#أحدث الأخبار مع #أوبنإيأي،Independent عربية٢٥-٠٤-٢٠٢٥أعمالIndependent عربيةالوقود الأحفوري ورسوم ترمب يكشفان حقيقة ثمن بناء الذكاء الاصطناعيفي مطلع شهر أبريل (نيسان) الجاري صدر عن دونالد ترمب إعلانان من شأنهما أن يغيرا نظرتنا إلى التكنولوجيا إلى الأبد، أحدهما بوضوح هو اليوم الذي دخلت فيه حيز التنفيذ معدلات الرسوم الجمركية الخاصة ببلاده، والتي أعلنها قبلها بأسبوع، وتضمن ذلك الإعلان تأثيرات دراماتيكية واضحة شملت قطاع التكنولوجيا التي هبطت أسهمها فوراً وبصورة كبيرة. أما التصريح الثاني فكان أكثر تحديداً، ففي اليوم نفسه أصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية المتعلقة بصناعة الفحم، بينها أمر مخصص لتزويد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بالطاقة من خلال الوقود الأحفوري، ولقد كان ذلك إقراراً بحقيقة غالباً ما جرى تجاهلها ومفادها أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى كميات هائلة من الطاقة، وقال ترمب إن "كل هذه التكنولوجيا الجديدة التي يجري تشغيلها الآن تحتاج إلى ضعف الطاقة المتاحة حالياً، ولم يكن وحده في ذلك فقد أعرب رئيس شركة "أوبن إي أي"، سام ألتمان، عن رغبته في بناء محطات اندماج نووي لتشغيل الذكاء الاصطناعي المستقبلي، وفي اليوم الذي تلا صدور الأمر الرئاسي التنفيذي المتعلق بالفحم، ظهرت مجموعة رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي أمام الكونغرس مطالبة بمزيد من الطاقة الكهربائية. لكن ما رسخ في الأذهان كانت الصورة، فمفهوم "الذكاء الاصطناعي المدار بالفحم" يستدعي مشهداً أشبه بالخيال العلمي البخاري، محطات طاقة ومداخن دخان تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي، فهذا التصور يقوض الأسطورة التي طالما أحاطت بالتكنولوجيا الحديثة وأنها تصلنا كالسحر، نظيفة ومن دون أن تلوثها الدماء أو الطين الذي صنعت به. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واستكمالاً يتعلق جزء كبير من الإثارة التي تحيط بالذكاء الاصطناعي حاضراً بواجهة المستخدم وليس التقنيات التي يستند إليها، ولم يتمثل الاختراق التقني الذي حققه "تشات جي بي تي" بأنه أكثر ذكاء من أدوات الذكاء الاصطناعي التي سبقته، بل بإمكان التعامل معه بصورة مباشرة وبطريقة يسهل فهمها، وفق ما يتضمنه اسم ذلك البرنامج أيضاً [إشارة إلى أن كلمة تشات تعني محادثة ودردشة] مما جعل التقدم في الذكاء الاصطناعي يخفي التعقيد التقني الكامن وراءه، مما يصعب إدراك حجم العمل الفعلي الذي يبذل لتقديم هذه التجارب البسيطة، ومع ازدياد الطلب سيصبح هذا العمل أكثر وضوحاً وواقعية. وعلى نحو مشابه فقد لا يتلخص الإنجاز الأكبر الذي قد يحققه المدير التنفيذي لشركة "أبل"، تيم كوك، في "ساعة أبل" أو سماعات "إيربودس" أو نظارات "فيجن برو"، أو أي منتج آخر أُطلق خلال فترة توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، أو حتى أية منتجات مستقبلية قد تظهر قبل تقاعده، وقد لا يكون الإنجاز الأكبر هو التغييرات الجوهرية التي أحدثها في "أبل"، بدءاً من تحويل ثقافتها لتكون أقل عدوانية وأكثر انفتاحاً، أو التزاماتها المناخية، أو عملها على الأمان والخصوصية والتنوع، ولا حتى التغييرات الشخصية التي أحدثها في العالم والتي تتضمن كونه، بلا منافس، أقوى قائد أعمال مثلي الجنس في التاريخ. وبالأحرى قد يتلخص الإنجاز الأكبر [الذي سينسب إلى كوك] بشيء أكثر مباشرة وواقعية، ويتعلق ذلك بالبنية التحتية الواسعة المطلوبة لصنع مئات ملايين أجهزة "آيفون" وشحنها إلى مختلف أرجاء العالم سنوياً، وفي عام 2011، حينما أصبح المدير التنفيذي، باعت "أبل" 72 مليون جهاز "آيفون"، وقد تضاعف ذلك الرقم إلى ثلاثة أمثاله خلال العام الماضي. وتعتبر "أبل" شركة تكنولوجية غير تقليدية لأن كل جهاز "آيفون" يجب أن يجمع ويشحن، مما يتطلب عمليات مادية ملموسة تختلف بشدة عن معظم منافسيها من أمثال "ميتا" أو "غوغل"، ويقتضي كل جهاز "آيفون" أن يصنع ويباع ويرسل ثم يعاد تدويره في نهاية المطاف. وفي هذه الحال غير التقليدية تبدو شركة "أبل" في موقع فريد يجعلها من أكبر المتضررين من الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، فالبرمجيات يمكنها العبور بسهولة بين الحدود، أما سلاسل التوريد المادية، مثل تلك التي تعتمد عليها "أبل"، فتتأثر مباشرة وقد سببت هذه الرسوم اضطراباً واسعاً خلال الأيام الأخيرة مما أطاح بمئات مليارات الدولارات من قيمتها السوقية، وأثار مخاوف من أن تضطر "أبل" إلى رفع أسعار هواتفها بصورة كبيرة، لكن هذه التطورات مجتمعة تُظهر مدى الترابط الذي وصل إليه العالم اليوم، وغالباً ما يُحتفى بالتكنولوجيا لقدرتها على ربط الناس من خلال الشبكات الاجتماعية والمكالمات، لكن جهاز "آيفون" نفسه يقدم تذكيراً أكثر واقعية وأقل مثالية بطبيعة هذا الارتباط العالمي، فهو منتج مادي يُجسد تعقيدات هذا الترابط. وبصورة متكررة انتقد كوك بسبب الدور الذي أداه ضمن تلك المنظومة، وقد جاء اعتماد "أبل" على الصين من خلال مجموعة من المساومات، ويعني ذلك أن الشركة توجب عليها مثلاً إضعاف الحمايات المتعلقة بالخصوصية لمستخدمي أجهزتها في الصين. ويجادل منتقدو العولمة التي جسدتها "آبل" بأن عليها تصنيع مزيد من منتجاتها داخل الولايات المتحدة، وهو ما تهدف إليه التعرفات الجمركية، وسيحكم التاريخ مستقبلاً على مدى صلاح قرارات ترمب، سواء من الناحية الأخلاقية أو ما يتعلق بشركة "أبل"، لكن أياً كانت تبريرات تلك الرسوم التي تُعد من أبرز التدخلات الاقتصادية خلال الأعوام الأخيرة فإنها تذكرنا بأن أجهزتنا وتجاربنا التقنية لا تصلنا فجأة وتسقط من السماء، بل هي نتاج عدد لا يحصى من القرارات الحقيقية والتدخلات الملموسة من قبل أناس لن نلتقيهم أبداً، يعيشون في الجهة الأخرى من العالم، فذلك اللوح المعدني الصغير يختزن في داخله عالماً كاملاً قد يكون على وشك أن يُعاد تشكيله بطرق يستحيل علينا تخيلها.
Independent عربية٢٥-٠٤-٢٠٢٥أعمالIndependent عربيةالوقود الأحفوري ورسوم ترمب يكشفان حقيقة ثمن بناء الذكاء الاصطناعيفي مطلع شهر أبريل (نيسان) الجاري صدر عن دونالد ترمب إعلانان من شأنهما أن يغيرا نظرتنا إلى التكنولوجيا إلى الأبد، أحدهما بوضوح هو اليوم الذي دخلت فيه حيز التنفيذ معدلات الرسوم الجمركية الخاصة ببلاده، والتي أعلنها قبلها بأسبوع، وتضمن ذلك الإعلان تأثيرات دراماتيكية واضحة شملت قطاع التكنولوجيا التي هبطت أسهمها فوراً وبصورة كبيرة. أما التصريح الثاني فكان أكثر تحديداً، ففي اليوم نفسه أصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية المتعلقة بصناعة الفحم، بينها أمر مخصص لتزويد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بالطاقة من خلال الوقود الأحفوري، ولقد كان ذلك إقراراً بحقيقة غالباً ما جرى تجاهلها ومفادها أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى كميات هائلة من الطاقة، وقال ترمب إن "كل هذه التكنولوجيا الجديدة التي يجري تشغيلها الآن تحتاج إلى ضعف الطاقة المتاحة حالياً، ولم يكن وحده في ذلك فقد أعرب رئيس شركة "أوبن إي أي"، سام ألتمان، عن رغبته في بناء محطات اندماج نووي لتشغيل الذكاء الاصطناعي المستقبلي، وفي اليوم الذي تلا صدور الأمر الرئاسي التنفيذي المتعلق بالفحم، ظهرت مجموعة رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي أمام الكونغرس مطالبة بمزيد من الطاقة الكهربائية. لكن ما رسخ في الأذهان كانت الصورة، فمفهوم "الذكاء الاصطناعي المدار بالفحم" يستدعي مشهداً أشبه بالخيال العلمي البخاري، محطات طاقة ومداخن دخان تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي، فهذا التصور يقوض الأسطورة التي طالما أحاطت بالتكنولوجيا الحديثة وأنها تصلنا كالسحر، نظيفة ومن دون أن تلوثها الدماء أو الطين الذي صنعت به. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واستكمالاً يتعلق جزء كبير من الإثارة التي تحيط بالذكاء الاصطناعي حاضراً بواجهة المستخدم وليس التقنيات التي يستند إليها، ولم يتمثل الاختراق التقني الذي حققه "تشات جي بي تي" بأنه أكثر ذكاء من أدوات الذكاء الاصطناعي التي سبقته، بل بإمكان التعامل معه بصورة مباشرة وبطريقة يسهل فهمها، وفق ما يتضمنه اسم ذلك البرنامج أيضاً [إشارة إلى أن كلمة تشات تعني محادثة ودردشة] مما جعل التقدم في الذكاء الاصطناعي يخفي التعقيد التقني الكامن وراءه، مما يصعب إدراك حجم العمل الفعلي الذي يبذل لتقديم هذه التجارب البسيطة، ومع ازدياد الطلب سيصبح هذا العمل أكثر وضوحاً وواقعية. وعلى نحو مشابه فقد لا يتلخص الإنجاز الأكبر الذي قد يحققه المدير التنفيذي لشركة "أبل"، تيم كوك، في "ساعة أبل" أو سماعات "إيربودس" أو نظارات "فيجن برو"، أو أي منتج آخر أُطلق خلال فترة توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، أو حتى أية منتجات مستقبلية قد تظهر قبل تقاعده، وقد لا يكون الإنجاز الأكبر هو التغييرات الجوهرية التي أحدثها في "أبل"، بدءاً من تحويل ثقافتها لتكون أقل عدوانية وأكثر انفتاحاً، أو التزاماتها المناخية، أو عملها على الأمان والخصوصية والتنوع، ولا حتى التغييرات الشخصية التي أحدثها في العالم والتي تتضمن كونه، بلا منافس، أقوى قائد أعمال مثلي الجنس في التاريخ. وبالأحرى قد يتلخص الإنجاز الأكبر [الذي سينسب إلى كوك] بشيء أكثر مباشرة وواقعية، ويتعلق ذلك بالبنية التحتية الواسعة المطلوبة لصنع مئات ملايين أجهزة "آيفون" وشحنها إلى مختلف أرجاء العالم سنوياً، وفي عام 2011، حينما أصبح المدير التنفيذي، باعت "أبل" 72 مليون جهاز "آيفون"، وقد تضاعف ذلك الرقم إلى ثلاثة أمثاله خلال العام الماضي. وتعتبر "أبل" شركة تكنولوجية غير تقليدية لأن كل جهاز "آيفون" يجب أن يجمع ويشحن، مما يتطلب عمليات مادية ملموسة تختلف بشدة عن معظم منافسيها من أمثال "ميتا" أو "غوغل"، ويقتضي كل جهاز "آيفون" أن يصنع ويباع ويرسل ثم يعاد تدويره في نهاية المطاف. وفي هذه الحال غير التقليدية تبدو شركة "أبل" في موقع فريد يجعلها من أكبر المتضررين من الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، فالبرمجيات يمكنها العبور بسهولة بين الحدود، أما سلاسل التوريد المادية، مثل تلك التي تعتمد عليها "أبل"، فتتأثر مباشرة وقد سببت هذه الرسوم اضطراباً واسعاً خلال الأيام الأخيرة مما أطاح بمئات مليارات الدولارات من قيمتها السوقية، وأثار مخاوف من أن تضطر "أبل" إلى رفع أسعار هواتفها بصورة كبيرة، لكن هذه التطورات مجتمعة تُظهر مدى الترابط الذي وصل إليه العالم اليوم، وغالباً ما يُحتفى بالتكنولوجيا لقدرتها على ربط الناس من خلال الشبكات الاجتماعية والمكالمات، لكن جهاز "آيفون" نفسه يقدم تذكيراً أكثر واقعية وأقل مثالية بطبيعة هذا الارتباط العالمي، فهو منتج مادي يُجسد تعقيدات هذا الترابط. وبصورة متكررة انتقد كوك بسبب الدور الذي أداه ضمن تلك المنظومة، وقد جاء اعتماد "أبل" على الصين من خلال مجموعة من المساومات، ويعني ذلك أن الشركة توجب عليها مثلاً إضعاف الحمايات المتعلقة بالخصوصية لمستخدمي أجهزتها في الصين. ويجادل منتقدو العولمة التي جسدتها "آبل" بأن عليها تصنيع مزيد من منتجاتها داخل الولايات المتحدة، وهو ما تهدف إليه التعرفات الجمركية، وسيحكم التاريخ مستقبلاً على مدى صلاح قرارات ترمب، سواء من الناحية الأخلاقية أو ما يتعلق بشركة "أبل"، لكن أياً كانت تبريرات تلك الرسوم التي تُعد من أبرز التدخلات الاقتصادية خلال الأعوام الأخيرة فإنها تذكرنا بأن أجهزتنا وتجاربنا التقنية لا تصلنا فجأة وتسقط من السماء، بل هي نتاج عدد لا يحصى من القرارات الحقيقية والتدخلات الملموسة من قبل أناس لن نلتقيهم أبداً، يعيشون في الجهة الأخرى من العالم، فذلك اللوح المعدني الصغير يختزن في داخله عالماً كاملاً قد يكون على وشك أن يُعاد تشكيله بطرق يستحيل علينا تخيلها.