تجسيد الشاب ابن الطبقة المتوسطة الهادئ والمتزن، الذى يشبه كثيرًا من الشباب الذين نراهم فى مجتمعاتنا المحيطة. وواجه «آسر» الكثير التحديات فى تقديم الشخصية، لكنه استطاع أن يوازن بين هدوئها وقوتها الداخلية، مع اهتمامه بأدق التفاصيل التى أسهمت فى جعل الدور جاذبًا للجمهور بقوة خلال الموسم الدرامى الرمضانى الحالى. خلال حواره التالى مع «الدستور»، يتعمق بطل «قلبى ومفتاحه» فى الحديث ليس عن شخصيته فقط، بل فى كواليس العمل، بدءًا من تعاونه الأول مع الفنانة مى عزالدين، إلى جانب باقى طاقم العمل، فضلًا عن تجربته مع الكاتب تامر محسن. ■ بداية.. كيف استقبلت ردود الأفعال حول المسلسل؟ وهل توقعت هذا النجاح الكبير؟ - بصراحة، أنا سعيد جدًا بردود الأفعال الإيجابية التى تلقيناها، والنجاح الذى حققه المسلسل تجاوز كل توقعاتنا. وكنت متفائلًا منذ البداية بسبب العناصر القوية التى تكوّن منها العمل، من نص متميز كتبه تامر محسن، وإنتاج محترف بقيادة محمد السعدى، وفريق عمل متجانس ومتناغم. لكن الحقيقة أن المسلسل تجاوز كل التوقعات وأصبح حديث الناس، ليس فقط على منصات التواصل الاجتماعى، بل أيضًا فى الشارع، وهذا فى حد ذاته دليل على نجاحه الحقيقى. والأمر الجميل أيضًا أن المسلسل استطاع أن يلامس قلوب جميع فئات الجمهور، سواء كانوا من المهتمين بالدراما الاجتماعية أو حتى أولئك الذين يبحثون عن أعمال تحمل عمقًا وفكرًا. وهذا ما أسعدنى كثيرًا كممثل دائمًا ما يبحث عن الجودة والفن، وليس مجرد الوجود أو الانتشار. وكنت واثقًا من نجاح المسلسل منذ اللحظة الأولى، لأنه كان مختلفًا عن الأعمال السائدة، ومنذ قراءة النص لأول مرة شعرت بأنه عمل فريد ولا يشبه أى شىء آخر، وهذا ما منحنى الثقة والاطمئنان. بالإضافة إلى ذلك، شخصية «محمد عزت» التى جسدتها، رغم انتمائها لأسرة متوسطة، كانت شخصية حقيقية جدًا، وهذا هو جوهر الذكاء الفنى، أن تقدم شخصية قريبة من الواقع، ولكن بشكل مبتعد عن النمطية والكليشيهات. ■ من وجهة نظرك.. ما الذى جذب الجمهور إلى العمل؟ - السرّ الحقيقى يكمن فى الواقعية التى جسّدها المسلسل، حيث أعادنا إلى روح الدراما الكلاسيكية التى كنا نعشقها فى الماضى، مثل «المال والبنون»، و«الراية البيضا»، و«ليالى الحلمية»، وهذه الأعمال كانت تعكس حياة الناس العاديين، ومشاكلهم اليومية، وأحلامهم البسيطة، وخيباتهم، وحتى لحظات فرحهم الصغيرة، وهذا ما جعلها خالدة فى أذهان الجمهور. والمسلسل نجح أيضًا فى بناء الشخصيات بشكل تدريجى ومُحكم، وكانت كل شخصية تمثّل شريحة اجتماعية معينة، ما جعل المشاهد يشعر وكأنه يرى نفسه أو أحد أفراد أسرته أو جيرانه على الشاشة، وهذا التمثيل الواقعى هو أحد أهم أسباب التفاعل القوى مع العمل. كما قلت، عندما يجد الجمهور نفسه داخل القصة، يحدث التفاعل تلقائيًا، والمسلسل طرح تساؤلًا بسيطًا لكنه عميق: «لو كنت مكانه، كنت هتعمل إيه؟» وهذا التساؤل جعل المشاهدين يعيشون القصة ويتفاعلون معها بشكل شخصى، بدلًا من أن يكونوا مجرد متفرجين، وهذا هو جوهر الفن الحقيقى، أن يلامس العمل مشاعر الناس ويجعلهم يفكرون ويتأملون فى حياتهم الخاصة. ■ فى بداية القصة شاهدنا أوجهًا أخرى للأبطال.. وكان لدينا مثلًا «ميار ٢» و«عزت ٢» كصوتين داخليين لشخصيتهما.. لماذا تم الاستغناء عنها فى السياق الدرامى؟ - هذه كانت وجهة نظر المخرج والكاتب تامر محسن، ففكرة إبراز الصراع الداخلى من خلال شخصيات مثل «ميار ٢» و«عزت ٢» كانت فكرة طموحة ومثيرة للاهتمام. «ميار ٢» كانت تمثل العقل والتساؤلات العقلانية، بينما «عزت ٢» جسّدت الضمير والتردد، وهذا كان يمكن أن يضيف بعدًا فلسفيًا وعمقًا نفسيًا للعمل. لكن القرار بالاستغناء عن هذه الفكرة كان فى محله، خاصةً أن الهدف الأساسى هو إبقاء المشاهد مندمجًا مع الأحداث دون تشتيت انتباهه بالتفسيرات الزائدة، وأحيانًا، الإيجاز والبساطة يكونان أكثر تأثيرًا، وهذا ما حدث بالفعل. وهذا القرار يعكس ذكاءً فنيًا، حيث إنه أظهر ثقة فى قدرة الجمهور على التفاعل مع القصة واستخلاص المعانى بأنفسهم. ■ حدثنا عن شخصية «محمد عزت» التى أثارت الكثير من الجدل والإعجاب. - شخصية محمد عزت قريبة منى جدًا، كما تشبه والدى وأصحابه، هو شخص متعلم، ملتزم بمبادئه، ويحب العلم والبساطة، كما أنها شخصية تنتمى لفترة زمنية كانت فيها القيم مختلفة، وكان أهالينا يرون أن العلم والدراسة هما طريق النجاح، خصوصًا فى مجالات مثل الطب والهندسة. هو شخص مؤمن بالاحترام، لا يعيش الدور ولا يحاول أن يكون مثاليًا بشكل مبالغ فيه، لكنه قرر أن يكون محترمًا، وهذه نقطة يجب أن تُقال بصراحة: لماذا نستغرب عندما نرى شخصًا مثل محمد عزت؟ المفترض أن يكون لدينا الكثير من هذا النوع، أناس محترمون وبسطاء، ليس من الضرورى أن تكون كل الشخصيات شقية أو خارجة عن المألوف لتكون درامية. وقرأت تعليقات كثيرة من الجمهور قالوا فيها «محمد عزت يمثلنى»، وهذا أسعدنى جدًا. كثير من الناس يشبهونه بالفعل، وهو نموذج يجب أن يظهر أكثر على الشاشة، للأسف، فى وقت أصبحت فيه هذه القيم غير دارجة، الشخص المحترم صار يُنظر إليه كأنه كائن غريب، وهذا شىء مؤسف. ■ ألا تعتقد أن شخصيته فيها جزء سلبى بعض الشىء؟ - بصراحة، نعم. كان من الممكن أن يتمرد أكثر فى البداية، وكان سلبيًا بعض الشىء، لكنه تطور. والصعوبة فى هذا الدور كانت تكمن فى أنه كان يمكن أن يصبح مملًا، لكنه ظل حقيقيًا. وهذا هو التحدى الذى كنت حريصًا عليه، أن تظل الشخصية حقيقية دون أن تفقد جاذبيتها. ■ البعض رأى أيضًا أن تقديم شخصية محترمة وبسيطة بهذا الشكل قد يكون مملًا دراميًا.. كيف تعاملت مع هذا التحدى؟ - هذا صحيح، وكنت مدركًا ذلك منذ البداية، وكان من الممكن أن تقع الشخصية فى فخ أن تصبح مسطحة أو مملة، لكن التحدى كان فى كيفية جعلها حقيقية وفى الوقت نفسه جذابة للمشاهد. وعملنا على التفاصيل الصغيرة جدًا، من نظراته، إلى طريقة كلامه، وردود أفعاله، وحتى ملابسه. كل هذه العناصر كانت تعكس أن هذا إنسان طبيعى وبسيط، لكنه ليس ساذجًا. ■ كيف رأيت المواجهة الأخيرة بين «محمد عزت وأسعد»؟ - هذه هى اللحظة التى كان الجمهور ينتظرها، وهى نقطة التحول فى الشخصية، محمد عزت كان يحاول طوال الوقت أن يبقى هادئًا ويتجنب التصعيد، لكن فى لحظة معينة كان عليه أن يواجه ويقول «كفاية». والمشهد كان مكتوبًا ومُخرجًا بطريقة ممتازة، وأنا أحببت جدًا الحالة التى وصل إليها محمد عزت فى النهاية، هذا دليل على أن القوة ليست دائمًا بالصوت العالى، فأحيانًا الهدوء نفسه يكون رسالة أقوى. ■ هل ترى أن العلاقة بين «عزت وميار» كانت واقعية؟ وهل كنت تتمنى نهاية مختلفة؟ - لا.. أنا أرى أن علاقتهما كانت منطقية بنسبة ١٠٠٪، رغم أن الخلفيات الاجتماعية والتعليمية مختلفة، والتناغم بينهما أو دمجهما فى علاقة كان من الصعب أن يحدث فى الواقع. لكن الظرف الذى جمعهما خلق فرصة للحب، والنهاية كانت سعيدة، وهذا شىء مقصود، فقد اتفقنا على أن الجمهور يستحق نهاية تحمل أملًا، لأن الحياة من حولنا أصبحت مليئة بالضغوط، والناس تحتاج إلى ما يعطيها طاقة إيجابية. ■ كيف كان التعاون مع مى عزالدين فى هذا المسلسل؟ - مى فنانة محترفة لأقصى درجة، وتُحب عملها جدًا، وكانت تمر بظرف إنسانى صعب بعد وفاة والدتها، وهو موقف مؤلم لأى إنسان، لكنها على الرغم من ذلك كانت قوية جدًا، وحضرت التصوير بطاقة إيجابية رائعة. وكلنا كنا داعمين لها، وكانت هناك حالة من التفاهم والود داخل موقع التصوير، ومن يعمل مع «مى» يعرف أنها تقدم كل شىء من قلبها، وهذا يظهر بوضوح فى أدائها، أنا شخصيًا سعيد جدًا لأننا عملنا معًا، وأتمنى أن يتكرر هذا التعاون فى أعمال مقبلة. ■ مشهد «طلب الزواج» الذى ظهر فى البرومو حقق تفاعلًا واسعًا.. كيف تم تنفيذه؟ - هذا واحد من أهم مشاهد المسلسل، وكان مكتوبًا بحرفية شديدة، والمشهد يمتد لنحو ٧ صفحات، ويحمل مفاتيح عديدة تُوضح طبيعة الشخصيتين والعلاقة بينهما. واختيار تامر محسن لهذا المشهد كبداية للمسلسل كان ذكيًا جدًا، لأنه يخلق حالة من التساؤل لدى المشاهد ويشد الانتباه من اللحظة الأولى. أنا كآسر كنت أحب هذا المشهد كثيرًا، لأنه يمثل تحولًا فى العلاقة، ويوضح أيضًا جوانب من شخصية محمد عزت: احترامه، طريقته الهادئة، وفى نفس الوقت جرأته. ■ ماذا عن النهاية.. هل كانت مكتوبة بشكلها الذى ظهر منذ البداية أم تغيرت حسب تفاعل الجمهور؟ - لا، النهاية لم تكن مكتوبة من البداية، لكن كان هناك اتفاق ضمنى على أن النهاية يجب أن تكون سعيدة. بدأنا العمل بخفة دم وأجواء إنسانية جميلة، وكان من الصعب أن ننهى القصة بنهاية حزينة، بالإضافة إلى ذلك أنا شخصيًا كنت بحاجة إلى نهاية تحمل نورًا وأملًا. ■ ما أكثر مشهد قريب لقلبك فى المسلسل؟ - هناك العديد من المشاهد التى كانت قريبة من قلبى، ولكن إذا كنت سأختار سأقول «مشهد باب الجمال، ومشهد بداية التعارف، ومشهد أول ليلة زواج، ومشهد النهاية وموعد العشاء»، كل مشهد من هذه المشاهد كان يحمل حالة مختلفة ومليئة بالإحساس، وبقى محفورًا فى ذاكرتى. ■ أخيرًا.. كيف ترى لقب «آخر الرجال المحترمين» الذى أطلقه البعض على شخصيتك فى العمل ؟ - أنا أرى أنه لقب جميل، ويعبّر عن شىء حقيقى فى وجدان الجمهور تجاه نموذج محترم فى الدراما. محمد عزت هو إنسان محترم، صادق، وله ضمير، وهذا هو النموذج الذى نحتاج إلى إعادته مرة أخرى فى الفن والمجتمع، والشخصية قدمت رسالة بسيطة لكنها مهمة: «الطيبة ليست ضعفًا، والمبادئ ليست رجعية». ■ المسلسل يحمل طابعًا رومانسيًا بسيطًا لكنه مؤثر.. هل شعرت بافتقاد هذا النوع من الأعمال مؤخرًا؟ - هذا حقيقى، فى الفترة الأخيرة أصبحت الأعمال الفنية تميل نحو الغموض والأكشن والتشويق، بينما أصبحت العلاقات الإنسانية البسيطة غائبة إلى حد كبير. وأنا شخصيًا كنت أفتقد نوعًا من الرومانسية الهادئة التى تبنى علاقة بين شخصيتين على مواقف وتفاصيل حقيقية، وليس مجرد مشاهد مباشرة، وأعتقد أن المشاهد أيضًا كان متعطشًا لمشاهدة عمل رومانسى حالم، رغم وجود تحديات داخل القصة نفسها. والعلاقة بين محمد عزت وميار كانت مبنية على الاحترام والتفاهم والصدق، وأعتقد أن هذا شىء كان الجمهور بحاجة لرؤيته على الشاشة، فالحب الحقيقى ليس بالضرورة أن يكون مليئًا بالدراما الصاخبة طوال الوقت، فأحيانًا نظرة أو لفتة بسيطة يمكن أن تكون أبلغ من مشهد طويل، وهذا ما حاولنا إيصاله للجمهور. ■ أنت فى الأصل مهندس.. هل أثّرت دراستك على أسلوبك الفنى؟ بشكل كبير، الهندسة علم يعتمد على التحليل، والتخطيط، والانضباط، وهذه العناصر انعكست على طريقة عملى كممثل، عندما أقرأ سيناريو أحب أن أفكك الشخصية كما كنت أفكك معادلة فى الرياضيات أو الفيزياء. كما أننى أستخدم مخزون المعلومات لربط الشخصيات بخلفيات منطقية تساعدنى على فهم دوافعهم، ولهذا السبب أحب دائمًا أن أضيف عمقًا للشخصية حتى لو لم يكن ظاهرًا فى النص.
الدستور٢١-٠٣-٢٠٢٥ترفيهالدستورآسر ياسين: «قلبى ومفتاحه» أعاد الجمهور لزمن «المال والبنون» و«ليالى الحلمية»نجاح كبير حققه الفنان آسر ياسين فى تقديم شخصية «محمد عزت» فى مسلسل «قلبى ومفتاحه»، بعدما تمكن من إبهار الجمهور بقدرته على تجسيد الشاب ابن الطبقة المتوسطة الهادئ والمتزن، الذى يشبه كثيرًا من الشباب الذين نراهم فى مجتمعاتنا المحيطة. وواجه «آسر» الكثير التحديات فى تقديم الشخصية، لكنه استطاع أن يوازن بين هدوئها وقوتها الداخلية، مع اهتمامه بأدق التفاصيل التى أسهمت فى جعل الدور جاذبًا للجمهور بقوة خلال الموسم الدرامى الرمضانى الحالى. خلال حواره التالى مع «الدستور»، يتعمق بطل «قلبى ومفتاحه» فى الحديث ليس عن شخصيته فقط، بل فى كواليس العمل، بدءًا من تعاونه الأول مع الفنانة مى عزالدين، إلى جانب باقى طاقم العمل، فضلًا عن تجربته مع الكاتب تامر محسن. ■ بداية.. كيف استقبلت ردود الأفعال حول المسلسل؟ وهل توقعت هذا النجاح الكبير؟ - بصراحة، أنا سعيد جدًا بردود الأفعال الإيجابية التى تلقيناها، والنجاح الذى حققه المسلسل تجاوز كل توقعاتنا. وكنت متفائلًا منذ البداية بسبب العناصر القوية التى تكوّن منها العمل، من نص متميز كتبه تامر محسن، وإنتاج محترف بقيادة محمد السعدى، وفريق عمل متجانس ومتناغم. لكن الحقيقة أن المسلسل تجاوز كل التوقعات وأصبح حديث الناس، ليس فقط على منصات التواصل الاجتماعى، بل أيضًا فى الشارع، وهذا فى حد ذاته دليل على نجاحه الحقيقى. والأمر الجميل أيضًا أن المسلسل استطاع أن يلامس قلوب جميع فئات الجمهور، سواء كانوا من المهتمين بالدراما الاجتماعية أو حتى أولئك الذين يبحثون عن أعمال تحمل عمقًا وفكرًا. وهذا ما أسعدنى كثيرًا كممثل دائمًا ما يبحث عن الجودة والفن، وليس مجرد الوجود أو الانتشار. وكنت واثقًا من نجاح المسلسل منذ اللحظة الأولى، لأنه كان مختلفًا عن الأعمال السائدة، ومنذ قراءة النص لأول مرة شعرت بأنه عمل فريد ولا يشبه أى شىء آخر، وهذا ما منحنى الثقة والاطمئنان. بالإضافة إلى ذلك، شخصية «محمد عزت» التى جسدتها، رغم انتمائها لأسرة متوسطة، كانت شخصية حقيقية جدًا، وهذا هو جوهر الذكاء الفنى، أن تقدم شخصية قريبة من الواقع، ولكن بشكل مبتعد عن النمطية والكليشيهات. ■ من وجهة نظرك.. ما الذى جذب الجمهور إلى العمل؟ - السرّ الحقيقى يكمن فى الواقعية التى جسّدها المسلسل، حيث أعادنا إلى روح الدراما الكلاسيكية التى كنا نعشقها فى الماضى، مثل «المال والبنون»، و«الراية البيضا»، و«ليالى الحلمية»، وهذه الأعمال كانت تعكس حياة الناس العاديين، ومشاكلهم اليومية، وأحلامهم البسيطة، وخيباتهم، وحتى لحظات فرحهم الصغيرة، وهذا ما جعلها خالدة فى أذهان الجمهور. والمسلسل نجح أيضًا فى بناء الشخصيات بشكل تدريجى ومُحكم، وكانت كل شخصية تمثّل شريحة اجتماعية معينة، ما جعل المشاهد يشعر وكأنه يرى نفسه أو أحد أفراد أسرته أو جيرانه على الشاشة، وهذا التمثيل الواقعى هو أحد أهم أسباب التفاعل القوى مع العمل. كما قلت، عندما يجد الجمهور نفسه داخل القصة، يحدث التفاعل تلقائيًا، والمسلسل طرح تساؤلًا بسيطًا لكنه عميق: «لو كنت مكانه، كنت هتعمل إيه؟» وهذا التساؤل جعل المشاهدين يعيشون القصة ويتفاعلون معها بشكل شخصى، بدلًا من أن يكونوا مجرد متفرجين، وهذا هو جوهر الفن الحقيقى، أن يلامس العمل مشاعر الناس ويجعلهم يفكرون ويتأملون فى حياتهم الخاصة. ■ فى بداية القصة شاهدنا أوجهًا أخرى للأبطال.. وكان لدينا مثلًا «ميار ٢» و«عزت ٢» كصوتين داخليين لشخصيتهما.. لماذا تم الاستغناء عنها فى السياق الدرامى؟ - هذه كانت وجهة نظر المخرج والكاتب تامر محسن، ففكرة إبراز الصراع الداخلى من خلال شخصيات مثل «ميار ٢» و«عزت ٢» كانت فكرة طموحة ومثيرة للاهتمام. «ميار ٢» كانت تمثل العقل والتساؤلات العقلانية، بينما «عزت ٢» جسّدت الضمير والتردد، وهذا كان يمكن أن يضيف بعدًا فلسفيًا وعمقًا نفسيًا للعمل. لكن القرار بالاستغناء عن هذه الفكرة كان فى محله، خاصةً أن الهدف الأساسى هو إبقاء المشاهد مندمجًا مع الأحداث دون تشتيت انتباهه بالتفسيرات الزائدة، وأحيانًا، الإيجاز والبساطة يكونان أكثر تأثيرًا، وهذا ما حدث بالفعل. وهذا القرار يعكس ذكاءً فنيًا، حيث إنه أظهر ثقة فى قدرة الجمهور على التفاعل مع القصة واستخلاص المعانى بأنفسهم. ■ حدثنا عن شخصية «محمد عزت» التى أثارت الكثير من الجدل والإعجاب. - شخصية محمد عزت قريبة منى جدًا، كما تشبه والدى وأصحابه، هو شخص متعلم، ملتزم بمبادئه، ويحب العلم والبساطة، كما أنها شخصية تنتمى لفترة زمنية كانت فيها القيم مختلفة، وكان أهالينا يرون أن العلم والدراسة هما طريق النجاح، خصوصًا فى مجالات مثل الطب والهندسة. هو شخص مؤمن بالاحترام، لا يعيش الدور ولا يحاول أن يكون مثاليًا بشكل مبالغ فيه، لكنه قرر أن يكون محترمًا، وهذه نقطة يجب أن تُقال بصراحة: لماذا نستغرب عندما نرى شخصًا مثل محمد عزت؟ المفترض أن يكون لدينا الكثير من هذا النوع، أناس محترمون وبسطاء، ليس من الضرورى أن تكون كل الشخصيات شقية أو خارجة عن المألوف لتكون درامية. وقرأت تعليقات كثيرة من الجمهور قالوا فيها «محمد عزت يمثلنى»، وهذا أسعدنى جدًا. كثير من الناس يشبهونه بالفعل، وهو نموذج يجب أن يظهر أكثر على الشاشة، للأسف، فى وقت أصبحت فيه هذه القيم غير دارجة، الشخص المحترم صار يُنظر إليه كأنه كائن غريب، وهذا شىء مؤسف. ■ ألا تعتقد أن شخصيته فيها جزء سلبى بعض الشىء؟ - بصراحة، نعم. كان من الممكن أن يتمرد أكثر فى البداية، وكان سلبيًا بعض الشىء، لكنه تطور. والصعوبة فى هذا الدور كانت تكمن فى أنه كان يمكن أن يصبح مملًا، لكنه ظل حقيقيًا. وهذا هو التحدى الذى كنت حريصًا عليه، أن تظل الشخصية حقيقية دون أن تفقد جاذبيتها. ■ البعض رأى أيضًا أن تقديم شخصية محترمة وبسيطة بهذا الشكل قد يكون مملًا دراميًا.. كيف تعاملت مع هذا التحدى؟ - هذا صحيح، وكنت مدركًا ذلك منذ البداية، وكان من الممكن أن تقع الشخصية فى فخ أن تصبح مسطحة أو مملة، لكن التحدى كان فى كيفية جعلها حقيقية وفى الوقت نفسه جذابة للمشاهد. وعملنا على التفاصيل الصغيرة جدًا، من نظراته، إلى طريقة كلامه، وردود أفعاله، وحتى ملابسه. كل هذه العناصر كانت تعكس أن هذا إنسان طبيعى وبسيط، لكنه ليس ساذجًا. ■ كيف رأيت المواجهة الأخيرة بين «محمد عزت وأسعد»؟ - هذه هى اللحظة التى كان الجمهور ينتظرها، وهى نقطة التحول فى الشخصية، محمد عزت كان يحاول طوال الوقت أن يبقى هادئًا ويتجنب التصعيد، لكن فى لحظة معينة كان عليه أن يواجه ويقول «كفاية». والمشهد كان مكتوبًا ومُخرجًا بطريقة ممتازة، وأنا أحببت جدًا الحالة التى وصل إليها محمد عزت فى النهاية، هذا دليل على أن القوة ليست دائمًا بالصوت العالى، فأحيانًا الهدوء نفسه يكون رسالة أقوى. ■ هل ترى أن العلاقة بين «عزت وميار» كانت واقعية؟ وهل كنت تتمنى نهاية مختلفة؟ - لا.. أنا أرى أن علاقتهما كانت منطقية بنسبة ١٠٠٪، رغم أن الخلفيات الاجتماعية والتعليمية مختلفة، والتناغم بينهما أو دمجهما فى علاقة كان من الصعب أن يحدث فى الواقع. لكن الظرف الذى جمعهما خلق فرصة للحب، والنهاية كانت سعيدة، وهذا شىء مقصود، فقد اتفقنا على أن الجمهور يستحق نهاية تحمل أملًا، لأن الحياة من حولنا أصبحت مليئة بالضغوط، والناس تحتاج إلى ما يعطيها طاقة إيجابية. ■ كيف كان التعاون مع مى عزالدين فى هذا المسلسل؟ - مى فنانة محترفة لأقصى درجة، وتُحب عملها جدًا، وكانت تمر بظرف إنسانى صعب بعد وفاة والدتها، وهو موقف مؤلم لأى إنسان، لكنها على الرغم من ذلك كانت قوية جدًا، وحضرت التصوير بطاقة إيجابية رائعة. وكلنا كنا داعمين لها، وكانت هناك حالة من التفاهم والود داخل موقع التصوير، ومن يعمل مع «مى» يعرف أنها تقدم كل شىء من قلبها، وهذا يظهر بوضوح فى أدائها، أنا شخصيًا سعيد جدًا لأننا عملنا معًا، وأتمنى أن يتكرر هذا التعاون فى أعمال مقبلة. ■ مشهد «طلب الزواج» الذى ظهر فى البرومو حقق تفاعلًا واسعًا.. كيف تم تنفيذه؟ - هذا واحد من أهم مشاهد المسلسل، وكان مكتوبًا بحرفية شديدة، والمشهد يمتد لنحو ٧ صفحات، ويحمل مفاتيح عديدة تُوضح طبيعة الشخصيتين والعلاقة بينهما. واختيار تامر محسن لهذا المشهد كبداية للمسلسل كان ذكيًا جدًا، لأنه يخلق حالة من التساؤل لدى المشاهد ويشد الانتباه من اللحظة الأولى. أنا كآسر كنت أحب هذا المشهد كثيرًا، لأنه يمثل تحولًا فى العلاقة، ويوضح أيضًا جوانب من شخصية محمد عزت: احترامه، طريقته الهادئة، وفى نفس الوقت جرأته. ■ ماذا عن النهاية.. هل كانت مكتوبة بشكلها الذى ظهر منذ البداية أم تغيرت حسب تفاعل الجمهور؟ - لا، النهاية لم تكن مكتوبة من البداية، لكن كان هناك اتفاق ضمنى على أن النهاية يجب أن تكون سعيدة. بدأنا العمل بخفة دم وأجواء إنسانية جميلة، وكان من الصعب أن ننهى القصة بنهاية حزينة، بالإضافة إلى ذلك أنا شخصيًا كنت بحاجة إلى نهاية تحمل نورًا وأملًا. ■ ما أكثر مشهد قريب لقلبك فى المسلسل؟ - هناك العديد من المشاهد التى كانت قريبة من قلبى، ولكن إذا كنت سأختار سأقول «مشهد باب الجمال، ومشهد بداية التعارف، ومشهد أول ليلة زواج، ومشهد النهاية وموعد العشاء»، كل مشهد من هذه المشاهد كان يحمل حالة مختلفة ومليئة بالإحساس، وبقى محفورًا فى ذاكرتى. ■ أخيرًا.. كيف ترى لقب «آخر الرجال المحترمين» الذى أطلقه البعض على شخصيتك فى العمل ؟ - أنا أرى أنه لقب جميل، ويعبّر عن شىء حقيقى فى وجدان الجمهور تجاه نموذج محترم فى الدراما. محمد عزت هو إنسان محترم، صادق، وله ضمير، وهذا هو النموذج الذى نحتاج إلى إعادته مرة أخرى فى الفن والمجتمع، والشخصية قدمت رسالة بسيطة لكنها مهمة: «الطيبة ليست ضعفًا، والمبادئ ليست رجعية». ■ المسلسل يحمل طابعًا رومانسيًا بسيطًا لكنه مؤثر.. هل شعرت بافتقاد هذا النوع من الأعمال مؤخرًا؟ - هذا حقيقى، فى الفترة الأخيرة أصبحت الأعمال الفنية تميل نحو الغموض والأكشن والتشويق، بينما أصبحت العلاقات الإنسانية البسيطة غائبة إلى حد كبير. وأنا شخصيًا كنت أفتقد نوعًا من الرومانسية الهادئة التى تبنى علاقة بين شخصيتين على مواقف وتفاصيل حقيقية، وليس مجرد مشاهد مباشرة، وأعتقد أن المشاهد أيضًا كان متعطشًا لمشاهدة عمل رومانسى حالم، رغم وجود تحديات داخل القصة نفسها. والعلاقة بين محمد عزت وميار كانت مبنية على الاحترام والتفاهم والصدق، وأعتقد أن هذا شىء كان الجمهور بحاجة لرؤيته على الشاشة، فالحب الحقيقى ليس بالضرورة أن يكون مليئًا بالدراما الصاخبة طوال الوقت، فأحيانًا نظرة أو لفتة بسيطة يمكن أن تكون أبلغ من مشهد طويل، وهذا ما حاولنا إيصاله للجمهور. ■ أنت فى الأصل مهندس.. هل أثّرت دراستك على أسلوبك الفنى؟ بشكل كبير، الهندسة علم يعتمد على التحليل، والتخطيط، والانضباط، وهذه العناصر انعكست على طريقة عملى كممثل، عندما أقرأ سيناريو أحب أن أفكك الشخصية كما كنت أفكك معادلة فى الرياضيات أو الفيزياء. كما أننى أستخدم مخزون المعلومات لربط الشخصيات بخلفيات منطقية تساعدنى على فهم دوافعهم، ولهذا السبب أحب دائمًا أن أضيف عمقًا للشخصية حتى لو لم يكن ظاهرًا فى النص.