#أحدث الأخبار مع #أندروكيفنووكر،الجزيرة١٦-٠٣-٢٠٢٥ترفيهالجزيرة'سبعة'.. ظلام مرعب بارد صنع مدرسة فنية وإرثا سينمائيامتى يسمح لنا بوصف فيلم ما بأنه كلاسيكي أو تحفة فنية؟ أرى أن ثلاثين عاما تكفي، ومع ذلك فإني أرى فيلم 'سبعة' (Se7en) لـ'ديفيد فينشر' كلاسيكية معاصرة قبل ذلك بكثير. لا أظن أن هذه التحفة ستخلو منها أي قائمة لأفضل أفلام القتلة المتسلسلين، وهي نوع فرعي لسينما الجريمة والغموض. شاهدت الفيلم مرة أخرى مع إعادة إصداره في ترميم جديد بدقة 'فور كي' (4K) بإشراف مخرجه 'فينشر'، وقد عُرض في قاعات السينما بتقنية آيماكس' (IMAX). ولا يزال جوهرة سينمائية مذهلة، جريئة وحزينة، لا تخلو من روح دعابة تتخلل أشد اللحظات قتامة. أُصدر فيلم 'سبعة' منتصف التسعينيات، وسرعان ما أبهر الجماهير حول العالم، بسرده المظلم ومزاجه البصري الفريد، إلى جانب ذروة لا تنسى. كان الفيلم في سياقه الزمني كابوسا عبثيا لنهاية القرن، وتعبيرا غاضبا عن نوع من الاغتراب وخيبة الأمل. والآن وبعد ثلاثة عقود من عرضه الأول لا يزال عالم الفيلم هو عالمنا، ولا يزال الإنسان هو الإنسان. يلامس الفيلم سؤالين جوهريين متصلين: كيف يحافظ الإنسان على اتزانه في عالم اختل توازنه منذ زمن بعيد، مواصلا سقوطه الحر في فراغ الاحتمالات؟ ثم هل يمكن أن يولد أمل في وضع كهذا؟ 'ليس كل شيء على ما يرام'.. عودة بعد انكسار يقول المخرج الأمريكي 'ديفيد فينشر': يذهب بعض الجمهور إلى السينما لتذكيرهم بأن كل شيء على ما يرام، أنا لا أصنع مثل هذه الأفلام، وأراها نوعا من الخداع؛ فليس كل شيء على ما يرام. حين وصل سيناريو 'سبعة' إلى يد 'فينشر' كان يداوي جراح الفشل المروع لفيلمه الأول 'الفضائي3' (Alien3) الذي عُرض عام 1992، وكان تجربة فظيعة تركته يائسا وغير راغب بالعودة لصناعة السينما. يتذكر 'فينشر' إحساس الدهشة الذي منحه إياه سيناريو 'أندرو كيفن ووكر'، وما أعاد له من رغبة في الإخراج السينمائي مرة أخرى، وإن ظل متشككا في القدرة على تنفيذه ضمن المنظومة الهوليودية؛ فقد كان السيناريو معقدا ومظلما بشكل مذهل، وخاليا تماما من التنازلات. هذا فيلم لن يمنحك أي طمأنينة عند نهايته، على عكس ما تفعله السينما الهوليودية. فـ'فينشر' يمسك بدقة بتفرد النص، ويصر على الحفاظ عليه كما هو، فما كان عليك أن تعلمه من تجربته الأولى هو أن عليك أن تكافح من أجل رؤيتك، لأنك وحدك من سيتلقى اللوم في النهاية. ظلام مطلق يمزق عباءة البهجة في هوليود جزء من غرابة الفيلم أنه فيلم 'تيار سائد' (Mainstream Cinema)، ففي النهاية هو فيلم 'براد بيت' الذي كان نجمه قد بدأ يلمع في هوليود، ويدور حول محققيْ شرطة يسعيان لإيقاف قاتل متسلسل يختار ضحاياه طبقا للخطايا السبع. لكن تخمين النتيجة النهائية في الفيلم ضرب من المستحيل، ويصفه 'روجر إيبرت' في مقاله 'عظات مكتوبة بالدم' بأنه من أكثر الأفلام قتامة ووحشية على الإطلاق في التيار السائد لسينما هوليود. كان الظلام المطلق الذي يسود الفيلم شيئا نادرا مما نراه في الأفلام الأمريكية يومئذ، فقد كانت سينما التسعينيات محافظة إلى حد بعيد، وترغب في إرضاء الجمهور، بتقديم ما هو متوقع ومطمئن، ومن هنا تأتي صدمة فيلم 'فينشر'. هذا فيلم يصعب أيضا تصنيفه عند تحليله النهائي. نعم إنه يحوي كل العناصر التقليدية لأفلام الجريمة والغموض وسينما المحققين، لكنه في الطريق إلى نهايته الصادمة يقلب كل شيء رأسا على عقب. فقد خلق 'فينشر' هنا جمالية متفردة، معتمدا على نص 'ووكر'، وقد نسخت تلك الجمالية مرات عدة، وتركت أثرا باقيا على أفلام الجريمة التالية. 'الطريق من الجحيم إلى النور طويل وشاق' تدور أحداث فيلم 'سبعة' في مدينة تظل مجهولة حتى النهاية، مدينة لا تكف سماؤها عن المطر، ولا يخفت ضجيجها أبدا، إنها حاضرة دائما لكنه حضور شبحي، فهي معزولة خلف النوافذ والمطر، إنها أشبه بمجسم معماري مثالي لعالم مظلم حتى النخاع، ففي كل زاوية جريمة، وكل شيء خارج عن السيطرة. هذه التفاصيل والدلالات عن عالم 'سبعة' تجعله يتجاوز فيلم الإثارة والجريمة القياسي. العالم الفيلمي، وطبيعة الجرائم ذات الطابع التكفيري، وكذلك أساليب القتل، كلها أكثر انسجاما مع سينما الرعب. إذا كان للضحايا خطايا مميتة، فإن موتهم يأتي مروعا. أستعيد مشهد التحقيق مع ذلك الرجل الذي أجبره القاتل على الرذيلة مع بائعة هوى بمدية قاتلة، أتذكر شحوب وجهه وارتعاد جسده كاملا، وصرخته 'ساعدني يا رب'، فيبدو لي وكأنه شاهد وحشا خارجا من فيلم مرعب. يصف الطبيب ضحية أخرى لوحش 'جون دو' (الممثل كيفن سبايسي) بما يلي: 'لقد مر بتجربة من الألم والعذاب أكثر من أي إنسان آخر صادفته في حياتي، ولا يزال لديه الجحيم ليتطلع اليه'. تظل مفارقة الرعب الأكثر نفاذا في فيلم 'فينشر'، أنك حين تقابل الوحش في النهاية ستجده مجرد رجل عادي. 'الطريق الصاعد من الجحيم إلى النور طويل وشاق'. هكذا يعظ 'جون دو'، ويذهب 'سومرست' (الممثل مورغان فريمان) ليطالع الفردوس المفقود الذي اقتبس القاتل عظته منه، وهناك يطالع أيضا 'جحيم دانتي' وحكايات 'كانتربري لتشوسر'. جحيم الرعب البارد يهز الأعماق يقدم 'فينشر' لمحات من رسوم 'غوستاف دوري' لـ'جحيم دانتي'، لرؤى المعذبين هناك، بما في ذلك التصوير الشهير لامرأة لها أرجل عنكبوت. وهي لمحات تعزز أجواء الرعب في الفيلم. لكن جحيم 'فينشر' بارد؛ يميل إلى ألوان باردة وغير مشبعة. تفتقر المساحات الداخلية إلى إضاءة كافية، فيبدو الأثاث الداخلي دافئا أحيانا مثل شقة 'سومرست' أو مسكن 'ميلز'، عبر اللون الأصفر الدافئ، لجعلها مساحات أمان قليلة داخل هذا الجحيم، لكنك تعرف أن الجحيم سيطال كل مكان في النهاية. يستخدم 'فينشر' أيضا عدسات طويلة تعزل الشخصيات عن المحيط، معززة حس العزلة وعدم المبالاة، كما تضغط المساحات أيضا فتبدو الإطارات خانقة. فإذا كانت القتامة سمة رئيسية في سينما 'فينشر'، فلا يوجد من أفلامه ما هو أكثر قتامة من هذا الفيلم. إذا كان فيلم الرعب الجيد يفعل دائما ما هو أكثر من إثارة اشمئزازنا، بصور مروعة ودموية، بل يخيفنا حقا بطريقة تهزنا حتى النخاع، عبر ملامسة مخاوفنا وقلقنا الحقيقي، فإن هذا ما يفعله سبعة. ما الذي يثير رعب 'سومرست' حقا؟ إنه ليس شيئا يخضع لمنطق، وكل شيء بات خارج السيطرة وعصيا على الفهم أو التوقع. يثير رعبه أيضا عدم مبالاة الناس، فهناك ظلمة باردة ومهددة عالقة في الأجواء، هذا هو الإحساس الذي يخلقه 'فينشر' هنا، في حين تركز أفلام الرعب الأخرى على الدماء، ولكن نادرا ما يسمح لنا 'فينشر' برؤية الطبيعة الكاملة لبشاعة الجرائم، بل تبقى الجرائم بعيدا عن الشاشة، تاركا الباقي لخيال المشاهد. 'لا بد أن يكون الأمر مخيفا'.. فلسفة الصورة يقول المصور السينمائي 'داريوس خوندجي' إن 'ديفيد فينشر' حين أراد أول مرة أن يمنحه تصوره عن الفيلم همس له: لا بد أن يكون الأمر مخيفا. ما هو مثير في صورة 'فينشر' هو عمق الظلام ووحدة الظلال، وهذا ما يحدد نغمة الفيلم المرئية الفريدة، فيمتزج الظلام الحقيقي مع ظلام الحكاية المجازي. فيلم 'فينشر' ذو مظهر واقعي جدا، لكنه يلجأ لأسلبة واضحة للوصول لذلك المظهر، ويعكس مظهره ومزاجه الغريبان الانحلال الأخلاقي وعدم المبالاة الطاغية على سكان المكان، فنحن أمام عمل واقعي ذي جوهر تعبيري، وهو ما يقرّب 'سبعة' أيضا من سينما النوار. 'لن تكون لهذه الحكاية نهاية سعيدة' نحن أمام فيلم يمزج تقاليد سينما الجريمة بسينما الرعب، ومع ذلك فإن قلبه ينتمي للفيلم الأسود أو الفيلم 'نوار' (بالفرنسية: Noir). حين أتحدث هنا عن النوار، فإنني أتجاوز أسلوبيته البصرية، المعتمدة على التباين الواضح بين النور والظلال، أو حتى سرديات الجريمة والرغبات المريضة، بل أمضي نحو جوهر النوع، وهو التيار الخفي للتشاؤم بداخل هذه السرديات، الذي يقوض كل محاولة للنهايات السعيدة، ويمنع الأفلام من أن تجسد الهروب النموذجي، الذي أتقنته السينما الهوليودية التقليدية. في لحظة قرب النهاية، يجلس المحقق 'سومرست' بجانب المحقق ميلز (الممثل براد بيت) في حانة، بعد أن رأيا ما يكفي من جرائم 'جون دو'، ثم يقول له: 'أتعرف أمرا؟ لن تكون لهذه الحكاية نهاية سعيدة'. فيرد 'ميلز': 'إذا اعتقلناه فسأكون سعيدا بما يكفي'. يعرف كل من شاهد الفيلم ما سيشعر به 'ميلز حين يلقى 'جون دو' وجها لوجه. لا أعرف طريقة أخرى يمكن أن ينتهي بها الفيلم، لأنها ستكون في تناقض صارخ مع كل ما سبقها، في خصام مع قلب الفيلم نفسه، سيلفظها كأنها عضو لا يتوافق مع بقية الجسد. السينما المظلمة.. عالم تتلاشى فيه حدود الخير والشر يلاحظ الكاتب الأمريكي 'ألفريد أبل' في كتابه 'سينما نابوكوف المظلمة' بأن 'ما يوحد شتى أطياف الفيلم النوار، ويخلق شعبيتها، إلى جانب أسلوبها البصري المظلم ورؤيتها القاتمة لليأس والوحدة، هو تأكيد أن الدوافع والعواطف التي تحرك هذه الحكايات، هي دوافع وعواطف إنسانية مشتركة. يطرح 'سبعة' هذه الأسئلة 'هل أصحاب الخطيئة مختلفون عنا؟ هل نحمل جميعا إمكانية الخطيئة بداخلنا؟ هل نحن جميعا قادرون على فعل الشر؟ في سينما النوار، يتلاشى الخط الفاصل بين الخير والشر، لأن الشخصيات تدفع نحو ظروف قصوى للوجود. هذا ما يدركه 'سومرست' من البداية، فلا فرق بين 'نحن' و'هم'، بين الخاطئين والأبرياء. يرفض 'سومرست' دائما محاولة 'ميلز' إلصاق تهمة الجنون بالقاتل الذي يتعقبانه معا، ويخبره أنه إذا اتضح لهم أنه الشيطان نفسه، فهذا ما سيخالف توقعه، لأنه يعرف جيدا أنه مجرد إنسان آخر. مدينة الفيلم.. فخ يغرق الأبطال في متاهة حقيقية يعرف بطل الفيلم الأسود كيف يحافظ على انخراطه العاطفي في حده الأدنى، مما يمنحه لونا من القوة، لكنه يعمده بوحدة يظن أنها تحميه من أن ينكسر قلبه. يناسب 'سومرست' هذا الوصف بسهولة. إنه المحقق القادم من الأيام الخوالي إلى عالم حديث أنهكه تغيره. يمثل 'سومرست' البطل التقليدي للنوار الكلاسيكي، الذي تتناقض حكمته المحبطة عن الحياة مع الحماس المتفائل للمحقق 'ميلز' الغريب، الذي يأتي إلى المدينة بنيات طيبة، وبينما يتعمق أكثر فأكثر في متاهتها، يقع ضحية لإرادة المدينة. عالم الفيلم الأسود هو عالم بلا مخرج، مثل متاهة حقيقية. توفر مدينة 'سبعة' فخا لشخصيات الفيلم، كما تعكس المسار المتحول الذي يتبعه البطل على طول متاهته الداخلية. ملامح شخصيات رسمتها أثقال الزمان في الفيلم 3 شخصيات كبرى، تحمل عبء الوجود في هذا العالم، وهم 'سومرست' و'ميلز' و'جون دو'، وتمثل 'تريسي' زوجة 'ميلز' (الممثلة غوينيث بالترو) لمسة اللطف الوحيدة هنا في هذا الجحيم، ويبرر مقتلها انفجار 'ميلز' الأخير. يحتل 'سومرست' الشاشة من البداية إلى النهاية، كما تمثل شخصيته سمة الفيلم الرئيسية، فرحلته الداخلية هي التي تغلق قوس السرد والمعنى، وتشكل سمة عدم المبالاة في عالم مليء بالخطايا المميتة فكر السرد. يقول 'سومرست' في حديثه مع 'ميلز': 'الناس لا يريدون بطلا. إنهم يريدون أكل شطائر البرغر بالجبن، ومشاهدة التلفزيون'. أما 'ميلز' فهو النقيض في جدل الحكاية. يفرط السيناريو في إيجاد تناقضات الشخصيتين، بداية من تحكم الأول في مشاعره لحدودها القصوى، في حين يتغذى الآخر على مشاعره، وصولا لأبسط التفاصيل، كأن يربط 'سومرست' عقدة عنقه بصبر وأناة، ويضع 'ميلز' نافذ الصبر عقدة عنق جاهزة. كل ما يريده 'سومرست' هو الخروج من قوة الشرطة، والهروب من هذا المكان، الذي لم تعد له بوصلة يمكن الاهتداء بها في ظلماته، فيقول في يأس: لم أعد أفهم هذا المكان. أما 'ميلز' فهو ضحية تصوره عن نفسه، بصفته المحارب الوحيد لظلام العالم، في صباحه الأول في هذا المكان يودع زوجته قائلا: 'على سيربيكو أن يذهب إلى عمله'، و'سيربيكو' هو بطل فيلم يحمل الاسم نفسه، قام ببطولته 'آل باتشينو'، وأخرجه 'سيدني لوميت'، ويدور حول شرطي يقف وحيدا في وجه الفساد. يأتي 'جون دو' من أرضية اليأس الذي يخرج منها 'سومرست'، لكنه يرى نفسه عميل الرب الغامض، الذي يحمل مطرقته الثقيلة ضد الخاطئين وغير المبالين، ليسنّ سنة لمن سيأتي من بعده ويمضي على دربه. وحده 'سومرست' ليست لديه تصورات مضللة عن ذاته، فنراه في الليلة الأولى يأوي إلى سريره مع 'المترونوم' ولا يزال يتناهى إلى سمعه ضجيج العالم. ويبدأ الضجيج يتلاشى مع علو صوت 'المترونوم'، حتى يصبح الصوت الأعلى، وحينها تسترخي ملامحه وينام. هذا العالم يؤرقه تماما لدرجة تجعل النوم هدية انفصاله عنه. 'سومرست'.. شخصية تتجسد بين جملتين تصير رحلة 'ميلز' متضمنة في رحلة الرعب الكبيرة في الفيلم، فيصير ممثلا لإحدى الخطايا، وجزءا من لعبة 'جون دو' السادية. تمثل رحلة 'سومرست' المسافة بين جملتين في الفيلم؛ هما 'إلى مكان بعيد هنا'، حين يستقل سيارة أجرة في بداية الفيلم، لتقله من قلب المدينة، والأخرى 'سأكون بالجوار' في نهاية الفيلم، مجيبا سؤال رئيسه بالعمل عما سيفعله الآن. رفض 'سومرست' كلفة الحب، حين تخلى عن المرأة التي أحبها، والولد الذي تمناه في قلبه، لكن هذا عالم لا يمكنك أن تعيش فيه ولا ينكسر قلبك؛ لقد أحب 'ميلز' وزوجته، لهذا نراه محطما في النهاية. حتى لو لم يقع 'سومرست' في الحب مرة أخرى، فقد اكتشف عبر رحلته أن عليه أن يظل هنا، عليه أن يفعل ما يستطيعه، فهناك دائما ما يستحق الإنقاذ. مصباح تهتدي به الأفلام المظلمة تتجسد قمة رعب هذا الفيلم في مشهد النهاية، حين يجرى 'سومرست' لاهثا باتجاه 'ميلز'، الذي يصوب سلاحه تجاه 'جون دو' المقيد بالسلاسل، في حين يخبر المراقبين أن لدى 'جون دو' اليد العليا. منذ فيلم 'سبعة'، أصبح مألوفا وصف الأفلام القاسية والقاتمة بأنها 'مظلمة'. إنه فيلم ذو إرث حقيقي؛ ترك بصمة واضحة على السينما من بعده، وربما المسلسلات أيضا. أفلام مثل 'المنشار' أو 'باتمان' نسخة 'مات ريفيس' أو مسلسل كبير مثل 'المحقق الحقيقي' (True Detective)، كلها تدين بشيء حقيقي لتحفة 'فينشر'.
الجزيرة١٦-٠٣-٢٠٢٥ترفيهالجزيرة'سبعة'.. ظلام مرعب بارد صنع مدرسة فنية وإرثا سينمائيامتى يسمح لنا بوصف فيلم ما بأنه كلاسيكي أو تحفة فنية؟ أرى أن ثلاثين عاما تكفي، ومع ذلك فإني أرى فيلم 'سبعة' (Se7en) لـ'ديفيد فينشر' كلاسيكية معاصرة قبل ذلك بكثير. لا أظن أن هذه التحفة ستخلو منها أي قائمة لأفضل أفلام القتلة المتسلسلين، وهي نوع فرعي لسينما الجريمة والغموض. شاهدت الفيلم مرة أخرى مع إعادة إصداره في ترميم جديد بدقة 'فور كي' (4K) بإشراف مخرجه 'فينشر'، وقد عُرض في قاعات السينما بتقنية آيماكس' (IMAX). ولا يزال جوهرة سينمائية مذهلة، جريئة وحزينة، لا تخلو من روح دعابة تتخلل أشد اللحظات قتامة. أُصدر فيلم 'سبعة' منتصف التسعينيات، وسرعان ما أبهر الجماهير حول العالم، بسرده المظلم ومزاجه البصري الفريد، إلى جانب ذروة لا تنسى. كان الفيلم في سياقه الزمني كابوسا عبثيا لنهاية القرن، وتعبيرا غاضبا عن نوع من الاغتراب وخيبة الأمل. والآن وبعد ثلاثة عقود من عرضه الأول لا يزال عالم الفيلم هو عالمنا، ولا يزال الإنسان هو الإنسان. يلامس الفيلم سؤالين جوهريين متصلين: كيف يحافظ الإنسان على اتزانه في عالم اختل توازنه منذ زمن بعيد، مواصلا سقوطه الحر في فراغ الاحتمالات؟ ثم هل يمكن أن يولد أمل في وضع كهذا؟ 'ليس كل شيء على ما يرام'.. عودة بعد انكسار يقول المخرج الأمريكي 'ديفيد فينشر': يذهب بعض الجمهور إلى السينما لتذكيرهم بأن كل شيء على ما يرام، أنا لا أصنع مثل هذه الأفلام، وأراها نوعا من الخداع؛ فليس كل شيء على ما يرام. حين وصل سيناريو 'سبعة' إلى يد 'فينشر' كان يداوي جراح الفشل المروع لفيلمه الأول 'الفضائي3' (Alien3) الذي عُرض عام 1992، وكان تجربة فظيعة تركته يائسا وغير راغب بالعودة لصناعة السينما. يتذكر 'فينشر' إحساس الدهشة الذي منحه إياه سيناريو 'أندرو كيفن ووكر'، وما أعاد له من رغبة في الإخراج السينمائي مرة أخرى، وإن ظل متشككا في القدرة على تنفيذه ضمن المنظومة الهوليودية؛ فقد كان السيناريو معقدا ومظلما بشكل مذهل، وخاليا تماما من التنازلات. هذا فيلم لن يمنحك أي طمأنينة عند نهايته، على عكس ما تفعله السينما الهوليودية. فـ'فينشر' يمسك بدقة بتفرد النص، ويصر على الحفاظ عليه كما هو، فما كان عليك أن تعلمه من تجربته الأولى هو أن عليك أن تكافح من أجل رؤيتك، لأنك وحدك من سيتلقى اللوم في النهاية. ظلام مطلق يمزق عباءة البهجة في هوليود جزء من غرابة الفيلم أنه فيلم 'تيار سائد' (Mainstream Cinema)، ففي النهاية هو فيلم 'براد بيت' الذي كان نجمه قد بدأ يلمع في هوليود، ويدور حول محققيْ شرطة يسعيان لإيقاف قاتل متسلسل يختار ضحاياه طبقا للخطايا السبع. لكن تخمين النتيجة النهائية في الفيلم ضرب من المستحيل، ويصفه 'روجر إيبرت' في مقاله 'عظات مكتوبة بالدم' بأنه من أكثر الأفلام قتامة ووحشية على الإطلاق في التيار السائد لسينما هوليود. كان الظلام المطلق الذي يسود الفيلم شيئا نادرا مما نراه في الأفلام الأمريكية يومئذ، فقد كانت سينما التسعينيات محافظة إلى حد بعيد، وترغب في إرضاء الجمهور، بتقديم ما هو متوقع ومطمئن، ومن هنا تأتي صدمة فيلم 'فينشر'. هذا فيلم يصعب أيضا تصنيفه عند تحليله النهائي. نعم إنه يحوي كل العناصر التقليدية لأفلام الجريمة والغموض وسينما المحققين، لكنه في الطريق إلى نهايته الصادمة يقلب كل شيء رأسا على عقب. فقد خلق 'فينشر' هنا جمالية متفردة، معتمدا على نص 'ووكر'، وقد نسخت تلك الجمالية مرات عدة، وتركت أثرا باقيا على أفلام الجريمة التالية. 'الطريق من الجحيم إلى النور طويل وشاق' تدور أحداث فيلم 'سبعة' في مدينة تظل مجهولة حتى النهاية، مدينة لا تكف سماؤها عن المطر، ولا يخفت ضجيجها أبدا، إنها حاضرة دائما لكنه حضور شبحي، فهي معزولة خلف النوافذ والمطر، إنها أشبه بمجسم معماري مثالي لعالم مظلم حتى النخاع، ففي كل زاوية جريمة، وكل شيء خارج عن السيطرة. هذه التفاصيل والدلالات عن عالم 'سبعة' تجعله يتجاوز فيلم الإثارة والجريمة القياسي. العالم الفيلمي، وطبيعة الجرائم ذات الطابع التكفيري، وكذلك أساليب القتل، كلها أكثر انسجاما مع سينما الرعب. إذا كان للضحايا خطايا مميتة، فإن موتهم يأتي مروعا. أستعيد مشهد التحقيق مع ذلك الرجل الذي أجبره القاتل على الرذيلة مع بائعة هوى بمدية قاتلة، أتذكر شحوب وجهه وارتعاد جسده كاملا، وصرخته 'ساعدني يا رب'، فيبدو لي وكأنه شاهد وحشا خارجا من فيلم مرعب. يصف الطبيب ضحية أخرى لوحش 'جون دو' (الممثل كيفن سبايسي) بما يلي: 'لقد مر بتجربة من الألم والعذاب أكثر من أي إنسان آخر صادفته في حياتي، ولا يزال لديه الجحيم ليتطلع اليه'. تظل مفارقة الرعب الأكثر نفاذا في فيلم 'فينشر'، أنك حين تقابل الوحش في النهاية ستجده مجرد رجل عادي. 'الطريق الصاعد من الجحيم إلى النور طويل وشاق'. هكذا يعظ 'جون دو'، ويذهب 'سومرست' (الممثل مورغان فريمان) ليطالع الفردوس المفقود الذي اقتبس القاتل عظته منه، وهناك يطالع أيضا 'جحيم دانتي' وحكايات 'كانتربري لتشوسر'. جحيم الرعب البارد يهز الأعماق يقدم 'فينشر' لمحات من رسوم 'غوستاف دوري' لـ'جحيم دانتي'، لرؤى المعذبين هناك، بما في ذلك التصوير الشهير لامرأة لها أرجل عنكبوت. وهي لمحات تعزز أجواء الرعب في الفيلم. لكن جحيم 'فينشر' بارد؛ يميل إلى ألوان باردة وغير مشبعة. تفتقر المساحات الداخلية إلى إضاءة كافية، فيبدو الأثاث الداخلي دافئا أحيانا مثل شقة 'سومرست' أو مسكن 'ميلز'، عبر اللون الأصفر الدافئ، لجعلها مساحات أمان قليلة داخل هذا الجحيم، لكنك تعرف أن الجحيم سيطال كل مكان في النهاية. يستخدم 'فينشر' أيضا عدسات طويلة تعزل الشخصيات عن المحيط، معززة حس العزلة وعدم المبالاة، كما تضغط المساحات أيضا فتبدو الإطارات خانقة. فإذا كانت القتامة سمة رئيسية في سينما 'فينشر'، فلا يوجد من أفلامه ما هو أكثر قتامة من هذا الفيلم. إذا كان فيلم الرعب الجيد يفعل دائما ما هو أكثر من إثارة اشمئزازنا، بصور مروعة ودموية، بل يخيفنا حقا بطريقة تهزنا حتى النخاع، عبر ملامسة مخاوفنا وقلقنا الحقيقي، فإن هذا ما يفعله سبعة. ما الذي يثير رعب 'سومرست' حقا؟ إنه ليس شيئا يخضع لمنطق، وكل شيء بات خارج السيطرة وعصيا على الفهم أو التوقع. يثير رعبه أيضا عدم مبالاة الناس، فهناك ظلمة باردة ومهددة عالقة في الأجواء، هذا هو الإحساس الذي يخلقه 'فينشر' هنا، في حين تركز أفلام الرعب الأخرى على الدماء، ولكن نادرا ما يسمح لنا 'فينشر' برؤية الطبيعة الكاملة لبشاعة الجرائم، بل تبقى الجرائم بعيدا عن الشاشة، تاركا الباقي لخيال المشاهد. 'لا بد أن يكون الأمر مخيفا'.. فلسفة الصورة يقول المصور السينمائي 'داريوس خوندجي' إن 'ديفيد فينشر' حين أراد أول مرة أن يمنحه تصوره عن الفيلم همس له: لا بد أن يكون الأمر مخيفا. ما هو مثير في صورة 'فينشر' هو عمق الظلام ووحدة الظلال، وهذا ما يحدد نغمة الفيلم المرئية الفريدة، فيمتزج الظلام الحقيقي مع ظلام الحكاية المجازي. فيلم 'فينشر' ذو مظهر واقعي جدا، لكنه يلجأ لأسلبة واضحة للوصول لذلك المظهر، ويعكس مظهره ومزاجه الغريبان الانحلال الأخلاقي وعدم المبالاة الطاغية على سكان المكان، فنحن أمام عمل واقعي ذي جوهر تعبيري، وهو ما يقرّب 'سبعة' أيضا من سينما النوار. 'لن تكون لهذه الحكاية نهاية سعيدة' نحن أمام فيلم يمزج تقاليد سينما الجريمة بسينما الرعب، ومع ذلك فإن قلبه ينتمي للفيلم الأسود أو الفيلم 'نوار' (بالفرنسية: Noir). حين أتحدث هنا عن النوار، فإنني أتجاوز أسلوبيته البصرية، المعتمدة على التباين الواضح بين النور والظلال، أو حتى سرديات الجريمة والرغبات المريضة، بل أمضي نحو جوهر النوع، وهو التيار الخفي للتشاؤم بداخل هذه السرديات، الذي يقوض كل محاولة للنهايات السعيدة، ويمنع الأفلام من أن تجسد الهروب النموذجي، الذي أتقنته السينما الهوليودية التقليدية. في لحظة قرب النهاية، يجلس المحقق 'سومرست' بجانب المحقق ميلز (الممثل براد بيت) في حانة، بعد أن رأيا ما يكفي من جرائم 'جون دو'، ثم يقول له: 'أتعرف أمرا؟ لن تكون لهذه الحكاية نهاية سعيدة'. فيرد 'ميلز': 'إذا اعتقلناه فسأكون سعيدا بما يكفي'. يعرف كل من شاهد الفيلم ما سيشعر به 'ميلز حين يلقى 'جون دو' وجها لوجه. لا أعرف طريقة أخرى يمكن أن ينتهي بها الفيلم، لأنها ستكون في تناقض صارخ مع كل ما سبقها، في خصام مع قلب الفيلم نفسه، سيلفظها كأنها عضو لا يتوافق مع بقية الجسد. السينما المظلمة.. عالم تتلاشى فيه حدود الخير والشر يلاحظ الكاتب الأمريكي 'ألفريد أبل' في كتابه 'سينما نابوكوف المظلمة' بأن 'ما يوحد شتى أطياف الفيلم النوار، ويخلق شعبيتها، إلى جانب أسلوبها البصري المظلم ورؤيتها القاتمة لليأس والوحدة، هو تأكيد أن الدوافع والعواطف التي تحرك هذه الحكايات، هي دوافع وعواطف إنسانية مشتركة. يطرح 'سبعة' هذه الأسئلة 'هل أصحاب الخطيئة مختلفون عنا؟ هل نحمل جميعا إمكانية الخطيئة بداخلنا؟ هل نحن جميعا قادرون على فعل الشر؟ في سينما النوار، يتلاشى الخط الفاصل بين الخير والشر، لأن الشخصيات تدفع نحو ظروف قصوى للوجود. هذا ما يدركه 'سومرست' من البداية، فلا فرق بين 'نحن' و'هم'، بين الخاطئين والأبرياء. يرفض 'سومرست' دائما محاولة 'ميلز' إلصاق تهمة الجنون بالقاتل الذي يتعقبانه معا، ويخبره أنه إذا اتضح لهم أنه الشيطان نفسه، فهذا ما سيخالف توقعه، لأنه يعرف جيدا أنه مجرد إنسان آخر. مدينة الفيلم.. فخ يغرق الأبطال في متاهة حقيقية يعرف بطل الفيلم الأسود كيف يحافظ على انخراطه العاطفي في حده الأدنى، مما يمنحه لونا من القوة، لكنه يعمده بوحدة يظن أنها تحميه من أن ينكسر قلبه. يناسب 'سومرست' هذا الوصف بسهولة. إنه المحقق القادم من الأيام الخوالي إلى عالم حديث أنهكه تغيره. يمثل 'سومرست' البطل التقليدي للنوار الكلاسيكي، الذي تتناقض حكمته المحبطة عن الحياة مع الحماس المتفائل للمحقق 'ميلز' الغريب، الذي يأتي إلى المدينة بنيات طيبة، وبينما يتعمق أكثر فأكثر في متاهتها، يقع ضحية لإرادة المدينة. عالم الفيلم الأسود هو عالم بلا مخرج، مثل متاهة حقيقية. توفر مدينة 'سبعة' فخا لشخصيات الفيلم، كما تعكس المسار المتحول الذي يتبعه البطل على طول متاهته الداخلية. ملامح شخصيات رسمتها أثقال الزمان في الفيلم 3 شخصيات كبرى، تحمل عبء الوجود في هذا العالم، وهم 'سومرست' و'ميلز' و'جون دو'، وتمثل 'تريسي' زوجة 'ميلز' (الممثلة غوينيث بالترو) لمسة اللطف الوحيدة هنا في هذا الجحيم، ويبرر مقتلها انفجار 'ميلز' الأخير. يحتل 'سومرست' الشاشة من البداية إلى النهاية، كما تمثل شخصيته سمة الفيلم الرئيسية، فرحلته الداخلية هي التي تغلق قوس السرد والمعنى، وتشكل سمة عدم المبالاة في عالم مليء بالخطايا المميتة فكر السرد. يقول 'سومرست' في حديثه مع 'ميلز': 'الناس لا يريدون بطلا. إنهم يريدون أكل شطائر البرغر بالجبن، ومشاهدة التلفزيون'. أما 'ميلز' فهو النقيض في جدل الحكاية. يفرط السيناريو في إيجاد تناقضات الشخصيتين، بداية من تحكم الأول في مشاعره لحدودها القصوى، في حين يتغذى الآخر على مشاعره، وصولا لأبسط التفاصيل، كأن يربط 'سومرست' عقدة عنقه بصبر وأناة، ويضع 'ميلز' نافذ الصبر عقدة عنق جاهزة. كل ما يريده 'سومرست' هو الخروج من قوة الشرطة، والهروب من هذا المكان، الذي لم تعد له بوصلة يمكن الاهتداء بها في ظلماته، فيقول في يأس: لم أعد أفهم هذا المكان. أما 'ميلز' فهو ضحية تصوره عن نفسه، بصفته المحارب الوحيد لظلام العالم، في صباحه الأول في هذا المكان يودع زوجته قائلا: 'على سيربيكو أن يذهب إلى عمله'، و'سيربيكو' هو بطل فيلم يحمل الاسم نفسه، قام ببطولته 'آل باتشينو'، وأخرجه 'سيدني لوميت'، ويدور حول شرطي يقف وحيدا في وجه الفساد. يأتي 'جون دو' من أرضية اليأس الذي يخرج منها 'سومرست'، لكنه يرى نفسه عميل الرب الغامض، الذي يحمل مطرقته الثقيلة ضد الخاطئين وغير المبالين، ليسنّ سنة لمن سيأتي من بعده ويمضي على دربه. وحده 'سومرست' ليست لديه تصورات مضللة عن ذاته، فنراه في الليلة الأولى يأوي إلى سريره مع 'المترونوم' ولا يزال يتناهى إلى سمعه ضجيج العالم. ويبدأ الضجيج يتلاشى مع علو صوت 'المترونوم'، حتى يصبح الصوت الأعلى، وحينها تسترخي ملامحه وينام. هذا العالم يؤرقه تماما لدرجة تجعل النوم هدية انفصاله عنه. 'سومرست'.. شخصية تتجسد بين جملتين تصير رحلة 'ميلز' متضمنة في رحلة الرعب الكبيرة في الفيلم، فيصير ممثلا لإحدى الخطايا، وجزءا من لعبة 'جون دو' السادية. تمثل رحلة 'سومرست' المسافة بين جملتين في الفيلم؛ هما 'إلى مكان بعيد هنا'، حين يستقل سيارة أجرة في بداية الفيلم، لتقله من قلب المدينة، والأخرى 'سأكون بالجوار' في نهاية الفيلم، مجيبا سؤال رئيسه بالعمل عما سيفعله الآن. رفض 'سومرست' كلفة الحب، حين تخلى عن المرأة التي أحبها، والولد الذي تمناه في قلبه، لكن هذا عالم لا يمكنك أن تعيش فيه ولا ينكسر قلبك؛ لقد أحب 'ميلز' وزوجته، لهذا نراه محطما في النهاية. حتى لو لم يقع 'سومرست' في الحب مرة أخرى، فقد اكتشف عبر رحلته أن عليه أن يظل هنا، عليه أن يفعل ما يستطيعه، فهناك دائما ما يستحق الإنقاذ. مصباح تهتدي به الأفلام المظلمة تتجسد قمة رعب هذا الفيلم في مشهد النهاية، حين يجرى 'سومرست' لاهثا باتجاه 'ميلز'، الذي يصوب سلاحه تجاه 'جون دو' المقيد بالسلاسل، في حين يخبر المراقبين أن لدى 'جون دو' اليد العليا. منذ فيلم 'سبعة'، أصبح مألوفا وصف الأفلام القاسية والقاتمة بأنها 'مظلمة'. إنه فيلم ذو إرث حقيقي؛ ترك بصمة واضحة على السينما من بعده، وربما المسلسلات أيضا. أفلام مثل 'المنشار' أو 'باتمان' نسخة 'مات ريفيس' أو مسلسل كبير مثل 'المحقق الحقيقي' (True Detective)، كلها تدين بشيء حقيقي لتحفة 'فينشر'.