logo
#

أحدث الأخبار مع #أوربانالثاني

الاعتداءات الإفرنجية (الصليبية) على ديار العرب في الأندلس والمشرق
الاعتداءات الإفرنجية (الصليبية) على ديار العرب في الأندلس والمشرق

الدستور

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الدستور

الاعتداءات الإفرنجية (الصليبية) على ديار العرب في الأندلس والمشرق

أ. د. محمد عبده حتاملة*الحلقة التاسعةأما أحوال المسلمين في المشرق والأندلس فكانت على ما هي عليه من تفكك وتجزئة تغري الصليبيين بالمضي قدماً في مشروعهم، وهكذا جرى الإعداد للمشروع الصليبي مسبقاً.ولم تكن رحلة بطرس الناسك إلى الأراضي المقدسة سوى الشرارة التي ألهبت هذه الحروب التي اقترنت بالكثير من الفظائع الوحشية التي ارتكبها الأوروبيون ضد المسلمين، بل وضد المسيحيين الشرقيين، حتى أن الحملة الصليبية الرابعة لم توجه إلى الأراضي المقدسة، بل وجهت إلى القسطنطينية وترتب عليها احتلال هذه المدينة وإنشاء إمارة لاتينية فيها.وقد قام بطرس الناسك Pierre 1 Ermite)، ( (1050 – 1115م ) الراهب الفرنسي المتعصب بزيارة للقدس عام 446هـ / 1054م، فقد زعم أن السلاجقة يعاملون الحجاج المسيحيين الذين يؤمون بيت المقدس بظلم وقسوة وخشونة ولا بد من تخليص الأراضي. والحقيقة أن السلاجقة لم يكونوا كذلك قد انتهجوا السياسة الوفية التي استقرت منذ الفتح الإسلامي لهذه البلاد تجاه النصارى واليهود، ذلك أنهم بموجب تعاليم الدين الإسلامي يؤمنون بإله واحد، ولكنهم انحرفوا عن الصراط المستقيم، وعن الكتب المقدسة: التوراة والإنجيل، ولذلك تعامل معهم المسلمون باعتبارهم مؤمنين ضالين، واقتصر هذا التعامل على أخذ الجزية، بينما ترك لهم ممارسة شعائرهم الدينية بلا عائق ، بل إن الفتح الإسلامي لبلاد الشام بما فيها القدس كان المخلص للنصارى الأرثوذوكس والمونوفيسيين القائلين بأن للمسيح طبيعة واحدة، والنسطوريين والغرغوريين من مظالم الكنيسة البيزنطية الدينية منها والضرائبية.لقد كان بإمكان الحجاج النصارى أن يزوروا القدس وغيرها من الأراضي المقدسة دون أن تتعرض مشاعرهم الدينية للإهانة من أي نوع بعكس ما ادعاه بطرس الناسك؛ مما يدل على أن هناك أسباباً أخرى وراء شن الحروب الصليبية لا يتسع المقام لبسط تفاصيلها، ولكنها تتلخص في أن الغرب النصراني استهدف من ورائها ضرب الإسلام وحضارته في محاولة لإضعافه ثم القضاء عليه.عرج بطرس الناسك في طريقه إلى بلاده عائداً من زيارته للقدس على البابا أوربان الثاني (1088 - 1099م) الذي استمع إلى مزاعم بطرس عما يلاقيه النصارى من اضطهاد في الشرق، وأمر الناسك بنشر الدعوة في أنحاء أوروبا لإعلان الحرب المقدسة لتخليص القدس وفلسطين من أيدي المسلمين. بل بادر أوربان الثاني نفسه إلى تنظيم حملة جماهيرية على الشرق، فقد زار فرنسا وعقد في تشرين الثاني عام 1095م مجمعاً لرجال الدين في مدينة كلير من فران الفرنسية حيث توافد آلاف الفرسان وعدد كبير من ذوي الألقاب الدينية منهم (300) أسقف، و (400) من رؤساء الأديرة ومن هناك أطلق البابا أوربان الثاني النداء الذي دعا الغرب النصراني إلى الحرب الصليبية في الشرق.لقد ألقى أوربان الثاني خطاباً نارياً استمع إليه الفرسان والأسياد والفلاحون الذين كانوا يتضورون جوعاً في أوروبا، وكذلك العبيد المعذبون على أيدي أسيادهم الإقطاعيين، وقد وجد هؤلاء في وعود البابا حافزاً لتحقيق مآربهم الدنيوية تحت الغطاء الديني الذي فرده أوربان، حيث أكد أن من يتجند للدفاع عن الصليب يغتسل من ذنوبه وسيئاته.

وداعا سلوى الحوت عميدة وأيقونة الصندوق القومي الفلسطيني !غانية ملحيس
وداعا سلوى الحوت عميدة وأيقونة الصندوق القومي الفلسطيني !غانية ملحيس

ساحة التحرير

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • ساحة التحرير

وداعا سلوى الحوت عميدة وأيقونة الصندوق القومي الفلسطيني !غانية ملحيس

وداعا سلوى الحوت عميدة وأيقونة الصندوق القومي الفلسطيني ! غانية ملحيس يصعب التعبير عن وجع الفقدان الشخصي في زمن الفقدان الجماعي لآلاف الأسر الفلسطينية ومحوها من السجل المدني. ما يعطل القدرة على البوح بالألم. ويحول الإنسان منا إلى جسد بلا روح يهيم في غابة لا بقاء فيها سوى للأقوى والأكثر وحشية. ويصعب أكثر، رثاء شخص بعينه – مهما بلغ تميزه – في حضرة الإبادة الجماعية لشعب بأكمله، ما تزال حلقتها الأخيرة تتواصل للشهر التاسع عشر على التوالي في قطاع غزة ومخيمات الضفة الغربية. فتحصد أرواح عشرات آلاف الأطفال والنساء والشيوخ والصحفيين وطواقم الإسعاف قصفا، أو حرقا أو تجويعاً أوعطشا أو مرضا. ويشاهدها العالم أجمع بالبث الحي لحظة حدوثها، ولا يحرك ساكنا لوقفها. ويتابعون جميعا على الهواء مباشرة مليونين من الغزيين وجلهم مشاريع شهداء يتنقلون بين شمال القطاع ووسطه وجنوبه. يطلب منهم طغاة الكون (الذين لا يشبهون ما عرفته البشرية على امتداد تاريخها الطويل قديمه وحديثه من همجية ووحشية وتعطش للقتل والتدمير) التوجه إليها باعتبارها مناطق آمنة. ثم يتعقبونهم بالقصف جوا وبرا وبحرا. ويعلنون أن بإمكان من يبقى منهم على قيد الحياة الرحيل 'طوعا' خارج فلسطين. الأرض الموعود حصريا للشعب المختار الذي اصطفاه الخالق دونا عن سائرالأغيار وفقا للأساطير التوراتية. وحقا للأوروبيين المسيحيين وفقا للبابا أوربان الثاني – كنيسة كليرمونت- فيراند بفرنسا – عندما دعى لشن حملة صليبية لتحرير القبر المقدس (1095). وللأوروبيين اليهود وفقا لنابليون بونابارت عندما دعا يهود أوروبا للانخراط في حملته التوسعية لاحتلال المشرق لقاء وعد بإقامة دولة يهودية في فلسطين (1798). ولوزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور (الذي أصدر وعدا بالتزام بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين (1917). ومؤخرا للأمريكيين وفقا لدونالد ترامب (الذي قرر استملاك قطاع غزة فور انتهاء إسرائيل من تطهيره من أصحابه الفلسطينيين بالإبادة والتهجير (2025). فقداسة فلسطين للعرق الغربي الأبيض لا صلة لها بالارتباط الروحي بمهد الديانات السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلامية) التي بات يدين بها ثلاثة أرباع البشرية من مختلف الأعراق والأجناس والألوان والقارات. وإنما تكمن أساسا بتموضع فلسطين في مركز الوصل والفصل الجغرافي والديموغرافي والحضاري للمنطقة الجيو – استراتيجية الأهم في العالم، التي تشرف على خطوط الملاحة والتجارة والمواصلات والاتصالات الدولية. وتمتلك ثروات طبيعية ومعدنية وفيرة. وطاقة أحفورية تشكل عصب الاقتصاد العالمي باحتياطات مؤكدة هي الأضخم عالميا والأجدى اقتصاديا من حيث كلفة استخراجها. ما يجعل تحويل فلسطين إلى قاعدة استعمارية استيطانية متقدمة عازلة جغرافيا وديموغرافيا وحضاريا، للسيطرة على عموم المنطقة عنصرا حاسما في ترجيح موازين القوى الدولية. وبالتالي هدفا مركزيا للقوى الساعية للقيادة العالمية. وتاريخ فلسطين منذ آلاف السنين يدلل على أنها كانت على الدوام مفتاح النصر كما الهزيمة. وأنها بحق أم البدايات وأم النهايات كما وصفها بدقة محمود درويش. قد يبدو لافتا للبعض التوقف عند رحيل المناضلة الفلسطينية اللبنانية المخضرمة سلوى الحوت، لتوافق رحيلها مع سنة الحياة (86 عاما). وتزامنه مع حرب إبادة جماعية لاستكمال اجتثاث الشعب الفلسطيني جغرافيا وديموغرافيا وحضاريا. غير أن رثاء سلوى الحوت لا يندرج في إطار الوفاء المستحق لمناضلة صلبة، بقدر ما هو استحقاق وطني واجب اتجاه الأجيال الفلسطينية والعربية الفتية. للتعريف بمناضلة استثنائية عملت 56 عاما متصلة في الصندوق القومي الفلسطيني، فباتا كيانا واحدا. واستحقت لقب أيقونة وعميدة الصندوق القومي الفلسطيني. أكسبها عملها الطويل في الصندوق ثروة معرفية مهنية وسياسية واجتماعية لا تضاهى. تجاوزت الإلمام بالقوانين والأنظمة التي أسهمت في صياغتها وحفظها وتطويرها. ما حمى استمرار الصندوق القومي الفلسطيني عندما تعرضت منظمة التحرير الفلسطينية للاجتثاث من مراكزها، وتعرضت مقراتها للتدمير والسطو. فكانت ذاكرة سلوى الموسوعية حامية لمؤسسة الصندوق، ولشبكة علاقاته السياسية والاجتماعية والخدمية بعد حروب الاقتلاع وتدميرالمخيمات والمؤسسات. وكان لها دور أساسي في الحفاظ على الصندوق وحماية إرثه واستئناف العمل بكفاءة وسرعة. وعلى الرغم من أن سلوى الحوت لم تتمكن من مواصلة تعليمها الجامعي، إلا أن ذكاءها الفطري، وانتماءها الوطني، ووعيها السياسي، ومثابرتها الدؤوبة، وتجربتها النضالية والمهنية الطويلة، أكسبتها معارف متعددة تفوق ما تتيحه المعاهد الجامعات. وأحسب أن سلوى الحوت امتلكت معرفة بالقوانين والأنظمة تضاهي خبراء القانون. ومعرفة بأنواع وسلوك البشر تضاهي علماء النفس. تميزت سلوى بالثبات والشجاعة والتفاني. ولم تنحرف بوصلتها يوما، فأمضت جل عمرها في السعي لإحقاق الحق الفلسطيني المسلوب. وبقيت حتى الرمق الأخير ثابتة على العهد. حامية للمال العام، وفية للمناضلين، وحارسة لحقوق أسر الشهداء والجرحى والأسرى، ونصيرة للضعفاء والمظلومين. وعليه، فإن رثاء سلوى الحوت يتجاوز الخاص للعام. باعتبارها نموذجا وطنيا ونضاليا يحتذى. فسلوى الحوت لمن لا يعرفها من الأجيال الفلسطينية والعربية الفتية. ابنة عائلة الحوت العربية اللبنانية السنية العريقة. وحفيدة سليم محمد الحوت، الذي انتقل من لبنان إلى فلسطين في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، عندما كانت بلاد الشام وحدة جغرافية وسياسية واحدة، وكان التنقل بين مناطقها المختلفة تنقلا داخل الوطن الواحد. قبل أن يقطع الغزاة المستعمرون الأوروبيون أوصالها قبل أكثر من قرن. استقر جدها في مدينة يافا الفلسطينية، التي كانت المركز التجاري والثقافي الأهم في المشرق العربي. وتزوج من بناتها، وأصبح من أعيانها، وعين مختارا لأحد أحيائها. فلم تكن فلسطين عموما، ويافا خصوصا، تفرق آنذاك بين سكانها وفقا لانتماءاتهم الجغرافية والفئوية. والدها إبراهيم سليم الحوت أحد كبار تجار البرتقال. ولد في يافا وتزوج من ابنة أحد أسرها تحفة الأبيض. وسكنا حي المنشية. وأنجبا ستة أبناء. ولدت سلوى في 10/2/1939، قبل ستة أشهر من انتهاء الثورة الفلسطينية الكبرى (نيسان / ابريل/ 1936- أواخر آب / أغسطس/ 1939) واندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول / سبتمبر/ 1939. يكبرها أربعة أشقاء: مصطفى ونعيم وجمال وشفيق، ويصغرها وزياد. عاشت سلوى سنوات طفولتها المبكرة تحت الاحتلال البريطاني. والتحقت بالمدرسة الابتدائية للبنات في حي المنشية. ومنذ ذلك الحين بدأت تدرك معنى العيش تحت الاحتلال، فقد كانت تشاهد في ذهابها وإيابها، اعتداءات جنود الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية على أبناء شعبها العزل. صقل وعيها روايات الثورة الفلسطينية الكبرى. التي وإن فشلت في وقف المشروع الصهيوني، إلا أنها بلورت الوعي الجمعي الفلسطيني بأهمية النضال ضد الاستعمار. وأسهم انخراط عائلتها في المقاومة، ومداهمات الجيش البريطاني المتكررة لمنزلها، والاعتداء على أفراد أسرتها في ترسيخ انتمائها الوطني الفلسطيني. الذي تجذر بعد استشهاد شقيقها المناضل جمال، البالغ من العمر 24 عاما، أثناء دفاعه عن مدينة يافا. وللمفارقة تزامن يوم تشييعه الجماهيري المهيب في 4/4/1948 مع تقديم شقيقهما شفيق لامتحانات الثانوية العامة /المتريكوليشين/. فلم يتمكن من المشاركة في تشييع شقيقه الأثير إلى مقبرة الكزخانة /الرابية الحمراء/ المطلة على شاطئ البحر في حيّ الجبلية بمدينة يافا حيث تم دفنه، إلى جانب شهداء 1929 و1936 و1948. وانضم إليهم ابن يافا إبراهيم أبو لغد، صديق جمال وشفيق في 25/5/2001، وأحد المشاركين في تشييعه قبل 53 عام. إذ نجحت عائلة إبراهيم أبو لغد وأصدقاؤه بتحقيق حلمه بالعودة إلى يافا ولو جسدا. باستغلال ثغرة قانونية في نظام الدفن الإسرائيلي لتنفيذ وصيته بدفنه في المقبرة -المغلقة والممنوعة على الفلسطينيين منذ النكبة- بجوار والده وأشقائه وصديقه جمال الحوت. فكان إبراهيم أبو لغد أول لاجىء فلسطيني يعود الى مسقط رأسه في يافا. وينضم إلى رفاقه واصدقائه المناضلين. لم يكد يمضي ثلاثة أسابيع على استشهاد شقيقها جمال، حتى هاجرت سلوى في 24/4/1948 قسرا مع أفراد عائلتها إلى لبنان على متن سفينة يونانية/ دولوريس/ أقلتهم من ميناء يافا مع مهجرين فلسطينيين ولبنانيين إلى بيروت. إذ كانت السفن والمراكب تصطف في موانئ فلسطين لإجلاء الشعب الفلسطيني عن أرض وطنه. انقلب عالم الطفلة سلوى ابنة التسعة أعوام باستشهاد شقيقها، وانتقالها إلى موطن أجدادها لبنان. رغم أنها وأسرتها لا يعرفون وطنا لهم غيرفلسطين. وبالرغم من أن ذلك جنبها العيش في المخيمات كباقي اللاجئين الفلسطينين. إذ سكنت عائلتها لمدة عامين بشقق مفروشه في منطقة سوق الغرب، بانتظار عودة إلى يافا كانوا يحسبوها وشيكة، قبل أن تستقر في منطقة رأس النبع ببيروت الغربية. ولم تنس سلوى وأسرتها يوما أنهم فلسطينيين عاشوا مرارة الفقدان واللجوء. فاقمها رحيل جدها سليم في 23/8/1949. الذي قضى وهو يحلم بالعودة إلى يافا. فدفن بجوار والده وأفراد عائلته. فيما بقي رفات حفيده شقيقها جمال، وحيدا في مدينتهم الأثيرة يافا، التي باتت ممنوعة على كل أهلها المهجرين. خسرت سلوى مع شقيقها ووطنها وصديقاتها ومدرستها وحلمها بالعودة، وجدها، سنة دراسية. وأتاحت لها جذورها اللبنانية الالتحاق بالمدارس الرسمية في سوق الغرب. وبعد انتقال الأسرة لبيروت التحقت سلوى بمدرسة المقاصد للبنات، التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية. إذ كان لعائلة الحوت دور بارز في قيادة الجمعية وفي دعم التعليم والعمل الخيري الإسلامي. وكان الشيخ عبد الرحمن الحوت- الذي شغل منصب نقيب السادة الأشراف في بيروت (1901 – 1917) – قد تولى رئاسة الجمعية عام 1908. أكملت سلوى تعليمها الثانوي في مدارس المقاصد، وبعد تخرجها عملت في اتحاد الجامعيين الفلسطينيين، الذي تم تأسيسه في مطلع ستينيات القرن العشرين. والتحقت بجبهة التحرير الفلسطينية التي أسهم شقيقها شفيق مع مجموعة من المناضلين الفلسطينيين في تأسيسها عام 1963. ثم تم حلها بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 كإطار وطني فلسطيني جامع، الذي شارك به شقيقها شفيق. وعين في الاجتماع الأول للجنة التنفيذية ممثلا ومديرا لمكتب المنظمة في لبنان. تتلمذت سلوى الحوت سياسيا وفكريا على يد القائد الكبير شقيقها شفيق الحوت. ومثله، بقيت فلسطينية الهوية عربية الانتماء عصية على الاستقطاب الحزبي والانحياز التنظيمي والفئوي. وتطوعت للعمل في مكتب المنظمة ببيروت عند تأسيسه عام 1964. وشاركت عام 1965 في المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، الذي أنشىء كمنظمة شعبية وإطار نقابي نسائي تابع للمنظمة. وأصبحت عضوة في الهيئة الإدارية لفرع الاتحاد بلبنان. ونشطت مع مجموعة من الرائدات الفلسطينيات في العمل مع النساء الفلسطينيات بالمخيمات. للنهوض بوعيهن الوطني والاجتماعي والصحي والثقافي. فبادرن لتنظيم دورات لمحو الأمية، ولإحياء التراث الفلسطيني/ التطريز/. وأطلقن مشروع 'كنزة المقاتل' عام 1969 الذي تجاوز دوره توفيرالملابس الشتوية للمقاتلين الفلسطينيين في جنوب لبنان. لتعزيز الالتحام الشعبي مع المقاتلين، وتعبئة وتسييس النساء الفلسطينيات وإشراكهن في العمل النضالي السياسي والاجتماعي والنقابي. وعندما تفرغت للعمل في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، وعينت عام 1969 معتمدة للصندوق القومي الفلسطيني في لبنان. لم تستظل سلوى ولم تستقو يوما بنفوذ شقيقها شفيق، الذي كان عضوا بارزا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وممثلا لها ورئيسا لمكتب المنظمة حيث تعمل. فحرصت على استقلاليتها المهنية. وتسلحت بالقوانين والأنظمة المعتمدة. والتزمت بإنفاذها. اتسمت سلوى بشجاعة وجرأة نادرة في التصدي لمحاولات القيادات المتنفذة تجاوزالقوانين والأنظمة. وكانت من القلة القليلة القادرة على مواجهة رئيس اللجنة التنفيذية ياسر عرفات – صاحب الهالة والنفوذ الذي يحسب له ألف حساب ويهابه القادة – بالحجة والقانون. ما أكسبها احترامه وثقته. فكان على تواصل مباشر ودائم معها منذ انتقاله من الأردن إلى لبنان في تموز/ يوليو/ 1971. ومثل جميع من عمل مباشرة مع عرفات، اعتادت سلوى وصل الليل بالنهار. فلم تكن موظفة مقيدة بساعات دوام، ولم تثنها الأخطار الكبيرة خلال الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 عن المخاطرة، عندما كان عرفات ملاحقا برا وبحرا وجوا. ولم تردعها محاولات اغتيال شقيقها شفيق المتكررة. ولم تمنعها الملاحقة والتعقب بعد اقتلاع المقاومة الفلسطينية من لبنان واجتياح بيروت عام 1982. من مواصلة العمل لتقديم العون للناجين من مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982، وخلال حرب المخيمات (1985-1988). انتخبت سلوى الحوت لعضوية المجلس الوطني الفلسطيني عام 1983، وشاركت في عدد من دوراته حتى الدورة التاسعة عشرة في الجزائرعام 1988. وبقيت في بيروت حتى منتصف العام 1990، عندما طلب منها الانتقال إلى مقر الصندوق القومي الفلسطيني في عمان بالأردن، الذي كان قد أنشىء عام 1985. ذلك أن مركزه الرئيس في سوريا بات خاضعا لهيمنة المنشقين والمنظمات الموالية لسوريا، وما يزال أرشيف الصندوق محتجزا في دمشق. وقد أسهمت سلوى – التي تتمتع بذاكرة موسوعية – بدور رئيسي في استئناف الصندوق لعمله من مركزه الجديد بعمان، في مرحلة سياسية فارقة لانتزاع استقلالية القرارالفلسطيني. أعقبها انخراط قيادة المنظمة في عملية التسويات السياسية / مؤتمر مدريد ومفاوضات أوسلو/. ورغم أن نزارأبوغزالة – المدير العام للصندوق القومي الفلسطيني، آنذاك، كان يتولى مسؤولية إدارة الموارد المالية للمنظمة بإشراف عرفات. إلا أن وجود سلوى كان حيويا في مواصلة التزامات المنظمة والصندوق الاجتماعية اتجاه فلسطينيي الخارج والمناضلين. خصوصا بعد توقيع اتفاقات أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية، وانتقال القرارالسياسي والمالي الفلسطيني إلى السلطة المستحدثة داخل فلسطين عام 1995. إذ حافظ عرفات- عبر جمعه بين رئاسة السلطة والمنظمة على هامش للصندوق بإدارة بعض الموارد المالية الفلسطينية، لكن هذا الهامش تراجع بعد تولي سلام فياض وزارة المالية في 13/6/2002 وصولا إلى انتهائه كليا باستشهاد عرفات في 4/11/2004. وتغير النظام السياسي الفلسطيني. وانتقال القرار السياسي والمالي الفلسطيني للسلطة الفلسطينية الوليدة. فاقتصردورالصندوق منذ ذلك الحين على المهام التنفيذية. وعلى الرغم من إعادة بعض الاعتبار للصندوق – في أعقاب نجاح حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006. وقطع التمويل العربي والدولي عن حكومة الوحدة الوطنية. تم إنشاء مكتب للصندوق في مدينة رام الله. كقناة لاستقبال الأموال، وأسندت لسلام فياض مهمة الإشراف على إدارة الموارد المالية الفلسطينية عبره مؤقتا. وحصر دور مركز الصندوق بالمهام التنفيذية خارج فلسطين. عاصرت سلوى الحوت خلال فترة عملها في الصندوق القومي الفلسطيني على مدى 56 عام متصلة، منها 35 عام في مقرالصندوق بعمان/الأردن/ 10 رؤساء تعاقبوا على رئاسته: عبد المجيد شومان (1964 – 1969) وخالد اليشرطي (1969 – 1970) وزهير العلمي (1970 – 1971) ووليد قمحاوي (1974 – 1981) ويوسف صايغ (1981 – 1983) وصلاح الدين الدباغ (1983) وحنا ناصر (1983 – 1984) وجويد الغصين (1984 – 1996) ومحمد زهدي النشاشيبي (1996- 27/1/2020) ورمزي خوري 7/2/2022 – حتى الآن). وعملت سلوى مع عدة مدراء عامين منهم درويش الأبيض في سوريا( لا تتوفر معلومات دقيقة عن فترة خدمته)، ونزار أبو غزالة في الأردن (مطلع التسعينات حتى 2005) ورمزي خوري (انتدب لإدارة الصندوق في 1/6/2005، وعين مديرا عاما للصندوق في 29/3/2007 حتى انتخابه لرئاسة الصندوق في 7/2/2022). وحظيت خلال عملها باحترام الجميع، لمهنيتها، ونزاهتها، وصلابتها، وترفعها عن الصغائر. فلم تغتب يوما أحدا في غيابه بما لم تقله صراحة في حضوره. وأكسبها صدقها، وصراحتها في قول الحق في وجه المتنفذين، ووفاءها للمناضلين، وتواصلها مع ذوي الشهداء والجرحى والأسرى ومشاركتها أفراحهم وأتراحهم، وتواضعها الشديد، وعطفها، وحنوها الذي غمر الصغار والكبار، وانحيازها للضعفاء، ودفاعها عن المظلومين، ومساعدتها المحتاجين، محبة الجميع. ولا أغالي القول بأن سلوى تفردت بمحبة واحترام استثنائيان عكسه التشييع المهيب لمثواها الأخير في مقبرة الشهداء بعمان، وتوافد الآلاف صغارا وكبارا، عناصر وقادة، على بيت العزاء. لروحها الطاهرة المعذبة الرحمة والسكينة، والسلام في دارالحق الذي لم تعهده في الحياة الدنيا. فقد أدمتها حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وغمرها العجزعن نصرة وإغاثة أهله بحزن وألم طاغ أنهك جسدها المتعب. سيفتقدك يا سلوى كل من عرفك، فقد كنت عونا للجميع وملاذا لكل ضعيف ومحتاج. تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء. وأبقى ذكراك العطرة ومسيرتك النضالية حية في قلوب وعقول الأجيال الفلسطينية والعربية الفتية. 21/4/2025

الأردن بالسيف والدبلوماسية في مواجهة مؤتمر كليرمون
الأردن بالسيف والدبلوماسية في مواجهة مؤتمر كليرمون

عمون

time٠٨-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عمون

الأردن بالسيف والدبلوماسية في مواجهة مؤتمر كليرمون

يتصدى الأردن اليوم، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لامتدادات المقررات التي وضعها مؤتمر كليرمون قبل تسعة قرون. عُقد المؤتمر عام 1095 في فرنسا، وأطلق البابا أوربان الثاني حينها نداءه الشهير الذي دعا فيه المجتمع الغربي لاحتلال القدس، مُطلِقًا بذلك شرارة الحملات الصليبية الأولى. لم يكن هذا المؤتمر مجرد دعوة دينية، بل كان مخططًا سياسيًا واستراتيجيًا يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة القوى في الشرق الأوسط. كان الهدف المعلن هو 'تحرير القدس' من المسلمين، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير؛ فقد كانت الحروب الصليبية صراعًا معقدًا بين المصالح الدينية، والاقتصادية، والسياسية. واليوم، بعد أكثر من 900 عام، نجد أن بعض ملامح هذا الصراع لم تتغير، بل تطورت في أشكال جديدة، حيث لا تزال القدس وغزة محورًا رئيسيًا للصراع العالمي. لقد تمحورت مقررات المؤتمر حول نقاط رئيسية، أهمها: • التعبئة الدينية لتحقيق أهداف سياسية. • تشكيل تحالفات عالمية لإعادة رسم الحدود وتقسيم المصالح. • استخدام الحصار والتجويع كأدوات لتحقيق أهداف الحرب. • إصدار قرارات تتعهد بحماية ممتلكات المحاربين، ومنحهم صكوك الغفران، بالإضافة إلى وقف الحروب والنزاعات بين الدول الغربية وتشجيع جميع الطبقات على المشاركة في هذه الحملات. انطلقت تلك الحملات العسكرية ضد جميع الأديان السماوية، فعاثت فسادًا في المدن الكبرى الأوروبية ونهبت كل ما صادفها في طريقها. لم تكن سوى حروب مصالح اقتصادية وسياسية تُغلّفها ذرائع دينية استطاعت توظيف كل شيء لخدمة مصالح أمراء وملوك الحروب. لقد لعب المرتزقة دورًا رئيسيًا في تلك الحملات العسكرية، ولم يكن يهمهم أمر الإسلام أو المسيحية؛ فقد قتلوا وأفسدوا أينما حلّوا. أما التحالفات التي أُبرمت آنذاك فلم تتخذ الدين مرجعية في إدارة الصراع؛ إذ استعانت الإمبراطورية البيزنطية الوثنية بالغرب المسيحي ضد المسلمين، وتحالف الفاطميون في مصر مع الغرب ضد السلاجقة المسلمين. كما وقف ملوك أوروبا صفًا واحدًا لدعم الحملة على القدس وفلسطين مقابل السيطرة على الموانئ والتجارة والموارد الطبيعية التي تزخر بها هذه البلاد. ففي نهاية المطاف، كانت القدس مركزًا للحكم الديني لدى كل الديانات السماوية، ومن يملكها يملك السيادة الدينية على الأرض، مما يمكّنه من تسخير كل شيء لمصالحه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وأخيرًا الدينية. وهكذا، سقطت القدس عام 1099 بعد أربع سنوات فقط من انطلاق الحملة الصليبية الأولى، مُعلنةً قيام مملكة بيت المقدس. إن الصراع على القدس وغزة ليس جديدًا، بل هو صراع قديم يُعاد إنتاجه برؤية حديثة. فقد ظلت القدس محورًا للصراعات الدينية والسياسية منذ آلاف السنين، لكنها اليوم أصبحت جزءًا من منظومة أوسع تتعلق بإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية في المنطقة. وللفهم اكثر فإن السيطرة على القدس لم تعد ذات بُعد ديني فقط، بل أصبحت مسألة سياسية بامتياز؛ إذ تُستخدم القرارات الدبلوماسية، مثل اعتراف بعض الدول بالقدس عاصمةً لإسرائيل، كأدوات ضغط على الفلسطينيين والعالم الإسلامي. وكذلك الامر في غزة، التي لم تكن محورًا في الحروب الصليبية، أصبحت اليوم رمزًا للمقاومة والصراع على السيادة، حيث تُستخدم كحقل اختبار استراتيجي للقوى العالمية في كيفية إدارة الصراعات غير المتكافئة. إذا كانت الحروب الصليبية تعتمد على الجيوش والسيوف، فإن صراعات اليوم تُدار بأساليب أكثر تعقيدًا، مثل العقوبات الاقتصادية، الضغوط الدبلوماسية، والدعاية الإعلامية. لكن الجوهر يبقى كما هو إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالح القوى الكبرى، لا الشعوب التي تعيش فيها. إن ما تم التطرق إليه في هذا المقال ما هو إلا دليل واضح على أن تاريخ هذه المنطقة صراعٌ قديمٌ متجدد ، فمن يقف اليوم في مواجهة امتدادات تلك الحملات العسكرية والسياسية والدبلوماسية هو المدافع الحقيقي عن مصالح الشعب الفلسطيني، وعن القدس الشريف والمسجد الأقصى والأرض المباركة. يقف الأردن، بشعبه ومليكه المفدى عبد الله الثاني بن الحسين -حفظه الله- سدًا منيعًا يتصدى لكل محاولات الهيمنة والاحتلال، ويواصل دفاعه بالسيف والدبلوماسية عن الحق العربي والإسلامي في فلسطين. القدس عربية. ودمتم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store