أحدث الأخبار مع #البيتالشيعي


موقع كتابات
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- موقع كتابات
الانتخابات المقبلة.. بين انقسامات داخلية وتحولات إقليمية معقدة
تتجه الأنظار داخلياً وخارجياً صوب الانتخابات المقبلة، التي تأتي في ظرف دقيق يختلف عن جميع المحطات الانتخابية السابقة. فالعراق اليوم يقف عند مفترق طرق حاسمة، وسط تصاعد الضغوط الداخلية، وتغيرات إقليمية كبرى تشي بإعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة برمّتها. هذه الانتخابات، إن قُدّر لها أن تُجرى في موعدها، ستكون اختباراً صعباً لجميع الأطراف، بين محاولات إعادة إنتاج السلطة وبين تطلعات التغيير الشعبي الذي طال انتظاره. ترشح السوداني: طموحات مشروعة أم تحدٍ للإطار التنسيقي؟ إعلان رئيس الحكومة محمد شيّاع السوداني عزمه خوض الانتخابات المقبلة لم يكن مفاجئاً بحد ذاته، لكنه جعل الإطار التنسيقي في صدمة، الذي جاء به إلى رئاسة الحكومة بعد أزمة سياسية خانقة عام 2022. السوداني الذي سعى خلال ولايته إلى تقديم نفسه كرجل دولة متوازن، يعتقد أنه نجح في بناء صورة مستقلة، مستفيداً مما قدمه من بعض الخدمات والانفتاح المحدود على القوى الإقليمية والدولية. هذا التوجه أثار امتعاض الإطار، الذي ينظر إلى السوداني كصنيعة لم يكن يفترض بها أن تتمرد على بيت الطاعة السياسي، خاصة نوري المالكي، الذي يرى فيه تهديداً لوحدة البيت الشيعي. مصادر مطلعة تتحدث عن توترات داخلية، مع محاولات إيرانية لاحتواء الخلافات، خشية أن تضعف القوى الشيعية أمام منافسيها. الإطار التنسيقي، الذي يتكون من قوى موالية لإيران أساساً، يخشى أن يتحول السوداني إلى منافس حقيقي، خاصة إذا استطاع تكوين قاعدة انتخابية عابرة للطوائف مستفيدة من أدائه الحكومي النسبي، ومن رغبة كثيرين في التخلص من الاستقطاب التقليدي بين قوى الإطار والتيار الصدري، لكن رغم أن السوداني مصمم على تغيير قواعد اللعبة حسب تصوره، إلا أن طريقه لن يكون مفروشاً بالورود. مشاركة الفصائل: تصعيد أم انتحار ؟ في خطوة هي الأخطر على العراق، قررت الفصائل المسلحة الموالية لإيران دخول الانتخابات بقوة، عبر أجنحتها السياسية أو واجهات جديدة، وهي خطوة تحمل في طياتها تداعيات خطيرة على المسار السياسي. فمن ناحية، تعزز هذه المشاركة حالة عسكرة العملية السياسة وتجعل من السلاح عنصر ضغط ضمن العملية الانتخابية، وهو ما يتعارض مع الدعوات الأميركية والدولية وقبلها المطالب العراقية بضرورة حل الفصائل وتسليم سلاحها للدولة، من ناحية ثانية. مشاركة الفصائل ستؤدي حتماً إلى تعقيد علاقة بغداد بواشنطن، التي ما زالت تشترط إعادة هيكلة القوى المسلحة غير الرسمية كأحد شروط دعم الحكومة العراقية، كما أن وجود ممثلين للفصائل داخل مجلس النواب سيضع الحكومة المقبلة في مواجهة صعبة مع المجتمع الدولي. والأهم من ذلك مشاركة الفصائل تعني عملياً عسكرة إضافية للحياة السياسية، وتحول السلاح من أدات لقمع الشارع وهو ما حصل في أكثر من مناسبة إلى أداة نفوذ داخل مجلس النواب ومؤسسات 'الدولة'. علما أن مجلس النواب العراقي صوت على قانون '36' عام 2015 منع بموجبه الأحزاب السياسية التي تمتلك أجنحة عسكرية من المشاركة في الانتخابات التشريعية، إلا أن القانون بقي معطلاً كما الكثير من القوانين. لكن ماذا إن فازت الفصائل ؟ في حال حصول الفصائل المسلحة على عدد من المقاعد النيابية، ذلك يعني تغولها داخل المؤسسات الحكومية عبر بوابة الشرعية الديمقراطية، وهذا سيكون كارثياً على آمال الشارع العراقي الذي يتطلع إلى بناء دولة مدنية، كما ويجعل من أي حكومة مقبلة رهينة بيد الفصائل الولائية، مما يكرس النفوذ الإيراني بصورة أعمق. وهذا سيجعل ردة فعل الولايات المتحدة سلبية؛ إذ ستعتبر العملية الديمقراطية مختطفة عبر قوى غير ملتزمة بمبادئ الدولة المدنية، مما قد يدفع واشنطن إلى تقليص دعمها لبغداد، أو على الأقل فرض شروط أشد صرامة على التعامل مع الحكومة المقبلة، وقد تذهب إلى أبعد من ذلك؛ مثل دعم أطراف مدنية معارضة للفصائل، بما يعيد العراق إلى مربعات الانقسام والتوتر. 2 / 2 أما مقتدى الصدر، فقد أعلن صراحة عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، وبعكس ما كان يحدث في دورات سابقة، يبدو أن انسحاب الصدر هذه المرة ليس مجرد مناورة للحصول على مكاسب سياسية، إذ تفيد معلومات وتسريبات متواترة بأن الصدر بات مدركاً من خلال مستشارين لتحولات مقبلة في العراق والمنطقة، قد تغير موازين القوى بصورة جوهرية، بما يجعل المشاركة الآن خطوة محفوفة بالمخاطر، خصوصاً مع تصاعد نفوذ الفصائل المسلحة، واستمرار التوتر الأميركي الإيراني في المنطقة. غياب الصدر، إذا استمر حتى يوم الانتخابات، سيؤثر كثيراً على التوازنات السياسية، وسيترك فراغاً قد تستثمره قوى الإطار والفصائل لتعزيز حضورها، وسيكون لذلك تداعيات على استقرار الشارع، الذي لطالما شكل التيار الصدري أحد أعمدته. شكل التحالفات الانتخابية: نهاية التحالفات الكبرى؟ من السابق لأوانه الحديث عن التحالفات الانتخابية المقبلة؛ لكن بالنظر للوضع القائم فإنها مرشحة لأن تكون مختلفة عن الدورات السابقة، لاحتمالية أن تشهد تغييرات ملحوظة. معلومات تشير إلى أن هناك توجهاً لتفكيك التحالفات الكبيرة التقليدية وتحويلها إلى تحالفات مناطقية أو مصلحية أكثر من كونها ايديولوجية. الإطار التنسيقي قد يواجه انقسامات داخلية، خصوصاُ مع تباين المواقف بشأن السوداني، والسنة والأكراد بدورهم ربما يسعون لتشكيل تحالفات عابرة للطوائف، خاصة مع تعاظم شعورهم بخطر تصاعد نفوذ الفصائل المسلحة. في ظل التوترات الإقليمية، وخصوصاً التصعيد بين إيران وإسرائيل، وحالة الغليان في بعض دول المنطقة، تلقي بظلال ثقيلة على المشهد العراقي بشكل مباشر. ففي حال اندلاع مواجهة إقليمية واسعة وهذا مرجح بأي لحظة، فإن احتمالية تأجيل الانتخابات أو إلغائها لأسباب أمنية تصبح مطروحة بقوة، لكن بعض القوى السياسية قد تجد في التأجيل مصلحة مرحلية لإعادة ترتيب أوراقها، بينما ترى أطراف أخرى أن المضي بالانتخابات حتى مع استمرار التوترات هو ضرورة للحفاظ على شرعية المؤسسات. لكن الأرجح لن تُجرى الانتخابات، مع إصرار إسرائيل وتأكيدها في أكثر من مناسبة على إعادة تشكيل المنطقة، واستمرار الصراع في أكثر من ساحة، يشي بإعادة تشكيل المنطقة وإن محوره يكمن في العراق. حتى لو أُجريت الانتخابات في موعدها، من الصعب توقع حصول تغيير جذري في بنية النظام السياسي العراقي، خاصة مع استمرار النفوذ الكبير للفصائل المسلحة، وضعف القوى المدنية، وبالتالي فإن النتائج المتوقعة تشير إلى استمرار الانقسام السياسي وتعميق الأزمات بدل حلها. وهذا يلقي بظلاله على الشارع العراقي، الذي أصبح أكثر وعياً وسخطاً، حيث سيصاب بخيبة أمل جديدة، مما قد يؤدي إلى عودة موجات احتجاجات واسعة، خاصة إذا اتضح أن الوجوه نفسها ستعيد إنتاج الأزمة ذاتها، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على مستقبل العراق ككل.


بغداد تايمز
٢٦-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- بغداد تايمز
الطائفية السياسية في العراق: وصفة لتقسيم البلاد
بغداد تايمز كتب : محمد عبدالعزيز الخزاعي في الآونة الأخيرة، طُرح مجددًا خطاب يدعو إلى تشكيل 'الحزب الشيعي العراقي'، وهو طرح يحمل في طياته خطرًا كبيرًا على مستقبل العراق، لأنه يعيد إنتاج الأزمة بدلاً من معالجتها، ويهدد وحدة البلاد عبر تعميق الانقسامات الطائفية. هذا الطرح الذي جاء به أحد الاعلاميين في العراق ليس سوى امتداد لمشاريع فاشلة سابقة، مثل 'البيت الشيعي' في لندن، ثم 'البيت السني'، و'البيت الكردي'، والتي لم تنتج إلا مزيدًا من الانقسام السياسي والاجتماعي، وأضعفت الدولة بدلًا من بنائها. فشل الأحزاب في الحكم ومحاولة الهروب إلى الطائفية إن السبب الحقيقي وراء هذا الطرح ليس الحرص على مصالح الشيعة، بل هو محاولة واضحة للهروب من الفشل السياسي والإداري الذي تعاني منه الأحزاب الشيعية الحاكمة منذ 2003. فعلى مدار أكثر من عقدين، لم تقدم هذه الأحزاب نموذجًا ناجحًا للحكم، بل كرّست الفساد، وأغرقت العراق في الصراعات الداخلية، مما جعل الشيعة أنفسهم أول المتضررين من غياب التنمية وسوء الخدمات والتبعية للخارج. وبدلًا من مواجهة هذا الفشل بشجاعة، والمضي نحو إصلاح جذري، تحاول هذه القوى السياسية إعادة إنتاج نفسها عبر تأجيج الخطاب الطائفي، وإيهام الشارع بأن الحل يكمن في حزب شيعي جديد، متناسيةً أن المشكلة ليست في عدد الأحزاب، بل في الرؤية السياسية المفقودة، وفي غياب مشروع وطني حقيقي ينهض بالعراق ككل. خطر الطرح على وحدة العراق إذا استمر هذا النهج، فإن المستقبل لن يكون إلا استمرارًا للفوضى والضعف السياسي، حيث ستظل الأحزاب الشيعية نفسها منقسمة ومتصارعة فيما بينها، وسيفقد المواطن الشيعي ثقته بها أكثر، كما ستزداد الفجوة مع بقية المكونات العراقية، مما يجعل البلاد أكثر عرضة للتدخلات الخارجية وأقل قدرة على بناء دولة مستقرة. ما يطرحه الإعلامي اليوم ليس إصلاحًا سياسيًا، بل وصفة جاهزة لتقسيم العراق، لأن تأطير الحكم بمنطق طائفي سيؤدي حتمًا إلى ردود فعل مماثلة من بقية المكونات، وهو ما يعمّق المحاصصة، ويقضي نهائيًا على أي فرصة لقيام دولة مواطنة حقيقية. الحل في المشروع الوطني وليس في الحزب الطائفي العراق اليوم بحاجة إلى مشروع وطني حقيقي، وليس إلى حزب طائفي جديد. الحل لا يكون عبر تأسيس 'حزب شيعي قوي'، بل عبر إعادة بناء الدولة على أسس المواطنة، والعدالة، والتنمية المستدامة. العراق لا يحتاج إلى تقسيم سياسي جديد، بل إلى وحدة حقيقية تنهي عهد المحاصصة، وتؤسس لحكم رشيد يحقق العدالة لكل العراقيين، بغض النظر عن طوائفهم أو قومياتهم. إذا لم يحدث هذا التحول في التفكير، فإن العراق سيبقى يدور في نفس الدوامة، بلا استقرار ولا مستقبل واضح، وسيبقى الشعب يدفع ثمن صراعات سياسية لا ناقة له فيها ولا جمل.