أحدث الأخبار مع #أيدنرايتر


البيان
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
حالة الخوف تدفع الذهب إلى مزيد من الصعود الجامح
روبرت أرمسترونغ - أيدن رايتر يواصل الذهب صعوده القوي، في ظاهرة لافتة، أثارت استغراب الأسواق المالية العالمية. وقد تبخرت بذلك تلك التوقعات التي كانت تشير إلى تراجع الذهب بعد تجاوزه 2100 دولار. فقد حقق المعدن النفيس أداءً متفوقاً على معظم الأصول الاستثمارية الأخرى، خلال الثمانية عشر شهراً الماضية. لذا، فنحن هنا نتراجع اليوم أمام عشاق الذهب، ونسحب كل ما وجهناه إليهم من انتقادات على الفترات الماضية، غير أننا نجد أنفسنا ملزمين بالتأكيد مجدداً على بعض الحقائق التي طرحناها سابقاً، والتي ما زالت قائمة: ليس التضخم أو معدلات الفائدة الحقيقية هي من تقف وراء الصعود المذهل للذهب، على الأقل ليس بصورة مباشرة، فالذهب أثبت أنه ملاذ ضعيف للتحوط ضد التضخم، كما انهارت علاقته التقليدية بأسعار الفائدة الحقيقية في الآونة الأخيرة. كما لا يمكن اعتبار تراجع هيمنة الدولار على الاحتياطيات النقدية العالمية، أو زيادة مشتريات البنوك المركزية محركاً رئيساً لهذه الظاهرة، فرغم أن البنوك المركزية حول العالم قد عززت حيازاتها من الذهب، بمعدلات غير مسبوقة، خلال السنوات الثلاث الماضية. إلا أن طلب هذه المؤسسات لم يشهد ارتفاعاً يتزامن مع موجة الصعود الراهنة، التي انطلقت أواخر 2023، بل على العكس تماماً، إذ يؤكد جيمس ستيل، كبير محللي المعادن النفيسة في بنك «إتش إس بي سي»، تراجع الطلب من البنوك المركزية خلال الأشهر الأخيرة، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي. ولا يبدو أن طلب المستثمرين الأفراد يقدم تفسيراً مقنعاً لهذه الظاهرة المحيرة، فبيانات مجلس الذهب العالمي، تكشف عن ضعف ملحوظ في الإقبال على المجوهرات الذهبية خلال العام الماضي، مع استقرار في الطلب على السبائك،. بينما تظهر بيانات حيازات صناديق المؤشرات المتداولة للذهب مقابل سعره اكتشافاً مثيراً للاهتمام، إذ بدأت موجة الصعود الكبرى في وقت كانت فيه حيازات هذه الصناديق تسجل انخفاضاً،. كما أن العلاقة التناسبية بين هذه الحيازات وسعر المعدن الأصفر، أضحت أكثر ضعفاً خلال السنوات القليلة الماضية، مقارنة بالعقدين السابقين. وهذا يقودنا إلى طلب المستثمرين المؤسسيين على الذهب، وهي ظاهرة يصعب تتبعها بدقة، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الدافع وراء إقبال مديري الأصول وشركات التأمين وصناديق التحوط على شراء المعدن الأصفر؟ تتمثل الإجابة الأكثر وضوحاً في رؤيتهم للذهب كدرع واقية ضد الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، أو بتعبير أبسط، إنهم يشترون بدافع الخوف، ونظراً لأن مصدر كثير من هذه الاضطرابات يكمن في السياسة الأمريكية، فإن هذا التوجه يبدو منطقياً. في الظروف الطبيعية، تدفع حالة عدم اليقين المستثمرين نحو الدولار الأمريكي والسندات الحكومية. إلا أن بعض المستثمرين يتعاملون بجدية مع تصريحات إدارة ترامب، عن رغبتها في إضعاف الدولار بشكل ملموس، وبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن التضخم المرتفع غير المستقر، قد يستمر لفترة طويلة، فإن سندات الخزينة الأمريكية لم تعد تمثل ملاذاً آمناً. غير أن سؤالاً يفرض نفسه هنا: يبدو الذهب كاستثمار يتمتع بزخم كبير، ونعلم أن الزخم يمكن أن يكتسب قوة ذاتية، ما يدفعنا للتساؤل: هل المخاوف بشأن السياسات أو النمو الاقتصادي، هي وحدها التي تقود سعر الذهب للارتفاع؟ أم أن الخوف من تفويت فرصة استثمارية كبيرة، يلعب دوراً في هذه المعادلة أيضاً؟. من ناحية أخرى، من المهم التوقف عند هذه المفارقة الواضحة بين «البيانات الناعمة» (المستمدة من الاستطلاعات) شديدة السلبية، و«البيانات الصلبة» (المعتمدة على المعاملات الفعلية)، التي لا تزال إيجابية في معظمها. فعلى صعيد البيانات الناعمة، أظهرت استطلاعات معهد إدارة التوريد لشهر مارس، عودة قطاع التصنيع إلى مسار الانكماش، بعد شهرين من التوسع، حيث تراجعت مؤشرات التوظيف والطلبيات الجديدة، في حين ارتفعت مستويات المخزون. ويرجح أن السبب هو مسارعة الشركات للشراء قبل فرض الرسوم الجمركية، إذ يشير فريق «روزنبرغ ريسيرش» إلى انهيار نسبة الطلبيات إلى المخزون، التي وصلت حالياً إلى مستوى يرتبط في الظروف العادية بفترات الركود، بينما يواصل قطاع الخدمات أداءه الجيد، ما يعكس قوة اقتصادية في القطاعات غير المعرضة للتأثر المباشر بالرسوم الجمركية. أما البيانات الصلبة، فيصعب تفسيرها، فقد أظهر استطلاع الوظائف الشاغرة ومعدل دوران العمالة (جولتس)، انخفاضاً واضحاً، حيث تراجعت الوظائف الشاغرة بوتيرة أسرع من توقعات الاقتصاديين، بانخفاض قدره 194 ألف وظيفة خلال الشهر، إلى إجمالي 7.6 ملايين. كما انخفضت الاستقالات الطوعية قليلاً، بينما ارتفعت حالات تسريح العمالة إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر، خاصة في قطاعات التجزئة والخدمات المالية، وكما كان متوقعاً، في القطاع الحكومي، إذ يبدو أن «وزارة الكفاءة الحكومية»، التي يشرف عليها إيلون ماسك، بدأت تترك أثرها. وطالما ظلت هذه المؤشرات ضمن نطاق معقول، فإن الزيادات المتزامنة في حالات التسريح والوظائف الشاغرة والاستقالات، تشير إلى سوق عمل صحي، حيث لا تشعر الشركات بالقلق من نقص العمالة، ويسعى كل من الباحثين عن عمل وأرباب العمل، لإيجاد الخيارات الأفضل. لكن يشترط أن تعمل هذه العوامل بتناغم، حيث إن الارتفاع المتزامن في حالات التسريح وانخفاض الوظائف الشاغرة، يعكس مخاوف اقتصادية. بينما قد يشير ارتفاع الوظائف الشاغرة، مع زيادة حالات التسريح إلى تفاؤل، أما توقف الاستقالات مع ارتفاع حالات التسريح وتراجع الوظائف الشاغرة - وهو ما نشهده حالياً - فيشير مجتمعاً إلى أن الأجواء السلبية تتحول إلى قرارات مؤلمة في سوق العمل. ورغم أن اتجاهات التغير في المؤشرات تثير القلق، إلا أن الأرقام لا تبتعد كثيراً عن اتجاهات ما قبل الجائحة، إذ يرى برادلي ساندرز من مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، أن أحدث البيانات تشير إلى أن سوق العمل «يعود إلى أنماطه الطبيعية السابقة للجائحة»، بما في ذلك العلاقة التاريخية بين معدل البطالة والوظائف الشاغرة، وهذا يعني أن تغيرات الشهر الماضي ليست مقلقة بالقدر الذي يبدو عليه. وهكذا، ظل هذا السؤال يراودنا حول البيانات الاقتصادية لسنوات: ما الذي يمثل تباطؤاً حقيقياً، وما الذي يعد مجرد عودة للمعدلات الطبيعية، بعد فترة من النشاط الاقتصادي المحموم في أعقاب الجائحة؟. هناك أيضاً بيانات متباينة في قطاع البناء والتشييد، حيث أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الأمريكي، ارتفاع الإنفاق على البناء لشهر فبراير بنسبة 0.7 %، مقارنة بالشهر السابق، متجاوزاً التوقعات، ومسجلاً نمواً للشهر الرابع من أصل خمسة أشهر ماضية، وتركزت أكبر المكاسب في بناء المنازل العائلية المنفردة وتحسينات المساكن، ما يتوافق مع بيانات بدء بناء المساكن في فبراير. ويشير إلى قوة أساسية في الاقتصاد، غير أن التقرير تضمن بعض نقاط الضعف، فقد استقر بناء المنشآت الصناعية، وانخفض الإنفاق على الفنادق والمكاتب، كما تراجعت تصاريح المساكن الخاصة الجديدة في فبراير، فيما يبدو اتجاه الإنفاق على مدار العام عبر جميع قطاعات البناء مثيراً للقلق. وتبدو البيانات الناعمة والبيانات الصلبة في طريقها للتقارب، وإن كان ببطء، وبشكل غير متكافئ، حول نظرة مستقبلية ضعيفة، لكنها ليست بالغة السوء، غير أنه نظراً لمستويات عدم اليقين المرتفعة، فمن الضروري رؤية المزيد من البيانات الصلبة السلبية، قبل وضع احتمالات عالية لحدوث ركود في عام 2025.


البيان
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
ماذا يعني قرار «الفيدرالي» بتخفيف التشديد الكمي للأسواق؟
روبرت أرمسترونج - أيدن رايتر استقبلت الأسواق المالية تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ولجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، بترحيب ملحوظ، وارتفعت الأسهم، التي سجلت بالفعل أداءً قوياً قبل البيان والمؤتمر الصحافي، بشكل إضافي بعدهما. ومع ذلك، فقد خفت هذا الحماس قليلاً مع إغلاق الجلسة. في المقابل، انخفضت عوائد سندات الخزانة، حيث تراجعت سندات العامين بثلاث نقاط أساسية، وانخفضت سندات العشر سنوات بنقطة واحدة. يثير هذا التساؤل: هل كان الاجتماع ذا توجه تيسيري؟. ليس بالضرورة، إذ يمكن بسهولة تصور سيناريو مختلف، استمع فيه المستثمرون لتصريحات البنك، دون أن تنال إعجابهم على الإطلاق، فقد خفضت اللجنة توقعاتها للنمو الاقتصادي بشكل ملموس، ورفعت توقعاتها لمعدلات البطالة بنسبة طفيفة، كما رفعت نظرتها المستقبلية للتضخم أيضاً. وثمة مصطلح يصف هذا النوع من الظروف الاقتصادية، وهو مصطلح سلبي: الركود التضخمي. وعلى الرغم من أن الفيدرالي لا يتنبأ بحالة خطيرة من الركود التضخمي، إلا أن المؤشرات تتجه في الاتجاه الخاطئ على جانبي التفويض الرئيس للبنك المركزي. وقد كان الفيدرالي صريحاً بشأن أسباب هذا التحول، حيث أرجعه إلى التراجع الحاد في ثقة المستثمرين والشركات والمستهلكين، والناجم بشكل رئيس عن المخاوف المتعلقة بسياسات إدارة ترامب، لا سيما الرسوم الجمركية. صحيح أن توقعات سياسة أسعار الفائدة بقيت دون تغيير من حيث المتوسط، لكن هذا المتوسط يخفي تحولاً مهماً نحو سياسة نقدية أكثر تشدداً. فعند استبعاد أعلى وأدنى ثلاثة تقديرات فردية، نجد أن توقعات «الاتجاه المركزي» للسياسة النقدية، ارتفعت من نطاق 3.6 - 4.1 %، إلى 3.9 - 4.4 %، وهو تحول لا يمكن تجاهله. وخلال المؤتمر الصحافي الأخير، سلط باول الضوء على تزايد حالة عدم اليقين لدى أعضاء اللجنة بشأن توقعاتهم، حيث إن هذه الحالة من عدم اليقين لا تتسم فقط بارتفاع مستواها، بل إنها غير متوازنة، وتميل بشكل شبه كامل نحو توقعات بنمو أبطأ وتضخم أعلى. وبدت كل المؤشرات مقلقة إلى حد ما، ما يثير تساؤلاً: لماذا كانت استجابة الأسواق المالية هادئة؟ هناك عدة تفسيرات محتملة: فقد قدّم البنك المركزي رسالة كانت الأسواق قد استوعبتها بالفعل، حيث أدركت هذه الأسواق مسبقاً، أن المخاوف السياسية قد رفعت من مخاطر تباطؤ النمو وارتفاع التضخم. كما شعر المستثمرون بالارتياح، لأن الفيدرالي لم يُظهر موقفاً متشدداً إزاء مخاطر التضخم الناجمة عن الرسوم الجمركية، وتبنى باول نبرة متوازنة. مشدداً على أنه يمكن تجاوز الارتفاعات السعرية الناتجة عن الرسوم الجمركية، طالما بقيت توقعات التضخم على المدى الطويل تحت السيطرة، وهو ما يعكس موقفاً لبنك مركزي لا يسعى للدخول في صدام مع السلطة التنفيذية. كذلك، فقد قررت الأسواق، المتعطشة لأخبار إيجابية، بعد شهر عصيب، أن تركز اهتمامها على توقعات أسعار الفائدة، التي ظلت دون تغيير، متجاهلة كل المؤشرات الأخرى. وقد فاجأ البنك المركزي الأمريكي الأسواق بإعلانه عن تباطؤ حاد في وتيرة التشديد الكمي، حيث قرر تغيير سقف الأوراق المالية التي يسمح بخروجها من ميزانيته العمومية، من 25 مليار دولار شهرياً، إلى 5 مليارات دولار فقط. وليس مفاجئاً أن التشديد الكمي يشارف على نهايته، فوفقاً لمعظم المؤشرات، أصبحنا قريبين من هدف الفيدرالي، المتمثل في تحقيق احتياطيات مصرفية «وافرة»، دون أن تكون فائضة. وكانت معظم التوقعات الصادرة في نهاية العام الماضي، تشير إلى أن التشديد الكمي سينتهي خلال النصف الأول من العام الجاري، على الأرجح في يونيو. غير أن الصورة تغيرت منذ ذلك الحين، إذ أظهرت محاضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في يناير، أن محافظي البنك المركزي كانوا يدرسون إنهاء التشديد الكمي قبل الموعد المخطط له، في حال وجود «تقلبات في الاحتياطيات خلال الأشهر القادمة مرتبطة بديناميكيات سقف الدين». ومع ذلك، رجح المحللون الذين تحدثنا معهم قبل الاجتماع، أن الإنهاء التدريجي للتشديد الكمي سيبدأ في مايو، وليس مارس. وأكد جيروم باول، أمس، أن قرار التباطؤ يأتي ضمن المسار الطبيعي للتشديد الكمي. ولا يعكس قلقاً بشأن سقف الدين، وهي رسالة تختلف عما ورد في محاضر اجتماع يناير، علماً بأن مثل هذا القلق سيكون مبرراً، فقد أُعيد فرض سقف الدين - وهو الحد الأقصى لما يمكن للولايات المتحدة اقتراضه لتمويل العجز الجاري - في بداية هذا العام، بعد تعليق استمر عامين. وحتى يتم رفع سقف الدين أو تعليقه مجدداً، لا يمكن للخزانة الأمريكية إصدار ديون جديدة صافية، وبدلاً من ذلك، تعمل على استنزاف حسابها البالغ 414 مليار دولار لدى الفيدرالي. إن الوقت ينفد بسرعة، فحتى مع تدفق إيرادات ضريبية جديدة، من المتوقع أن تستنفد الخزانة الأمريكية أموالها «في وقت ما من هذا الصيف، ربما في أغسطس»، وفقاً لبريج خورانا من شركة ويلينغتون مانجمنت، وبعد ذلك، ستضطر الخزانة إلى اتخاذ «إجراءات استثنائية» لحماية الحكومة الأمريكية من التخلف عن سداد التزاماتها. ومن المرجح أن يقوم الكونغرس برفع سقف الدين، قبل الوصول إلى تلك النقطة الحرجة، رغم أنه ستكون هناك حتماً مناورات سياسية تصاحب هذه العملية، وبعدها ستحتاج الخزانة إلى إصدار سندات دين جديدة لإعادة تعبئة خزائنها المالية. وحذّر غونيت دينغرا كبير استراتيجي أسعار الفائدة الأمريكية في بنك بي إن بي باريبا، من أنه إذا تزامن ذلك مع عمليات التشديد الكمي، فسينتج عن ذلك ضغط مزدوج على سيولة النظام المالي، يسعى البنك المركزي لتجنبه. وأضاف: «عندما تقوم الخزانة باستنزاف رصيدها النقدي، فإن ذلك يضخ سيولة إضافية في النظام المصرفي. لكن عندما تعيد الخزانة بناء رصيدها النقدي من خلال إصدار المزيد من سندات الخزانة، تنتقل تلك الأموال من النظام المصرفي إلى حساب الخزانة لدى الفيدرالي، ما يسحب السيولة من النظام المصرفي. في الوقت نفسه، تعمل سياسة التشديد الكمي أيضاً على سحب السيولة من النظام». وكانت الخزانة أصدرت ديوناً جديدة في عام 2022، عندما كان التشديد الكمي في أوجه، إلا أنه في ذلك الوقت، كانت هناك سيولة أكبر ومصادر متعددة للسيولة، مثل الأموال المتاحة في برنامج إعادة الشراء العكسي. ولو حدث تزامن بين التشديد الكمي وطفرة كبيرة في إصدارات سندات الخزانة الجديدة، فإن ذلك قد يؤدي إلى أزمة سيولة حادة، وهو ما يمكن أن يؤثر في استقرار النظام المالي. ويمثل تباطؤ وتيرة التشديد الكمي أخباراً مرحباً بها في الأسواق المالية، حيث تستفيد الأسهم من السيولة الإضافية المتوقعة، ورغم أن تأثير سياسات التشديد والتيسير الكمي في عوائد سندات الخزانة، يُرجح أن يكون محدوداً، إلا أن نهاية التشديد الكمي ينبغي أن تؤدي، مع ثبات العوامل الأخرى، إلى انخفاض طفيف في عوائد هذه السندات. من جانبنا، نميل إلى تصديق تصريحات باول، غير أن تباطؤ التشديد الكمي سيخفف حتماً بعض الضغط خلال صيف قد يشهد توترات سياسية ومالية، فبعض أعضاء الحزب الجمهوري يركزون اهتمامهم على قضية الدين الوطني. بينما يسعى معظم الديمقراطيين إلى إيجاد سبل لمواجهة سياسات ترامب، ما يرفع من احتمالات المواجهة المالية، بينما يقرر الكونغرس كيفية التعامل مع سقف الدين. وفي ظل هذه الأجواء، قد يكون من الحكمة تقليص المخاطر المحتملة، حيثما أمكن ذلك.


البيان
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
أسواق المال العالمية في خطر.. هل نشهد بداية انهيار؟
روبرت أرمسترونغ - أيدن رايتر عندما يُصاب المستثمرون بالذعر، تتلاشى التحليلات المنطقية، وتسيطر العواطف على قراراتهم الاستثمارية. ومع ذلك، فإن الانهيار الأخير للأسواق كشف عن أنماط محددة قد تفسر ما يحدث إذا استمرت هذه الأنماط في الأيام المقبلة. ويبدو أن ما شهدناه يوم الاثنين هو تفاقم للأزمة التي عانت منها أسواق المال خلال الأسبوع السابق. وقد تلقت شركات التكنولوجيا العملاقة الضربة الأقوى، حيث انخفضت أسهم «تسلا» بنسبة 15.4%، و«مايكروتشيب تكنولوجي» بنسبة 10.6%، و«بالانتير» بنسبة 10.1%. وحتى شركة «أبل»، المعروفة بثباتها بين شركات التكنولوجيا السبع الكبرى، التي حافظت على أداء جيد نسبياً خلال الشهر الماضي، انخفضت أسهمها بنحو 5%. كما تراجعت أسهم البنوك بشدة، ما يعكس قلق المستثمرين بشأن النمو، وتبدد آمالهم في أن يكون العام الحالي مواتياً للتداول وأسواق رأس المال وتخفيف القيود التنظيمية. في المقابل، سجلت الأسهم أداءً جيداً في قطاعي الرعاية الصحية والسلع الأساسية، فيما أنهت أسهم المرافق جلسة التداول بارتفاع. ويبدو المشهد ظاهرياً وكأنه هروب نحو الاستثمارات الآمنة، مع تسارع المستثمرين لجني الأرباح من الأسهم التي حققت أكبر المكاسب خلال السنوات الأخيرة. غير أن عدة جوانب في حركة السوق ما زالت غامضة، إذ لماذا لم ترتفع السندات بشكل أكبر؟ لقد انخفض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 10 نقاط أساس فقط، وهو أقل مما كان متوقعاً بالنظر إلى حدة تراجع الأسهم، وهل كبحت مخاوف التضخم هذا الارتفاع؟ يبدو أن الإجابة بالنفي - فقد انخفض مؤشر التضخم المتوقع قليلاً، وارتفعت علاوة الأجل بشكل طفيف. وهناك سؤال آخر: لماذا حققت بعض الأسهم الدورية منخفضة القيمة أداءً مقبولاً؟ فقد ارتفعت أسهم «جنرال موتورز» و«فورد» و«ثري إم» في نهاية جلسة التداول. بالمقابل، انخفضت أسهم عمالقة السلع الأساسية «وولمارت» و«كوستكو» بشكل ملحوظ. ويُرجح أن يكون هذا التراجع مرتبطاً ببيع المستثمرين للأسهم التي حققوا فيها أرباحاً أو استحوذت على نسبة كبيرة من محافظهم - فكلتا الشركتين شهدتا أداءً متميزاً خلال العام أو العامين الماضيين. غير أن المخاوف بشأن النمو تلعب دوراً هنا أيضاً. وتتجه الأنظار اليوم إلى مؤشرات تكشف ما إذا كنا نشهد مجرد تصحيح أم بداية سوق هبوطي شامل. وهكذا، فإن السؤال المحوري هنا هو: هل سيغتنم المستثمرون فرصة انخفاض الأسعار للشراء، وإذا فعلوا، فهل سيعود البائعون مرة أخرى بقوة إلى السوق؟ وستكون مؤشرات الاتجاه المتزايد نحو الاستثمار في السندات مهمة أيضاً في تحديد معنويات السوق. كما أن امتداد التأثيرات السلبية بشكل حاد إلى أسواق الأسهم العالمية سيوضح ما إذا كان ما نشهده هو مجرد تصحيح للاستثمارات الأمريكية المكتظة، أم أنه شيء أكثر خطورة - نعني هروباً عالمياً من الاستثمارات عالية المخاطر. وبالطبع، سيراقب الجميع أي مؤشرات تدل على استعداد البيت الأبيض لإعادة النظر في سياساته الاقتصادية في ظل التقلبات الحادة التي تشهدها الأسواق. بموازاة ذلك، يمكن أن يؤدي تأثير انهيار الأسواق الأمريكية إلى تغيرات أعمق في البنية المالية للقارة الأوروبية. وكان فريدريش ميرتس، المستشار الألماني المنتظر، أعلن مؤخراً أن حكومته ستتجاوز قيود «مكابح الديون» لتعزيز الإنفاق الدفاعي والبنية التحتية بنحو 500 مليار يورو. وتبع ذلك إعلان المفوضية الأوروبية عن دفعها لخطة تمويل دفاعي بقيمة 150 مليار يورو. كما تطفو على السطح خطط أخرى، من بينها الاستيلاء على الأصول الروسية المجمدة، والأكثر جرأة، إصدار سندات يورو دفاعية خاصة. وقد أدت هذه التطورات إلى ارتفاع عوائد السندات، ورفعت البنوك توقعاتها للنمو في القارة العجوز، مما دفع اليورو للصعود أمام الدولار. لقد حققت الأسهم الأوروبية أداءً قوياً هذا العام، في وقت تهاوت فيه المؤشرات الأمريكية. ويبدو أن الطفرة المالية وانتعاش الأسهم مترابطان بقوة، لكنهما ليسا وجهين لعملة واحدة. وقد جعل التغير في آفاق السياسة المالية بعض المستثمرين يرون في أوروبا قصة نمو هيكلي طويل المدى، مما انعكس إيجاباً على سوق الأسهم. ورغم صحة هذه النظرة جزئياً، فإن تفوق أداء أوروبا بدأ قبل شهر من إعلان ألمانيا عن إجراء تغييرات جذرية في سياستها المالية. وقال تييري ويزمان، كبير استراتيجيي سوق الصرف الأجنبي في مجموعة ماكواري: «ما نشهده هو تحول في الاستثمارات بعيداً عن الولايات المتحدة أكثر منه دعماً للأسس الاقتصادية الأوروبية. وسيتحسن النمو الأوروبي بفضل زيادة الإنفاق الحكومي، لكن ما لم يتم توجيه هذا الإنفاق للقطاع الخاص، فلن يعود بالضرورة بالنفع على الأسهم الأوروبية». وأضاف: «ستضغط عوائد السندات السيادية المرتفعة على مضاعفات التقييم في أسواق الأسهم نحو الانخفاض، بل قد تعرقل بعض فرص النمو الذي يقوده القطاع الخاص، خاصة إذا تزايدت المخاوف بشأن ارتفاع الدين السيادي بوتيرة سريعة». وترتبط بعض أكبر الارتفاعات في الأسهم الأوروبية مؤخراً بقطاع الدفاع الأوروبي وتوقعات النمو الهيكلي طويل المدى، حيث تصدرت شركات الدفاع المشهد خلال الأسبوعين الماضيين، وحققت البنوك أداءً استثنائياً. لكن بنظرة أوسع، يتضح أن هذا الارتفاع واسع النطاق، ولا يقتصر على الأسهم الدفاعية والدورية. كما أن إشارات النمو من أسهم البنوك قد تكون مبالغاً فيها، فلقد تم تهميش القطاع المصرفي الأوروبي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وعندما يتحول قطاع من وضع «ميت» إلى «شبه ميت»، تتحرك الأسهم بقوة، لكن ذلك لا يعني في واقع الأمر نهضة اقتصادية حقيقية. ويمكن القول إن إعادة تقييم المستثمرين للأسهم الأوروبية جاءت متأخرة كثيراً؛ فقد كانت الأسهم الأوروبية، على الأرجح، منخفضة التقييم بشكل لا يعكس قيمتها الحقيقية. وهذا لا يعني بالضرورة أن موجة الصعود القوية ستستمر، حتى لو أدى التوسع في الإنفاق الحكومي إلى تحسين معدلات النمو الاقتصادي، فنحن لا نزال لا نعرف، على سبيل المثال، كيف ستؤثر خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية جديدة على أرباح الشركات الأوروبية. ورغم حماس الأسواق المالية للتغيير في السياسة المالية الألمانية وتأثيره المُحتمل على تحسين آفاق النمو في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه من الضروري توخي الحذر وتجنب المبالغة في التوقعات. فلا يزال الغموض يكتنف آلية تنفيذ هذه الحزم المالية. وعلى سبيل المثال، تعهد حزب الخضر الألماني بعرقلة مقترح ميرتس، ولكن قد يكون ذلك مجرد تكتيك تفاوضي، حيث يعتقد نيكو فيتزروي من شركة «سيغنوم كابيتال» أن الخضر قد يُغيرون موقفهم. كما تُحيط الشكوك بخطط الاتحاد الأوروبي، فرغم أن الاتحاد لا يحتاج إلى إجماع لتمرير خطة الـ150 مليار يورو، إلا أن الخطط الأكثر جرأة، مثل إصدار ديون جديدة أو الاستيلاء على الأصول الروسية، تتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء، مما قد يُثير معارضة الدول المتعاطفة مع روسيا، مثل المجر. إن الإنفاق المالي المتزايد، لكي يتحول إلى نمو اقتصادي حقيقي وملموس، يحتاج من الدول أن تكون قادرة على توجيه رأس المال إلى القطاع الخاص، كما يحتاج هذا الإنفاق إلى القدرة على الانتشار من قطاعي الدفاع والبنية التحتية إلى بقية قطاعات الاقتصاد. ووفقاً لجيمس أثي من مجموعة «مارلبورو»، فإنه على الرغم من امتلاك ألمانيا للحيز المالي اللازم، فإن قدرتها على تنفيذ ميزانيتها بكفاءة أو في التوقيت المناسب يبقى موضع تساؤل.