logo
أي تداعيات لإحياء ترمب صناعة الفحم؟

أي تداعيات لإحياء ترمب صناعة الفحم؟

Independent عربية٢٣-٠٤-٢٠٢٥

منذ اليوم الأول لتوليه الحكم كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب واضحاً في تبنيه نهج التوسع في الوقود الأحفوري، إذ ذكر في خطاب التنصيب قبل 3 أشهر أنه سيتبع سياسة "احفر يا عزيزي احفر"، لكن القرارات التنفيذية في شأن قطاع الفحم أضافت بعداً جديداً في سياسته الجدلية، بعدما أمر بإنعاش التنقيب عن الفحم في الوقت الذي يؤكد فيه منتقدون أن القرار له أضرار اقتصادية تضاف إلى التداعيات البيئية الخطرة لأكثر أنواع الوقود تلويثاً للبيئة، بما يعد انقلاباً على سنوات من العمل الدولي وداخل الولايات المتحدة لتقليص الاعتماد على الفحم والحد من آثاره في زيادة الاحترار العالمي.
ووقع ترمب هذا الشهر 4 أوامر تنفيذية تهدف إلى إحياء صناعة الفحم من خلال إلغاء ضوابط تحد من تعدين الفحم، إضافة إلى توجيه الحكومة لتسهيل وتسريع عملية تأجير الأراضي الفيدرالية لأغراض تعدين الفحم والحد من التعقيدات البيروقراطية للحصول على تصاريح التعدين وتعزيز استخدام الفحم جزءاً من استراتيجية الطاقة الأميركية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، بخاصة لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
هل الفحم نظيف؟
تمتلك الولايات المتحدة أكبر احتياطات الفحم القابلة للاستخراج في العالم، إذ قدَّرتها إدارة معلومات الطاقة الأميركية بنحو 252 مليار طن، بما يعادل نحو 23 في المئة من احتياطات العالم، في حين لا تتجاوز حصة الفحم من مصادر توليد الكهرباء بالولايات المتحدة 15 في المئة، وهو ما يثير شهية ترمب الساعي إلى مصادر طاقة رخيصة، إضافة إلى الوفاء بوعوده في تعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل.
الفحم الذي وصفه ترمب بـ"النظيف والجميل" يؤكد العلماء أنه ليس كذلك، إذ ينتج عند حرقه ثاني أكسيد الكربون الذي يسهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، كما يمكن أن تؤدي انبعاثات الفحم إلى مشكلات صحية، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الرئة والأمطار الحمضية والضباب الدخاني وتلف الأعصاب والنمو.
وبينما تقول وزارة الطاقة الأميركية إن الكهرباء المولدة من الفحم أصبحت "أنظف من أي وقت مضى"، فإن الفحم المحترق لا يزال سبباً كبيراً في انبعاثات الاحتباس الحراري. وبحسب كبيرة محللي السياسات في شركة "إنرجي إنوفيشن" للطاقة فإن مصطلح "الفحم النظيف يشير إلى تقنيات تنظيف الفحم قبل حرقه أو تكنولوجيا التقاط الكربون الناتج منه"، مضيفة في تصريحات لشبكة ABC الأميركية أنه مهما كانت طريقة معالجته قبل الاحتراق يظل الفحم أكثر أنواع الوقود إصداراً لغازات الاحتباس الحراري، كما لا يختفي تلوث التربة أو المياه الناتج من الفحم ورماد الفحم.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذه التقنيات أيضاً غير مستخدمة على نطاق واسع في الولايات المتحدة. ووفقاً لتقرير صادر من مكتب الموازنة بالكونغرس في ديسمبر 2023، تعمل 15 منشأة لالتقاط الكربون وتخزينه في الولايات المتحدة. ولا يستخدم أي منها في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. كما وجد مكتب الموازنة بالكونغرس أن هذه المنشآت قادرة على التقاط 0.4 في المئة فقط من إجمال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية للولايات المتحدة.
وتعد قرارات ترمب انقلاباً على سنوات من العمل المناخي الدولي للحد من استخدام الفحم، إذ وضع اتفاق باريس للمناخ عام 2015 هدفاً عالمياً للحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي إلى أن يكون بمقدار 1.5 درجة مئوية، بما يتطلب تقليصاً كبيراً في استخدام الفحم، نظراً إلى كثافة انبعاثاته، وقدم عدد من الدول التزامات بالتخلص كلياً من استخدام الفحم، منها كندا ونيوزيلندا اللتان التزمتا الهدف بحلول عام 2030، والاتحاد الأوروبي بحلول 2033.
وقادت بريطانيا وكندا عام 2017 تحالفاً دولياً من عشرات الدول للعمل على تسريع التخلص من الفحم تنفيذاً لاتفاق باريس، وذلك لتوفير التمويل والدعم الفني للدول للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، مع التركيز على إعادة تدريب عمال الفحم. وساعد التحالف في تقليص مشاريع الفحم الجديدة عالمياً، إذ وصلت إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً بحلول 2024، وفقاً لتقرير منظمة مراقبة الطاقة العالمية، الذي أفاد بإلغاء 55 في المئة من محطات الفحم التي كانت في مراحل ما قبل الإنشاء أو التنفيذ عام 2015.
وعززت القمم السنوية للمناخ التي تنظمها الأمم المتحدة جهود التخلص من الفحم، ففي "كوب 26" عام 2021 باسكتلندا أطلق التعهد العالمي للانتقال من الفحم إلى الطاقة النظيفة، ووافقت أكثر من 40 دولة على التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030 للدول المتقدمة، و2040 للدول النامية. وبعد عامين من ذلك التحرك خرج مؤتمر "كوب 28" في دبي بتأكيد تعهد التحول إلى الطاقة النظيفة مع الإشارة إلى تسريع استخدام تقنيات مثل تخزين الكربون بما يساعد في "تنظيف" قطاعات كثيرة من الكربون.
الابتعاد عن الحكمة
مستشار شؤون البيئة لدى منظمة "اليونيسكو" سابقاً بدوي رهبان قال لـ"اندبندنت عربية" إن مؤتمر باريس للمناخ وضع الأساس للتخلص من الوقود الأحفوري المسبب لـ30 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة المؤدية إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وذلك من خلال إجراءات عديدة تقوم بها الحكومات والقطاع الخاص، وأعادت مؤتمرات المناخ الأممية السنوية تأكيد ضرورة التخلص من الفحم باعتباره "أحد أبرز أنواع الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً للبيئة".
وأكد المتخصص الدولي المقيم في باريس أنه على رغم التحديات الاقتصادية فإنه ليس من الحكمة أن تمضي الدول في بناء مشروعات جديدة تعمل بالفحم أو تواصل تشغيل المحطات القائمة بهدف الامتثال إلى هدف تصفير انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، وهو ما التزمته معظم دول العالم، معرباً عن أمله في الاحتفاظ بتلك الأهداف، على رغم إشارته إلى أن الأمم المتحدة تدرك أن بعض الدول "قد لا تلتزم الأهداف العالمية بسبب وجود أجندات داخلية".
كذلك يؤكد رئيس اتحاد جمعيات البيئة في الأردن عمر شوشان أن إعادة تنشيط محطات الفحم ستزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، بخاصة أن الولايات المتحدة ثاني أكثر دولة مصدرة للانبعاثات (11 في المئة)، مشيراً إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والوكالة الدولية للطاقة تؤكدان أن خفض استخدام الفحم بحلول 2030 ضروري للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، بينما قرارات ترمب تعاكس هذا الهدف.
وقال شوشان لـ"اندبندنت عربية" إن قرارات ترمب لإنعاش تعدين الفحم تعكس أولويات اقتصادية وسياسية قصيرة المدى، لكنها تتعارض مع الجهود العالمية للحد من الاحتباس الحراري، وتعمل على تقويض اتفاق باريس، وإضعاف التحول إلى الطاقة النظيفة. وأوضح أنه على المدى القصير قد يحقق القرار مكاسب اقتصادية محدودة لترمب ويدعم بعض الوظائف، لكنه يتجاهل التحولات التكنولوجية والاقتصادية نحو الطاقة النظيفة، إذ إن الاعتماد على الفحم في عصر الطاقة المتجددة يشبه "التمسك بالماضي"، بينما على المدى الطويل، سياسة ترمب تعرض الولايات المتحدة لخطر التخلف عن الركب في السباق نحو الطاقة النظيفة، وتزيد من أخطار الكوارث المناخية، كما أنها تضعف صدقية الولايات المتحدة شريكاً في الجهود المناخية العالمية.
رئيس اتحاد جمعيات البيئة في الأردن لفت إلى احتمالية مقاومة سوق شركات التكنولوجيا التوجه إلى استخدام الفحم، إذ تلتزم الشركات الكبرى مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" خفض انبعاثاتها عبر استخدام الطاقة المتجددة في الوقت الذي يروج فيه ترمب لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي باستخدام الكهرباء المولدة من الفحم، مشيراً إلى أنه بينما تتجه دول مثل إندونيسيا وماليزيا والفيليبين نحو التخلي التدريجي عن الفحم، فإن عودة الولايات المتحدة إلى الفحم ترسل إشارة سلبية، وقد تشجع دولاً أخرى على إبطاء جهودها.
سباق "تلويث الكوكب"
ويتفق الأكاديمي المصري المتخصص في شؤون تغير المناخ علاء النهري مع الطرح السابق، إذ توقع حدوث سباق أميركي - صيني في مجال استخدام الوقود الأحفوري لتحقيق التنمية الاقتصادية من دون النظر إلى الآثار المترتبة على ذلك، وهو ما سيشجع بعض الدول النامية على التحلل من التزاماتها في مجال انتقال الطاقة.
ووصف النهري قرارات ترمب بأنها "تعجل بنهاية العالم"، وقال لـ"اندبندنت عربية" إن الرئيس الأميركي يعتبر التغير المناخي "رفاهية"، محذراً من تداعيات كارثية إذا استمرت معدلات الاحترار العالمي الحالية، بما قد يؤدي إلى زيادة ذوبان المحيطات الجليدية ويرفع مستوى البحار، مما يعني أنه بعد 50 عاماً قد تختفي معظم الدول الجزرية وبعض المناطق المنخفضة مثل دلتا النيل في مصر التي قد يتعرض نصف مساحتها للغرق.
وأثارت قرارات ترمب اعتراض عديد من المنظمات البيئية في الولايات المتحدة، ووصفت منظمة Sierra Club القرار بأنه هجوم على الهواء النظيف والمياه النظيفة، كما رأى "مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية أن القرار يعكس "رؤية عفا عليها الزمن"، مشيراً إلى أن العالم يتحرك نحو الطاقة المتجددة بسرعة، بينما تعود إدارة ترمب إلى دعم صناعة متراجعة، إذ وصلت وصلت مشاريع الفحم الجديدة إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً، فيما وصفت منظمة Greenpeace USA القرار بأنه "إعلان حرب على كوكب الأرض"، باعتباره يتعارض مع العلم الذي يدعو إلى تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري بصورة عاجلة لتحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يعزز الانطباع بأن الولايات المتحدة تتخلى عن مسؤولياتها المناخية.
ويملك ترمب سجلاً حافلاً من العداء مع جهود العمل المناخي، ففي ولايته الأولى انسحب من اتفاق باريس للمناخ عام 2017، لكن الانسحاب لم يدخل حيز التنفيذ سوى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بعد يوم واحد من الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام جو بايدن الذي أعاد واشنطن للاتفاق في أول أيامه بالبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2021، لكن الصورة انقلبت مع تولي ترمب من جديد، إذ وقع أمراً تنفيذياً بالانسحاب مرة أخرى من اتفاق باريس فور توليه الحكم في يناير الماضي.
وأعلنت إدارة ترمب مارس (آذار) الماضي خططاً لإلغاء لوائح أقرتها وكالة حماية البيئة للحد من الانبعاثات والتلوث الناتج من استخدام الفحم، وكان أبرزها إعلان إعادة النظر في "خطة الطاقة النظيفة 2.0" التي وضعها الرئيس جو بايدن، وهي مجموعة من اللوائح التي تستهدف محطات الطاقة العاملة بالفحم والغاز الطبيعي، التي أعلن عنها العام الماضي.
وتنفيذاً لسياسة تعزيز صناعة الفحم منحت إدارة ترمب الأسبوع الماضي ما يقارب 70 محطة طاقة تعمل بالفحم إعفاء لمدة عامين من المتطلبات الفيدرالية لتقليل انبعاثات المواد الكيماوية السامة مثل الزئبق والزرنيخ والبنزين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يفرض 50 في المئة رسوما تجارية على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو
ترمب يفرض 50 في المئة رسوما تجارية على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو

Independent عربية

timeمنذ 37 دقائق

  • Independent عربية

ترمب يفرض 50 في المئة رسوما تجارية على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الجمعة إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة على السلع المقبلة من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) المقبل، مشيراً إلى أن التعامل مع التكتل في شأن التجارة صعب. وذكر ترمب على منصة "تروث سوشيال" التي يمتلكها، أن "التعامل مع الاتحاد الأوروبي، الذي تشكل بالأساس لاستغلال الولايات المتحدة من الناحية التجارية، صعب جداً... مناقشاتنا معهم لا تفضي إلى أي نتيجة!". وذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز" اليوم أن المفاوضين التجاريين للرئيس الأميركي يضغطون على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية من جانب واحد على السلع الأميركية. ووفقاً للصحيفة، فإن المفاوضين يقولون إنه من دون تنازلات لن يحرز الاتحاد تقدماً في المحادثات لتجنب رسوم مضادة إضافية بنسبة 20 في المئة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها القول إن الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير يستعد لإبلاغ المفوض التجاري الأوروبي ماروش شفتشوفيتش اليوم بأن "مذكرة توضيحية" قدمتها بروكسل في الآونة الأخيرة للمحادثات لا ترقى إلى مستوى التوقعات الأميركية. ولم تتمكن وكالة "رويترز" من التأكد من صحة التقرير على الفور، ولم يرد مكتب الممثل التجاري الأميركي بعد على طلب الوكالة للتعليق الذي أرسل خارج ساعات العمل الرسمية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون التجارة أولوف جيل لـ"رويترز" عبر البريد الإلكتروني "أولوية الاتحاد الأوروبي هي السعي إلى اتفاق عادل ومتوازن مع الولايات المتحدة... اتفاق تستحقه علاقاتنا التجارية والاستثمارية الضخمة". وأضاف أن الاتحاد يواصل التفاعل بصورة نشطة مع الولايات المتحدة، وأنه من المقرر أن يتحدث شفتشوفيتش مع جرير اليوم. وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التوصل إلى نص إطاري متفق عليه بصورة مشتركة للمحادثات، لكن الجانبين لا يزالان متباعدين إلى حد كبير. وفرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على السيارات والصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) و20 في المئة على سلع أخرى من الاتحاد في أبريل (نيسان). وخفضت بعد ذلك الرسوم البالغة 20 في المئة إلى النصف حتى الثامن من يوليو (تموز)، مما أعطى مهلة 90 يوماً لإجراء محادثات للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً في شأن الرسوم الجمركية. ورداً على ذلك، علق الاتحاد الذي يضم 27 دولة خططه لفرض رسوم جمركية مضادة على بعض السلع الأميركية، واقترح إلغاء جميع الرسوم الجمركية على السلع الصناعية من كلا الجانبين، غير أن إعلان ترمب اليوم يشكل مواجهة جديدة في العلاقات التجارية بين الطرفين.

أكثر من 54 ألف جندي أوكراني تدربوا في بريطانيا لقتال الروس
أكثر من 54 ألف جندي أوكراني تدربوا في بريطانيا لقتال الروس

Independent عربية

timeمنذ 37 دقائق

  • Independent عربية

أكثر من 54 ألف جندي أوكراني تدربوا في بريطانيا لقتال الروس

مرت نحو ثلاثة أعوام على إطلاق المملكة المتحدة برنامج تدريب الأوكرانيين على أراضيها، إذ ينضمون إلى أحد المعسكرات السرية مدة خمسة أسابيع يتلقون خلالها تدريبات مكثفة تقدم للجنود البريطانيين عادة على مدى ستة أشهر، لكن الوقت رفاهية لا يملكها من تنتظرهم جبهات القتال ضد الغزو الروسي في وطنهم الأم. تشير الإحصاءات إلى أن البرنامج المسمى "عملية إنترفليكس" درب حتى الآن أكثر من 54 ألف شخص تطوعوا دون خبرة في الجيش الأوكراني، وبدأوا رحلتهم العسكرية من بريطانيا التي تأخذ على عاتقها تهيئتهم ليس فقط للقتال وإنما أيضاً لمواجهة الصدمات والخوف الذي يمكن أن يلاقوه في الحرب الواقعية أمام الجنود الروس. في معسكر سري بمنطقة "شرق إنجيليا" تقول صحيفة "التايمز" إن أعضاء حيوانات ميتة من المسالخ تعلق على الجدران، ويؤدي مبتورو الأطراف دور مصابين يصرخون طلباً للنجدة، وسط أصوات لإطلاق النار ومحركات المسيرات تنتشر في الأجواء عبر مكبرات الصوت، ليتدرب الجنود الأوكرانيون على الصدمة والعنف. القائد المسؤول عن هذا التدريب، المقدم بن إروين كلارك، يقول للصحيفة البريطانية إن البيئة التي تجري فيها هذه التدريبات تجعلها تبدو واقعية جداً، والقائد كلارك هذا كان يأخذ الجنود الإيرلنديين إلى فحوصات تشريح الجثث كي يعتادوا صور الموت قبل أن يرسلهم إلى العراق وأفغانستان عندما كانت تدور حروب على أرض الدولتين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في معسكرات بريطانيا تعلم الأوكرانيون كيفية البقاء على قيد الحياة، وتدربوا على ما يوصف بـ"القوة القاتلة" لهزيمة العدو باستخدام قدراتهم البشرية وذكائهم ومعدات قليلة، ونتائج هذا ظهرت في جبهات القتال فشجعت كثراً على القدوم لتعلم ما قال أحد المشاركين لـ"التايمز" إنه "خبرة وتجربة تميز من يحوزها وتزيده قدرة على الصمود". ومعسكرات تدريب الأوكرانيين تبقى سرية خشية من استهداف غير عسكري إن جاز التعبير، مثل محاولة الاغتيال التي تعرض لها الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال وابنته يوليا بمدينة سالزبري البريطانية في الرابع من مارس (آذار) 2018، إذ اتهمت حينها موسكو بمحاولة قتله باستخدام غاز الأعصاب السوفياتي الصنع "نوفيتشوك". انطلقت "عملية إنترفليكس" في التاسع من يوليو (تموز) 2022، وكان مقرراً لها أن تنتهي عام 2024، لكن الحكومة البريطانية الجديدة اختارت تمديدها في سبتمبر (أيلول) 2024 لتستمر طوال عام 2025، وقال وزير الدفاع جون هيلي حينها إن "التمديد هو لتأكيد دعم المملكة المتحدة المستمر لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي". بريطانيا لا تدرب فقط الجنود الأوكرانيين الذين يقاتلون على الأرض، وإنما أيضاً الطيارين الذين يقودون المقاتلات وبينها "أف 16" لمواجهة الخصوم في الجو، يعلمونهم مبادئ الملاحة والتحكم بالطائرات المقاتلة، كذلك يوفرون لهم دورات مكثفة لتعلم اللغة الإنجليزية كي يتمكنوا من الانتظام في دورات أخرى تقدمها دول حلف الناتو. تعتبر المملكة المتحدة من أبرز الدول الداعمة لأوكرانيا، ومنذ بداية الغزو الروسي في الـ22 من فبراير (شباط) 2022، تعهدت بريطانيا بـ18 مليار جنيه استرليني لدعم كييف، مقسمة بين 13 ملياراً للدعم العسكري و5 مليارات للمساعدات الإنسانية، إضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي بمفردها أو ضمن جهود "الناتو" أو بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.

هل تنهار العلاقة الأطول؟.. كندا تتحدى سياسات ترمب الحمائية
هل تنهار العلاقة الأطول؟.. كندا تتحدى سياسات ترمب الحمائية

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

هل تنهار العلاقة الأطول؟.. كندا تتحدى سياسات ترمب الحمائية

خاص – الوئام في ظل التوترات المتصاعدة بين واشنطن وأوتاوا، وفي وقت تتداعى فيه أسس النظام التجاري الغربي بسبب سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الحمائية، اجتمع مسؤولون أمريكيون وكنديون في محاولة لإعادة الاستقرار إلى العلاقات الثنائية التي طالما شكلت حجر زاوية في الاقتصادين. اللقاءات الجانبية ضمن قمة مجموعة السبع في بانف بكندا تعكس أهمية اللحظة ومحاولة احتواء التصعيد قبل أن يتحول إلى أزمة استراتيجية طويلة الأمد. محاولة لخفض التوتر على هامش قمة مجموعة السبع في بانف، التقى وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مع وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان لمناقشة التوترات التجارية المستمرة. ورغم التكتم على تفاصيل المحادثات، وصف شامبان اللقاء بالإيجابي، مشيرًا إلى 'تقدم ملموس وإحساس بالوحدة' بين دول المجموعة. من جانبه، صرّح بيسنت بأن اليوم كان 'مثمرًا جدًا'. اتفاق اقتصادي وأمني جديد في الوقت ذاته، كان الوزير الكندي المكلّف بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، دومينيك لوبلان، يجتمع مع مسؤولين من إدارة ترمب في واشنطن لبحث اتفاق اقتصادي وأمني جديد. وشدد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في أوتاوا على أن حكومته 'لن تتعجل لكنها مصممة على تحقيق أفضل صفقة لكندا. قمة السبع تبحث الاستقرار العالمي تركز اجتماعات مجموعة السبع على تنسيق الجهود بين الاقتصادات الغربية الكبرى لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي. غير أن السياسات التجارية الحمائية التي ينتهجها ترمب، بما في ذلك فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات من الحلفاء، أثارت مخاوف في الأسواق المالية، ودفعت الشركات لتقليص استثماراتها وخطط التوظيف. وتشهد العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة توترًا مستمرًا منذ أشهر. بينما تحتفظ واشنطن بتعريفات بنسبة 25% على سلع لا تدخل ضمن اتفاق التجارة الأمريكي المكسيكي الكندي، ردّت كندا بتعريفات انتقامية على واردات أمريكية بقيمة 43 مليار دولار. ومع ذلك، منحت أوتاوا إعفاءات مؤقتة لقطاعات السيارات والصناعات التحويلية لتسهيل التحول نحو مورّدين جدد. لا اتفاقات جديدة أفادت مصادر مطلعة أنه لا توجد خطط أمريكية حالية للإعلان عن اتفاقيات تجارية جديدة مع بقية دول مجموعة السبع عند اختتام القمة المالية. لكن اللقاء الثنائي بين بيسنت وشامبان يشير إلى سعي حثيث من قبل الطرفين لتجنب تصعيد إضافي. وسط هذه الأجواء، حذّر كارني من أن نمط العلاقات الاقتصادية التقليدية بين كندا والولايات المتحدة، وخصوصًا سلاسل التوريد المتكاملة، قد أصبح شيئًا من الماضي. واعتبر شامبان، في مداخلته الافتتاحية بالقمة، أن التجارة الحرة والعادلة أمر أساسي لتحقيق استقرار اقتصادي عالمي، رغم اعترافه بأن سياسات الرسوم الأمريكية تخلق توترات داخل المجموعة. التأثيرات الاقتصادية تشير البيانات الأولية إلى أن الاقتصاد الكندي بدأ يعاني من آثار السياسات التجارية الأمريكية، لاسيما الرسوم الجمركية على السيارات والفولاذ والألمنيوم. هذا التأثير بات ملموسًا في سوق العمل الكندية، في ظل اعتماد البلاد على السوق الأمريكية التي تشكل نحو خُمس الناتج المحلي الكندي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store