أحدث الأخبار مع #إبراهيمابوحويله


الشاهين
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- الشاهين
حديث عداوة …
إبراهيم ابوحويله … ﴿بَعْضُكم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ فسرها الشعراوي 'هذه العداوة ضرورة لبقاء الصراع الذي يولّد الإرادة والاختيار، فلو لم يكن هناك عدوّ، لبطلت حرية الإنسان، ولما ظهرت إرادته في الاختيار بين الخير والشر.' وقال سيد 'إنها الحقيقة الكبرى بعد الخروج من الجنة: العداوة المستمرة بين آدم وذريته من جهة، وإبليس وذريته من جهة أخرى. والإنسان لا ينتصر في هذه العداوة إلا باتباع هدى الله.' بينما يرى القرطبي أنها عداوة عامة، ويرى الطبري انها باقية إلى يوم القيامة. ويرى ابن عاشور بأنها اصل عظيم في التربية العامة ولأجله كان قادة الأمم يذكرون لهم سوابق العدوات والمنافسين ومن غلب ومن أخذ بالثأر. ثلاثة ادم وحواء والشيطان، ومن اعتمد أقوال اهل الكتاب اضاف لهم الحية، وبين من رأى ان العدواة هي بين الأجناس او في الجنس نفسه ومتعدية إلى غيره، وبين ان تكون سنة حياة او مطلبا اساسيا لبقاء الصراع، الذي يوجد تلك الإرادة التي تحدد الإتجاه الذي يسير عليه الإنسان، وإلا لما ظهرت حقيقته وإرادته، وهنا لا بد من البحث عن طريقة لاقامة الحجة الفصل عليه، اذا هو مقصد بحد ذاته هذه العداوة، وإلا كما شاءت إرادة الله بقيام العدواة بين الثلاثة، كان يقدر على غير ذلك. لكن لماذا ؟ نعم تحمل أيات الكتاب دلالات متفرقة على أن النزول إلى الأرض هو هدف بحد ذاته، والابتلاء هو هدف بحد ذاته، فالوجود على هذه الأرض محنة بحد ذاته، محنة التفكير والإيمان والعمل والإختيار والبحث عن الحقيقة، والبعض يختار الجانب الصحيح، ولكنه يخطىء في الفعل والإنضباط، والبعض يختار الجانب الخاطىء، والبعض يجعلها منحة بإيمانه وسعية للخير والأخلاق والعمل الصالح، وحب الخير للغير . ايات الكتاب تحمل خبر ما كان وخبر ما هو كائن وخبر ما سيكون إلى يوم القيام، ثم إن علينا بيانه، يذهب البعض إلى أن تفسير هذه الآية يسير مع الأحداث حتى يصل إلى قمة الأحداث كلها في مشهد عظيم هو يوم القيامة، ثم يكون هناك البيان لما كان والسبب في كينونته وحدوثه، وهل هو قدر مقصود لذاته، ليخلق الأحداث التي تضع الإنسان في كل مكان وفي كل مرحلة وفي اي زمان في حالة اختبار. وهنا استذكر نصا ساقه الباحث وضاح خنفر في كتابه الربيع الأول ،وتشير المصادر إلى أن بني قريظة ترددوا في الانضمام إلى التحالف الثلاثي في غزوة الأحزاب في العام الخامس للهجرة، وخافوا من عاقبة نقضهم للعقد مع المسلمين، غير أن حيي بن أخطب زعيم بني النضير،ألح على زعيم بني قريظة كعب بن أسد، ومناه بقرب زوال المسلمين، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه فقال إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش مع قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه .. فقال له جئتني والله بذُلِّ الدهر، وبجَهَام قد هَرَاق ماؤه ، فهو يرْعِد ويبرق، ليس فيه شيء؛ ويحك با حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أرَ من محمد إلا صدقاً ووفاء (۳). فوالله كأن شيطان الجن وشيطان النفس وشياطين الإنس تجتمع أحيانا حتى تحاول ان تحرفك عن الحق، وانت تعلم كما يعلم كعب بن اسد انه الحق، فتتبعهم فتقع في ذل الدنيا والأخرة، وتخسر في الإمتحان. حديث عداوة …


الشاهين
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشاهين
ارهاصات عالم جديد …
إبراهيم ابو حويله … هل يتعرض جيش الكيان اليوم لنفس الظروف التي تعرض له الجيش الأمريكي في فيتنام، هل تسقط سرديته الأخلاقية والتي لم تكن موجودة أصلا، ولكن إستطاعت الألة الأعلامية إيجادها من العدم، ونشر قصص وأحاديث حولها، حتى أصبح الكذاب يعتقد بصدق كذبه، واليوم بدأت هذه السردية تتداعى أمام قوة وسائل التواصل ونشر المعلومة والحقيقة عبر وسائل التواصل المتاحة، والتي هي خارج نطاق سيطرتهم، وظهر هذا الجندي على حقيقته بلا أخلاق، في مواقف لا تحصى، حتى بدأت مجموعات في الكيان برفض هذه التصرفات، وبدأت مجموعات أخرى ترفض الخدمة في هذا الجيش. هل تؤثر الصورة النمطية المنتشرة في العالم عن هذا الجندي أنه عديم الاخلاق ويحرق النساء والأطفال بلا سبب، في ظهور شعور رفض داخلي أولا، ينتشر ليصبح ظاهرة يرفض من خلالها باقي المجندين الخدمة في هذه المنطقة، أو في هذا الجيش، او القيام بهذا الفعل، في الوقت الذي كان يقاتل فيه الجندي في الكيان بعقيدة وإيمان وخوف على نفسه وعلى مستقبلة، ومجموعة من القادة المخلصين الذين يخططون ويملكون إستراتيجية واضحة، واهداف واضحة ووسائل واضحة، وتدعمهم سردية وفكر عميق، إستطاعوا من خلاله السيطرة على كثير من العقول في العالم الغربي، ويملكون وسائل تمويل ضخمة تدعمها لوبيات منتشرة في كل مراكز صنع القرار في العالم، وحتى في قلب العالم الإسلامي. التحريض على الحرب من اجل فرض السيطرة، الإكتفاء والإنكفاء على القوة العسكرية لتحقيق الهدف، إزدراء المفاوضات، وفرض ما تريد عن طريق القوة، هذا هو فكر المحافظون الجدد، لماذا هل لأن كيسنجر وزمرته فشلوا في فيتنام في الوقت الذي كان الكيان يحقق فيه إنتصارات ضخمة في الشرق، هل السبب ضعف العقيدة عند الجنود الإمريكان، هل بسبب مذبحة ماي لاي وذلك الموت غير المبرر للنساء والاطفال الذي طال المئات، وهذا الذي أدى إلى ظهور حركة المحافظين الجدد هل سيؤدي إلى ظهور حركات أخرى في المجتمعات الغربية، والتي فعلا بدأت نواتها في التشكل، ومظاهرها في الإنتشار، حتى أحصى ناشط في عربة قطار في لندن أربعة عشر اشارة لدعم القضية الفلسطينية في قلب العربة في قلب لندن، وليس في لندن وحدها بل في قلب كل العواصم الغربية ومنها واشنطن، يشير إستاذ التاريخ في جامعة إريزونا ديفيد جيبس إلى أن هذا ما حصل بعد حرب فيتنام، وكان ذلك هو السبب في إنتشار فكر اليمين المحافظ، او اليمنيون الجدد في امريكا، لقد كان السبب هو اخفاق في جهة ونصر مؤزر في جهة، وهذه الحركة استطاعت التأثير على جملة من المفكرين والأكاديمين والسياسين من مختلف الإتجاهات، وتحويلهم إلى اليمين المحافظ. لقد سعت هذه الفئة إلى خلق فكر يعتمد على عقيدة بصورة ما، حتى يساهم هذا الفكر بخلق سردية، تساهم في خلق موقف وفكر أمريكي جديد مقدس وقوي، وتبقى امريكا هي القائد للعالم لفترة قادمة، هذا ما بدأه بشكل ما الديموقراطي هنري جاكسون وإستطاع نشر هذا الفكر وتوظيفه ليكون الوسيلة التي يحقق من خلالها الضغط العميق على مجتمعه أولا، ليحوله إلى مجتمع عقدي يتبنى فكرة عقدية، ونشر هذه الفكرة إجتماعيا وسياسا وإقتصاديا وعسكريا على مستوى العالم. لقد كانت الحرب الباردة مهمة في دفع هذا الفكر إلى حدود جديدة، وكان لأفغانستان واحتلال السوفيت لها اهمية في صياغة هذا الفكر، وتوظيف القوة العسكرة والتقنية في الهيمنة السياسية بتلك الصورة التي ظهرت لاحقا، وكذلك الثورة الإيرانية ولكن بعد سقوط شبح الحرب الباردة كان من المهم ايجاد عدو حتى لو إضطروا إلى صناعته صناعة. تحت مسمى صناعة التخويف من العدو الخارجي القادر على إلحاق الأذى والضرر بأمريكا. وهنا ظهرت فكرة جديدة وهي حقوق الإنسان وتصدير الديموقراطية، والتي تم من خلالها كما يقول دانييال باتريك، تم إستخدام هذا السلاح السري في كل مكان في العالم من خلال الأمم المتحدة، لقد تم صياغة الفكرة في من خلال المحافظين الجديد، وتم تبني سياسة الضغط العميق على المؤسسات المسيطرة في الولايات المتحدة، وعلى كافة الدول الأخرى التي تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة، بل إنه بعد سقوط الإتحاد السوفياتي إحتاج إلى خطة أمريكية لإنقاذه، ولكن الدولة العميقة في الولايات المتحدة رفضت مساعدته هل تدفع امريكا اليوم ثمن هذا الموقف، ، في الوقت الذي إرسلت فيه جيفري ساكس مثلا لمساعدة بولندا، وتم توجية حزمة من المساعدات الطارئة واعفائها من كثير من الإلتزامات. الحرب والحقوق المدنية والديموقراطية والمساعدات والإعفاءات، هي السلاح الذي تعتمده الدولة العميقة في الولايات المتحدة للسيطرة على العالم، هذا الضغط العميق هو الذي يحقق لأمريكا أهدافها، وهذه محاولة لتحليل هذا الضغط العميق لفهمه وفهم أبعاده، وهنا لا بد من السعي لخلق تحالفات في المنطقة لتحييد هذا الضغط والتعامل معه، وهذا يقوم بتفكيكه جزءا جزء ترامب، هل يعي ام لا ولكن شكل العالم يتغير، هذا الظلم العظيم يخلق مشاعر ثائرة حارقة مدمرة، بعد كل ظلم مثل هذا تتعرض البشرية لتيارات جارفة، وما فعله هت،،لر هو في الحقيقة توظيف لهذه المشاعر لصناعة الرعب الألماني الذي دفعت اوروبا ثمنه، وهو بتقديري ثمن للظلم الذي اوقعه الحلفاء على ألمانيا ابتداء فانتفضت لذلك ودخل العالم في نفق مظلم. لا تذهب المشاعر التي تصل حدود عليا في الظلم والبطش والاستبداد سدى، بل تخلق ردود فعل جارفة تأكل الأخضر واليابس، التخوين والتحقير والتجيش سلاح سيء يستهلك الطاقة البشرية بلا طائل، ويبدأ التغيير عندما يبدأ تغيير الفكر ورد الفعل وخلق وسائل جديدة، واسلحة جديدة تخلق موازين قوى مختلفة وغير متوقعة في التعامل مع هؤلاء الأعداء الامثر قذرة على مر البشرية، وهذا ما فعله من أحدث تغييرا وانتصارا على أرض المعركة، وهذا ما تفعله المقاومة في فلسطين منذ عقود، فهي تتحرك خارج المتوقع وتوجد وسائل وأساليب جديدة، وقادة في الصف الأول في المعارك فهم يتجددون بحكم الشهادة. حرك العقول حولك، ادفعها للإبداع، ساهم في تطوير قدراتهم وعلمهم، انشر رأيا او فكرا إيجابيا، ارفع معنوية، وساهم بما تقدر، يبدو أن المعركة القادمة مصيرية، نعم هي ليست مصيرية للأمة، فأمة الإسلام قائمة الى يوم القيامة، ولكنها مصيرية لكل واحد فينا.


الشاهين
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الشاهين
الطريق إلى التمكين …
إبراهيم ابو حويله نقف مع السنن وقفة متأمل ومفكر ومحاول أن يسبر أغوارها ليصل إلى الحقيقة، صراع حضارات ام هو صراع الوجود، ام هو صراع أديان وأفكار، أم هو صراع القوى المهيمنة، ولكن مهلا هل كانت الأرض يوما إلا أرض للصراعات، منذ تلك اللحظة التي يدرك فيها الطفل قوته ويسعى ليفرض حضوره وإرادته على بيئته المحيطة، ثم تكبر التحديات وتكبر الصور التي يسعى فيها الإنسان ليجد مكانا لسلطته على هذه البقعة التي يعيش فيها، ثم يخرج لنا فرعون وقيصر وكسرى وهرقل وهتلر وستالين وموسيلني وعشرات بل مئات من الجبابرة العتاه، هو إذا عند الكثيرين صراع وجود، أو صراع سيطرة وسلطة وسطوة. ولكن مفهوم الخالق مختلف هو لا يريد الأرض مكانا للصراعات، نعم هو أوجدها لتكون تلك المساحة التي يعيش فيها هذا المخلوق الفريد الذي يتمتع بالعديد من الصفات، التي تؤهله لأن يرتقى في سلم الفكر والحضارة والأخلاق، ومن ثم يكون أهلا ليكون خليفة الله في الأرض، ذلك الخليفة الذي يسعى لتطبيق الدين وهو المنهاج، أو نظام الحياة كما يقول ابو الحسن الندوي في كتابه ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين. هناك عقول تسعى بقوة لتصل إلى الحقيقة، وما قصة الأحناف في الجاهلية إلا صورة من تلك الصور المشرقة، فهؤلاء رفضوا الشرك والجاهلية وتلك العادات والتقاليد والشركيات التي تتعارض مع العقل السليم، وأسند عمرو بن نفيل وهو أحدهم ظهره على جدار الكعبة وما فيكم على ملّة إبراهيم إلا أنا، مفهوم الرفض للعادات والتقاليد والتصورات الخاطئة عن الدين والخالق والحياة موجودة لم تتوقف، وهي مرافق دائم لكل انحراف يقوم به بعض البشر، فهذا الإنحراف يجد في المقابل أشخاصا يرفضون الإنحراف، ويرفضون مبدأ القوة وغياب الأخلاق وسيادة شريعة الغاب على البشر، كما يوجد في المقابل من يتبنى ويدعم ويسعى بقوة لفرض شريعة الغاب على البشر. التدافع بين البشر، بين الخير والشر، بين الظلمة والنور، بين الحق والباطل، هذه من السنن الخالدة في الحياة، وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ثم ينتقل البشر إلى مرحلة جديدة، ليس فيها هذا النوع من التحديات، ولكن في هذه المرحلة يتفق أهل الشر ويجتمعون في مكان سمه ما شئت ولكن الله سماه الجحيم، ويتفق أهل الحق ويجتمعون في مكان سمه ما شئت ولكن الله سماه الجنّة. ولكن هل وجود الجنس الواحد المتجانس مطلوب دائما، وهل ينفع الإختلاف أو يضر، ويبدو أن الإختلاف يضر أحيانا وينفع أحيانا أخرى، وما ضر الشمعة إلا فتيلها كما يقولون، ولكن في الحياة القياس هو قياس مع الفارق، وجد اليابانيون أن طعم السمك يختلف نتيجة صيده وتبريده، فبنوا أحواضا في سفنهم ووضعوا السمك فيها، ولكن ما زال الطعم مختلف، فلجأوا إلى حيلة وضعوا فيها صغار سمك القرش في أحواض السمك ليدب الخوف والحركة الدائمة في السمك، ولا يتغير طعمه. السلم والسلام نعمة، ولكنه يضر بفئة من البشر، فتخلد إلى الحياة الدنيا، وتغرق في الترف والنعيم والنعم والملذات، فيصيب بعضها الفسق وتستحق العقاب، ألم ترى إلى تلك الشعوب التي رفلت في النعمة زمنا، من بومبيى في إيطاليا تلك القرية التي فاجأها البركان وهم في غيهم، وخلد صور من حياتهم وفحشهم، إلى قوم لوط، إلى غيرهم ممن أصابتهم نعمة الترف وحلّ بهم الفسق فأستحقوا العقاب. يأتي الأنبياء عندما تنحرف البشرية عن المنهج، ويسعون بقوة لإعادة هذه الخراف الضالة إلى مسارها، ولكن البعض يأبى فهو مستفيد من الوضع القائم، وقد إرتبط بهذا النظام من حيث المنفعة والعادة والتقاليد والمجتمع، ولا يريد أن يغير ذلك، والأخرين مع أنهم قد يكونون مستفيدين من النظام القائم ومن الإنحراف الموجود، ولهم فيه حظوة ووجود، وخذ عثمان وسعد وأبو بكر غيرهم الكثيرين رضي الله عنهم، فقد كان لهم مكانة وحظوة وتنازلوا عنها من أجل إقامة دين الله الجديد صورة ومنهجا وفكرا في الارض. ولكنه لم يكن دينا جديدا بل شريعة جديدة، وهم قد نشاؤوا على صور منحرفة، ولكن فطرتهم تحركت هنا، وهنا ملحظ مهم هو قدرة هؤلاء على رؤية الإنحراف القائم في المنهج الموجود، وعدم القبول به مع أنهم مستفيدون منه، وفي المقابل تجد مدافعين عن الوضع القائم، وهو يظلمهم ويسلبهم حقوقهم ويتعرضون لمعاناة كبيرة بوجوده، وهذه من فئة العاملة الناصبة، التي تسعى في عمل وهي مجدة ومجتهدة، ولكن هذا العمل هو تماما هو عكس مصلحتها، وعكس ما يحقق لها الفائدة. لن تستطيع أن تحمل البشر على رأي واحد، ومنهج واحد، وفكر واحد، وما أكثر الناس ولوحرصت بمؤمنين الأية 103 يوسف، ولكن وجود الكتلة الحرجة من أهل الحق والساعين له والداعمين له، وهؤلاء وجودهم يمنع وقوع ظلم كبير في الأرض، نعم سيبقى الظلم ما بقي البشر، لأن الإنحراف عن المنهج متعلق بأمور كثيرة ليس هذا مكانها، ولكن عندما تسعى الفئة العظمى من الناس للحق، وتحرص عليه وتحميه بالغالي والنفيس، يقل الظلم ويكاد أن يختفي إلا من تلك الحالات الفردية، التي لا تستطيع يد العدل أن تصل إليها. الخالق لم يترك البشر منذ تلك اللحظة التي أنزلهم فيها من الجنة إلى هذه الأرض، فمرة يرسل الرسل والرسالات، وفي أخرى الأنبياء للتذكير وإعادة الناس إلى الصواب، وفي ثالثة يرسل الصالحين من أمثال صاحب موسى في سورة الكهف، او المجددين على رأس كل قرن، وهؤلاء كانوا يعملون بجد لبقاء الإنسان قريب من المنهج، وهؤلاء يعملون وفق منظومة إلهية منضبطة، فهو يعي تماما السنن الكونية ويعرف طبائع البشر ويستقى أوامره وتعليماته من الخالق مباشرة. السنن مرة أخرى والإعداد، سنة الإعداد تعني أن الله سبحانه وتعالى يُهيىء الأسباب والظروف لتحقيق التغيير أو التمكين، ولكن بعد أن تمر الأمة أو الفرد بمرحلة إعداد وتأهيل. فالنصر أو التمكين لا يأتي فجأة، بل يحتاج إلى تربية، وصبر، وتدريب، وتكوين داخلي، وإعداد روحي يهتم ببناء العقيدة الصحيحة والإيمان بالله، وإعداد نفسي يهتم بتقوية الإرادة والثبات على الحق، وإعداد فكري يسعى لفهم السنن الكونية والتخطيط والعمل، وإعداد مادي يسعى لتجهيز القوة العسكرية والاقتصادية، أشار ابن القيم إلى أن الابتلاء جزء من الإعداد، لأن به يتميز الصادق من الكاذب، وهنا يرى سيد قطب أن الإعداد العقائدي مقدم على الإعداد المادي، لأن العقيدة هي الأساس، بينما يرى مالك بن نبي أن الإعداد الفكري والثقافي أهم باعتباره قاعدة النهضة. ثم بعد الإعداد يأتي التمكين، سنة التمكين تعني أن الله سبحانه وتعالى يمكّن للذين آمنوا وعملوا الصالحات في الأرض بعد أن يُختبروا ويُبتلوا، فيورثهم الأرض ويمكن لهم دينهم، بشرط تحقيق الإيمان الصحيح والعمل الصالح. وللتمكين شروط، وهي الإيمان بالله والعمل الصالح، والتوكل على الله، والاستقامة على منهج الله، والصبر على الابتلاء. إذا الإسلام ليس مجرد دين بل هو نظام حياة، يسعى لأنواع من الإعداد، أولا الإعداد الروحي الذي يهدف إلى بناء العقيدة الصحيحة والإيمان بالله، ومن ثم الإعداد النفسي الذي يسعى إلى تقوية الإرادة والثبات على الحق، وبعد ذلك الإعداد الفكري الذي يُكون فهم واضح للسنن الكونية وأثرها، ويسعى لتوظيفها في التخطيط والعمل، وإخيرا الإعداد المادي الذي يهتم بتجهيز القوة العسكرية والاقتصادية. سنة الإعداد تُرسخ الإيمان والاستعداد للمهام، وسنة التمكين تُحقق وعد الله بالنصر والسيادة للمؤمنين، ويرى سيد قطب أن التمكين يأتي بعد الابتلاء، وليس قبله، لأنه يُثبت أهلية الأمة لتحمل المسؤولية، بينما يرى ابن تيمية أن التمكين الحقيقي هو تمكين الدين في القلوب، وليس فقط السيطرة السياسية، بينما يرى مالك بن نبي أن التمكين لا يتحقق إلا إذا وُجدت 'القابلية للتمكين' في الأمة. وزالت القابلية للإستعمار. إذا لم يتحقق الإعداد ولم تستطع الأمة النجاح في التمكين. ندخل في سنة خطيرة هي سنة الإستبدال، وسنة الاستبدال تعني أن الله سبحانه وتعالى يستبدل قومًا أو أمة بغيرهم، إذا انحرفوا عن منهج الله وفسدوا في الأرض كما حدث مع أهل الكتاب، فإذا تركوا طاعة الله، فإن الله يُزيلهم، وهنا الإزالة هي التنحية عن القيادة في الأرض، ويأتي بغيرهم ممن يكونون أكثر استقامة على أمر الله، وسنة الاستبدال تحذر من التخاذل والفساد، فيرى إبن خلدون أن الاستبدال هو نتيجة طبيعية لانهيار الأخلاق والقيم، بينما يرى سيد قطب أن الاستبدال يبدأ من داخل النفس، فمتى ما فسد الإيمان، كان الاستبدال حتميًا، بينما يرى أبو الحسن الندوي أن التخلي عن القيادة الحضارية سببه البعد عن الدين، وأنعكس تأثير تراجع المسلمين الحضاري على العالم بأسره، ويرى أن الإسلام ليس مجرد دين، بل هو نظام شامل للحياة. وعودة المسلمين إلى التقدم والتأثير الإيجابي في العالم لا تتحقق، إلا بإحياء القيم الإسلامية الصحيحة، وبناء حضارة قائمة على العدل، العلم، والأخلاق. والعلاقة بين السنن الثلاث، الإعداد يؤهل الأمة نفسيًا وماديًا للتمكين، والتمكين يأتي بعد الإعداد وابتلاء الثبات على الحق، وإذا لم يحصل الثبات على الحق يحدث الإستبدال عند الإخلال بشرط الإيمان والعمل الصالح، ويؤسفني أن السنن لا تحابي أحدا، وقد جعلها الله ثابتة ثباتا يجعل هذه السنن تعامل الكافر والمؤمن وفق ناموس واحد، نعم قد تتدخل العناية الألهية في مواقف معدودة ومحددة بطوفان نوح أو خسف أو غيره. ولكن على المسلم أن يقوم بواجبه ويسعى حتى ينقطع منه الجهد ثم يتوجه إلى الله بالدعاء، وإلا فهو لم يفهم منهجه ولا وعى دينه ولا فهم سننه.


الشاهين
١٦-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- الشاهين
الحكومة والقطاع الخاص والكعكة وابر المورفين …
إبراهيم ابو حويله … أشعر بالصدمة من الحال التي وصلت إليها الحكومة في التعامل مع الملف الإقتصادي وتبعاته. لقد اخذت حصتها من الكعكة وتركت الشعب يطاحن بعضه بعضا، السعي لتحقيق العدالة بين مكونات الشعب هو مسؤولية الحكومة، ويجب أن تضع القوانين والإنظمة والشروط التي تضمن تحقيق هذه المعادلة، ما تحاول الحكومة تجاوزه او نسيانه ان التحسن الإقتصادي مرتبط بشكل مباشر بما تقوم به الحكومة من إجراءات، فما أن تصرف مكافأة ما حتى تشهد الكثير من الأسواق تحسنا، وما أن ترفع الرواتب بقدر معين حتى ينعكس ذلك القدر على حياة الجميع في الوطن، وما أن تخفض ضريبة حتى ينشط ذلك القطاع. ولكن عندما تسعى الحكومة لتحصيل أموالها بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة، وتتفنن في إيجاد طرق تفرض فيها على المواطن فوترة نشاطاته المهنية او الصناعية او التجارية، وتفرض عليه ضرائب وإشتراكات في الضمان، ورفع للحد الأدنى للأجور في وقت لا تستطيع فيه الكثير من المنشأت التجارية والصناعية تأمين ما عليها من إلتزامات قبل هذا الرفع. وترك الأمر بدون إيجاد الطرق والوسائل اللازمة لتحقيق هذا الهدف، فهي هنا تعلن عن حلبة مصارعة بين مكونات الشعب وتضع نفسها في مقام القاضي والخصم، ادرك تماما ان الحكومة تسعى لحل مشكلة الرواتب المتدنية، وتغول بعض المنشأت ذات الدخل الجيد على هذه الفئة، ولكنها هنا وضعت المنشأت ذات الدخول المتدنية في مواجهة مع العمالة، ولم تضمن من الجهة الأخرى طريقة قانونية لتتمكن هذه المنشأت من تحصيل إيراداتها المالية، الكثير من المنشأت اليوم تتعرض لضائقة كبيرة، وتم إغلاق الكثير منها بسبب عدم قدرتها على تحصيل أموالها. هذا الوضع سيخلق حالة من التوتر بين مكونات الشعب، فمن جهة تسعى فئة للإستفادة من هذه الخدمات التي تستطيع الحصول عليها، بدون أن تكون ملزمة بطريقة جدية لدفع هذه الإلتزامات للجهات المعنية، وهنا اتكلم عن فئة من المواطنين تمارس التمنع عن آداء الحقوق المالية ولا يوجد طريقة لإلزامها بالدفع، ومن جهة أخرى لا تستطيع هذه المنشأت دفع ما عليها سواء من رواتب وأجور وغيره من إلتزامات ضريبية وضمانية وتشغيلية. هنا ستسعى المنشأة لتخفيض العمالة من جهة، وزيادة الحمل على الفئة المتبقية من جهة أخرى، أو ستسعى للتخلص من بعض النشاطات الجانبية التي من الممكن ان تحصل عليها من طرف ثالث بسعر أقل، وهذا يعني تخفيض اليد العاملة وزيادة البطالة بدل حل مشكلة البطالة، على سبيل المثال منشأة لديها عشر موظفات من أجل القيام بالتنظيف، وهي في الأصل مصنع او شركة تجارية او مستشفى او مدرسة خاصة، هنا سيتم إنهاء عقد هؤلاء ويتم التوجه إلى شركة خدمات تقوم بالعمل بنصف التكلفة أو أقل، دون الدخول في حيثيات الضمان وعقود العمل والعقود السنوية والحد الأدنى للأجور. وتستطيع صرف هذا المثال على الكثير من الخدمات التي ستقوم المنشأت بإيقافها، والتحول إلى طرف ثالث من اجل خفض النفقات. هذا بصرف النظر عن أن المنشأت التي لا تستطيع تحصيل أموالها ستغلق أبوابها، وهكذا بدل أن ترتفع إيرادات الحكومة من نشاطات هذه المنشأت، ستنخفض تدريجيا إلى أن تصل إلى حد الكارثة لا قدر الله. إبر المورفين التي تعطيها الحكومة للعمالة من خلال إيهامها بحل مشاكلها ورفع أجورها، ستكون له أثار كارثية ما لم تقم الحكومة بدورها على الوجه الصحيح، وهنا أعود إلى تلك النقطة التي أذكرها دائما وهي تلك المساحة التي تتقاطع فيها الدوائر بين الحكومة والمواطن والقطاع الخاص، وهنا لن يستطيع المواطن القيام بحركة الحياة إلا من خلال قدر كافي من المال، ولن تستطيع منشأت القطاع الخاص القيام بدورها بدون حد معين من الأرباح وضمان تدفق إيراداتها، لضمان استمرارها وتوسعها وزيادة الحركة في القطاع الاستثماري بشكل مجدي. وبعد ذلك تستطيع الحكومة ان تشارك جميع الأطراف بحصة من هذه الكعكة، اما أن تأخذ الحكومة نصيبها اليوم بدون القيام بدورها، فغدا لن تجد شيئا تأخذه.