#أحدث الأخبار مع #أبو_أيمنصحيفة سبقمنذ 11 ساعاتسياسةصحيفة سبق"عيون وآذان في كل مكان".. كيف مزقت مخابرات الأسد نسيج المجتمع السوريفي تحول تاريخي مدوٍ، انهارت أركان دولة المخابرات السورية التي بناها نظام الأسد على مدى أكثر من نصف قرن، لتكشف عن مجتمع مزقته عقود من المراقبة والوشاية الممنهجة، ومع زحف قوات المعارضة نحو العاصمة دمشق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انهار النظام الذي حول الجيران والزملاء إلى عيون وآذان للسلطة في كل زقاق ومكتب، وخلف هذا الانهيار المفاجئ، تُرك السوريون في مواجهة ثقيلة مع إرث من الشك والخيانة، تظلله تساؤلات مؤلمة حول أدوار الأفراد في دعم طغيان نظام الأسد، لتنفجر مظالم الماضي في أحياء كانت بالأمس القريب خاضعة لقبضة أمنية حديدية. وتتجلى هذه الدراما الإنسانية في زقاق ضيق في حي التضامن بدمشق، حيث تتصادم حكايات عائلتين، البربري والمغربي، كاشفة عن عمق الجراح، ويتذكر حمدي البربري لحظات الرعب عندما كادت رصاصات تخترق رأسه وهو على سطح منزله في مارس (آذار) الماضي، مدركاً أن مصدر النيران هو منزل جار، اتهم والده "أبو أيمن" بأنه كان مخبراً للنظام. ورغم نفي أبو أيمن البربري، الخباز الذي بنى ثروته في ظل النظام واعترف بقيادته قوات الأمن مرة واحدة إلى منازل من قال إنهم هددوه وماتوا لاحقاً في المعتقلات، فإن عائلة المغربي المجاورة، والمعروفة بمعارضتها، تتهمه بالوقوف وراء اعتقال وتعذيب ابنيها، أحمد وموسى، ويمثل هذا النزاع المباشر بين العائلتين انعكاساً لمئات الصراعات المماثلة، التي تبرز في جميع أنحاء سوريا اليوم، حيث يواجه الضحايا جلاديهم المحتملين، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست". تحدي المصالحة وتضع هذه الانقسامات الأفقية الحكومة السورية الجديدة أمام تحدٍ هائل، يضاف إلى الانقسامات الطائفية المتجذرة التي استغلها النظام السابق، ورغم دعوات السلطات الجديدة للمصالحة والوحدة الوطنية، لا تزال آليات تحقيق ذلك في أول عهدها، لا سيما مع استمرار ظهور شخصيات مرتبطة بالنظام السابق علناً. وحي التضامن، الذي روج له نظام الأسد كنموذج للوئام، كان مسرحاً لاختفاء الآلاف من سكانه في السجون أو المقابر الجماعية، وكانت الوشاية جزءاً من النسيج اليومي، حتى في المدارس، حيث كان المعلمون يبلغون عن تعليقات الأطفال، التي يسمعونها في منازلهم، وتروي القصص عن عودة طالب سابق، أصبح الآن مقاتلاً، لمواجهة مديرة مدرسته وتحميلها مسؤولية اختفاء والديه، وعن نساء تم الإبلاغ عنهن بسبب ميولهن المعارضة. ويكشف أبو أيمن البربري عن جوانب من علاقته بالنظام، مثل انضمامه إلى ميليشيا "قوات الدفاع الوطني" الموالية للحكومة لحماية ممتلكاته، رغم أن هذه الميليشيا أقامت نقطة تفتيش أمام منزله وكانت تطلق النار عشوائياً على المارة، وهذه التناقضات تبرز كيف أصبح البقاء في ظل نظام المخابرات يتطلب أحياناً الانخراط في ممارسات قمعية. من جانبهم، يروي أحمد وموسى المغربي تفاصيل اعتقالهما المروعة في "فرع فلسطين" سيئ السمعة، حيث تعرضا للتعذيب الوحشي، الذي ترك آثاراً جسدية ونفسية عميقة، وتسببت هذه الاعتقالات في دمار مالي لعائلتهم، التي دفعت مبالغ طائلة للحصول على معلومات عنهم أو الإفراج عنهم. ومع اقتراب قوات المعارضة، أيقظ حمدي والده أبو أيمن في منتصف الليل، واتفقت العائلة على ضرورة رحيله، وهرب أبو أيمن مع زوجته وابنه وسيم إلى لبنان، مدركاً أن الانتقام قادم، وفي المقابل، عاش أبناء عائلة المغربي فرحة ممزوجة بالذهول مع سقوط النظام واختفاء رموز قمعه. لكن التوترات سرعان ما انفجرت، ففي المخبز الذي يعمل فيه أبناء أبو أيمن، تعرضوا لاعتداء من قبل ملثمين اتهموا والدهم بالقتل و"الشبيحة"، ورغم تراجع المهاجمين، بقيت التهم معلقة، وبات أبناء أبو أيمن، لا سيما حمدي، يواجهون عبء ماضي والدهم، محاولين إقناع الناس بأنهم مختلفون، لكنهم يخشون أن يدفعوا ثمن جرائم لم يرتكبوها. وفي ظل هذا الواقع المرير، يحاول بعض المخبرين السابقين عقد صفقات مع ضحاياهم، مثل عرض المال أو الممتلكات، لكن بالنسبة للعديد من الناجين، مثل موسى المغربي، لا يمكن للصفح عن بعض الجرائم، وتظل ذكريات التعذيب تطاردهم، ويجدون صعوبة في المضي قدماً، ويسعى أبناء المخبرين السابقين، مثل حمدي البربري، للهروب من إرث آبائهم وعبء الانتقام المحتمل، متسائلين كيف يمكن لجيل أن يتحرر من خطايا جيل سابق في مجتمع مزقته عقود من الخوف والخيانة؟
صحيفة سبقمنذ 11 ساعاتسياسةصحيفة سبق"عيون وآذان في كل مكان".. كيف مزقت مخابرات الأسد نسيج المجتمع السوريفي تحول تاريخي مدوٍ، انهارت أركان دولة المخابرات السورية التي بناها نظام الأسد على مدى أكثر من نصف قرن، لتكشف عن مجتمع مزقته عقود من المراقبة والوشاية الممنهجة، ومع زحف قوات المعارضة نحو العاصمة دمشق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انهار النظام الذي حول الجيران والزملاء إلى عيون وآذان للسلطة في كل زقاق ومكتب، وخلف هذا الانهيار المفاجئ، تُرك السوريون في مواجهة ثقيلة مع إرث من الشك والخيانة، تظلله تساؤلات مؤلمة حول أدوار الأفراد في دعم طغيان نظام الأسد، لتنفجر مظالم الماضي في أحياء كانت بالأمس القريب خاضعة لقبضة أمنية حديدية. وتتجلى هذه الدراما الإنسانية في زقاق ضيق في حي التضامن بدمشق، حيث تتصادم حكايات عائلتين، البربري والمغربي، كاشفة عن عمق الجراح، ويتذكر حمدي البربري لحظات الرعب عندما كادت رصاصات تخترق رأسه وهو على سطح منزله في مارس (آذار) الماضي، مدركاً أن مصدر النيران هو منزل جار، اتهم والده "أبو أيمن" بأنه كان مخبراً للنظام. ورغم نفي أبو أيمن البربري، الخباز الذي بنى ثروته في ظل النظام واعترف بقيادته قوات الأمن مرة واحدة إلى منازل من قال إنهم هددوه وماتوا لاحقاً في المعتقلات، فإن عائلة المغربي المجاورة، والمعروفة بمعارضتها، تتهمه بالوقوف وراء اعتقال وتعذيب ابنيها، أحمد وموسى، ويمثل هذا النزاع المباشر بين العائلتين انعكاساً لمئات الصراعات المماثلة، التي تبرز في جميع أنحاء سوريا اليوم، حيث يواجه الضحايا جلاديهم المحتملين، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست". تحدي المصالحة وتضع هذه الانقسامات الأفقية الحكومة السورية الجديدة أمام تحدٍ هائل، يضاف إلى الانقسامات الطائفية المتجذرة التي استغلها النظام السابق، ورغم دعوات السلطات الجديدة للمصالحة والوحدة الوطنية، لا تزال آليات تحقيق ذلك في أول عهدها، لا سيما مع استمرار ظهور شخصيات مرتبطة بالنظام السابق علناً. وحي التضامن، الذي روج له نظام الأسد كنموذج للوئام، كان مسرحاً لاختفاء الآلاف من سكانه في السجون أو المقابر الجماعية، وكانت الوشاية جزءاً من النسيج اليومي، حتى في المدارس، حيث كان المعلمون يبلغون عن تعليقات الأطفال، التي يسمعونها في منازلهم، وتروي القصص عن عودة طالب سابق، أصبح الآن مقاتلاً، لمواجهة مديرة مدرسته وتحميلها مسؤولية اختفاء والديه، وعن نساء تم الإبلاغ عنهن بسبب ميولهن المعارضة. ويكشف أبو أيمن البربري عن جوانب من علاقته بالنظام، مثل انضمامه إلى ميليشيا "قوات الدفاع الوطني" الموالية للحكومة لحماية ممتلكاته، رغم أن هذه الميليشيا أقامت نقطة تفتيش أمام منزله وكانت تطلق النار عشوائياً على المارة، وهذه التناقضات تبرز كيف أصبح البقاء في ظل نظام المخابرات يتطلب أحياناً الانخراط في ممارسات قمعية. من جانبهم، يروي أحمد وموسى المغربي تفاصيل اعتقالهما المروعة في "فرع فلسطين" سيئ السمعة، حيث تعرضا للتعذيب الوحشي، الذي ترك آثاراً جسدية ونفسية عميقة، وتسببت هذه الاعتقالات في دمار مالي لعائلتهم، التي دفعت مبالغ طائلة للحصول على معلومات عنهم أو الإفراج عنهم. ومع اقتراب قوات المعارضة، أيقظ حمدي والده أبو أيمن في منتصف الليل، واتفقت العائلة على ضرورة رحيله، وهرب أبو أيمن مع زوجته وابنه وسيم إلى لبنان، مدركاً أن الانتقام قادم، وفي المقابل، عاش أبناء عائلة المغربي فرحة ممزوجة بالذهول مع سقوط النظام واختفاء رموز قمعه. لكن التوترات سرعان ما انفجرت، ففي المخبز الذي يعمل فيه أبناء أبو أيمن، تعرضوا لاعتداء من قبل ملثمين اتهموا والدهم بالقتل و"الشبيحة"، ورغم تراجع المهاجمين، بقيت التهم معلقة، وبات أبناء أبو أيمن، لا سيما حمدي، يواجهون عبء ماضي والدهم، محاولين إقناع الناس بأنهم مختلفون، لكنهم يخشون أن يدفعوا ثمن جرائم لم يرتكبوها. وفي ظل هذا الواقع المرير، يحاول بعض المخبرين السابقين عقد صفقات مع ضحاياهم، مثل عرض المال أو الممتلكات، لكن بالنسبة للعديد من الناجين، مثل موسى المغربي، لا يمكن للصفح عن بعض الجرائم، وتظل ذكريات التعذيب تطاردهم، ويجدون صعوبة في المضي قدماً، ويسعى أبناء المخبرين السابقين، مثل حمدي البربري، للهروب من إرث آبائهم وعبء الانتقام المحتمل، متسائلين كيف يمكن لجيل أن يتحرر من خطايا جيل سابق في مجتمع مزقته عقود من الخوف والخيانة؟