أحدث الأخبار مع #الإنسان_العاقل


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- علوم
- صحيفة الخليج
من الحضارات الكونية إلى شوقي
هل ترى في جديد الفيزياء الفلكية بصيص أمل لمنجاة البشر من تراجيكوميديا أسطورة سيزيف، منذ بدء الخليقة؟ لا بارك الله في ميراث الأساطير اليونانية، فالهارب من نيران بروميثيوس، واقع كلّ حين في بؤرة الشرور، صندوق باندورا. مجلة «ذي أستروفيزيكال جورنال» (مجلة الفيزياء الفلكية)، نقلت عنها مطبوعات ومواقع علمية كثيرة، طوال السنتين الماضيتين، أن في مجرّتنا سكّة التبّانة وحدها، ما لا يقلّ عن ست وثلاثين حضارةً ذكيّةً في منظومات شمسيّة شتّى. دعك من السخرية الفاقعة المبطّنة، فحضرات العلماء يقيسون الذكاء على ما يتجلى في ألمعيّة أهل كوكبنا. تخيّل أن تكون تلك الكائنات تملك قدرات فيزيائيةً تُعدّ القنابل النووية في عالمنا قياساً عليها، بمثابة عود ثقاب، لا بل شرارة لعبة ناريّة في أيدي الأطفال. هل يستقيم في تفكّر عاقل، أن يكون نموذج أحفاد النياندرتال والإنسان العاقل، دستور نشوء وقهقرى في مجرّات الكون؟ ليس مهمّاً أن نعرف تفاصيل الحسابات والمعادلات، التي أوصلت أدمغة الفيزياء النظرية، إلى أن أقرب تلك الحضارات إلينا تقع على مسافة سبعة عشر ألف سنة ضوئية. أي، عندما يتسنى السفر بسرعة الضوء، ويصير المسافر ضوءاً. السنة الضوئية، وهي مجرّد «فركة كعب» في الكون، مقدارها نحو من عشرة آلاف مليار كيلومتر. لتقريب الصورة: إذا حزم أولئك الذين ستستضيفهم الأرض بعد مئة وسبعين قرناً، حقائبهم الضوئية، وعبروا الفضاءات بسرعة الضوء، فإن الأرضيين سيغنون لهم: «يا ضيفنا لو زرتنا»، سنة تسعة عشر ألفاً وربع قرن. البقية أبعد، وقطر مجرتنا مئة ألف سنة ضوئية. لكن، لا يأس مع الأمل، فليس من المعقول أن تكون الحضارات الذكية المزعومة الست والثلاثون، كلها على شاكلة الذكاء الذي قاسته الأرض، منذ ظهور الإنسان العاقل. من حقك ألاّ تصدّق الأقلام في خطراتها وخطرفاتها، وشطحاتها ونطحاتها. كل ما هنالك إذا خامرك الشك، فالبيّنة على من ادّعى. ماذا تقول للقلم، وقد ادّعى أنه رأى، في ما ترى الأمم ذوات الطرف الناعس، أمير شعرائنا شوقي، وهو يعلن تعديل بيته الشهير، ليكون: «أحرامٌ على مرابعنا العيشُ، حلالٌ للخلق من كل جنسِ»؟ وصاح مزمجراً: متى ستظفر هذه الأمّة العريقة بالفرصة التي تتيح لها استئناف حضارتها العالمية، التي أشرقت قروناً على المشارق والمغارب؟ متى ستحظى بنشر إشعاع التنمية الأصيلة الفريدة؟ وختم الشاعر العملاق بيانه صادحاً: حتّام سيطول شوقي، إلى شروق الشرق؟ لزوم ما يلزم: النتيجة الفيزيائية: لكي تتوحّد الأمّة تحتاج إلى مركز جاذبية فكري يجمع شتات المكوّنات، ومن قوّة التلاحم تشرق الشمس.


الإمارات اليوم
منذ 13 ساعات
- علوم
- الإمارات اليوم
الوجود البشري في «جبل الفاية» ممتد منذ 210 آلاف عام
أكدت دراسة بحثية نشرتها مجلة «العلوم الأثرية والأنثروبولوجية»، التابعة لمؤسسة النشر العلمية الرائدة «سبرينغر نيتشر»، أن البشر الأوائل عاشوا في «جبل الفاية» بالشارقة قبل 80 ألف عام، وتقدم الطبقة الأثرية التي تناولتها الدراسة للمرة الأولى في التاريخ، قيمة مضافة من الأدلة العلمية الحديثة على التاريخ البشري الممتد إلى أكثر من 210 آلاف عام في هذه المنطقة. ويُشكل هذا الاكتشاف محطة فارقة في الجهود الجارية لترشيح ملف «المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية» إلى قائمة التراث العالمي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ما يعزز من الأهمية العالمية لموقع «جبل الفاية» كموقع أثري رئيس يُسلّط الضوء على بدايات انتشار الإنسان العاقل في أنحاء العالم. وتشدد نتائج الدراسة على أهمية «الفاية» كموقع محوري لفهم تحركات الإنسان العاقل المبكر، وتكيّفه، واستراتيجيات بقائه في بيئات صحراوية قاسية ومتغيرة في شبه الجزيرة العربية، مؤكدة أن المشهد الطبيعي في «الفاية» لم يكن مجرد ممر عبور ضمن رحلة الهجرات البشرية، بل كان موقعاً مهماً ومستداماً للسكن والاستقرار والتقدم البشري. وجاءت هذه الدراسة ثمرة لتعاون دولي بين هيئة الشارقة للآثار، وجامعة توبنغن (ألمانيا)، وجامعة فرايبورغ (ألمانيا)، وجامعة أوكسفورد بروكس (المملكة المتحدة)، وبتمويل ودعم من مؤسسة البحوث الألمانية (DFG)، وأكاديمية هايدلبرغ للعلوم والعلوم الإنسانية (ألمانيا). وتكمن أهمية هذه الدراسة في توثيق النشاط البشري في «جبل الفاية» خلال نهاية مرحلة مناخية محورية تُعرف باسم «المرحلة الخامسة من النظائر البحرية»، وهي فترة شهدت تغيرات مناخية كبرى في تاريخ شبه الجزيرة العربية، ويوضح رئيس البعثة الأثرية الألمانية في الشارقة الباحث الرئيس في الموقع، الدكتور كنوت بريتزكي، السياق قائلاً: «كانت هذه المرحلة أشبه بتأرجح مناخي واسع، حيث شهدت درجات الحرارة وهطول الأمطار تقلبات حادة، وتسببت الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهندي في فترات رطبة متقطعة، حوّلت الصحراء القاحلة إلى مزيج من البحيرات والمراعي الخصبة، وهذه الظروف لم تكن مجرد استثناء بيئي، بل وفرت موطناً مستداماً للبشر الأوائل، وهو ما يتعارض مع الافتراضات السابقة التي اعتبرت المنطقة مجرد معبر للهجرات». لكن المناخ وحده لا يروي القصة كاملة، فما يميّز سكان «الفاية» الأوائل حقاً هو الأدوات التي صنعوها، والطريقة التي صنعوها بها، فعلى عكس المواقع الأخرى في شمال شبه الجزيرة العربية التي تضم أدوات حجرية ذات أشكال مثلثة أو بيضاوية، تكشف المكتشفات في «الفاية» عن بصمة تقنية مختلفة، هنا استخدم البشر الأوائل تقنية متقدمة تُعرف بـ«الاختزال ثنائي الوجه»، وهي منهجية دقيقة تتضمن الطرق على نواة الحجر من جهتين لتشكيل نصال طويلة وحادة. وقال مدير عام هيئة الشارقة للآثار، عيسى يوسف، وأحد المساهمين الرئيسين في البحث: «تشير نتائج الدراسة في (الفاية) بشكل واضح إلى أن المرونة والإبداع والرغبة في التكيّف هي من أقوى سمات الطبيعة البشرية، خصائص جعلتنا من أقدم الأنواع التي أتقنت فنون البقاء على كوكب الأرض، والأدوات التي تم اكتشافها تعكس عمق العلاقة بين الأرض والإنسان، ومع استمرارنا في دعم ملف الفاية إلى قائمة التراث العالمي، نشهد كيف يمكن لاكتشافات الماضي أن تُلهم الحاضر، وتربطنا ببعضنا بعضاً في المستقبل». ولا تقف أهمية الدراسة عند حدودها العلمية، بل تتجاوزها إلى تقديم نموذج رائد لكيفية الجمع بين العلوم الدقيقة والسرد الأثري لتعزيز الوعي العام والأكاديمي بالماضي الإنساني المشترك. وإضافة إلى ثقلها العلمي، تُسلّط الدراسة الضوء على دور الشارقة المتقدم في ريادة البحث الأثري وحماية التراث الثقافي الإنساني.