logo
#

أحدث الأخبار مع #الحروبالباردة

سوريا في قلب التوازنات
سوريا في قلب التوازنات

الاتحاد

timeمنذ 13 ساعات

  • سياسة
  • الاتحاد

سوريا في قلب التوازنات

سوريا في قلب التوازنات لم يكن ما جرى في الرياض مجرّد لقاء دبلوماسي عابر، بل لحظة مفصلية تُعيد رسم التوازنات الإقليمية وتعيد سوريا، رسمياً وفعلياً، إلى الخارطة السياسية كلاعب له وزنه ومكانته. اللقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقرار رفع العقوبات، لم يكن مجرد قرار أحادي، بل تتويجٌ لمسار طويل من التحولات الهادئة والمراجعات الصامتة التي طرأت على نظرة المجتمع الدولي نحو الملف السوري. الرياض لم تكن فقط منصة استقبال، بل بوابة عبور لسوريا الجديدة. سوريا الدولة، لا سوريا المحَاور. سوريا التي قرّرت أن تنهض من تحت الرماد، وتعيد بناء نفسها بعيداً عن استنزافات الفصائل، ومحاور الصراع، وأوهام الانقلابات الشعبية. رفع العقوبات كان أول الغيث، وما تلاه من مواقف أوروبية متطابقة ما هو إلا مؤشر على أن صفحة العزل قد طُويت. إن القراءة الدقيقة لما حدث لا تكتفي بتتبع مجريات اللقاء، بل تبحث في الرسائل السياسية التي حملها القرار الأميركي. فعندما تقرر واشنطن إعادة دمج دمشق في المعادلة، فذلك يعني أن المشروع البديل قد فشل. فشل من راهنوا على تفكيك الدولة، ومن أرادوا صناعة «نموذج» جديد يُدار من الخارج أو عبر الوكلاء. الرسالة واضحة: لا بديل عن الدولة، ولا استقرار من دون مركز. وهنا تكمن دقة المشهد. فعودة سوريا لا تقتصر على حضور سياسي في المؤتمرات، بل تعني إعادة بناء الاقتصاد، وإحياء المنظومة الأمنية، وترميم الثقة بين السلطة والمجتمع. وهذا يتطلب قرارات قاسية أحياناً، لكنه أيضاً يتطلب شجاعة في كسر الدوائر المغلقة التي عطلت الدولة لعقود. من يعيد بناء الدولة، لا يمكنه مجاملة الفساد، ولا تجاهل شبكات النفوذ التي تسعى لعرقلة التغيير. القرار الأميركي لم يأتِ مجاملة، بل بعد مراجعة استراتيجية عميقة. الملف السوري تحوّل من أداة ضغط إلى فرصة شراكة. الدول الكبرى لا تبحث عن حلفاء مثاليين، بل عن دول قادرة على حفظ التوازن، ومنع الفوضى، وتأمين المصالح المشتركة. وسوريا التي أعادت ضبط أمنها الداخلي، وأطلقت مساراً إصلاحياً واضحاً، باتت اليوم قادرة على أداء هذا الدور بشروط السيادة لا التبعية. التحول اللافت أيضاً، هو إعادة صياغة العقيدة العسكرية السورية. الجيش السوري اليوم يُعاد بناؤه بعقلية ما بعد الحرب، لا بعقلية الحروب الباردة. تدريبات، تنظيم، تسليح، وتعاون مع شركات دولية متخصصة، بعيداً عن التجاذب الإقليمي، وبما يضمن أمن الحدود، واستقرار الداخل، ومكافحة الإرهاب دون أن يكون أداة في معارك خارجية. في لبنان، بدأت ارتدادات هذا التحول تُلمَس سياسياً. انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة في بيروت لا يمكن عزله عن السياق السوري الجديد، إذ إنّ عودة المركز في دمشق تدفع الأطراف اللبنانية إلى مراجعة أولوياتها، والخروج من وهم القوة خارج الدولة، والاقتناع بأن لا استقرار حقيقي دون مرجعية وطنية موحدة. نحن أمام مرحلة جديدة، تقودها المصالح لا الشعارات، وتُبنى على الإدماج لا العزل، وعلى إعادة الاعتبار للمؤسسات لا للميليشيات. دول عديدة تعيد تموضعها وفق هذا الفهم، والأذكى من بينها هو من يلتقط التحول مبكراً ويصنع لنفسه موقعاً فيه. يبقى السؤال الأساسي: هل تنجح سوريا في تحويل هذه الفرصة إلى نقطة انطلاق وطنية؟ الإجابة مرهونة بقدرة الداخل على التوحد، وعلى الموازنة بين الواقعية السياسية والمشروع الوطني، وعلى صناعة نموذج جديد يليق بسوريا الجديدة، التي عادت… لا كملف تفاوض، بل كصاحبة قرار. *لواء ركن طيار متقاعد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store