logo
خفض العملة: بين إنعاش الاقتصاد وحرق السيولة

خفض العملة: بين إنعاش الاقتصاد وحرق السيولة

أرقاممنذ 10 ساعات

- عندما تقرر دولة ما خفض قيمة عملتها، فإنها تخطو إلى ساحة معقدة تتشابك فيها موازين اقتصادية دقيقة؛ فبينما قد يحفز هذا الإجراء الصادرات وينعش النمو، فإنه ينطوي أيضًا على مخاطر إشعال فتيل التضخم وإرباك الأسواق المالية.
- في هذا التقرير، نسعى إلى تحليل المزايا والعيوب الكامنة في خفض قيمة العملة، مع التمعن في 3 تجارب عالمية بارزة: تجربتا بريطانيا خلال أزمتي عامي 1992 و2008، وتجربة روسيا في خضم أزمة عام 2014.
ما المقصود بخفض قيمة العملة؟
- يُعرف خفض قيمة العملة (Devaluation) بأنه إجراء اقتصادي تتخذه الحكومات التي تتبنى أنظمة سعر الصرف الثابت، أو غير الحر، ويتمثل في تقليل السعر الرسمي للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.
- وينتج عن ذلك أن تصبح الصادرات الوطنية أكثر قدرة على المنافسة، لكن على حساب ارتفاع تكلفة الواردات والسفر إلى الخارج.
1- دعم الصادرات: يؤدي انخفاض قيمة العملة إلى جعل السلع والخدمات المحلية أرخص في الأسواق العالمية، وهو ما يعزز القطاعات التصديرية ويهيئ فرص عمل جديدة.
2- تقليص العجز التجاري: عندما تزداد الصادرات وتقل الواردات نتيجة لتراجع القوة الشرائية المحلية، يتحسن الميزان التجاري، لا سيما في الدول التي تعاني من عجز مزمن في الحساب الجاري.
3- تنشيط النمو الاقتصادي: يؤدي ارتفاع الطلب على المنتجات المحلية، سواء في الداخل أو الخارج، بسبب انخفاض أسعارها النسبية، إلى انتعاش النشاط الاقتصادي بشكل عام.
ثانيًا: الجانب الآخر – السلبيات والتداعيات
1- التضخم: تصبح الواردات من السلع الأساسية والمواد الخام أعلى تكلفة، مما يدفع الأسعار المحلية إلى الارتفاع ويقلل من القوة الشرائية للمستهلكين.
2- تدهور الثقة والاستثمار الأجنبي: قد يؤدي الخفض السريع أو غير المتوقع لقيمة العملة إلى إثارة قلق المستثمرين الأجانب ودفعهم إلى سحب رؤوس أموالهم.
3- زيادة أعباء الديون الأجنبية: يواجه الأفراد أو الحكومات التي اقترضت بعملات أجنبية زيادة كبيرة في قيمة الأقساط المستحقة عند سدادها بالعملة المحلية التي انخفضت قيمتها.
4- إضعاف الحوافز الإنتاجية: قد يؤدي الاعتماد على خفض قيمة العملة كأداة لتحسين القدرة التنافسية إلى تثبيط الشركات عن الابتكار وخفض التكاليف، وهو ما يضر بالإنتاجية على المدى الطويل.
1- الوضع الاقتصادي العام: في فترات الركود الاقتصادي، يمكن أن يساهم خفض قيمة العملة في تحفيز التعافي؛ أما في أوقات الازدهار، فقد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية.
2- مرونة الطلب الخارجي: إذا كان الطلب على الصادرات غير مرن، فقد يتأخر ظهور الأثر الإيجابي لخفض قيمة العملة.
3- هيكل الاقتصاد: قد تستفيد الاقتصادات التي تعتمد على التصدير وتمتلك قاعدة صناعية قوية بشكل أكبر من خفض قيمة العملة مقارنة بالاقتصادات التي تعتمد على الريع أو الاستهلاك.
كيف تعاملت 3 دول مع خفض عملاتها؟
1. المملكة المتحدة – الأزمة المالية 2008/2009
- شهد الجنيه الإسترليني انخفاضًا حادًا بنحو 20% مقابل اليورو، في محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية.
- ساعد هذا الخفض في دعم الصادرات، لكنه لم يكن كافيًا لمنع الاقتصاد البريطاني من الانزلاق إلى الركود، مما يشير إلى أن خفض قيمة العملة وحده لا يكفي ما لم تصاحبه إصلاحات هيكلية شاملة.
2. روسيا – أزمة 2014: انخفاض الروبل في ظل العقوبات وتراجع أسعار النفط
- في عام 2014، تضافرت ثلاثة عوامل حاسمة: انهيار أسعار النفط من 115 إلى 60 دولارًا للبرميل، والعقوبات الغربية المفروضة بسبب الأزمة الأوكرانية، وهشاشة البنية الصناعية وعدم تنوع الاقتصاد.
- ونتيجة لذلك، انهار الروبل بنسبة 50%، مما أدى إلى تضخم تجاوز 9%، وركود اقتصادي مؤلم.
- وعلى الرغم من أن روسيا امتلكت احتياطيات ضخمة تتجاوز 400 مليار دولار وفائضًا تجاريًا قويًا، فإن ضعف ثقة المستثمرين ونقص التنويع الاقتصادي قللا من فعّالية خفض قيمة العملة.
- ومع ذلك، ساهم هذا الوضع في تحفيز الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما اعتُبر لاحقًا "فرصة قسرية" لإعادة هيكلة الاقتصاد.
3. المملكة المتحدة – الأربعاء الأسود والخروج من آلية سعر الصرف الأوروبية عام 1992
- في محاولة للانضمام إلى العملة الأوروبية الموحدة، التزمت بريطانيا بسعر صرف ثابت ضمن "آلية سعر الصرف الأوروبية".
- لكن ارتفاع معدلات التضخم والركود الاقتصادي دفعا المستثمرين إلى المراهنة على فشل هذه السياسة.
- وأدى الهجوم المضاربي، الذي قاده الملياردير جورج سوروس، إلى استنزاف احتياطيات بريطانيا من العملات الأجنبية، واضطرت الحكومة إلى رفع أسعار الفائدة إلى 15% في محاولة يائسة للدفاع عن الجنيه الإسترليني.
- وفي نهاية المطاف، استسلمت لندن وخرجت من الآلية، مما تسبب في خسائر تقدر بنحو 3.4 مليار جنيه إسترليني، لكنه مهد الطريق لاحقًا لتعافٍ اقتصادي سريع.
ختامًا: الدواء لا يناسب كل داء
- قد يكون خفض قيمة العملة أداة فعّالة في يد صانع القرار الاقتصادي، لكنه ليس حلًا سحريًا؛ فنجاحه يعتمد بشكل أساسي على التوقيت المناسب، والظروف الاقتصادية العامة السائدة، ومدى استعداد الاقتصاد للاستفادة من انخفاض سعر الصرف.
- وعلى النقيض من ذلك، إذا أسيء استخدامه أو تم تطبيقه في بيئة غير مواتية، فقد تتحول الفوائد المرجوة إلى أزمات حقيقية، وتتلاشى الثقة بسرعة كما حدث في روسيا وبريطانيا في بعض مراحلها الحرجة.
المصدر: برو شير

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القرار يحتاج إلى موافقة الولايات المتحدة
القرار يحتاج إلى موافقة الولايات المتحدة

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

القرار يحتاج إلى موافقة الولايات المتحدة

يعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم اقتراح على مجموعة السبع بشأن خفض سقف أسعار النفط الروسي إلى 45 دولارا للبرميل. وتتطلب مثل هذه الخطوة موافقة الولايات المتحدة. بعدما فشل المشاركون في اجتماع سابق لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجموعة الـ 7 في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن خفض سقف الأسعار، علماً أن السعر الحالي يبلغ 60 دولارا للبرميل، وفق ما نقلته وكالة "بلومبرغ". وفرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، الثلاثاء الماضي، عقوبات جديدة على روسيا ستركز على "أسطول الظل" من ناقلات النفط والشركات المالية التي تساعد موسكو على الالتفاف على تأثير العقوبات الأخرى المفروضة عليها بسبب الحرب. وهددت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بالعمل على خفض السقف السعري بعد هبوط أسعار النفط العالمية خلال العام الجاري، وقال مسؤولون أوروبيون مطلعون على المناقشات بشأن تلك المسألة إن الاتحاد الأوروبي سيقترح سقفا عند 50 دولارا للبرميل. تجدر الإشارة إلى أنه في 5 ديسمبر 2022، دخل حظر الاتحاد الأوروبي على إمدادات النفط البحرية الروسية حيز التنفيذ، حيث فرضت كل من مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا سقفاً لأسعار النفط الروسي الذي يتم نقله عبر البحر عند 60 دولارا للبرميل. واعتباراً من 5 فبراير 2023، دخلت قيود مماثلة حيز التنفيذ على استيراد المنتجات البترولية من روسيا.

وسط موجة تقلبات عنيفة.. "بيتكوين" تحقق ارتفاعاً أسبوعياً بنسبة 5.3%
وسط موجة تقلبات عنيفة.. "بيتكوين" تحقق ارتفاعاً أسبوعياً بنسبة 5.3%

مباشر

timeمنذ 2 ساعات

  • مباشر

وسط موجة تقلبات عنيفة.. "بيتكوين" تحقق ارتفاعاً أسبوعياً بنسبة 5.3%

مباشر: شهدت أسعار عملة "بيتكوين" أداء أسبوعيًا متقلبًا بين ارتفاعات قياسية وتراجعات حادة وسط تصاعد التوترات الاقتصادية العالمية، لتنهي تداولات الأسبوع بارتفاع ملحوظ بلغ 5.35%، ما يعكس دورها المتزايد كملاذ استثماري بديل في ظل أوقات عدم اليقين المالي. وسجلت "بيتكوين" أعلى مستوياتها خلال الأسبوع المنقضي عند 111,970.17 دولار أول أمس الخميس، وهو ما يعد رقما قياسيا جديدا خلال الفترة الأخيرة، قبل أن تعاود الانخفاض إلى أدنى مستوى أسبوعي بلغ 106,841.30 دولار يوم أمس الجمعة. وبحسب بيانات "كوين ماركت كاب"، يتم تداول العملة حاليا عند 108,254.09 دولارا، محققة ارتفاعا يوميا نسبته 2.49%. وجاءت هذه التحركات الحادة في السعر على خلفية تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصة "تروث سوشيال"، أمس، أعلن فيها عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي بدءا من 1 يونيو المقبل. وهو ما أحدث صدمة في الأسواق، وأدى إلى تراجع سريع للبيتكوين بنحو 4%، لتصل إلى 107,367 دولارا، وسط موجة من عمليات التصفية تجاوزت قيمتها 350 مليون دولار في سوق المشتقات. كما أثرت التراجعات في مؤشرات الأسهم الأمريكية على حركة المستثمرين، الذين لجأ بعضهم إلى العملات المشفرة كأداة تحوط ضد عدم اليقين. وفي المقابل، ساهم الاهتمام المتزايد من قبل المؤسسات الاستثمارية بدعم حركة السعر، مما ساعد على استعادة جزء من الخسائر خلال نهاية الأسبوع. ويتوقع مراقبون أن تستمر التقلبات السعرية للبيتكوين في ظل الظروف الحالية، خصوصا مع تصاعد المخاوف من حرب تجارية جديدة قد تؤثر على الأسواق المالية العالمية. ومع ذلك، فإن دخول مستثمرين كبار وتزايد اعتماد المؤسسات الكبرى على الأصول الرقمية قد يوفر دعما هيكليا للعملة في المدى المتوسط.

الاتحاد الأوروبي يدرس استبعاد 20 بنكاً مرتبطاً بروسيا من نظام "سويفت"
الاتحاد الأوروبي يدرس استبعاد 20 بنكاً مرتبطاً بروسيا من نظام "سويفت"

مباشر

timeمنذ 2 ساعات

  • مباشر

الاتحاد الأوروبي يدرس استبعاد 20 بنكاً مرتبطاً بروسيا من نظام "سويفت"

مباشر: يدرس الاتحاد الأوروبي استبعاد أكثر من 20 بنكا من نظام الدفع الدولي( سويفت) بالإضافة إلى خفض سقف سعر النفط الروسي وحظر خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم، كجزء من حزمة عقوبات جديدة تهدف إلى زيادة الضغط على موسكو لإنهاء حربها ضد أوكرانيا. وأوضحت - صحيفة لوكسمبرج تايمز، اليوم السبت - أنه وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، تجري المفوضية الأوروبية مشاورات مع الدول الأعضاء بشأن هذه الخطط لكن لم يتخذ قرار بشأن توقيت القيود المحتملة بعد فيما تتطلب عقوبات الاتحاد الأوروبي موافقة جميع الدول الأعضاء، وقد تتغير قبل اقتراحها واعتمادها رسميًا، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط. ويدرس الاتحاد الأوروبي أيضا فرض حظر إضافي على معاملات حوالي 24 بنكا وقيود تجارية جديدة بقيمة 2.5 مليار يورو، في سعيه إلى زيادة تقليص عائدات روسيا وقدرتها على الحصول على التكنولوجيا اللازمة لصنع الأسلحة. وكجزء من الحزمة قيد المناقشة، تخطط الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أيضًا لاقتراح خفض سقف سعر نفط مجموعة السبع إلى حوالي 45 دولار، وفقًا للمصادر. ومن المرجح أن تتطلب هذه الخطوة دعمًا من الولايات المتحدة خاصة أن الحد الأقصى للسعر، مُحدد حاليًا عند 60 دولار. وتأتي هذه المناقشات في الوقت الذي حث فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موسكو وكييف على إجراء محادثات مباشرة بشأن وقف إطلاق النار واتفاقية السلام. وقد تجنب ترامب حتى الآن فرض عقوبات جديدة على روسيا، على الرغم من تهديده بذلك عدة مرات. ولا تزال العقوبات التي فُرضت في عهد الرئيس جو بايدن سارية. وفي سياقٍ آخر، يدرس الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق عقوباته على أسطول ناقلات النفط الروسي، ويدرس فرض قيود إضافية على الجهات المقرضة التي يُنظر إليها على أنها تدعم جهود موسكو الحربية، بالإضافة إلى صندوق الاستثمار الأجنبي المباشر الروسي، وفقًا للمصادر. وأضافت المصادر أن الاتحاد الأوروبي يرغب أيضًا في تضمين بنود في حزمة عقوباته القادمة - والتي ستكون الثامنة عشرة منذ التدخل الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022 - لحماية الشركات الأوروبية من التحكيم بموجب معاهدات الاستثمار الثنائية. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store