أحدث الأخبار مع #الجيش_السوفياتي


الميادين
منذ 10 ساعات
- سياسة
- الميادين
كيف رسمت الحرب مسار الأدب الروسي؟
فور الإعلان عن بدء النازيين هجومهم على الاتحاد السوفياتي سنة 1941، كتب فاسيلي ليبيديف كوماتش قصيدته التي لا تزال تتردد إلى اليوم بألحان ألكسندر ألكسندروف "الحرب المقدسة". هذه الأغنية الخالدة كتبت ولحّنت وأدّيت في موسكو في يوم واحد. ومن كلماتها "إنهضي أيتها الدولة الجبارة، إنهضي إلى مواجهة الموت، في المعركة ضد القوى الفاشية الظلامية...". يبدو أن عبقرية فاسيلي ليبيديف كوماتش قد زاوجت في هذه القصيدة بين الموروث الشعبي الروسي والموروث الديني وقوة الحديد والنار، لاستنهاض أبناء الشعوب السوفياتية لمواجهة الغزو النازي. بعد 4 سنوات انتصرت الجيوش السوفياتية على الغزاة النازيين واحتلت عاصمتهم، ورفعت العلم الأحمر على مبنى الرايختساغ وسط برلين في 9 أيار/مايو 1945. اليوم، بعد مرور 80 عاماً على نصر الاتحاد السوفياتي، يخوض وريثه الاتحاد الروسي منذ 2022، حرباً أخرى تحت عنوان "العملية العسكرية الخاصة" على الأراضي الأوكرانية. تتقاطع الشعارات الحالية مع شعارات الحرب العالمية الثانية، التي تسمى في روسيا "الحرب الوطنية العظمى" (1941-1945). خلال السنوات الثلاث الماضية حفلت الساحة الأدبية بمئات النصوص النثرية والشعرية عالجت، أو رافقت بأشكال شتى، العمليات الحربية. ندرك أن روسيا إمبراطورية، والإمبراطوريات في حالة حرب دائمة حفاظاً على مصالحها الاقتصادية أو دفاعاً عن أيديولوجياتها، وفي مراحل الهدوء القليلة تكون في حرب باردة، وكان مقدراً لشعوب روسيا القيصرية والاتحاد السوفياتي والاتحاد الروسي أن تعيش هذا الواقع، وأن تتعايش مع مسألة أخرى، وهي أن حدود الإمبراطورية تكون متغيرة في مدد زمنية وجيزة. ففي روسيا القيصرية، بداية من "الحرب الوطنية العظمى" سنة 1812، تلك التي جسدها الكاتب والفيلسوف، ليف نيقولاييفتش تولستوي، وحارب فيها الأمير الشاعر، بيوتر فيازيمسكي، وكثيرون من المبدعين، نجد أن النتاج الأدبي لهؤلاء كان ينعتق من الإطار الرومانسي الذي كان سائداً في القرن الــ 19 ليسلك طريقه إلى الواقعية، التي تكرست عبر المنهج الواقعي الاشتراكي في أواخر العهد القيصري وبداية العهد السوفياتي. من الطبيعي أن يكون الإنسان هو القصة ومعاناته في زمن الحرب هو المحور، وبالتالي يتتبع الكاتب خطوط السرد المأسوية وصولاً إلى النهاية التي قد لا تكون سعيدة بالضرورة. من هنا يمكننا أن نطلّ على أهمية النصوص التي وصلتنا من العصر الفضي في الأدب الروسي وبدايات العهد السوفياتي التي تحدثت عن مصائر البشر في أزمنة الحرب، لاسيما آنذاك الحرب العالمية الأولى (كما في كتاب "مع الحرب" لستيبان كوندوروشكين)، وسرعان ما انسحبت روسيا منها لتتفرغ إلى بناء اتحاد جمهوريات السوفيات الاشتراكية، وأن تخوض حرباً داخلية بين القديم والجديد، جسّد جانباً منها ميخائيل شولوخوف في روايته الملحمية "الدون الهادئ"، متناولاً فيها عبر نحو 600 شخصية ثانوية مصائر أبناء شعبه القوزاقي في الحرب الأهلية الروسية. انطبعت قصص الحرب العالمية الثانية، وأشعارها وأغانيها، في أذهان أبناء الشعوب السوفياتية وتأثيرها مستمر حتى اليوم. ونلحظ أن الأشهر الأولى من الحرب أنتجت كذلك عشرات الأغنيات التي تبعت مسار كوماتش وكانت تلحن وتغنى على الجبهات. كذلك كان الفنانون السوفيات من مغنين وعازفين ومسرحيين يرافقون الجنود، ليس بهدف الترفيه عنهم بل بهدف شد عزائمهم. فالحرب كانت تحصد آلاف الأرواح يومياً. المرحلة الأولى، استمرت حتى انقلبت الآية على الجيوش الغازية، وتحرير ستالينغراد سنة 1943، مروراً بمعارك الكرّ والفرّ في روستوف وتاغانروغ والدونباس وأوكرانيا والقرم... إلى جانب حصار لينيغراد الطويل والاقتراب من موسكو. تلك المرحلة أنتجت نصوصاً مباشرة تتعامل مع الآني، أي مع الحصار كحصار والمقاومة كمقاومة، أو تعبر عن رسائل من الجنود على الجبهة إلى حبيباتهم وزوجاتهم وأمهاتهم. من الجدير بالملاحظة أن المرحلة الأخيرة التي سبقت النصر، أي المرحلة التي ضمت الشهور الأولى من سنة 1945، عندما انتهى السوفيات من تحرير أرضهم وانطلقوا غرباً عبر أوروبا الشرقية كلها وصولاً إلى ألمانيا، بات الأدب فيها يعبر عن شخصية المحرر السوفياتي الذي اجتاز مسافات هائلة بهدف إزالة كابوس النازية الذي حلّ على صدور شعوب العالم. ونجد أن النصوص بدأت باستشراف الانتصار النهائي وإحلال السلام، كما في أغنية "تعال ندخن يا رفيقي"، وهي قصيدة الشاعر إيليا فرانكل، التي لحنها موديست توباتشينكوف، أو كقصيدة "المعركة الأخيرة" لميخائيل كوجكين، والتي رافقت الشريط السينمائي "التحرير". طبعاً "يوم النصر" في 9 أيار/مايو من كل عام بالغ الأهمية، إلا أنه بحد ذاته يحتل مساحة ضئيلة في الأدب إذا ما قورن بالطريق المؤدية إلى النصر وقصص ملايين البشر الذين عبّدوا بدمائهم هذا الطريق. فالحرب الوطنية العظمى دخلت إلى كل بيت سوفياتي وأثرت فيه سلباً بطبيعة الحال، ونشوة النصر مهما بلغت لا يمكنها أن تمحو المآسي. فبعد النصر بشكل مباشر كان لا بد من ظهور منتج أدبي يشد أزر الأمة فوق الدمار الرهيب، فوق المدن والقرى التي لم يبق منها أثر، أو المساحات الهائلة التي شهدت معارك المدفعية والدبابات المليئة بجثث القتلى وبالأجسام غير المنفجرة. في تلك المرحلة بدأت بالظهور روايات ذات صبغة إنسانية وفق منهج الواقعية الاشتراكية، وصل منها إلى القارئ العربي سلسلة "مقاتلون في سبيل وطنهم السوفياتي" على سبيل المثال، وفيها رواية "الصامدون" لبوريس غورباتوف، و"خط الاتصال" لليف كاسيل، و"قصة إنسان حقيقي" لبوريس بولفوي، و"رفاق الطريق" لفيرا بانوفا، وكذلك رواية "في خنادق ستالينغراد" لفيكتور نيكراسوف، و"الثلج الحار" ليوري بونداريف، و"كيف تنتهي الحروب" ليونيد سيفروك، وغيرها من النصوص الروائية التي عالجت الطريق إلى النصر والثمن الهائل الذي دفعته الشعوب السوفياتية في سبيل هذا النصر. وربما هنا يحق لنا أن نتوقف عند نصوص قنسطنطين سميونوف، الذي كان من أبرز الكتّاب في ميدان "أدب الحرب"، إذ غطى أحداث المعارك ومصائر المقاتلين. هل يمكننا تلمس الأثر الثقافي الذي تركه أدب الحرب في الحياة العامة في الاتحاد السوفياتي وروسيا الحديثة؟ بطبيعة الحال يمكننا أن نتوقف عند 3 عناوين مهمة، أنتجت مواد ثقافية مختلفة: الأول، حجم التضحية الهائل الذي رسخ في أذهان الذين بقوا على قيد الحياة ونقلوه إلى أبنائهم وأحفادهم. فالنصر الكبير يفترض أن يوازي حياة ملايين السوفيات، والمآسي الإنسانية المستمرة مع الجرحى والأيتام والثكالى. حجم التضحية الهائل دفع عشرات الآلاف من الكتّاب والشعراء والرسامين والموسيقيين إلى العمل بشكل عفوي لمداواة الجرح الذي أصاب الأمة. نعلم أن الثقافة وحدها خشبة الخلاص في الأزمات الكبرى، وأي تغيير اجتماعي مهما كان حجمه لا بد وأن يسبقه تغيير ثقافي، وأصدق تعبير ثقافي هو ما يتسم بالعفوية التي تتمسك بالحق والعدل والحرية وتنبذ الظلم والقهر والحرمان والأسر. أما العنوان الثاني، فهو الأدب الموجه، ونقصد هنا أن الماكينة السوفياتية التي أنتجت مئات آلاف الأعمال التي عالجت مرحلة ما بعد الحرب الوطنية العظمى، فغطت كل الفئات العمرية وتوجهت إلى جميع أنواع القراء والمتلقين. فلا يكفي أن نفتخر بالأخوة والآباء الذين استشهدوا دفاعاً عن تراب الوطن، بل كان على المثقفين أن يرمموا الوعي عبر الكلمة الشعرية والنثرية واللوحة واللحن والأغنية والمسرحية وجميع أشكال التعبير التي كانت سائدة في تلك المرحلة، ومنها الملصق التوعوي والملصق الإعلامي. كما دخلت الحرب وقصص أبطالها والمآسي الكثيرة في المناهج الدراسية، وحفظ الأطفال واليافعون القصائد الشهيرة عن التضحيات، وبات يوم النصر محطة سنوية للاحتفال، لكن هذه المحطة مبنية على وعي مختلف فئات المجتمع بالثمن الكبير الذي دفع في سبيل الوصول إليه. العنوان الثالث، هو الاستمرارية. خلال الأعوام الثمانين الفائتة، باستثناء السنوات الأولى التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي، وهي سنوات مظلمة في روسيا الحديثة، وبعدما ترسخ المفهوم الحقوقي أن كل ما كان للاتحاد السوفياتي بات للاتحاد الروسي، نرى أن مجموعات الكتاب والشعراء والأدباء، والقنوات الثقافية المتعددة والمتنوعة، دأبت على استحضار معاني النصر في الحرب الوطنية العظمى بسبل مختلفة، من قصص الجنود على الجبهات إلى قصص الجنود الذين اختفوا بلا أثر، إلى قصص الأمهات والزوجات والحبيبات، إلى قصص انخراط النساء في القتال على الجبهات جنباً إلى جنب مع الرجال. اليوم، بعدما باتت ماكينة الترجمة والطباعة والنشر السوفياتية من الماضي، والكتاب يخضع لمعايير تجارية بحتة وما تمليه عليه أخلاقيات السوق، قد لا تصل نصوص الحرب الحالية أو "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا إلى القارئ العربي، على الرغم من أن الاتحاد الروسي يواجه الغرب كله، بعديده وعتاده وتكنولوجياته، على الأراضي الأوكرانية. أنتجت الحرب الحالية نصوصاً كثيرة، ولعل الأبرز بينها: قصة أندريه ليسيف "لن نودع بعضنا بعضاً"، ورواية ألكسندر تامونيكوف "مركز التدريب السري"، وقصة "الفاتنة" لفلاديمير كازمين، وقصة "المصدوم" ليسرغي باكششف، ورواية "الصغيرة أنهار (اسم فتاة)"، وكتاب "فيديل في الدونباس – مذكرات مراسل حربي" لفاديم كانديلسكي، ورواية زاخار برليلينين "بعضهم لن يكون مصيره الجحيم"، إلى جانب بضع عشرات من المجموعات القصصية والشعرية، ومنها "نحن لا نترك أبناءنا"، "حروب روسيا"، "الطفولة الضائعة في الدونباس"، و"قصص الدونباس والعملية الخاصة". القاسم المشترك بين كل هذه النصوص الأدبية يكمن في أنها مفرطة في واقعيتها، فهي إما صادرة عن شهود عيان أو عبارة عن لملمة مرويات الناس في السنوات الثلاث الماضية. وهي تذكرنا بنصوص الكاتبة البيلاروسية، سفيتلانا ألكسييفيتش، التي فازت بجائزة نوبل عام 2015، ونصوص أستاذها أليس أدموفيتش (1927-1994)، التي وثقت فظائع الحرب العالمية الثانية بعين استقصائية.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- علوم
- الجزيرة
"تجربة تايغا".. لم حاول السوفيات تفجير 250 قنبلة نووية بمكان واحد؟
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في مناقشة أفكار تبدو غريبة اليوم، تتعلق باستخدام القنابل النووية ليس فقط للحرب، بل للبناء أيضا. وقد سميت هذه المشروعات " بالانفجارات النووية السلمية"، وقد أُجريت حوالي 150 تجربة من هذا النوع بين عامي 1957 و1989 في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي. وكانت التطبيقات متنوعة، شملت الحفر واسع النطاق لإنشاء الخزانات والقنوات والموانئ وتحفيز استخلاص النفط والغاز، وإنشاء تجاويف لتخزين النفط أو الغاز أو النفايات تحت الأرض، وإطفاء حرائق حقول الغاز، وإنتاج الطاقة عبر الفلوريدات المنصهرة تحت الأرض لإنتاج البخار للكهرباء، وتكسير خام النحاس والفوسفات تمهيدا للتعدين، وغيرها . مشروع خاص جدا ومن أشهر التجارب السوفياتية التي اعتمدت هذه الفكرة مشروع "تايغا"، حيث كان الاتحاد السوفياتي مهووسا بمشاريع البنية التحتية الضخمة التي تُظهر قوته الهندسية، وكان أحد هذه الأحلام بناء قناة تربط نهر بيتشورا في منطقة القطب الشمالي بنهر كاما، الذي يغذي نهر الفولغا، الشريان النهري الرئيسي لروسيا. وكانت هناك أسباب اقتصادية وإستراتيجية مهمة، حيث سيُسهّل هذا المشروع نقل الموارد الطبيعية، كالأخشاب والفحم، من أقصى الشمال إلى وسط البلاد، وسيُوفّر طريقا مائيا أكثر ملاءمة للملاحة، وهو أمر مفيد خاصة مع تجمّد العديد من أنهار سيبيريا شتاء. إلى جانب ذلك، كان لهذا المشروع قيمة عسكرية كامنة، إذ وفّر طريق نقل احتياطيا في حال تهديدات الناتو. إعلان لكن حفر مثل هذه القناة عبر تضاريس نائية ووعرة كان كابوسا من حيث التكلفة واللوجيستيات. وهنا جاء دور القنابل النووية، حيث قرر العلماء السوفيات في أوائل سبعينيات القرن الماضي، اختبار إمكانية استخدام الشحنات النووية لحفر قناة عن طريق تفجير التربة والصخور، وإذا نجح الاختبار ستستخدم 250 قنبلة نووية لحفر القناة. الاختبار الأولي اختير موقع الاختبار في مقاطعة كوستروما، بالقرب من قرية فاسيوكوفو، وهي منطقة هادئة مليئة بالغابات تبعد أكثر من ألف كيلومتر عن موسكو. ووُضعت 3 قنابل نووية تحت الأرض في خط مستقيم، بمسافة 165 مترا بين كل منها، بلغت قوة كل منها 15 كيلوطنا، أي ما يعادل تقريبا قوة القنبلة التي أُلقيت على هيروشيما، ودُفنت القنابل تحت عمق 127 مترا من الأرض لمنع ظهور سحابة فطر مرئية أو انفجار على مستوى السطح، وسُميت هذه التجربة "تايغا"، في إشارة إلى الغابة الروسية الشاسعة التي نُفذت فيها. وفي 23 فبراير/شباط 1971، فُجرت القنابل الثلاث في آنٍ واحد، اهتزت الأرض بعنف، وتشكلت حفرة هائلة، وأزاح الانفجار ملايين الأطنان من الأرض، تماما كما كان مُخططا له، وترك وراءه منخفضا يشبه الخندق، يبلغ طوله حوالي 700 متر وعمقه 30 مترا، ظل موجودا إلى الآن تحت اسم "البحيرة النووية" ومن وجهة نظر فيزيائية، كان الاختبار ناجحا، فقد فعلت القنابل ما كان من المفترض أن تفعله بالضبط وهو إنشاء قناة. ولكن، على الرغم من ذلك لم تسر الأمور كما هو متوقع، فقد تسربت مواد مشعة من الانفجارات إلى السطح وإلى الهواء، وتلوثت التربة والمياه والنباتات في المنطقة، كما انطلقت غازات مشعة من باطن الأرض عبر الشقوق والصدوع، وإلى جانب ذلك، فقد رصد أثر هذا الإشعاع في الدول المجاورة. كما أن التفجير مثل خيبة أمل هندسية، فعلى الرغم من أن الانفجار أحدث حفرة كبيرة، فإن جدران الحفرة كانت غير مستقرة، والقاع غير مستوٍ، وجعلت التربة الصقيعية والمياه الجوفية في المنطقة من المستحيل مواصلة العمل فيها دون تعزيزات مكثفة. وتسبب ما سبق في توقف المشروع، وأصبحت هذه الحفرة بمثابة تحفة فنية من حقبة الحرب الباردة، أشبه بنصب تذكاري لوقت اعتقدت فيه الحكومات أن القنابل النووية يمكن استخدامها كالجرافات. تجارب حديثة وفي عام 2009، جمع العلماء عينات من التربة والأشنيات (كائنات تعايشية تتكون من ترافق بين الطحالب الخضراء المجهرية وفطريات خيطية) من 6 مواقع مختلفة في منطقة "تايغا" للتجارب النووية، كان الهدف قياس كمية المواد المشعة التي لا تزال موجودة في البيئة بعد عقود من التجربة. ووجد الباحثون بقايا الانشطار الناتج عن الانفجار النووي، مثل السيزيوم-137 واليوروبيوم-155، إلى جانب مواد مشعة أخرى مثل الكوبالت-60 والنيوبيوم-94 والبزموت-207. وكانت نسبة هذه العناصر لا تزال كبيرة، فعلى سبيل المثال احتوى الموقع على ما يصل إلى 700 ضعف من السيزيوم 137 مقارنة بالمستويات الأساسية. وكانت المفاجأة أنه حتى بعد مرور ما يقارب من 40 عاما من هذا التفجير، لا يزال الموقع يعاني من تلوث إشعاعي كبير، وخاصة في التربة. إلى جانب ذلك، لاحظ العلماء أن العناصر المشعة انتقلت إلى الأنظمة البيولوجية -مثل الأشنات، التي خزنتها ضمن عملياتها الحيوية- مما يُظهر تعرضا بيئيا. ولا تزال مستويات الإشعاع في الموقع أعلى بكثير من المعدل الطبيعي، ويجب توخي الحذر عند أي دخول أو استخدام للأراضي في المنطقة. إعلان بقايا الحرب الباردة الأمر لم يقف عند تجارب الاتحاد السوفياتي، كان للولايات المتحدة نسخها الخاصة من هذه التفجيرات، ففي عام 1962، اختبرت الولايات المتحدة مفهوما مشابها في تجربة "سيدان" النووية في نيفادا، والتي أحدثت حفرة هائلة. ومثل تايغا، أنتجت غبارا إشعاعيا، واعتُبرت في النهاية فشلا في البناء. والآن، توقفت إلى حد كبير التفجيرات النووية السلمية في كل العالم تقريبا، بدأ الأمر في عام 1996، حيث اعتمدت الأمم المتحدة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. وتحظر هذه المعاهدة جميع التفجيرات النووية، بما في ذلك التفجيرات النووية الشاملة، لأي غرض كان، ورغم عدم تصديق جميع القوى النووية عليها بعد، فإنها رسّخت القاعدة العالمية ضد أي تفجيرات نووية. وتبقى هذه التجارب شاهدا على أن القنبلة النووية كانت دائما خطرا على البشرية، فقدرتها على الهدم والتلويث استثنائية، حتى في الجوانب السلمية. ويرى العديد من العلماء في هذا النطاق أن تلك بالأساس هي المشكلة الأساسية حينما نتحدث عن احتمالات استخدام السلاح النووي، فهي بالفعل ضعيفة لأن امتلاك الكثير من الدول لهذه القدرة المدمرة يمنعها من استخدامها (خشية أن تستخدم ضدها)، إلا أن مجرد وجود احتمال ضعيف -لكنه مدمر للغاية- يظل خطيرا جدا.


الميادين
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الميادين
" راية النصر" والمشهد الأخير للحرب العالمية الثانية
معركة برلين التي أنهت الحرب العالمية الثانية أرخت النصر السوفياتي على النازية مع رفع راية النصر على مبنى البرلمان الألماني.