logo
#

أحدث الأخبار مع #الآخر

العرب بين الأنا والآخر
العرب بين الأنا والآخر

الرياض

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • الرياض

العرب بين الأنا والآخر

«الأنا» العربية يجب أن تكون فاعلة لا مفعولًا بها، ومبادِرة بالخير والإصلاح ونقاء النيات لا شائبة ومتلقية، ويمكن أن نعيد صياغة علاقة متوازنة مع «الآخر»، علاقة تقوم على الاحترام والتبادل ووعي ببواطن الأمور والبحث عن الحق في مكانه لا على الحسد والغل، أو تسجيل المواقف السلبية وصناعة الصور النمطية وتراشق خطابات الكراهية.. في زمن تتغير فيه التحالفات ويُعاد فيه رسم خرائط القوة في العالم، تصبح وحدة الصف العربي دولا وشعوبا ضرورة لا رفاهية، فمصير الدول العربية مترابط، ومشكلاتها متشابهة، ومستقبلها لا يمكن أن يُبنى إلا على أساس من التقارب، والتعاون والتفاهم والاحترام المتبادل. العلاقات المثالية بين العرب ليست خيارات حالمة، بل خيار استراتيجي تتطلبه مصلحة الجميع. الواقع السياسي والوضع الاقتصادي يبرزان قضية جوهرية تتصل بهوية واتجاهات الإنسان العربي وتفاعلاته مع محيطه العالمي والإقليمي عامة، ومع محيطه العربي خاصة. وتعتبر هذه القضية تداخلاً بين الثقافات، وصراعاً في بعض الأحيان، وتفاهماً في أحيان أخرى. فالعلاقة بين "الأنا" العربي و"الآخر" -سواء كان الآخر غربياً أو شرقياً، قريباً أو بعيداً- ليست علاقة بسيطة، أو أحادية الاتجاه، بل هي علاقة مركبة، تتأثر في سطحها بالتاريخ والسياسة والدين والثقافة، وتتأثر في عمقها بالتوجيه الإعلامي والتواصلي الذي يسعى إلى تشكيل اتجاهات مقصودة خادمة لمسارات، أو توجهات أطراف، أو أحزاب وتيارات معينة. من أظهر وأثقل وأنشط مؤثرات التعرية في العلاقة مع الغير وبالذات الغربي حين بدأت تظهر بشكل واضح إشكالية النظرة إلى "الآخر" الغربي، بوصفه المستعمر والمتفوق علمياً وتقنياً، مقابل "الأنا" التي تعاني من التراجع والتبعية. هذا التباين ترك أثراً عميقاً في وجدان الإنسان العربي، حيث نشأت ثنائية معقدة تجمع بين الإعجاب بالغرب وتقدمه والتوجس منه، والرفض له باعتباره طرفا طفيليا يمثل تهديداً للهوية والانتماء يسعى لمصالحه الخاصة على حساب قيم ومصالح الشعوب. في حالة "الآخر" العربي وبرغم ما يجمع العرب من روابط دينية، وقومية، وتاريخية للأسف في أصلها تبرز أحيانًا نزعات انقسامية وتقاطعات متناقضة تغذيها المصالح السياسية الضيقة، والتدخلات الأجنبية، واختلاف الأولويات الوطنية. كما أن المواقف المختلفة من قضايا محورية كالقضية الفلسطينية، الأزمات في سورية والسودان وليبيا واليمن، أو حتى التعامل مع القوى الدولية الكبرى، أفرزت تحالفات متباينة وأحيانًا متضادة بين الدول العربية. وبدلًا من العمل الجماعي لمواجهة التحديات المشتركة وتنوير المواطن البسيط، يُنظر في بعض الأحيان إلى المحيط العربي باعتباره منافسًا، أو حتى خصمًا. وقد يكون ذلك بسبب الأداء والمحتوى الإعلام الموجه الذي صنع حالة من التعليب الفكري لفهم الآخر كما ترتبه وترغبه الآلة الإعلامية فصنعت جهلا مطبقا وتضخيما للأنا على حساب الآخر كرّس هذه الصورة السلبية لدى الفرد البسيط فتأطرّ المواطن العربي في قوالب مقصودة، وتوجهات محددة. فكانت النظرة المتبادلة بينهم كثيرًا ما تشوبها الشكوك والاتهامات، وتعززت بالانتقادات والمطالبات والعواطف المائلة عن الوعي، خاصة في أوقات الأزمات والنزاعات، وتأثرت بالأحداث السياسية والتحولات الإقليمية والدولية لذلك دوما ما تشهد العلاقات تذبذبا. من المنطق أن الخطاب الشعبي قد لا يعبر عن الخطاب الرسمي والعكس صحيح فقد يكون الخطاب الرسمي لا يعبر عن الخطاب الشعبي ولكن ما يحدث هو انفصال واقعي في استيعاب الأبعاد والغايات وبروز مأزق من العلاقة المربكة مع الآخر العربي بالذات، خصوصا أن الوسائل التواصلية التي سمحت للمواطن البسيط أن يسجل موقفا، أو يبدي رأيا في غالبه تشوبه الجهالة ومركب من النوازع والدوافع الفردية، فصار يتطفل ويتطرق لموضوعات هي أكبر من فهمه، ويتبنى اتجاهات متناقضة محمولة على متطلباته وأطماعه الخاصة. ويبقى القول: يحتاج المواطن العربي الذي يسعى لبث خطاب عدائي أن يرتب أولوياته ويتصالح مع ذاته وواقعه ويحاول تفهم مجريات الأمور بعيدا عن ميوله وتعصبه لفكرة معينة تقوده للانغلاق، أو التبعية. "الأنا" العربية يجب أن تكون فاعلة لا مفعولاً بها، ومبادِرة بالخير والإصلاح ونقاء النيات لا شائبة ومتلقية، ويمكن أن نعيد صياغة علاقة متوازنة مع "الآخر"، علاقة تقوم على الاحترام والتبادل ووعي ببواطن الأمور والبحث عن الحق في مكانه لا على الحسد والغل، أو تسجيل المواقف السلبية وصناعة الصور النمطية وتراشق خطابات الكراهية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store