logo
#

أحدث الأخبار مع #العلوم_الحيوية

ما بعد الجينوم.. سيادة البيانات الحيوية
ما بعد الجينوم.. سيادة البيانات الحيوية

الرياض

timeمنذ 10 ساعات

  • علوم
  • الرياض

ما بعد الجينوم.. سيادة البيانات الحيوية

بعد أن قطعت المملكة شوطًا كبيرًا في مشاريع الجينوم وتحليل البيانات الحيوية، وبدأت ملامح البنية التحتية الوطنية تتشكل، يبرز سؤال استراتيجي يحمل بين طياته عمق المرحلة القادمة: ماذا بعد؟ إن التحدي اليوم هو في الانتقال من مرحلة جمع البيانات إلى مرحلة تسخيرها لخدمة الأمن الغذائي والصحي والاقتصادي للمملكة، وتحويلها إلى أدوات سيادية تصنع الفرق في حاضر الوطن ومستقبله. السيادة البيولوجية ليست مصطلحًا نظريًا يُضاف إلى قواميس المصطلحات المتخصصة، بل هي مسار استراتيجي يعكس قدرة الدولة على إنتاج وتوظيف المعرفة البيولوجية محليًا، بمواردها البشرية والتقنية والتشريعية، بما يخدم مصالحها الوطنية. فكما بلغنا مستويات متقدمة من السيادة في مجالي الطاقة والمياه، فإنه من المهم ان نسعي لتحقيق ذات المستوى في السيادة البيولوجية، و ذلك لضمان التحكم في قطاعات مهمه كالصحة والزراعة. تمثل البيانات الجينية التي نمتلكها اليوم ثروة وطنية، لكنها لا تؤتي ثمارها إلا إذا أُحسن توظيفها لخدمة الفرد والمجتمع. فمن خلال استخدام هذه البيانات في تصميم أدوية تتوافق مع الخصائص الوراثية للسكان، أو في تطوير سلالات حيوانية تتلاءم مع بيئتنا واحتياجاتنا الغذائية، يتحول الجينوم إلى أداة سيادية. وعلى سبيل المثال، حين يُنفذ تحليل جيني شامل لسلالات الماشية المحلية، ومن ثم تُبنى عليه برامج تربية تستهدف صفات وراثية بعينها، أو تطوير لقاحات مخصصة، فإن ذلك يقود إلى تحسين الإنتاج ورفع المناعة. إذا تم تنفيذ كل ذلك عبر منصات وطنية فهذه هي السيادة البيولوجية، أي أنها في هذا المثال تتشكل في قدرة المملكة على تأمين مصادر اللحوم والألبان دون الاعتماد على أدوات خارجية. رغم التقدم الكبير، لا تزال هناك فجوة بين امتلاك البيانات الحيوية واستثمارها. هناك أنشطة تحليل جينومي محلية من خلال برامج حكومية وأكاديمية متقدمة، لكن مازال هناك اعتماد كبير على منصات التحليل الخارجية. هذا الواقع قد يقود إلى تسرب هذه البيانات واستغلالها في تحليل فجوات واحتياجات السوق المحلي، مما يمنح جهات خارجية ميزة تنافسية تتيح لها تطوير منتجات وخدمات مصممة خصيصًا لتلبية تلك الاحتياجات، ثم تسويقها لنا لاحقًا. وبهذا الشكل، لا يقتصر الضرر على فقدان السيطرة على البيانات، بل يشمل أيضًا تسرب القيمة العلمية والاقتصادية منها إلى الخارج، مما يحرمنا من فرص الابتكار المحلي ويعيق التحول الصناعي المعرفي. ولسد هذه الفجوة، لا بد من إطلاق خارطة طريق وطنية للسيادة البيولوجية، تبدأ بتطوير منصات تحليل محلية قادرة على قراءة هذه البيانات وتفسيرها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتأسيس بنوك بيانات حيوية تُصمم وتُدار ضمن البنية السيبرانية الوطنية، وتنتهي بمراكز تصنيع حيوي قادرة على تحويل البيانات إلى منتج سواء كان دواء أو لقاح أو سلالة أو حتى سياسة عامة. كما أن أي مشروع من هذا النوع يتطلب ركيزة أخلاقية وتنظيمية متينة. إن تحديد صلاحيات استخدام البيانات الحيوية في إطار أولوياتنا، ووضع تشريعات تحمي خصوصيتها، وتمنع استغلالها خارج نطاق الإرادة الوطنية، هو ما يجعل هذه الثورة العلمية ذات مضمون سيادي، ورسالة تنموية. إن السيادة البيولوجية تتطلب تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى الجينات من مادة علمية إلى أداة للتغيير. وهي ليست خيارًا مستقبليًا، بل ضرورة آنية توجب التعاون بين الباحث والمشرّع، بين المزارع والمستثمر، بين المواطن والدولة، ففي الجينوم لا نجد فقط أسرار الإنسان، بل نلمح فيه أيضًا ملامح مستقبله، ومفاتيح أمنه وازدهاره.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store