logo
#

أحدث الأخبار مع #أزمة_1992

خفض العملة: بين إنعاش الاقتصاد وحرق السيولة
خفض العملة: بين إنعاش الاقتصاد وحرق السيولة

أرقام

timeمنذ 17 ساعات

  • أعمال
  • أرقام

خفض العملة: بين إنعاش الاقتصاد وحرق السيولة

- عندما تقرر دولة ما خفض قيمة عملتها، فإنها تخطو إلى ساحة معقدة تتشابك فيها موازين اقتصادية دقيقة؛ فبينما قد يحفز هذا الإجراء الصادرات وينعش النمو، فإنه ينطوي أيضًا على مخاطر إشعال فتيل التضخم وإرباك الأسواق المالية. - في هذا التقرير، نسعى إلى تحليل المزايا والعيوب الكامنة في خفض قيمة العملة، مع التمعن في 3 تجارب عالمية بارزة: تجربتا بريطانيا خلال أزمتي عامي 1992 و2008، وتجربة روسيا في خضم أزمة عام 2014. ما المقصود بخفض قيمة العملة؟ - يُعرف خفض قيمة العملة (Devaluation) بأنه إجراء اقتصادي تتخذه الحكومات التي تتبنى أنظمة سعر الصرف الثابت، أو غير الحر، ويتمثل في تقليل السعر الرسمي للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية. - وينتج عن ذلك أن تصبح الصادرات الوطنية أكثر قدرة على المنافسة، لكن على حساب ارتفاع تكلفة الواردات والسفر إلى الخارج. 1- دعم الصادرات: يؤدي انخفاض قيمة العملة إلى جعل السلع والخدمات المحلية أرخص في الأسواق العالمية، وهو ما يعزز القطاعات التصديرية ويهيئ فرص عمل جديدة. 2- تقليص العجز التجاري: عندما تزداد الصادرات وتقل الواردات نتيجة لتراجع القوة الشرائية المحلية، يتحسن الميزان التجاري، لا سيما في الدول التي تعاني من عجز مزمن في الحساب الجاري. 3- تنشيط النمو الاقتصادي: يؤدي ارتفاع الطلب على المنتجات المحلية، سواء في الداخل أو الخارج، بسبب انخفاض أسعارها النسبية، إلى انتعاش النشاط الاقتصادي بشكل عام. ثانيًا: الجانب الآخر – السلبيات والتداعيات 1- التضخم: تصبح الواردات من السلع الأساسية والمواد الخام أعلى تكلفة، مما يدفع الأسعار المحلية إلى الارتفاع ويقلل من القوة الشرائية للمستهلكين. 2- تدهور الثقة والاستثمار الأجنبي: قد يؤدي الخفض السريع أو غير المتوقع لقيمة العملة إلى إثارة قلق المستثمرين الأجانب ودفعهم إلى سحب رؤوس أموالهم. 3- زيادة أعباء الديون الأجنبية: يواجه الأفراد أو الحكومات التي اقترضت بعملات أجنبية زيادة كبيرة في قيمة الأقساط المستحقة عند سدادها بالعملة المحلية التي انخفضت قيمتها. 4- إضعاف الحوافز الإنتاجية: قد يؤدي الاعتماد على خفض قيمة العملة كأداة لتحسين القدرة التنافسية إلى تثبيط الشركات عن الابتكار وخفض التكاليف، وهو ما يضر بالإنتاجية على المدى الطويل. 1- الوضع الاقتصادي العام: في فترات الركود الاقتصادي، يمكن أن يساهم خفض قيمة العملة في تحفيز التعافي؛ أما في أوقات الازدهار، فقد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية. 2- مرونة الطلب الخارجي: إذا كان الطلب على الصادرات غير مرن، فقد يتأخر ظهور الأثر الإيجابي لخفض قيمة العملة. 3- هيكل الاقتصاد: قد تستفيد الاقتصادات التي تعتمد على التصدير وتمتلك قاعدة صناعية قوية بشكل أكبر من خفض قيمة العملة مقارنة بالاقتصادات التي تعتمد على الريع أو الاستهلاك. كيف تعاملت 3 دول مع خفض عملاتها؟ 1. المملكة المتحدة – الأزمة المالية 2008/2009 - شهد الجنيه الإسترليني انخفاضًا حادًا بنحو 20% مقابل اليورو، في محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية. - ساعد هذا الخفض في دعم الصادرات، لكنه لم يكن كافيًا لمنع الاقتصاد البريطاني من الانزلاق إلى الركود، مما يشير إلى أن خفض قيمة العملة وحده لا يكفي ما لم تصاحبه إصلاحات هيكلية شاملة. 2. روسيا – أزمة 2014: انخفاض الروبل في ظل العقوبات وتراجع أسعار النفط - في عام 2014، تضافرت ثلاثة عوامل حاسمة: انهيار أسعار النفط من 115 إلى 60 دولارًا للبرميل، والعقوبات الغربية المفروضة بسبب الأزمة الأوكرانية، وهشاشة البنية الصناعية وعدم تنوع الاقتصاد. - ونتيجة لذلك، انهار الروبل بنسبة 50%، مما أدى إلى تضخم تجاوز 9%، وركود اقتصادي مؤلم. - وعلى الرغم من أن روسيا امتلكت احتياطيات ضخمة تتجاوز 400 مليار دولار وفائضًا تجاريًا قويًا، فإن ضعف ثقة المستثمرين ونقص التنويع الاقتصادي قللا من فعّالية خفض قيمة العملة. - ومع ذلك، ساهم هذا الوضع في تحفيز الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما اعتُبر لاحقًا "فرصة قسرية" لإعادة هيكلة الاقتصاد. 3. المملكة المتحدة – الأربعاء الأسود والخروج من آلية سعر الصرف الأوروبية عام 1992 - في محاولة للانضمام إلى العملة الأوروبية الموحدة، التزمت بريطانيا بسعر صرف ثابت ضمن "آلية سعر الصرف الأوروبية". - لكن ارتفاع معدلات التضخم والركود الاقتصادي دفعا المستثمرين إلى المراهنة على فشل هذه السياسة. - وأدى الهجوم المضاربي، الذي قاده الملياردير جورج سوروس، إلى استنزاف احتياطيات بريطانيا من العملات الأجنبية، واضطرت الحكومة إلى رفع أسعار الفائدة إلى 15% في محاولة يائسة للدفاع عن الجنيه الإسترليني. - وفي نهاية المطاف، استسلمت لندن وخرجت من الآلية، مما تسبب في خسائر تقدر بنحو 3.4 مليار جنيه إسترليني، لكنه مهد الطريق لاحقًا لتعافٍ اقتصادي سريع. ختامًا: الدواء لا يناسب كل داء - قد يكون خفض قيمة العملة أداة فعّالة في يد صانع القرار الاقتصادي، لكنه ليس حلًا سحريًا؛ فنجاحه يعتمد بشكل أساسي على التوقيت المناسب، والظروف الاقتصادية العامة السائدة، ومدى استعداد الاقتصاد للاستفادة من انخفاض سعر الصرف. - وعلى النقيض من ذلك، إذا أسيء استخدامه أو تم تطبيقه في بيئة غير مواتية، فقد تتحول الفوائد المرجوة إلى أزمات حقيقية، وتتلاشى الثقة بسرعة كما حدث في روسيا وبريطانيا في بعض مراحلها الحرجة. المصدر: برو شير

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store