#أحدث الأخبار مع #أسامهشنفارإيطاليا تلغراف٢٢-٠٣-٢٠٢٥منوعاتإيطاليا تلغرافالسياسات الحضريّة والهندسة المجاليّة والعمرانية: هل المدن الذكية هي البديل؟نشر في 22 مارس 2025 الساعة 14 و 21 دقيقة إيطاليا تلغراف ذ. أسامه شنفار باحث في سلك الدكتوراه المدينة الفاضلة بين الحلم الفلسفي والواقع العمراني: هل المدن الذكية هي البديل؟ في رحلتيْ فصلي الشتاء والصيف، حيث تنخفض درجات الحرارة وترتفع، تتجلى المفارقة الواضحة بين القرى المغربية التي تحافظ على ذكائها البيئي بفضل هندستها التقليديّة، والمدن المغربية التي تبدو غارقة في العشوائية والتخطيط السيئ. هذا، ويكشف التأمل في المشهد العمراني هذه الفجوة الصارخة بين البناء البيئي الذكي والتخطيط العمراني الغبي، حيث تتشابك الأسلاك الكهربائية وخطوط الهاتف والألياف البصرية وقنوات الصرف الصحي مع مياه الأمطار، في صورة تعكس غياب رؤية حضرية متكاملة. ففي العديد من المدن المغربية، تضيق الأزقة والشوارع إلى الحد الذي لا يسمح بمرور سيارات الإطفاء التابعة للوقاية المدنية أو سيارات الإسعاف، فضلًا عن افتقارها للفضاءات المفتوحة التي تتيح للساكنة الراحة والسعادة. فكيف أصبحت مدننا وقرانا وبوادينا، مجرد هياكل خرسانيّة بلا روح؟ لماذا تحولت إلى فضاءات مزعجة، تضجّ بالفوضى والضجيج بدلًا من أن تكون بيئات صالحة للحياة؟ * بين المدينة الفاضلة والمدن الذكية: عبر التاريخ، كانت المدن الفاضلة حلمًا راود الفلاسفة والمفكرين. فالفيلسوف (أفلاطون) تصور مدينته المثالية في الجمهورية الفاضلة، ورجال الدين رسموا صورة المدينة الإلهية المثالية، بينما تخيل الفيلسوف (توماس مور) في كتابه 'اليوتوبيا' مجتمعًا مثالياً يخلو من الفساد والصراعات. ومع ذلك، فإن العظمة الحقيقيّة للشعوب والمتجمعات والأمم؛ لم تعد تقاس بالأحلام الفلسفيّة، بل بقدرتها على بناء 'مدن ذكية' تحققت في الواقع، مستفيدةً من التكنولوجيا والتخطيط العمراني السليم. لكن هنا تبرز إشكالية جوهريّة تكمن في التساؤلات الآتية: لماذا يلجأ البعض إلى مقارنة المدن الفاضلة المتخيلة بالمدن الذكيّة الواقعيّة؟ وهل يمكن للمدينة الذكيّة أن تكون بديلًا عمليًا للحلم الفلسفي؟ هذه المقارنة تحمل في طياتها مغالطات منطقيّة، بحيث يُفترض أن تتفوق المثالية المتخيلة على الواقع المحسوس، تمامًا كما تبدو تفاحة الجنة أكثر كمالًا من أي تفاحة تنبت في أرض الواقع، مهما بلغت جودتها. * المدن المغربية في اختبار الأزمات: لقد كشفت جائحة كورونا عن ضعف البنية الحضرية في مدننا، حيث بدت عاجزة عن التكيف مع الأزمات؛ مدن ذات شوارع وأزقة ومساحات جد ضيقة تفتقر إلى فضاءات الترفيه، وتعاني من فوضى التخطيط، وتغيب عنها السياسات الحضرية والهندسة المجاليّة، التي تضمن جودة الحياة لسكانها. وعند كل اختبار للأمن والسلامة، نجد أن أزقتها وشوارعها تقف عاجزة أمام أبسط التدخلات الطارئة، سواء كانت عمليات إخماد الحرائق، أو القبض على المجرمين، أو حتى تقديم الإسعافات الأولية لضحايا الحوادث والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات. أضف إلى ذلك، أن التلوث البصري الذي تسببه تشابكات الأسلاك الكهربائيّة والإنارة العموميّة والخطوط الهاتفية؛ يعكس بوضوح غياب الرؤية المستقبلية للتخطيط العمراني. فكيف يمكن أن نتحدث عن مدن ذكيّة بينما تعيش هذه المدن في فوضى تكنولوجيّة ومعماريّة؟ * هل نبني الغباء الجماعي بدلًا من الذكاء الحضري؟ في بعض الأحيان، يبدو وكأننا نُخطط عمدًا للغباء العمراني! فكيف نفسر مثلًا: بناء عمارات زجاجيّة في مدن تصل فيها درجات الحرارة إلى 46 درجة مئوية؟ أليس ذلك دلالة على سوء التصميم المعماري؟ فتشغيل المكيفات الهوائية في هذه البنايات يتطلب استهلاكًا هائلًا للطاقة؛ حتى يكاد الأمر يحتاج إلى محطة نووية لتوفير الكهرباء اللازمة! ليس ذلك فحسب، بل حتى المرافق والإدارات العامة تُبنى غالبًا بأسلوب لا يأخذ في الاعتبار راحة الموظفين أو جودة الخدمات المقدمة المرتفقين، مما يزيد من تفشي البيروقراطية وضعف الأداء الإداري. وفي المقابل، نجد دولًا أخرى تمكنت من تطوير مدنها عبر استخدام الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع مراعاة الاستدامة البيئية في تخطيطها الحضري. * المدن الذكية: ضرورة وليست رفاهية: إن مفهوم 'المدينة الذكيّة' (Smart City) يتجاوز مجرد استخدام للتكنولوجيا الحديثة، ليشمل توفير بيئة حضرية متكاملة تعتمد على الاستدامة، والتخطيط المحكم، والخدمات السريعة والفعالة. فالمدن الذكية لا تعني فقط الاعتماد على الكاميرات والأنظمة الرقمية، بل تشمل تطوير بنية تحتية تتيح للمواطنين الوصول إلى الخدمات بسهولة، مع تحسين استهلاك الموارد وضمان بيئة صحية وسليمة. لذلك، فإن تحقيق 'الذكاء الحضري' يتطلب ما يلي: 1. التخطيط العمراني السليم: من خلال فصل شبكات الصرف الصحي عن مياه الأمطار، وتخصيص مساحات خضراء، وتصميم أحياء تتيح تنقلًا سلسًا وآمنًا. 2. الاعتماد على الطاقات المتجددة: عبر تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري واستغلال مصادر الطاقة الشمسية والريحية. 3. تحسين المواصلات العامة: من خلال تعزيز النقل المستدام، مثل الحافلات الكهربائية وخطوط الترامواي، للحد من الازدحام والتلوث. 4. تعزيز الأمن والخدمات الرقميّة: من خلال تطوير البنية التحتيّة الذكيّة، مثل أنظمة التعرف على الوجه، وتقنيات المراقبة المتقدمة، مع مراعاة الخصوصية الفرديّة. * خلاصات: لا تغيير بلا وعي حضري: إن بناء مدن ذكية ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة لمواكبة العصر وتحقيق جودة حياة أفضل. غير أن تحقيق ذلك يتطلب تغييرًا جذريًا في العقليات، كما يشير إليه قوله تعالى: 'إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ'. فليس قدرنا أن نبقى في دوامة الجمود العمراني، بل علينا أن نتحلى بالإرادة والجرأة والشجاعة، لتجاوز الأخطاء السابقة وبناء مدن تليق بطموحاتنا وتطلعاتنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا. فالطريق نحو التنمية المستدامة يبدأ من التخطيط الحضري الواعي، الذي يوازن بين التكنولوجيا، البيئة، واحتياجات الإنسان. إيطاليا تلغراف أسامه شنفارالسياسات الحضريّة والهندسة المجاليّة والعمرانية السابق الكازينو دائمًا يربح.. هل هذه قاعدة ترامب في السياسة؟
إيطاليا تلغراف٢٢-٠٣-٢٠٢٥منوعاتإيطاليا تلغرافالسياسات الحضريّة والهندسة المجاليّة والعمرانية: هل المدن الذكية هي البديل؟نشر في 22 مارس 2025 الساعة 14 و 21 دقيقة إيطاليا تلغراف ذ. أسامه شنفار باحث في سلك الدكتوراه المدينة الفاضلة بين الحلم الفلسفي والواقع العمراني: هل المدن الذكية هي البديل؟ في رحلتيْ فصلي الشتاء والصيف، حيث تنخفض درجات الحرارة وترتفع، تتجلى المفارقة الواضحة بين القرى المغربية التي تحافظ على ذكائها البيئي بفضل هندستها التقليديّة، والمدن المغربية التي تبدو غارقة في العشوائية والتخطيط السيئ. هذا، ويكشف التأمل في المشهد العمراني هذه الفجوة الصارخة بين البناء البيئي الذكي والتخطيط العمراني الغبي، حيث تتشابك الأسلاك الكهربائية وخطوط الهاتف والألياف البصرية وقنوات الصرف الصحي مع مياه الأمطار، في صورة تعكس غياب رؤية حضرية متكاملة. ففي العديد من المدن المغربية، تضيق الأزقة والشوارع إلى الحد الذي لا يسمح بمرور سيارات الإطفاء التابعة للوقاية المدنية أو سيارات الإسعاف، فضلًا عن افتقارها للفضاءات المفتوحة التي تتيح للساكنة الراحة والسعادة. فكيف أصبحت مدننا وقرانا وبوادينا، مجرد هياكل خرسانيّة بلا روح؟ لماذا تحولت إلى فضاءات مزعجة، تضجّ بالفوضى والضجيج بدلًا من أن تكون بيئات صالحة للحياة؟ * بين المدينة الفاضلة والمدن الذكية: عبر التاريخ، كانت المدن الفاضلة حلمًا راود الفلاسفة والمفكرين. فالفيلسوف (أفلاطون) تصور مدينته المثالية في الجمهورية الفاضلة، ورجال الدين رسموا صورة المدينة الإلهية المثالية، بينما تخيل الفيلسوف (توماس مور) في كتابه 'اليوتوبيا' مجتمعًا مثالياً يخلو من الفساد والصراعات. ومع ذلك، فإن العظمة الحقيقيّة للشعوب والمتجمعات والأمم؛ لم تعد تقاس بالأحلام الفلسفيّة، بل بقدرتها على بناء 'مدن ذكية' تحققت في الواقع، مستفيدةً من التكنولوجيا والتخطيط العمراني السليم. لكن هنا تبرز إشكالية جوهريّة تكمن في التساؤلات الآتية: لماذا يلجأ البعض إلى مقارنة المدن الفاضلة المتخيلة بالمدن الذكيّة الواقعيّة؟ وهل يمكن للمدينة الذكيّة أن تكون بديلًا عمليًا للحلم الفلسفي؟ هذه المقارنة تحمل في طياتها مغالطات منطقيّة، بحيث يُفترض أن تتفوق المثالية المتخيلة على الواقع المحسوس، تمامًا كما تبدو تفاحة الجنة أكثر كمالًا من أي تفاحة تنبت في أرض الواقع، مهما بلغت جودتها. * المدن المغربية في اختبار الأزمات: لقد كشفت جائحة كورونا عن ضعف البنية الحضرية في مدننا، حيث بدت عاجزة عن التكيف مع الأزمات؛ مدن ذات شوارع وأزقة ومساحات جد ضيقة تفتقر إلى فضاءات الترفيه، وتعاني من فوضى التخطيط، وتغيب عنها السياسات الحضرية والهندسة المجاليّة، التي تضمن جودة الحياة لسكانها. وعند كل اختبار للأمن والسلامة، نجد أن أزقتها وشوارعها تقف عاجزة أمام أبسط التدخلات الطارئة، سواء كانت عمليات إخماد الحرائق، أو القبض على المجرمين، أو حتى تقديم الإسعافات الأولية لضحايا الحوادث والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات. أضف إلى ذلك، أن التلوث البصري الذي تسببه تشابكات الأسلاك الكهربائيّة والإنارة العموميّة والخطوط الهاتفية؛ يعكس بوضوح غياب الرؤية المستقبلية للتخطيط العمراني. فكيف يمكن أن نتحدث عن مدن ذكيّة بينما تعيش هذه المدن في فوضى تكنولوجيّة ومعماريّة؟ * هل نبني الغباء الجماعي بدلًا من الذكاء الحضري؟ في بعض الأحيان، يبدو وكأننا نُخطط عمدًا للغباء العمراني! فكيف نفسر مثلًا: بناء عمارات زجاجيّة في مدن تصل فيها درجات الحرارة إلى 46 درجة مئوية؟ أليس ذلك دلالة على سوء التصميم المعماري؟ فتشغيل المكيفات الهوائية في هذه البنايات يتطلب استهلاكًا هائلًا للطاقة؛ حتى يكاد الأمر يحتاج إلى محطة نووية لتوفير الكهرباء اللازمة! ليس ذلك فحسب، بل حتى المرافق والإدارات العامة تُبنى غالبًا بأسلوب لا يأخذ في الاعتبار راحة الموظفين أو جودة الخدمات المقدمة المرتفقين، مما يزيد من تفشي البيروقراطية وضعف الأداء الإداري. وفي المقابل، نجد دولًا أخرى تمكنت من تطوير مدنها عبر استخدام الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع مراعاة الاستدامة البيئية في تخطيطها الحضري. * المدن الذكية: ضرورة وليست رفاهية: إن مفهوم 'المدينة الذكيّة' (Smart City) يتجاوز مجرد استخدام للتكنولوجيا الحديثة، ليشمل توفير بيئة حضرية متكاملة تعتمد على الاستدامة، والتخطيط المحكم، والخدمات السريعة والفعالة. فالمدن الذكية لا تعني فقط الاعتماد على الكاميرات والأنظمة الرقمية، بل تشمل تطوير بنية تحتية تتيح للمواطنين الوصول إلى الخدمات بسهولة، مع تحسين استهلاك الموارد وضمان بيئة صحية وسليمة. لذلك، فإن تحقيق 'الذكاء الحضري' يتطلب ما يلي: 1. التخطيط العمراني السليم: من خلال فصل شبكات الصرف الصحي عن مياه الأمطار، وتخصيص مساحات خضراء، وتصميم أحياء تتيح تنقلًا سلسًا وآمنًا. 2. الاعتماد على الطاقات المتجددة: عبر تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري واستغلال مصادر الطاقة الشمسية والريحية. 3. تحسين المواصلات العامة: من خلال تعزيز النقل المستدام، مثل الحافلات الكهربائية وخطوط الترامواي، للحد من الازدحام والتلوث. 4. تعزيز الأمن والخدمات الرقميّة: من خلال تطوير البنية التحتيّة الذكيّة، مثل أنظمة التعرف على الوجه، وتقنيات المراقبة المتقدمة، مع مراعاة الخصوصية الفرديّة. * خلاصات: لا تغيير بلا وعي حضري: إن بناء مدن ذكية ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة لمواكبة العصر وتحقيق جودة حياة أفضل. غير أن تحقيق ذلك يتطلب تغييرًا جذريًا في العقليات، كما يشير إليه قوله تعالى: 'إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ'. فليس قدرنا أن نبقى في دوامة الجمود العمراني، بل علينا أن نتحلى بالإرادة والجرأة والشجاعة، لتجاوز الأخطاء السابقة وبناء مدن تليق بطموحاتنا وتطلعاتنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا. فالطريق نحو التنمية المستدامة يبدأ من التخطيط الحضري الواعي، الذي يوازن بين التكنولوجيا، البيئة، واحتياجات الإنسان. إيطاليا تلغراف أسامه شنفارالسياسات الحضريّة والهندسة المجاليّة والعمرانية السابق الكازينو دائمًا يربح.. هل هذه قاعدة ترامب في السياسة؟