#أحدث الأخبار مع #أراب_كورالشرق الأوسطمنذ 3 أيامترفيهالشرق الأوسطأمسية مشهودة لفرقة الموسيقى العربية في جامعة ميلانوحين يطوّح العازف إيمانويل ليبيرا رأسه وهو يضرب على الدف، يسحبك معه في انسجامه مع الموشح إلى مرابع الأندلس وقصور بني أمية. ستتساءل: كيف يمكن لهذا الإيطالي أن يتقمص روح موسيقانا كأنه من أحفاد زرياب وعثمان الموصلي أو من أعضاء فرق «الغناوة» المغربية؟ لكن إيمانويل ليس سوى وتر مبدع واحد في المجموعة الموسيقية العربية للجامعة الكاثوليكية في ميلانو. اسم الفرقة «أراب كور»، كورال من 40 عازفاً ومنشداً أسسه عام 2018 الدكتور وائل فاروق، مدير معهد اللغة والثقافة العربية في الجامعة، ويقوده حالياً المايسترو وعازف العود السوري هاني جرجي. فرقة تجمع باقة من الشابات والشبان الإيطاليين من طلبة المعهد، مع بضعة من زملائهم العرب، لم تتدرب حناجرهم على القراءة والكتابة بالعربية فحسب بل والغناء بها. آخر حفل قدمته الفرقة كان في الأسبوع الماضي بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن للمعهد. وقد احتشدت القاعة العظمى للجامعة الكاثوليكية بحضور نوعيّ من الشعراء والروائيين والنقاد والمترجمين وجمهور المدينة العريقة. إن المكان يشبه رواقاً مهيباً في متحف تزينت جدرانه برسوم قرون مضت. وكان إيمانويل، عازف الدف والطبلة، يضبط إيقاع المقطوعات الموسيقية بخبرة عمرها ربع قرن، منذ أن تخصص أواخر التسعينات الماضية في الآلات الإيقاعية العربية والعثمانية، بالإضافة إلى الآلات الفارسية. كان من أساتذته إبراهيم الميناوي وعبد الله محمد ووليد حسين. ولأنه كان يبحث باستمرار عن التجديد والمزيد من الإبداع فقد قام بتطوير آلات إضافية مثل الصناجات وأدوات غيرها من تصميمه الخاص. وهو اليوم مدرّس للإيقاع ويقدم ورشاً تدريبية في معهد «فيردي» ويشارك في حفلات موسيقية في إيطاليا وخارجها. العازف البارز الثاني هو هاني جرجي، السوري الذي جاء من حلب، عاصمة الطرب، يحمل شهادة من جامعتها في الرياضيات والإحصاء. عمل مدرساً لتاريخ اللغة العربية وآدابها في الجامعة الكاثوليكية، ثم التحق بفرقة المعهد الموسيقية التي تأسست بمبادرة من البروفسور وائل فاروق وصار مديراً لها. وهو حتى اليوم لا ينسى ذلك اليوم الحزين في الخامس من مايو (أيار) تاريخ مفارقته سوريا ومسقط رأسه في إدلب. يقول جرجي: «أختار الأغاني التي تمثل العالم العربي بأكمله؛ من سوريا ولبنان والعراق والأندلس وبالأخص من مصر لأن 80 في المائة من تقاليدنا الموسيقية تأتي من هناك، لدرجة أن العديد من الفنانين العرب غير المصريين يغنون باللهجة المصرية. كما أبحث عن الأغاني التي لا تحتوي على نغمة الربع تون، وهو فاصل نموذجي في الموسيقى العربية، لأنه سيكون من الصعب للغاية غناؤها لأولئك الذين لم تعتد آذانهم عليها، كما يصعب عزفها على الآلات الغربية مثل البيانو». تقدم الفرقة أيضاً أغنيات شعبية من التقاليد الدينية الإسلامية والمسيحية. ينشد أفراد الكورال مقاطع شهيرة من الألحان العربية، لمنير بشير ورياض السنباطي وفريد الأطرش وعمر خيرت، مع أغنيات لشادية وجوليا بطرس وأول الجميع فيروز، أيقونة الموسيقى اللبنانية والشرق أوسطية في القرن العشرين والصوت الملائكي الذي يسمعه كل العرب. فهي قد غنّت للشام ولمكة ولبغداد ولبيروت وللقدس ولجمعة الآلام، كما استعارت من الموسيقى العالمية «ليلة صامتة» وغيرها من الأناشيد التي تولى الرحبانيان تعريبها. وحين يتحدث هاني جرجي عن فيروز لأصدقائه الإيطاليين يقول إنها الصوت الذي يرافق احتساء قهوة الصباح في بيوت العرب. فكما فعلت الفنانة المصرية أم كلثوم من قبلها، نجحت فيروز في توحيد العالم العربي وإيصال موسيقانا إلى العالم. ويذكر أن صاحب هذه المبادرة، الدكتور وائل فاروق، هو أول أستاذ مشارك للدين الإسلامي في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو. وهو يرى أن جوقة الموسيقى العربية (أراب كور) وُلدت بهدف منح الطلاب أداة تعليمية لطيفة تُقرِّبهم من اللغة وتغرس فيهم حبها، وذلك من خلال جمال الشكل الموسيقي، وأيضاً للتغلب على الصورة النمطية للغة العربية بوصفها لغة صعبة للغاية. فالأغاني تساعد كثيراً على تعلم اللهجة والنطق الصحيح للحروف الساكنة والمتحركة في لغتنا. عاماً بعد عام كان الكورال يتطور ويكتسب شهرة، لكنه يبقى للهواة ويتألف من طلاب شغوفين بالغناء والموسيقى. وعندما يتخرج أعضاؤه، يغادرون الكورال ويأتي غيرهم. ففي كل عام يبدأ العمل من جديد مع طلاب جدد. وقد قدمت الجوقة أول عروضها في المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية في الجامعة الكاثوليكية عام 2019. كما قدمت منتصف الشهر الجاري آخر عروضها، وهي قد تجاوزت محيط الجامعة ووصلت إلى دار الأوبرا في أوسلو عام 2021 وحصلت على جائزة «بناء الجسور» التي تُمنح لمن يوطد الصلات بين الناس والمجتمعات والأمم.
الشرق الأوسطمنذ 3 أيامترفيهالشرق الأوسطأمسية مشهودة لفرقة الموسيقى العربية في جامعة ميلانوحين يطوّح العازف إيمانويل ليبيرا رأسه وهو يضرب على الدف، يسحبك معه في انسجامه مع الموشح إلى مرابع الأندلس وقصور بني أمية. ستتساءل: كيف يمكن لهذا الإيطالي أن يتقمص روح موسيقانا كأنه من أحفاد زرياب وعثمان الموصلي أو من أعضاء فرق «الغناوة» المغربية؟ لكن إيمانويل ليس سوى وتر مبدع واحد في المجموعة الموسيقية العربية للجامعة الكاثوليكية في ميلانو. اسم الفرقة «أراب كور»، كورال من 40 عازفاً ومنشداً أسسه عام 2018 الدكتور وائل فاروق، مدير معهد اللغة والثقافة العربية في الجامعة، ويقوده حالياً المايسترو وعازف العود السوري هاني جرجي. فرقة تجمع باقة من الشابات والشبان الإيطاليين من طلبة المعهد، مع بضعة من زملائهم العرب، لم تتدرب حناجرهم على القراءة والكتابة بالعربية فحسب بل والغناء بها. آخر حفل قدمته الفرقة كان في الأسبوع الماضي بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن للمعهد. وقد احتشدت القاعة العظمى للجامعة الكاثوليكية بحضور نوعيّ من الشعراء والروائيين والنقاد والمترجمين وجمهور المدينة العريقة. إن المكان يشبه رواقاً مهيباً في متحف تزينت جدرانه برسوم قرون مضت. وكان إيمانويل، عازف الدف والطبلة، يضبط إيقاع المقطوعات الموسيقية بخبرة عمرها ربع قرن، منذ أن تخصص أواخر التسعينات الماضية في الآلات الإيقاعية العربية والعثمانية، بالإضافة إلى الآلات الفارسية. كان من أساتذته إبراهيم الميناوي وعبد الله محمد ووليد حسين. ولأنه كان يبحث باستمرار عن التجديد والمزيد من الإبداع فقد قام بتطوير آلات إضافية مثل الصناجات وأدوات غيرها من تصميمه الخاص. وهو اليوم مدرّس للإيقاع ويقدم ورشاً تدريبية في معهد «فيردي» ويشارك في حفلات موسيقية في إيطاليا وخارجها. العازف البارز الثاني هو هاني جرجي، السوري الذي جاء من حلب، عاصمة الطرب، يحمل شهادة من جامعتها في الرياضيات والإحصاء. عمل مدرساً لتاريخ اللغة العربية وآدابها في الجامعة الكاثوليكية، ثم التحق بفرقة المعهد الموسيقية التي تأسست بمبادرة من البروفسور وائل فاروق وصار مديراً لها. وهو حتى اليوم لا ينسى ذلك اليوم الحزين في الخامس من مايو (أيار) تاريخ مفارقته سوريا ومسقط رأسه في إدلب. يقول جرجي: «أختار الأغاني التي تمثل العالم العربي بأكمله؛ من سوريا ولبنان والعراق والأندلس وبالأخص من مصر لأن 80 في المائة من تقاليدنا الموسيقية تأتي من هناك، لدرجة أن العديد من الفنانين العرب غير المصريين يغنون باللهجة المصرية. كما أبحث عن الأغاني التي لا تحتوي على نغمة الربع تون، وهو فاصل نموذجي في الموسيقى العربية، لأنه سيكون من الصعب للغاية غناؤها لأولئك الذين لم تعتد آذانهم عليها، كما يصعب عزفها على الآلات الغربية مثل البيانو». تقدم الفرقة أيضاً أغنيات شعبية من التقاليد الدينية الإسلامية والمسيحية. ينشد أفراد الكورال مقاطع شهيرة من الألحان العربية، لمنير بشير ورياض السنباطي وفريد الأطرش وعمر خيرت، مع أغنيات لشادية وجوليا بطرس وأول الجميع فيروز، أيقونة الموسيقى اللبنانية والشرق أوسطية في القرن العشرين والصوت الملائكي الذي يسمعه كل العرب. فهي قد غنّت للشام ولمكة ولبغداد ولبيروت وللقدس ولجمعة الآلام، كما استعارت من الموسيقى العالمية «ليلة صامتة» وغيرها من الأناشيد التي تولى الرحبانيان تعريبها. وحين يتحدث هاني جرجي عن فيروز لأصدقائه الإيطاليين يقول إنها الصوت الذي يرافق احتساء قهوة الصباح في بيوت العرب. فكما فعلت الفنانة المصرية أم كلثوم من قبلها، نجحت فيروز في توحيد العالم العربي وإيصال موسيقانا إلى العالم. ويذكر أن صاحب هذه المبادرة، الدكتور وائل فاروق، هو أول أستاذ مشارك للدين الإسلامي في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو. وهو يرى أن جوقة الموسيقى العربية (أراب كور) وُلدت بهدف منح الطلاب أداة تعليمية لطيفة تُقرِّبهم من اللغة وتغرس فيهم حبها، وذلك من خلال جمال الشكل الموسيقي، وأيضاً للتغلب على الصورة النمطية للغة العربية بوصفها لغة صعبة للغاية. فالأغاني تساعد كثيراً على تعلم اللهجة والنطق الصحيح للحروف الساكنة والمتحركة في لغتنا. عاماً بعد عام كان الكورال يتطور ويكتسب شهرة، لكنه يبقى للهواة ويتألف من طلاب شغوفين بالغناء والموسيقى. وعندما يتخرج أعضاؤه، يغادرون الكورال ويأتي غيرهم. ففي كل عام يبدأ العمل من جديد مع طلاب جدد. وقد قدمت الجوقة أول عروضها في المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية في الجامعة الكاثوليكية عام 2019. كما قدمت منتصف الشهر الجاري آخر عروضها، وهي قد تجاوزت محيط الجامعة ووصلت إلى دار الأوبرا في أوسلو عام 2021 وحصلت على جائزة «بناء الجسور» التي تُمنح لمن يوطد الصلات بين الناس والمجتمعات والأمم.