#أحدث الأخبار مع #أبوخالداللحام،المدن٢١-٠٤-٢٠٢٥أعمالالمدنتوقف معامل الحجر في عرسال: 4500 عائلة بلا دخلشكّل حجز الزينة المصنَّع في بلدة عرسال مورد رزق دائم لأبناء البلدة البقاعية، وأمّن لهم آلاف فرص العمل. ثبّتهم في قريتهم، بعدما كانوا في ستينيات القرن الماضي، ينزحون للعمل في بيروت، حيث يقطنون في أحزمة البؤس. صناعة تلفظ أنفاسها خبأت جبال عرسال في باطنها، ثروة طبيعيّة كبرى، بقيت مجهولة طويلًا، حتى اكتشفها لاجئ فلسطينيّ يُدعى أبو خالد اللحام، وَفِدَ إلى البلدة هارباً من الاحتلال الاسرائيلي، في ستينيّات القرن الماضي، حيث كان يعمل في مقالع وكسَّارات فلسطين. واليوم وبسبب الاحتلال وتوقف الإعمار، تجاهد هذه الصناعة من أجل البقاء، وربما تلفظ أنفاسها الأخيرة. تعاني صناعة حجر الزينة الأمرين وتعاند من أجل البقاء. ويشرح نائب رئيس بلدية عرسال السابق نصرات رايد أن المعاناة بدأت عام 2014 عندما احتل المسلحون جرود البلدة. في ذلك الوقت، كان الذهاب إلى المقالع والمعامل ضربا من الجنون. ويقول: "في أوائل العام 2019 بدأنا بالتقاط الأنفاس، إذ انتهينا من عمليات ترميم المقالع للعودة إلى العمل. لكن انفجرت حينها الأزمة الاقتصادية وانهارت العملة، وتوقفت قروض الإسكان أيضاً. ثم جاءت موجة وباء كورونا وأبقتنا في البطالة لأكثر من سنة. ومؤخراً، جاءت الضربة القاضية بالعدوان الاسرائيلي على لبنان". ودقّ رايد ناقوس الخطر، خوفًا من المقبل من الأيام، بعد توقف الانتاج بنسبة تقارب 90 في المئة. وأكد أنه من أصل 650 مقلعاً ومعملاَ فإن نحو خمسين معملاً فقط تعمل اليوم. وعليه فقد 4500 عامل مصدر رزقهم الوحيد، من دون توفر البديل. وعليه كل مفاصل الاقتصاد في عرسال متضَررة من محطة المحروقات إلى البقّال، وصاحب وسيلة النقل، والمدرسة. ويضيف رايد أنّ ما تعيشه عرسال معاناة حقيقية بدأت تطال الجميع. كانت هذه الإشكالية مخفيّة بسبب اللجوء السوري. فقد حصل أبناء البلدة على بعض التقديمات من الدول والهيئات المانحة، على المستويات الصحية والتربوية والإغاثية. أما الآن، فقد توقفت هذه المساعدات. مواصفات الصخر العرسالي ما من منطقة لبنانية، لا تتزيَّن مبانيها وحدائقها بالحجر العرساليّ الخام، أو المصنّع أو المنحوت، بحسب مسعود عزّ الدّين. والأخير صاحب معمل ومقلع توقف عن العمل، ولجأ إلى افتتاح متجر لبيع السكاكر والدخان كي يؤمن معيشته. ويشرح عز الدين نوعيَّة الحجر العرسالي ومواصفاته: يمتاز بالجودة والصلابة وألوانه متنوِّعة، منه الأبيض، والأسمر والأصفر، كذلك لونٌ يُسمَّى موج البحر. أهميته أنه لا يمتصّ المياه، ولا يخزّن الحرارة، ولا تنبت فيه الحشائش، لذلك يُستخدم كعازل أيضًا. أمّا من حيث الشكل فالعين أفضل شاهد، يقول عزالدين مشيراً إلى أن آلاف القصور والمدارس والمباني تَتَزَيَّن به على امتداد لبنان. عملية استخراج الحجر وتصنيعه شاقَّة ومتعبة، كما يصفها أبو علي الحجيري صاحب أحد المقالع. ويقول: "إنها أعمال شاقّة بكلّ معنى الكلمة، تبدأ من الصباح الباكر حتّى مغيب الشمس، جبال بأكملها نُقِبت بحثًا عن طبقات الصخر الصالحة للتصنيع". ويشرح الحجيري طبيعة المشكلة الحالية بتوقف العمل. منذ العام 2005 اضطر أصحاب المقالع إلى إدخال نوعيّة معدّات جديدة مثل "البوكلين" و"الجنزور"، و"الحزّازة" والجرّافات الكبيرة، لتسهيل عمليات الحفر والحفظ على سلامة الصخر المنتج. وأسعار هذه المعدات تبدأ من 150 ألف دولار أميركي وتصل إلى 300 ألف دولار. لكنها اليوم متوقفة عن العمل ويأكلها الصدأ. البحث عن أسواق خارجية إيجابيّات وفوائد صناعة حجر الزينة كثيرة، بحسب الحجيري، الذي يقول: نعيش في بلدة حدوديّة نائية، بعيدة عن المؤسّسات والأسواق والوظائف. وفّرَت هذه المهنة فرص عمل وأبقتنا في بيوتنا بدل النزوح إلى بيروت أو الجبل، كما كان يحصل سابقًا. عززت المهنة من شأننا ورفعت من مستوى معيشتنا وحياتنا بشكل ملحوظ. لكن هذه الطمأنينة استمرت حتّى العام 2013، حين بدأت الأزمة السورية، وصولًا إلى ما نحن عليه اليوم". بدوره يشرح أحد عمال المقالع حسين الفليطي (47 عامًا وأب لخمسة أطفال) عن المعاناة التي خلفتها أزمة توقف المعامل. ويقول فليطي: "نعيش معاناة كبيرة منذ الحرب السورية وصولاً إلى العدوان الإسرائيلي. لقد بات أكبر همنا تأمين الطعام لأطفالنا. اضطرت ابنتي الكبرى ترك دراستها الجامعية في زحلة بسبب بطالتي. وحتّى الآن لم أسدد ربع أقساط المدارس لإخوتها. وما يسري عليّ يصيب كل زملائي العمال وهم بالآلاف". تسويق البضائع هو التحدي الأبرز الذي تواجهه صناعة الحجر حاليًا. فالسوق المحلي مُتوَقف حتى إشعارٍ أخر. يضاف إلى ذلك استيراد الحجر المصري والسوري، الذي يشّكل تحدياً وجودياً لعرسال. ويؤكد عزّ الدّين أنَّ كلفة إنتاج المتر المكعب الواحد من حجر الزينة العرساليّ تتراوح بين 550 و600 دولار أمريكيّ. أما الحجر المصري والسوري فهو أقل جودة، ونوعيته رديئة، ومن الطبيعي أن يكون سعره أدنى في السوق. ويضاف إلى ذلك أن الضرائب على الحجر المستورد شبه رمزية. ويلفت عزالدين إلى عدم حماية الحجر الوطني، بسبب غياب التخطيط، وبسبب قوة وسطوة التجَّار المستوردين. في المقابل ثمة محاولة من أصحاب المقالع في عرسال لإيجاد أسواق خارجية. فقد عملنا على إرسال عيِّنات وصور وفيديوهات عن منتجاتنا إلى الخليج، وبعض الدول الأفريقية، آملين بفتح باب التصدير. وهذا يُشكّل بارقة أملٍ كبيرة تُنقِذ آلاف العائلات، ويعود بالنفع علينا وعلى الدولة أيضاً في حال نجحنا بالتصدير.
المدن٢١-٠٤-٢٠٢٥أعمالالمدنتوقف معامل الحجر في عرسال: 4500 عائلة بلا دخلشكّل حجز الزينة المصنَّع في بلدة عرسال مورد رزق دائم لأبناء البلدة البقاعية، وأمّن لهم آلاف فرص العمل. ثبّتهم في قريتهم، بعدما كانوا في ستينيات القرن الماضي، ينزحون للعمل في بيروت، حيث يقطنون في أحزمة البؤس. صناعة تلفظ أنفاسها خبأت جبال عرسال في باطنها، ثروة طبيعيّة كبرى، بقيت مجهولة طويلًا، حتى اكتشفها لاجئ فلسطينيّ يُدعى أبو خالد اللحام، وَفِدَ إلى البلدة هارباً من الاحتلال الاسرائيلي، في ستينيّات القرن الماضي، حيث كان يعمل في مقالع وكسَّارات فلسطين. واليوم وبسبب الاحتلال وتوقف الإعمار، تجاهد هذه الصناعة من أجل البقاء، وربما تلفظ أنفاسها الأخيرة. تعاني صناعة حجر الزينة الأمرين وتعاند من أجل البقاء. ويشرح نائب رئيس بلدية عرسال السابق نصرات رايد أن المعاناة بدأت عام 2014 عندما احتل المسلحون جرود البلدة. في ذلك الوقت، كان الذهاب إلى المقالع والمعامل ضربا من الجنون. ويقول: "في أوائل العام 2019 بدأنا بالتقاط الأنفاس، إذ انتهينا من عمليات ترميم المقالع للعودة إلى العمل. لكن انفجرت حينها الأزمة الاقتصادية وانهارت العملة، وتوقفت قروض الإسكان أيضاً. ثم جاءت موجة وباء كورونا وأبقتنا في البطالة لأكثر من سنة. ومؤخراً، جاءت الضربة القاضية بالعدوان الاسرائيلي على لبنان". ودقّ رايد ناقوس الخطر، خوفًا من المقبل من الأيام، بعد توقف الانتاج بنسبة تقارب 90 في المئة. وأكد أنه من أصل 650 مقلعاً ومعملاَ فإن نحو خمسين معملاً فقط تعمل اليوم. وعليه فقد 4500 عامل مصدر رزقهم الوحيد، من دون توفر البديل. وعليه كل مفاصل الاقتصاد في عرسال متضَررة من محطة المحروقات إلى البقّال، وصاحب وسيلة النقل، والمدرسة. ويضيف رايد أنّ ما تعيشه عرسال معاناة حقيقية بدأت تطال الجميع. كانت هذه الإشكالية مخفيّة بسبب اللجوء السوري. فقد حصل أبناء البلدة على بعض التقديمات من الدول والهيئات المانحة، على المستويات الصحية والتربوية والإغاثية. أما الآن، فقد توقفت هذه المساعدات. مواصفات الصخر العرسالي ما من منطقة لبنانية، لا تتزيَّن مبانيها وحدائقها بالحجر العرساليّ الخام، أو المصنّع أو المنحوت، بحسب مسعود عزّ الدّين. والأخير صاحب معمل ومقلع توقف عن العمل، ولجأ إلى افتتاح متجر لبيع السكاكر والدخان كي يؤمن معيشته. ويشرح عز الدين نوعيَّة الحجر العرسالي ومواصفاته: يمتاز بالجودة والصلابة وألوانه متنوِّعة، منه الأبيض، والأسمر والأصفر، كذلك لونٌ يُسمَّى موج البحر. أهميته أنه لا يمتصّ المياه، ولا يخزّن الحرارة، ولا تنبت فيه الحشائش، لذلك يُستخدم كعازل أيضًا. أمّا من حيث الشكل فالعين أفضل شاهد، يقول عزالدين مشيراً إلى أن آلاف القصور والمدارس والمباني تَتَزَيَّن به على امتداد لبنان. عملية استخراج الحجر وتصنيعه شاقَّة ومتعبة، كما يصفها أبو علي الحجيري صاحب أحد المقالع. ويقول: "إنها أعمال شاقّة بكلّ معنى الكلمة، تبدأ من الصباح الباكر حتّى مغيب الشمس، جبال بأكملها نُقِبت بحثًا عن طبقات الصخر الصالحة للتصنيع". ويشرح الحجيري طبيعة المشكلة الحالية بتوقف العمل. منذ العام 2005 اضطر أصحاب المقالع إلى إدخال نوعيّة معدّات جديدة مثل "البوكلين" و"الجنزور"، و"الحزّازة" والجرّافات الكبيرة، لتسهيل عمليات الحفر والحفظ على سلامة الصخر المنتج. وأسعار هذه المعدات تبدأ من 150 ألف دولار أميركي وتصل إلى 300 ألف دولار. لكنها اليوم متوقفة عن العمل ويأكلها الصدأ. البحث عن أسواق خارجية إيجابيّات وفوائد صناعة حجر الزينة كثيرة، بحسب الحجيري، الذي يقول: نعيش في بلدة حدوديّة نائية، بعيدة عن المؤسّسات والأسواق والوظائف. وفّرَت هذه المهنة فرص عمل وأبقتنا في بيوتنا بدل النزوح إلى بيروت أو الجبل، كما كان يحصل سابقًا. عززت المهنة من شأننا ورفعت من مستوى معيشتنا وحياتنا بشكل ملحوظ. لكن هذه الطمأنينة استمرت حتّى العام 2013، حين بدأت الأزمة السورية، وصولًا إلى ما نحن عليه اليوم". بدوره يشرح أحد عمال المقالع حسين الفليطي (47 عامًا وأب لخمسة أطفال) عن المعاناة التي خلفتها أزمة توقف المعامل. ويقول فليطي: "نعيش معاناة كبيرة منذ الحرب السورية وصولاً إلى العدوان الإسرائيلي. لقد بات أكبر همنا تأمين الطعام لأطفالنا. اضطرت ابنتي الكبرى ترك دراستها الجامعية في زحلة بسبب بطالتي. وحتّى الآن لم أسدد ربع أقساط المدارس لإخوتها. وما يسري عليّ يصيب كل زملائي العمال وهم بالآلاف". تسويق البضائع هو التحدي الأبرز الذي تواجهه صناعة الحجر حاليًا. فالسوق المحلي مُتوَقف حتى إشعارٍ أخر. يضاف إلى ذلك استيراد الحجر المصري والسوري، الذي يشّكل تحدياً وجودياً لعرسال. ويؤكد عزّ الدّين أنَّ كلفة إنتاج المتر المكعب الواحد من حجر الزينة العرساليّ تتراوح بين 550 و600 دولار أمريكيّ. أما الحجر المصري والسوري فهو أقل جودة، ونوعيته رديئة، ومن الطبيعي أن يكون سعره أدنى في السوق. ويضاف إلى ذلك أن الضرائب على الحجر المستورد شبه رمزية. ويلفت عزالدين إلى عدم حماية الحجر الوطني، بسبب غياب التخطيط، وبسبب قوة وسطوة التجَّار المستوردين. في المقابل ثمة محاولة من أصحاب المقالع في عرسال لإيجاد أسواق خارجية. فقد عملنا على إرسال عيِّنات وصور وفيديوهات عن منتجاتنا إلى الخليج، وبعض الدول الأفريقية، آملين بفتح باب التصدير. وهذا يُشكّل بارقة أملٍ كبيرة تُنقِذ آلاف العائلات، ويعود بالنفع علينا وعلى الدولة أيضاً في حال نجحنا بالتصدير.