أحدث الأخبار مع #استعمار


الجزيرة
منذ 2 أيام
- سياسة
- الجزيرة
موريشيوس تستعيد سيادتها على جزر شاغوس من بريطانيا
وقّعت الحكومة البريطانية اتفاقا لنقل السيادة على جزر شاغوس إلى موريشيوس، في خطوة وصفها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأنها "بالغة الأهمية" للدفاع والأمن القومي. ووفق الاتفاق، تحتفظ المملكة المتحدة بالتحكم في قاعدة عسكرية إستراتيجية تستخدمها مع الولايات المتحدة على جزيرة دييغو غارسيا. وقال ستارمر خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم الخميس الماضي إن الاتفاق، الذي تأخر توقيعه لفترة قصيرة بسبب قرار قضائي، ضروري "لدفاعنا ومخابراتنا، وبالتالي لأمن وسلامة الشعب البريطاني". وأكد أن الموقع الإستراتيجي لقاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي يمثل أهمية قصوى للمملكة المتحدة، مشيرا إلى أن الاتفاق يضمن "حماية قوية من التأثيرات الخبيثة" تسمح للقاعدة بالعمل حتى القرن المقبل. ويمنح الاتفاق، الذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات، موريشيوس السيادة على أرخبيل جزر شاغوس، مع تأجير القاعدة العسكرية للمملكة المتحدة والولايات المتحدة لمدة 99 عاما، مما يضمن استمرار تشغيل هذه القاعدة الحيوية. وكان توقيع الاتفاق قد تأجل بعد صدور أمر قضائي مؤقت من المحكمة العليا البريطانية إثر احتجاجات من نساء من سكان جزر شاغوس الأصليين، الذين تم تهجيرهم قسرا من الجزيرة في السبعينيات لصالح إنشاء القاعدة العسكرية. إعلان وعبّرت السيدتان بيرناديت دوغاس وبيرتريس بومبي، وهما مواطنتان بريطانيتان، عن مخاوفهما من أن نقل السيادة إلى موريشيوس سيصعّب عودة السكان الأصليين إلى أراضيهم، مؤكّدتين مواصلة نضالهما لاستعادة حقوقهما التي تمتد لأكثر من 6 عقود. من جهته، وصف رئيس وزراء موريشيوس نافين رامغولام الاتفاق بأنه يمثل "اكتمال عملية إنهاء الاستعمار"، واعترافا كاملا بسيادة موريشيوس على جزر شاغوس، بما في ذلك دييغو غارسيا. وتعود سيطرة المملكة المتحدة على جزر شاغوس إلى عام 1814، حيث فصلت أرخبيل الجزر في عام 1965 عن موريشيوس لتشكيل إقليم المحيط الهندي البريطاني، ثم شهدت السبعينيات عمليات تهجير للسكان الأصليين لإقامة القاعدة العسكرية. من جانبه، رحّب الجانب الأميركي بالاتفاق ووصفه بـ"التاريخي"، حيث أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أن واشنطن تتطلع للعمل عن كثب مع كل من المملكة المتحدة وموريشيوس لتعزيز التعاون ودعم السلام والاستقرار في المنطقة. يأتي هذا الاتفاق في ظل تغييرات سياسية داخل موريشيوس وتأجيلات عديدة بسبب مفاوضات متعلقة بالتكلفة، لكنه يمثل تحولا كبيرا في العلاقات بين البلدين وحلا لنزاع تاريخي استمر لعقود.

أخبار السياحة
١١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبار السياحة
السيد الدمرداش يكتب: إسترايجية صناعة العقل البشري
عملت قوي الصهيونية العالمية علي إعادة تشكيل العقل البشري منذ قرونا مضت لتنفيذ مشاريع كثيرة وعديدة تهدف إلى السيطرة والتمكين والتحكم المباشر وغير المباشر . ٱليات تنفيذ تلك الصناعة للعقل البشري كثيرة ومتعددة ومتطورة ، والهدف التغييب وفرض واقع يساهم في تعزيز وتعظيم وجودها وتحقيق أهدافها الاستعمارية ، في فترات سابقة بعيدة المدى كان تشويه القادة العسكريين العظماء والزعماء وبث روح التخاذل في مواجهة الإنتماء الوطني ، وفي مواجهة حركات التحرر الوطني . وتطور الأمر الي التشكيك في قدرات الجيوش المنظمة وخلق فرص الخلاف بين الجيوش والقادة العسكريين والمدنيين والسياسيين ، كانت الأسلحة في تنفيذ تلك الخطط والبرامج كثيره أهمها المال والجنس ، والتجسس علي شخصيات نافذه عالميا ، وتدمير البنية التحتية لدول كانت مؤهلة للنمو الاقتصادي والاجتماعي. وظهرت في عصرنا بعض الاساليب مثل صناعة وتجارة المخدرات والممنوعات التي كانت جزء من منظومة متكاملة للتغييب وتحسين فرص تغييب العقل البشري، شارك في هذا البرنامج قادة وساسة حول العالم، اعقاب ذلك ظهرت مشروعات سياسية تشرف عليها منظمات دولية منها حقوقية وٱخري إجتماعية تتشابك افكارها الإصلاحية الخبيثة مع المجتمعات المحلية في ظل فقرا وجهلا لها، حاول المنفذون تجنب الحروب المباشرة والتقليدية وكان هذا تحدي لاصحاب وتجار الأسلحة حول العالم وأظهرا بعضهم معارضة شديدة وصل الامر الى دعم مباشر لحركات تحرر تسعي إلي تخليص مجتمعاتها من الاستعمار والعبودية في ظل نوايا حسنة في طياتها بإشراف مجرمي حرب ، حتي ظهر جليا الخلاف علي منصات اشهر وسائل الإعلام الدولية وقادة حروبا إعلامية ساهمت في تغييب واضح وإنجاح مشروع تركيبة العقل البشري الجمعي. علماء الإجتماع وحدهم يدركون الواقع ورغم ذلك حرصت تلك القوي الاستعمارية علي تراجع دورهم خلال قرنا من الزمان ، حتي تطور الامر وظهرت وسائل الإعلام الرقمية التي وصلت لقلوب وعقول وغرف نوم اطفال العالم وشبابها وهي فئة مستهدفه ذات اهمية كبيرة في إعداد عقل وصناعته بمعايير مزدوجة مصابة بسرطان السطحية واللاوعي في ظل غياب المفاهيم الصحيحه حول المفهوم الثقافي والديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وفي ظل تشوهات خلقية في ثقافة الاسرة والمناهج الدراسية والعلمية والفنية حتي تصدر المشهد الإعلامي والديني والاجتماعي والثقافي سفهاء ، واصبح الجميع يلهث خلف اللاوعي واللامعقول وتسود ثقافة القطيع والنهب المنظم للعقول والثروات والاوطان في كتاب صدر عن إحدي مؤسسات البحث الإجتماعي المتقدم في الصين، افاد الباحث الذي عمل لمدة ثلاثون عاما في مراكز بحثية كبري في اوروبا وامريكا وافريقيا إن تغيير العقل البشري الجمعي تجربة عظيمة صادفت نجاحا كبيرا بجهود صهيونية وإشراف مؤسسات امنية دولية بارزة حتي وصل الامر الى دعم شخصيات نافذه عالميا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . واصبح التغيير علي الارض باقل خسائر بشرية واصبحت وسائل الإعلام الرقمي احد الوسائل التعليميه المخربه ، وهنا بدات الحكومات في بعض عواصم العالم بإتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تلك الجهود الاستعمارية للحفاظ على سلامة مواطنيها. المثير في الأمر أن أجهزة الإستخبارات حول العالم المعنية بجمع المعلومات وتحليلها قدمت تقارير كثيرة ومهمة حول تلك الجهود الاستعمارية وعملت على مواجهتها للخروج من نفق تغيير مظلم وقدمت برامج توعوية تستهدف الفئات المجتمعية المتكاملة إلا أن قطار التغيير كان أسرع مما هو متوقع وفي دول عديدة وكبيرة في أوروبا مثلا كانت الديمقراطية أحد أسباب إخفاق جهود تلك الأجهزة الأمنية ، حتي أن بعض الخبراء قرروا إحداث برامج ومناهج تعليمية وتربوية تتماشي وتتوازن مع ثقافة العقل البشري الجديد . والسؤال : هل يستوعب العقل البشري الجمعي قيمة التراب الوطني وأهميتة..!، في سوريا كان المشهد واضحا، لا قيمة للتراب الوطني بدعوي خروج ' آل الأسد' من السلطة وجماعته ، والعراق أيضا عاش التجربة واليمن والسودان وليبيا، كثير من المفاهيم الأساسية لن يستوعبها العقل البشري الجمعي إلا بعد خراب الوطن، الأكثر إثارة أن وسائل الإعلام التي شاركت في تغييب العقل الجمعي، تفشل اليوم في إعادة إصلاحه، كيف لمواطن يعمل مقدم برامج لم يستوعب هذا، أن يحدث تغيير من خلال رسالتة الإتصالية التي تتصف بعدم المصداقية ، حان الوقت أن نعمل جنبا إلى جنب مع القيادة السياسية لمواجهة التحديات التي تواجه صناعة العقل البشري الجمعي.


الغد
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الغد
الذي ينتج المعرفة هو الذي يسميها..!
كنتُ أفكر بعد الكتابة في مقال سابق عن "الإبستيموسايد"، أو "الإبادة المعرفية" في استهلاكي أنا نفسي للمصطلح المُنتج في الغرب. ولا يتعلق الأمر، كما لا بد أن يكون واضحا، بمعنى مفردتي "إبادة" و"معرفة" العربيتين الأصليتين، وإنما بالمفهوم الناتج عن صك المفردتين في مفهوم واحد يُمكن أن تُكتب عنه مجلدات. لكنني فكرت: كيف يمكن سوى استهلاك المنتجات المفاهيمية الغربية عندما يكون الذي يُنتج المعرفة –مثل كل منتج آخر- هو الذي يُسمّيها؟! اضافة اعلان هذه الحقيقة لا تتحدث عن العلاقة الوثيقة بين المعرفة واللغة فحسب، وإنما تتحدث أيضًا عن البنية التحتية للسلطة التي تحتكر الحق في تمثيل الواقع، وتسميته، وتحديد معناه، وإعادة إنتاجه لغويًا ومفاهيميًا. وقد ارتبط إنتاج المعرفة بمشروع الهيمنة والسيطرة، سواء كان ذلك من حيث المضامين والمناهج، أو –الأهم- من حيث القدرة على التسمية، وتحديد ما يُعتبر "علمًا"، وما يُقصى إلى الهوامش باعتباره أسطورة، خرافة، أو معتقدات "لاعقلانية". وبذلك، لا تكون المعرفة أداة لاكتشاف العالم، بل هي، في عمقها، أداة لإعادة تشكيله وفرض نظام رمزي يُعيد إنتاج علاقات القوة. هكذا لا تعود التسمية فعلا لغويا محايدا، وإنما سلطويا بامتياز، حيث الذي يحتكر سلطة التسمية يمتلك معها القدرة على تعريف الظواهر وتأطيرها ضمن بنى اجتماعية وسياسية مقصودة. ومن التطبيقات المعاصرة وصف حركة تحرر وطنية في الجنوب العالمي بـ"التمرد" أو "التهديد الأمني"، وبذلك تجريدها من مشروعيتها الأخلاقية والسياسية، وتحويلها إلى "حالة أمنية" تستوجب القمع. وعلى النقيض، تمنح تسمية العمليات الاستعمارية بـ"نشر الديمقراطية" أو "تحرير الشعوب" لها غطاءً معرفيا وأخلاقيا يُبرئ الفاعل الاستعماري من المساءلة، ويمنح مشروعه بعدا رساليا مزيفا. مارست القوى الاستعمارية، تاريخيًا، هذا النوع من السيطرة المزدوجة: السيطرة على الأرض والناس، والسيطرة على اللغة والمفاهيم. وامتد مشروعها أبعد من احتلال الجغرافيا إلى إعادة رسم الخرائط، وتسمية الشعوب، وتصنيف الثقافات، وتجريد أنماطها المعرفية الأصلية من الشرعية. كان الاستعمار مشروعًا إبستيمولوجيًا أيضًا، سعى إلى إبادة المعارف المحلية لفرض نموذجه المعرفي بوصفه الشكل الوحيد للعلم والعقلانية. وسمّى نفسه "العالم الأول"، وأُسند لغيره صفة "العالم الثالث"، وعلق "التقدم" على مدى الاقتراب من نموذجه، فيما اعتُبرت كل مخالفة له شكلًا من أشكال "التخلف"، أو "اللاعقلانية"، أو حتى "الإرهاب". كما يحدُث، انخرطت شرائح من النخب العربية –بدافع الانبهار بالغرب أو تحت ثقل الهيمنة الرمزية التي خلّفها الاستعمار وما بعده– في عملية استهلاك وتسويق غير نقديين لتعريفات الآخر. وتم تداول مفاهيم مثل "الحداثة"، و"الاستقرار"، و"الديمقراطية"، و"حقوق الإنسان" كما صيغت في المركز، ليس كمفاهيم نسبية وقابلة لإعادة التأويل، بل كحقائق معيارية يتم بها تصنيف المجتمعات إلى "عقلانية" و"لاعقلانية"، أو "متقدمة" و"متخلفة". وتداولت النخب هذه المفاهيم غالبًا كمحفز على اكتئاب انتحاري سببه القطع بعجز الذات. والبعض اتخذ من العجز المحتوم ذريعة لتثبيط محاولات تغيير الحال وتسليط الضوء على جراح الذين يحاولون للحكم بسفاهة المحاولة وإدانتها -إلى حد إعلان الشماتة الصريحة بدلًا من التعاطف المفتعَل. الآن، تتجلى التبعية المعرفية بأوضح صورها في خطاب بعض النخب عند توصيفها لحركات المقاومة في المنطقة. إنها تستعير مفرداتها من القاموس الاستعماري بالضبط، فتصف المقاومة بـ"الميليشيات الخارجة عن القانون" أو "الجماعات الإرهابية" أو "القوى العبثية" و"المغامرة". والتسويغ هي أن عملها يقوض "الاستقرار" ويهدد "الأمن" يغامر بفقدان "السلام". وهذه أيضا مفاهيم مستوردة مع تأويلاتها المرفقة من منتجها الأجنبي. إنها تعني –حسب منشور الاستخدام المرفق- القبول بالأمور على حالها، كما يقدّرها الآخرون والمصالح المرتبطة بهم للإقليم وأهله. وبدلًا من فهم المقاومة كفعل سياسي وأخلاقي مشروع مبعثه تحرير الإرادة والسعي إلى استعادة السيادة، يتم تقديمها في الخطاب العام كمصدر للتهديد، بحيث تفقد شرعيتها الرمزية والوطنية. وما يتغاضى عنه هؤلاء هو أن المنطقة لم تشهد أمنًا ولا استقرارًا ولا سلامًا منذ أيام الاستعمار المباشر وما تلاه من استمرار الهيمنة الاستعمارية الأجنبية وتبعياتها –ماديا ومعرفيا وثقافيا. المؤسف أن هذا التداول لمصطلحات المستعمر وتعريفاته ليس مجرد انزلاق لغوي بقدر ما هو تعبير عن انخراط أعمق في بنية التبعية المفاهيمية. وتتضاعف سُمّيته حين يصدر عن نخب تعرِض خطابا إصلاحيا أو عقلانيا في ظاهره، لكنه في العمق يبرّر السياسات التي تتماهى مع مصالح القوى المهيمنة، مقابل السماح للذين يطبقونها بـ"الاستقرار" في مراكزهم. من المنطقي أن تقتضي استعادة السيادة امتلاك القدرة على تسمية الذات بمفرداتها الخاصة إذا كانت تريد أن تكون ذات شخصية أصيلة منسجمة مع حقيقتها. ويقتضي التحرر الشامل امتلاك القدرة على إعادة تعريف المفاهيم، وإنتاج معرفة تصف السياق المحلي وتعكس همومه وأحلامه كما تعرفها بالخبرة المباشرة. عندئذ فقط ربما يبدأ العالم العربي مشروعه لاسترداد سلطته المعرفية، واللغوية -والسياسية.


الجزيرة
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
مجازر مايو 1945.. يوم "كافأت" فرنسا الجزائريين بدفنهم في قبور جماعية
مجازر 8 مايو/أيار 1945 من أفظع وأبشع الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر أثناء استعمارها. وقعت هذه المجازر في مدن سطيف وقالمة وخراطة شرقي البلاد. خرج الجزائريون بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في مظاهرات سلمية للمطالبة بحقهم في الاستقلال كما وعدتهم فرنسا مقابل مشاركتهم في تلك الحرب مع جيشها. وقد اتخذت الجزائر يوم 8 مايو/أيار يوما وطنيا للذاكرة، تقام فيه فعاليات رسمية وشعبية تخليدا لذكرى الضحايا. الخلفية التاريخية والسياسية عاشت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي من 1830 إلى 1962، وظل الجزائريون يعانون من التهميش والتمييز العنصري والقمع والاستغلال، ومن أبرز صور الاستغلال قانون التجنيد الإجباري الصادر في 3 فبراير/شباط 1912 بعدما كان تطوعا. تزامن هذا القانون واستعداد فرنسا لخوض الحرب العالمية الأولى في 1914، إذ سعت لتكثيف وحشد جبهاتها القتالية في أوروبا، ورأت في شباب الجزائر فرصة لذلك، لكن القرار واجه رفضا شعبيا واسعا. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية في 1 سبتمبر/أيلول 1939، وبعدما أعلنت ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر غزوها لبولندا ثم النمسا والتوجه إلى فرنسا، تأكدت الإدارة الفرنسية أنه من المستحيل وقف الآلة النازية إلا عبر تجهيز جيش وعتاد كبيرين. وكانت فرنسا قدمت وعودا للجزائريين مقابل مشاركتهم في الحرب العالمية الثانية، ومن ضمنها حصولهم على الحقوق المدنية والسياسية نفسها التي يتمتع بها الفرنسيون في أوروبا، وتحسين ظروف التعليم والرعاية الصحية وتخفيف القيود الاقتصادية المفروضة عليهم. كما وعدت الجزائيين بالمشاركة في الانتخابات المحلية أو المجالس الاستشارية ضمن نظام تمييزي يفصل بين الأوروبيين والمسلمين، وبإلغاء قانون التجنيد ومنحهم الحق في تقرير مصيرهم والمطالبة بالاستقلال. وجندت فرنسا عشرات الآلاف من الجزائريين وأجبرتهم على القتال في صفوف جيشها، وفي الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب بلغ عدد المجندين نحو 66 ألفا، وفي مارس/آذار 1940 وصل العدد إلى 89 ألفا. مساندة فرنسا في الحرب شارك المجندون الجزائريون في معارك عديدة بأوروبا دفاعا عن فرنسا، ومن بينها معركة مونتي كاسينو 1944 التي حدثت في جبال الأبينين بإيطاليا، وكانت إحدى أكثر المعارك دموية في الحرب، وكان لهم دور حاسم في كسر الدفاعات الألمانية رغم التضاريس الوعرة. وكانوا من أوائل الجنود الذين نزلوا في جزيرة كورسيكا لتحريرها من الاحتلال الألماني والإيطالي عام 1943، وأسهموا في العمليات العسكرية إلى جانب قوات فرنسية، وكانت هذه أول أرض فرنسية تتحرر بمشاركة قوات من شمال أفريقيا. وكانت معركة "إنزال بروفانس" في 15 أغسطس/آب 1944 من أضخم المعارك، إذ نزل المجندون الجزائريون على شواطئ بروفانس لمواجهة القوات النازية وشاركوا في تحرير مدن رئيسية مثل تولون ومرسيليا. وبعد ذلك الإنزال خاضوا معارك أخرى لتحرير منطقة الألزاس شمالي فرنسا من قبضة الألمان بجيش قوامه 260 ألفا، ورغم قسوة الظروف المناخية فإن المجندين الجزائريين شاركوا بفاعلية في إحكام السيطرة على المنطقة. ومع اقتراب نهاية الحرب واصل المجندون التقدم مع القوات الفرنسية لعبور نهر الراين عام 1945 حتى دخلوا إلى الأراضي الألمانية وأضعفوا آخر دفاعات النازيين وأرغموهم على الاستسلام في مايو/أيار 1945. ومن الأسماء البارزة التي شاركت في تلك المعارك علي بلقاضي من ولاية بجاية، وقد سلمه وزير الدفاع الفرنسي الأسبق جون إيف لودريان وسام فارس جوقة الشرف في 14 أغسطس/آب 2014، ومحمد أمزيان أوكاعور من منطقة تازمالت بولاية البويرة، وقد نال 4 تشريفات وميدالية عسكرية ووسام فارس جوقة الشرف. مظاهرات سلمية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية خرج الشعب الجزائري في مظاهرات سلمية في مختلف أنحاء الجزائر مطالبا فرنسا بالوفاء بوعودها وإطلاق سراح المعتقلين لديها، وفي مقدمتهم مصالي الحاج ، وهو أحد أبرز قادة ثورة التحرير الجزائرية التي طالبت بالاستقلال الكامل عن فرنسا. وكانت بداية المظاهرات السلمية، وفق ما ذكره المؤرخ والأديب الجزائري أبو القاسم سعد الله في كتابه "الحركة الوطنية الجزائرية"، قد حدثت في الأول من مايو/أيار 1945 في بسكرة ووهران وقالمة. وشارك في تلك المظاهرات عشرات الآلاف من الجزائريين رافعين الأعلام الوطنية ولافتات وشعارات مثل "حرروا مصالي الحاج"، و"من أجل تحرير الشعوب"، و"تحيا الجزائر حرة مستقلة"، و"تسقط الإمبريالية". وفي 8 مايو/أيار 1945 خرجت مظاهرات في مدينة سطيف وامتدت إلى قالمة لتعم بعد ذلك مناطق أخرى مجاورة، وخرج المتظاهرون أيضا في بعض المناطق الوسطى والغربية من الجزائر. ويقول فرحات عباس -وهو أول رئيس للحكومة المؤقتة الجزائرية- في كتابه "ليل الاستعمار": كان يوم ثلاثاء يعقد فيه السوق الأسبوعي الذي توافد إليه الناس من كل أقطار الوطن فخرج حوالي 15 ألفا كما توافد قرابة 200 عنصر من الكشافة الإسلامية الجزائرية. وانطلق الموكب في حدود الثامنة والنصف مارًّا بشارع إنجلترا ثم شارع جورج كليمونصو، رافعين راية الحلفاء (فرنسا و بريطانيا و الولايات المتحدة الأميركية و روسيا)، وكانوا ينشدون أناشيد الحرية والاستقلال. وفي حدود التاسعة والنصف وصلت المسيرة إلى مقهى فرنسا فخرج محافظ فرنسي يدعى "أوليفيري" واعترض الموكب وأمر أحد أطفال الكشافة ويدعى "بوزيد سعال" أن يعطيه الراية الوطنية لكنه رفض، فأطلق عليه الرصاص فكان أول شهيد يسقط في تلك المظاهرات. أما في مدينة خراطة فقد انطلقت المظاهرات في حدود الساعة العاشرة صباحا بعدما اعترضت مجموعة جزائرية مسلحة طريق الحاكم الفرنسي للمدينة واغتالته بالقرب من قرية عموشة، وسعت إلى تنفيذ عمليات أخرى. إعلان وفي التاسع من مايو/أيار من العام نفسه، أحرق المتظاهرون بعض المرافق السكنية والبريد المركزي وإدارة الضرائب والمحكمة، كما حاصروا رجال الدرك ومنزل لويس دوسكس، فقصفتهم القوات الفرنسية بالرشاشات الثقيلة والمدافع. وفي قالمة تجمع المتظاهرون في مركز المدينة ورفعوا الشعارات نفسها التي رفعت في مدينة سطيف، فأثاروا غضب الفرنسيين الذين تقول التقارير عن تلك الأحداث إنهم قتلوا الجزائريين بشكل عشوائي وأحرقوا الجثث في أفران الجير بهيليوبوليس. دمر الجيش الفرنسي القرى والبوادي بالطائرات الحربية، أما في المدن الكبرى فكانوا يحشدون الناس ويأمرونهم بحفر قبور جماعية، ثم يقسمونهم إلى مجموعات ويطلقون عليهم الرصاص بالرشاشات ويأمرون كل فوج بدفن من سبقه. وفضلا عن ذلك أمرت السلطات الفرنسية بإيقاف 4560 شخصا صدرت بحق بعضهم أحكام بالإعدام، وعوقب آخرون بالأشغال الشاقة. وحسب تقارير المؤرخ والصحافي الفرنسي شارل أندري جوليان، فإن عدد الجزائريين الذين تعرضوا للاعتقال بلغ 8560، منهم 3696 في إقليم قسنطينة و505 في وهران و359 في الجزائر العاصمة في نوفمبر/تشرين الثاني 1945. أما عدد الضحايا فقدر بما يقارب 45 ألف قتيل، في حين اعترفت الحكومة الفرنسية بقتل 1500 فقط. الآثار السياسية والاجتماعية شكلت هذه المجازر نقطة تحول في العلاقات الجزائرية الفرنسية على المستويين الرسمي والشعبي، كما أظهرت الوجه الحقيقي للاستعمار الفرنسي. وحولت هذه الأحداث الحركة الوطنية من حركة تطالب بالإصلاحات إلى حركة تدعو للنضال والكفاح المسلح، واعتبرت الجزائر تلك المجازر إعلانا غير رسمي لحرب طويلة الأمد، فبدأ عندئذ التحضير السري لتأسيس جبهة التحرير الوطني تمهيدا للثورة عام 1954. الموقف الفرنسي في عام 2005 وصف السفير الفرنسي لدى الجزائر هوبير كولان دو بيلاي المجازر بأنها "مأساة لا تغتفر"، وهي أولى التصريحات الرسمية التي صدرت عن فرنسا وتضمنت اعترافا شبه رسمي بتلك الجرائم. وفي مايو/أيار 2020 وصف الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون مجازر سطيف وقالمة وخراطة بأنها "جريمة لا تغتفر". وفي 2021 زار سفير فرنسا لدى الجزائر آنذاك فرانسوا غوييت مدينة خراطة بمناسبة إحياء الذكرى 76 للمجازر ووضع إكليلا من الزهور عند النصب التذكاري للشهيد "بوزيد سعال" ووقف دقيقة صمت ترحّما على روحه.


الميادين
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الميادين
ما أهداف احتكار السلاح وقرار الحرب والسلم؟ (1)
بينما تسارع دول "المنظومة الدولية" إلى تهديد وجود الكرة الأرضية، يرتكب الاستعمار الجديد جرائم الإبادة، ويسعى إلى نزع سلاح الردع من الجنوب العالمي، مستهدفاً في منطقتنا تسييد "اسرائيل الكبرى". التصويب الأميركي الدولي المحلّي على سلاح المقاومة لا يقتصر على نزع سلاح الحزب! لا صلة مباشرة بين مسألة احتكار الدولة للسلاح الشرعي وبين مسألة احتكار الدولة قرار الحرب والسلم. فهما مقولتان في حقلين مختلفين على وجهي نقيض: الأولى تعني الصراع الداخلي المسلّح بين قوى وشرائح المجتمع، والثانية تخصّ ثوابت الدول القويّة بالحرب لتوسّع النفوذ والمصالح، وثوابت الدول الضعيفة بالدفاع الوطني والردع بالسلاح للوصول إلى حماية السلم والمصالح الوطنية. إقتناص ماكس فيبر وتوماس هوبس بموازاة انهيار منظومة القطبين وحركات التحرّر في عالم الجنوب، بدأت منظومة ريغان ــ تاتشر (1980 ــ 1990) "الدولية" العمل على استثمار التحوّلات في النظام الدولي للسيطرة الجيوسياسية على شرقي القارة ووضع اليد على جنوبها. بهدف إخضاع الجنوب العالمي، اقتنص خبراء التلاعب بالعقول إثر الحرب الباردة، عالم الاجتماع ماكس فيبر (1864 ــ 1920) الذي انشغل بمسائل الحرب الأهلية في بريطانيا (حرب الممالك الثلاثة ــ 1640 و1670) وبالحروب الأهلية في فرنسا (ثورة 1790 والثورات المكمّلة 1830 و1848 وعامية باريس 1871) وخرج منها بقراءة سوسيولوجية لوقف ما رآه "العنف غير الشرعي" في الثورات الفرنسية على الرغم من تغييرها وجه التاريخ، وكذلك "عنف" ممالك ويلز وإيرلندا واسكتلندا ضد التاج البريطاني. اعتبر في رؤيته المعادية للثورات الاجتماعية التاريخية والمعادية للاصلاح السياسي، حق الحكومة الرسمية (الدولة) في النظام الاقطاعي القديم "احتكار العنف"، ومنعه عن ثوّار تغيير النظام وعن الديموقراطيين الرافضين لتسلّط الملَكية والاقطاع والكنيسة....، (محاضرتا ماكس فيبر في جامعة ميونيخ عامي 1917 و1919 نُشرتا في كتاب باللغة الفرنسية تحت عنوان "العالِم (الحكيم) والسياسي" عام 1959 مع نقديم ريمون آرون). قراءة سوسيولوجية منافية للتاريخ الاجتماعي والسياسي في تاريخ الصراع الاجتماعي والسياسي لم يكن الخلاف في داخل الدول الأوروبية طيلة القرنين السابع عشر والثامن عشر، على مبدأ احتكار الدولة سلاح العنف الشرعي. إنما كان الصراع على سلاح تغيير السلطة الملَكية ونظام الحكم الاقطاعي ــ الكنَسي القديم. وفي هذا الإطار رسّخ النشيد الوطني الفرنسي حتى اليوم شعار الثورة الفرنسية "إلى السلاح أيها المواطنون" من أجل تشييد الجمهورية وتغيير النظام الاقطاعي. وعلى عكس الولايات المتحدة، لم يهدف العنف السياسي والاجتماعي في أوروبا إلى "حق الشعب في اقتناء وحمل السلاح ضرورة لدولة حرّة" كما نصّ الدستور الاميركي عام 1791 وما زال معمولاً به حتى الساعة. لكن الدول الأوروبية (الدولة ــ الأمة) التي لجأت إلى الحرب فيما بينها، عمدت الى احتكار العنف والسلاح أثناء توسّعها فيما بينها وأثناء الغزو الاستعماري في الجنوب، ثم ضد تحرّر المستعمرات في أفريقيا وأميركا اللاتينية وإيرلندا والباسك وكاتالونيا وكاليدونيا... إلخ، واستخدمت في المستعمرات مقولة "احتكار الدولة العنف الشرعي ضد الارهاب والخارجين عن القانون". ولا يزال الأكثر فاشية وعنصرية يستخدمها اليوم لتبرير السلاح الحكومي في قمع الانتفاضات المطلبية واعتصامات الجامعات دعماً لغزة، وحتى المظاهرات الساخنة في البلدان الأوروبية، كما برّر إريك زمور وجماعة "الإحلال الكبير" عنف سلاح الشرطة ضد السترات الصفر، وضد قمع الفلاحين في سان سولين وضد انتفاضة الضواحي. في لبنان لا توجد مطالب بحمل السلاح بحسب الدستور الأميركي، ولا توجد مقاومة السلطة الشرعية بالسلاح منذ اتفاق الطائف. كما أن مقاومة حزب الله لم تمسّ شرعية السلطة من قريب أو بعيد ولا تقارب تغيير نظام الحكم بالسلاح أو حتى بالمعارضة السياسية. وبهذا المعنى يقرّ الحزب حق الدولة في "احتكار العنف الشرعي" الداخلي، وهذا ما يميّز حالة لبنان عن حالات سوريا واليمن وليبيا وتركيا والسودان والصومال وأفريقيا ...، حيث الصراع المسلّح هو على شرعية السلطة وعلى شرعية نظام الحكم. لكن الخلاف في لبنان هو على سلاح الدفاع الوطني بين الدول، وعلى سياسات الردع في بناء الدولة. فالتصويب الأميركي الدولي المحلّي على سلاح المقاومة لا يقتصر على نزع سلاح الحزب فحسب، بل يستهدف إزالة كل سلاح الدفاع اللبناني الحالي والممكن لاحقاً، وبناء "لا دولة" منزوعة من سلاح الدفاع والردع. الدفاع الحربي في عالم الجنوب لحماية السلم والمصالح الوطنية. برزت مسألة الحرب والسلم ملازمة لحروب مقاطعات "الامبراطورية الرومانية المقدّسة" وآل هابسبورغ في القرن السابع عشر، عندما غيّر "صلح وستفاليا" (1648 ــ 1657) كل الجغرافيا السياسية الأوروبية، وقلبَ الحروب الدينية (وهي بالحقيقة حروب الفلاحين والاقطاع والكنائس المختلفة) إلى حروب بين ممالك وإقطاعيي الدول الأوروبية، فاحتكرت كل مملكة سلاح الحرب بتعطيل سلاح مقاطعات الأمراطورية. يعود اليوم دعاة نزع سلاح الدفاع والردع من دول الجنوب إلى ذاك التاريخ في أوروبا، استناداً إلى الانتروبولوجي الانكليزي توماس هوبس (1588 ــ 1679) الذي كان مثل ماكس فيبر مشغولاً بالحرب الأهلية الانجليزية ومؤمناً بدولة الملَكية المطلقة. وقد يكون هوبس بين آوائل الذين فلسفوا مفهوم بناء الدولة الملكية ــ الاقطاعية في أوروبا من رحم الأمبراطورية الرومانية المقدّسة. واعتُبر مفهومه تأسيساً لولادة الدولة ــ الأمة قبل الثورة الصناعية والدولة القومية. لكنه رأى الحروب الأوروبية حينها نتيجة الطبيعة البشرية المجبولة على العنف بحيث يولد الانسان ذئباً للإنسان، وتؤدي طبيعته "إلى حرب الكل ضد الكل". ولتقريب تصوّره استعان بأسطورة الوحش البحري التوراتية "اللفيتان ــ سفر يونس"، في دعوته إلى منقذ "في داخل الحوت" يتجسّد بتصنيع حكومة (دولة) فوق الطبيعة البشرية، قائمة على الأخلاق المسيحية لكي تتكفّل بتهذيب الذئبية البشرية مقابل الطاعة العمياء لسيادة الحكومة ــ الدولة. عندها يتوقف بنظره العنف (الحرب) وتستقرّ ديمومة السلام بين العبد الطيّع وبين صاحب السيادة المطلقة مقابل قيام السيّد بواجباته الأخلاقية. انبعاث الهوبسية بحلّة عصرية العديد من فلاسفة وعلماء الاجتماع في أوروبا، تناولوا في عصر التنوير والعصر الحديث مسألة العنف والسلاح وعارضوا تصوّرات هوبس على وجه الخصوص، بالنظر إلى أن الحرب لا مفرّ منها بين الدول المبنيّة بطبيعة وجودها على توسّع النفوذ والمصالح، أوعلى منع التوسّع في الدفاع الوطني، وليس بسبب الطبيعة البشرية للشعوب. لكن الخلاصة التي وصل اليها هوبس مرتع خصب يقتنصه خبراء ومثقفو دعاة الاستعمار الجديد، لاستخراج إيديولوجية وبنية فوقية كاملة تتحكم بخضوع شعوب ودول الجنوب، لتسليم ثرواتها ومقدراتها إلى الأسياد الجدد كفعل حضاري عن طيب خاطر. ترتكز هذه الايديولوجية على ترويج ثقافة سياسية مفادها أن عالم الجنوب ليس شعوباً ومجتمعات عريقة الحضارة، بل جماعات عصبية ومكوّنات دينية وعرقية غريزية مجبولة بطبيعتها البشرية على العنف البربري. إقناع النُخب وناشطي الجنوب أن دولهم فاشلة أو مارقة بسبب طبيعة شعوبهم. لذا ينبغي تطبّعهم على فرض الرضوخ إلى أسياد "الشرعية الدولية"، مقابل تهذيب ذئبية طبيعتهم البشرية وتربيتهم على أخلاقيات "منظومة القيَم" الحضارية. وبين هذه القيَم ما يرُوج من تعابير ارتقاء الأفراد الأحرار إلى مصاف"المواطَنَة"، وإلى شروط صقل الطبيعة البرّية بأخلاقيات الرضوخ ونبذ العنف والكراهية والتسامح والحوكمة الرشيدة ... إلخ. فلسفة دحض الهوبسية قديماً وحديثاً إيمانويل كانط أحد فلاسفة التنوير المرموقين (1724 ــ 1804) دحَض مقولة هوبس بنقل الحرب والسلم من الماورائيات القائمة على النظر في الطبيعة البشرية وأخلاقيات العبد والسيّد، إلى تاريخ وأسباب طبائع الدول. فرأى الحرب علاقة صراع بين دولة مقابل دولة، متوافقاً مع باروخ سبينوزا (1632 ــ 1677) بأنه "لا يوجد أكبر من مأساة السلم تحت الخوف الذي يؤدي إلى العبودية". رأى احتكار الدولة قرار الحرب والسلم يعنى قرار حرب دائمة بين الدول، لا حلّ لها سوى إنشاء حكم عالمي يقوم على مبادىء الحق، ضمانة للسلم الدائم بين الدول. (مبادىء الحق والقانون، والسلام الدائم، 1795 ــ 1796). مونتسكيو وجان جاك روسو (1712 ــ 1778) تعمّقا أكثر من ذلك في أسباب الحرب بين الدول فيقول رسّو "إن الحرب ملازمة لوجود الدولة والمجتمع، ولا دولة ومجتمع من دون حرب". رأى أن حالة الحرب هي بالضرورة نتيجة وجود دولاً سيّدة وأخرى عبيدة ولا يمكن إنهاءها بسلام قانوني عالمي، بل "إن الحرب العادلة مبدئية وضرورة لسلام الدولة والمجتمع وضرورة لوجودهما".(رسّو، الحرب وحالة الحرب، الأعمال الكاملة، الجزء الثالث، غاليمار، 1964، ص 1899) واستمرّ الفلاسفة المعاصرون وعلماء الاجتماع بدحض المقولة الهوبسية كلٌ من زاوية رؤيته وفلسفته. لكنهم أجمعوا على أن الدول هي في حالة حرب دائمة، يحدّ من اندلاعها توازن الرعب والقدرة على الدفاع الوطني. ميشال فوكو( 1926 ــ 1948) يرى الحرب حقيقة تاريخية تفرض الدفاع عن المجتمع وحرية الأفراد (نشأة السيادة، محاضرة 4 شباط ـ فبراير، 1976). ريمون آرون الأكثر محافظَة بين الديموقراطيين (1905 ــ 1983) يرى أن الدولة ــ الأمة نشأت بالعنف المسلّح، فينبغي على كل إنسان حمايتها وأن يكون جندياً للدفاع عن حرّيته. "فالسلم بين الدول وهم والحرب من ثوابت التاريخ البشري، ولا مفرّ منها". (الحرب والسلم بين الأمم، كالمان ليفي، باريس، 1962). ولم يكن بين الفلاسفة وعلماء الاجتماع المرموقين، أو بين رجال الدولة الكبار، أيّ من دعاة حرب للحرب. لكن أغلبهم جدّ السعي لاستخلاص دروس وقائع التاريخ الأوروبي تحديداً. فسارعلى هدى حكمة الفيلسوف ورجل الدولة الروماني "جيل سيزار" الذي قال قبل الميلاد بمئة عام " من يسعى إلى السلم يحضّر الحرب".