#أحدث الأخبار مع #أفريكابلو،المغرب الآنمنذ 2 أيامسياسةالمغرب الآنمن نداء المحيطات إلى 'أفريقيا الزرقاء'.. هل يتحول الخطاب البيئي إلى تحالفات عابرة للحدود؟في مشهد دولي تتسارع فيه التحديات البيئية، برز صوت المغرب خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات المنعقد بمدينة نيس الفرنسية يوم 12 يونيو 2025، من خلال كلمة ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، التي ترأست أشغال اللجنة الثامنة إلى جانب الوزير الإيطالي كلاوديو باربارو. لم تكن الكلمة مجرد خطاب دبلوماسي بروتوكولي، بل جاءت محملة بإشارات قوية لتحولات استراتيجية في تموضع المغرب على خارطة الحوكمة البيئية الإقليمية والدولية. 'المحيطات تطلق نداء استغاثة' ، تقول بنعلي، في توصيف يوحي بأن العالم أمام لحظة بيئية مفصلية، حيث يلقى 22 طناً من البلاستيك في البحار كل دقيقة، وقد يتجاوز وزن البلاستيك وزن الأسماك بحلول 2050، بحسب تقارير الأمم المتحدة. لكن خلف هذا الرقم الصادم، تبرز أسئلة محورية: ما مدى استعداد الدول النامية، خصوصاً في إفريقيا، لتحويل هذه التهديدات إلى فرص سياسية واقتصادية؟ وهل يمكن حقاً تحقيق 'العدالة الزرقاء' في ظل اختلالات التمويل والتكنولوجيا والمعرفة بين الشمال والجنوب؟ 'الحدود لا توقف المد الأزرق': قراءة في منطق التعاون الإقليمي ركزت بنعلي على فكرة أن المحيطات لا تعترف بالحدود، في دعوة واضحة إلى تبني حوكمة مشتركة للموارد البحرية، وهو طرح يتقاطع مع توصيات تقارير دولية أبرزها تقرير 'التنمية المستدامة للمحيطات' الصادر عن البنك الدولي ، الذي أكد أن الاقتصاد الأزرق يمكن أن يوفر 40 مليون فرصة عمل بحلول 2030 إذا تم الاستثمار فيه بشكل عادل وشامل. لكن على المستوى المغاربي والإفريقي، ما يزال التعاون الإقليمي في المجالات البحرية يعاني من ضعف التنسيق وغياب منصات تنفيذية فعالة، رغم المبادرات الطموحة. ومن هنا، يمكن قراءة دعوة بنعلي إلى إطلاق 'تحالف إفريقي أزرق' كمحاولة مغربية لسد هذا الفراغ وإعادة تشكيل الزعامة البيئية في القارة انطلاقاً من أطروحة 'الواجهة الأطلسية'، التي تشكل إحدى ركائز الدبلوماسية الاقتصادية للمملكة. إفريقيا الزرقاء: مشروع سياسي أم رافعة تنموية؟ في معرض كلمتها، استحضرت الوزيرة المغربية 'إعلان طنجة' الذي صدر عن قمة 'أفريكا بلو'، والذي دعا إلى توحيد الرؤية الإفريقية في مجال الحوكمة البحرية. هنا يطرح التساؤل: هل يشكل هذا الإعلان بداية تبلور تكتل بيئي إفريقي قادر على فرض مطالبه في مفاوضات التمويل المناخي العالمي، أم أنه سيظل حبيس البلاغات الختامية والمناسبات الدبلوماسية؟ وفق تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن أقل من 10% من التمويلات المناخية العالمية تصل إلى إفريقيا ، رغم أن القارة هي من بين أكثر المناطق تضرراً من تغيّر المناخ، خصوصاً في سواحلها الغربية والشرقية. ومن هذا المنظور، يمكن النظر إلى تحرك المغرب ليس فقط كموقف أخلاقي، بل أيضاً كورقة ضغط سياسية لتعزيز المطالب القارية في إعادة هيكلة تدفقات التمويل الأخضر. المعرفة والحوكمة: ما مدى قابلية الرؤية المغربية للتنفيذ؟ تشدد الوزيرة بنعلي على 'تحويل المعرفة إلى أداة فعل'، ما يفتح باب النقاش حول فجوة التكنولوجيا والمعلومات في الدول الإفريقية. تقارير وطنية، كمذكرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي (CESE)، سبق أن نبّهت إلى محدودية البيانات البحرية والقدرات التقنية لدى المملكة نفسها، فكيف السبيل إذن إلى قيادة إقليمية زرقاء في ظل ضعف القاعدة العلمية والبحثية؟ هل يمكن التعويل على شراكات ثلاثية (جنوب-جنوب-شمال) لسد هذا العجز، أم أن الطريق يقتضي إعادة هيكلة أعمق للمنظومات البحثية والمؤسسات المعنية بالمجال البحري؟ نحو تحالفات عابرة للمحيطات أم تحالفات انتقائية؟ في ختام مداخلتها، دعت بنعلي إلى بناء حكامة قائمة على المعرفة والمساءلة والعدالة، وهو ما يضع على الطاولة تساؤلاً حساساً: هل يسمح النظام الدولي الحالي – القائم على تفاوت القوة والتكنولوجيا والموارد – بولادة تحالفات حقيقية قائمة على الإنصاف؟ أم أن التعاون سيظل مرتهناً للرهانات الجيوسياسية الكبرى، التي تجعل من المحيطات ساحة جديدة لصراع النفوذ بين القوى الكبرى، من الصين إلى الولايات المتحدة؟ في انتظار اختبار التنفيذ يبقى مؤتمر نيس محطة دولية رمزية، لكن اختبار الإرادة الحقيقية للدول، ومنها المغرب، سيكون في ما إذا كانت هذه الدعوات ستترجم إلى مشاريع ملموسة على الأرض: محميات بحرية محمية عابرة للحدود، شبكات رصد بحري مشتركة، صناديق تمويل إقليمية مستقلة، وتمكين حقيقي للمجتمعات الساحلية. ولعل السؤال الجوهري الذي ينبغي ألا نغفله: هل يمكن تحويل الخطاب البيئي إلى مشروع جيو-اقتصادي حقيقي يقود إفريقيا نحو السيادة الزرقاء؟ أم أن المحيط سيبقى، كما كان دائماً، مرآة للهوة بين الشعارات والواقع؟
المغرب الآنمنذ 2 أيامسياسةالمغرب الآنمن نداء المحيطات إلى 'أفريقيا الزرقاء'.. هل يتحول الخطاب البيئي إلى تحالفات عابرة للحدود؟في مشهد دولي تتسارع فيه التحديات البيئية، برز صوت المغرب خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات المنعقد بمدينة نيس الفرنسية يوم 12 يونيو 2025، من خلال كلمة ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، التي ترأست أشغال اللجنة الثامنة إلى جانب الوزير الإيطالي كلاوديو باربارو. لم تكن الكلمة مجرد خطاب دبلوماسي بروتوكولي، بل جاءت محملة بإشارات قوية لتحولات استراتيجية في تموضع المغرب على خارطة الحوكمة البيئية الإقليمية والدولية. 'المحيطات تطلق نداء استغاثة' ، تقول بنعلي، في توصيف يوحي بأن العالم أمام لحظة بيئية مفصلية، حيث يلقى 22 طناً من البلاستيك في البحار كل دقيقة، وقد يتجاوز وزن البلاستيك وزن الأسماك بحلول 2050، بحسب تقارير الأمم المتحدة. لكن خلف هذا الرقم الصادم، تبرز أسئلة محورية: ما مدى استعداد الدول النامية، خصوصاً في إفريقيا، لتحويل هذه التهديدات إلى فرص سياسية واقتصادية؟ وهل يمكن حقاً تحقيق 'العدالة الزرقاء' في ظل اختلالات التمويل والتكنولوجيا والمعرفة بين الشمال والجنوب؟ 'الحدود لا توقف المد الأزرق': قراءة في منطق التعاون الإقليمي ركزت بنعلي على فكرة أن المحيطات لا تعترف بالحدود، في دعوة واضحة إلى تبني حوكمة مشتركة للموارد البحرية، وهو طرح يتقاطع مع توصيات تقارير دولية أبرزها تقرير 'التنمية المستدامة للمحيطات' الصادر عن البنك الدولي ، الذي أكد أن الاقتصاد الأزرق يمكن أن يوفر 40 مليون فرصة عمل بحلول 2030 إذا تم الاستثمار فيه بشكل عادل وشامل. لكن على المستوى المغاربي والإفريقي، ما يزال التعاون الإقليمي في المجالات البحرية يعاني من ضعف التنسيق وغياب منصات تنفيذية فعالة، رغم المبادرات الطموحة. ومن هنا، يمكن قراءة دعوة بنعلي إلى إطلاق 'تحالف إفريقي أزرق' كمحاولة مغربية لسد هذا الفراغ وإعادة تشكيل الزعامة البيئية في القارة انطلاقاً من أطروحة 'الواجهة الأطلسية'، التي تشكل إحدى ركائز الدبلوماسية الاقتصادية للمملكة. إفريقيا الزرقاء: مشروع سياسي أم رافعة تنموية؟ في معرض كلمتها، استحضرت الوزيرة المغربية 'إعلان طنجة' الذي صدر عن قمة 'أفريكا بلو'، والذي دعا إلى توحيد الرؤية الإفريقية في مجال الحوكمة البحرية. هنا يطرح التساؤل: هل يشكل هذا الإعلان بداية تبلور تكتل بيئي إفريقي قادر على فرض مطالبه في مفاوضات التمويل المناخي العالمي، أم أنه سيظل حبيس البلاغات الختامية والمناسبات الدبلوماسية؟ وفق تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن أقل من 10% من التمويلات المناخية العالمية تصل إلى إفريقيا ، رغم أن القارة هي من بين أكثر المناطق تضرراً من تغيّر المناخ، خصوصاً في سواحلها الغربية والشرقية. ومن هذا المنظور، يمكن النظر إلى تحرك المغرب ليس فقط كموقف أخلاقي، بل أيضاً كورقة ضغط سياسية لتعزيز المطالب القارية في إعادة هيكلة تدفقات التمويل الأخضر. المعرفة والحوكمة: ما مدى قابلية الرؤية المغربية للتنفيذ؟ تشدد الوزيرة بنعلي على 'تحويل المعرفة إلى أداة فعل'، ما يفتح باب النقاش حول فجوة التكنولوجيا والمعلومات في الدول الإفريقية. تقارير وطنية، كمذكرة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي (CESE)، سبق أن نبّهت إلى محدودية البيانات البحرية والقدرات التقنية لدى المملكة نفسها، فكيف السبيل إذن إلى قيادة إقليمية زرقاء في ظل ضعف القاعدة العلمية والبحثية؟ هل يمكن التعويل على شراكات ثلاثية (جنوب-جنوب-شمال) لسد هذا العجز، أم أن الطريق يقتضي إعادة هيكلة أعمق للمنظومات البحثية والمؤسسات المعنية بالمجال البحري؟ نحو تحالفات عابرة للمحيطات أم تحالفات انتقائية؟ في ختام مداخلتها، دعت بنعلي إلى بناء حكامة قائمة على المعرفة والمساءلة والعدالة، وهو ما يضع على الطاولة تساؤلاً حساساً: هل يسمح النظام الدولي الحالي – القائم على تفاوت القوة والتكنولوجيا والموارد – بولادة تحالفات حقيقية قائمة على الإنصاف؟ أم أن التعاون سيظل مرتهناً للرهانات الجيوسياسية الكبرى، التي تجعل من المحيطات ساحة جديدة لصراع النفوذ بين القوى الكبرى، من الصين إلى الولايات المتحدة؟ في انتظار اختبار التنفيذ يبقى مؤتمر نيس محطة دولية رمزية، لكن اختبار الإرادة الحقيقية للدول، ومنها المغرب، سيكون في ما إذا كانت هذه الدعوات ستترجم إلى مشاريع ملموسة على الأرض: محميات بحرية محمية عابرة للحدود، شبكات رصد بحري مشتركة، صناديق تمويل إقليمية مستقلة، وتمكين حقيقي للمجتمعات الساحلية. ولعل السؤال الجوهري الذي ينبغي ألا نغفله: هل يمكن تحويل الخطاب البيئي إلى مشروع جيو-اقتصادي حقيقي يقود إفريقيا نحو السيادة الزرقاء؟ أم أن المحيط سيبقى، كما كان دائماً، مرآة للهوة بين الشعارات والواقع؟