منذ 8 ساعات
خبير قانوني للعربية.نت: التشهير بفنانة بتهمة مخدرات سابقة قانونية في الكويت
اعتبر أستاذ القانون العام في جامعة الكويت، الدكتور أحمد الفيلي، أن قضية توقيف فنانة شهيرة وما تبعها من نشر رسمي لصورتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أمر مستجد ومثير للجدل، ومعه يطرح سؤال جوهري مفاده: هل هذا النشر مقدمة لسياسة جديدة يجري فيها تعميم نشر صور المتهمين في قضايا التعاطي؟
وأوضح الفيلي: إن هذه القضية تطرح عدة إشكاليات، أولها يتعلق بقاعدة دستورية أصيلة، وهي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وما لدينا حالياً ليس سوى خبر منسوب إلى جهة التحقيق الشرطية، دون صدور حكم قضائي بات، وهو ما يعني أن الحقيقة لا تزال غير محسومة.
وتابع قائلاً: إن التهمة، وفق ما هو متداول، تتعلق بـ"التعاطي"، وهي تهمة أولية، والمُشرّع الكويتي في هذه الحالة يتعامل معها باعتبارها حالة قابلة للعلاج لا العقاب، إذ يجيز القانون إحالة المتهم للتعافي والعلاج بدلاً من العقوبة، ما يجعل نشر الصورة متعارضًا مع فلسفة القانون نفسه.
ومضى قائلاً: "هناك من يبرر النشر بفكرة ما يسمى بـ"حق المجتمع في المعرفة"، وهي حجة قد تبدو وجيهة ظاهريًا، لكنها تفتقر إلى تنظيم قانوني واضح. فالقانون الكويتي لا ينظم عملية النشر في مثل هذه الحالات، وبالتالي من الأفضل أن توكل مهمة تقرير ما إذا كان النشر ضروريًا، وكيفيته، إلى جهة ذات طابع قضائي، كأن تكون النيابة العامة، بدلاً من أن تظل بيد الشرطة التي تقتصر مهمتها على التحريات الأولية والضبط والقبض.
وشدد الفيلي على أن النشر في مثل هذه الحالات قد يتحول إلى أداة ردع أو حتى عقاب علني، بينما الأصل أن العقوبة لا تُطبق إلا بعد صدور حكم نهائي. وأضاف: "إذا كنا نُبرر النشر باعتباره ردعًا، فعلينا أن نتذكر أننا أمام متهم قد يُدان أو يُبرّأ، أو يُدان مع وقف تنفيذ الحكم. لذلك، اتخاذ النشر كوسيلة ردع قبل الحكم يتعارض مع جوهر العدالة.
وأشار الفيلي إلى أن التفاعل الشعبي مع القضية يمكن تفسيره بعنصرين: الأول هو الطبيعة الاجتماعية للقضية، كون المتهمة سيدة ومواطنة، وهو أمر غير معتاد في مثل هذه القضايا. والثاني أن النشر تم بشكل غير مألوف، إذ ظهرت الصورة بوضوح دون تمويه، رغم أن التعاطي يُعامل قانونيًا بوصفه حالة مرضية قابلة للعلاج، لا جريمة موجبة للتشهير.
أما المحامي عبدالكريم المجهول؛ فلفت إلى أن بيان وزارة الداخلية الذي تضمن نشر صورة الفنانة الموقوفة أثار جدلًا واسعًا بين أفراد المجتمع، بين من رأى في ذلك تشهيرًا غير محمود واستباقًا للحكم القضائي، وبين من اعتبر أن النشر مبرَّر نظرًا لمكانة الفنانة الجماهيرية وتأثيرها الكبير على شريحة المراهقين، معتبرين أن الصورة "النموذجية" التي تتمتع بها يجب أن تُحطَّم حتى لا تكون قدوة سلبية، على حد وصفهم.
وأضاف: وهكذا تباينت الآراء واختلفت التوجهات، مشيرا إلى أنه من منظور قانوني، فإن التشهير بأي متهم قبل صدور حكم نهائي يُعد مصادمة صريحة للمادة 34 من الدستور الكويتي، التي تنص بوضوح على أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة تُكفل له فيها كافة ضمانات الدفاع". وبذلك، فإن نشر صورة المتهم وإظهار ملامحه يُعد تجاوزًا لهذه القاعدة الدستورية، واستباقًا للحكم القضائي.
وقد تنتهي المحاكمة إلى البراءة، سواء لأسباب واقعية – كأن تكون المادة المخدرة قد دُسّت دون علم المتهم – أو لأسباب قانونية مثل وجود خطأ في إجراءات الضبط أو التفتيش. وبالتالي، فإن نشر الصورة في هذه المرحلة قد يُلحق ضررًا دائمًا بسمعة شخص قد يُثبت القضاء براءته في نهاية المطاف.