أحدث الأخبار مع #الربيع_العربي


اليوم السابع
منذ يوم واحد
- سياسة
- اليوم السابع
خلايا "نائمة".. وأوهام "يقظة"
لا أعرف مدى صحة أو عدم صحة البيان، الذى تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام القليلة الماضية، والصادر - وفقاً لما هو منسوب فى نهايته - عن جماعة الإخوان الإرهابية، والذى تعلن فيه اعتزالها العمل السياسى فى مصر وتفرغها للعمل الدعوى خلال المرحلة الحالية. لا يهمنى - فعلاً - أن أعرف إن كان البيان المنسوب للجماعة حقيقى أم مزيف، لكن يهمنى أنه يتبنى موقف الجماعة الدائم وقت الأزمات، فهى دوما ما تؤكد على أنها "اعتزلت السياسية" وتفرغت للعمل الدعوى! ولا أعرف من قال أن هذه الجماعة هى جماعة دعوية أو دينية فى الأساس، فهذا ترويج كاذب وادعاء ليس فى محله، من الذى أعطاها هذه الإجازة الشرعية فى أنها جماعة دعوية؟ فهذه الجماعة تعد واحدة من أبرز جماعات الإسلام السياسى، والحاضنة للعنف منذ تأسيسها فى مصر عام 1928. الخطير حقاً أن تشكيل مكتب الإرشاد الأول لم يكن به رجل دين واحد، حتى حسن البنا نفسه الذى نصب نفسه مرشداً عاماً للجماعة لم يكن رجل دين، ولذلك فقد حرصت الجماعة على رفع شعارات دينية واجتماعية لجذب التأييد الشعبى، وكسب المزيد من التعاطف بين الجماهير. ومع تطور الأحداث السياسية عبر ما يقارب قرن من الزمان، خاصة بعد ما عرف بـ"الربيع العربى"، تصاعدت حدة الاتهامات للجماعة بـ"الانتهازية" واستخدام خطابٍ سلمى "تكتيكى" لضمان بقائها على الساحة، رغم ثبوت اتهامات أخرى وجهت لها بالتورط فى أعمال عنف أو التخطيط لها عبر ما يُعرف بـ"الخلايا النائمة" التى اضطرتها الظروف إلى أن تطفو على الساحة، وتتحول إلى "خلايا يقظة"! ظل الاتهام الرئيسى لجماعة الإخوان ينحصر فى استغلال الخطاب السلمى كغطاء لتحقيق مكاسب سياسية، فبعد يناير 2011، قدمت الجماعة نفسها كقوة معتدلة رشيدة ومنفتحة على العالم وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة، وفى هذا الإطار أصدرت بيانات تُؤكد التزامها بالديمقراطية وحقوق الإنسان وقبول الآخر. كل ذلك ساعدها فى معركتها "الحاسمة" و"غزوتها الصناديقية" فى الفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2012، لكن منتقديها دائماً ما كانوا يتوقفون عند هذا الخطاب، الذى كان مُجرد "تكتيك" لاحتواء التيارات المعارضة وكسب الشرعية الدولية، بينما استمرت كوادرها فى ممارسات إقصائية تجاه خصومها، كحل البرلمان وتعطيل الدستور، مما ساهم فى التمهيد لثورة 30 يونيو المجيدة عام 2013. ظل مصطلح "الخلايا النائمة" ملازماً لتحركات الإخوان، فى إشارة إلى كوادر الجماعة الذين يعملون سراً بهدف إعادة تنظيم الصفوف وفق هيكل عنقودى معقد، وهى مجموعات متفرقة - ما بين الداخل والخارج - تعتمد على التخفى وعدم المواجهة المباشرة، مع الحفاظ على ولاءٍ تنظيمى داخلى للجماعة الأم وجهازها وتنظيمها الدولى. كل ذلك دفع الجماعة إلى حلم واحد، يتلخص فى الاستفادة من الأزمات، وفى مقدمتها الاضطرابات السياسية العالمية وانعكاساتها الاقتصادية لتحريك أنصارها، فى اتجاه معاكس، عبر وسائل التواصل الاجتماعى. على مدى السنوات الماضية كان "حلم العودة" مشروعاً استراتيجياً للجماعة، تمثل فى محاولات العودة إلى المشهد مرة أخرى، وفى هذا الصدد حاولت قيادات الجماعة خارج مصر إعادة إنتاج نفسها، من خلال عدة محاور فى مقدمتها التحالفات الإقليمية، وشن حرب إعلامية استخدمت فيها كل المنصات المعادية كل إمكاناتها ضد الدولة المصرية. وخلال هذه السنوات لعبت الجماعة على وتر "التناقضات الدولية"، كتقديم نفسها كبديل معتدل فى مواجهة التطرف، رغم تشكيك العديد من الحكومات فى قدرتها على القيام بهذا الدور. وضعت ثورة 30 يونيو ضوابط حاسمة فى التعامل مع هذا التنظيم الفاشى، فى مقدمتها رفض واسع لعودة الإخوان إلى المشهد لأسباب جوهرية فى مقدمتها الاستقطاب السياسى وتهميش مؤسسات الدولة لصالح ولاءات تنظيمية، والخطاب الدينى المُسيّس الذى استُخدم لتكفير المعارضين. جاء ذلك فى الوقت الذى واجهت فيه الجماعة عزلة دولية تتزايد دوماً، بعد تصنيفها كجماعة "إرهابية" من عدة دول، مما جعلها تواجه تحديات "وجودية" بعد "30 يونيو" ما بين رفض شعبى داخلى وعزلة إقليمية، مع صعوبة إثبات مصداقية - أو الإشارة - أن خطابها "معتدل".


اليوم السابع
منذ يوم واحد
- سياسة
- اليوم السابع
خريطة جديدة للشرق الأوسط.. والعالم أيضا
الحقيقة التي لا تقبل جدالا أن منطقة الشرق الأوسط تحظى بزخم دولي، ربما لا يضاهى، إلى الحد الذي يجعلها بوابة مهمة إلى النفوذ الدولي، والذي يرتبط في جوهره بالمناطق الأكثر صراعا، على اعتبار أن الطرف القادر على احتواء، أو بالأحرى السيطرة على وتيرة الصراع، يضمن مكانا بارزا في القيادة العالمية، وهو ما بدا بصورة كبيرة، عندما لعب الإقليم دورا مهما في انطلاق حقبة الهيمنة الأحادية، بفضل الولايات المتحدة، في إبرام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، قبل أكثر من عقد كامل من الزمان، من انهيار الاتحاد السوفيتي، وإعلان انتصار واشنطن في الحرب الباردة، والتي دامت لأكثر من 4 عقود كاملة، بين شد وجذب في مختلف مناطق العالم. وخلال العقود الماضية، تمكنت الولايات المتحدة، من إحكام سيطرتها على العالم من بوابة المنطقة، باعتبارها الأكثر قابلية للاشتعال، بين قضية فلسطين تارة، والصراع بين العرب وإيران تارة أخرى، مرورا بالحرب على الإرهاب، وحتى التحول نحو إثارة النزعات الأهلية، إبان العقد الماضي، خلال ما يسمى بـ"الربيع العربي"، حيث كانت المناطق الأخرى أكثر استقرارا، في ضوء خفوت موسكو، ناهيك عن سكون بكين، لتصبح دوائر الصراع الأخرى ضيقة للغاية، بينما لم تسعى القوى الكبرى المهيمنة إلى فتح جبهات أخرى، في ضوء ثبوت مكانتها، وقدرتها على حشد حلفائها لشرعنة القرارات الأمريكية، ومن بينها تلك التي لم تتمتع بتمرير أممي، جراء "فيتو" روسي أو صيني، على غرار المشهد في العراق في 2003، عندما أقدمت إدارة بوش الابن على غزو العراق بتحالف صوري مع بريطانيا وفرنسا. وعلى الرغم من توسع دوائر الصراع، في السنوات الأخيرة، لتمتد إلى الغرب الأوروبي، في ظل الأزمة الأوكرانية، تبدو المنطقة "متعددة الصراعات" مازالت "القبلة" التي يمكن من خلالها استلهام النفوذ العالمي، بينما تبقى قضية الصراع العربي – الإسرائيلي في صدارة الأجندة الدولية، في ضوء كونها الأساس الذي بنيت عليه الصراعات الأخرى التي شهدها الإقليم، وبالتالي تمدد حالة عدم الاستقرار، وهو ما يبدو في أحدث صوره، خلال العدوان الحالي على غزة، والذي تمدد إلى دول أخرى، منها اليمن وسوريا ولبنان، وحتى إيران، وهو ما يعكس حقيقة ارتباط الإقليم وأزماته بقضية واحدة تحظى بمركزيتها وهي القضية الفلسطينية. الحقيقة سالفة الذكر، وإن لم تكن جديدة في جوهرها، لكنها كشفت عن العديد من التحركات التي باتت تتخذها العديد من دول العالم، والتي تسعى إلى دور حقيقي في تشكيل صورة العالم الجديد، في ظل ما يمر به من مخاض، سوف يؤدي في نهاية المطاف، إما لاستمرار الهيمنة الأحادية، يمكن للولايات المتحدة من خلالها الانفراد بالسيطرة، ولكن بشكل أكثر انفرادا واستئثارا، دون الحاجة إلى الحلفاء، بحيث تستلهم شرعيتها من قوتها وسطوتها، وهو ما يسعى إليه الرئيس دونالد ترامب، من خلال قراراته ومواقفه أو التحول نحو حالة تعددية، تبقى فيها الولايات المتحدة لاعبا مركزيا، في وجود لاعبين آخرين مؤثرين يمكنهم التأثير على مكانة أمريكا ومزاحمتها، وهو الأمر الذي لم يعد مقتصرا على المنافسين التقليديين لواشنطن (الصين وروسيا) وإنما امتد إلى الحلفاء، وعلى رأسهم أوروبا الغربية، سواء في صورتها الفردية أو على المستوى الجمعي في إطار الاتحاد الأوروبي. فلو نظرنا إلى حالة الانغماس الأوروبي غير التقليدي في القضية الفلسطينية، منذ بدء العدوان على غزة، يمكننا رصد العديد من المسارات، ربما أبرزها الخروج عن الإجماع الغربي القائم على الانحياز المطلق لإسرائيل، والذي وإن طغى على نبرة أوروبا في الأيام الأولي التي تلت أحداث 7 أكتوبر، عبر التلويح بذريعة "الدفاع عن النفس"، لتتغير المواقف تدريجيا، نحو الإدانة، والضغط على حكومة بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بوقف الحرب وتمرير المساعدات، وحتى خطوات متواترة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وانتهاء بالمنحى الجديد، وربما غير المسبوق، فيما يتعلق بفرض عقوبات على الدولة العبرية، سواء فيما يتعلق بوقف تصدير السلاح من قبل بريطانيا، أو مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتل أبيب، وهي الخطوات التي لم تقتصر في استثنائيتها على مجرد إيلام الحليف الصغير، وإنما امتدت في تداعياتها إلى الحليف الأكبر (واشنطن)، في ظل عجزه عن تشكيل موقف جماعي غربي، من شأنه تقديم الدعم لتل أبيب. التحول الأوروبي المتزايد تجاه فلسطين يعكس إدراكًا عميقًا لحقيقتين أساسيتين: أولهما أن القضية الفلسطينية، باعتبارها جوهر الصراع في الشرق الأوسط، تمثل فرصة نادرة للقارة الأوروبية لتأكيد استقلالها السياسي عن الولايات المتحدة، خاصة في ظل التراجع الأميركي عن دعم أوروبا، والذي تجلى في سياسات إدارة ترامب، بدءًا من دعم التيارات الانعزالية واليمينية، مرورًا بإجراءات اقتصادية حمائية، مثل إعادة فرض التعريفات الجمركية، ووصولًا إلى محاولات التمدد الجغرافي، كما ظهر في الإصرار على ضم جزيرة جرينلاند. أما الحقيقة الثانية، فترتبط بالبعد الشعبي، إذ لم يعد ممكنًا تجاهل حالة الرفض العارم التي تجتاح الشارع الأوروبي والعالمي تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والتي أسقطت القناع عن ازدواجية الخطاب الغربي بشأن حقوق الإنسان. ولعل الموقف الأمريكي نفسه تأثر بصورة كبيرة، خاصة في الآونة الأخيرة، في ظل توتر لا يخفى على المتابعين بين إدارة الرئيس ترامب وحكومة نتنياهو، فيما يمثل استفاقة، على الأقل مرحلية، تعكس حاجة واشنطن إلى استعادة قدر من التوازن المفقود في مواقفها، والتي افتقدت الشرعية الأممية، في ظل أغلبية ساحقة تؤمن بالحق الفلسطيني، داخل أروقة الأمم المتحدة، بينما تخسر تدريجيا ما يمكننا تسميته بـ"شرعية التحالفات"، والتي كانت بمثابة عصا بديل حال العصيان الأممي، على غرار مشهد غزو العراق، والذي ذكرته سلفا في السطور السابقة. وهنا يمكننا القول بأن منطقة الشرق الأوسط مازالت تحتفظ بزخمها الدولي، حتى أنها ترسم خريطة النفوذ في العالم، كما فعلت في الماضي، في الوقت الذي مازال فيه البعض يتحدثون عن خريطة جديدة للمنطقة، وهو الأمر الذي لا يمكننا استبعاده إطلاقا، في ضوء التغيير الكبير الذي طرأ على المنطقة إثر أحداث الشهور الماضية، من جانب، والتطورات المتسارعة التي تتبناها الدول التنموية وقدرتها الكبيرة على إضفاء طبيعة جديدة للمفاهيم التقليدية، وفي القلب منها مفهوم المقاومة نفسه من جانب آخر، ولكن الأمر برمته يبقى مرتبطا في اللحظة ذاتها بتغييرات دولية جذرية، ربما تتأرجح فيها مكانة القوى المؤثرة في العالم، لتظهر قوى جديدة، يمكنها مزاحمة القوى الكبرى، وهو الأمر الذي من شأنه تحقيق قدر أكبر من التوازن في مختلف المواقف الدولية


الشرق الأوسط
منذ 4 أيام
- سياسة
- الشرق الأوسط
حين توافقت دول الخليج مع الترمبية
تغيرات كثيرة طرأت على العلاقات الأميركية الخليجية خلال العقدين الأخيرين، تباعدت فيه وفترت، ثم عادت وتعززت تلك العلاقة، حين توافقت الرؤية «الترمبية الجديدة»، التي قرّرت وضع المصالح الأميركية، لا القيم الأميركية، معياراً للروابط والعلاقات بينهما. حين أقرّت الإدارة الترمبية أنها غير معنية بفرض القيم والمبادئ الأميركية على الإنسانية جمعاء، كما فعلت الإدارات السابقة في العقود الأخيرة، فقرّرت إلغاء ما سمّته «البرامج غير القانونية، أو تلك التي لا تتوافق مع المصالح الوطنية الأميركية» من وزارة الخارجية الأميركية، وذلك من أجل إعادة تنظيم الوزارة ورفع كفاءتها. قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا القرار شأن إداري أميركي داخلي معنيّ بتنظيم واحدة من المؤسسات الوطنية الأميركية، هي وزارة الخارجية، لكنه في واقع الأمر مسألة لها بالغ الأهمية، ومتعلقة بمصالح كل من هو غير أميركي، بل متعلقة بنا، الدول العربية بالأخص، وذلك أن تلك البرامج التي أُلغيت شَكلت على مدى عقد من الزمان أحد أهم أدوات القوى الناعمة التي من خلالها مارست الولايات المتحدة الأميركية دورها في التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، ومنها مملكة البحرين ومصر وتونس والمغرب... إلخ، وكان لها دور كبير في خلق ما سمّي حينها بالفوضى، وأدّى إلى ما سمي الربيع العربي. ولنا تجربة في مملكة البحرين مع تلك البرامج عام 2003، وبعد تصويت البحرينيين على ميثاق العمل الوطني وإعادة العمل في المجالس النيابية والبلدية المنتخبة، حطّ «المعهد الوطني الأميركي لدعم الديمقراطية» رحاله في البحرين (NDI) وعمل على مدى 3 سنوات مع الجمعيات السياسية (الأحزاب) بشكل لم يراعِ فيها أي سيادة وطنية أو استقلالية، بل تحرك مدعوماً بقوة من وزارة الخارجية الأميركية في تحريض وتوجيه الأحزاب، حينها كانت وزارة الخارجية الأميركية عن طريق سفارتها تعمل على تنفيذ سياسة خارجية، تسمح بالتدخل والتغيير والدفع باتجاه إسقاط الأنظمة والتحضير لما سعت إليه كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية، بحجة نشر الديمقراطية، على أساس أنها تمثل المصلحة الأميركية، ما اضطر مملكة البحرين بعد عدة تحذيرات وجّهتها للقائمين على ذلك المعهد إلى أن تطردهم من البحرين وترحيلهم فوراً. ذات الحكاية تكررت مع مصر، التي استاءت كثيراً من البرامج التي تدعمها وزارة الخارجية الأميركية، التي لم تراعِ الحقوق السيادية لمصر، وكانت تتصرف بأريحية في الدولة داعمةً مؤسسات المجتمع المدني خارج إطار الأنظمة والقوانين والضوابط المحلية. هذه هي نوعية البرامج التي ستتخلى عنها الولايات المتحدة، فما الذي تغير حتى تتولى الخارجية الأميركية بيدها وبنفسها إلغاء تلك البرامج اليوم؟ الذي تغير أنه حين تولت إدارة ترمب انقلبت على تلك المفاهيم، فجعلت المصالح الاقتصادية الأميركية هي المحرك الأساسي للولايات المتحدة فقط، وبناءً عليها ترسم حدود العلاقة بينها وبين بقية الدول. أما أن تكون «القيم الأميركية» مفروضة على بقية الشعوب، خاصة أنها «قيم» غير متفق عليها، حتى بين الأميركيين أنفسهم، فتلك أمور لا تعنى السياسة الخارجية الأميركية، فأصبحت المصالح هي الحكم. بالنسبة لنا المجتمعات العربية، من حسن حظّنا أن تتفق تلك السياسة الأميركية الجديدة (فيما يتعلق بالقيم الأميركية تحديداً، إذ أختلف معها في تقاطعات أخرى) مع مصالحنا تماماً، وتجعل العلاقة بيننا وبين الولايات المتحدة واضحة جداً، دونما حاجة لاستغلال «القيم» كورقة ضغط سياسية مغلفة بمسميات الإنسانية والحقوقية.


البيان
منذ 6 أيام
- سياسة
- البيان
بغداد.. قمة التوقيت الصعب
أطباء السياسة يبحثون دائماً عن الدواء الناجع لأمراض منطقتنا، لم تفلح الوصفات التقليدية في تعافي الجسد، الذي أعيته الضربات المتلاحقة، منذ ما يسمي «الربيع العربي». تلك الحالة المستعصية، تحتاج إلى دواء «تركيب»، داخل مختبرات وطنية، يشارك في صناعته كل العرب. في توقيت مهم وصعب في آن، ووسط غيوم جيوسياسية، تأتي قمة العراق العربية الرابعة والثلاثون، لتحمل لنا تصورات عن حل لكل هذه الملفات الشائكة، التي طال أمدها، واستنزفت القدرات العربية، وجعلت المنطقة العربية عرضة للتدخلات الخارجية، واستغلال مواردها الداخلية، وجعلت التصورات الخرافية قابلة للتنفيذ. إن بغداد، وهي تستقبل القمة العربية، تفكر بأنها استعادت أمتها العربية بعد سنوات طويلة، كانت تعاني فيها من غزو أمريكي، وحروب أهلية، وتدخلات إقليمية، وباتت مسرحاً للتجريب في صناعة الفوضى، لكنها الآن تستعيد أنفاسها العربية، خصوصاً أن هذه القمة أمامها ملفات شائكة، وحدود ملتهبة، والملفات في حاجة إلى حلول لا تحتمل رفاهية الانتظار. النار تشتعل في فلسطين منذ ثمانين عاماً، ولعلنا نتذكر أن قضية فلسطـين كانت الجوهر والدافع الرئيس وراء تأسيس جامعة الدول العربية في مارس 1945، وقد سبقت الأمم المتحدة بأشهر. ونتذكر أن الجامعة عقدت قمماً عديدة، تحت شعار فلسطــين، وبـرغـم أن فلسطـين لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، فإن جامعة الدول العربيـة، جعــلت منــها قضيـة حية لا تموت، وتصاعدت هذه القضية في العامين الأخيرين، ووصلت إلى مستوى المجازر، وأضيفت لها - مع الأسف - قضايا أخرى أكثر سخونة، فأصبحنا أمام حروب متفرقة، تارة في السودان، وأخرى في اليمن، وسوريا ولبنان وليبيا، غير تلك الصراعات التي تسببـت فيهــا قـوى إقليمـية مجاورة للعرب. ولعلني أتوقف هنا عند ادعاءات بنيامين نتنياهو، بأنه أصبح المؤثر الكبير في الشرق الأوسط، وأنه يعمل على تغييره بالكامل، وهو ادعاء يمزق الخرائط العربية. ولذا، فإن اللحظة العربية تتطلب في قمة بغداد الرد العملي على مثل هذه الادعاءات، من خلال التعاون العربي - الذي لا لبس فيه - في ملفات الأمن القومي العربي، والتعاون الاقتصادي والعلمي، والتأكيد على الثوابت الوطنية لكل دولة على حدة، والحرص الكامل على سيادة مؤسساتها الوطنية، ومنع انتشار ما يسمى الميليشيات، أو الجماعات التي لا تنضوي تحت سيادة الدولة الوطنية. ولا يغيب عن الذاكرة العربية، تلك الأحداث الفوضوية التي ضربت المنطقة، ولا تزال آثارها واضحة في أكثر من بلد عربي، يعاني من حروب أهلية، أو اختلالات أمنية، أو تدخلات من قوى غير عربية، بذريعة محاربة الإرهاب. ثمة ملفات مهمة أمام القادة والزعماء العرب في قمة بغداد، لا يمكن فصل ملف عن الآخر، فالسياق العربي، كالخيوط المتشابكة، لا يمكن أن ينجو أحد منفرداً من أية كوارث محتملة، من صنع السياسة في عالم يتغير ويتشكل، وفق مصالحه الذاتية، عالم سقطت قوانينه المعتادة، وقواعده الراسخة، وهو في طور التغيير العميق، على مستوى الخرائط والسكان، وأعتقد أن القادة والزعماء، لديهم الإدراك الكامل لما يجرى في هذه المرحلة العالمية المفصلية. من الملفات الفاصلة والقاطعة في هذه القمة، ملف القضية الفلسطينية، فبداية، يجب أن تسكت المدافع وأزيز الرصاص، وتنتهي الإبادة في الأراضي الفلسطينية، وهذا لن يتأتى من دون صوت عربي جماعي واضح، بأن استقرار الإقليم، هو استقرار للعالم، ومن دون حل هذه القضية حلاً عادلاً، فلن يكون هناك استقرار على المسرح الدولي. ثاني هذه الملفات، هو ملف التعاون الاقتصادي، الذي أقرته أكثر من قمة عربية، وعُقدت من أجله قمم اقتصادية، وحان الوقت لتنفيذ مقرراتها، وقد ناقشت القمة بالفعل كثيراً من هذه القرارات، ووردت في مفردات خطابات الزعماء، وأظن أن هذا الملف مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار، ومنع الحروب، وعدم توسيعها، والحفاظ على الممرات البحرية والبرية، آمنة ومفتوحة أمام التجارة العالمية، في لحظة يتشكل فيها نظام تجاري عالمي جديد، بعد قرارات الرئيس الأمريكي، الذي تصادف وجوده في المنطقة، قبل أيام قليلة من انعقاد القمة. إن قمة بغداد، تحمل العديد من الرسائل الجيوسياسية، التي تؤكد عودة العراق بقوة إلى محيطه العربي، وهي أيضاً فرصة سياسية ودبلوماسية كبرى لوحدة الصوت العربي في مواجهة التحديات العالقة، في توقيت استثنائي، يعاد فيه ترتيب الإقليم والعالم.


الميادين
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الميادين
هل ستتجاوب الدول العربية مع مشروع التطبيع؟
مخرجات القمة الخليجية الأميركية التي حضرها الرئيس ترامب اليوم خلال زيارته الأولى للشرق الأوسط. مشروع جديد قديم أعاد طرحه ترامب بحلّة جديدة على طاولة المنطقة مرة أخرى. الشرق الأوسط الجديد مشروع ما فتئ الغرب يضعه على الطاولة في كل مرحلة يراها ناضجة لتبنّيه وتثبيته منذ الفترة التي تلت الحرب الباردة إلى غزو العراق إلى ما سمّي بالربيع العربي وصولاً إلى اتفاقية أبراهام، واليوم وفي أعقاب حرب طوفان الأقصى وفي ظل الإبادة التي يرتكبها كيان الاحتلال بالشعب الفلسطيني في غزة يعاود ترامب طرح هذا المشروع، فكيف ستتجاوب المنطقة مع مشروع التطبيع المقبل؟ وأين فلسطين من هذه الدوامة؟