"أشرعةُ الأرجوانِ".. روايةٌ تسجيليّةٌ بروحٍ كنعانيّة لسميح مسعود
عمّان – الدستور – عمر أبو الهيجاء
رحلةٌ معرفية تسجيليّةٌ في محيطاتِ الحضارة الكنعانية، تلك التي يجترحها الشاعر والكاتب والأديب الدكتور د. سميح مسعود، من خلال روايته الجديدة "أشرعة الأرجوان"، التي صاغها بالاعتماد على مصادر ثريّة بالمعلومات عن نشوء عائلة "التراجمة"، مع بداية ظهور الشعب الكنعاني في الأزمنة القديمة، زوّدهُ بها صديقه د. أنطون مبارك التراجمة.
فصّل المؤلف سرده عن مسيرة عائلة صديقه وإسهاماتها في الحضارة الكنعانية، وفق كلمة الغلاف الأخير للرواية التي كتبها ربيع حمزة، كما قدّم لنا معلوماتٍ مهمة عن إسهامات الكنعانيين في تطوير الحياة البشرية، وضعها بأسلوب شيّق ولغة رشيقة، مبيّناً ابتكارهم لأبجدية أوغاريت، واكتشاف اللون الأرجواني، وإسهامات حضارية أخرى كثيرة، بما في ذلك وضع الأسس لبناء السفن الشراعية وحركة الملاحة البحرية والتجارة، والفلك والأوزان، والهندسة المعمارية، وتطوير الزراعة والأطعمة التي ورثناها عن الكنعانيين كتراثٍ مشترك، بما في ذلك المنسف والمسخَّن وأكلات أُخرى ما تزال منتشرة في بلاد الشام إلى يومنا هذا. هذا الكتاب زاخر بحقائق تستدعي منا قراءتها، لمعرفة تاريخ أجدادنا القدماء.
الرّواية نفسها، وقد صدرت حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن، وجاءت بـ 132 صفحة، بغلاف أنيق ومعبّرٍ ومجسدٍ لمقولة الرواية، صمّمه بسام حمدان، يهيدها المؤلف إلى صديقه أنطون، الذي يعود أصله إلى عشيرة التراجمة الكنعانية، تلك العشيرة التي ورد ذكرها في تاريخ الأزمنة القديمة لمساهمتها في تطوير بناء السفن والملاحة البحرية، ولإنجازها سلسلة متصلة الحلقات في عمق الحضارة الكنعانية التي ظهرت مع توالي العصور وارتبطت بأوضح معانيها في تطوير الحياة البشرية وانسيابها إلى أعلى الدرجات.
تفتتحُ الروايةُ بـ"تمهيد"، يضع القارئ بذلك الأثر الذي تركه الكتاب السابق لمسعود في الوجدان الجمعي للقارئ العربي، وهو كتاب "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، ومن ثَمّ ببداية علاقته بصديقه "أنطوان"، الذي قدّم له نفسّه ذات يوم عبر اتصال هاتفي، بلغة عربية واضحة: اسمي أنطون مبارك التراجمة، قريب أنطونيو التلحمي، أتحدث من مدينة لندن التي أعيشُ وأعملُ فيها رجل أعمالٍ في مجال الصناعة الكيماوية الصديقة للبيئة منذ فترة طويلة".
ويخبرنا المؤلّف بشيء من تفاصيل ذلك التعارف بقوله: "أطال في حديثه بمفردات أفرحتني معانيها، عبَّر بها عن سعادته الغامرة لقراءته كتابي عن قريبه المناضل الأممي، والأبلغ تأثيراً في كلّ ما سمعتُه منه، هو قولُه إنه عاد من خلال قراءته كتابي إلى أيام طفولتِه بمدينة الكويت التي التقى فيها قريبَه قبل رحيله عن دنيانا بأيام معدودة.
طالت مكالمتُه الهاتفية، طاف فيها على نحو بالغ الدلالة بمقاربته جملة اهتمامات، يتصل معظمُها بمشاهد ومعلومات عن عشيرته التلحمية المعروفة باسم "التراجمة" وبيَّن أنَّ جذورَها كنعانية، وأن أتباعَها من أقاربه في الوقت الحاضر يُقيمون في فلسطين وفي دول كثيرة في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وفي بعض الدول الأوروبية، وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، وأن أجدادَهم القدامى اهتموا بتطوير مدنهم الكنعانية الساحلية في أرض سوريا الطبيعية في مختلف المجالات، وأنهم ضبطوا وقتهم كصناع للسفن بأحجامها المختلفة، وفك شفرة تطويرها وإتقان تركيب أضلاعها الرئيسية وألواحها الخشبية المنحنية، وتصنيع مجاديفها التي تدفع الماء خلفَها عندما تمخر عباب البحار في مسارات ملاحية كثيرة، أضاءت في عصورهم القديمة فوانيس مرافئ وجزر مهمة، وصلوها على متن سفنهم بأشرعتها الأرجوانية، وردّدوا فيها عند وصولهم أناشيد معتقداتهم الدينية الوثنية، بعد مزجها بأنغام موسيقى خاصة بهم اشتهروا بعزفها، كانت تتسرب عبر أمواج البحار المحيطة بدول العالم القديم، وتبعث في نفوس سكانها الرضا والراحة وتُبعدهم عن هموم ومصاعب الحياة".
ويروي المؤلف في الجزء الأول من الرواية تفاصيل اللقاءات التي جمعته بصديقه أنطوان في عمّان، ومن ذلك أن أنطوان كان أثناء حديثه عن أجداده القدامى "يُفرطُ بالتخيل، ويجد نفسه بينهم، ينهلُ من عطاءاتهم الحضارية، ويتوغل في قراهم ومدنهم المزنرة بأغصان الزيتون وسنابل القمح الطويلة، محاولاً لفت الانتباه للاهتمام بالتاريخ الكنعاني القديم، لأنه مدموغ بأحلامٍ وطنية، وسرعان ما وضّح أنطون هذا الجانب من حديثه قائلاً بلهجة جادة:
- اهتمامُنا بالكنعانيين سيتصدى لوطأة ادعاءات خرافات صهيونية زائفة لا مسوغ لها، تعبر عن منطق مشوّه بأنّ أصول اليهودِ كنعانية تنحدر من شبه الجزيرة العربية".
وبعد سلسلة من اللقاءات بين الصديقين، يغادر "أنطوان" عمّان، وهنا يخبرنا المؤلف بما يجولُ في رأسه حيال هذه الرواية، قائلا: "جلست على مدى أيام متواصلة في مكتبي أمام حاسوبي، وسرعان ما انهمكت، على نحو استثنائي، بالتعرّف على المصادر المحمّلة على منصة الكتب الصوتية، التي تنطوي في مجمل مادتها على أبعادٍ دلالية كنعانية، كما انهمكت أيضاً برسم الخطوط التفصيلية لمحاور كتابي، واجتاحني شعور بالراحة لأنَّ الخيوط التي اخترتُها لها، ترتبط بعدة مواضيع متشابكة يمكن أن تشكل معلوماتها التركيبة البنائية للكتاب بإيقاعٍ سردي مقبول.
ولتسهيل الأمر على القارئ، تشتمل المحاور التي اخترتُها على المواضيع التالية:
1. الزمان والمكان.
2. اللغة والمعتقدات الدينية.
3. مآثر الحضارة الكنعانية.
وسوف أحرصُ على تعريف هذه المواضيع تباعاً بنبذة تفصيلية على امتداد سطور الصفحات اللاحقة، وتقديمها قدر المستطاع بصيغة أدبية، ضمن منظومة معرفية محكمة".
ويختتم د. مسعود الرواية، بعد أن تسير وفق المخطط الذي أراده لها من حيث البناء، بقوله: إنَّ علاقة تأسست لا شعورياً سطراً بعد سطر، مع عشيرة التراجمة الكنعانية، بسبب أواصر التآلف والأخوة التي عقدها أجدادُهم مع المسلمين في زمن حملات الفرنجة، وكلي أمل أن يتشبّث أبناء هذه العشيرة بنسيج هذه الأواصر في الزمن الحالي، وهم يقبعون في زنازين سجنهم الكبير في بيت لحم، حتى يتمكن شعب فلسطين ضمن هذا التصور من دقّ أجراس العودة في يوم قادم، سيأتي في نهاية النفق المظلم مهما طال الزمن".
مسعود نفسُه شاعر وكاتب، وُلد في حيفا عام 1938، وفي عام 1967 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلغراد، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وقد أسس الصالون الثقافي الأندلسي، والمركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط في مونتريال، كندا.
صدر له 55 كتابًا، وقد أصدر عن "الآن ناشرون وموزعون" المؤلفات الآتية: "تطوان وحكايا أخرى"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2017، "حصاد السنين.. مذكرات ما بعد التقاعد"، 2018، "على دروب الأندلس"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2019،
"أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، سيرة نضالية، 2019، "هوشيلاجا"، أول رواية عربية عن السكان الأصليين (الهنود الحمر) في كندا، 2020، "الكرملي"، رواية، 2021، "على مدارج السحاب"، شعر، 2021، "أم أسعد"، رواية، 2023.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 14 ساعات
- الدستور
"أشرعةُ الأرجوانِ".. روايةٌ تسجيليّةٌ بروحٍ كنعانيّة لسميح مسعود
عمّان – الدستور – عمر أبو الهيجاء رحلةٌ معرفية تسجيليّةٌ في محيطاتِ الحضارة الكنعانية، تلك التي يجترحها الشاعر والكاتب والأديب الدكتور د. سميح مسعود، من خلال روايته الجديدة "أشرعة الأرجوان"، التي صاغها بالاعتماد على مصادر ثريّة بالمعلومات عن نشوء عائلة "التراجمة"، مع بداية ظهور الشعب الكنعاني في الأزمنة القديمة، زوّدهُ بها صديقه د. أنطون مبارك التراجمة. فصّل المؤلف سرده عن مسيرة عائلة صديقه وإسهاماتها في الحضارة الكنعانية، وفق كلمة الغلاف الأخير للرواية التي كتبها ربيع حمزة، كما قدّم لنا معلوماتٍ مهمة عن إسهامات الكنعانيين في تطوير الحياة البشرية، وضعها بأسلوب شيّق ولغة رشيقة، مبيّناً ابتكارهم لأبجدية أوغاريت، واكتشاف اللون الأرجواني، وإسهامات حضارية أخرى كثيرة، بما في ذلك وضع الأسس لبناء السفن الشراعية وحركة الملاحة البحرية والتجارة، والفلك والأوزان، والهندسة المعمارية، وتطوير الزراعة والأطعمة التي ورثناها عن الكنعانيين كتراثٍ مشترك، بما في ذلك المنسف والمسخَّن وأكلات أُخرى ما تزال منتشرة في بلاد الشام إلى يومنا هذا. هذا الكتاب زاخر بحقائق تستدعي منا قراءتها، لمعرفة تاريخ أجدادنا القدماء. الرّواية نفسها، وقد صدرت حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن، وجاءت بـ 132 صفحة، بغلاف أنيق ومعبّرٍ ومجسدٍ لمقولة الرواية، صمّمه بسام حمدان، يهيدها المؤلف إلى صديقه أنطون، الذي يعود أصله إلى عشيرة التراجمة الكنعانية، تلك العشيرة التي ورد ذكرها في تاريخ الأزمنة القديمة لمساهمتها في تطوير بناء السفن والملاحة البحرية، ولإنجازها سلسلة متصلة الحلقات في عمق الحضارة الكنعانية التي ظهرت مع توالي العصور وارتبطت بأوضح معانيها في تطوير الحياة البشرية وانسيابها إلى أعلى الدرجات. تفتتحُ الروايةُ بـ"تمهيد"، يضع القارئ بذلك الأثر الذي تركه الكتاب السابق لمسعود في الوجدان الجمعي للقارئ العربي، وهو كتاب "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، ومن ثَمّ ببداية علاقته بصديقه "أنطوان"، الذي قدّم له نفسّه ذات يوم عبر اتصال هاتفي، بلغة عربية واضحة: اسمي أنطون مبارك التراجمة، قريب أنطونيو التلحمي، أتحدث من مدينة لندن التي أعيشُ وأعملُ فيها رجل أعمالٍ في مجال الصناعة الكيماوية الصديقة للبيئة منذ فترة طويلة". ويخبرنا المؤلّف بشيء من تفاصيل ذلك التعارف بقوله: "أطال في حديثه بمفردات أفرحتني معانيها، عبَّر بها عن سعادته الغامرة لقراءته كتابي عن قريبه المناضل الأممي، والأبلغ تأثيراً في كلّ ما سمعتُه منه، هو قولُه إنه عاد من خلال قراءته كتابي إلى أيام طفولتِه بمدينة الكويت التي التقى فيها قريبَه قبل رحيله عن دنيانا بأيام معدودة. طالت مكالمتُه الهاتفية، طاف فيها على نحو بالغ الدلالة بمقاربته جملة اهتمامات، يتصل معظمُها بمشاهد ومعلومات عن عشيرته التلحمية المعروفة باسم "التراجمة" وبيَّن أنَّ جذورَها كنعانية، وأن أتباعَها من أقاربه في الوقت الحاضر يُقيمون في فلسطين وفي دول كثيرة في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وفي بعض الدول الأوروبية، وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، وأن أجدادَهم القدامى اهتموا بتطوير مدنهم الكنعانية الساحلية في أرض سوريا الطبيعية في مختلف المجالات، وأنهم ضبطوا وقتهم كصناع للسفن بأحجامها المختلفة، وفك شفرة تطويرها وإتقان تركيب أضلاعها الرئيسية وألواحها الخشبية المنحنية، وتصنيع مجاديفها التي تدفع الماء خلفَها عندما تمخر عباب البحار في مسارات ملاحية كثيرة، أضاءت في عصورهم القديمة فوانيس مرافئ وجزر مهمة، وصلوها على متن سفنهم بأشرعتها الأرجوانية، وردّدوا فيها عند وصولهم أناشيد معتقداتهم الدينية الوثنية، بعد مزجها بأنغام موسيقى خاصة بهم اشتهروا بعزفها، كانت تتسرب عبر أمواج البحار المحيطة بدول العالم القديم، وتبعث في نفوس سكانها الرضا والراحة وتُبعدهم عن هموم ومصاعب الحياة". ويروي المؤلف في الجزء الأول من الرواية تفاصيل اللقاءات التي جمعته بصديقه أنطوان في عمّان، ومن ذلك أن أنطوان كان أثناء حديثه عن أجداده القدامى "يُفرطُ بالتخيل، ويجد نفسه بينهم، ينهلُ من عطاءاتهم الحضارية، ويتوغل في قراهم ومدنهم المزنرة بأغصان الزيتون وسنابل القمح الطويلة، محاولاً لفت الانتباه للاهتمام بالتاريخ الكنعاني القديم، لأنه مدموغ بأحلامٍ وطنية، وسرعان ما وضّح أنطون هذا الجانب من حديثه قائلاً بلهجة جادة: - اهتمامُنا بالكنعانيين سيتصدى لوطأة ادعاءات خرافات صهيونية زائفة لا مسوغ لها، تعبر عن منطق مشوّه بأنّ أصول اليهودِ كنعانية تنحدر من شبه الجزيرة العربية". وبعد سلسلة من اللقاءات بين الصديقين، يغادر "أنطوان" عمّان، وهنا يخبرنا المؤلف بما يجولُ في رأسه حيال هذه الرواية، قائلا: "جلست على مدى أيام متواصلة في مكتبي أمام حاسوبي، وسرعان ما انهمكت، على نحو استثنائي، بالتعرّف على المصادر المحمّلة على منصة الكتب الصوتية، التي تنطوي في مجمل مادتها على أبعادٍ دلالية كنعانية، كما انهمكت أيضاً برسم الخطوط التفصيلية لمحاور كتابي، واجتاحني شعور بالراحة لأنَّ الخيوط التي اخترتُها لها، ترتبط بعدة مواضيع متشابكة يمكن أن تشكل معلوماتها التركيبة البنائية للكتاب بإيقاعٍ سردي مقبول. ولتسهيل الأمر على القارئ، تشتمل المحاور التي اخترتُها على المواضيع التالية: 1. الزمان والمكان. 2. اللغة والمعتقدات الدينية. 3. مآثر الحضارة الكنعانية. وسوف أحرصُ على تعريف هذه المواضيع تباعاً بنبذة تفصيلية على امتداد سطور الصفحات اللاحقة، وتقديمها قدر المستطاع بصيغة أدبية، ضمن منظومة معرفية محكمة". ويختتم د. مسعود الرواية، بعد أن تسير وفق المخطط الذي أراده لها من حيث البناء، بقوله: إنَّ علاقة تأسست لا شعورياً سطراً بعد سطر، مع عشيرة التراجمة الكنعانية، بسبب أواصر التآلف والأخوة التي عقدها أجدادُهم مع المسلمين في زمن حملات الفرنجة، وكلي أمل أن يتشبّث أبناء هذه العشيرة بنسيج هذه الأواصر في الزمن الحالي، وهم يقبعون في زنازين سجنهم الكبير في بيت لحم، حتى يتمكن شعب فلسطين ضمن هذا التصور من دقّ أجراس العودة في يوم قادم، سيأتي في نهاية النفق المظلم مهما طال الزمن". مسعود نفسُه شاعر وكاتب، وُلد في حيفا عام 1938، وفي عام 1967 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلغراد، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وقد أسس الصالون الثقافي الأندلسي، والمركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط في مونتريال، كندا. صدر له 55 كتابًا، وقد أصدر عن "الآن ناشرون وموزعون" المؤلفات الآتية: "تطوان وحكايا أخرى"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2017، "حصاد السنين.. مذكرات ما بعد التقاعد"، 2018، "على دروب الأندلس"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2019، "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، سيرة نضالية، 2019، "هوشيلاجا"، أول رواية عربية عن السكان الأصليين (الهنود الحمر) في كندا، 2020، "الكرملي"، رواية، 2021، "على مدارج السحاب"، شعر، 2021، "أم أسعد"، رواية، 2023.

عمون
منذ 15 ساعات
- عمون
"أشرعةُ الأرجوانِ" .. روايةٌ تسجيليّةٌ بروحٍ كنعانيّة لسميح مسعود
عمون- رحلةٌ معرفية تسجيليّةٌ في محيطاتِ الحضارة الكنعانية، تلك التي يجترحها الشاعر والكاتب والأديب الدكتور د. سميح مسعود، من خلال روايته الجديدة "أشرعة الأرجوان"، التي صاغها بالاعتماد على مصادر ثريّة بالمعلومات عن نشوء عائلة "التراجمة"، مع بداية ظهور الشعب الكنعاني في الأزمنة القديمة، زوّدهُ بها صديقه د. أنطون مبارك التراجمة. فصّل المؤلف سرده عن مسيرة عائلة صديقه وإسهاماتها في الحضارة الكنعانية، وفق كلمة الغلاف الأخير للرواية التي كتبها ربيع حمزة، كما قدّم لنا معلوماتٍ مهمة عن إسهامات الكنعانيين في تطوير الحياة البشرية، وضعها بأسلوب شيّق ولغة رشيقة، مبيّناً ابتكارهم لأبجدية أوغاريت، واكتشاف اللون الأرجواني، وإسهامات حضارية أخرى كثيرة، بما في ذلك وضع الأسس لبناء السفن الشراعية وحركة الملاحة البحرية والتجارة، والفلك والأوزان، والهندسة المعمارية، وتطوير الزراعة والأطعمة التي ورثناها عن الكنعانيين كتراثٍ مشترك، بما في ذلك المنسف والمسخَّن وأكلات أُخرى ما تزال منتشرة في بلاد الشام إلى يومنا هذا. هذا الكتاب زاخر بحقائق تستدعي منا قراءتها، لمعرفة تاريخ أجدادنا القدماء. الرّواية نفسها، وقد صدرت حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن، وجاءت بـ 132 صفحة، بغلاف أنيق ومعبّرٍ ومجسدٍ لمقولة الرواية، صمّمه بسام حمدان، يهيدها المؤلف إلى صديقه أنطون، الذي يعود أصله إلى عشيرة التراجمة الكنعانية، تلك العشيرة التي ورد ذكرها في تاريخ الأزمنة القديمة لمساهمتها في تطوير بناء السفن والملاحة البحرية، ولإنجازها سلسلة متصلة الحلقات في عمق الحضارة الكنعانية التي ظهرت مع توالي العصور وارتبطت بأوضح معانيها في تطوير الحياة البشرية وانسيابها إلى أعلى الدرجات. تفتتحُ الروايةُ بـ"تمهيد"، يضع القارئ بذلك الأثر الذي تركه الكتاب السابق لمسعود في الوجدان الجمعي للقارئ العربي، وهو كتاب "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، ومن ثَمّ ببداية علاقته بصديقه "أنطوان"، الذي قدّم له نفسّه ذات يوم عبر اتصال هاتفي، بلغة عربية واضحة: اسمي أنطون مبارك التراجمة، قريب أنطونيو التلحمي، أتحدث من مدينة لندن التي أعيشُ وأعملُ فيها رجل أعمالٍ في مجال الصناعة الكيماوية الصديقة للبيئة منذ فترة طويلة". ويخبرنا المؤلّف بشيء من تفاصيل ذلك التعارف بقوله: "أطال في حديثه بمفردات أفرحتني معانيها، عبَّر بها عن سعادته الغامرة لقراءته كتابي عن قريبه المناضل الأممي، والأبلغ تأثيراً في كلّ ما سمعتُه منه، هو قولُه إنه عاد من خلال قراءته كتابي إلى أيام طفولتِه بمدينة الكويت التي التقى فيها قريبَه قبل رحيله عن دنيانا بأيام معدودة. طالت مكالمتُه الهاتفية، طاف فيها على نحو بالغ الدلالة بمقاربته جملة اهتمامات، يتصل معظمُها بمشاهد ومعلومات عن عشيرته التلحمية المعروفة باسم "التراجمة" وبيَّن أنَّ جذورَها كنعانية، وأن أتباعَها من أقاربه في الوقت الحاضر يُقيمون في فلسطين وفي دول كثيرة في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وفي بعض الدول الأوروبية، وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، وأن أجدادَهم القدامى اهتموا بتطوير مدنهم الكنعانية الساحلية في أرض سوريا الطبيعية في مختلف المجالات، وأنهم ضبطوا وقتهم كصناع للسفن بأحجامها المختلفة، وفك شفرة تطويرها وإتقان تركيب أضلاعها الرئيسية وألواحها الخشبية المنحنية، وتصنيع مجاديفها التي تدفع الماء خلفَها عندما تمخر عباب البحار في مسارات ملاحية كثيرة، أضاءت في عصورهم القديمة فوانيس مرافئ وجزر مهمة، وصلوها على متن سفنهم بأشرعتها الأرجوانية، وردّدوا فيها عند وصولهم أناشيد معتقداتهم الدينية الوثنية، بعد مزجها بأنغام موسيقى خاصة بهم اشتهروا بعزفها، كانت تتسرب عبر أمواج البحار المحيطة بدول العالم القديم، وتبعث في نفوس سكانها الرضا والراحة وتُبعدهم عن هموم ومصاعب الحياة". ويروي المؤلف في الجزء الأول من الرواية تفاصيل اللقاءات التي جمعته بصديقه أنطوان في عمّان، ومن ذلك أن أنطوان كان أثناء حديثه عن أجداده القدامى "يُفرطُ بالتخيل، ويجد نفسه بينهم، ينهلُ من عطاءاتهم الحضارية، ويتوغل في قراهم ومدنهم المزنرة بأغصان الزيتون وسنابل القمح الطويلة، محاولاً لفت الانتباه للاهتمام بالتاريخ الكنعاني القديم، لأنه مدموغ بأحلامٍ وطنية، وسرعان ما وضّح أنطون هذا الجانب من حديثه قائلاً بلهجة جادة: - اهتمامُنا بالكنعانيين سيتصدى لوطأة ادعاءات خرافات صهيونية زائفة لا مسوغ لها، تعبر عن منطق مشوّه بأنّ أصول اليهودِ كنعانية تنحدر من شبه الجزيرة العربية". وبعد سلسلة من اللقاءات بين الصديقين، يغادر "أنطوان" عمّان، وهنا يخبرنا المؤلف بما يجولُ في رأسه حيال هذه الرواية، قائلا: "جلست على مدى أيام متواصلة في مكتبي أمام حاسوبي، وسرعان ما انهمكت، على نحو استثنائي، بالتعرّف على المصادر المحمّلة على منصة الكتب الصوتية، التي تنطوي في مجمل مادتها على أبعادٍ دلالية كنعانية، كما انهمكت أيضاً برسم الخطوط التفصيلية لمحاور كتابي، واجتاحني شعور بالراحة لأنَّ الخيوط التي اخترتُها لها، ترتبط بعدة مواضيع متشابكة يمكن أن تشكل معلوماتها التركيبة البنائية للكتاب بإيقاعٍ سردي مقبول. ولتسهيل الأمر على القارئ، تشتمل المحاور التي اخترتُها على المواضيع التالية: 1. الزمان والمكان. 2. اللغة والمعتقدات الدينية. 3. مآثر الحضارة الكنعانية. وسوف أحرصُ على تعريف هذه المواضيع تباعاً بنبذة تفصيلية على امتداد سطور الصفحات اللاحقة، وتقديمها قدر المستطاع بصيغة أدبية، ضمن منظومة معرفية محكمة". ويختتم د. مسعود الرواية، بعد أن تسير وفق المخطط الذي أراده لها من حيث البناء، بقوله: إنَّ علاقة تأسست لا شعورياً سطراً بعد سطر، مع عشيرة التراجمة الكنعانية، بسبب أواصر التآلف والأخوة التي عقدها أجدادُهم مع المسلمين في زمن حملات الفرنجة، وكلي أمل أن يتشبّث أبناء هذه العشيرة بنسيج هذه الأواصر في الزمن الحالي، وهم يقبعون في زنازين سجنهم الكبير في بيت لحم، حتى يتمكن شعب فلسطين ضمن هذا التصور من دقّ أجراس العودة في يوم قادم، سيأتي في نهاية النفق المظلم مهما طال الزمن". مسعود نفسُه شاعر وكاتب، وُلد في حيفا عام 1938، وفي عام 1967 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلغراد، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وقد أسس الصالون الثقافي الأندلسي، والمركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط في مونتريال، كندا. صدر له 55 كتابًا، وقد أصدر عن "الآن ناشرون وموزعون" المؤلفات الآتية: "تطوان وحكايا أخرى"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2017، "حصاد السنين.. مذكرات ما بعد التقاعد"، 2018، "على دروب الأندلس"، رواية في مجال أدب الرحلات، 2019، "أنطونيو التلحمي رفيق تشي جيفارا"، سيرة نضالية، 2019، "هوشيلاجا"، أول رواية عربية عن السكان الأصليين (الهنود الحمر) في كندا، 2020، "الكرملي"، رواية، 2021، "على مدارج السحاب"، شعر، 2021، "أم أسعد"، رواية، 2023.

الدستور
منذ 2 أيام
- الدستور
مسلسل شارع الأعشى وتأثير الهندسة الثقافية لمؤلفه خالد عبد الرحيم السيد
عمان – الدستور – عمر أبو الهيجاء صدر حديثا عن دار خطوط وظلال – الأردن كتاب "الهندسة الثقافية في مسلسل شارع الأعشى" للمهندس خالد عبدا لرحيم السيد، ويقع الكتاب في مائة وثمانين صفحة من القطع المتوسط، فيهدف الكتاب إلى تقديم قراءة تحليلية معمقة لمسلسل "شارع الأعشى"، متجاوزًا النقد الفني أو الانطباعي السطحي، ليتناوله بوصفه مادة تحليلية غنية ومثالاً تطبيقياً ضمن الإطار النظري والاستراتيجي لمفهوم "الهندسة الثقافية". وهذا يعني أنها تتجاوز المفهوم الضيق لـ"الإدارة الثقافية" التي تركز غالبًا على الجوانب التشغيلية والتنظيمية للمؤسسات والمشاريع. إنها تمتد لتشمل الأبعاد الفكرية والسياسية والاستراتيجية، حيث تعترف بالثقافة ليس فقط كقطاع خدماتي أو ترفيهي، بل كعنصر تأسيسي في بناء الدولة والمجتمع، وكمورد استراتيجي لا يقل أهمية عن الموارد الاقتصادية أو الطبيعية. لذا، فإن تحليل "مسلسل شارع الأعشى" من منظور الهندسة الثقافية يتيح لنا فرصة فريدة لفهم أعمق لآليات إنتاج المعنى الرمزي وتداوله في المجتمع المعاصر. كيف يمكن لعمل درامي أن يساهم في تعزيز الهوية والشعور بالانتماء لدى أجيال مختلفة؟ كيف يمكن له أن يحفز تفاعلًا جماهيريًا واسعًا حول قضايا اجتماعية وثقافية قد تكون شائكة أو مسكوتًا عنها؟ ما هي الرسائل الضمنية والقيم التي يسعى لترسيخها أو تحديها؟ وكيف يتفاعل كل ذلك مع الأهداف الاستراتيجية الأوسع للدولة أو للمؤسسات المنتجة؟ الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب تجاوز القراءة السطحية للأحداث والشخصيات، والغوص في البنية العميقة للعمل وتحليل استراتيجيات تصميمه وتلقيه. يسعى هذا الكتاب، عبر فصوله المتعددة، إلى تفكيك هذه التجربة الغنية من زوايا مختلفة. سنستعرض الخلفية الدرامية والسياق التاريخي للعمل، ونتعمق في بنيته الإنتاجية والفنية وكيف عكست طموحات استراتيجية. سنحلل بالتفصيل كيف جسد المسلسل الهوية الثقافية ووظف الرموز المحلية، وكيف تناول قضايا المرأة والتمكين، وكيف تفاعل معه الجمهور والنقاد. كما سنخصص فصولاً لدراسة الأثر الاقتصادي والإعلامي، مبرزين أهمية التنسيق بين المؤسسات الثقافية والإعلامية، ودور التمويل والشراكات واحترافية الإنتاج في تحقيق عمل ثقافي قادر على المنافسة والتأثير. تناول الكتاب كيف ساهم المسلسل في دعم المنتج الأدبي الأصلي، وكيف قدم نموذجًا لتوظيف الثقافة في الاقتصاد، محققًا عوائد ملموسة ومحفزًا للاستثمار في القطاع الإبداعي. فالمؤلف هو خبير ثقافي وإعلامي ومهندس قطري، يتميز بخبرة مهنية متعددة التخصصات تمتد لأكثر من 30 عامًا في مجالات الهندسة، والإدارة، والثقافة، والإعلام. حاصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة نورث ايسترن في بوسطن، وماجستير في الادارة، ومدير إدارة مشاريع معتمد من معهد إدارة المشاريع – الولايات المتحدة، ودبلوم في الأدلة الجنائية الهندسية، إضافة إلى كونه محكم دولي وخبير معتمد في المحاكم القطرية، وخبير في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وتم تكريمه في سلطنة عمان كواحد من أفضل 25 قائداً إدارياً في مجلس التعاون الخليجي 2019. شغل مناصب قيادية بارزة منها مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية في المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، ورئيس تحرير سابق لصحيفة "البنينسولا" وصحيفة "الدوحة غلوب الإلكترونية"، إضافة إلى عضويته في مجلس إدارة عدة شركات، وعضو مجلس إدارة جمعية المهندسين القطرية ومدير برنامج مهندسون بلا حدود – قطر، ونائب رئيس مجلس إدارة الجمعية القطرية للغة العربية. من إنجازاته المميزة الاشراف على جوائز ثقافية بارزة مثل "جائزة كتارا للرواية العربية" و"جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وجائزة كتارا لتلاوة القرآن، بالإضافة إلى إسهاماته في إطلاق مشاريع ثقافية وإعلامية وهندسية.