logo
#

أحدث الأخبار مع #الاتصال_الرقمي

كيف تستخدم أميركا كابل الإنترنت الذي لا نراه في التجسس؟
كيف تستخدم أميركا كابل الإنترنت الذي لا نراه في التجسس؟

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • علوم
  • الجزيرة

كيف تستخدم أميركا كابل الإنترنت الذي لا نراه في التجسس؟

العالم اليوم يعتمدُ بشكلٍ متزايدٍ على الاتّصال الرقْمي، وتقفُ خلفَ هذا الاعتماد بنية تحتيّة حيوية لكنها غير مرئية تدير الإنترنت العالمي، وتؤمّن تدفق البيانات والمعاملات المالية على نحو مذهل. تتمثلُ هذه البنيةُ في كابلات الألياف الضوئية البحرية، التي تنقل أكثر من 95% من حركة البيانات الدوليّة، وتدعم معاملات مالية تُقدَّر بحوالي 10 تريليونات دولار يوميًا. ورغم هذا الدور الجوهريّ، تبقى هذه الشبكة الدقيقة والهائلة في طيّ النسيان، مهملة من حيث الحماية، رغم أنَّها تمثّل العصب الفعلي للاقتصاد الرقْمي العالمي. تمتدّ هذه الكابلات، التي لا يتجاوز قُطرها بوصتين، لمسافات تتجاوز 1.2 مليون كيلومتر عبر المحيطات، وتتكوّن من ألياف ضوئية رفيعة محاطة بطبقات من النحاس والبلاستيك والفولاذ، لحمايتها من الضغوط الهائلة والتيارات المائية. وبفضل هذا التصميم، تستطيع الكابلات البحرية نقل بيانات بسرعة تصل إلى التيرابايت في الثانية، ما يجعلها الخيار المثالي لتطبيقات تتطلب زمنَ انتقالٍ منخفضًا مثل الخدمات السحابية، البث الحي، والتعاملات المالية، وهي بذلك تتفوق بشكل واضح على الأقمار الصناعية التي تبقى سرعتها محدودة وزمن تأخيرها أكبر. رغم التصوّر الشائع، فإن الاعتماد على الأقمار الصناعيّة في نقل البيانات الدوليّة لا يتجاوز بضع نسب مئويّة، لأنّ الكابلات البحرية أكثر كفاءة وأقلّ تكلفة وأسرع استجابة. ويتمُّ تثبيت هذه الكابلات عبر سفن متخصّصة تُطلقها في أعماق المحيطات وفق مسارات مدروسة بعناية لتجنّب مناطق الزلازل والتيارات القوية والانهيارات الأرضية. لكن المفارقة أن أكثر من 70% من الأعطال التي تصيب هذه الكابلات سببها أنشطة بشرية مثل الصيد الجائر، أو إلقاء المراسي البحرية، وليس الكوارث الطبيعية، أو هجمات الحيوانات البحرية كما يُشاع. ورغم الطبيعة التقنية لهذا القطاع، فإن الجانب السياسي والأمني فيه حاضر بقوّة. فالكابلات البحرية تمثّل أصلًا إستراتيجيًا تمسّ الحاجة إلى حمايته في زمن التّوترات الجيوسياسيّة. فعلى سبيل المثال، أنشأت أستراليا مناطق بحريّة محمية حول مسارات الكابلات لمنع إلحاق الضرر بها، في حين تعتمد القوات المسلّحة الأميركية عليها بشكلٍ مباشرٍ لنقل بيانات استخباراتيّة بين قواعدها ومراكز القيادة. أي انقطاع في هذه الكابلات يمكن أن يؤدّي إلى شلل في الخدمات، وتأخير في العمليات العسكرية، وانهيار في الأسواق المالية، ولو لساعات. تاريخيًا، لم تكن هذه الكابلات بمعزل عن الحروب. ففي عام 1959، قطعت خمسة كابلات أميركية تحت المحيط الأطلسي في ظروف غامضة، واتّهمت واشنطن آنذاك السفن السوفياتية بالقيام بعملية تخريبية متعمدة. وفي العصر الحديث، كشفت تسريبات إدوارد سنودن عن قدرة وكالة الأمن القومي الأميركية على التنصت على البيانات العابرة من خلال نقاط التقاطع في الكابلات، وهو ما دفع بعض الدول مثل البرازيل إلى إنشاء كابلات جديدة تتفادى المرور عبر الولايات المتحدة. في السنوات الأخيرة، تصاعدت المخاوف من الهجمات المقصودة. ففي عامَي 2023 و2024، تضرّرت كابلات بحرية في بحر البلطيق والبحر الأحمر تحت ظروف اعتُبرت مشبوهة، ما أعاد طرح سؤال الأمن البحري في سياق الجغرافيا السياسية. هذه الحوادث، التي يبدو بعضها جزءًا من صراعات خفيّة، أكدت هشاشة هذه البنية الأساسية رغم قوتها التقنية. ولمواجهة هذه التحديات، لجأت شركات مثل غوغل وميتا إلى بناء كابلات خاصة بها، مثل الكابل البحري "Dunant" الذي يعبر الأطلسي وينقل 250 تيرابايت في الثانية، وهو ما يشير إلى سباق صامت بين القوى التكنولوجية العالمية لامتلاك شبكاتهم الخاصة والمحمية. ولا تقتصر أهمية هذه الكابلات على الدول المتقدمة فقط، بل تمتد إلى الدول ذات المواقع الجغرافية الحساسة. فمصر، على سبيل المثال، يمر بها أكثر من 16 كابلًا بحريًا رئيسيًا تربط بين آسيا وأوروبا، مما يمنحها موقعًا إستراتيجيًا عالي الأهمية في خريطة الاتصالات العالمية. ومع ذلك، فإن هذه الأهمية لا ترافقها دائمًا سياسات حماية أو استثمار تتناسب مع حجم الأصول "الجيوسيبرانية" التي تمتلكها. تبقى كابلات الإنترنت البحرية بمثابة شبكة الحياة الرقمية للعالم الحديث. فهي تحمل الاقتصاد العالمي، وتغذي المعاملات والمعلومات لحظة بلحظة، لكنها في الوقت نفسه تفتقر إلى الحماية الكافية، وتُدار غالبًا من قبل شركات خاصة، في غياب إطار دولي ملزم. وإذا ما استمرّ هذا الوضع، فإن السؤال لم يعد هل ستُستهدف هذه الكابلات، بل متى، وكيف سيؤثر ذلك على عالم يعتمد أكثر من أي وقت مضى على تدفق غير منقطع للبيانات. على ضوء ما تقدم وفي ظلّ تسارع التنافس الجيوسياسي والتقدم التكنولوجي، تبرز الكابلات البحرية ليس فقط كبنية تحتية رقمية، بل كأصل إستراتيجي ذي حساسية فائقة. ومع أن الاعتماد عليها سيستمر لعقود قادمة، فإن مستقبلها لن يُحدد فقط بتطور السرعات أو تحسين الطبقات العازلة، بل بمدى قدرة الدول والمنظمات الدولية على صياغة منظومات حوكمة وتأمين جماعيّة. فالعالم مقبل على مرحلة تصبح فيها السيطرة على البيانات، لا على الأرض، هي جوهر القوة. وفي هذا السياق، قد تتحول أعماق المحيطات إلى ساحة صراع جديدة، صامتة ولكنها شديدة التأثير. فالكابلات البحرية ليست مجرّد أنابيب بيانات، بل شرايين عالم معولم يُعاد تشكيله، حرفيًا، من تحت سطح البحر. عربيًا ما زال الحضور في مشهد حوكمة هذه البنية التحتية هامشيًا، إن لم يكن غائبًا تمامًا. فلا توجد إستراتيجية عربية موحدة لحماية هذه الكابلات، ولا رؤية واضحة للاستثمار فيها أو للمشاركة في تطوير معايير أمنها وتشغيلها. في عالم تُدار فيه القوة من خلال السيطرة على تدفق البيانات، فإن تجاهل العمق الإستراتيجي للكابلات البحرية يُعد نوعًا من القصور الإستراتيجي. فهل سيبقى العرب مجرد ممر عبور للكابلات، أم إن هناك من سيلتفت لهذا المشهد ويصبح طرفًا فاعلًا في رسم خريطة الأمن الرقمي العالمي!

مؤتمر الاتصال الرقمي: القيمة والتفاعل
مؤتمر الاتصال الرقمي: القيمة والتفاعل

العربية

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • علوم
  • العربية

مؤتمر الاتصال الرقمي: القيمة والتفاعل

اليوم تتجسد الريادة في المملكة العربية السعودية باحتضان مثل تلك المؤتمرات العلمية وجمع شمل المهتمين والخبراء الذين قدموا محاضرات رائعة ومفيدة، وأثروا النقاشات والمناقشات في الجلسات المختلفة.. بمبادرة من كلية الاتصال والإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز، انطلق مؤتمر الاتصال الرقمي بوصفه منصة علمية ومرجعية أكاديمية ومهنية للأكاديميين والمهنيين لتعزيز ريادة المملكة العربية السعودية في مجال الاتصال الرقمي انطلاقاً من رؤية المملكة العربية السعودية 2030م. وهدف إلى تجسير العلاقة بين الأكاديميين والمهنيين لمواكبة التطورات التقنية، وإيجاد مرجعية تخصصية لمتابعة التغيرات المهنية في مجال الاتصال، وتنمية المعرفة والمهارات المنشودة للمهتمين. حقيقة وكأحد المشاركين في الجلسات العلمية بورقة تحدثت فيها عن فكرتي النظرية التي عنونتها بـ 'تمثلات نظرية القيم الطارئة في الوسائل التواصلية'. فقد كان هذا المؤتمر فرصة رائعة لتبادل الأفكار والخبرات في مجال الاتصال الرقمي، وقد ساهم في تعزيز التواصل بين الخبراء والباحثين في هذا المجال. كما تميز المؤتمر بجلساته المثرية والمتخصصة، التي تناولت مواضيع مهمة ومتنوعة في مجال الاتصال الرقمي. وقد استفدنا جميعًا من الحضور والاستماع إلى الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، والذين قدموا مختصرات دراساتهم، وخبراتهم، وأوراق أعمالهم، ومحاضراتهم القيّمة. كما أن المشاركة في هذا المؤتمر مثّل فرص مهمة ولقاءات غنية بالتعارف والتشاور والتحاور وتبادل الأفكار والآراء وعززت قيم التواصل والتعاون بين الباحثين في مجال الاتصال الرقمي، وساهم في وضع رؤى متقاربة ومتناغمة لتطوير هذا المجال وتحسين ممارساته. كما مثّل هذا المؤتمر خطوة مهمة في سبيل تعزيز المعرفة عبر إطلاع الزائرين والمشاركين على المحتوى المعروض وحفز على إثارة أفكار للابتكار في مجال الاتصال الرقمي. ولاشك أن مثل هذه المؤتمرات لها دور مهم في وضع تصورات وتوصيات مهمة تفيد المجتمع علمياً وإنتاجياً وهذا ما تحقق فعلاً بترتيب توصيات كثيرة وإبرازها للمهتمين في ختام هذا المؤتمر.. وأرى حقيقة هناك بعض النقاط المهمة يمكن أن يستفاد منها المهتم في المجال الاتصالي بشكل عام والرقمي خاصة. فمثلاً هناك ضرورة لتداول فكرة الاستثمار في البنية التحتية للاتصال الرقمي بالتنسيق بين القطاعات الفاعلة الحكومية والخاصة، بما في ذلك شبكات الاتصال السريعة والآمنة، وتشجيع الابتكار في مجال الاتصال الرقمي من خلال دعم البحث والتطوير وتوفير بيئة داعمة للإبداع. وليت يتم إنشاء منصة رقمية تتبناها الجامعة ممثلة في كلية الإعلام والاتصال لتبادل المعرفة والخبرات، وإقامة مناشط رقمية كورش عمل وندوات لتدريب الأفراد والمنظمات على مهارات الاتصال الرقمي. كذلك من المهم جداً تفعيل مبادرات لتعزيز الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي من خلال توفير برامج التدريب والتوعية وفتح المجال لمشاركة المقترحات عبر حاضنة علمية تشرف عليها الجامعة. كنت أتمنى من باب المسؤولية الاجتماعية فيما يخص القطاع الخيري تبني الجامعة مبادرة داعمة لمجال الاتصال والتواصل الرقمي في هذا القطاع الشامل للجمعيات والجهات الخيرية التي تحتاج لهذا النوع من الدعم وقد لا تجد فرصة لتطوير جهودها وتنظيماتها الرقمية مع حاجاته الملحة لذلك وقد تجد صعوبات بسبب شح الموارد أو عدم وجود إمكانات. والكل يأمل أن تثري مخرجات هذا المؤتمر واقعنا المهني والاتصالي، وأن يتم استثمار التوصيات والمقترحات وتقديمها للجهات المعنية، بما في ذلك الجهات الحكومية والمنظمات والشركات ونشر أوراق العمل والبحوث المقدمة. ويبقى القول: اليوم تتجسد الريادة في المملكة العربية السعودية باحتضان مثل تلك المؤتمرات العلمية وجمع شمل المهتمين والخبراء الذين قدموا محاضرات رائعة ومفيدة، وأثروا النقاشات والمناقشات في الجلسات المختلفة. وأود أن أشكر الجامعة العزيزة وكلية الإعلام والاتصال وجميع المنظمين الذين عملوا بجد واجتهاد لضمان نجاح هذا المؤتمر. وأتمنى لهم التوفيق والنجاح في المستقبل. كما أود أن أدعو جميع المشاركين إلى استمرار التواصل، وعدم الانقطاع، ومواصلة العمل والتعاون في مجال الاتصال الرقمي، لتحقيق المزيد من الإنجازات والابتكارات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store