logo
#

أحدث الأخبار مع #إسإيد،

أخبار العالم : من يقف في وجه ترامب؟
أخبار العالم : من يقف في وجه ترامب؟

نافذة على العالم

time٢٧-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • نافذة على العالم

أخبار العالم : من يقف في وجه ترامب؟

الخميس 27 مارس 2025 08:30 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images Article information Author, أميرة عباس Role, بي بي سي نيوز قبل 3 ساعة بدأت فترة الرئاسة الثانية لدونالد ترامب في البيت الأبيض على وقع سيل من القرارات واسعة النطاق، عكست ما بدا سلطات مذهلة. واسترسل ترامب في تصريحاته، وكان للخصوم كما للحلفاء نصيبٌ منها. وبدا أن القرار "الترامبي" يدشن تحولات سياسية، كما يغير خريطة التحالفات، ليفاجئ العالم ويقلب الموازين المعتادة. لم تختلف تصريحات وقرارات ترامب على صعيد السياسة الخارجية عن نهجه الداخلي، إذ لوّح الرئيس الأميركي بالانسحاب من اتفاقيات وتحالفات دولية، وبالتراجع عن قرارات سلفه جو بايدن، عبر إصدار أوامر تنفيذية. إن الأوامر التنفيذية تحمل قوة القانون وتستمد شرعيتها من المادة الثانية في الدستور الأمريكي، وهي بمثابة توجيهات رسمية يصدرها الرؤساء مع بداية ولاياتهم لترسيخ توجهات إداراتهم الجديدة. ولكن، هل كل الأوامر التنفيذية المسطَّرة قابلة للتحقق؟ العدالة الناجزة صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، المحكمة العليا في واشنطن الوحيدة التي تأسست بموجب نصوص الدستور الأميركي، في حين يختص الكونغرس بإنشاء المحاكم الفيدرالية (الأدنى). إن المحاكم الأمريكية يجوز لها النظر في الأوامر التنفيذية، وتملك سلطة المراجعة القانونية. يتميز التنظيم القضائي في الولايات المتحدة بوجود محاكم تعمل على مستوى الولايات، إضافةً إلى المحاكم الفيدرالية التي تمارس سلطاتها على مستوى عموم البلاد. وتعد المحكمة العليا قمة هرم القضاء الفيدرالي، إذ كفل الدستور الأمريكي إنشـاءها. تصل أغلب القضايا إلى المحكمة العليا عبر تسلق سلم الاستئناف، وقد تكون لها الكلمة الأخيرة بخصوص العديد من أوامر الرئيس الأمريكي التنفيذية إذا ما استحكم النزاع القانوني حولها. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في ضمان التزام كل جناح من أجنحة السلطة—التشريعية والتنفيذية والقضائية—بحدود سلطته. إن ترامب حتمًا سيقصدها نظرًا للإشكاليات والصعوبات التي بدأت تعيق طريق أوامره التنفيذية. وصوّتت المحكمة العليا، بالفعل، في أول حكم مهم لها بشأن قضية تشكل تحديًا لترامب، لصالح تأييد حكم محكمة أدنى، ورفضت تجميد إدارة ترامب نحو ملياري دولار من مدفوعات المعونة الخارجية. يقول الديمقراطيون إن ترامب خالف الدستور في هذا الصدد، لأنه لم يحصل على تفويض من الكونغرس. وقد شرعت النقابات العمالية بالفعل في تحدي القرار على هذا الأساس، وسعت للحصول على أمر بمنع ما تقول إنها "أفعال تتجاهل الدستور والقوانين"، وخلقت "أزمة إنسانية عالمية". أُطلقت الدعوى القضائية، التي رُفعت في محكمة فيدرالية في واشنطن العاصمة، ضد ترامب ووزارتي الخارجية والخزانة كمدعى عليهم، وقد حكمت المحكمة بشكل مبدئي بإيقاف قرار ترامب بتجميد المساعدات الخارجية الأمريكية، وإنهاء برامج وكالة المعونة الأمريكية "يو إس إيد"، وإيقاف موظفيها. الوكالة التي تم حجب مساعداتها تنشط، وفق ما هو مذكور على موقعها، في أكثر من 100 دولة، بينها مصر والعراق والأردن ولبنان وتونس والمغرب والضفة الغربية/غزة، بالإضافة إلى ما تقدمه عبر شركائها في بلدان تعاني من أزمات ولا توجد بها بعثات، مثل سوريا وليبيا واليمن. جمد ترامب أموال الوكالة حتى ينتهي من تقييم خفض الإنفاق الحكومي، وتوفير "مدفوعات باهظة"، وإصلاح التوظيف الفيدرالي، وفق ما أُعلن من جانبه. ويقول الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي، إيهاب عباس، لبي بي سي: "القرارات التنفيذية بمثابة سلطة الرئيس، لكن إن شابها العوار قانونيًا، يكون على المتضرر منها اللجوء إلى القضاء. وطبقًا للقانون، يتوجب تنفيذ حكم القضاء حتى وإن صدر في غير مصلحة المدعى عليه، وهو الرئيس في هذه الحالة. لكننا نواجه هنا مأزقًا قانونيًا آخر، ألا وهو التصميم الدستوري القائم على الفصل بين السلطات الثلاث، وتدخل القضاء في السلطة التنفيذية. وفي هذه الحالة، وكما فعل ترامب، فإنه يلجأ إلى المحكمة العليا، لأنها تفسر أي غموض في النص، وتحل المنازعات، وتنظر في دستورية القوانين، وقد تنصفه أو تؤيد القرارات القضائية الصادرة بحقه." صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، يظهر الرئيس دونالد ترامب على شاشة كاميرا تلفزيونية خارج المحكمة العليا، وقت إعلانه عن مرشحه للمحكمة في يناير كانون الأول 2017 في واشنطن. يمكن للمحكمة العليا النظر في عدد كبير من الإشكاليات الداخلية والخارجية، بشرط وجود دعوى منظورة أمامها. وهي تفصل في مدى توافق القرار الصادر أو الخطوة المتخذة من قبل السلطتين التشريعية أو التنفيذية مع أحكام الدستور، وذلك بعد الطعن فيها قضائيًا. ولا يتم انتخاب قضاة المحكمة، بل يُعيّنهم الرئيس الأمريكي، ويخضعون لجلسات استماع وموافقة من مجلس الشيوخ. ويشغل هؤلاء مناصبهم مدى الحياة، حتى وفاتهم أو تقاعدهم الطوعي، ولا يمكن استبعادهم إلا عبر عملية مساءلة وإدانة من الكونغرس، وهي عملية نادرة جدًا في التاريخ الأمريكي، لذا يكون ذلك الصرح عادة محل تجاذبات بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، الديمقراطيين والجمهوريين، لأنه من أقوى مؤسسات البلاد. خلال ولايته الأولى، عزّز دونالد ترامب الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا عبر تعيين ثلاثة قضاة محافظين، مما أدى إلى ترجيح كفة المحافظين. وبعد تولي جو بايدن الرئاسة، أعاقت المحكمة العليا بعض قراراته. ويتعين على المحكمة العليا أن تؤدي دورها بعيدًا عن أي استقطابات أو ضغوط سياسية، فهي حارس القوانين الأمريكية والمشرف عليها، ومن هنا تكتسب أهميتها. ويرى مراقبون أنها في هذه المرحلة الدقيقة تواجه اختبارًا حقيقيًا، آملين أن تنتصر للدستور ومبادئه، وألّا تفسح المجال لتركيز السلطة. وبحسب ضياء الرويشدي، المختص في القانون الدولي والدستوري، فإن القرار أو الأمر التنفيذي يخضع لتفسير المحكمة، ويظل مقيدًا بحدود الدستور ومدى الامتثال التنفيذي لأحكامه، ولصلاحيات الرئيس كما أوردها الدستور، سواء كانت مشتركة مع السلطات الأخرى أو انفرادية. "التاريخ الأمريكي فيه أمثلة لرؤساء تحدوا المحكمة العليا، مثل أندرو جاكسون، الذي يذكرني في توجهاته كثيرًا بترامب، وأيضًا فرانكلين روزفلت، الذي دخل في شدّ وجذب مع المحكمة العليا عندما أعلنت عدم دستورية بعض مشاريعه، فهدد بزيادة عدد قضاتها." عامل "الردع في العلاقات الدولية" صدر الصورة، Getty Images عندما طرح دونالد ترامب فكرته عن ترحيل جميع سكان غزة في إطار مشروع "ريفيرا الشرق الأوسط" وملكية أمريكية "طويلة الأمد" للقطاع، تواردت ردود الفعل الدولية والقانونية المنددة بخطة ترامب بوصفها انتهاكًا للقانون الدولي. وفي بيان صدر عن الخبراء الأمميين، حذر هؤلاء من أن خطاب ترامب من شأنه "كسر المحرمات"، محذرين من عواقب بعيدة المدى. لاحقًا، قال ترامب إنه لا يعتزم إجبار سكان غزة على الرحيل. لكن ماذا لو قرر ترامب أن يتراجع عن حديثه ويمضي قدما في خطته لترحيل سكان غزة؟ يشير مفهوم الردع عبر المجتمع الدولي حسب موقع الصليب الأحمر إلى الردع الذي تشكله المنظمات الدولية لضبط السلوك الدولي وحفظ السلم والأمن. وقد أعرب الخبراء الأمميون كذلك عن انزعاجهم من تمرير مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يسعى إلى فرض عقوبات وخفض تمويل المحكمة الجنائية الدولية، التي كانت قد أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوأف غالانت على خلفية تطورات حرب غزة. وقال هؤلاء: "من المذهل أن نرى دولة تعتبر نفسها بطلة لسيادة القانون تحاول إحباط تصرفات محكمة مستقلة ومحايدة أنشأها المجتمع الدولي... إن التهديدات ضد المحكمة تعزز ثقافة الإفلات من العقاب وتسخر من السعي المستمر منذ عقود لوضع القانون فوق القوة." إن القرارات التنفيذية تصطدم هنا بأسس القانون الدولي. فما هو وقع التنبيه الأممي المتكرر على القيادة الأمريكية التي تميل إلى اتخاذ حلول غير اعتيادية؟ "إن ترامب جدلي بل من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في الساحة السياسية الأمريكية، لأن قراراته أثرت في هوية وصورة الولايات المتحدة الداخلية والخارجية، وهو يعيد تعريف تحالفات محورية منذ الأجداد." وأكمل الرويشدي شارحًا أن النهج الأمريكي متفرد من ناحية تفسير وإعمال القانون الدولي. "القوانين الدولية ليست جزءًا من مجموعة القوانين الداخلية الراسخة، وتلك الأخيرة هي التي يحاسب الرئيس بموجبها. ويتم الاعتداد بأحكام القانون الدولي حيثما يكون هناك تلاقي بينها وبين القانون المحلي." وأضاف الرويشدي لبي بي سي أن "العلاقات الخارجية، لأنها تتضمن أسئلة سياسية بحتة، فقد تتردد المحكمة العليا في البت فيها، وسيبقى على الدول المتأثرة من تغيير ما أحدثه الرئيس على مستوى سياسة بلاده الخارجية اللجوء إلى المنظومة الدولية أو المحاكم المختصة بتسوية النزاعات ذات الطابع الدولي." من يتحكم في السياسة الأمريكية ؟ صدر الصورة، Getty Images كما أن هناك أغلبية يمينية في المحكمة العليا، يعمل كونغرس العهد الثاني للرئيس ترامب، بمجلسيه النواب والشيوخ، منذ انتخابات 2024 العامة، بأغلبية جمهورية ولكنها أغلبية ضئيلة. لكن تلك الأغلبية البسيطة ستظل دائمًا معلقة بنتائج أي انتخابات فرعية، مما قد يغير توازن القوى في أي لحظة إما بسبب وفاة أو استقالة الأعضاء. ويسعى ترامب، الذي يمثل صعوده انتصارًا للجناح اليميني في الحزب الجمهوري، إلى تسويق ذلك الفكر في السياسة العالمية، بمواقفه الشعبوية والحمائية والانعزالية والقومية، وهو يقوم بذلك كمن يدشن لعلامته التجارية الجديدة الخاصة. ستشكل رئاسة ترامب الثانية اختبارًا على مدى ولاء الجمهوريين على جميع مستوياتهم لزعامته وإدارته، ومن شأن أي صدام حزبي أو استقطاب وانقسام أن يفتت الكتلة النيابية ويفقده البيئة التشريعية المساندة. ومع كل دورة تشريعية، تبدأ ما تسمى بـ "جماعات الضغط المحترفة" (أو اللوبي) حملات إعادة تعريف وتحديد الأولويات، بحسب تعريف وكالة بلومبرغ. لكن أعضاء الكونغرس يعتمدون في الوقت نفسه على سجل نتائجهم السياسية الشخصية لإعادة انتخابهم في دوائرهم. ودعمهم للرئيس سيعتمد على عدم تعارض مصالح الأخير وآفاق إعادة انتخابهم. وقد كانت هناك تحركات رافضة لمقاربة غزة في الكونغرس من المعارضة الديمقراطية، كما يوجد بين المشرعين الجمهوريين من لم يتوافق معها. ويمنح الفصل الأول من الدستور الأمريكي الكونغرس، الهيئة التشريعية الفيدرالية في البلاد، على وجه التحديد، سلطة سن القوانين. ومثلما يستأثر الكونغرس بحق التشريع، فإن له أيضًا سلطة إعلان الحرب وإرسال القوات للخارج، وفق ما ورد في "بند صلاحيات الحرب"، مما يعني أنه لا ينبغي لشخص واحد (أي الرئيس) أن ينفرد بقرار الحرب دون موافقة الكونغرس بشكل أو آخر. ولكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أجاز الكونغرس للرئيس ما يعرف بـ (AUMF)، وهو اختصارٌ لتفويض استخدام العمل العسكري والمقترن بمحاربة العدوان بالإجراءات التي يتعين اتخاذها وتحديد من تستهدف، وليس بالضرورة أن تكون دولة بل وكيانات وأفراد. يختلف ذلك عن إعلان الحرب التقليدي في أنه يحد من استخدام الرئيس للقوة العسكرية الكاملة، على حد ما يرد في هذا الصدد. تم استخدام ذلك التفويض في كل من أفغانستان، العراق، واليمن، ومنذ استحداثه قُدمت مقترحاتٌ متعددة لسحبه، وصولًا إلى ساكن البيت الأبيض قبل ترامب، جو بايدن، الذي دعم إلغائه. لعقود من الزمان، مثل ذلك الأمرُ نقطةَ خلاف بسبب ما ينظر إليه على أنه "الصياغة مفتوحة التفسير" للدستور الأمريكي، والتي جعلت البعض يزعم أن لقب الرئيس كقائد أعلى للجيش والبحرية في الولايات المتحدة يفترض أن يجيز له الانخراط في الصراع أو الحرب عندما يرتئي ذلك ضروريًا. على صعيد الشؤون الخارجية إجمالًا، ينصُ الدستور الأمريكي أيضًا على أن سلطتين من سلطات الرئيس – إبرام المعاهدات وتعيين الدبلوماسيين – مرهونتان بموافقة مجلس الشيوخ. كما يخول الدستور الكونغرس سلطة الإشراف على ما يتخذُ من قرارات بمعرفة الرئيس ووزير خارجيته، الذي يعينه بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ. ويحقُ للجان الكونغرس استجواب صناع القرار حول مسائل السياسة الخارجية، وتكون وزارة الخارجية هي التي تزودها بمعلومات. كما يتمتعُ الكونغرس بسلطةِ إجراء تحقيقاتٍ في مخاوف تتعلق بالسياسةِ الخارجية والأمنِ القومي، وفق موقع "كاونسيل أون فورين أفيرز"، وقد يسمحُ كل ما سبق للمشرعين بالتأثير على القضايا الخارجية. في العام 2022، أقر الكونغرس الأمريكي تمديد العقوبات على إيران، كما أقر مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على حكومة بشار الأسد في سوريا وحلفائها، وبينهم روسيا وإيران. ووفقًا لموقع "Global Investigation Review"، فإن المسار العادي للعقوبات التي تُعد من أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأساسية يبدأ من الكونغرس الذي يشرًع للرئيس إصدار عقوبات من خلال أوامر تنفيذية. والكونغرس، المخولُ أيضًا بتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية، وإنشاء ودعم الجيوش والإبقاء على البحرية ودعمها، وتنظيم القوات البرية والبحرية، والتكفل بميليشيا والتمويل اللازم لذلك، وفرض الضرائب وجبايتها وسك وطبع العملة، وتحديد نظام التجنيس وإنشاء المحاكم الفيدرالية. كما ويبقى الكونغرس هو الهيئة المفوضة دستوريا بإقرار الموازنة الفيدرالية العامة السنوية التي يُخصص ما يقرب من نصفها مؤخرًا للشؤون الدولية والإنفاق العسكري، وفق مؤسسة "بيتر جي بيترسون" المعنية بدراسة التحديات المالية المستدامة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، منع الكونغرس مرارًا وتكرارًا إدارة باراك أوباما من استخدام أموال الخزانة العامة لنقل المعتقلين من سجن غوانتانامو. تقول مدونة "ذا بوليتكس شيد"، وهي سلسلة محاضرات إليكترونية عن نظامي الحكم الأمريكي والبريطاني، إن طبيعة النظام الأمريكي لا تعطي للرئيس سلطة أن يأمر الكونغرس بل يجب أن يعتمد على قوة الإقناع لإنتزاع ترخيص منه فيما يستوجب الحصول على موافقته عليه. يسمح كذلك ما يعرف بـ "قانون المراجعة الكونغرسية" الذي أقر في 1995، ويسمى اختصارًا بـ "سي آر إيه"، للكونغرس أيضًا بمراجعة وتعطيل وإلغاء ما تعرف بـ "القوانين الإدارية"، والمقصود بها ما يتم تحويله لأفرع الحكومة المسؤولة عن تنفيذ سياسات الإدارة العليا في مدة 60 يومًا تشريعيًا. وأشار الرويشدي إلى أن "الكونغرس يملك قوة ولا شك على رأسها قوة المحفظة أو أموال الموازنة العامة وكيفية استعمالها. كما يملك سلطة الرقابة على الرئيس من خلال جلسات الاستجواب أو من خلال حق إصدار التشريعات. على سبيل المثال، استمرار العمليات الحربية لفترة طويلة بحاجة إلى إعلان حرب من الكونغرس، وسيكون على الرئيس استخدام الإقناع في مطارح حيث سيحتاج للدعم النيابي لتمرير سياسات أجندته أو لتمويل إدارته. هناك الانتخابات النصفية أيضًا التي تشكل طريقًا رقابيًا إضافيًا على الرئيس، وقد يخسرها حزبه إذا لم يرض الناخب الأمريكي عن الأداء العام. وكما نعلم، فإن للجمهوريين أغلبية ضيقة في الكونغرس، وهم سيتخوفون من إضاعتها." وتابع خبير القانون الدولي قائلا: "باختصار، العلاقة تفاعلية وستتطلب التعاون. من الطبيعي أن يحاول الرئيس أخذ صلاحياته إلى أكبر مدى ممكن. ولو كان هناك توافق دائم بين السلطات الثلاث، ما احتجنا إلى الدستور. الرئيس لديه سلطات، لكن جزءًا منها مشترك مع الكونغرس. وإذا كان هذا الكونغرس داعمًا، سيكون من السهل عليه تجسيد أجندته دون الكثير من العراقيل، لاسيما على صعيد السياسات الخارجية." الكيانات الفيدرالية ليست فقط البيت الأبيض والكونغرس صدر الصورة، Getty Images ويؤكد لبي بي سي لواء دكتور سمير فرج من مصر أن في هذا النظام الفيدرالي المتوازن بعناية هناك قادة الأمن القومي، الذين لا يتفقون بالضرورة مع الرئيس وأعوانه. ويستشهد فرج بما جرى أثناء إدارة الرئيس باراك أوباما، التي قررت عدم تزويد مصر بطائرات أباتشي بسبب التوتر في العلاقات بين واشنطن والقاهرة على خلفية القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر، لكن البنتاغون ضغط من أجل تزويد مصر بالطائرات من أجل ضرورة حفظ الأمن القومي، حسب قوله. وعند سؤاله إذا كانت العلاقات المصرية الأمريكية قد تأثرت صعودًا وهبوطًا بتغير الجالس في المكتب البيضاوي، أجاب أن "مصر والولايات المتحدة تجمعهما مصالح استراتيجية قديمة ظهرت آثارها في تعاقب الرؤساء عندما يحاول هؤلاء أن يكون لسلطة واحدة اليد الأطول في رسم وإقرار السياساتّ". وكان دونالد ترامب قد تعهد، خلال حملته لإعادة انتخابه، بتطهير الأجهزة الأمنية واستئصال من سماهم بالجنرالات "المستيقظين"، وهو مصطلح تستخدمه العديد من جماعات اليمين الأمريكي لوصف معارضي التوجهات اليمينية. وكان لجاي دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، تصريح لافت في هذا السياق قال فيه: "إذا لم يطعك الناس في إدارتك، فعليك التخلص منهم والاستعانة بمن يستجيبون لما يحاول الرئيس القيام به"." صدر الصورة، Getty Images من الواضح أن ترامب يحاول التدخل في وزارة الدفاع ووزارات أخرى، كما أوضحت نادين ساندرز، رئيسة تحرير جريدة إنترناشيونال فويس الأمريكية لـ بي بي سي. وأضافت: "البيت الأبيض صرح فعليًا بأن نحو 17 مفتشًا عامًا في خدمة البنتاغون تم تسريحهم بذريعة 'تغير الأولويات'، ولكن التحديات القضائية تعيق الآن هذه الخطوة وتتحدى عملية الطرد من الوظيفة. رفع بعض هؤلاء دعاوى بحجة أن الإجراء مخالف للقانون الفيدرالي ويتجاهل الكونغرس الذي كان لابد من إخطاره قبل هذا النوع من التدخل في أداء واجباتهم بدون مبرر جوهري. هناك تشكيك في دوافع القرار، وأنه اتُخذ ليس بدافع ضبط الإنفاق كما قيل، بل كجزء مما سميت بـ 'حرب التطهير' في الدوائر الفيدرالية منذ تنصيب ترامب. ولذلك، فإن العديد من النزاعات القضائية تلاحق إدارة ترامب حاليًا، وتنظرها المحاكم، منها ما يطعن في خلل الإجراءات ومنها ما يطعن في نزاهة الإجراءات. وفوق هذا وذاك، هناك الديمقراطيون الذين يتخذون مواقفهم مما يجري، وكل ذلك يشكل عبئًا على ترامب في الاستمرار في أجندته وقد يعرقلها ويجعلها تتقدم بصعوبة." وتابعت ساندرز: "نظريًا، الصلاحية موجودة للرئيس. وقد تمكن ترامب في فترة ولايته الأولى من إقالة مفتش بالبنتاغون، لكن ليس دون احترام القواعد." وعن ردة فعل الشارع حيال التصريحات التوسعية والتصعيدية في وقت يتجه فيه ترامب لإقرار خطة تقشفية غير مسبوقة في الولايات المتحدة، أجابت ساندرز: "لم تتحسن الظروف الاقتصادية الأمريكية والتضخم مرتفع. ما يطرحه ترامب جدلي بلا شك، وهناك من يمتعض ويجده أمرًا غير مستحب أو غير متوقع يجري في البلاد. وهناك من يرضى، وهم على الأرجح من انتخبوا ترامب، وهناك من يتوجس من علامات تحذيرية حمراء في خطاب ترامب، ومن تحطيمه للأسس الديمقراطية المعتادة في الولايات المتحدة، لا سيما في صفوف الديمقراطيين الذين سيعدون عدتهم للمجابهة. على ما أعتقد، قد يبدأ هؤلاء، بدافع تخوفاتهم من الهيمنة على القرار الأمريكي، بالتسلط عليه إعلاميًا، لكن الأمريكيين يفضلون عدم التقييم إلا بعد الـ100 يوم الأولى للرئيس في المنصب." ويرى الرويشدي من جانبه أن العلاقات الخارجية للولايات المتحدة هي مسؤولية مشتركة، وأن مجلس الأمن القومي جزء من السلطة التنفيذية بمهام استشارية. أما الكونغرس، فيتمتع بسلطة صرف المال والموافقة على الموازنة العامة، ويمكن استخدام ذلك في هذا الصدد، كذلك فإن للكونغرس هو من يخول للرئيس تعديل هيكل الوكالات الفيدرالية، ويملك أيضا حق المراجعة والإشراف على اللوائح الفيدرالية خلال 60 يوما تشريعيا أما البنتاغون (الدفاع)، فيمكن للرئيس تنظيم سير عمله داخليًا وفق القانون، كونه القائد العام للقوات المسلحة، على ما قاله الرويشدي. تفعيل آلية عزل الرئيس صدر الصورة، Getty Images وبحسب موقع مجلس الشؤون الخارجية Council on Foreign affairs، فإن نظام فصل السلطات في الولايات المتحدة ينتهي لا محالة للمشاحنات وسمح بذلك الدستور الأمريكي نفسه الذي مثلما كان صريحا في مطارح فإنه غير واضح في نقاط أخرى ومن ذلك الغموض تولد ما اصطلح على تسميته بـ السلطات "الضمنية". ويؤكد المحللون أن الصدام ولعبة شد الحبل الدورية بين الرئيس والكونغرس حول السياسة الخارجية ليست نتيجة غير مقصودة للدستور، بل هي أحد أهدافه الأساسية لضبط التوازنات. ووصل الصدام سابقا مع ترامب حد أن واجه دعوتين لعزله من منصب الرئيس الأمريكي وهو ما عايشناه معه خلال فترته الأولى بالبيت الأبيض (2017-2021) لكن حدث ذلك إبان سيطرة الديقراطيين على مجلس النواب.

من يقف في وجه ترامب؟
من يقف في وجه ترامب؟

شفق نيوز

time٢٧-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • شفق نيوز

من يقف في وجه ترامب؟

بدأت فترة الرئاسة الثانية لدونالد ترامب في البيت الأبيض على وقع سيل من القرارات واسعة النطاق، عكست ما بدا سلطات مذهلة. واسترسل ترامب في تصريحاته، وكان للخصوم كما للحلفاء نصيبٌ منها. وبدا أن القرار "الترامبي" يدشن تحولات سياسية، كما يغير خريطة التحالفات، ليفاجئ العالم ويقلب الموازين المعتادة. لم تختلف تصريحات وقرارات ترامب على صعيد السياسة الخارجية عن نهجه الداخلي، إذ لوّح الرئيس الأميركي بالانسحاب من اتفاقيات وتحالفات دولية، وبالتراجع عن قرارات سلفه جو بايدن، عبر إصدار أوامر تنفيذية. إن الأوامر التنفيذية تحمل قوة القانون وتستمد شرعيتها من المادة الثانية في الدستور الأمريكي، وهي بمثابة توجيهات رسمية يصدرها الرؤساء مع بداية ولاياتهم لترسيخ توجهات إداراتهم الجديدة. ولكن، هل كل الأوامر التنفيذية المسطَّرة قابلة للتحقق؟ العدالة الناجزة إن المحاكم الأمريكية يجوز لها النظر في الأوامر التنفيذية، وتملك سلطة المراجعة القانونية. يتميز التنظيم القضائي في الولايات المتحدة بوجود محاكم تعمل على مستوى الولايات، إضافةً إلى المحاكم الفيدرالية التي تمارس سلطاتها على مستوى عموم البلاد. وتعد المحكمة العليا قمة هرم القضاء الفيدرالي، إذ كفل الدستور الأمريكي إنشـاءها. تصل أغلب القضايا إلى المحكمة العليا عبر تسلق سلم الاستئناف، وقد تكون لها الكلمة الأخيرة بخصوص العديد من أوامر الرئيس الأمريكي التنفيذية إذا ما استحكم النزاع القانوني حولها. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في ضمان التزام كل جناح من أجنحة السلطة—التشريعية والتنفيذية والقضائية—بحدود سلطته. إن ترامب حتمًا سيقصدها نظرًا للإشكاليات والصعوبات التي بدأت تعيق طريق أوامره التنفيذية. وصوّتت المحكمة العليا، بالفعل، في أول حكم مهم لها بشأن قضية تشكل تحديًا لترامب، لصالح تأييد حكم محكمة أدنى، ورفضت تجميد إدارة ترامب نحو ملياري دولار من مدفوعات المعونة الخارجية. يقول الديمقراطيون إن ترامب خالف الدستور في هذا الصدد، لأنه لم يحصل على تفويض من الكونغرس. وقد شرعت النقابات العمالية بالفعل في تحدي القرار على هذا الأساس، وسعت للحصول على أمر بمنع ما تقول إنها "أفعال تتجاهل الدستور والقوانين"، وخلقت "أزمة إنسانية عالمية". أُطلقت الدعوى القضائية، التي رُفعت في محكمة فيدرالية في واشنطن العاصمة، ضد ترامب ووزارتي الخارجية والخزانة كمدعى عليهم، وقد حكمت المحكمة بشكل مبدئي بإيقاف قرار ترامب بتجميد المساعدات الخارجية الأمريكية، وإنهاء برامج وكالة المعونة الأمريكية "يو إس إيد"، وإيقاف موظفيها. الوكالة التي تم حجب مساعداتها تنشط، وفق ما هو مذكور على موقعها، في أكثر من 100 دولة، بينها مصر والعراق والأردن ولبنان وتونس والمغرب والضفة الغربية/غزة، بالإضافة إلى ما تقدمه عبر شركائها في بلدان تعاني من أزمات ولا توجد بها بعثات، مثل سوريا وليبيا واليمن. جمد ترامب أموال الوكالة حتى ينتهي من تقييم خفض الإنفاق الحكومي، وتوفير "مدفوعات باهظة"، وإصلاح التوظيف الفيدرالي، وفق ما أُعلن من جانبه. ويقول الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي، إيهاب عباس، لبي بي سي: "القرارات التنفيذية بمثابة سلطة الرئيس، لكن إن شابها العوار قانونيًا، يكون على المتضرر منها اللجوء إلى القضاء. وطبقًا للقانون، يتوجب تنفيذ حكم القضاء حتى وإن صدر في غير مصلحة المدعى عليه، وهو الرئيس في هذه الحالة. لكننا نواجه هنا مأزقًا قانونيًا آخر، ألا وهو التصميم الدستوري القائم على الفصل بين السلطات الثلاث، وتدخل القضاء في السلطة التنفيذية. وفي هذه الحالة، وكما فعل ترامب، فإنه يلجأ إلى المحكمة العليا، لأنها تفسر أي غموض في النص، وتحل المنازعات، وتنظر في دستورية القوانين، وقد تنصفه أو تؤيد القرارات القضائية الصادرة بحقه." يمكن للمحكمة العليا النظر في عدد كبير من الإشكاليات الداخلية والخارجية، بشرط وجود دعوى منظورة أمامها. وهي تفصل في مدى توافق القرار الصادر أو الخطوة المتخذة من قبل السلطتين التشريعية أو التنفيذية مع أحكام الدستور، وذلك بعد الطعن فيها قضائيًا. ولا يتم انتخاب قضاة المحكمة، بل يُعيّنهم الرئيس الأمريكي، ويخضعون لجلسات استماع وموافقة من مجلس الشيوخ. ويشغل هؤلاء مناصبهم مدى الحياة، حتى وفاتهم أو تقاعدهم الطوعي، ولا يمكن استبعادهم إلا عبر عملية مساءلة وإدانة من الكونغرس، وهي عملية نادرة جدًا في التاريخ الأمريكي، لذا يكون ذلك الصرح عادة محل تجاذبات بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، الديمقراطيين والجمهوريين، لأنه من أقوى مؤسسات البلاد. خلال ولايته الأولى، عزّز دونالد ترامب الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا عبر تعيين ثلاثة قضاة محافظين، مما أدى إلى ترجيح كفة المحافظين. وبعد تولي جو بايدن الرئاسة، أعاقت المحكمة العليا بعض قراراته. ويتعين على المحكمة العليا أن تؤدي دورها بعيدًا عن أي استقطابات أو ضغوط سياسية، فهي حارس القوانين الأمريكية والمشرف عليها، ومن هنا تكتسب أهميتها. ويرى مراقبون أنها في هذه المرحلة الدقيقة تواجه اختبارًا حقيقيًا، آملين أن تنتصر للدستور ومبادئه، وألّا تفسح المجال لتركيز السلطة. وبحسب ضياء الرويشدي، المختص في القانون الدولي والدستوري، فإن القرار أو الأمر التنفيذي يخضع لتفسير المحكمة، ويظل مقيدًا بحدود الدستور ومدى الامتثال التنفيذي لأحكامه، ولصلاحيات الرئيس كما أوردها الدستور، سواء كانت مشتركة مع السلطات الأخرى أو انفرادية. "التاريخ الأمريكي فيه أمثلة لرؤساء تحدوا المحكمة العليا، مثل أندرو جاكسون، الذي يذكرني في توجهاته كثيرًا بترامب، وأيضًا فرانكلين روزفلت، الذي دخل في شدّ وجذب مع المحكمة العليا عندما أعلنت عدم دستورية بعض مشاريعه، فهدد بزيادة عدد قضاتها." عامل "الردع في العلاقات الدولية" عندما طرح دونالد ترامب فكرته عن ترحيل جميع سكان غزة في إطار مشروع "ريفيرا الشرق الأوسط" وملكية أمريكية "طويلة الأمد" للقطاع، تواردت ردود الفعل الدولية والقانونية المنددة بخطة ترامب بوصفها انتهاكًا للقانون الدولي. وفي بيان صدر عن الخبراء الأمميين، حذر هؤلاء من أن خطاب ترامب من شأنه "كسر المحرمات"، محذرين من عواقب بعيدة المدى. لاحقًا، قال ترامب إنه لا يعتزم إجبار سكان غزة على الرحيل. لكن ماذا لو قرر ترامب أن يتراجع عن حديثه ويمضي قدما في خطته لترحيل سكان غزة؟ يشير مفهوم الردع عبر المجتمع الدولي حسب موقع الصليب الأحمر إلى الردع الذي تشكله المنظمات الدولية لضبط السلوك الدولي وحفظ السلم والأمن. وقد أعرب الخبراء الأمميون كذلك عن انزعاجهم من تمرير مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يسعى إلى فرض عقوبات وخفض تمويل المحكمة الجنائية الدولية، التي كانت قد أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوأف غالانت على خلفية تطورات حرب غزة. وقال هؤلاء: "من المذهل أن نرى دولة تعتبر نفسها بطلة لسيادة القانون تحاول إحباط تصرفات محكمة مستقلة ومحايدة أنشأها المجتمع الدولي... إن التهديدات ضد المحكمة تعزز ثقافة الإفلات من العقاب وتسخر من السعي المستمر منذ عقود لوضع القانون فوق القوة." إن القرارات التنفيذية تصطدم هنا بأسس القانون الدولي. فما هو وقع التنبيه الأممي المتكرر على القيادة الأمريكية التي تميل إلى اتخاذ حلول غير اعتيادية؟ "إن ترامب جدلي بل من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في الساحة السياسية الأمريكية، لأن قراراته أثرت في هوية وصورة الولايات المتحدة الداخلية والخارجية، وهو يعيد تعريف تحالفات محورية منذ الأجداد." وأكمل الرويشدي شارحًا أن النهج الأمريكي متفرد من ناحية تفسير وإعمال القانون الدولي. "القوانين الدولية ليست جزءًا من مجموعة القوانين الداخلية الراسخة، وتلك الأخيرة هي التي يحاسب الرئيس بموجبها. ويتم الاعتداد بأحكام القانون الدولي حيثما يكون هناك تلاقي بينها وبين القانون المحلي." وأضاف الرويشدي لبي بي سي أن "العلاقات الخارجية، لأنها تتضمن أسئلة سياسية بحتة، فقد تتردد المحكمة العليا في البت فيها، وسيبقى على الدول المتأثرة من تغيير ما أحدثه الرئيس على مستوى سياسة بلاده الخارجية اللجوء إلى المنظومة الدولية أو المحاكم المختصة بتسوية النزاعات ذات الطابع الدولي." من يتحكم في السياسة الأمريكية ؟ كما أن هناك أغلبية يمينية في المحكمة العليا، يعمل كونغرس العهد الثاني للرئيس ترامب، بمجلسيه النواب والشيوخ، منذ انتخابات 2024 العامة، بأغلبية جمهورية ولكنها أغلبية ضئيلة. لكن تلك الأغلبية البسيطة ستظل دائمًا معلقة بنتائج أي انتخابات فرعية، مما قد يغير توازن القوى في أي لحظة إما بسبب وفاة أو استقالة الأعضاء. ويسعى ترامب، الذي يمثل صعوده انتصارًا للجناح اليميني في الحزب الجمهوري، إلى تسويق ذلك الفكر في السياسة العالمية، بمواقفه الشعبوية والحمائية والانعزالية والقومية، وهو يقوم بذلك كمن يدشن لعلامته التجارية الجديدة الخاصة. ستشكل رئاسة ترامب الثانية اختبارًا على مدى ولاء الجمهوريين على جميع مستوياتهم لزعامته وإدارته، ومن شأن أي صدام حزبي أو استقطاب وانقسام أن يفتت الكتلة النيابية ويفقده البيئة التشريعية المساندة. ومع كل دورة تشريعية، تبدأ ما تسمى بـ "جماعات الضغط المحترفة" (أو اللوبي) حملات إعادة تعريف وتحديد الأولويات، بحسب تعريف وكالة بلومبرغ. لكن أعضاء الكونغرس يعتمدون في الوقت نفسه على سجل نتائجهم السياسية الشخصية لإعادة انتخابهم في دوائرهم. ودعمهم للرئيس سيعتمد على عدم تعارض مصالح الأخير وآفاق إعادة انتخابهم. وقد كانت هناك تحركات رافضة لمقاربة غزة في الكونغرس من المعارضة الديمقراطية، كما يوجد بين المشرعين الجمهوريين من لم يتوافق معها. ويمنح الفصل الأول من الدستور الأمريكي الكونغرس، الهيئة التشريعية الفيدرالية في البلاد، على وجه التحديد، سلطة سن القوانين. ومثلما يستأثر الكونغرس بحق التشريع، فإن له أيضًا سلطة إعلان الحرب وإرسال القوات للخارج، وفق ما ورد في "بند صلاحيات الحرب"، مما يعني أنه لا ينبغي لشخص واحد (أي الرئيس) أن ينفرد بقرار الحرب دون موافقة الكونغرس بشكل أو آخر. ولكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أجاز الكونغرس للرئيس ما يعرف بـ (AUMF)، وهو اختصارٌ لتفويض استخدام العمل العسكري والمقترن بمحاربة العدوان بالإجراءات التي يتعين اتخاذها وتحديد من تستهدف، وليس بالضرورة أن تكون دولة بل وكيانات وأفراد. يختلف ذلك عن إعلان الحرب التقليدي في أنه يحد من استخدام الرئيس للقوة العسكرية الكاملة، على حد ما يرد في هذا الصدد. تم استخدام ذلك التفويض في كل من أفغانستان، العراق، واليمن، ومنذ استحداثه قُدمت مقترحاتٌ متعددة لسحبه، وصولًا إلى ساكن البيت الأبيض قبل ترامب، جو بايدن، الذي دعم إلغائه. لعقود من الزمان، مثل ذلك الأمرُ نقطةَ خلاف بسبب ما ينظر إليه على أنه "الصياغة مفتوحة التفسير" للدستور الأمريكي، والتي جعلت البعض يزعم أن لقب الرئيس كقائد أعلى للجيش والبحرية في الولايات المتحدة يفترض أن يجيز له الانخراط في الصراع أو الحرب عندما يرتئي ذلك ضروريًا. على صعيد الشؤون الخارجية إجمالًا، ينصُ الدستور الأمريكي أيضًا على أن سلطتين من سلطات الرئيس – إبرام المعاهدات وتعيين الدبلوماسيين – مرهونتان بموافقة مجلس الشيوخ. كما يخول الدستور الكونغرس سلطة الإشراف على ما يتخذُ من قرارات بمعرفة الرئيس ووزير خارجيته، الذي يعينه بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ. ويحقُ للجان الكونغرس استجواب صناع القرار حول مسائل السياسة الخارجية، وتكون وزارة الخارجية هي التي تزودها بمعلومات. كما يتمتعُ الكونغرس بسلطةِ إجراء تحقيقاتٍ في مخاوف تتعلق بالسياسةِ الخارجية والأمنِ القومي، وفق موقع "كاونسيل أون فورين أفيرز"، وقد يسمحُ كل ما سبق للمشرعين بالتأثير على القضايا الخارجية. في العام 2022، أقر الكونغرس الأمريكي تمديد العقوبات على إيران، كما أقر مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على حكومة بشار الأسد في سوريا وحلفائها، وبينهم روسيا وإيران. ووفقًا لموقع "Global Investigation Review"، فإن المسار العادي للعقوبات التي تُعد من أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأساسية يبدأ من الكونغرس الذي يشرًع للرئيس إصدار عقوبات من خلال أوامر تنفيذية. والكونغرس، المخولُ أيضًا بتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية، وإنشاء ودعم الجيوش والإبقاء على البحرية ودعمها، وتنظيم القوات البرية والبحرية، والتكفل بميليشيا والتمويل اللازم لذلك، وفرض الضرائب وجبايتها وسك وطبع العملة، وتحديد نظام التجنيس وإنشاء المحاكم الفيدرالية. كما ويبقى الكونغرس هو الهيئة المفوضة دستوريا بإقرار الموازنة الفيدرالية العامة السنوية التي يُخصص ما يقرب من نصفها مؤخرًا للشؤون الدولية والإنفاق العسكري، وفق مؤسسة "بيتر جي بيترسون" المعنية بدراسة التحديات المالية المستدامة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، منع الكونغرس مرارًا وتكرارًا إدارة باراك أوباما من استخدام أموال الخزانة العامة لنقل المعتقلين من سجن غوانتانامو. تقول مدونة "ذا بوليتكس شيد"، وهي سلسلة محاضرات إليكترونية عن نظامي الحكم الأمريكي والبريطاني، إن طبيعة النظام الأمريكي لا تعطي للرئيس سلطة أن يأمر الكونغرس بل يجب أن يعتمد على قوة الإقناع لإنتزاع ترخيص منه فيما يستوجب الحصول على موافقته عليه. يسمح كذلك ما يعرف بـ "قانون المراجعة الكونغرسية" الذي أقر في 1995، ويسمى اختصارًا بـ "سي آر إيه"، للكونغرس أيضًا بمراجعة وتعطيل وإلغاء ما تعرف بـ "القوانين الإدارية"، والمقصود بها ما يتم تحويله لأفرع الحكومة المسؤولة عن تنفيذ سياسات الإدارة العليا في مدة 60 يومًا تشريعيًا. وأشار الرويشدي إلى أن "الكونغرس يملك قوة ولا شك على رأسها قوة المحفظة أو أموال الموازنة العامة وكيفية استعمالها. كما يملك سلطة الرقابة على الرئيس من خلال جلسات الاستجواب أو من خلال حق إصدار التشريعات. على سبيل المثال، استمرار العمليات الحربية لفترة طويلة بحاجة إلى إعلان حرب من الكونغرس، وسيكون على الرئيس استخدام الإقناع في مطارح حيث سيحتاج للدعم النيابي لتمرير سياسات أجندته أو لتمويل إدارته. هناك الانتخابات النصفية أيضًا التي تشكل طريقًا رقابيًا إضافيًا على الرئيس، وقد يخسرها حزبه إذا لم يرض الناخب الأمريكي عن الأداء العام. وكما نعلم، فإن للجمهوريين أغلبية ضيقة في الكونغرس، وهم سيتخوفون من إضاعتها." وتابع خبير القانون الدولي قائلا: "باختصار، العلاقة تفاعلية وستتطلب التعاون. من الطبيعي أن يحاول الرئيس أخذ صلاحياته إلى أكبر مدى ممكن. ولو كان هناك توافق دائم بين السلطات الثلاث، ما احتجنا إلى الدستور. الرئيس لديه سلطات، لكن جزءًا منها مشترك مع الكونغرس. وإذا كان هذا الكونغرس داعمًا، سيكون من السهل عليه تجسيد أجندته دون الكثير من العراقيل، لاسيما على صعيد السياسات الخارجية." الكيانات الفيدرالية ليست فقط البيت الأبيض والكونغرس ويؤكد لبي بي سي لواء دكتور سمير فرج من مصر أن في هذا النظام الفيدرالي المتوازن بعناية هناك قادة الأمن القومي، الذين لا يتفقون بالضرورة مع الرئيس وأعوانه. ويستشهد فرج بما جرى أثناء إدارة الرئيس باراك أوباما، التي قررت عدم تزويد مصر بطائرات أباتشي بسبب التوتر في العلاقات بين واشنطن والقاهرة على خلفية القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر، لكن البنتاغون ضغط من أجل تزويد مصر بالطائرات من أجل ضرورة حفظ الأمن القومي، حسب قوله. وعند سؤاله إذا كانت العلاقات المصرية الأمريكية قد تأثرت صعودًا وهبوطًا بتغير الجالس في المكتب البيضاوي، أجاب أن "مصر والولايات المتحدة تجمعهما مصالح استراتيجية قديمة ظهرت آثارها في تعاقب الرؤساء عندما يحاول هؤلاء أن يكون لسلطة واحدة اليد الأطول في رسم وإقرار السياساتّ". وكان دونالد ترامب قد تعهد، خلال حملته لإعادة انتخابه، بتطهير الأجهزة الأمنية واستئصال من سماهم بالجنرالات "المستيقظين"، وهو مصطلح تستخدمه العديد من جماعات اليمين الأمريكي لوصف معارضي التوجهات اليمينية. وكان لجاي دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، تصريح لافت في هذا السياق قال فيه: "إذا لم يطعك الناس في إدارتك، فعليك التخلص منهم والاستعانة بمن يستجيبون لما يحاول الرئيس القيام به"." من الواضح أن ترامب يحاول التدخل في وزارة الدفاع ووزارات أخرى، كما أوضحت نادين ساندرز، رئيسة تحرير جريدة إنترناشيونال فويس الأمريكية لـ بي بي سي. وأضافت: "البيت الأبيض صرح فعليًا بأن نحو 17 مفتشًا عامًا في خدمة البنتاغون تم تسريحهم بذريعة 'تغير الأولويات'، ولكن التحديات القضائية تعيق الآن هذه الخطوة وتتحدى عملية الطرد من الوظيفة. رفع بعض هؤلاء دعاوى بحجة أن الإجراء مخالف للقانون الفيدرالي ويتجاهل الكونغرس الذي كان لابد من إخطاره قبل هذا النوع من التدخل في أداء واجباتهم بدون مبرر جوهري. هناك تشكيك في دوافع القرار، وأنه اتُخذ ليس بدافع ضبط الإنفاق كما قيل، بل كجزء مما سميت بـ 'حرب التطهير' في الدوائر الفيدرالية منذ تنصيب ترامب. ولذلك، فإن العديد من النزاعات القضائية تلاحق إدارة ترامب حاليًا، وتنظرها المحاكم، منها ما يطعن في خلل الإجراءات ومنها ما يطعن في نزاهة الإجراءات. وفوق هذا وذاك، هناك الديمقراطيون الذين يتخذون مواقفهم مما يجري، وكل ذلك يشكل عبئًا على ترامب في الاستمرار في أجندته وقد يعرقلها ويجعلها تتقدم بصعوبة." وتابعت ساندرز: "نظريًا، الصلاحية موجودة للرئيس. وقد تمكن ترامب في فترة ولايته الأولى من إقالة مفتش بالبنتاغون، لكن ليس دون احترام القواعد." وعن ردة فعل الشارع حيال التصريحات التوسعية والتصعيدية في وقت يتجه فيه ترامب لإقرار خطة تقشفية غير مسبوقة في الولايات المتحدة، أجابت ساندرز: "لم تتحسن الظروف الاقتصادية الأمريكية والتضخم مرتفع. ما يطرحه ترامب جدلي بلا شك، وهناك من يمتعض ويجده أمرًا غير مستحب أو غير متوقع يجري في البلاد. وهناك من يرضى، وهم على الأرجح من انتخبوا ترامب، وهناك من يتوجس من علامات تحذيرية حمراء في خطاب ترامب، ومن تحطيمه للأسس الديمقراطية المعتادة في الولايات المتحدة، لا سيما في صفوف الديمقراطيين الذين سيعدون عدتهم للمجابهة. على ما أعتقد، قد يبدأ هؤلاء، بدافع تخوفاتهم من الهيمنة على القرار الأمريكي، بالتسلط عليه إعلاميًا، لكن الأمريكيين يفضلون عدم التقييم إلا بعد الـ100 يوم الأولى للرئيس في المنصب." ويرى الرويشدي من جانبه أن العلاقات الخارجية للولايات المتحدة هي مسؤولية مشتركة، وأن مجلس الأمن القومي جزء من السلطة التنفيذية بمهام استشارية. أما الكونغرس، فيتمتع بسلطة صرف المال والموافقة على الموازنة العامة، ويمكن استخدام ذلك في هذا الصدد، كذلك فإن للكونغرس هو من يخول للرئيس تعديل هيكل الوكالات الفيدرالية، ويملك أيضا حق المراجعة والإشراف على اللوائح الفيدرالية خلال 60 يوما تشريعيا أما البنتاغون (الدفاع)، فيمكن للرئيس تنظيم سير عمله داخليًا وفق القانون، كونه القائد العام للقوات المسلحة، على ما قاله الرويشدي. تفعيل آلية عزل الرئيس وبحسب موقع مجلس الشؤون الخارجية Council on Foreign affairs، فإن نظام فصل السلطات في الولايات المتحدة ينتهي لا محالة للمشاحنات وسمح بذلك الدستور الأمريكي نفسه الذي مثلما كان صريحا في مطارح فإنه غير واضح في نقاط أخرى ومن ذلك الغموض تولد ما اصطلح على تسميته بـ السلطات "الضمنية". ويؤكد المحللون أن الصدام ولعبة شد الحبل الدورية بين الرئيس والكونغرس حول السياسة الخارجية ليست نتيجة غير مقصودة للدستور، بل هي أحد أهدافه الأساسية لضبط التوازنات. ووصل الصدام سابقا مع ترامب حد أن واجه دعوتين لعزله من منصب الرئيس الأمريكي وهو ما عايشناه معه خلال فترته الأولى بالبيت الأبيض (2017-2021) لكن حدث ذلك إبان سيطرة الديقراطيين على مجلس النواب.

من يقف في وجه ترامب؟
من يقف في وجه ترامب؟

BBC عربية

time٢٧-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • BBC عربية

من يقف في وجه ترامب؟

بدأت فترة الرئاسة الثانية لدونالد ترامب في البيت الأبيض على وقع سيل من القرارات واسعة النطاق، عكست ما بدا سلطات مذهلة. واسترسل ترامب في تصريحاته، وكان للخصوم كما للحلفاء نصيبٌ منها. وبدا أن القرار "الترامبي" يدشن تحولات سياسية، كما يغير خريطة التحالفات، ليفاجئ العالم ويقلب الموازين المعتادة. لم تختلف تصريحات وقرارات ترامب على صعيد السياسة الخارجية عن نهجه الداخلي، إذ لوّح الرئيس الأميركي بالانسحاب من اتفاقيات وتحالفات دولية، وبالتراجع عن قرارات سلفه جو بايدن، عبر إصدار أوامر تنفيذية. إن الأوامر التنفيذية تحمل قوة القانون وتستمد شرعيتها من المادة الثانية في الدستور الأمريكي، وهي بمثابة توجيهات رسمية يصدرها الرؤساء مع بداية ولاياتهم لترسيخ توجهات إداراتهم الجديدة. ولكن، هل كل الأوامر التنفيذية المسطَّرة قابلة للتحقق؟ العدالة الناجزة إن المحاكم الأمريكية يجوز لها النظر في الأوامر التنفيذية، وتملك سلطة المراجعة القانونية. يتميز التنظيم القضائي في الولايات المتحدة بوجود محاكم تعمل على مستوى الولايات، إضافةً إلى المحاكم الفيدرالية التي تمارس سلطاتها على مستوى عموم البلاد. وتعد المحكمة العليا قمة هرم القضاء الفيدرالي، إذ كفل الدستور الأمريكي إنشـاءها. تصل أغلب القضايا إلى المحكمة العليا عبر تسلق سلم الاستئناف، وقد تكون لها الكلمة الأخيرة بخصوص العديد من أوامر الرئيس الأمريكي التنفيذية إذا ما استحكم النزاع القانوني حولها. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في ضمان التزام كل جناح من أجنحة السلطة—التشريعية والتنفيذية والقضائية—بحدود سلطته. إن ترامب حتمًا سيقصدها نظرًا للإشكاليات والصعوبات التي بدأت تعيق طريق أوامره التنفيذية. وصوّتت المحكمة العليا، بالفعل، في أول حكم مهم لها بشأن قضية تشكل تحديًا لترامب، لصالح تأييد حكم محكمة أدنى، ورفضت تجميد إدارة ترامب نحو ملياري دولار من مدفوعات المعونة الخارجية. يقول الديمقراطيون إن ترامب خالف الدستور في هذا الصدد، لأنه لم يحصل على تفويض من الكونغرس. وقد شرعت النقابات العمالية بالفعل في تحدي القرار على هذا الأساس، وسعت للحصول على أمر بمنع ما تقول إنها "أفعال تتجاهل الدستور والقوانين"، وخلقت "أزمة إنسانية عالمية". أُطلقت الدعوى القضائية، التي رُفعت في محكمة فيدرالية في واشنطن العاصمة، ضد ترامب ووزارتي الخارجية والخزانة كمدعى عليهم، وقد حكمت المحكمة بشكل مبدئي بإيقاف قرار ترامب بتجميد المساعدات الخارجية الأمريكية، وإنهاء برامج وكالة المعونة الأمريكية "يو إس إيد"، وإيقاف موظفيها. الوكالة التي تم حجب مساعداتها تنشط، وفق ما هو مذكور على موقعها، في أكثر من 100 دولة، بينها مصر والعراق والأردن ولبنان وتونس والمغرب والضفة الغربية/غزة، بالإضافة إلى ما تقدمه عبر شركائها في بلدان تعاني من أزمات ولا توجد بها بعثات، مثل سوريا وليبيا واليمن. جمد ترامب أموال الوكالة حتى ينتهي من تقييم خفض الإنفاق الحكومي، وتوفير "مدفوعات باهظة"، وإصلاح التوظيف الفيدرالي، وفق ما أُعلن من جانبه. ويقول الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي، إيهاب عباس، لبي بي سي: "القرارات التنفيذية بمثابة سلطة الرئيس، لكن إن شابها العوار قانونيًا، يكون على المتضرر منها اللجوء إلى القضاء. وطبقًا للقانون، يتوجب تنفيذ حكم القضاء حتى وإن صدر في غير مصلحة المدعى عليه، وهو الرئيس في هذه الحالة. لكننا نواجه هنا مأزقًا قانونيًا آخر، ألا وهو التصميم الدستوري القائم على الفصل بين السلطات الثلاث، وتدخل القضاء في السلطة التنفيذية. وفي هذه الحالة، وكما فعل ترامب، فإنه يلجأ إلى المحكمة العليا، لأنها تفسر أي غموض في النص، وتحل المنازعات، وتنظر في دستورية القوانين، وقد تنصفه أو تؤيد القرارات القضائية الصادرة بحقه." يمكن للمحكمة العليا النظر في عدد كبير من الإشكاليات الداخلية والخارجية، بشرط وجود دعوى منظورة أمامها. وهي تفصل في مدى توافق القرار الصادر أو الخطوة المتخذة من قبل السلطتين التشريعية أو التنفيذية مع أحكام الدستور، وذلك بعد الطعن فيها قضائيًا. ولا يتم انتخاب قضاة المحكمة، بل يُعيّنهم الرئيس الأمريكي، ويخضعون لجلسات استماع وموافقة من مجلس الشيوخ. ويشغل هؤلاء مناصبهم مدى الحياة، حتى وفاتهم أو تقاعدهم الطوعي، ولا يمكن استبعادهم إلا عبر عملية مساءلة وإدانة من الكونغرس، وهي عملية نادرة جدًا في التاريخ الأمريكي، لذا يكون ذلك الصرح عادة محل تجاذبات بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، الديمقراطيين والجمهوريين، لأنه من أقوى مؤسسات البلاد. خلال ولايته الأولى، عزّز دونالد ترامب الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا عبر تعيين ثلاثة قضاة محافظين، مما أدى إلى ترجيح كفة المحافظين. وبعد تولي جو بايدن الرئاسة، أعاقت المحكمة العليا بعض قراراته. ويتعين على المحكمة العليا أن تؤدي دورها بعيدًا عن أي استقطابات أو ضغوط سياسية، فهي حارس القوانين الأمريكية والمشرف عليها، ومن هنا تكتسب أهميتها. ويرى مراقبون أنها في هذه المرحلة الدقيقة تواجه اختبارًا حقيقيًا، آملين أن تنتصر للدستور ومبادئه، وألّا تفسح المجال لتركيز السلطة. وبحسب ضياء الرويشدي، المختص في القانون الدولي والدستوري، فإن القرار أو الأمر التنفيذي يخضع لتفسير المحكمة، ويظل مقيدًا بحدود الدستور ومدى الامتثال التنفيذي لأحكامه، ولصلاحيات الرئيس كما أوردها الدستور، سواء كانت مشتركة مع السلطات الأخرى أو انفرادية. "التاريخ الأمريكي فيه أمثلة لرؤساء تحدوا المحكمة العليا، مثل أندرو جاكسون، الذي يذكرني في توجهاته كثيرًا بترامب، وأيضًا فرانكلين روزفلت، الذي دخل في شدّ وجذب مع المحكمة العليا عندما أعلنت عدم دستورية بعض مشاريعه، فهدد بزيادة عدد قضاتها." عامل "الردع في العلاقات الدولية" عندما طرح دونالد ترامب فكرته عن ترحيل جميع سكان غزة في إطار مشروع "ريفيرا الشرق الأوسط" وملكية أمريكية "طويلة الأمد" للقطاع، تواردت ردود الفعل الدولية والقانونية المنددة بخطة ترامب بوصفها انتهاكًا للقانون الدولي. وفي بيان صدر عن الخبراء الأمميين، حذر هؤلاء من أن خطاب ترامب من شأنه "كسر المحرمات"، محذرين من عواقب بعيدة المدى. لاحقًا، قال ترامب إنه لا يعتزم إجبار سكان غزة على الرحيل. لكن ماذا لو قرر ترامب أن يتراجع عن حديثه ويمضي قدما في خطته لترحيل سكان غزة؟ يشير مفهوم الردع عبر المجتمع الدولي حسب موقع الصليب الأحمر إلى الردع الذي تشكله المنظمات الدولية لضبط السلوك الدولي وحفظ السلم والأمن. وقد أعرب الخبراء الأمميون كذلك عن انزعاجهم من تمرير مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يسعى إلى فرض عقوبات وخفض تمويل المحكمة الجنائية الدولية، التي كانت قد أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوأف غالانت على خلفية تطورات حرب غزة. وقال هؤلاء: "من المذهل أن نرى دولة تعتبر نفسها بطلة لسيادة القانون تحاول إحباط تصرفات محكمة مستقلة ومحايدة أنشأها المجتمع الدولي... إن التهديدات ضد المحكمة تعزز ثقافة الإفلات من العقاب وتسخر من السعي المستمر منذ عقود لوضع القانون فوق القوة." إن القرارات التنفيذية تصطدم هنا بأسس القانون الدولي. فما هو وقع التنبيه الأممي المتكرر على القيادة الأمريكية التي تميل إلى اتخاذ حلول غير اعتيادية؟ "إن ترامب جدلي بل من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في الساحة السياسية الأمريكية، لأن قراراته أثرت في هوية وصورة الولايات المتحدة الداخلية والخارجية، وهو يعيد تعريف تحالفات محورية منذ الأجداد." وأكمل الرويشدي شارحًا أن النهج الأمريكي متفرد من ناحية تفسير وإعمال القانون الدولي. "القوانين الدولية ليست جزءًا من مجموعة القوانين الداخلية الراسخة، وتلك الأخيرة هي التي يحاسب الرئيس بموجبها. ويتم الاعتداد بأحكام القانون الدولي حيثما يكون هناك تلاقي بينها وبين القانون المحلي." وأضاف الرويشدي لبي بي سي أن "العلاقات الخارجية، لأنها تتضمن أسئلة سياسية بحتة، فقد تتردد المحكمة العليا في البت فيها، وسيبقى على الدول المتأثرة من تغيير ما أحدثه الرئيس على مستوى سياسة بلاده الخارجية اللجوء إلى المنظومة الدولية أو المحاكم المختصة بتسوية النزاعات ذات الطابع الدولي." من يتحكم في السياسة الأمريكية ؟ كما أن هناك أغلبية يمينية في المحكمة العليا، يعمل كونغرس العهد الثاني للرئيس ترامب، بمجلسيه النواب والشيوخ، منذ انتخابات 2024 العامة، بأغلبية جمهورية ولكنها أغلبية ضئيلة. لكن تلك الأغلبية البسيطة ستظل دائمًا معلقة بنتائج أي انتخابات فرعية، مما قد يغير توازن القوى في أي لحظة إما بسبب وفاة أو استقالة الأعضاء. ويسعى ترامب، الذي يمثل صعوده انتصارًا للجناح اليميني في الحزب الجمهوري، إلى تسويق ذلك الفكر في السياسة العالمية، بمواقفه الشعبوية والحمائية والانعزالية والقومية، وهو يقوم بذلك كمن يدشن لعلامته التجارية الجديدة الخاصة. ستشكل رئاسة ترامب الثانية اختبارًا على مدى ولاء الجمهوريين على جميع مستوياتهم لزعامته وإدارته، ومن شأن أي صدام حزبي أو استقطاب وانقسام أن يفتت الكتلة النيابية ويفقده البيئة التشريعية المساندة. ومع كل دورة تشريعية، تبدأ ما تسمى بـ "جماعات الضغط المحترفة" (أو اللوبي) حملات إعادة تعريف وتحديد الأولويات، بحسب تعريف وكالة بلومبرغ. لكن أعضاء الكونغرس يعتمدون في الوقت نفسه على سجل نتائجهم السياسية الشخصية لإعادة انتخابهم في دوائرهم. ودعمهم للرئيس سيعتمد على عدم تعارض مصالح الأخير وآفاق إعادة انتخابهم. وقد كانت هناك تحركات رافضة لمقاربة غزة في الكونغرس من المعارضة الديمقراطية، كما يوجد بين المشرعين الجمهوريين من لم يتوافق معها. ويمنح الفصل الأول من الدستور الأمريكي الكونغرس، الهيئة التشريعية الفيدرالية في البلاد، على وجه التحديد، سلطة سن القوانين. ومثلما يستأثر الكونغرس بحق التشريع، فإن له أيضًا سلطة إعلان الحرب وإرسال القوات للخارج، وفق ما ورد في "بند صلاحيات الحرب"، مما يعني أنه لا ينبغي لشخص واحد (أي الرئيس) أن ينفرد بقرار الحرب دون موافقة الكونغرس بشكل أو آخر. ولكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أجاز الكونغرس للرئيس ما يعرف بـ (AUMF)، وهو اختصارٌ لتفويض استخدام العمل العسكري والمقترن بمحاربة العدوان بالإجراءات التي يتعين اتخاذها وتحديد من تستهدف، وليس بالضرورة أن تكون دولة بل وكيانات وأفراد. يختلف ذلك عن إعلان الحرب التقليدي في أنه يحد من استخدام الرئيس للقوة العسكرية الكاملة، على حد ما يرد في هذا الصدد. تم استخدام ذلك التفويض في كل من أفغانستان، العراق، واليمن، ومنذ استحداثه قُدمت مقترحاتٌ متعددة لسحبه، وصولًا إلى ساكن البيت الأبيض قبل ترامب، جو بايدن، الذي دعم إلغائه. لعقود من الزمان، مثل ذلك الأمرُ نقطةَ خلاف بسبب ما ينظر إليه على أنه "الصياغة مفتوحة التفسير" للدستور الأمريكي، والتي جعلت البعض يزعم أن لقب الرئيس كقائد أعلى للجيش والبحرية في الولايات المتحدة يفترض أن يجيز له الانخراط في الصراع أو الحرب عندما يرتئي ذلك ضروريًا. على صعيد الشؤون الخارجية إجمالًا، ينصُ الدستور الأمريكي أيضًا على أن سلطتين من سلطات الرئيس – إبرام المعاهدات وتعيين الدبلوماسيين – مرهونتان بموافقة مجلس الشيوخ. كما يخول الدستور الكونغرس سلطة الإشراف على ما يتخذُ من قرارات بمعرفة الرئيس ووزير خارجيته، الذي يعينه بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ. ويحقُ للجان الكونغرس استجواب صناع القرار حول مسائل السياسة الخارجية، وتكون وزارة الخارجية هي التي تزودها بمعلومات. كما يتمتعُ الكونغرس بسلطةِ إجراء تحقيقاتٍ في مخاوف تتعلق بالسياسةِ الخارجية والأمنِ القومي، وفق موقع "كاونسيل أون فورين أفيرز"، وقد يسمحُ كل ما سبق للمشرعين بالتأثير على القضايا الخارجية. في العام 2022، أقر الكونغرس الأمريكي تمديد العقوبات على إيران، كما أقر مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على حكومة بشار الأسد في سوريا وحلفائها، وبينهم روسيا وإيران. ووفقًا لموقع "Global Investigation Review"، فإن المسار العادي للعقوبات التي تُعد من أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأساسية يبدأ من الكونغرس الذي يشرًع للرئيس إصدار عقوبات من خلال أوامر تنفيذية. والكونغرس، المخولُ أيضًا بتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية، وإنشاء ودعم الجيوش والإبقاء على البحرية ودعمها، وتنظيم القوات البرية والبحرية، والتكفل بميليشيا والتمويل اللازم لذلك، وفرض الضرائب وجبايتها وسك وطبع العملة، وتحديد نظام التجنيس وإنشاء المحاكم الفيدرالية. كما ويبقى الكونغرس هو الهيئة المفوضة دستوريا بإقرار الموازنة الفيدرالية العامة السنوية التي يُخصص ما يقرب من نصفها مؤخرًا للشؤون الدولية والإنفاق العسكري، وفق مؤسسة "بيتر جي بيترسون" المعنية بدراسة التحديات المالية المستدامة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، منع الكونغرس مرارًا وتكرارًا إدارة باراك أوباما من استخدام أموال الخزانة العامة لنقل المعتقلين من سجن غوانتانامو. تقول مدونة "ذا بوليتكس شيد"، وهي سلسلة محاضرات إليكترونية عن نظامي الحكم الأمريكي والبريطاني، إن طبيعة النظام الأمريكي لا تعطي للرئيس سلطة أن يأمر الكونغرس بل يجب أن يعتمد على قوة الإقناع لإنتزاع ترخيص منه فيما يستوجب الحصول على موافقته عليه. يسمح كذلك ما يعرف بـ "قانون المراجعة الكونغرسية" الذي أقر في 1995، ويسمى اختصارًا بـ "سي آر إيه"، للكونغرس أيضًا بمراجعة وتعطيل وإلغاء ما تعرف بـ "القوانين الإدارية"، والمقصود بها ما يتم تحويله لأفرع الحكومة المسؤولة عن تنفيذ سياسات الإدارة العليا في مدة 60 يومًا تشريعيًا. وأشار الرويشدي إلى أن "الكونغرس يملك قوة ولا شك على رأسها قوة المحفظة أو أموال الموازنة العامة وكيفية استعمالها. كما يملك سلطة الرقابة على الرئيس من خلال جلسات الاستجواب أو من خلال حق إصدار التشريعات. على سبيل المثال، استمرار العمليات الحربية لفترة طويلة بحاجة إلى إعلان حرب من الكونغرس، وسيكون على الرئيس استخدام الإقناع في مطارح حيث سيحتاج للدعم النيابي لتمرير سياسات أجندته أو لتمويل إدارته. هناك الانتخابات النصفية أيضًا التي تشكل طريقًا رقابيًا إضافيًا على الرئيس، وقد يخسرها حزبه إذا لم يرض الناخب الأمريكي عن الأداء العام. وكما نعلم، فإن للجمهوريين أغلبية ضيقة في الكونغرس، وهم سيتخوفون من إضاعتها." وتابع خبير القانون الدولي قائلا: "باختصار، العلاقة تفاعلية وستتطلب التعاون. من الطبيعي أن يحاول الرئيس أخذ صلاحياته إلى أكبر مدى ممكن. ولو كان هناك توافق دائم بين السلطات الثلاث، ما احتجنا إلى الدستور. الرئيس لديه سلطات، لكن جزءًا منها مشترك مع الكونغرس. وإذا كان هذا الكونغرس داعمًا، سيكون من السهل عليه تجسيد أجندته دون الكثير من العراقيل، لاسيما على صعيد السياسات الخارجية." الكيانات الفيدرالية ليست فقط البيت الأبيض والكونغرس ويؤكد لبي بي سي لواء دكتور سمير فرج من مصر أن في هذا النظام الفيدرالي المتوازن بعناية هناك قادة الأمن القومي، الذين لا يتفقون بالضرورة مع الرئيس وأعوانه. ويستشهد فرج بما جرى أثناء إدارة الرئيس باراك أوباما، التي قررت عدم تزويد مصر بطائرات أباتشي بسبب التوتر في العلاقات بين واشنطن والقاهرة على خلفية القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر، لكن البنتاغون ضغط من أجل تزويد مصر بالطائرات من أجل ضرورة حفظ الأمن القومي، حسب قوله. وعند سؤاله إذا كانت العلاقات المصرية الأمريكية قد تأثرت صعودًا وهبوطًا بتغير الجالس في المكتب البيضاوي، أجاب أن "مصر والولايات المتحدة تجمعهما مصالح استراتيجية قديمة ظهرت آثارها في تعاقب الرؤساء عندما يحاول هؤلاء أن يكون لسلطة واحدة اليد الأطول في رسم وإقرار السياساتّ". وكان دونالد ترامب قد تعهد، خلال حملته لإعادة انتخابه، بتطهير الأجهزة الأمنية واستئصال من سماهم بالجنرالات "المستيقظين"، وهو مصطلح تستخدمه العديد من جماعات اليمين الأمريكي لوصف معارضي التوجهات اليمينية. وكان لجاي دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، تصريح لافت في هذا السياق قال فيه: "إذا لم يطعك الناس في إدارتك، فعليك التخلص منهم والاستعانة بمن يستجيبون لما يحاول الرئيس القيام به"." من الواضح أن ترامب يحاول التدخل في وزارة الدفاع ووزارات أخرى، كما أوضحت نادين ساندرز، رئيسة تحرير جريدة إنترناشيونال فويس الأمريكية لـ بي بي سي. وأضافت: "البيت الأبيض صرح فعليًا بأن نحو 17 مفتشًا عامًا في خدمة البنتاغون تم تسريحهم بذريعة 'تغير الأولويات'، ولكن التحديات القضائية تعيق الآن هذه الخطوة وتتحدى عملية الطرد من الوظيفة. رفع بعض هؤلاء دعاوى بحجة أن الإجراء مخالف للقانون الفيدرالي ويتجاهل الكونغرس الذي كان لابد من إخطاره قبل هذا النوع من التدخل في أداء واجباتهم بدون مبرر جوهري. هناك تشكيك في دوافع القرار، وأنه اتُخذ ليس بدافع ضبط الإنفاق كما قيل، بل كجزء مما سميت بـ 'حرب التطهير' في الدوائر الفيدرالية منذ تنصيب ترامب. ولذلك، فإن العديد من النزاعات القضائية تلاحق إدارة ترامب حاليًا، وتنظرها المحاكم، منها ما يطعن في خلل الإجراءات ومنها ما يطعن في نزاهة الإجراءات. وفوق هذا وذاك، هناك الديمقراطيون الذين يتخذون مواقفهم مما يجري، وكل ذلك يشكل عبئًا على ترامب في الاستمرار في أجندته وقد يعرقلها ويجعلها تتقدم بصعوبة." وتابعت ساندرز: "نظريًا، الصلاحية موجودة للرئيس. وقد تمكن ترامب في فترة ولايته الأولى من إقالة مفتش بالبنتاغون، لكن ليس دون احترام القواعد." وعن ردة فعل الشارع حيال التصريحات التوسعية والتصعيدية في وقت يتجه فيه ترامب لإقرار خطة تقشفية غير مسبوقة في الولايات المتحدة، أجابت ساندرز: "لم تتحسن الظروف الاقتصادية الأمريكية والتضخم مرتفع. ما يطرحه ترامب جدلي بلا شك، وهناك من يمتعض ويجده أمرًا غير مستحب أو غير متوقع يجري في البلاد. وهناك من يرضى، وهم على الأرجح من انتخبوا ترامب، وهناك من يتوجس من علامات تحذيرية حمراء في خطاب ترامب، ومن تحطيمه للأسس الديمقراطية المعتادة في الولايات المتحدة، لا سيما في صفوف الديمقراطيين الذين سيعدون عدتهم للمجابهة. على ما أعتقد، قد يبدأ هؤلاء، بدافع تخوفاتهم من الهيمنة على القرار الأمريكي، بالتسلط عليه إعلاميًا، لكن الأمريكيين يفضلون عدم التقييم إلا بعد الـ100 يوم الأولى للرئيس في المنصب." ويرى الرويشدي من جانبه أن العلاقات الخارجية للولايات المتحدة هي مسؤولية مشتركة، وأن مجلس الأمن القومي جزء من السلطة التنفيذية بمهام استشارية. أما الكونغرس، فيتمتع بسلطة صرف المال والموافقة على الموازنة العامة، ويمكن استخدام ذلك في هذا الصدد، كذلك فإن للكونغرس هو من يخول للرئيس تعديل هيكل الوكالات الفيدرالية، ويملك أيضا حق المراجعة والإشراف على اللوائح الفيدرالية خلال 60 يوما تشريعيا أما البنتاغون (الدفاع)، فيمكن للرئيس تنظيم سير عمله داخليًا وفق القانون، كونه القائد العام للقوات المسلحة، على ما قاله الرويشدي. تفعيل آلية عزل الرئيس وبحسب موقع مجلس الشؤون الخارجية Council on Foreign affairs، فإن نظام فصل السلطات في الولايات المتحدة ينتهي لا محالة للمشاحنات وسمح بذلك الدستور الأمريكي نفسه الذي مثلما كان صريحا في مطارح فإنه غير واضح في نقاط أخرى ومن ذلك الغموض تولد ما اصطلح على تسميته بـ السلطات "الضمنية". ويؤكد المحللون أن الصدام ولعبة شد الحبل الدورية بين الرئيس والكونغرس حول السياسة الخارجية ليست نتيجة غير مقصودة للدستور، بل هي أحد أهدافه الأساسية لضبط التوازنات. ووصل الصدام سابقا مع ترامب حد أن واجه دعوتين لعزله من منصب الرئيس الأمريكي وهو ما عايشناه معه خلال فترته الأولى بالبيت الأبيض (2017-2021) لكن حدث ذلك إبان سيطرة الديقراطيين على مجلس النواب.

جامعة "جونز هوبكنز" تسرّح ألفي موظف بسبب ترامب
جامعة "جونز هوبكنز" تسرّح ألفي موظف بسبب ترامب

ليبانون 24

time١٤-٠٣-٢٠٢٥

  • صحة
  • ليبانون 24

جامعة "جونز هوبكنز" تسرّح ألفي موظف بسبب ترامب

أعلنت "جونز هوبكنز"، إحدى أعرق جامعات الأبحاث الطبية في العالم، أمس الخميس، أنّها ستسرّح أكثر من ألفي موظف حول العالم، بسبب تخفيضات جذرية أقرّتها إدارة الرئيس دونالد ترامب. وقالت الجامعة في بيان "إنه يوم صعب على مجتمعنا بكامله. إنّ إلغاء أكثر من 800 مليون دولار من تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، يتطلّب منّا الآن إنهاء عمل مهمّ هنا في بالتيمور وخارجها". وأشارت في بيان إلى أنها ستلغي 1975 وظيفة في أكثر من 40 دولة في الخارج، و247 وظيفة أخرى في الولايات المتحدة، بعد خسارة 800 مليون دولار من الإعانات الفدرالية. ومنذ عودته إلى السلطة، أعلن ترامب تخفيضات غير مسبوقة في الميزانية الفدرالية، بما في ذلك إنهاء معظم برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ومن بين أمور أخرى، موّلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أبحاثاً في مجال الإيدز وأمراض معدية أخرى حول العالم. ويرتبط خفض الوظائف الذي أعلنت عنه جامعة جونز هوبكنز بشكل مباشر، بخسارة أكثر من 800 مليون دولار من التمويل المقدم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وفقاً للبيان. وقد يتبع ذلك مزيد من عمليات التسريح نتيجة تخفيضات أخرى معلنة في التمويل العام، لا سيما في مجال البحوث الطبية الحيوية. ويبدو أن جامعة جونز هوبكنز هي الأكثر تضرراً من هذه التخفيضات الحادة. ففي بداية أذار الجاري، أوضح رئيسها رونالد دانييلز في رسالة إلى الطلاب والأساتذة، أن ما يقرب من نصف التمويل الذي تلقته الجامعة العام الماضي، جاء من الأموال الفدرالية. وأشار إلى "العلاقة التاريخية" بين "الجامعة البحثية الأولى في أمريكا" والحكومة، محذراً من أن "التخفيضات في الأبحاث الفدرالية ستؤثر في الأساتذة والطلاب وموظفي الأبحاث". ويؤثر خفض الوظائف في عدد من كيانات جامعة جونز هوبكنز، التي تجري أبحاثاً وبرامج "لرعاية الأمهات والرضع ومكافحة الأمراض"، و"توفير مياه الشرب النظيفة"، وفقاً للجامعة.

لاجئو ميانمار محرومون من العلاج الطبي بسبب توقف المساعدات الأميركية
لاجئو ميانمار محرومون من العلاج الطبي بسبب توقف المساعدات الأميركية

الإمارات اليوم

time٠٢-٠٣-٢٠٢٥

  • صحة
  • الإمارات اليوم

لاجئو ميانمار محرومون من العلاج الطبي بسبب توقف المساعدات الأميركية

واه كلير باو، هي لاجئة من ميانمار، تبلغ من العمر 30 عاماً، تمكنت من البقاء على قيد الحياة لمدة أسبوعين تقريباً، دون غسيل الكلى، بعد أن علّق الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المساعدات الخارجية. ويقول زوجها، ثاو، من معسكر «مي لا» للاجئين على طول الحدود بين تايلاند وميانمار، حيث يعيش الزوجان مع طفلتهما ثاو واه، البالغة من العمر عامين: «لم تشتك أبداً مما كانت تمر به من عذاب». وعلى الرغم من التعهد الذي أطلقه وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، ومفاده أن المساعدات التي تهدف إلى إنقاذ حياة الناس، ستكون معفاة من قرار تجميد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، إلا أن اللاجئين أمثال كلير باو، التي تعتمد على الرعاية من منظمات مدعومة من الولايات المتحدة، سيواجهون الموت، نتيجة قرار ترامب تجميد عمل المنظمة المذكورة. الجمعيات الخيرية اضطرت العديد من الجمعيات الخيرية الكثيرة والمنظمات غير الحكومية التي تقدم الرعاية الصحية والخدمات الضرورية الأخرى للاجئين من ميانمار، وعلى طول الحدود مع تايلاند، إلى إيقاف أعمالها على نحو مفاجئ، نتيجة تجميد الحكومة الأميركية عمل وكالة «يو إس إيد» التي تقدم المساعدات في العالم. ويتضمن ذلك لجنة الإنقاذ الدولية التي اضطرت لوقف إدارة المنشآت الصحية التي تخدم سبعة مخيمات للاجئين. وسارع زوج واه كلير باو، في أعقاب القرار، إلى إيجاد الطرق الملائمة لمواصلة غسيل الكلى، الذي توقف تقديمه في أوائل فبراير الماضي. وفي نهاية المطاف، تم إدخالها إلى مستشفى تايلاندي يمكنه تقديم غسيل الكلى، ولكن بحلول ذلك الوقت كان الأوان قد فات، وتوفيت في 16 فبراير الماضي. ولم تكن واه كلير باو الوحيدة التي عانت العواقب المميتة لتجميد أعمال وكالة «يو إس إيد». وفي وقت سابق من فبراير الماضي، توفيت بي خا لاو (71 عاماً)، وهي لاجئة أخرى من ميانمار، في مخيم «أومبييم ماي» للاجئين، بعد أن كافحت من أجل التنفس. وقبل أربعة أيام، كانت قد خرجت من منشأة للرعاية الصحية في المخيم، التي اضطرت لجنة الإنقاذ الدولية إلى الانسحاب منها أيضاً. ومن غير الواضح لماذا لم يتم منح المنظمات غير الحكومية، مثل لجنة الإنقاذ الدولية، التي تعمل على حدود تايلاند وميانمار، إعفاءً لمواصلة عملها، على الرغم من الاستثناء الذي تحدث عنه روبيو. ولم ترد لجنة الإنقاذ الدولية على طلب التعليق الذي طلبته صحيفة «الغارديان». تقديم المساعدات حتى في المناطق التي تم فيها منح برامج تقديم المساعدات الخيرية إعفاء، فقد ذكرت التقارير أن أعمال تقديم المساعدة توقفت، لأن أنظمة دفع المال التي تعتمد عليها منظمة «يو إس إيد» لتوريع المساعدات، كانت غير متاحة وسط الاضطراب السياسي في واشنطن. وتستوعب مخيمات اللاجئين المنتشرة على طول الحدود الجبلية التايلاندية مع ميانمار نحو 90 ألف شخص، معظمهم من أقلية «الكارين» العرقية، الذين عاشوا في المخيمات منذ عقود، بعد فرارهم من القتال بين الجيش والمجموعات المسلحة العرقية. كما تضم آخرين، وصلوا أخيراً هرباً من الصراع القاتل الذي اجتاح ميانمار، منذ استيلاء الجيش على السلطة، إثر الانقلاب الذي واجه رفضاً عالمياً في عام 2021. وقامت لجنة الإنقاذ الدولية بتمويل الرعاية الصحية للعديد من الأشخاص الذين يعيشون في ظروف مضطربة خارج المخيمات. أكبر مانح وقامت الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر مانح للمساعدات في العالم، بتوزيع مساعدات عبر منظمة «يو إس إيد» بقيمة 223 مليون دولار في ميانمار، كما أنها أسهمت بـ31.6% من خطة التجاوب الإنساني للبلاد. وأدى تعطيل التمويل إلى توقف تقديم المساعدات الضرورية الأساسية في مخيم «أومبييم ماي»، وأصبح اللاجئون يحفرون الآبار، لأنه لم يعد بوسعهم تحمل تكاليف الوقود للمولدات التي تعمل على تشغيل نظام ضخ المياه الذي كانت تديره في السابق لجنة الإنقاذ الدولية، التي كانت توفر المياه للسكان. وتوقفت خدمات إزالة النفايات، التي تقدمها لجنة الإنقاذ الدولية أيضاً، حيث يقوم اللاجئون بدلاً من ذلك بدفن النفايات، كما يقول سكرتير لجنة اللاجئين، من عرقية «الكارين»، بويه ساي. ويقوم الأطباء التايلانديون بزيارة المخيمات للمساعدة، ولكنهم لا يستطيعون الحضور كل يوم. ويندفع اللاجئون في حالات الطوارئ إلى المستشفى التايلاندي المحلي، لكن من تعتبر حالاتهم المرضية «أقل من ملحة»، فإنهم يسعون للحصول على إذن، ويدفعون الرسوم من أجل مغادرة المخيم، ويدفعون المال من أجل تنقلهم. أما بالنسبة للاجئين غير المصرح لهم بالعمل في تايلاند، فإنهم لا يستطيعون تحمل مثل هذه النفقات. الصندوق الطبي وتقول مؤسسة الصندوق الطبي لمعالجة الأطفال في ميانمار، كانشانا ثورنتون: «إذا لم تكن تملك الوسيلة التي تؤمن لك الذهاب إلى المستشفى التايلاندي المحلي، فإنك لن تتلقى العلاج الطبي». ويؤمّن هذا الصندوق تكاليف العمليات الجراحية للأطفال والبالغين، ويقدم المال للمرضى الذين كانت ترعاهم لجنة الإنقاذ الدولية. ويحاول موظفو الصندوق تدبر طريقة لنقل اللاجئين من المخيمات، بالنسبة للمرضى الذين يحتاجون إلى جراحات مختلفة، مثل القلب والعظام. وتم حرمان اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات من الرعاية. وكانت اللاجئة مار آي (59 عاماً)، تتلقى رعاية ممولة من لجنة الإنقاذ الدولية، لإصابة في الرأس أصيبت بها أثناء الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت بعد انقلاب ميانمار عام 2021. وحثت مار آي أفراد الجيش خلال انضمامها إلى الاحتجاجات، مستخدمة مكبر الصوت، على ألا يطلقوا النار على المتظاهرين الصغار، لكنهم تجاهلوا طلبها. وحاصرتها مجموعة من الجنود، وقامت بضربها، حيث ضربها أحدهم على رأسها وفكها، قبل أن يعتقلوها ويدفعوها إلى سيارة عسكرية، ليتم نقلها إلى سجن «انسين». وأدت هذه الأضرار التي أصيبت بها مار آي إلى فقدانها الوعي، كما أنها عانت فقدان الذاكرة، ومشكلات في النوم والصداع. وقامت لجنة الإنقاذ الدولية بتمويل رعايتها الصحية في يناير الماضي، والتي تتضمن أدوية متعددة تأخذها مرتين يومياً، ونصحها الأطباء بالخضوع لعملية جراحية. تعليق التمويل ومن المقرر حصول مار آي على موعد لمناقشة إجراء عملية لها، ولكن ذلك لم يحدث بسبب تعليق التمويل. وتقول مار آي، إنها ليست الوحيدة، بل إن آخرين ألغيت عملياتهم الجراحية أيضاً. وتحتاج امرأة أخرى، طلبت عدم ذكر اسمها، إلى علاج لـ«فتق إربي»، تسبب في ظهور كتلة كبيرة ومتصلبة على بطنها. وكانت لجنة الإنقاذ الدولية تغطي تكاليف أدويتها، لكنها لم تعد تغطيها الآن. وقالت: «الأمر أشبه بفوزي باليانصيب وفقداني التذكرة». ويعمل الدكتور، تاواتشا يينغتاويسكا، مدير مستشفى «تاي سونغ يانغ» الحكومي في تايلاند، على المساعدة لإدارة المراكز الصحية في مخيم «ماي لا» في غياب لجنة الإنقاذ الدولية. ويقول يينغتاويسكا، إنهم يتمكنون من التعامل مع الوضع في الوقت الحاضر، لكنه يشعر بالقلق من المستقبل، خصوصاً أن مجيء فصل المطر سيجلب معه مزيداً من الأمراض. ويضيف: «الحصول على العلاج الطبي هو حق إنساني أساسي، والآن هم يعيشون في مجمع كبير، هو بمثابة القفص بالنسبة لهم، وفي الواقع، فإن توقف الميزانية على نحو مفاجئ، لم يكن أمراً منصفاً، وسيؤثر ذلك على صورة الولايات المتحدة، ويجعل العالم يعتقد أنهم مجردون من الإنسانية والشفقة». عن «الغارديان» . هناك جمعيات خيرية عديدة تقدم الرعاية الصحية والخدمات الضرورية الأخرى للاجئين من ميانمار، اضطرت إلى إيقاف أعمالها على نحو مفاجئ. . الولايات المتحدة تعتبر أكبر مانح للمساعدات في العالم، وقامت بتوزيع مساعدات عبر «يو إس إيد» بقيمة 223 مليون دولار في ميانمار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store