logo
بغداد.. قمة التوقيت الصعب

بغداد.. قمة التوقيت الصعب

البيانمنذ 4 أيام

أطباء السياسة يبحثون دائماً عن الدواء الناجع لأمراض منطقتنا، لم تفلح الوصفات التقليدية في تعافي الجسد، الذي أعيته الضربات المتلاحقة، منذ ما يسمي «الربيع العربي». تلك الحالة المستعصية، تحتاج إلى دواء «تركيب»، داخل مختبرات وطنية، يشارك في صناعته كل العرب.
في توقيت مهم وصعب في آن، ووسط غيوم جيوسياسية، تأتي قمة العراق العربية الرابعة والثلاثون، لتحمل لنا تصورات عن حل لكل هذه الملفات الشائكة، التي طال أمدها، واستنزفت القدرات العربية، وجعلت المنطقة العربية عرضة للتدخلات الخارجية، واستغلال مواردها الداخلية، وجعلت التصورات الخرافية قابلة للتنفيذ.
إن بغداد، وهي تستقبل القمة العربية، تفكر بأنها استعادت أمتها العربية بعد سنوات طويلة، كانت تعاني فيها من غزو أمريكي، وحروب أهلية، وتدخلات إقليمية، وباتت مسرحاً للتجريب في صناعة الفوضى، لكنها الآن تستعيد أنفاسها العربية، خصوصاً أن هذه القمة أمامها ملفات شائكة، وحدود ملتهبة، والملفات في حاجة إلى حلول لا تحتمل رفاهية الانتظار.
النار تشتعل في فلسطين منذ ثمانين عاماً، ولعلنا نتذكر أن قضية فلسطـين كانت الجوهر والدافع الرئيس وراء تأسيس جامعة الدول العربية في مارس 1945، وقد سبقت الأمم المتحدة بأشهر.
ونتذكر أن الجامعة عقدت قمماً عديدة، تحت شعار فلسطــين، وبـرغـم أن فلسطـين لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، فإن جامعة الدول العربيـة، جعــلت منــها قضيـة حية لا تموت، وتصاعدت هذه القضية في العامين الأخيرين، ووصلت إلى مستوى المجازر، وأضيفت لها - مع الأسف - قضايا أخرى أكثر سخونة، فأصبحنا أمام حروب متفرقة، تارة في السودان، وأخرى في اليمن، وسوريا ولبنان وليبيا، غير تلك الصراعات التي تسببـت فيهــا قـوى إقليمـية مجاورة للعرب.
ولعلني أتوقف هنا عند ادعاءات بنيامين نتنياهو، بأنه أصبح المؤثر الكبير في الشرق الأوسط، وأنه يعمل على تغييره بالكامل، وهو ادعاء يمزق الخرائط العربية.
ولذا، فإن اللحظة العربية تتطلب في قمة بغداد الرد العملي على مثل هذه الادعاءات، من خلال التعاون العربي - الذي لا لبس فيه - في ملفات الأمن القومي العربي، والتعاون الاقتصادي والعلمي، والتأكيد على الثوابت الوطنية لكل دولة على حدة، والحرص الكامل على سيادة مؤسساتها الوطنية، ومنع انتشار ما يسمى الميليشيات، أو الجماعات التي لا تنضوي تحت سيادة الدولة الوطنية.
ولا يغيب عن الذاكرة العربية، تلك الأحداث الفوضوية التي ضربت المنطقة، ولا تزال آثارها واضحة في أكثر من بلد عربي، يعاني من حروب أهلية، أو اختلالات أمنية، أو تدخلات من قوى غير عربية، بذريعة محاربة الإرهاب.
ثمة ملفات مهمة أمام القادة والزعماء العرب في قمة بغداد، لا يمكن فصل ملف عن الآخر، فالسياق العربي، كالخيوط المتشابكة، لا يمكن أن ينجو أحد منفرداً من أية كوارث محتملة، من صنع السياسة في عالم يتغير ويتشكل، وفق مصالحه الذاتية، عالم سقطت قوانينه المعتادة، وقواعده الراسخة، وهو في طور التغيير العميق، على مستوى الخرائط والسكان، وأعتقد أن القادة والزعماء، لديهم الإدراك الكامل لما يجرى في هذه المرحلة العالمية المفصلية.
من الملفات الفاصلة والقاطعة في هذه القمة، ملف القضية الفلسطينية، فبداية، يجب أن تسكت المدافع وأزيز الرصاص، وتنتهي الإبادة في الأراضي الفلسطينية، وهذا لن يتأتى من دون صوت عربي جماعي واضح، بأن استقرار الإقليم، هو استقرار للعالم، ومن دون حل هذه القضية حلاً عادلاً، فلن يكون هناك استقرار على المسرح الدولي.
ثاني هذه الملفات، هو ملف التعاون الاقتصادي، الذي أقرته أكثر من قمة عربية، وعُقدت من أجله قمم اقتصادية، وحان الوقت لتنفيذ مقرراتها، وقد ناقشت القمة بالفعل كثيراً من هذه القرارات، ووردت في مفردات خطابات الزعماء، وأظن أن هذا الملف مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار، ومنع الحروب، وعدم توسيعها، والحفاظ على الممرات البحرية والبرية، آمنة ومفتوحة أمام التجارة العالمية، في لحظة يتشكل فيها نظام تجاري عالمي جديد، بعد قرارات الرئيس الأمريكي، الذي تصادف وجوده في المنطقة، قبل أيام قليلة من انعقاد القمة.
إن قمة بغداد، تحمل العديد من الرسائل الجيوسياسية، التي تؤكد عودة العراق بقوة إلى محيطه العربي، وهي أيضاً فرصة سياسية ودبلوماسية كبرى لوحدة الصوت العربي في مواجهة التحديات العالقة، في توقيت استثنائي، يعاد فيه ترتيب الإقليم والعالم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الخطوط الحمراء تتعارض.. إيران تناور أميركا بخطة بديلة "هشة"
الخطوط الحمراء تتعارض.. إيران تناور أميركا بخطة بديلة "هشة"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 38 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

الخطوط الحمراء تتعارض.. إيران تناور أميركا بخطة بديلة "هشة"

وقالت المصادر إن إيران قد تلجأ إلى الصين وروسيا"كخطة بديلة" في حال استمرار التعثر، لكن في ظل الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وانشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، تبدو خطة طهران البديلة هشة. وقال مسؤول إيراني كبير: "الخطة البديلة هي مواصلة الاستراتيجية قبل بدء المحادثات. ستتجنب إيران تصعيد التوتر، وهي مستعدة للدفاع عن نفسها تشمل الاستراتيجية أيضا تعزيز العلاقات مع الحلفاء مثل روسيا والصين". ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المرشد الإيراني علي خامنئي قوله في وقت سابق، الثلاثاء، إن مطالب الولايات المتحدة بامتناع طهران عن تخصيب اليورانيوم "زائدة عن الحد ومهينة"، معبرا عن شكوكه فيما إذا كانت المحادثات النووية ستفضي إلى اتفاق. وبعد 4 جولات من المحادثات التي تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات. وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين ودبلوماسي أوروبي إن طهران ترفض شحن كل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج أو الدخول في مناقشات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية. كما أن انعدام الثقة من كلا الجانبين وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية قد زاد من أهمية حصول إيران على ضمانات بأن واشنطن لن تتراجع عن اتفاق مستقبلي. ومما يضاعف من التحديات التي تواجهها طهران، معاناة المؤسسة الدينية في إيران من أزمات متصاعدة - ومنها نقص الطاقة والمياه، وتراجع العملة، والخسائر العسكرية بين حلفائها الإقليميين، والمخاوف المتزايدة من هجوم إسرائيلي على مواقعها النووية – وكلها تفاقمت بسبب سياسات ترامب المتشددة. وقالت المصادر إنه مع سياسة ترامب لحملة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير، بما في ذلك تشديد العقوبات والتهديدات العسكرية، فإن القيادة الإيرانية "ليس لديها خيار أفضل" من اتفاق جديد لتجنب الفوضى الاقتصادية في الداخل التي قد تهدد حكمها. وقد كشفت الاحتجاجات التي اندلعت بالبلاد بسبب مظاهر قمع اجتماعي ومصاعب اقتصادية في السنوات الأخيرة، والتي قوبلت بحملات قمع قاسية، عن ضعف طهران أمام الغضب الشعبي وأدت إلى فرض مجموعات من العقوبات الغربية في مجال حقوق الإنسان. وقال المسؤول الثاني الذي طلب أيضا عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية "من دون رفع العقوبات لتمكين مبيعات النفط الحرة والوصول إلى الأموال، لا يمكن للاقتصاد الإيراني أن يتعافى".

اتصال هاتفي بين عبدالله بن زايد ووزير خارجية إسرائيل
اتصال هاتفي بين عبدالله بن زايد ووزير خارجية إسرائيل

البيان

timeمنذ 41 دقائق

  • البيان

اتصال هاتفي بين عبدالله بن زايد ووزير خارجية إسرائيل

أجرى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اتصالا هاتفيا بمعالي جدعون ساعر، وزير خارجية دولة إسرائيل، أفضى إلى الاتفاق على بدء إدخال مساعدات إنسانية عاجلة من دولة الإمارات، تهدف لتلبية الاحتياجات الغذائية لنحو 15 ألف مدني في قطاع غزة كمرحلة أولى. كما تشمل المبادرة توفير المواد الأساسية اللازمة لتشغيل المخابز في القطاع، بالإضافة إلى مستلزمات الأطفال الضرورية، مع ضمان استمرارية توفير هذه المواد لتلبية احتياجات المدنيين. وأكد سموه خلال الاتصال على أهمية وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني الشقيق في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق. كما بحث الجانبان الجهود الإقليمية والدولية لاستئناف اتفاق الهدنة، والتوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

تساؤلات حول نية إسرائيل من بناء جدار على الحدود مع الأردن
تساؤلات حول نية إسرائيل من بناء جدار على الحدود مع الأردن

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

تساؤلات حول نية إسرائيل من بناء جدار على الحدود مع الأردن

أبوظبي - سكاي نيوز عربية أثار إعلانُ إسرائيل عزمَها بناءَ جدار على الحدود الفلسطينية الأردنية التي تسيطر عليها تساؤلات حول تناقضه مع ما تكرره إسرائيل من أنها تحاول الاندماج داخل المنطقة العربية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store