#أحدث الأخبار مع #إنرجيإنوفيشنIndependent عربية٢٣-٠٤-٢٠٢٥سياسةIndependent عربيةأي تداعيات لإحياء ترمب صناعة الفحم؟منذ اليوم الأول لتوليه الحكم كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب واضحاً في تبنيه نهج التوسع في الوقود الأحفوري، إذ ذكر في خطاب التنصيب قبل 3 أشهر أنه سيتبع سياسة "احفر يا عزيزي احفر"، لكن القرارات التنفيذية في شأن قطاع الفحم أضافت بعداً جديداً في سياسته الجدلية، بعدما أمر بإنعاش التنقيب عن الفحم في الوقت الذي يؤكد فيه منتقدون أن القرار له أضرار اقتصادية تضاف إلى التداعيات البيئية الخطرة لأكثر أنواع الوقود تلويثاً للبيئة، بما يعد انقلاباً على سنوات من العمل الدولي وداخل الولايات المتحدة لتقليص الاعتماد على الفحم والحد من آثاره في زيادة الاحترار العالمي. ووقع ترمب هذا الشهر 4 أوامر تنفيذية تهدف إلى إحياء صناعة الفحم من خلال إلغاء ضوابط تحد من تعدين الفحم، إضافة إلى توجيه الحكومة لتسهيل وتسريع عملية تأجير الأراضي الفيدرالية لأغراض تعدين الفحم والحد من التعقيدات البيروقراطية للحصول على تصاريح التعدين وتعزيز استخدام الفحم جزءاً من استراتيجية الطاقة الأميركية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، بخاصة لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. هل الفحم نظيف؟ تمتلك الولايات المتحدة أكبر احتياطات الفحم القابلة للاستخراج في العالم، إذ قدَّرتها إدارة معلومات الطاقة الأميركية بنحو 252 مليار طن، بما يعادل نحو 23 في المئة من احتياطات العالم، في حين لا تتجاوز حصة الفحم من مصادر توليد الكهرباء بالولايات المتحدة 15 في المئة، وهو ما يثير شهية ترمب الساعي إلى مصادر طاقة رخيصة، إضافة إلى الوفاء بوعوده في تعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل. الفحم الذي وصفه ترمب بـ"النظيف والجميل" يؤكد العلماء أنه ليس كذلك، إذ ينتج عند حرقه ثاني أكسيد الكربون الذي يسهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، كما يمكن أن تؤدي انبعاثات الفحم إلى مشكلات صحية، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الرئة والأمطار الحمضية والضباب الدخاني وتلف الأعصاب والنمو. وبينما تقول وزارة الطاقة الأميركية إن الكهرباء المولدة من الفحم أصبحت "أنظف من أي وقت مضى"، فإن الفحم المحترق لا يزال سبباً كبيراً في انبعاثات الاحتباس الحراري. وبحسب كبيرة محللي السياسات في شركة "إنرجي إنوفيشن" للطاقة فإن مصطلح "الفحم النظيف يشير إلى تقنيات تنظيف الفحم قبل حرقه أو تكنولوجيا التقاط الكربون الناتج منه"، مضيفة في تصريحات لشبكة ABC الأميركية أنه مهما كانت طريقة معالجته قبل الاحتراق يظل الفحم أكثر أنواع الوقود إصداراً لغازات الاحتباس الحراري، كما لا يختفي تلوث التربة أو المياه الناتج من الفحم ورماد الفحم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) هذه التقنيات أيضاً غير مستخدمة على نطاق واسع في الولايات المتحدة. ووفقاً لتقرير صادر من مكتب الموازنة بالكونغرس في ديسمبر 2023، تعمل 15 منشأة لالتقاط الكربون وتخزينه في الولايات المتحدة. ولا يستخدم أي منها في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. كما وجد مكتب الموازنة بالكونغرس أن هذه المنشآت قادرة على التقاط 0.4 في المئة فقط من إجمال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية للولايات المتحدة. وتعد قرارات ترمب انقلاباً على سنوات من العمل المناخي الدولي للحد من استخدام الفحم، إذ وضع اتفاق باريس للمناخ عام 2015 هدفاً عالمياً للحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي إلى أن يكون بمقدار 1.5 درجة مئوية، بما يتطلب تقليصاً كبيراً في استخدام الفحم، نظراً إلى كثافة انبعاثاته، وقدم عدد من الدول التزامات بالتخلص كلياً من استخدام الفحم، منها كندا ونيوزيلندا اللتان التزمتا الهدف بحلول عام 2030، والاتحاد الأوروبي بحلول 2033. وقادت بريطانيا وكندا عام 2017 تحالفاً دولياً من عشرات الدول للعمل على تسريع التخلص من الفحم تنفيذاً لاتفاق باريس، وذلك لتوفير التمويل والدعم الفني للدول للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، مع التركيز على إعادة تدريب عمال الفحم. وساعد التحالف في تقليص مشاريع الفحم الجديدة عالمياً، إذ وصلت إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً بحلول 2024، وفقاً لتقرير منظمة مراقبة الطاقة العالمية، الذي أفاد بإلغاء 55 في المئة من محطات الفحم التي كانت في مراحل ما قبل الإنشاء أو التنفيذ عام 2015. وعززت القمم السنوية للمناخ التي تنظمها الأمم المتحدة جهود التخلص من الفحم، ففي "كوب 26" عام 2021 باسكتلندا أطلق التعهد العالمي للانتقال من الفحم إلى الطاقة النظيفة، ووافقت أكثر من 40 دولة على التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030 للدول المتقدمة، و2040 للدول النامية. وبعد عامين من ذلك التحرك خرج مؤتمر "كوب 28" في دبي بتأكيد تعهد التحول إلى الطاقة النظيفة مع الإشارة إلى تسريع استخدام تقنيات مثل تخزين الكربون بما يساعد في "تنظيف" قطاعات كثيرة من الكربون. الابتعاد عن الحكمة مستشار شؤون البيئة لدى منظمة "اليونيسكو" سابقاً بدوي رهبان قال لـ"اندبندنت عربية" إن مؤتمر باريس للمناخ وضع الأساس للتخلص من الوقود الأحفوري المسبب لـ30 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة المؤدية إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وذلك من خلال إجراءات عديدة تقوم بها الحكومات والقطاع الخاص، وأعادت مؤتمرات المناخ الأممية السنوية تأكيد ضرورة التخلص من الفحم باعتباره "أحد أبرز أنواع الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً للبيئة". وأكد المتخصص الدولي المقيم في باريس أنه على رغم التحديات الاقتصادية فإنه ليس من الحكمة أن تمضي الدول في بناء مشروعات جديدة تعمل بالفحم أو تواصل تشغيل المحطات القائمة بهدف الامتثال إلى هدف تصفير انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، وهو ما التزمته معظم دول العالم، معرباً عن أمله في الاحتفاظ بتلك الأهداف، على رغم إشارته إلى أن الأمم المتحدة تدرك أن بعض الدول "قد لا تلتزم الأهداف العالمية بسبب وجود أجندات داخلية". كذلك يؤكد رئيس اتحاد جمعيات البيئة في الأردن عمر شوشان أن إعادة تنشيط محطات الفحم ستزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، بخاصة أن الولايات المتحدة ثاني أكثر دولة مصدرة للانبعاثات (11 في المئة)، مشيراً إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والوكالة الدولية للطاقة تؤكدان أن خفض استخدام الفحم بحلول 2030 ضروري للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، بينما قرارات ترمب تعاكس هذا الهدف. وقال شوشان لـ"اندبندنت عربية" إن قرارات ترمب لإنعاش تعدين الفحم تعكس أولويات اقتصادية وسياسية قصيرة المدى، لكنها تتعارض مع الجهود العالمية للحد من الاحتباس الحراري، وتعمل على تقويض اتفاق باريس، وإضعاف التحول إلى الطاقة النظيفة. وأوضح أنه على المدى القصير قد يحقق القرار مكاسب اقتصادية محدودة لترمب ويدعم بعض الوظائف، لكنه يتجاهل التحولات التكنولوجية والاقتصادية نحو الطاقة النظيفة، إذ إن الاعتماد على الفحم في عصر الطاقة المتجددة يشبه "التمسك بالماضي"، بينما على المدى الطويل، سياسة ترمب تعرض الولايات المتحدة لخطر التخلف عن الركب في السباق نحو الطاقة النظيفة، وتزيد من أخطار الكوارث المناخية، كما أنها تضعف صدقية الولايات المتحدة شريكاً في الجهود المناخية العالمية. رئيس اتحاد جمعيات البيئة في الأردن لفت إلى احتمالية مقاومة سوق شركات التكنولوجيا التوجه إلى استخدام الفحم، إذ تلتزم الشركات الكبرى مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" خفض انبعاثاتها عبر استخدام الطاقة المتجددة في الوقت الذي يروج فيه ترمب لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي باستخدام الكهرباء المولدة من الفحم، مشيراً إلى أنه بينما تتجه دول مثل إندونيسيا وماليزيا والفيليبين نحو التخلي التدريجي عن الفحم، فإن عودة الولايات المتحدة إلى الفحم ترسل إشارة سلبية، وقد تشجع دولاً أخرى على إبطاء جهودها. سباق "تلويث الكوكب" ويتفق الأكاديمي المصري المتخصص في شؤون تغير المناخ علاء النهري مع الطرح السابق، إذ توقع حدوث سباق أميركي - صيني في مجال استخدام الوقود الأحفوري لتحقيق التنمية الاقتصادية من دون النظر إلى الآثار المترتبة على ذلك، وهو ما سيشجع بعض الدول النامية على التحلل من التزاماتها في مجال انتقال الطاقة. ووصف النهري قرارات ترمب بأنها "تعجل بنهاية العالم"، وقال لـ"اندبندنت عربية" إن الرئيس الأميركي يعتبر التغير المناخي "رفاهية"، محذراً من تداعيات كارثية إذا استمرت معدلات الاحترار العالمي الحالية، بما قد يؤدي إلى زيادة ذوبان المحيطات الجليدية ويرفع مستوى البحار، مما يعني أنه بعد 50 عاماً قد تختفي معظم الدول الجزرية وبعض المناطق المنخفضة مثل دلتا النيل في مصر التي قد يتعرض نصف مساحتها للغرق. وأثارت قرارات ترمب اعتراض عديد من المنظمات البيئية في الولايات المتحدة، ووصفت منظمة Sierra Club القرار بأنه هجوم على الهواء النظيف والمياه النظيفة، كما رأى "مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية أن القرار يعكس "رؤية عفا عليها الزمن"، مشيراً إلى أن العالم يتحرك نحو الطاقة المتجددة بسرعة، بينما تعود إدارة ترمب إلى دعم صناعة متراجعة، إذ وصلت وصلت مشاريع الفحم الجديدة إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً، فيما وصفت منظمة Greenpeace USA القرار بأنه "إعلان حرب على كوكب الأرض"، باعتباره يتعارض مع العلم الذي يدعو إلى تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري بصورة عاجلة لتحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يعزز الانطباع بأن الولايات المتحدة تتخلى عن مسؤولياتها المناخية. ويملك ترمب سجلاً حافلاً من العداء مع جهود العمل المناخي، ففي ولايته الأولى انسحب من اتفاق باريس للمناخ عام 2017، لكن الانسحاب لم يدخل حيز التنفيذ سوى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بعد يوم واحد من الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام جو بايدن الذي أعاد واشنطن للاتفاق في أول أيامه بالبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2021، لكن الصورة انقلبت مع تولي ترمب من جديد، إذ وقع أمراً تنفيذياً بالانسحاب مرة أخرى من اتفاق باريس فور توليه الحكم في يناير الماضي. وأعلنت إدارة ترمب مارس (آذار) الماضي خططاً لإلغاء لوائح أقرتها وكالة حماية البيئة للحد من الانبعاثات والتلوث الناتج من استخدام الفحم، وكان أبرزها إعلان إعادة النظر في "خطة الطاقة النظيفة 2.0" التي وضعها الرئيس جو بايدن، وهي مجموعة من اللوائح التي تستهدف محطات الطاقة العاملة بالفحم والغاز الطبيعي، التي أعلن عنها العام الماضي. وتنفيذاً لسياسة تعزيز صناعة الفحم منحت إدارة ترمب الأسبوع الماضي ما يقارب 70 محطة طاقة تعمل بالفحم إعفاء لمدة عامين من المتطلبات الفيدرالية لتقليل انبعاثات المواد الكيماوية السامة مثل الزئبق والزرنيخ والبنزين.
Independent عربية٢٣-٠٤-٢٠٢٥سياسةIndependent عربيةأي تداعيات لإحياء ترمب صناعة الفحم؟منذ اليوم الأول لتوليه الحكم كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب واضحاً في تبنيه نهج التوسع في الوقود الأحفوري، إذ ذكر في خطاب التنصيب قبل 3 أشهر أنه سيتبع سياسة "احفر يا عزيزي احفر"، لكن القرارات التنفيذية في شأن قطاع الفحم أضافت بعداً جديداً في سياسته الجدلية، بعدما أمر بإنعاش التنقيب عن الفحم في الوقت الذي يؤكد فيه منتقدون أن القرار له أضرار اقتصادية تضاف إلى التداعيات البيئية الخطرة لأكثر أنواع الوقود تلويثاً للبيئة، بما يعد انقلاباً على سنوات من العمل الدولي وداخل الولايات المتحدة لتقليص الاعتماد على الفحم والحد من آثاره في زيادة الاحترار العالمي. ووقع ترمب هذا الشهر 4 أوامر تنفيذية تهدف إلى إحياء صناعة الفحم من خلال إلغاء ضوابط تحد من تعدين الفحم، إضافة إلى توجيه الحكومة لتسهيل وتسريع عملية تأجير الأراضي الفيدرالية لأغراض تعدين الفحم والحد من التعقيدات البيروقراطية للحصول على تصاريح التعدين وتعزيز استخدام الفحم جزءاً من استراتيجية الطاقة الأميركية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، بخاصة لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. هل الفحم نظيف؟ تمتلك الولايات المتحدة أكبر احتياطات الفحم القابلة للاستخراج في العالم، إذ قدَّرتها إدارة معلومات الطاقة الأميركية بنحو 252 مليار طن، بما يعادل نحو 23 في المئة من احتياطات العالم، في حين لا تتجاوز حصة الفحم من مصادر توليد الكهرباء بالولايات المتحدة 15 في المئة، وهو ما يثير شهية ترمب الساعي إلى مصادر طاقة رخيصة، إضافة إلى الوفاء بوعوده في تعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل. الفحم الذي وصفه ترمب بـ"النظيف والجميل" يؤكد العلماء أنه ليس كذلك، إذ ينتج عند حرقه ثاني أكسيد الكربون الذي يسهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، كما يمكن أن تؤدي انبعاثات الفحم إلى مشكلات صحية، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الرئة والأمطار الحمضية والضباب الدخاني وتلف الأعصاب والنمو. وبينما تقول وزارة الطاقة الأميركية إن الكهرباء المولدة من الفحم أصبحت "أنظف من أي وقت مضى"، فإن الفحم المحترق لا يزال سبباً كبيراً في انبعاثات الاحتباس الحراري. وبحسب كبيرة محللي السياسات في شركة "إنرجي إنوفيشن" للطاقة فإن مصطلح "الفحم النظيف يشير إلى تقنيات تنظيف الفحم قبل حرقه أو تكنولوجيا التقاط الكربون الناتج منه"، مضيفة في تصريحات لشبكة ABC الأميركية أنه مهما كانت طريقة معالجته قبل الاحتراق يظل الفحم أكثر أنواع الوقود إصداراً لغازات الاحتباس الحراري، كما لا يختفي تلوث التربة أو المياه الناتج من الفحم ورماد الفحم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) هذه التقنيات أيضاً غير مستخدمة على نطاق واسع في الولايات المتحدة. ووفقاً لتقرير صادر من مكتب الموازنة بالكونغرس في ديسمبر 2023، تعمل 15 منشأة لالتقاط الكربون وتخزينه في الولايات المتحدة. ولا يستخدم أي منها في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. كما وجد مكتب الموازنة بالكونغرس أن هذه المنشآت قادرة على التقاط 0.4 في المئة فقط من إجمال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية للولايات المتحدة. وتعد قرارات ترمب انقلاباً على سنوات من العمل المناخي الدولي للحد من استخدام الفحم، إذ وضع اتفاق باريس للمناخ عام 2015 هدفاً عالمياً للحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي إلى أن يكون بمقدار 1.5 درجة مئوية، بما يتطلب تقليصاً كبيراً في استخدام الفحم، نظراً إلى كثافة انبعاثاته، وقدم عدد من الدول التزامات بالتخلص كلياً من استخدام الفحم، منها كندا ونيوزيلندا اللتان التزمتا الهدف بحلول عام 2030، والاتحاد الأوروبي بحلول 2033. وقادت بريطانيا وكندا عام 2017 تحالفاً دولياً من عشرات الدول للعمل على تسريع التخلص من الفحم تنفيذاً لاتفاق باريس، وذلك لتوفير التمويل والدعم الفني للدول للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، مع التركيز على إعادة تدريب عمال الفحم. وساعد التحالف في تقليص مشاريع الفحم الجديدة عالمياً، إذ وصلت إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً بحلول 2024، وفقاً لتقرير منظمة مراقبة الطاقة العالمية، الذي أفاد بإلغاء 55 في المئة من محطات الفحم التي كانت في مراحل ما قبل الإنشاء أو التنفيذ عام 2015. وعززت القمم السنوية للمناخ التي تنظمها الأمم المتحدة جهود التخلص من الفحم، ففي "كوب 26" عام 2021 باسكتلندا أطلق التعهد العالمي للانتقال من الفحم إلى الطاقة النظيفة، ووافقت أكثر من 40 دولة على التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030 للدول المتقدمة، و2040 للدول النامية. وبعد عامين من ذلك التحرك خرج مؤتمر "كوب 28" في دبي بتأكيد تعهد التحول إلى الطاقة النظيفة مع الإشارة إلى تسريع استخدام تقنيات مثل تخزين الكربون بما يساعد في "تنظيف" قطاعات كثيرة من الكربون. الابتعاد عن الحكمة مستشار شؤون البيئة لدى منظمة "اليونيسكو" سابقاً بدوي رهبان قال لـ"اندبندنت عربية" إن مؤتمر باريس للمناخ وضع الأساس للتخلص من الوقود الأحفوري المسبب لـ30 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة المؤدية إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وذلك من خلال إجراءات عديدة تقوم بها الحكومات والقطاع الخاص، وأعادت مؤتمرات المناخ الأممية السنوية تأكيد ضرورة التخلص من الفحم باعتباره "أحد أبرز أنواع الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً للبيئة". وأكد المتخصص الدولي المقيم في باريس أنه على رغم التحديات الاقتصادية فإنه ليس من الحكمة أن تمضي الدول في بناء مشروعات جديدة تعمل بالفحم أو تواصل تشغيل المحطات القائمة بهدف الامتثال إلى هدف تصفير انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، وهو ما التزمته معظم دول العالم، معرباً عن أمله في الاحتفاظ بتلك الأهداف، على رغم إشارته إلى أن الأمم المتحدة تدرك أن بعض الدول "قد لا تلتزم الأهداف العالمية بسبب وجود أجندات داخلية". كذلك يؤكد رئيس اتحاد جمعيات البيئة في الأردن عمر شوشان أن إعادة تنشيط محطات الفحم ستزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، بخاصة أن الولايات المتحدة ثاني أكثر دولة مصدرة للانبعاثات (11 في المئة)، مشيراً إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والوكالة الدولية للطاقة تؤكدان أن خفض استخدام الفحم بحلول 2030 ضروري للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، بينما قرارات ترمب تعاكس هذا الهدف. وقال شوشان لـ"اندبندنت عربية" إن قرارات ترمب لإنعاش تعدين الفحم تعكس أولويات اقتصادية وسياسية قصيرة المدى، لكنها تتعارض مع الجهود العالمية للحد من الاحتباس الحراري، وتعمل على تقويض اتفاق باريس، وإضعاف التحول إلى الطاقة النظيفة. وأوضح أنه على المدى القصير قد يحقق القرار مكاسب اقتصادية محدودة لترمب ويدعم بعض الوظائف، لكنه يتجاهل التحولات التكنولوجية والاقتصادية نحو الطاقة النظيفة، إذ إن الاعتماد على الفحم في عصر الطاقة المتجددة يشبه "التمسك بالماضي"، بينما على المدى الطويل، سياسة ترمب تعرض الولايات المتحدة لخطر التخلف عن الركب في السباق نحو الطاقة النظيفة، وتزيد من أخطار الكوارث المناخية، كما أنها تضعف صدقية الولايات المتحدة شريكاً في الجهود المناخية العالمية. رئيس اتحاد جمعيات البيئة في الأردن لفت إلى احتمالية مقاومة سوق شركات التكنولوجيا التوجه إلى استخدام الفحم، إذ تلتزم الشركات الكبرى مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" خفض انبعاثاتها عبر استخدام الطاقة المتجددة في الوقت الذي يروج فيه ترمب لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي باستخدام الكهرباء المولدة من الفحم، مشيراً إلى أنه بينما تتجه دول مثل إندونيسيا وماليزيا والفيليبين نحو التخلي التدريجي عن الفحم، فإن عودة الولايات المتحدة إلى الفحم ترسل إشارة سلبية، وقد تشجع دولاً أخرى على إبطاء جهودها. سباق "تلويث الكوكب" ويتفق الأكاديمي المصري المتخصص في شؤون تغير المناخ علاء النهري مع الطرح السابق، إذ توقع حدوث سباق أميركي - صيني في مجال استخدام الوقود الأحفوري لتحقيق التنمية الاقتصادية من دون النظر إلى الآثار المترتبة على ذلك، وهو ما سيشجع بعض الدول النامية على التحلل من التزاماتها في مجال انتقال الطاقة. ووصف النهري قرارات ترمب بأنها "تعجل بنهاية العالم"، وقال لـ"اندبندنت عربية" إن الرئيس الأميركي يعتبر التغير المناخي "رفاهية"، محذراً من تداعيات كارثية إذا استمرت معدلات الاحترار العالمي الحالية، بما قد يؤدي إلى زيادة ذوبان المحيطات الجليدية ويرفع مستوى البحار، مما يعني أنه بعد 50 عاماً قد تختفي معظم الدول الجزرية وبعض المناطق المنخفضة مثل دلتا النيل في مصر التي قد يتعرض نصف مساحتها للغرق. وأثارت قرارات ترمب اعتراض عديد من المنظمات البيئية في الولايات المتحدة، ووصفت منظمة Sierra Club القرار بأنه هجوم على الهواء النظيف والمياه النظيفة، كما رأى "مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية أن القرار يعكس "رؤية عفا عليها الزمن"، مشيراً إلى أن العالم يتحرك نحو الطاقة المتجددة بسرعة، بينما تعود إدارة ترمب إلى دعم صناعة متراجعة، إذ وصلت وصلت مشاريع الفحم الجديدة إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً، فيما وصفت منظمة Greenpeace USA القرار بأنه "إعلان حرب على كوكب الأرض"، باعتباره يتعارض مع العلم الذي يدعو إلى تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري بصورة عاجلة لتحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يعزز الانطباع بأن الولايات المتحدة تتخلى عن مسؤولياتها المناخية. ويملك ترمب سجلاً حافلاً من العداء مع جهود العمل المناخي، ففي ولايته الأولى انسحب من اتفاق باريس للمناخ عام 2017، لكن الانسحاب لم يدخل حيز التنفيذ سوى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بعد يوم واحد من الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام جو بايدن الذي أعاد واشنطن للاتفاق في أول أيامه بالبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2021، لكن الصورة انقلبت مع تولي ترمب من جديد، إذ وقع أمراً تنفيذياً بالانسحاب مرة أخرى من اتفاق باريس فور توليه الحكم في يناير الماضي. وأعلنت إدارة ترمب مارس (آذار) الماضي خططاً لإلغاء لوائح أقرتها وكالة حماية البيئة للحد من الانبعاثات والتلوث الناتج من استخدام الفحم، وكان أبرزها إعلان إعادة النظر في "خطة الطاقة النظيفة 2.0" التي وضعها الرئيس جو بايدن، وهي مجموعة من اللوائح التي تستهدف محطات الطاقة العاملة بالفحم والغاز الطبيعي، التي أعلن عنها العام الماضي. وتنفيذاً لسياسة تعزيز صناعة الفحم منحت إدارة ترمب الأسبوع الماضي ما يقارب 70 محطة طاقة تعمل بالفحم إعفاء لمدة عامين من المتطلبات الفيدرالية لتقليل انبعاثات المواد الكيماوية السامة مثل الزئبق والزرنيخ والبنزين.