أحدث الأخبار مع #العصرالعباسي


الرأي
منذ 7 أيام
- ترفيه
- الرأي
أدب قلة الأدب!
عزيزي القارئ، تشير كلمة «أدب» في اللغة العربية إلى معان واسعة ومتنوعة، وقد تطورت الكلمة مع التاريخ وسياقاته. ففي «لسان العرب» لابن منظور (حوالي 658 هـ)، يُعرَّف الأدب بأنه الخلق والطبع، والأدب هو ما يُحسن به المرء من قول وفعل، والذي يتأدب به الأديب من الناس؛ سُمِّي أدباً لأنه يؤدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح، وحتى في فترة العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين كان يطلق لفظ «الأدب» على السلوك الحسن والتربية الجيدة، وعلى كل ما هو جميل ومفيد في الكلام والعمل، كما ورد بسند ضعيف عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم «أدبني ربي فأحسن تأديبي» فبعيداً عن صحة القول فإن سياق الكلمة الاجتماعي وقتها يدل أنها تحمل هذا المعنى المتعلق بالأخلاق قولاً وعملاً. وقد كان يُقال قديماً «رجُل بلا أَدَب» للدلالة على نقص التهذيب وحسن الأخلاق وممارسة قواعِد السلوك المُقرَّرة في المُجتمع. وفي العصر العباسي اتسع المفهوم ليصبح ما ينبغي لذي الصنعة والفن أن يتمسَّك به، كأدَب الكاتب وأدَب القاضي. تحديداً أصبح «الأدب» علماً يشمل الفلسفة والعلوم بفعل حركة الترجمة واختلاط الثقافات؛ فظهر كتاب «الأدب الكبير» لابن المقفع (حوالي 140 هـ) الذي جمع بين الحكمة السياسية والأخلاق العملية، وظهرت كتابات الجاحظ في «البيان والتبيين» (حوالي 265 هـ) حيث مزج بين السرد الأدبي والتحليل الاجتماعي، كما ظهرت «المقامات» كفن سردي عند بديع الزمان الهمذاني (حوالي 280 هـ). ثم تطور المفهوم بعد الدولة العثمانية، كما يظهر في «المعجم الوسيط» (العصر الحديث – حوالي 1381 هـ) حيث أصبح الأدب هو فنون النثر والشعر وما يتصل بهما، ومجموعة العادات والتقاليد الاجتماعية التي تحكم سلوك الإنسان وتحدد موقفه من القيم الخيرة والشر. أما في العصر الحديث، اليوم فكلمة «أدب» تشير إلى الكلام البليغ المرصوص بعيداً عن الرسالة التي يحملها، والذي يصدر عن عاطفة ومخيلة، ويؤثر في النفوس أياً كانت قيمه وأياً كان شكله وقالبه. ولكي نعرف عزيزي القارئ كيف انتقل مفهومي الأدب والأديب من الأخلاق والنفع إلى الدعوة إلى الشذوذ والشرب، فعلينا أن نعود إلى فترة النهضة العربية، حيث استمر تطور المفهوم الدلالي لكلمة «أدب» حتى وصلنا للقرن العشرين، ومع ظهور ما يمسى بالنهضة العربية، تحول الأدب إلى أداة لنقد الواقع والتراث الإسلامي وطرح الأسئلة الوجودية ومفاهيم الحرية وانفلات قيد الأعراف الاجتماعية والدعوة للتمرد، عبر الرواية والشعر الحر؛ مثل ثلاثية نجيب محفوظ (1376-1377 هـ) و«أولاد حارتنا» (حوالي 1377 هـ) التي صورت تحولات المجتمع المصري، وقصيدة «الكوليرا» لنازك الملائكة (حوالي 1390 هـ) كأولى خطوات الشعر الحر. وفي هذه الفترة تم الانزياح نحو «الأدب العالمي» تحت تأثير الترجمة والاحتكاك بالغرب، وتغير المفهوم ليشمل الإبداع الفني (الرواية، القصة القصيرة، المسرح، الشعر الحر) مع نزعة نقدية، وظهور كتاب «في الشعر الجاهلي» لطه حسين (حوالي 1389 هـ) الذي أعاد تعريف الأدب كـ«منتج فكري وليس مجرد نصوص قديمة»، فأصبح «الأدب» مرادفاً لـ«Literature» الإنكليزية، أي الإنتاج الإبداعي المكتوب بغض النظر عن القيم التي يدعو إليها. وقد ظهرت مدرسة الفن للفن والرواية للمتعة والقراءة للهروب من الواقع وليس من أجل بنائه. وبعد أن نهض فن الرواية والتأملات والشعر الحر، اختفى مفهوم «الأدب» بمعناه القديم وتحول إلى أدب قلة الأدب في العصر السائل، حيث يدور حول «النسوان» والإغواء وتفكيك المعتقدات الثابتة ونشر السلبية والاكتئاب والحزن والهم والغم والكتابة عن الأمراض النفسية والتعاطف مع العصاة والمجرمين والزنادقة والملحدين، وتفكيك الحدود والمعاني والأصول واستخدام تكنولوجيا النص. أصبح الأدب «سائلاً» يتشكل وفقاً لسياقات العولمة والتقنية، بعيداً عن قيمه وأخلاقه وتأدبه، مع تداخل الأجناس ودخول النثر في الشعر والمسرح في القصة والتأملات في المقال، وانزياح المعايير نحو «ما يطلبه القراء»! ولم يعد أحد يؤدب أحداً! خلاصة ما أريد قوله عزيزي القارئ، أنه ليس كل من كتب رواية أو قصة «أديباً»، وليس كل ما كُتب في شكل رواية أو قصة «أدباً». أخبرنا ذوو الفضل والعلم أنه لا أدب لكل من جهل معرفة قواعد التهذيب وأصول التصرف الاجتماعي والأخلاقي المقررة والمتعارف عليها، وممارستها، وتطبيقها، ومعرفة قواعِد التعاطي مع الناس، ومعاشرتهم بلياقة ولباقة، وأن يقول للناس «حُسنى»... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.


موقع كتابات
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- موقع كتابات
مقامة العرّافة
يريد المندلاوي الجميل أن يعلمنا كيف يجب ان نقرا التاريخ , ويطلعنا على بيت الشاعر مصطفى جمال الدين الذي يخاطب بغداد : (( وحذار ان تثقي برأي مؤرخ للسيف لا لضميره ما يسطر )) , ويقول عنه انها لحكمة بالغة في تاريخ الشعوب , مما ذكرني بالمثل الشعبي المعروف (( الحك للسيف , والعاجز يدور شهود )) , وبعيدا عن متطلبات الزمان والمكان ,لابد من الأقرار أن الأسلام أمة ماضوية , وقد قال المفكر السعودي عبد الرحمن منيف (( أن العرب أمة تعيش في الماضي , وان التاريخ يلهمها أكثر ممن يعلمها في الواقع , لذلك فهي لاتحسن التعامل مع الزمن الذي تعيشه , وهذا هو السبب في تخلفها )) . يقول معروف الرصافي : (( ما كتب التأريخ في كل ما روت … لقرائها إلا حديث ملــــــــفق , نظرنا لأمـــر الحاضرين فرابنا … فكيف لأمر الغابريـن نصدق )) , هناك تاريخ لا يرحل وكأنه حالة مزمنة لا ترياق يزيح ثقلها , الجغرافيا قوة فاعلة مزمنة , وكذلك هي الثقافة والتاريخ , على خريطة الورق الكونية , تمتد خطوط طول وعرض , وتسكن دول لها وجود في حدود , على ورق الخرائط سكنت إمبراطوريات , وحكمت سلطات , وكانت أمم , إمبراطوريات حكمت من يليها , بقوة السلاح يحمله رجال , من الإسكندر الأكبر, الى الفرس , إلى الرومان , وقبلهم الفراعنة , وبعدهم العرب , ذهب من ذهب وبقي من بقي , تكوين حضاري وثقافي ظلَّ يرفع رأسه فوق قبة الوجود الإنساني الممتد عبر الزمن , ولكن الجميع أو لنقل معظمهم من رجال الدين (( السنة والشيعة )) على حدآ سواء لا يريدون لنا أن ننظر من خلال ما نراها في بطون أمهات كتب التاريخ , ولكن من خلال ما يرونه ويصورونه لنا. قطع رأس الحسين وأودع عند عبيد الله بن زياد , وقطع رأس عبيد الله وأودع عند المختار الثقفي , وقطع رأس الثقفي وأودع عند مصعب بن زبير, وقطع رأس مصعب وأودع عند عبد الملك بن مروان , وما زالت الرؤوس تقطع وترمى على الطرقات والقتلة مجهولون, والتاريخ الهمجي يكرر حماقاته ونحن ضحاياه المكررون , (( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم , ولا تسألون عما كانوا يعملون(( , الدنيا في مساراتها الصاعدة , والعديد من كراسي الأمة متقهقرة في مغارات الماضيات الفاعلات في الحياة ,أذهلني خطاب أحدهم وكأنه منقطع عن الدنيا , ومتلبس بأوهامه , ويريد أن يثأر للأموات من الذين غادروا منذ عشرات القرون , إنه لأمر مذهل ومحير , وتعبير عن الخواء والعداء السافر للحاضر والمستقبل , وتدمير للوجود الذاتي والموضوعي للأجيال. تُرى ما فائدة الإنشغال بالماضيات ونبش قبور السالقات , والتوهم بأننا في لحظة زمنية خالدة توقفت عندها الأرض عن الدوران , وعلينا أن نتوطن دوائرها المفرغة المناهضة لبديهيات الأفهام؟ لا يوجد تفسير إلا أنها متاجرة , وآلية تدر أرباحا طائلة على مروجيها والعاملين بموجبها , ولهذا يكون من الضروري تعزيز التغفيل والتجهيل وتمرير الدجل والتضليل , وبموجب ذلك لن تتحرر المجتمعات المستهدفة من القهر بأبسط الحاجات اللازمة للحياة , وعلى الفساد أن يكون دستورا , والحكومة بلا هيبة , والقانون حبر على ورق , والكيل بألف مكيال ومكيال , يؤمن مسيرة الإضطراب والضحك على رؤوس البرايا , وتحويلها إلى قطعان ضاوية في ميادين الخطايا. عندما نقرأ للمؤرخين المعروفين كالطبري , اليعقوبي , المسعودي , البلاذري وإبن كثير , وغيرهم , نتحير أمام ما دونوه عن حدث واحد , وهم ما شاهدوه أو عاشوه , إنهم نقلوا عن فلان وفلان وبعد قرون , فهم في العصر العباسي ويكتبون عن أحداث حصلت قبل أكثر من قرن , فتجد قصصا متضاربة لا يقبلها العقل المعاصر , لكنها ترسخت بالتكرار , على أنها الصدق بعينه , كتب التأريخ يختلط فيها الغث والسمين , والحابل بالنابل , والكذب والصدق , والإختلاق والحقيقة , ومعظمها تعبيرات عن عن آراء الكتاب , وفقا لمدى إقترابهم وبعدهم عن الكرسي المتحكم بمصير البلاد والعباد , فلا توجد مدونات تأريخية موضوعية , وخالية من عسل السلطة وضرورة التكسب بالمكتوب , فما خطته الأقلام كان من أجل الإرتزاق , وهذه مهنة سائدة وتدر مالا على أصحابها , فكانوا يهدون كتبهم للذين يتوقعون منهم عطاءُ مجزيا , ولابد من القول أن الجاحظ أهدى كتاب الحيوان لوزير المتوكل عبد الملك الزيات , وباقي كتبه لغيره , ونال على ذلك مالا وفيرا , فلا بد من القراءة المتعقلة للتأريخ , وعدم فصل ما مكتوب عن زمانه ومكانه , ولا يجوز القول بأن المدون مقدس , فهو من نضح عقول عصره وظروفه , وليس مخلدا أو مطلقا , كما يجري العمل على إيهام وخداع الأجيال , و(( الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها )) . عند أسوار التاريخ , مرّت بي قَوافل رجال ونساء , وسمعت رُغاء إبل ونُباح كلاب , وتهادى لِسمعي هدير قطارات , ومنبهات سيارات وباصات , ورأيت نساكاً وفقهاءَ يطاردون الشيطان , وعبيداً مخصيين وسبايا شبه عاريات , وأنصاف آلهة يهرولون جلجامش , هرقل , أطلس الموريطاني , ورأيت أخيل , وغاليلي , ونيرون , وكافكا وعطيل , وابو نواس , وحسان ابن ثابت , وأبو عبد الله الغالب , ورأيت المهدي بن تومرت ,ومولاي بوشعيب الردّاد , والسيدة الحرة , وشويخ مكناس , وأبو المسك كافور والمتنبي , وضبة الأسدي , الى ان أخبرتني عرّافة ذات رؤية , أضاعت وِدْعها في ليلة ظلماء : أن ريح العشيرة تنفخ في صدري نَزعة العصبية , وأن جينات الأسلاف تخنق خلايا دماغي , وتجبرني على التصرف بغموض , يفتك بمصداقيتي , ويوصد أبواب الحقيقة في وجهي , قالت بصوت عميق : تخلص من الوصاية , تحرر من الأغلال , تفيأ ظلال الحقيقة,وفَكِّر من علو باسق.


الشرق الأوسط
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
الإماراتي جمال مطر: محور روايتي يدور حول السلطة ومفهوم العدالة
صدرت حديثاً عن دار النشر الباريسية العريقة «لارماتان»، ترجمة فرنسية لرواية «ربيع الغابة» للكاتب الإماراتي جمال مطر، حملت توقيع المترجمة المغربية وفاء ملاح، وراجعها الكاتب الفرنسي لوك باربوليسكو. وقد ذَيَّلت الدار الغلاف الأخير للرواية بنبذة تسلط الضوء على سيرة الكاتب وعوالم رواياته. يروي لنا الروائي أحداث هذه الحكاية العجيبة على لسان حيوان، لتتشكل شخصيات الرواية بأكملها من عالم الحيوان الرحب، إذ تنطق بالحكمة على ألسنة البهائم، في تقليد نادر يذكِّرنا بـ«كليلة ودمنة»، لكن مع فارق جوهري، فكتاب «كليلة ودمنة» ليس رواية بالمعنى المتعارف عليه، بل هو سفر حافل بالحكايات المروية على ألسنة الحيوانات. تنطلق شرارة الأحداث من دعابة عابرة بين فأر وأسد. وسيُكتب لهذا الأرنب الصغير شأن عظيم في أرجاء الغابة، تماماً كما تجلى في صفحات «ربيع الغابة». يستلهم الفأر قوته من مهاراته اللغوية الفذة، فهو خطيب مفوَّه، ومتحدث بارع، يمشي على الأرض بخفة ورشاقة، لكنه يترك أثراً عميقاً في نفوس الآخرين. ومنذ اللحظات الأولى لظهوره، يتكشف لنا خبث الفأر المبطَّن ومكرُه الخفي، لتتجسد شخصيته في بوتقة تجمع بين صفتي الدهاء والمكر. ومع ولوج الفأر إلى بلاط الأسد المهيب، تتفجر المشكلات، وتتصدع أركان المجتمع الحيواني المتماسك في الغابة. وبدهاء مُحْكَم، يبدأ الفأر في ابتزاز الكائنات الأخرى، متظاهراً بأنه كائن مضطهد، لا يجد من يحبه أو يهتم به، حتى البعوض الذي يقتات على الدماء يعاف دمه ويزدريه لفساده. بهذه الحيلة البارعة، يتمكن الفأر من استمالة بعض الحيوانات إلى صفه، ليُنتخب حاكماً للغابة ليوم واحد فقط، في غياب الملك المهيب، الأسد. وأول قرار يتخذه هذا الحاكم الطارئ هو عزل الملك العادل عن عرشه، مستنداً إلى مبررات واهية، لتبدأ حالة من الفوضى العارمة والخراب المستشري في الغابة، منذ اللحظات الأولى لعهده المشؤوم. وتتجسد البطولة في عالم الحيوان، من خلال أحداث فانتازية، تحلق في فضاء الخيال، لكنها تدور في فلك فكرة جوهرية: صراع حيوانات الغابة على السلطة والنفوذ ومقاليد الحكم. وفي نهاية المطاف، تتجلى الرواية كتجسيد فني للصراع الأزلي بين قوى الخير وقوى الشر. وفي لقاء مع الكاتب، تحدث عن روايته المترجَمة حديثاً إلى الفرنسية، قائلاً: «لقد سعيت جاهداً لأجعل من روايتي (ربيع الغابة) بؤرة للروح الرمزية؛ لذا قررت أن أروي أحداثها على ألسنة الحيوانات، على منوال كتاب (كليلة ودمنة) الخالد، الذي خطَّه ابن المقفع (724 ـــ 759) في العصر العباسي الزاهر، وروايتي تختلف جوهرياً عن رواية «مزرعة الحيوان» لجورج أورويل، التي تتحدث بلسان البشر، وتتحاور مع الحيوانات في بعض الأحيان». ويسترسل الكاتب في الحديث عن منبع إلهام الرواية، قائلاً: «بدأت فكرة الرواية تراودني منذ 15 عاماً، في أثناء سماعي طرفة فكاهية تدور حول فأر. ومنذ ذلك الحين، أخذت تلك الفكرة تنمو وتترعرع في ذهني، وتحولت إلى مشروع فيلم (كارتون) – أي رسوم متحركة. وهكذا بدأت الفكرة تتبلور، وتتشكل في مخيلتي، حتى تكللت جهودي بإتمام كتابتها». ويتابع الكاتب، متطرقاً إلى التساؤلات التي أثيرت حول الرواية بعد نشرها باللغة العربية: «بعد نشر الرواية باللغة العربية، انهالت عليَّ أسئلة كثيرة من القراء، من قبيل: هل هذه الرواية موجَّهة للصغار أو للكبار؟ ولماذا آثرتُ أن أرويها على ألسنة الحيوانات لا على ألسنة البشر؟ وما الرسالة التي تنطوي عليها هذه الرواية؟ وغيرها من الأسئلة». وعن رؤيته الفنية للرواية، يقول: «لقد تدافعت إلى ذهني كل هذه التساؤلات وأنا أغوص في بحر الكتابة، إلا أنني تعاملت مع الفكرة على أساس أنها جنس أدبي مستقل، وأعددتها للشاشة الفضية، وما زلت أحلم بأن تتحول إلى فيلم سينمائي في يوم من الأيام. لقد كان بإمكاني أن أصوغ هذه الرواية في قالب شعري، لكنني فضَّلت الرواية كأسلوب أدبي قادر على استقطاب شريحة أوسع من القراء. وتدور الفكرة المحورية للرواية حول السلطة وكرسي الحكم، ومفهوم العدالة». ويضيف الكاتب شارحاً أبعاد الرواية الرمزية: «تسعى الرواية جاهدة إلى رصد الانطباعات والسلوكيات المتناقضة التي تتأرجح في دواخل البشر، وذلك من خلال تجسيد الصراع الأزلي بين الخير والشر الكامنين في نفوسهم؛ إذ كانت الحياة على سطح الأرض في أبهى عصورها وازدهارها مدينة فاضلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لولا عبث الأشرار فيها. وفي روايتي، يمثل الشر الفأر الذي يزهو بدهاء ومكر بالغين؛ لأنه يمتلك عقلاً شريراً مكَّنه من إقناع الملك بالخروج في نزهة، بل ومرافقته في هذه النزهة؛ ليتمكن من قراءة أفكاره الخفية، وليحقق مآربه وخططه الدنيئة». ويستطرد الكاتب في وصف الصراع المحتدم في الغابة، قائلاً على لسان الفأر: «كم أغبط العصفور في طيرانه الرشيق، وانتقاله السلس من شجرة إلى أخرى بكل حرية وانطلاق، لأنه لا يرزح تحت تسلُّط متسلِّط. لقد ماتت طفولتي البريئة التي ما زلت أبحث عنها». هكذا يمضي الفأر في نسج مكيدته الشيطانية؛ حتى تنتخبه الحيوانات ملكاً متوَّجاً على الغابة. وفي أول يوم من حكمه، يستهل خطابه بالإشادة بفضائله المزعومة، ثم ينطلق منذ اليوم الأول لعهده في بث بذور الفُرقة والشقاق بين الحيوانات، فيبدأ في التخطيط المُحْكم لجمع الأقليات المهمشة في الغابة، ومنحهم العطايا والهبات السخية، ليستميل أصواتهم، ويكسب ولاءهم الزائف.


البوابة
٠١-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- البوابة
عيد الفطر في مصر عبر العصور.. منذ الفتح الإسلامي حتى اليوم
عيد الفطر في مصر مناسبة دينية واجتماعية وثقافية وطقس شعبي يتجدد في كل عصر، يحمل في طياته مظاهر الفرح والتقاليد الفريدة التي تعكس روح المصريين، ومنذ دخول الإسلام إلى مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، تطورت احتفالات العيد عبر العصور، حيث كان لكل فترة تاريخية طابعها الخاص، ومظاهرها المميزة التي شكلت الموروث الشعبي والرسمي لهذا اليوم المبارك، ورغم مرور القرون، بقي عيد الفطر في مصر مناسبةً تمزج بين الروحانية والفرح، حيث حافظ المصريون على طقوسه الدينية، وأضافوا إليه لمساتهم الخاصة، ليبقى يومًا ينتظره الجميع بكل حب وسعادة، فهو يوم الفرح بعد الصيام، ويوم اللمة العائلية والبهجة التي تملأ القلوب والشوارع. عيد الفطر في الخلافة الراشدة (فتح مصر سنة ٢٠ هـ / ٦٤١ م) دخل الإسلام مصر على يد القائد عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وكان المصريون آنذاك حديثي العهد بالإسلام، لذا كانت احتفالاتهم بالعيد بسيطة وقريبة من روح الصحابة والتابعين. شملت مظاهر الاحتفال في هذه الفترة، إقامة صلاة العيد في الساحات المفتوحة، خاصة في فسطاط مصر، وهي العاصمة الأولى للإسلام في البلاد، وكذلك التكبير والتهليل بعد صلاة الفجر وحتى أداء الصلاة، وإخراج زكاة الفطر للفقراء والمحتاجين، وهو ما عزز روح التكافل الاجتماعي بين المسلمين الجدد، وتبادل التهاني بين المسلمين وارتداء الملابس النظيفة والجديدة، وإقامة ولائم للفقراء والمساكين، حيث كان عمرو بن العاص يحرص على توزيع الطعام بنفسه. عيد الفطر في العصر الأموي (٤١ - ١٣٢ هـ / ٦٦١ - ٧٥٠ م) مع تولي الأمويين حكم مصر، بدأت الاحتفالات تأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا، حيث حرص الولاة على إبراز العيد كمناسبة رسمية، ومن أبرز مظاهر العيد في العصر الأموي، إقامة صلاة العيد في الساحات الكبرى، مثل جامع عمرو بن العاص، وإعلان العيد رسميًا من دار الإمارة، حيث يجتمع الناس أمام مقر الحاكم لسماع التهنئة الرسمية، وارتداء الملابس الجديدة، وكانت الأسواق تمتلئ بثياب العيد المخصصة للأطفال والكبار، وكذلك إقامة الأسواق الموسمية،حيث تباع الحلوى والفواكه والسلع النادرة، وإقامة حلقات الإنشاد الديني والطرب العربي، حيث بدأ بعض المصريين في إدخال عناصر احتفالية جديدة إلى العيد. عيد الفطر في العصر العباسي (١٣٢ - ٣٥٨ هـ / ٧٥٠ - ٩٦٩ م) شهد العصر العباسي اهتمامًا بالمظاهر الرسمية في العيد، وكانت الدولة العباسية تولي اهتمامًا خاصًا بالمناسبات الدينية، ومن مظاهر الاحتفال في العصر العباسي، إقامة مواكب رسمية للولاة بعد صلاة العيد، حيث يخرج الحاكم على رأس موكب من الفرسان والعلماء، وإقامة أسواق العيد، حيث تباع الحلويات الخاصة مثل المعجنات المحشوة بالعسل والتمر، وإقامة ولائم ضخمة في قصور الولاة، تُدعى إليها شخصيات بارزة من التجار والعلماء، وكذلك الاهتمام بتوزيع الصدقات، وكانت الدولة توزع أموالًا للفقراء، إضافة إلى زكاة الفطر. عيد الفطر في العصر الفاطمي (٣٥٨ - ٥٦٧ هـ / ٩٦٩ - ١١٧١ م) الفاطميون هم الأكثر تأثيرًا في تشكيل تقاليد العيد في مصر، حيث تحولت المناسبة إلى احتفال شعبي ضخم، وابتكروا تقاليد لا تزال قائمة حتى اليوم، ومن مظاهر الاحتفال في العصر الفاطمي، موكب العيد الرسمي حيث كان الخليفة الفاطمي يخرج بموكب ضخم إلى المصلى، تحيط به الأعلام والجنود، وكذلك صناعة كعك العيد، حيث كانت الدولة توزع آلاف المعجنات المحشوة بالسكر والمكسرات، وإقامة مهرجانات العيد في الشوارع، والتي كانت تشمل العروض الفنية، والحكواتي، والمهرجين، وتوزيع ملابس العيد، حيث كانت الدولة تصرف كسوة جديدة للفقراء في هذه المناسبة. عيد الفطر في العصر الأيوبي (٥٦٧ - ٦٤٨ هـ / ١١٧١ - ١٢٥٠ م) بعد انتهاء الحكم الفاطمي، حرص 'صلاح الدين الأيوبي' على إضفاء طابع ديني وروحاني أكثر على العيد، ومن مظاهر الاحتفال في العصر الأيوبي، الاهتمام بالخطبة الدينية في العيد، حيث كان العلماء يلقون خطبًا تحث الناس على التقوى والشكر، وإقامة موائد الرحمن في القلاع،حيث تُقدم الأطعمة للمحتاجين، مع الاحتفاظ بعادة كعك العيد، لكنها أصبحت تصنع في المنازل أكثر من القصور. عيد الفطر في العصر المملوكي (٦٤٨ - ٩٢٣ هـ / ١٢٥٠ - ١٥١٧ م) حول المماليك العيد إلى مناسبة استعراضية ضخمة، وتميزت احتفالاتهم بالبذخ، ومن مظاهر الاحتفال في العصر المملوكي، إقامة سباقات الخيول في ساحات القاهرة،حيث يتبارى الفرسان في عروض قتالية، وإقامة ولائم كبرى للفقراء، وكانت تشمل اللحوم والخضروات والحلوياتـ وكان أبرز تلك المظاهر خروج السلطان في موكب فاخر، ترافقه الطبول والموسيقى العسكرية. عيد الفطر في العصر العثماني (٩٢٣ - ١٢١٣ هـ / ١٥١٧ - ١٧٩٨ م) لم يضيف العثمانيون الكثير إلى احتفالات العيد، لكنها ظلت بطابع رسمي تقليدي، ومن مظاهر الاحتفال في العصر العثماني، حضور الوالي صلاة العيد، ثم استقبال المهنئين في القلعة، واستمرار تقاليد كعك العيد وزيارة الأضرحة، وكذلك ظهور فرق المولوية الصوفية، التي كانت تؤدي عروض الذكر في المساجد. عيد الفطر في العصر الحديث (١٨٠٥ - حتى اليوم) مع تطور العصر، دخلت وسائل جديدة في الاحتفال بالعيد، خاصة مع دخول التكنولوجيا ووسائل الإعلام، ومن مظاهر الاحتفال في العصر الحديث، إذاعة تكبيرات العيد عبر مكبرات الصوت، وإعلان رؤية الهلال رسميًا، وانتشار عادة "العيدية"، حيث يمنح الكبار للأطفال نقودًا للاحتفال، وخروج العائلات إلى الحدائق والمتنزهات، وتحضير الأطعمة التقليدية مثل الفسيخ والكعك، وظهور وسائل الإعلام في الاحتفالات، حيث تبث الإذاعة والتلفزيون برامج ترفيهية خاصة بالعيد.


الكنانة
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الكنانة
حكاية شاعر
بقلم محمد فتحى شعبان حكاية شاعر أسعد الله حياة الجميع ما يحدث في فلسطين أمر فوق الاحتمال ، يعتصر القلب ألما و حزنا ، وقوف الجميع موقف المتفرج الصامت أو حتي الذي يصرخ ويستنكر …الله المستعان علي ما تصفون . معذرة إلي الله …فما بيدي حيلة إلا الدعاء . نلتقي اليوم مع أحد شعراء العصر العباسي الأول …العصر الذهبي للدولة العباسية أو عصر قوتها ، وقد اشتهر في هذا العصر العديد من الشعراء والأدباء ، فقد كان عصر انفتاح علي الثقافات والحضارات الأخري من خلال ما تم ترجمته من علوم وآداب و فلسفات ، كان هناك ثورة ثقافية و معرفية فانتشرت في هذا العصر العديد من العلوم وكان عصر حركة فكرية وعلمية . شاعرنا اليوم من الشعراء المولدين و المولدون هم من كانوا من اصل أعجمي غير عربي لكنهم ولدوا لأباء أو اجداد عاشوا بين العرب و اختلطوا بهم ، كان من أبرز شعراء العصر العباسي واشتهر بشعر الهجاء والغزل ، وقد قتل بسبب شعر هجا فيه الخليفة فضرب بالسياط حتي مات ، إنه الشاعر الذي قال : كأن أبريقا والقطر في فمه طيرا تناول ياقوتا بمنقار رغم أنه كان اعمى وقد انتشرت في مواقع التواصل صورة توضح مدي التشابه بين الطير الذي في منقاره ياقوت وبين القطر في فم الأبريق . إنه أبو معاذ بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي ، ولد عام ٩٦ من الهجرة وتوفي عام ١٦٨ من الهجرة عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية ، وقد ولد أعمى وكان من فحول الشعراء و سابقيهم وكان غزير الشعر سمح القريحة ، وقد قيل فيه ( أنه لم يكن في زمن بشار بالبصرة غزل ولا مغنية ولا نائحة إلا يروى من شعر بشار ) ، وقال عنه الجاحظ ( وليس في الأرض مولد قروي يعد شعره في المحدث إلا و بشار أشعر منه ) . كان أبوه مولي لبني عقيل بن كعب بن عامر يعمل طيانا ، وقع جد بشار في السبي وولد برد في الرق وكذا بشار ثم أعتق ، ويقال أن من أجداده من كانوا من ملوك الفرس وفي نسبه الوارد في ديوانه اسماء بعض ملوك الفرس ، وأصله من طاجيك من إقليم خراسان . كان دميم الخلقة أعمى ، طويلا ضخم الجسم ، عظيم الوجه ، جاحظ العينين قد تغشاهما لحم احمر ، فكان قبيح العمي مجدور الوجه ،ضرب به المثل لقباحة عينية ، فقالوا كعين بشار بن برد . كان سريع الغضب ، سريع الهجاء ، وكان محب للملذات مجاهر بها ، وكان سريع الرد علي من خالفه بذئ اللسان ، شديد الأذى ، وكان ثابت الرأي شجاع القلب. سبب مقتله كان سبب مقتله شعر قاله في هجاء بني أمية فقال : بني أمية هبوا طال نومكم إن الخليفة يعقوب بن داوود ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا خليفة الله بين الناي والعود فسعى يعقوب بن داوود بتلك الأبيات إلي المهدي ، وأخبره الخير فكاد أن ينشق غيظا …ثم ذهب إلي البصرة فسمع آذانا في ضحي النهار فسأل عنه فإذا هو بشار في حال سكر ، فاخذوه في زورق و ضربوه بالسوط حتي مات ، ورموا جثته علي قطعة خشب ، وحمله الماء إلي البصرة فأخذه أهله و دفنوه بها ، شاعر قتله شعره و لسانه فمن الشعر ما قتل . مع قصيدة من شعره ( ذات دل ) وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها باتت تغنِّي عميدَ القلب سكرانا إِنَّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا فقُلْتُ أحسنْتِ يا سؤْلي ويا أَمَلِي فأسمعيني جزاكِ الله إحسانا يا حبذا جبلُ الرَّيَّان من جبل وحبذا ساكن الريان مَنْ كانا قالت فَهَلاَّ فدَتْكَ النفس أَحْسنَ مِن هذا لمن كان صبّ القلبِ حيرانا ياقومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة ٌ والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعة ٌ أَضرمتِ في القلب والأَحشاءِ نِيرانا فأسمعيني صوتاً مطرباً هزجاً يزيد صبًّا محبّاً فيك أشجانا يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُفَّاحاً مُفَلَّجَة ً أوْ كُنْتُ من قُضُبِ الرَّيحان رَيْحَانا حتّى إِذا وَجَدَتْ ريحي فأعْجَبَها ونحنُ في خَلْوة ٍ مُثِّلْتُ إِنسانا فحرَّكتْ عُودَها ثم انثنَتْ طَرَباً تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا أصْبحْتُ أَطْوَعَ خلق اللَّه كلِّهِمِ لأَكْثَرِ الخلق لي في الحُبّ عِصيانا فَقُلت: أَطربْتِنا يا زيْنَ مجلسنا فهاتِ إنك بالإحسان أولانا لوْ كنتُ أعلَمُ أَن الحُبَّ يقتلني أعددتُ لي قبلَ أن ألقاكِ أكفانا فَغنَّت الشَّرْبَ صَوْتاً مُؤْنِقاً رَمَلاً يُذْكِي السرور ويُبكي العَيْنَ أَلْوَانا لا يقْتُلُ اللَّهُ من دامَتْ مَودَّتُه واللَّهُ يقتل أهلَ الغدر أَحيانا لا تعذلوني فإنّي من تذكرها نشوانُ هل يعذل الصاحونَ نشوانا لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت وقد لهوتُ بها في النومِ أحيانا باتت تناولني فاهاً فألثمهُ جنيّة زُوجت في النوم إنسانا