#أحدث الأخبار مع #أمينمعلوف،النهار١٣-٠٣-٢٠٢٥منوعاتالنهارمديرة المعهد الفرنسي في لبنان لـ"النهار": الفرنكوفونية ليست قضية خاسرةفي ظل التحولات الثقافية واللغوية التي يشهدها العالم، تثار تساؤلات حول موقع الفرنكوفونية اليوم، خاصةً في لبنان، حيث تتداخل العربية والفرنسية والإنكليزية في نسيج تعليمي ثقافي. وبينما يرى البعض أن الفرنسية تصيب تراجعاً لصالح الإنكليزية، يؤكد آخرون أن التعددية اللغوية رصيد لا غنى عنه. في هذا الحوار، تتحدث سابين سكيورتينو، مديرة المعهد الفرنسي في لبنان، لـ"النهار" عن أهمية الحفاظ على اللغة الفرنسية، ودورها في التعددية الثقافية، إضافةً إلى الجهود المبذولة لتعزيزها بين الشباب، وعمّا إذا كانت "القوة الناعمة" الفرنسية لا تزال مؤثرة في عالم سريع التغيّر. يرى البعض في الفرنكوفونية "قضية خاسرة" بمواجهة الإنكليزية. ما ردّكِ على ذلك؟ برأيي، لا ينبغي وضع اللغات في مواجهة بعضها البعض. فاللغة الإنكليزية اليوم هي لغة التواصل الدولي، وهذا واقع لا يمكن إنكاره. لقد أصبحت ضرورية، لا سيما في عالم الأعمال، ومن الطبيعي أن يزداد الإقبال على تعلمها. لكن ما يصنع الفارق حقاً هو التعددية اللغوية. إتقان لغات عدّة يُعدّ ثروة حقيقية، إذ يمنح كلّ لسان منظوراً مختلفاً لفهم العالم والتفاعل معه. إنها نافذة على ثقافات أخرى وميزة حقيقية في سوق العمل. وهذه التعددية اللغوية تحديداً هي بصمة لبنان الفريدة، التي تميّزه عن باقي دول المنطقة. بفضل خيار السلطات اللبنانية اعتماد نظام تعليمي ثنائي اللغة، لا تزال الفرنسية لغة حيّة وديناميكية، إلى جانب العربية والإنكليزية. إنها جزء لا يتجزأ من الهوية اللبنانية، وميزة أساسية ينبغي الحفاظ عليها. في عالم يزداد عولمة، ما أبرز مقومات الفرنكوفونية، لا سيما من حيث التنوع الثقافي والتأثير الجيوسياسي والتعاون الدولي؟ الفرنسية اليوم هي خامس أكثر لغة تحدثاً في العالم، وهي منتشرة في القارات جميعها. ووفقاً لبيانات المنظمة الدولية للفرنكوفونية، يبلغ عدد الناطقين بالفرنسية 321 مليون شخص حول العالم. كما أنها اللغة الرسمية في 29 دولة، إلى جانب كونها معتمدة في العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي. إضافة إلى ذلك، تحظى الفرنسية بحضور قوي في الهيئات القضائية الدولية، ما يجعلها بحقّ لغة عالمية بكل المقاييس. هل ثمّة فكرة مغلوطة عن الفرنكوفونية في لبنان يجب تصحيحها؟ بدلًا من الحديث عن فكرة مغلوطة أو اعتقاد سائد، أودّ الإشارة إلى اختزال شائع يتمثل في الاعتقاد بأنّ الفرنكوفونية حكر على فرنسا. في الواقع، الفرنكوفونية هي مجتمع عالمي يجمع أفراداً يتقاسمون ليس فقط لغة مشتركة، بل أيضاً رؤية معينة للعالم وقيماً موحدة. يعدّ لبنان فاعلاً رئيسياً في هذا الفضاء الفرنكوفوني، ليس فقط من خلال دوره الثقافي والتعليمي، بل أيضاً عبر انتشار جاليته في مختلف القارات، من أفريقيا إلى الأميركيتين وأوروبا. وتزخر الأدبيات اللبنانية الفرنكوفونية بغنى استثنائي، كما يتجلى في المكانة المرموقة التي يحتلها أمين معلوف، الذي عُيّن مؤخراً أميناً دائماً للأكاديمية الفرنسية. وهناك العديد من الأسماء البارزة الأخرى، مثل جورج شحادة وإيتيل عدنان، إلى جانب كتّاب معاصرين مثل شريف مجدلاني وزينة أبي راشد. كما أنني معجبة بالابتكار اللغوي الذي يميّز الفرنسية المستخدمة في لبنان، والتي، بفعل تعدد المؤثرات، أفرزت مصطلحات وتعبيرات جديدة، مثل كلمة "بونجورين" (bonjoureïn) التي تعكس تفاعل اللغة مع البيئة الثقافية المحلية. ما التحديات الرئيسية التي يواجهها المعهد الفرنسي في لبنان للحفاظ على الفرنكوفونية وتعزيزها؟ أحد التحديات الرئيسية يتعلق بالحفاظ على جودة اللغة الفرنسية. فمع الأزمة التي يمر بها البلد منذ أكثر من خمس سنوات، اختار العديد من المعلمين مغادرة لبنان. لذا، يصبح من الضروري التأكّد من أن الأجيال الجديدة من المعلمين ستكون مدربة بشكل جيد، سواء على المستوى اللغوي أو على مستوى الأساليب التربوية في تعليم الفرنسية التي تشهد تطوراً مستمراً. لذلك، يعمل المعهد الفرنسي مع المركز الوطني للبحوث والإنماء التابع لوزارة التربية والتعليم العالي في هذه المواضيع. نحن نتبادل بشكل دوري مع العديد من كليات التربية وعلوم التعليم، خاصة في الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف. كما نقوم بأنشطة تعاون مباشرة في المدارس الشريكة على الأرض. لبنان يتمتع، على سبيل المثال، بأكبر شبكة مدارس معتمدة في العالم التي تطبق البرامج الدراسية الفرنسية، إذ يضمّ 64 مؤسسة تعليمية تضم نحو 63 ألف طالب. كما نتعاون مع أكثر من مئة مدرسة لبنانية ناطقة بالفرنسية أو مدارس لبنانية ناطقة بالإنكليزية ترغب في تعزيز اللغة الفرنسية، وقد منحناها شهادة تقدير تعترف بتميز التعليم باللغة الفرنسية. نحن نرافقهم في تعزيز مهارات المعلمين اللغوية وتطوير الأنشطة الثقافية باللغة الفرنسية لطلابهم. ألا ينبغي أن تتطور الفرنكوفونية نحو رؤية أكثر تعددية - ثقافياً ولغوياً - لجذب الأجيال الشابة؟ لا يمكنني تصور الفرنكوفونية إلا ضمن إطار ثراء التعددية اللغوية وقوتها. لجذب الأجيال الشابة، يبقى الدافع هو العنصر الأهم. والسؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو "لماذا نتعلم لغة أخرى في الأساس؟"، فاللغة ليست غاية بحدّ ذاتها، بل وسيلة يجب أن تمنح شعوراً بالرضا وتفتح آفاقاً جديدة. العمل على تغيير التصورات أمر أساسي. أستشهد غالباً بمثال اللغة اليابانية أو الكورية، إذ يزداد عدد الشباب الراغبين في تعلمهما بسبب اهتمامهم بالـ"مانغا" أو موسيقى الـ" الكي بوب". جعل اللغة الفرنسية جذابة للأجيال الجديدة يعني توفير منافذ إليها عبر قنوات أخرى غير التعلم التقليدي الذي قد يبدو جافاً بسبب القواعد النحوية المعقّدة. لهذا السبب، يعمل المعهد الفرنسي في لبنان على تطوير برامج مبتكرة متعددة، تشمل الموسيقى، والرياضة، والسينما، والتكنولوجيا الرقمية، وحتى المشاركة المدنية، حيث تُمارَس الفرنسية كلغة حية وملموسة، لا كمجرّد مفهوم نظري بحت. هل لا يزال بإمكاننا الحديث عن "قوة ناعمة" فرنسية من خلال اللغة والثقافة؟ نحن محظوظون بامتلاكنا أكبر شبكة ثقافية في العالم، وهي منظومة فريدة تضم 137 جهازاً للتعاون والعمل الثقافي، و100 معهد فرنسي، و830 تحالفاً فرنسياً، إضافةً إلى أكبر شبكة تعليمية تتألف من 600 مؤسسة مدرسية تستقبل ما يقارب 398 ألف طالب في 139 دولة. لا يوجد أي نظير لهذه المنظومة على مستوى العالم! من خلال هذه الشبكة، نلمس يومياً مدى الاهتمام الكبير باللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية. وأعتقد أنّ ذلك يعود إلى أهمية الفرنسية في المجال المهني، كما سبق أن أوضحت، وأيضاً إلى كون فرنسا لا تزال مرجعاً عالمياً في مجالات الفن، والأدب، والسينما، والموضة، وفن الطهو. وبالتالي، لا تزال "القوة الناعمة" الفرنسية حاضرة وبقوة. كيف يمكن للفرنكوفونية أن تتكيف وتتطور في عالم يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي، خاصةً من حيث الحفاظ على اللغة والثقافة والتواصل؟ يشكل التطور السريع للذكاء الاصطناعي، ولا سيما الذكاء الاصطناعي التوليدي، مصدر قلق كبير، إذ إنه يُحدث تحولات جذرية في حياتنا اليومية. ويعتبره البعض تهديداً للتنوع اللغوي بسبب هيمنة اللغة الإنكليزية. لكن يمكن أيضاً تحويله إلى فرصة إذا استُخدم بشكل صحيح. ومن هنا تكمن أهمية العمل على تطوير الخوارزميات ونماذج الذكاء الاصطناعي لضمان عدم توليدها لتحيزات تؤثر على تمثيل اللغات والثقافات. فالذكاء الاصطناعي المُتحكَّم به - وهو ما يتطلب تكوين الأفراد وتأهيلهم - يمكن أن يوسّع الآفاق من خلال تعزيز الإبداع، وتحسين الإنتاجية، وتسهيل الوصول إلى المحتوى، وإثرائه بشكل مستمر، بما في ذلك المحتوى الفرنكوفوني.
النهار١٣-٠٣-٢٠٢٥منوعاتالنهارمديرة المعهد الفرنسي في لبنان لـ"النهار": الفرنكوفونية ليست قضية خاسرةفي ظل التحولات الثقافية واللغوية التي يشهدها العالم، تثار تساؤلات حول موقع الفرنكوفونية اليوم، خاصةً في لبنان، حيث تتداخل العربية والفرنسية والإنكليزية في نسيج تعليمي ثقافي. وبينما يرى البعض أن الفرنسية تصيب تراجعاً لصالح الإنكليزية، يؤكد آخرون أن التعددية اللغوية رصيد لا غنى عنه. في هذا الحوار، تتحدث سابين سكيورتينو، مديرة المعهد الفرنسي في لبنان، لـ"النهار" عن أهمية الحفاظ على اللغة الفرنسية، ودورها في التعددية الثقافية، إضافةً إلى الجهود المبذولة لتعزيزها بين الشباب، وعمّا إذا كانت "القوة الناعمة" الفرنسية لا تزال مؤثرة في عالم سريع التغيّر. يرى البعض في الفرنكوفونية "قضية خاسرة" بمواجهة الإنكليزية. ما ردّكِ على ذلك؟ برأيي، لا ينبغي وضع اللغات في مواجهة بعضها البعض. فاللغة الإنكليزية اليوم هي لغة التواصل الدولي، وهذا واقع لا يمكن إنكاره. لقد أصبحت ضرورية، لا سيما في عالم الأعمال، ومن الطبيعي أن يزداد الإقبال على تعلمها. لكن ما يصنع الفارق حقاً هو التعددية اللغوية. إتقان لغات عدّة يُعدّ ثروة حقيقية، إذ يمنح كلّ لسان منظوراً مختلفاً لفهم العالم والتفاعل معه. إنها نافذة على ثقافات أخرى وميزة حقيقية في سوق العمل. وهذه التعددية اللغوية تحديداً هي بصمة لبنان الفريدة، التي تميّزه عن باقي دول المنطقة. بفضل خيار السلطات اللبنانية اعتماد نظام تعليمي ثنائي اللغة، لا تزال الفرنسية لغة حيّة وديناميكية، إلى جانب العربية والإنكليزية. إنها جزء لا يتجزأ من الهوية اللبنانية، وميزة أساسية ينبغي الحفاظ عليها. في عالم يزداد عولمة، ما أبرز مقومات الفرنكوفونية، لا سيما من حيث التنوع الثقافي والتأثير الجيوسياسي والتعاون الدولي؟ الفرنسية اليوم هي خامس أكثر لغة تحدثاً في العالم، وهي منتشرة في القارات جميعها. ووفقاً لبيانات المنظمة الدولية للفرنكوفونية، يبلغ عدد الناطقين بالفرنسية 321 مليون شخص حول العالم. كما أنها اللغة الرسمية في 29 دولة، إلى جانب كونها معتمدة في العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي. إضافة إلى ذلك، تحظى الفرنسية بحضور قوي في الهيئات القضائية الدولية، ما يجعلها بحقّ لغة عالمية بكل المقاييس. هل ثمّة فكرة مغلوطة عن الفرنكوفونية في لبنان يجب تصحيحها؟ بدلًا من الحديث عن فكرة مغلوطة أو اعتقاد سائد، أودّ الإشارة إلى اختزال شائع يتمثل في الاعتقاد بأنّ الفرنكوفونية حكر على فرنسا. في الواقع، الفرنكوفونية هي مجتمع عالمي يجمع أفراداً يتقاسمون ليس فقط لغة مشتركة، بل أيضاً رؤية معينة للعالم وقيماً موحدة. يعدّ لبنان فاعلاً رئيسياً في هذا الفضاء الفرنكوفوني، ليس فقط من خلال دوره الثقافي والتعليمي، بل أيضاً عبر انتشار جاليته في مختلف القارات، من أفريقيا إلى الأميركيتين وأوروبا. وتزخر الأدبيات اللبنانية الفرنكوفونية بغنى استثنائي، كما يتجلى في المكانة المرموقة التي يحتلها أمين معلوف، الذي عُيّن مؤخراً أميناً دائماً للأكاديمية الفرنسية. وهناك العديد من الأسماء البارزة الأخرى، مثل جورج شحادة وإيتيل عدنان، إلى جانب كتّاب معاصرين مثل شريف مجدلاني وزينة أبي راشد. كما أنني معجبة بالابتكار اللغوي الذي يميّز الفرنسية المستخدمة في لبنان، والتي، بفعل تعدد المؤثرات، أفرزت مصطلحات وتعبيرات جديدة، مثل كلمة "بونجورين" (bonjoureïn) التي تعكس تفاعل اللغة مع البيئة الثقافية المحلية. ما التحديات الرئيسية التي يواجهها المعهد الفرنسي في لبنان للحفاظ على الفرنكوفونية وتعزيزها؟ أحد التحديات الرئيسية يتعلق بالحفاظ على جودة اللغة الفرنسية. فمع الأزمة التي يمر بها البلد منذ أكثر من خمس سنوات، اختار العديد من المعلمين مغادرة لبنان. لذا، يصبح من الضروري التأكّد من أن الأجيال الجديدة من المعلمين ستكون مدربة بشكل جيد، سواء على المستوى اللغوي أو على مستوى الأساليب التربوية في تعليم الفرنسية التي تشهد تطوراً مستمراً. لذلك، يعمل المعهد الفرنسي مع المركز الوطني للبحوث والإنماء التابع لوزارة التربية والتعليم العالي في هذه المواضيع. نحن نتبادل بشكل دوري مع العديد من كليات التربية وعلوم التعليم، خاصة في الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف. كما نقوم بأنشطة تعاون مباشرة في المدارس الشريكة على الأرض. لبنان يتمتع، على سبيل المثال، بأكبر شبكة مدارس معتمدة في العالم التي تطبق البرامج الدراسية الفرنسية، إذ يضمّ 64 مؤسسة تعليمية تضم نحو 63 ألف طالب. كما نتعاون مع أكثر من مئة مدرسة لبنانية ناطقة بالفرنسية أو مدارس لبنانية ناطقة بالإنكليزية ترغب في تعزيز اللغة الفرنسية، وقد منحناها شهادة تقدير تعترف بتميز التعليم باللغة الفرنسية. نحن نرافقهم في تعزيز مهارات المعلمين اللغوية وتطوير الأنشطة الثقافية باللغة الفرنسية لطلابهم. ألا ينبغي أن تتطور الفرنكوفونية نحو رؤية أكثر تعددية - ثقافياً ولغوياً - لجذب الأجيال الشابة؟ لا يمكنني تصور الفرنكوفونية إلا ضمن إطار ثراء التعددية اللغوية وقوتها. لجذب الأجيال الشابة، يبقى الدافع هو العنصر الأهم. والسؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو "لماذا نتعلم لغة أخرى في الأساس؟"، فاللغة ليست غاية بحدّ ذاتها، بل وسيلة يجب أن تمنح شعوراً بالرضا وتفتح آفاقاً جديدة. العمل على تغيير التصورات أمر أساسي. أستشهد غالباً بمثال اللغة اليابانية أو الكورية، إذ يزداد عدد الشباب الراغبين في تعلمهما بسبب اهتمامهم بالـ"مانغا" أو موسيقى الـ" الكي بوب". جعل اللغة الفرنسية جذابة للأجيال الجديدة يعني توفير منافذ إليها عبر قنوات أخرى غير التعلم التقليدي الذي قد يبدو جافاً بسبب القواعد النحوية المعقّدة. لهذا السبب، يعمل المعهد الفرنسي في لبنان على تطوير برامج مبتكرة متعددة، تشمل الموسيقى، والرياضة، والسينما، والتكنولوجيا الرقمية، وحتى المشاركة المدنية، حيث تُمارَس الفرنسية كلغة حية وملموسة، لا كمجرّد مفهوم نظري بحت. هل لا يزال بإمكاننا الحديث عن "قوة ناعمة" فرنسية من خلال اللغة والثقافة؟ نحن محظوظون بامتلاكنا أكبر شبكة ثقافية في العالم، وهي منظومة فريدة تضم 137 جهازاً للتعاون والعمل الثقافي، و100 معهد فرنسي، و830 تحالفاً فرنسياً، إضافةً إلى أكبر شبكة تعليمية تتألف من 600 مؤسسة مدرسية تستقبل ما يقارب 398 ألف طالب في 139 دولة. لا يوجد أي نظير لهذه المنظومة على مستوى العالم! من خلال هذه الشبكة، نلمس يومياً مدى الاهتمام الكبير باللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية. وأعتقد أنّ ذلك يعود إلى أهمية الفرنسية في المجال المهني، كما سبق أن أوضحت، وأيضاً إلى كون فرنسا لا تزال مرجعاً عالمياً في مجالات الفن، والأدب، والسينما، والموضة، وفن الطهو. وبالتالي، لا تزال "القوة الناعمة" الفرنسية حاضرة وبقوة. كيف يمكن للفرنكوفونية أن تتكيف وتتطور في عالم يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي، خاصةً من حيث الحفاظ على اللغة والثقافة والتواصل؟ يشكل التطور السريع للذكاء الاصطناعي، ولا سيما الذكاء الاصطناعي التوليدي، مصدر قلق كبير، إذ إنه يُحدث تحولات جذرية في حياتنا اليومية. ويعتبره البعض تهديداً للتنوع اللغوي بسبب هيمنة اللغة الإنكليزية. لكن يمكن أيضاً تحويله إلى فرصة إذا استُخدم بشكل صحيح. ومن هنا تكمن أهمية العمل على تطوير الخوارزميات ونماذج الذكاء الاصطناعي لضمان عدم توليدها لتحيزات تؤثر على تمثيل اللغات والثقافات. فالذكاء الاصطناعي المُتحكَّم به - وهو ما يتطلب تكوين الأفراد وتأهيلهم - يمكن أن يوسّع الآفاق من خلال تعزيز الإبداع، وتحسين الإنتاجية، وتسهيل الوصول إلى المحتوى، وإثرائه بشكل مستمر، بما في ذلك المحتوى الفرنكوفوني.