logo
الطريق إلى التمكين …

الطريق إلى التمكين …

الشاهين٢٠-٠٣-٢٠٢٥

إبراهيم ابو حويله
نقف مع السنن وقفة متأمل ومفكر ومحاول أن يسبر أغوارها ليصل إلى الحقيقة، صراع حضارات ام هو صراع الوجود، ام هو صراع أديان وأفكار، أم هو صراع القوى المهيمنة، ولكن مهلا هل كانت الأرض يوما إلا أرض للصراعات، منذ تلك اللحظة التي يدرك فيها الطفل قوته ويسعى ليفرض حضوره وإرادته على بيئته المحيطة، ثم تكبر التحديات وتكبر الصور التي يسعى فيها الإنسان ليجد مكانا لسلطته على هذه البقعة التي يعيش فيها، ثم يخرج لنا فرعون وقيصر وكسرى وهرقل وهتلر وستالين وموسيلني وعشرات بل مئات من الجبابرة العتاه، هو إذا عند الكثيرين صراع وجود، أو صراع سيطرة وسلطة وسطوة.
ولكن مفهوم الخالق مختلف هو لا يريد الأرض مكانا للصراعات، نعم هو أوجدها لتكون تلك المساحة التي يعيش فيها هذا المخلوق الفريد الذي يتمتع بالعديد من الصفات، التي تؤهله لأن يرتقى في سلم الفكر والحضارة والأخلاق، ومن ثم يكون أهلا ليكون خليفة الله في الأرض، ذلك الخليفة الذي يسعى لتطبيق الدين وهو المنهاج، أو نظام الحياة كما يقول ابو الحسن الندوي في كتابه ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين.
هناك عقول تسعى بقوة لتصل إلى الحقيقة، وما قصة الأحناف في الجاهلية إلا صورة من تلك الصور المشرقة، فهؤلاء رفضوا الشرك والجاهلية وتلك العادات والتقاليد والشركيات التي تتعارض مع العقل السليم، وأسند عمرو بن نفيل وهو أحدهم ظهره على جدار الكعبة وما فيكم على ملّة إبراهيم إلا أنا، مفهوم الرفض للعادات والتقاليد والتصورات الخاطئة عن الدين والخالق والحياة موجودة لم تتوقف، وهي مرافق دائم لكل انحراف يقوم به بعض البشر، فهذا الإنحراف يجد في المقابل أشخاصا يرفضون الإنحراف، ويرفضون مبدأ القوة وغياب الأخلاق وسيادة شريعة الغاب على البشر، كما يوجد في المقابل من يتبنى ويدعم ويسعى بقوة لفرض شريعة الغاب على البشر.
التدافع بين البشر، بين الخير والشر، بين الظلمة والنور، بين الحق والباطل، هذه من السنن الخالدة في الحياة، وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ثم ينتقل البشر إلى مرحلة جديدة، ليس فيها هذا النوع من التحديات، ولكن في هذه المرحلة يتفق أهل الشر ويجتمعون في مكان سمه ما شئت ولكن الله سماه الجحيم، ويتفق أهل الحق ويجتمعون في مكان سمه ما شئت ولكن الله سماه الجنّة.
ولكن هل وجود الجنس الواحد المتجانس مطلوب دائما، وهل ينفع الإختلاف أو يضر، ويبدو أن الإختلاف يضر أحيانا وينفع أحيانا أخرى، وما ضر الشمعة إلا فتيلها كما يقولون، ولكن في الحياة القياس هو قياس مع الفارق، وجد اليابانيون أن طعم السمك يختلف نتيجة صيده وتبريده، فبنوا أحواضا في سفنهم ووضعوا السمك فيها، ولكن ما زال الطعم مختلف، فلجأوا إلى حيلة وضعوا فيها صغار سمك القرش في أحواض السمك ليدب الخوف والحركة الدائمة في السمك، ولا يتغير طعمه.
السلم والسلام نعمة، ولكنه يضر بفئة من البشر، فتخلد إلى الحياة الدنيا، وتغرق في الترف والنعيم والنعم والملذات، فيصيب بعضها الفسق وتستحق العقاب، ألم ترى إلى تلك الشعوب التي رفلت في النعمة زمنا، من بومبيى في إيطاليا تلك القرية التي فاجأها البركان وهم في غيهم، وخلد صور من حياتهم وفحشهم، إلى قوم لوط، إلى غيرهم ممن أصابتهم نعمة الترف وحلّ بهم الفسق فأستحقوا العقاب.
يأتي الأنبياء عندما تنحرف البشرية عن المنهج، ويسعون بقوة لإعادة هذه الخراف الضالة إلى مسارها، ولكن البعض يأبى فهو مستفيد من الوضع القائم، وقد إرتبط بهذا النظام من حيث المنفعة والعادة والتقاليد والمجتمع، ولا يريد أن يغير ذلك، والأخرين مع أنهم قد يكونون مستفيدين من النظام القائم ومن الإنحراف الموجود، ولهم فيه حظوة ووجود، وخذ عثمان وسعد وأبو بكر غيرهم الكثيرين رضي الله عنهم، فقد كان لهم مكانة وحظوة وتنازلوا عنها من أجل إقامة دين الله الجديد صورة ومنهجا وفكرا في الارض.
ولكنه لم يكن دينا جديدا بل شريعة جديدة، وهم قد نشاؤوا على صور منحرفة، ولكن فطرتهم تحركت هنا، وهنا ملحظ مهم هو قدرة هؤلاء على رؤية الإنحراف القائم في المنهج الموجود، وعدم القبول به مع أنهم مستفيدون منه، وفي المقابل تجد مدافعين عن الوضع القائم، وهو يظلمهم ويسلبهم حقوقهم ويتعرضون لمعاناة كبيرة بوجوده، وهذه من فئة العاملة الناصبة، التي تسعى في عمل وهي مجدة ومجتهدة، ولكن هذا العمل هو تماما هو عكس مصلحتها، وعكس ما يحقق لها الفائدة.
لن تستطيع أن تحمل البشر على رأي واحد، ومنهج واحد، وفكر واحد، وما أكثر الناس ولوحرصت بمؤمنين الأية 103 يوسف، ولكن وجود الكتلة الحرجة من أهل الحق والساعين له والداعمين له، وهؤلاء وجودهم يمنع وقوع ظلم كبير في الأرض، نعم سيبقى الظلم ما بقي البشر، لأن الإنحراف عن المنهج متعلق بأمور كثيرة ليس هذا مكانها، ولكن عندما تسعى الفئة العظمى من الناس للحق، وتحرص عليه وتحميه بالغالي والنفيس، يقل الظلم ويكاد أن يختفي إلا من تلك الحالات الفردية، التي لا تستطيع يد العدل أن تصل إليها.
الخالق لم يترك البشر منذ تلك اللحظة التي أنزلهم فيها من الجنة إلى هذه الأرض، فمرة يرسل الرسل والرسالات، وفي أخرى الأنبياء للتذكير وإعادة الناس إلى الصواب، وفي ثالثة يرسل الصالحين من أمثال صاحب موسى في سورة الكهف، او المجددين على رأس كل قرن، وهؤلاء كانوا يعملون بجد لبقاء الإنسان قريب من المنهج، وهؤلاء يعملون وفق منظومة إلهية منضبطة، فهو يعي تماما السنن الكونية ويعرف طبائع البشر ويستقى أوامره وتعليماته من الخالق مباشرة.
السنن مرة أخرى والإعداد، سنة الإعداد تعني أن الله سبحانه وتعالى يُهيىء الأسباب والظروف لتحقيق التغيير أو التمكين، ولكن بعد أن تمر الأمة أو الفرد بمرحلة إعداد وتأهيل. فالنصر أو التمكين لا يأتي فجأة، بل يحتاج إلى تربية، وصبر، وتدريب، وتكوين داخلي، وإعداد روحي يهتم ببناء العقيدة الصحيحة والإيمان بالله، وإعداد نفسي يهتم بتقوية الإرادة والثبات على الحق، وإعداد فكري يسعى لفهم السنن الكونية والتخطيط والعمل، وإعداد مادي يسعى لتجهيز القوة العسكرية والاقتصادية، أشار ابن القيم إلى أن الابتلاء جزء من الإعداد، لأن به يتميز الصادق من الكاذب، وهنا يرى سيد قطب أن الإعداد العقائدي مقدم على الإعداد المادي، لأن العقيدة هي الأساس، بينما يرى مالك بن نبي أن الإعداد الفكري والثقافي أهم باعتباره قاعدة النهضة.
ثم بعد الإعداد يأتي التمكين، سنة التمكين تعني أن الله سبحانه وتعالى يمكّن للذين آمنوا وعملوا الصالحات في الأرض بعد أن يُختبروا ويُبتلوا، فيورثهم الأرض ويمكن لهم دينهم، بشرط تحقيق الإيمان الصحيح والعمل الصالح. وللتمكين شروط، وهي الإيمان بالله والعمل الصالح، والتوكل على الله، والاستقامة على منهج الله، والصبر على الابتلاء.
إذا الإسلام ليس مجرد دين بل هو نظام حياة، يسعى لأنواع من الإعداد، أولا الإعداد الروحي الذي يهدف إلى بناء العقيدة الصحيحة والإيمان بالله، ومن ثم الإعداد النفسي الذي يسعى إلى تقوية الإرادة والثبات على الحق، وبعد ذلك الإعداد الفكري الذي يُكون فهم واضح للسنن الكونية وأثرها، ويسعى لتوظيفها في التخطيط والعمل، وإخيرا الإعداد المادي الذي يهتم بتجهيز القوة العسكرية والاقتصادية.
سنة الإعداد تُرسخ الإيمان والاستعداد للمهام، وسنة التمكين تُحقق وعد الله بالنصر والسيادة للمؤمنين، ويرى سيد قطب أن التمكين يأتي بعد الابتلاء، وليس قبله، لأنه يُثبت أهلية الأمة لتحمل المسؤولية، بينما يرى ابن تيمية أن التمكين الحقيقي هو تمكين الدين في القلوب، وليس فقط السيطرة السياسية، بينما يرى مالك بن نبي أن التمكين لا يتحقق إلا إذا وُجدت 'القابلية للتمكين' في الأمة. وزالت القابلية للإستعمار.
إذا لم يتحقق الإعداد ولم تستطع الأمة النجاح في التمكين.
ندخل في سنة خطيرة هي سنة الإستبدال، وسنة الاستبدال تعني أن الله سبحانه وتعالى يستبدل قومًا أو أمة بغيرهم، إذا انحرفوا عن منهج الله وفسدوا في الأرض كما حدث مع أهل الكتاب، فإذا تركوا طاعة الله، فإن الله يُزيلهم، وهنا الإزالة هي التنحية عن القيادة في الأرض، ويأتي بغيرهم ممن يكونون أكثر استقامة على أمر الله، وسنة الاستبدال تحذر من التخاذل والفساد، فيرى إبن خلدون أن الاستبدال هو نتيجة طبيعية لانهيار الأخلاق والقيم، بينما يرى سيد قطب أن الاستبدال يبدأ من داخل النفس، فمتى ما فسد الإيمان، كان الاستبدال حتميًا، بينما يرى أبو الحسن الندوي أن التخلي عن القيادة الحضارية سببه البعد عن الدين، وأنعكس تأثير تراجع المسلمين الحضاري على العالم بأسره، ويرى أن الإسلام ليس مجرد دين، بل هو نظام شامل للحياة. وعودة المسلمين إلى التقدم والتأثير الإيجابي في العالم لا تتحقق، إلا بإحياء القيم الإسلامية الصحيحة، وبناء حضارة قائمة على العدل، العلم، والأخلاق.
والعلاقة بين السنن الثلاث، الإعداد يؤهل الأمة نفسيًا وماديًا للتمكين، والتمكين يأتي بعد الإعداد وابتلاء الثبات على الحق، وإذا لم يحصل الثبات على الحق يحدث الإستبدال عند الإخلال بشرط الإيمان والعمل الصالح، ويؤسفني أن السنن لا تحابي أحدا، وقد جعلها الله ثابتة ثباتا يجعل هذه السنن تعامل الكافر والمؤمن وفق ناموس واحد، نعم قد تتدخل العناية الألهية في مواقف معدودة ومحددة بطوفان نوح أو خسف أو غيره.
ولكن على المسلم أن يقوم بواجبه ويسعى حتى ينقطع منه الجهد ثم يتوجه إلى الله بالدعاء، وإلا فهو لم يفهم منهجه ولا وعى دينه ولا فهم سننه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ابوالخيل يفتتح القاعة الهاشمية بمدرسة الاميرة بسمة في مادبا
ابوالخيل يفتتح القاعة الهاشمية بمدرسة الاميرة بسمة في مادبا

الدستور

timeمنذ 21 دقائق

  • الدستور

ابوالخيل يفتتح القاعة الهاشمية بمدرسة الاميرة بسمة في مادبا

مادبا - الدستور - احمد الحراوي افتتح مدير التربية والتعليم للواء قصبة مادبا الدكتور يوسف ابو الخيل القاعة الهاشمية في مدرسة الأميرة بسمة الثانوية الشاملة للبنات وتزينت القاعة الهاشمية في المدرسة، بصور حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حفظهم الله ورعاهم، وبالأعلام الأردنية واشتملت على معرض للاستقلال الأردني، وعلى ركن للمقتنيات التراثية التي تعبر عن قيم المجتمع الأردني وتراثه، وزاوية لفن الفسيفساء. وعلى صعيد آخر رعى ابو الخيل حفل تخريج طلبة روضة المدرسة، وقدم الطلبة فقرات فنية وأهازيج وطنية ودبكات تغنت بالوطن وقائد الوطن و قصائد شعرية تغنت بالإنجازات الوطنية ومجدت ذكرى الاستقلال العزيزة على قلوب الأردنيين. وعبر الدكتور ابو الخيل عن شكره وتقديره لمديرة المدرسة ولجنة تنظيم الاحتفال من المعلمات والطالبات المشاركات بالاحتفال والحضور الكريم.

كبير مفتين دبي: الذكاء الاصطناعي لا يفتي
كبير مفتين دبي: الذكاء الاصطناعي لا يفتي

خبرني

timeمنذ 27 دقائق

  • خبرني

كبير مفتين دبي: الذكاء الاصطناعي لا يفتي

خبرني - أفاد الشيخ الدكتور أحمد الحداد، كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، في تصريح خاص لـ«البيان» بأن برامج الذكاء الاصطناعي، مثل «شات جي بي تي»، تحمل منافع مهمة لا يمكن الاستغناء عنها في وقتنا الحاضر المتطور. إلا أنه لا يصح شرعاً أن تكون محل اعتماد في طلب الفتاوى، وخاصة في المسائل الدقيقة مثل مناسك الحج، والكفارات، وتفسير القرآن الكريم. وأوضح الحداد أن هذه البرامج يمكن الاستعانة بها فقط لتقريب المعلومة المطلوبة، على أن يتم الرجوع بعد ذلك إلى مصادرها الأصلية، لأن هذه الأنظمة تنقل ما زُوّدت به من معلومات. وقد تكون هذه المعلومات غير دقيقة، وبالتالي فإن من يعتمد عليها يكون «كحاطب ليل»، لا يدري ما الذي يأخذه، معتبراً أن الواجب الشرعي والعقلي يحتم الرجوع إلى أهل الفتوى المختصين والمعتبرين، لأن الله تعالى أمر بذلك في قوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. المسؤولية الكاملة وأكد أن المفتي مسؤول أمام الله تعالى وأمام الناس، ومُلزَم بتحمل تبعة فتواه إذا أخطأ، أما التقنية فلا مسؤولية عليها، بل تقع المسؤولية كاملة على السائل نفسه، مستشهداً بما ورد في الأثر: «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم». وفي ما يتعلق بالحالات التي يستند فيها الحاج إلى فتوى خاطئة صادرة عن الذكاء الاصطناعي، فأخلّ بسببها بنسكه، أكد الحداد أن المسؤولية الشرعية في هذه الحالة تقع على المستخدم، ويتحمل الجزاء الشرعي إذا فرّط في ترك واجب أو فعَلَ محظوراً من محظورات الإحرام، لأنه اعتمد على مصدر لا يملك صفة الاعتماد شرعاً وعقلاً. وحول رأيه في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تفسير القرآن الكريم، أوضح الحداد أن تفسير كلام الله تعالى لا يصح إلا من خلال المفسرين المشهود لهم، الذين ينطلقون في عملهم من منهج واضح يعتمد على الأثر واللغة ومقاصد الشريعة وكلياتها العامة والخاصة، مستنداً إلى قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، موضحاً أن أولي الأمر هنا هم العلماء المتخصصون الذين يفسرون كلام الله على مراده ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم. أهل الاختصاص وأكد أنه لا مانع من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتيسير الرجوع إلى المراجع، شريطة ألا يُعد مصدراً موثوقاً به، لأن مخرجاته تعتمد على البيانات التي أُدخلت فيه، وقد تكون صائبة أو غير ذلك، ما يجعل الرجوع إلى أهل الاختصاص ضرورة لا غنى عنها. وتابع: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» والدليل على ذلك أن أكثر ما وقع بين الناس من الفتن هو بسبب التأويل الفاسد الناتج عن هوى وعن غير قواعد أهل التفسير. كما كان من الخوارج قديماً وحديثاً بخروجهم على المسلمين وولاة الأمر بالسلاح بسبب تأويلاتهم الفاسدة، وهذا الذكاء قد يُغذَّى بهذه التأويلات غير الصحيحة فإن اعتُمدت وقع المحظور الذي يجب التوقي منه، فكان واجباً على من يريد أن يفسر كلام الله تعالى ليعمل به ويفهمه فهماً صحيحاً أن يرجع إلى العلماء وإلى كتب التفسير المعتمدة. وعند سؤاله عن الخطر الشرعي المترتب على تقديم الذكاء الاصطناعي لتفسير خاطئ لآية من القرآن الكريم، أو بما يخالف منهج أهل السنة، أكد الحداد أن الخطر في هذه الحالة كبير جداً إذا تم الاعتماد الكلي عليه، مشيراً إلى أن مدخلات الذكاء الاصطناعي قد لا تكون بأيدي متخصصين موثوق بهم. وأكد أن من أراد أن يفسر كلام الله تعالى تفسيراً صحيحاً يعمل به، فعليه أن يرجع إلى العلماء وكتب التفسير المعتمدة، وفي ما يخص ضرورة تبني الجهات الدينية الرسمية أنظمة ذكاء اصطناعي شرعية بإشراف العلماء، وخصوصاً في المواسم الكبرى كالحج. أوضح الحداد أن هذا الأمر بات واجب الوقت، وعلى العلماء والمختصين أن يستفيدوا من هذه التقنية الحديثة والمتطورة، التي أصبحت تدخل في كل جوانب الحياة، شرط أن يُوظف استخدامها توظيفاً صحيحاً. نفع الناس وأكد أن على كل من يستطيع الإسهام في نفع الناس عبر هذه التقنية أن يبادر إلى ذلك، وخصوصاً في المجالات الدينية، حتى لا تُستغل من قبل من ليسوا من أهل الاختصاص، أو من يسعون للكيد للإسلام وأهله. وأشار إلى تجربة دائرة الشؤون الإسلامية بدبي، التي أنشأت منصة إلكترونية للإفتاء، تم من خلالها إدخال نسبة من الفتاوى التعبدية الصادرة عن إدارة الإفتاء. مشيراً إلى أن هذه المبادرة تشبه ما فعله الخيرون سابقاً من إعداد موسوعات فقهية إلكترونية أفادت طلاب العلم وسهلت عليهم الوصول إلى المعلومة، لكن التقنية الحالية أيسر وأوسع انتشاراً. وأكد أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي، في دورته 26 المنعقدة مؤخراً في دولة قطر، أصدر توجيهاً عاماً للمسلمين بضرورة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في ما يخدم العباد والبلاد. الضوابط الشرعية وحول الضوابط الشرعية التي يجب توفرها لاستخدام هذه التقنيات في الفتوى أو التفسير أو تعليم العلوم الشرعية، أوضح الحداد أن لكل عمل ضوابطه التي يضعها أهل الاختصاص، سواء كان العمل في الجانب الشرعي أو الطبي أو الأمني أو غيره. وشدد على أن الفتوى على وجه التحديد يجب أن تستند إلى فتاوى صادرة عن مراجع موثوق بها في البلاد الإسلامية، تراعي الواقع المعاصر والتوقعات المستقبلية، محذراً من تزويد الذكاء الاصطناعي بمحتوى لا يتناسب مع واقع اليوم أو يخالفه. وفي ما يتعلق بكيفية التفريق بين ما يُعد تيسيراً شرعياً باستخدام الذكاء الاصطناعي، وما قد يؤدي إلى تضليل الناس أو التعدي على اختصاص أهل العلم، أكد الحداد أن المستخدم المتخصص الواعي يستطيع التمييز بين الحق والباطل، ويستفيد من التقنية باعتبارها وسيلة لتقريب المعلومة وتسهيل الوصول إليها، لا كمصدر يعتمد عليه اعتماداً كلياً. أما من لم يكن مؤهلاً علمياً فقد لا يدرك الفرق بين الصواب والخطأ، وحينها يقع في المحظور، ويكون مسؤولاً عن ذلك لأنه اختار أن يستقي العلم من غير أهله، من دون الرجوع إلى المتخصصين. نصيحة عامة ووجّه الحداد نصيحة عامة، قال فيها: «أنصح كل من يمكنه الاستفادة من هذه الوسائل أن يبادر إلى ذلك بعد أن يتقن استخدامها ويحذر من مخاطرها، فنحن اليوم في عصر التقنية والذكاء والفضاء المفتوح، ولا عزاء لمن يتأخر عن مواكبة هذا العصر بكل إيجابياته». وأكد أن شباب اليوم هم شباب الصناعة والتقنية، ويجب عليهم أن يستفيدوا بجد ومثابرة مما توفره الدولة من تسهيلات، وخاصة أن الدولة قد أخذت على عاتقها إعداد هذا الجيل ليكون فاعلاً في التقدم العلمي والتكنولوجي، وأنشأت وزارة خاصة لهذا الغرض، وأعدت برامج تعليمية وتطويرية لأبناء اليوم ليكونوا رواداً في مجالات الذكاء النافع والتقنيات المتطورة. واختتم قائلاً: «على أبناء الجيل الحاضر والمستقبل أن يقدّروا هذا الاهتمام الكبير من القيادة، وأن يتفاعلوا معه بإيجابية حتى يحققوا طموحات القيادة والأمة الرائدة».

عيد الاستقلال عهد الوفاء للتضحيات
عيد الاستقلال عهد الوفاء للتضحيات

السوسنة

timeمنذ 2 ساعات

  • السوسنة

عيد الاستقلال عهد الوفاء للتضحيات

ايناس عقاب العوامله يحل علينا في الخامس والعشرين من أيار من كل عام مناسبة عزيزة على قلوب جميع الأردنيين، حيث يحتفل الاردنيون بعيد الاستقلال الذي يمثل منعطفاً تاريخياً في مسيرة المملكة الأردنية الهاشمية. ففي هذا اليوم المجيد من عام 1946، أعلن المغفور له جلالة الملك عبدالله الأول بن الحسين استقلال الأردن عن الانتداب البريطاني، لتبدأ رحلة بناء الدولة الحديثة تحت القيادة الهاشمية الحكيمة.هذه المناسبة العظيمة تجسد العهد والوعد،، العهد الذي قطعه الاردنيون لبناء الدولة الحديثة والوعد للهاشميين على ان نبقى لهم الأوفياء.شكّل استقلال الأردن تتويجاً لكفاح طويل خاضه الشعب الأردني بقيادة الهاشميين، حيث تحمل الآباء والأجداد مشاق النضال من أجل الحرية والكرامة. وقد أسس المغفور له الملك المؤسس دعائم دولة القانون والمؤسسات، ليكمل الملوك من بعده مسيرة البناء والتطوير، حتى أصبح الاردن نموذجا ورمزا للاستقرار والبناء على أسس الحق والعدالة، وقلعة حصينة بالسيف والقلم..في عهد المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه-، شهد الأردن نهضة شاملة في جميع المجالات، حيث عزز مكانة المملكة على الساحتين الإقليمية والدولية، وحافظ على ثوابت الأردن الوطنية والقومية.واستمر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين -حفظه الله-، على نهج الاباء والاجداد من العترة الهاشمية فقد واصل الأردن مسيرة البناء والعلياء بثبات واتزان، رغم كل التحديات الإقليمية والدولية. فأصبح نموذجاً للاستقرار والاعتدال، وواحة للأمن والأمان في منطقة مضطربة. عيد الاستقلال مناسبة وطنية غالية نستذكر فيها معاني الفخر والانتماء، ونستلهم منها الدروس والعبر لمواصلة مسيرة البناء. إنها عهدنا ووعدنا الذي يذكرنا بتضحيات الأجداد، ودافعنا للعمل الجاد من أجل رفعة الوطن، الاستقلال دافع الانطلاق للمستقبل بطاقة وعزيمة الشباب، مستندين الى روح الماضي ومستلهمين القوة والعزيمة من روح الشباب ومنبعها صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله ولي عهدنا المحبوب وجذوة أملنا وطاقتنا التي لا تنضب حفظه الله ورعاه تحت ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة.كل عام والأردن العزيز وأهله الكرام بألف خير، تحت ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين -أيده الله-، داعين المولى عز وجل أن يحفظ الأردن وأهله، وأن يديم عليه نعمة الأمن والاستقرار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store