أحدث الأخبار مع #أوغاريت،

الدستور
منذ 15 ساعات
- ترفيه
- الدستور
"أشرعةُ الأرجوانِ".. روايةٌ تسجيليّةٌ بروحٍ كنعانيّة لسميح مسعود
عمّان – الدستور – عمر أبو الهيجاء رحلةٌ معرفية تسجيليّةٌ في محيطاتِ الحضارة الكنعانية، تلك التي يجترحها الشاعر والكاتب والأديب الدكتور د. سميح مسعود، من خلال روايته الجديدة "أشرعة الأرجوان"، التي صاغها بالاعتماد على مصادر ثريّة بالمعلومات عن نشوء عائلة "التراجمة"، مع بداية ظهور الشعب الكنعاني في الأزمنة القديمة، زوّدهُ بها صديقه د. أنطون مبارك التراجمة. فصّل المؤلف سرده عن مسيرة عائلة صديقه وإسهاماتها في الحضارة الكنعانية، وفق كلمة الغلاف الأخير للرواية التي كتبها ربيع حمزة، كما قدّم لنا معلوماتٍ مهمة عن إسهامات الكنعانيين في تطوير الحياة البشرية، وضعها بأسلوب شيّق ولغة رشيقة، مبيّناً ابتكارهم لأبجدية أوغاريت، واكتشاف اللون الأرجواني، وإسهامات حضارية أخرى كثيرة، بما في ذلك وضع الأسس لبناء السفن الشراعية وحركة الملاحة البحرية والتجارة، والفلك والأوزان، والهندسة المعمارية، وتطوير الزراعة والأطعمة التي ورثناها عن الكنعانيين كتراثٍ مشترك، بما في ذلك المنسف والمسخَّن وأكلات أُخرى ما تزال منتشرة في بلاد الشام إلى يومنا هذا. هذا الكتاب زاخر بحقائق تستدعي منا قراءتها، لمعرفة تاريخ أجدادنا القدماء. الرّواية نفسها، وقد صدرت حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن، وجاءت بـ 132 صفحة، بغلاف أنيق ومعبّرٍ ومجسدٍ لمقولة الرواية، صمّمه بسام حمدان، يهيدها المؤلف إلى صديقه أنطون، الذي يعود أصله إلى عشيرة التراجمة الكنعانية، تلك العشيرة التي ورد ذكرها في تاريخ الأزمنة القديمة لمساهمتها في تطوير بناء السفن والملاحة البحرية، ولإنجازها سلسلة متصلة الحلقات في عمق الحضارة الكنعانية التي ظهرت مع توالي العصور وارتبطت بأوضح معانيها في تطوير الحياة البشرية وانسيابها إلى أعلى الدرجات. تفتتحُ الروايةُ بـ"تمهيد"، يضع القارئ بذلك الأثر الذي تركه الكتاب السابق لمسعود في الوجدان الجمعي للقارئ العربي، وهو كتاب "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، ومن ثَمّ ببداية علاقته بصديقه "أنطوان"، الذي قدّم له نفسّه ذات يوم عبر اتصال هاتفي، بلغة عربية واضحة: اسمي أنطون مبارك التراجمة، قريب أنطونيو التلحمي، أتحدث من مدينة لندن التي أعيشُ وأعملُ فيها رجل أعمالٍ في مجال الصناعة الكيماوية الصديقة للبيئة منذ فترة طويلة". ويخبرنا المؤلّف بشيء من تفاصيل ذلك التعارف بقوله: "أطال في حديثه بمفردات أفرحتني معانيها، عبَّر بها عن سعادته الغامرة لقراءته كتابي عن قريبه المناضل الأممي، والأبلغ تأثيراً في كلّ ما سمعتُه منه، هو قولُه إنه عاد من خلال قراءته كتابي إلى أيام طفولتِه بمدينة الكويت التي التقى فيها قريبَه قبل رحيله عن دنيانا بأيام معدودة. طالت مكالمتُه الهاتفية، طاف فيها على نحو بالغ الدلالة بمقاربته جملة اهتمامات، يتصل معظمُها بمشاهد ومعلومات عن عشيرته التلحمية المعروفة باسم "التراجمة" وبيَّن أنَّ جذورَها كنعانية، وأن أتباعَها من أقاربه في الوقت الحاضر يُقيمون في فلسطين وفي دول كثيرة في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وفي بعض الدول الأوروبية، وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، وأن أجدادَهم القدامى اهتموا بتطوير مدنهم الكنعانية الساحلية في أرض سوريا الطبيعية في مختلف المجالات، وأنهم ضبطوا وقتهم كصناع للسفن بأحجامها المختلفة، وفك شفرة تطويرها وإتقان تركيب أضلاعها الرئيسية وألواحها الخشبية المنحنية، وتصنيع مجاديفها التي تدفع الماء خلفَها عندما تمخر عباب البحار في مسارات ملاحية كثيرة، أضاءت في عصورهم القديمة فوانيس مرافئ وجزر مهمة، وصلوها على متن سفنهم بأشرعتها الأرجوانية، وردّدوا فيها عند وصولهم أناشيد معتقداتهم الدينية الوثنية، بعد مزجها بأنغام موسيقى خاصة بهم اشتهروا بعزفها، كانت تتسرب عبر أمواج البحار المحيطة بدول العالم القديم، وتبعث في نفوس سكانها الرضا والراحة وتُبعدهم عن هموم ومصاعب الحياة". ويروي المؤلف في الجزء الأول من الرواية تفاصيل اللقاءات التي جمعته بصديقه أنطوان في عمّان، ومن ذلك أن أنطوان كان أثناء حديثه عن أجداده القدامى "يُفرطُ بالتخيل، ويجد نفسه بينهم، ينهلُ من عطاءاتهم الحضارية، ويتوغل في قراهم ومدنهم المزنرة بأغصان الزيتون وسنابل القمح الطويلة، محاولاً لفت الانتباه للاهتمام بالتاريخ الكنعاني القديم، لأنه مدموغ بأحلامٍ وطنية، وسرعان ما وضّح أنطون هذا الجانب من حديثه قائلاً بلهجة جادة: - اهتمامُنا بالكنعانيين سيتصدى لوطأة ادعاءات خرافات صهيونية زائفة لا مسوغ لها، تعبر عن منطق مشوّه بأنّ أصول اليهودِ كنعانية تنحدر من شبه الجزيرة العربية". وبعد سلسلة من اللقاءات بين الصديقين، يغادر "أنطوان" عمّان، وهنا يخبرنا المؤلف بما يجولُ في رأسه حيال هذه الرواية، قائلا: "جلست على مدى أيام متواصلة في مكتبي أمام حاسوبي، وسرعان ما انهمكت، على نحو استثنائي، بالتعرّف على المصادر المحمّلة على منصة الكتب الصوتية، التي تنطوي في مجمل مادتها على أبعادٍ دلالية كنعانية، كما انهمكت أيضاً برسم الخطوط التفصيلية لمحاور كتابي، واجتاحني شعور بالراحة لأنَّ الخيوط التي اخترتُها لها، ترتبط بعدة مواضيع متشابكة يمكن أن تشكل معلوماتها التركيبة البنائية للكتاب بإيقاعٍ سردي مقبول. ولتسهيل الأمر على القارئ، تشتمل المحاور التي اخترتُها على المواضيع التالية: 1. الزمان والمكان. 2. اللغة والمعتقدات الدينية. 3. مآثر الحضارة الكنعانية. وسوف أحرصُ على تعريف هذه المواضيع تباعاً بنبذة تفصيلية على امتداد سطور الصفحات اللاحقة، وتقديمها قدر المستطاع بصيغة أدبية، ضمن منظومة معرفية محكمة". ويختتم د. مسعود الرواية، بعد أن تسير وفق المخطط الذي أراده لها من حيث البناء، بقوله: إنَّ علاقة تأسست لا شعورياً سطراً بعد سطر، مع عشيرة التراجمة الكنعانية، بسبب أواصر التآلف والأخوة التي عقدها أجدادُهم مع المسلمين في زمن حملات الفرنجة، وكلي أمل أن يتشبّث أبناء هذه العشيرة بنسيج هذه الأواصر في الزمن الحالي، وهم يقبعون في زنازين سجنهم الكبير في بيت لحم، حتى يتمكن شعب فلسطين ضمن هذا التصور من دقّ أجراس العودة في يوم قادم، سيأتي في نهاية النفق المظلم مهما طال الزمن". مسعود نفسُه شاعر وكاتب، وُلد في حيفا عام 1938، وفي عام 1967 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلغراد، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وقد أسس الصالون الثقافي الأندلسي، والمركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط في مونتريال، كندا. صدر له 55 كتابًا، وقد أصدر عن "الآن ناشرون وموزعون" المؤلفات الآتية: "تطوان وحكايا أخرى"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2017، "حصاد السنين.. مذكرات ما بعد التقاعد"، 2018، "على دروب الأندلس"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2019، "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، سيرة نضالية، 2019، "هوشيلاجا"، أول رواية عربية عن السكان الأصليين (الهنود الحمر) في كندا، 2020، "الكرملي"، رواية، 2021، "على مدارج السحاب"، شعر، 2021، "أم أسعد"، رواية، 2023.

عمون
منذ 16 ساعات
- ترفيه
- عمون
"أشرعةُ الأرجوانِ" .. روايةٌ تسجيليّةٌ بروحٍ كنعانيّة لسميح مسعود
عمون- رحلةٌ معرفية تسجيليّةٌ في محيطاتِ الحضارة الكنعانية، تلك التي يجترحها الشاعر والكاتب والأديب الدكتور د. سميح مسعود، من خلال روايته الجديدة "أشرعة الأرجوان"، التي صاغها بالاعتماد على مصادر ثريّة بالمعلومات عن نشوء عائلة "التراجمة"، مع بداية ظهور الشعب الكنعاني في الأزمنة القديمة، زوّدهُ بها صديقه د. أنطون مبارك التراجمة. فصّل المؤلف سرده عن مسيرة عائلة صديقه وإسهاماتها في الحضارة الكنعانية، وفق كلمة الغلاف الأخير للرواية التي كتبها ربيع حمزة، كما قدّم لنا معلوماتٍ مهمة عن إسهامات الكنعانيين في تطوير الحياة البشرية، وضعها بأسلوب شيّق ولغة رشيقة، مبيّناً ابتكارهم لأبجدية أوغاريت، واكتشاف اللون الأرجواني، وإسهامات حضارية أخرى كثيرة، بما في ذلك وضع الأسس لبناء السفن الشراعية وحركة الملاحة البحرية والتجارة، والفلك والأوزان، والهندسة المعمارية، وتطوير الزراعة والأطعمة التي ورثناها عن الكنعانيين كتراثٍ مشترك، بما في ذلك المنسف والمسخَّن وأكلات أُخرى ما تزال منتشرة في بلاد الشام إلى يومنا هذا. هذا الكتاب زاخر بحقائق تستدعي منا قراءتها، لمعرفة تاريخ أجدادنا القدماء. الرّواية نفسها، وقد صدرت حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن، وجاءت بـ 132 صفحة، بغلاف أنيق ومعبّرٍ ومجسدٍ لمقولة الرواية، صمّمه بسام حمدان، يهيدها المؤلف إلى صديقه أنطون، الذي يعود أصله إلى عشيرة التراجمة الكنعانية، تلك العشيرة التي ورد ذكرها في تاريخ الأزمنة القديمة لمساهمتها في تطوير بناء السفن والملاحة البحرية، ولإنجازها سلسلة متصلة الحلقات في عمق الحضارة الكنعانية التي ظهرت مع توالي العصور وارتبطت بأوضح معانيها في تطوير الحياة البشرية وانسيابها إلى أعلى الدرجات. تفتتحُ الروايةُ بـ"تمهيد"، يضع القارئ بذلك الأثر الذي تركه الكتاب السابق لمسعود في الوجدان الجمعي للقارئ العربي، وهو كتاب "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، ومن ثَمّ ببداية علاقته بصديقه "أنطوان"، الذي قدّم له نفسّه ذات يوم عبر اتصال هاتفي، بلغة عربية واضحة: اسمي أنطون مبارك التراجمة، قريب أنطونيو التلحمي، أتحدث من مدينة لندن التي أعيشُ وأعملُ فيها رجل أعمالٍ في مجال الصناعة الكيماوية الصديقة للبيئة منذ فترة طويلة". ويخبرنا المؤلّف بشيء من تفاصيل ذلك التعارف بقوله: "أطال في حديثه بمفردات أفرحتني معانيها، عبَّر بها عن سعادته الغامرة لقراءته كتابي عن قريبه المناضل الأممي، والأبلغ تأثيراً في كلّ ما سمعتُه منه، هو قولُه إنه عاد من خلال قراءته كتابي إلى أيام طفولتِه بمدينة الكويت التي التقى فيها قريبَه قبل رحيله عن دنيانا بأيام معدودة. طالت مكالمتُه الهاتفية، طاف فيها على نحو بالغ الدلالة بمقاربته جملة اهتمامات، يتصل معظمُها بمشاهد ومعلومات عن عشيرته التلحمية المعروفة باسم "التراجمة" وبيَّن أنَّ جذورَها كنعانية، وأن أتباعَها من أقاربه في الوقت الحاضر يُقيمون في فلسطين وفي دول كثيرة في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وفي بعض الدول الأوروبية، وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، وأن أجدادَهم القدامى اهتموا بتطوير مدنهم الكنعانية الساحلية في أرض سوريا الطبيعية في مختلف المجالات، وأنهم ضبطوا وقتهم كصناع للسفن بأحجامها المختلفة، وفك شفرة تطويرها وإتقان تركيب أضلاعها الرئيسية وألواحها الخشبية المنحنية، وتصنيع مجاديفها التي تدفع الماء خلفَها عندما تمخر عباب البحار في مسارات ملاحية كثيرة، أضاءت في عصورهم القديمة فوانيس مرافئ وجزر مهمة، وصلوها على متن سفنهم بأشرعتها الأرجوانية، وردّدوا فيها عند وصولهم أناشيد معتقداتهم الدينية الوثنية، بعد مزجها بأنغام موسيقى خاصة بهم اشتهروا بعزفها، كانت تتسرب عبر أمواج البحار المحيطة بدول العالم القديم، وتبعث في نفوس سكانها الرضا والراحة وتُبعدهم عن هموم ومصاعب الحياة". ويروي المؤلف في الجزء الأول من الرواية تفاصيل اللقاءات التي جمعته بصديقه أنطوان في عمّان، ومن ذلك أن أنطوان كان أثناء حديثه عن أجداده القدامى "يُفرطُ بالتخيل، ويجد نفسه بينهم، ينهلُ من عطاءاتهم الحضارية، ويتوغل في قراهم ومدنهم المزنرة بأغصان الزيتون وسنابل القمح الطويلة، محاولاً لفت الانتباه للاهتمام بالتاريخ الكنعاني القديم، لأنه مدموغ بأحلامٍ وطنية، وسرعان ما وضّح أنطون هذا الجانب من حديثه قائلاً بلهجة جادة: - اهتمامُنا بالكنعانيين سيتصدى لوطأة ادعاءات خرافات صهيونية زائفة لا مسوغ لها، تعبر عن منطق مشوّه بأنّ أصول اليهودِ كنعانية تنحدر من شبه الجزيرة العربية". وبعد سلسلة من اللقاءات بين الصديقين، يغادر "أنطوان" عمّان، وهنا يخبرنا المؤلف بما يجولُ في رأسه حيال هذه الرواية، قائلا: "جلست على مدى أيام متواصلة في مكتبي أمام حاسوبي، وسرعان ما انهمكت، على نحو استثنائي، بالتعرّف على المصادر المحمّلة على منصة الكتب الصوتية، التي تنطوي في مجمل مادتها على أبعادٍ دلالية كنعانية، كما انهمكت أيضاً برسم الخطوط التفصيلية لمحاور كتابي، واجتاحني شعور بالراحة لأنَّ الخيوط التي اخترتُها لها، ترتبط بعدة مواضيع متشابكة يمكن أن تشكل معلوماتها التركيبة البنائية للكتاب بإيقاعٍ سردي مقبول. ولتسهيل الأمر على القارئ، تشتمل المحاور التي اخترتُها على المواضيع التالية: 1. الزمان والمكان. 2. اللغة والمعتقدات الدينية. 3. مآثر الحضارة الكنعانية. وسوف أحرصُ على تعريف هذه المواضيع تباعاً بنبذة تفصيلية على امتداد سطور الصفحات اللاحقة، وتقديمها قدر المستطاع بصيغة أدبية، ضمن منظومة معرفية محكمة". ويختتم د. مسعود الرواية، بعد أن تسير وفق المخطط الذي أراده لها من حيث البناء، بقوله: إنَّ علاقة تأسست لا شعورياً سطراً بعد سطر، مع عشيرة التراجمة الكنعانية، بسبب أواصر التآلف والأخوة التي عقدها أجدادُهم مع المسلمين في زمن حملات الفرنجة، وكلي أمل أن يتشبّث أبناء هذه العشيرة بنسيج هذه الأواصر في الزمن الحالي، وهم يقبعون في زنازين سجنهم الكبير في بيت لحم، حتى يتمكن شعب فلسطين ضمن هذا التصور من دقّ أجراس العودة في يوم قادم، سيأتي في نهاية النفق المظلم مهما طال الزمن". مسعود نفسُه شاعر وكاتب، وُلد في حيفا عام 1938، وفي عام 1967 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلغراد، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وقد أسس الصالون الثقافي الأندلسي، والمركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط في مونتريال، كندا. صدر له 55 كتابًا، وقد أصدر عن "الآن ناشرون وموزعون" المؤلفات الآتية: "تطوان وحكايا أخرى"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2017، "حصاد السنين.. مذكرات ما بعد التقاعد"، 2018، "على دروب الأندلس"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2019، "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، سيرة نضالية، 2019، "هوشيلاجا"، أول رواية عربية عن السكان الأصليين (الهنود الحمر) في كندا، 2020، "الكرملي"، رواية، 2021، "على مدارج السحاب"، شعر، 2021، "أم أسعد"، رواية، 2023.

مصرس
١٠-٠٢-٢٠٢٥
- علوم
- مصرس
«أوغاريت» السورية مدينة الحضارة والأبجدية الأولى في العالم
عندما نتحدث عن الحضارات القديمة التي ساهمت في تشكيل ملامح التاريخ الإنساني، لا يمكننا تجاهل أوغاريت، المدينة السورية العريقة التي كانت جسرًا بين حضارات العالم القديم. اقرأ أيضا | أصل الحكاية| تمثال النبيل «با مر نب» تحفة فنية من عصر الدولة الحديثتقع أوغاريت في شمال غرب سوريا، بالقرب من مدينة اللاذقية الحديثة، وقد كانت مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا في الألفية الثانية قبل الميلاد، ولكن ما يجعلها فريدة من نوعها ليس فقط دورها الاقتصادي أو السياسي، بل أيضًا اكتشاف أقدم أبجدية في العالم، وهو ابتكار ثوري غير مسار التواصل البشري للأبد.في هذا التقرير، سنستعرض تاريخ أوغاريت، وأهم إنجازاتها، ودورها في تطور الحضارة الإنسانية، وكيف أثرت على الثقافات المحيطة بها.أوغاريت: مهد الحضارة والكتابةأولًا: اكتشاف أوغاريت وتاريخها القديمبدأت رحلة اكتشاف أوغاريت عام 1929 عندما عثر أحد المزارعين على قبر قديم أثناء حرث أرضه في منطقة رأس شمرا، مما قاد علماء الآثار إلى واحدة من أهم المدن الأثرية في التاريخ. تعود أصول المدينة إلى العصر البرونزي الأوسط (حوالي 2000 قبل الميلاد)، لكنها بلغت ذروتها في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، حيث أصبحت قوة اقتصادية وثقافية عظيمة.كانت أوغاريت على اتصال وثيق مع مصر الفرعونية، وبلاد الرافدين، والحثيين، مما جعلها مركزًا حضاريًا يجمع بين مختلف الثقافات. وقد أسفرت الحفريات الأثرية عن اكتشاف العديد من الألواح الطينية التي كشفت عن طبيعة الحياة اليومية، والقوانين، والعقائد الدينية في تلك الحقبة.ثانيًا: الأبجدية الأوغاريتية – ثورة في الكتابةيُعد اكتشاف الأبجدية الأوغاريتية أحد أهم إنجازات أوغاريت، حيث وُجدت في أرشيف القصر الملكي نقوش طينية تحتوي على أقدم نظام أبجدي معروف، مكوّن من 30 حرفًا مكتوبًا بالخط المسماري.لماذا كانت الأبجدية الأوغاريتية ثورية؟1- سهولة التعلم والانتشار: على عكس الكتابة المسمارية المعقدة أو الهيروغليفية التي كانت تعتمد على الرموز، قدمت أوغاريت نظامًا أبجديًا بسيطًا يمكن تعلمه بسرعة.2- أساس للغات المستقبل: أصبحت الأبجدية الأوغاريتية نموذجًا للأبجديات اللاحقة، مثل الفينيقية، والتي تطورت لاحقًا إلى الأبجدية اليونانية واللاتينية.3- أثرها على الكتابة في العالم: فتحت الباب لظهور لغات مكتوبة بأساليب جديدة، مما سرّع من تقدم الحضارات البشرية في مجالات الإدارة، والتجارة، والتوثيق الثقافي.اقرأ أيضا | ليس مجرد قطعة قماش.. قصة نسيج أوزوريس الجنائزي الفريد بالمتحف المصريثالثًا: الحياة الثقافية والدينية في أوغاريت1- الدين والأساطير الأوغاريتيةامتازت أوغاريت بثقافة دينية غنية، حيث عبد سكانها آلهة متعددة، من أهمها:إيل: الإله الأعلى في مجمع الآلهة الأوغاريتي.بعل: إله العواصف والخصوبة، الذي لعب دورًا رئيسيًا في الأساطير الأوغاريتية.عناة: إلهة الحرب والحب، والتي كانت تتمتع بمكانة بارزة في الطقوس الدينية.تم العثور على نصوص دينية وأساطير مكتوبة على ألواح طينية، مثل ملحمة بعل وعناة، والتي تصف صراع الآلهة والسيطرة على العالم، مما يعكس تأثر أوغاريت بالثقافات المجاورة وتأثيرها عليها.2- الفنون والهندسة في أوغاريتكانت أوغاريت مدينة مزدهرة بالمعابد والقصور، وأظهرت الحفريات بقايا معمارية مذهلة، من بينها:القصر الملكي: الذي كان مركز الحكم والإدارة، واحتوى على أرشيف ضخم من الألواح الطينية.المعابد الضخمة: مثل معبد بعل وعناة، التي كانت محاور دينية رئيسية.النقوش والتماثيل: التي تعكس مهارة الفنانين الأوغاريتيين في النحت وصناعة المجوهرات.رابعًا: أوغاريت كمركز تجاري عالميبفضل موقعها الجغرافي المتميز على البحر المتوسط، كانت أوغاريت نقطة وصل بين الحضارات القديمة، حيث ازدهرت التجارة البحرية مع مصر، وقبرص، وبلاد الرافدين، والأناضول.أهم البضائع التي اشتهرت بها أوغاريت:الأخشاب الفاخرة المستخدمة في بناء السفن والمعابد.المنتجات الزراعية مثل زيت الزيتون والحبوب.الأقمشة المصبوغة التي كانت تُعرف بجودتها العالية.خامسًا: سقوط أوغاريت – نهاية مدينة عظيمةرغم قوتها، لم تستطع أوغاريت الصمود أمام التغيرات السياسية والعسكرية التي اجتاحت المنطقة في أواخر العصر البرونزي. حوالي عام 1185 قبل الميلاد، تعرضت المدينة لهجوم مدمر من قبل شعوب البحر، وهم مجموعات غامضة من المغيرين الذين اجتاحوا شرق البحر المتوسط ودمروا العديد من المدن المزدهرة.تشير الأدلة الأثرية إلى أن المدينة احترقت بالكامل، ولم يتم إعادة إعمارها، مما أدى إلى اختفائها من المشهد السياسي والثقافي للعالم القديم.سادسًا: أوغاريت وأهميتها في العصر الحديثرغم مرور آلاف السنين على زوالها، لا تزال أوغاريت تثير اهتمام العلماء والمؤرخين، حيث يتم دراستها لمعرفة المزيد عن الحضارات القديمة.أسباب استمرار أهمية أوغاريت اليوم:1- ابتكار الأبجدية، الذي شكل حجر الأساس للغات الحديثة.2- الكنوز الأثرية التي توفر نظرة فريدة على الحياة في العصر البرونزي.3- إسهاماتها في الثقافة والأساطير، التي أثرت على الحضارات المحيطة بها.أوغاريت ليست مجرد مدينة أثرية قديمة، بل هي مهد إحدى أعظم الاختراعات البشرية: الأبجدية، التي غيّرت طريقة التواصل ونقل المعرفة للأجيال القادمة، إن تاريخها الحافل بالإنجازات في مجالات الثقافة، والتجارة، والفنون، والدين يجعلها واحدة من أهم المدن في الشرق القديم.رغم دمارها قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، إلا أن إرثها لا يزال حيًا في الكتابات التي وصلتنا، وفي تأثيرها العميق على تطور الحضارة الإنسانية، أوغاريت ليست فقط صفحة من الماضي، بل درس في الإبداع، والازدهار، والقدرة على ترك بصمة خالدة في التاريخ.