logo
#

أحدث الأخبار مع #الأردو،

داعية المودودية في ديار العرب
داعية المودودية في ديار العرب

الشرق الأوسط

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

داعية المودودية في ديار العرب

كان الغرض من زيارة معتمد «دار العروبة للدعوة الإسلامية» بلاهور، مسعود الندوي، البصرة والزبير وبغداد والموصل وكركوك والكويت والرياض والطائف ومكة والمدينة، التعريف بـ«الجماعة الإسلامية»، ونشر كتب المودودي في هذه البلدان (العراق، الكويت، السعودية) وفي بلدان عربية أخرى؛ كسوريا ومصر. وكان يحمل معه في هذه الزيارة كتباً للمودودي، منها ما هو مترجم إلى العربية، ومنها ما هو مترجم إلى الإنجليزية، ومنها ما هو بلغة المودودي الأصلية، لغة الأردو، ومنها ما يعمل هو ومساعده محمد عاصم حداد على ترجمته من لغة الأردو إلى العربية، ويحمل معه أيضاً مناشير دعائية في بضع صفحات عنوانها «دعوتنا». هذه الزيارة أو هذه الرحلة دوّن يومياتها في كتابه (شهور في ديار العرب). بتاريخ 14 يوليو (تموز) 1949 - كما سجّل في يوميات هذه الرحلة - انتهى من قراءة كتاب سيد قطب (العدالة الاجتماعية في الإسلام). وكان من الملحوظات التي قالها عن هذا الكتاب وعن مؤلفه، ملحوظة قالها عن مؤلفه تهمنا في موضوعنا، وهي «بداية التسلل المودودي إلى دمشق والقاهرة»، وهي قوله: «ولا يدري المسكين أن هناك في الهند وباكستان من انشغلوا وانهمكوا، وغرقوا في وضع الأفكار الرامية إلى التطبيق العملي لهذا الحلم. إن إطلاعه على هذا الأمر يدخل في صميم أعمالنا». يشير مسعود الندوي هنا إلى «الجماعة الإسلامية» في باكستان والهند، وإلى واضع أفكارها أبي الأعلى المودودي. ويدعي في هذه الإشارة أن «حلم» العدالة الاجتماعية الإسلامية متحقق في مجتمع «الجماعة الإسلامية» الذي حين كتب ملحوظته هذه كان له من العمر سبع سنوات وأحد عشر شهراً! هذا «المجتمع» نشأ أول ما نشأ في مدينة لاهور، وبعد أن أمضى فيها عشرة أشهر «هاجر» بقيادة المودودي إلى قرية نائية سموها بـ«دار الإسلام». «هاجر» من هذا «المجتمع» إليها «ليكون بعيداً عن المدن ووسائل الحضارة الحديثة ومفاسدها»! الباعث على ملحوظة مسعود الندوي التي سلفت، هو أنه لما قرأ كتاب سيد قطب «العدالة الاجتماعية في الإسلام»، رأى أنه في كتابه لم يستعن بكتاب من كتب المودودي التي كانوا في «دار العروبة للدعوة الإسلامية» ترجموها إلى العربية. ما عزم عليه مسعود الندوي من إرادة وهي إطلاع سيد قطب على كتب المودودي تحقق، فلقد اطلع سيد قطب على بعض كتب المودودي، وتابع الاطلاع على جديدها المترجم إلى العربية في دار الفكر بدمشق في أثناء سجنه. في البداية كان سيد قطب لا يشير إلى أنه يستفيد منها كمصدر لتنظيراته الإسلامية، وتالياً صار يفصح عنها كمصدر. تعرّف مسعود الندوي - لأول مرة - على دعوة الإخوان المسلمين في العراق من خلال شبان عراقيين معتنقين لهذه الدعوة، فقرأ الجزء الأول من سيرة حسن البنا التي كتبها عن نفسه، واقتنى أعداداً من مجلة «الإخوان المسلمين»، التي تصدر من القاهرة والتي أهداها إياه بعض أولئك الشبان، فهو كان يجهل أمر دعوة الإخوان المسلمين، علماً بأنه يتقن العربية، ويحسن الكتابة بها والترجمة إليها من لغة الأردو ببيان واضح وأسلوب قويم، إضافة إلى أنه كان ينشر في بعض مجلات إسلامية عربية. في هذه الرحلة وقف مسعود الندوي بنفسه على حقيقة هي: أن الذين قرأوا ما ترجم من كتب المودودي إلى العربية عددهم قليل جداً في المدن العربية التي زارها. ومن هذا العدد القليل جداً السوري محمد كمال الخطيب، المدير المسؤول لـ«مجلة التمدن الإسلامي» السورية الذي التقاه عند الشيخ أمجد الزهاوي ببغداد بتاريخ 16 مايو (أيار) 1949. ذكر مسعود الندوي أنهما تعارفا قبل خمسة عشر عاماً من هذا اللقاء المباشر بينهما عبر المراسلة، فالندوي يرسل له في دمشق مجلة «الضياء» التي تصدر باللغة العربية والتي كان هو أحد كتّابها، ومحمد كمال الخطيب يرسل له في الهند مجلة «التمدن الإسلامي». الخطيب أخبر الندوي في هذا اللقاء أنه قرأ كتاب المودودي «نظرية الإسلام السياسية»، وأنه كتب عنه في مجلة «التمدن الإسلامي»، فأعطاه الندوي في الحال كتابين آخرين للمودودي، ووعده بإمداده بثلاثة كتب أخرى للمودودي فيما بعد. وفي اللقاء الذي أمده بالثلاثة الكتب المودودية الأخرى، كان محمد كمال الخطيب يحمل معه عدداً من مجلة «التمدن الإسلامي» يتضمن عرضاً موسعاً لكتاب المودودي «الدين القيّم». وكانت هذه المجلة - كما يذكر الندوي - قد نشرت في عددين سابقين نبذة مختصرة عن هذا الكتاب. بتاريخ 1 يوليو نشرت مجلة «المجمع العلمي العربي» بدمشق مقالاً لمسعود الندوي - وكان لا يزال زائراً للعراق - عنوانه (ثلاث رسائل من منشوراتنا العربية). قال في مقدمته: «هذه ثلاث رسائل من منشوراتنا العربية: (1) نظرية الإسلام السياسية (2) منهاج الانقلاب الإسلامي (3) الدين القيم، نبعث بها إليكم لتروا فيها رأيكم وتلاحظوها بعين النقد وتنوهوا (Review) بها في مجلتكم الزاهرة». وفي هذا المقال شرح طريقتهم في «دار العروبة للدعوة الإسلامية» في تعريب هذه الرسائل الثلاث، وعرّف بها وبـ«الجماعة الإسلامية» وبدارهم «دار العروبة» تعريفاً مقتضباً. وذكر أنها ستتلو هذه الرسائل الثلاث رسائل أخرى معرّبة من الأردية ومؤلف بعضها بالعربية من غير ترجمة. وأرفق مع المقال فهرساً بالمصطلحات الحديثة المستعملة في الرسائل الثلاثة التي دخلت إلى لغة الأردو من اللغة الإنجليزية، مع ما يقابلهما من ألفاظ في اللغة العربية. بتاريخ 1 ديسمبر (كانون الأول) 1949، نشرت مجلة «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثلاثة مقالات عن رسائل المودودي الثلاث: «نظرية الإسلام السياسية»، «منهاج الانقلاب الإسلامي»، «الدين القيم»، كتبها محمد بهجة البيطار. وحين صدر هذا العدد في التاريخ الذي ذكرناه، كان مسعود الندوي ومساعده محمد عاصم حداد على أهبة الاستعداد للعودة من الحجاز إلى كراتشي بباخرة اسمها بالأردية «جل دركا». في كل مقالة من هذه المقالات الثلاث قدم محمد بهجة البيطار تعريفاً موجزاً برسائل المودودي الثلاث. في المقال الأول، قال عن رسالة «نظرية الإسلام السياسية» من ناحية أسلوب ترجمتها إلى العربية: «إن هذه النظرية مترجمة عن الأردية، وهي فصيحة المفردات، صحيحة الأسلوب، ناصعة البيان، ليس فيها أثر للعجمة، كأنما ألّفت بلغة الضاد». وكان من بين ملحوظات مسعود الندوي على كتاب «العدالة الاجتماعية في الإسلام» ملحوظة أسلوبية؛ إذ قال عن أسلوب كاتبه سيد قطب: «ليس من شك في أنه يتصف بقوة البيان إلا أن أسلوب البيان الغربي يسيطر على الألفاظ العربية، كما في أسلوبه ولغته أيضاً الصراع بين القديم والجديد في اللغة العربية وأدبها، وكاتب هذه السطور يميل بطبعته إلى الأسلوب القديم، ويريد أن يرى اللغة العربية قريبة من لغة القرآن الكريم». وللحديث بقية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store