logo
#

أحدث الأخبار مع #إمبرEmber

كيف أصبحت باكستان أكبر مستورد لألواح الطاقة الشمسية في العالم؟
كيف أصبحت باكستان أكبر مستورد لألواح الطاقة الشمسية في العالم؟

Independent عربية

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • Independent عربية

كيف أصبحت باكستان أكبر مستورد لألواح الطاقة الشمسية في العالم؟

لم يسن قانون شامل، ولم تكن هناك حملة استثمارية عالمية واسعة، ولم يعلن رئيس وزراء عن ثورة خضراء، لكن على رغم ذلك، بحلول نهاية عام 2024، استوردت باكستان من ألواح الطاقة الشمسية أكثر مما استوردته أي دولة أخرى تقريباً. تشهد الدولة الواقعة في جنوب آسيا، التي تواجه تحديات اقتصادية وفقراً مرتفعاً في مجال الطاقة، واحدة من أكثر قصص النجاح غير المتوقعة في مجال الطاقة النظيفة خلال فترة عقد من الزمن. انضمت باكستان إلى رواد سوق الطاقة الشمسية في العالم، إذ استوردت 17 غيغاواط من ألواح الطاقة الشمسية خلال العام الماضي فحسب، وفقاً لتقرير "مراجعة الكهرباء في العالم 2025" الصادر عن مركز "إمبر" Ember، وهو مركز أبحاث متخصص في مجال الطاقة مقره المملكة المتحدة. يمثل هذا الارتفاع ضعف واردات باكستان خلال العام السابق، ويجعلها واحدة من أكبر المشترين العالميين لألواح الطاقة الشمسية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويعد حجم واردات باكستان من الطاقة الشمسية لافتاً، إذ إنه لا يدار عبر برنامج وطني أو عبر تحديث في نطاق المرافق. بل يبدو أن غالبية الطلب كانت من أجل تركيب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح المنازل والمشاريع الصغيرة والمستخدمين التجاريين الذين يسعون إلى تأمين الكهرباء بصورة أرخص وأكثر موثوقية في ظل انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة وارتفاع كلف الطاقة. ووفقاً للتقرير الصادر عن "إمبر"، ارتفع تركيب الطاقة الشمسية على أسطح المنازل والمؤسسات التجارية في البلاد بصورة هائلة باعتبارها "وسيلة للحصول على طاقة أقل كلفة". ويوافق خبراء باكستان على هذا التحليل. محمد مصطفى أمجد، مدير البرامج في "رينيوابلز فيرست" [الطاقات المتجددة أولاً]، قال في حديث إلى "اندبندنت" إن أفضل طريقة لفهم انتشار الطاقة الشمسية هو بالنظر إليها على أنها "استجابة من أجل البقاء" من قبل الأفراد والمؤسسات التجارية الذين "يدفعون لخارج نطاق الشبكة بصورة متزايدة نتيجة ارتفاع الأسعار بسبب عدم كفاءة التخطيط وعدم موثوقية الإمداد". ويضيف، "إنها تمثل تحولاً في كيفية فهم الطاقة في باكستان". ويقول أمجد إن واردات باكستان من الألواح الشمسية في سنة 2024 المالية وحدها تمثل ما يقارب نصف الطلب الوطني على الطاقة في أوقات الذروة. ويضيف "أصبحت الطاقة الشمسية على الأسطح بسرعة مصدر الطاقة المفضل. ويجب أن يتكيف دور الشبكة الكهربائية على نطاق واسع للحفاظ على أهميتها في اقتصاد الطاقة السريع التحول". كذلك يرى خبير الطاقة في كراتشي، عبيدالله، أن التحول في مجال الطاقة مرده أخذ الناس زمام الأمور بأنفسهم. ويقول في حديث مع "اندبندنت"، "إذا نظرت إلى صور الأقمار الاصطناعية لأي مدينة في باكستان، سترى جميع الأسطح زرقاء كونها مغطاة بألواح الطاقة الشمسية". في منطقة غالباً ما تعاني اضطراب الشبكة، برزت ألواح الطاقة الشمسية كبديل عملي لإمدادات الطاقة العامة غير الموثوقة. وأتت الزيادة الحادة في الواردات عام 2024 عقب أعوام من تفاقم انقطاعات التيار الكهربائي، وتقلبات في التعريفات، وارتفاع في الكلف المرتبطة بمولدات الديزل والوقود المستورد. بدلاً من انتظار الإصلاحات الوطنية، بدأ كثير من الباكستانيين في اعتماد تقنيات الطاقة الشمسية بصورة مباشرة، غالباً عبر تركيب الألواح والمحولات من دون الاعتماد على الدعم أو التخطيط المركزي. هذا يجعل نمو الطاقة الشمسية في باكستان أمراً غير مألوف نوعاً ما في الساحة العالمية. في كثير من البلدان، ارتبط تبني الطاقة الشمسية ارتباطاً وثيقاً بسياسة المناخ أو التمويل الدولي. في المقابل، يبدو أن طفرة الطاقة الشمسية في باكستان هي استجابة لمنطق السوق والضرورة المحلية، وليس دبلوماسية المناخ. يشير تقرير "إمبر" إلى أن نمو القطاع [الطاقة الشمسية] في باكستان يحدث إلى حد كبير "خارج الأطر الرسمية لتخطيط الطاقة". ويقول متخصصو الصناعة إن التدخل الحكومي المباشر في مسيرة باكستان نحو الطاقة الشمسية محدود، بل في الواقع، تواجه البنية التحتية صعوبة في مواكبة هذا التطور. في حين وافقت الجهات التنظيمية على سياسات القياس الصافي [آليات محاسبية تتيح لمالكي أنظمة الطاقة المتجددة الصغيرة، مثل الألواح الشمسية المتصلة بالشبكة الكهربائية العامة، الحصول على رصيد مقابل فائض الكهرباء الذي يولدونه ويضخونه إلى الشبكة] وخففت قيود الاستيراد في الأعوام الأخيرة، إلا أنه لم يكن هناك برامج إنفاق عام رئيسة أو مزادات كبرى للطاقة الشمسية تواكب وتيرة الاعتماد الملحوظة على المستوى المنزلي أو التجاري. وعلى رغم استيراد كميات قياسية من الألواح الشمسية، فلا تزال سعة الطاقة الشمسية الرسمية المتصلة بالشبكة في باكستان أقل بكثير، مما يشير إلى أن جزءاً كبيراً من الطاقة الشمسية الجديدة يعمل خارج نطاق الشبكة وأنظمة القياس ومن ثم لا يدرج في إحصاءات الكهرباء الوطنية. هذا التفاوت بين تركيبات [الطاقة الشمسية] على الأرض والتخطيط الرسمي بدأ بالفعل بإثارة المخاوف. يواجه مشغلو الشبكة وشركات الطاقة صعوبة في التكيف مع آثار ارتفاع التوليد الفردي للطاقة، لا سيما في المناطق الحضرية إذ يقوم العملاء الرئيسون بتوليد الكهرباء بشكل فردي خلال النهار ويعتمدون على الشبكة فقط كمصدر احتياط. ويمكن أن تؤدي هذه الديناميكية، التي يشار إليها أحياناً باسم "دوامة انهيار قطاع المرافق"، إلى تآكل القاعدة المالية لمزودي الطاقة العامة، وفرض ضغوط جديدة على البنية التحتية خلال ساعات الذروة المسائية. في تحليله، يحذر مركز "إمبر" من أن هذا النوع من النمو السريع واللامركزي يتطلب أدوات تخطيط وتنظيم محدثة لتجنب عدم الاستقرار. ويذكر أن "هناك حاجة إلى تحديث نظام التخطيط والأطر التنظيمية إلى جانب هذا الانتشار لضمان انتقال مستدام ومنظم". في حين تم التركيز على الطاقة الشمسية، إلا أن مزيج الطاقة المتجددة في باكستان يشمل أيضاً صعوداً في طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحيوية. ولكن تبقى الطاقة الشمسية أسرع القطاعات نمواً، لا سيما بسبب إمكان تركيبها على نطاق صغير ومع الحد الأدنى من التعامل مع البيروقراطية. ففي بلد يواجه تحديات طويلة الأمد في مجال الحوكمة وتوفير البنية التحتية، فإن الطبيعة النموذجية لتكنولوجيا الطاقة الشمسية أتاحت اعتمادها حتى في غياب الاستثمارات العامة الكبيرة. وتعكس أرقام الواردات لعام 2024 أكثر من مجرد ارتفاع في اهتمام المستهلكين، إذ إنها تشير كذلك إلى انخفاض كلف تكنولوجيا الطاقة الشمسية عالمياً، وبخاصة المصنوعة في الصين التي تهيمن على سلاسل التوريد العالمية. وقد أدى انخفاض أسعار المعدات وتقلب أسعار الوقود محلياً وانقطاع الكهرباء المستمر إلى جعل الطاقة الشمسية أحد أكثر حلول الطاقة جدوى من الناحية الاقتصادية في باكستان اليوم. على رغم ذلك فلا تزال هناك فجوات كبيرة في كيفية إدارة عملية التحول. فمع ضعف الرقابة على جودة النظام وتوفر التخزين وآليات موازنة الشبكة، تواجه باكستان خطر تقويض الفوائد الطويلة المدى لتوسعها في مجال الطاقة النظيفة. ومع غياب البيانات الدقيقة والتخطيط الأكثر شفافية والاستثمارات في تحديث الشبكة، قد تفاقم الطفرة الحالية من التفاوتات القائمة في الوصول إلى الطاقة وموثوقيتها. لكن الرسالة الأشمل من تجربة باكستان واضحة: الاعتماد على الطاقة النظيفة لم يعد مقتصراً على الدول الغنية أو الاقتصادات التي تولد انبعاثات عالية [من الغازات الدفيئة]. عندما تنجح العوامل الاقتصادية وتتقلص العوائق، يمكن لعمليات تحول الطاقة أن تتجذر بسرعة، حتى في الأماكن التي تخلفت سياساتها تاريخياً عن تحقيق الطموحات. قد يكون ما يحدث في باكستان فوضوياً وغير متكافئ، لكنه يحمل أهمية عالمية. فهو يقدم نموذجاً، أو في الأقل مقترحاً، عن كيفية حصول عمليات تحول الطاقة في معظم دول الجنوب العالمي. ليس كعملية منظمة بعناية من القمة نحو القاعدة، بل كتحول لا مركزي، قائم على الطلب ومدفوع بالضرورة والاقتصاد. ووفقاً لأمجد، هذا يجعل من باكستان مثالاً مبكراً على نموذج طاقة جديد، حيث يرى: "بالنسبة إلى اقتصادات دول الجنوب العالمي، يقدم هذا نموذجاً بديلاً للتحول في مجال الطاقة، نموذجاً من القاعدة إلى القمة، بقيادة الشعب ومدفوعاً [بمتطلبات] السوق، نموذجاً يوفر وصولاً آمناً وموزعاً وديمقراطياً لطاقة نظيفة وبأسعار معقولة". ويرجح أمجد أن تخزين البطاريات سيتبع مسار الطاقة الشمسية نفسه، فهو رخيص الثمن وقابل للتركيب ويمكن اعتماده بسرعة خارج نطاق الشبكة وليس في مركزها. ويقول: "مع سلوك أسعار البطاريات مساراً مشابهاً للطاقة الشمسية، من المؤكد أن وتيرة انتقال الطاقة في دول الجنوب العالمي ستتسارع، إذ إن التقلب في أسعار الوقود المستورد مستمر في تشجيع نمو الطاقة المتجددة". وبحسب المستشار الاستراتيجي لمبادرة معاهدة حظر انتشار الوقود الأحفوري، هارجيت سينغ، فإن تجربة باكستان تظهر أن الطاقة الشمسية ليست مجرد خيار صديق للبيئة، بل خيار ميسور الكلفة. فهو يعتبر أن "النمو الهائل للطاقة الشمسية في دول مثل باكستان يؤكد أن الطاقة الشمسية لم تعد مجرد خيار بيئي، بل حل اقتصادي فعال، بخاصة في الدول النامية. ففي ظل تقلب أسعار الوقود الأحفوري، وارتفاع فواتير الكهرباء، وشبكات الكهرباء غير الموثوقة في كثير من الأحيان، تتجه الأسر والشركات نحو الطاقة الشمسية لأنها توفر مصدراً أرخص للطاقة وأنظف وأكثر موثوقية". وأضاف سينغ أن "الأمر لم يعد يقتصر على إزالة الكربون فحسب، بل يتعلق بصورة جوهرية بضمان الوصول إلى الطاقة، ودفع عجلة الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز أمن الطاقة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store