أحدث الأخبار مع #العنصرية


اليوم السابع
منذ 19 ساعات
- ترفيه
- اليوم السابع
فالنسيا يدين الفيلم الوثائقي عن فينيسيوس ويهدد بإجراءات قانونية
رد نادي فالنسيا الاسباني رسميًا على الفيلم الوثائقي الجديد الذي أطلقته إحدى الشبكات حول النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور ، لاعب ريال مدريد ، والذي أثار جدلاً واسعًا خلال الأيام الماضية، خصوصًا بين جماهير "الخفافيش". ويستعرض الوثائقي مسيرة فينيسيوس الكروية، ويتطرق إلى حوادث عنصرية وقعت في ملعب ميستايا خلال السنوات الأخيرة، حيث أشار إلى مشاركة جماهير فالنسيا في هذه الأحداث، ما أثار غضب المشجعين الذين شنوا حملات لتقييم الفيلم بشكل سلبي على منصات مراجعة الأفلام. وفي أول رد رسمي، نشر النادي بياناً عبر حسابه على منصة "إكس"، جاء فيه: "دفاعاً عن جماهير فالنسيا ضد الظلم والمغالطات التي تعرضوا لها، يطالب النادي رسمياً منتجي الفيلم بسحب المحتوى المتعلق بأحداث ميستايا، كونه لا يعكس الحقيقة، يجب أن تسود الحقيقة واحترام جماهيرنا". وأضاف البيان أن النادي يحتفظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. يُذكر أن العلاقة بين فينيسيوس وجماهير فالنسيا شهدت توتراً متزايداً في السنوات الأخيرة، حيث اعتادت المدرجات إطلاق هتافات مستفزة ضد اللاعب في كل زيارة له، إلى جانب الانتقادات المستمرة التي يتلقاها من وسائل الإعلام المحلية.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- سياسة
- الجزيرة
تصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا
الإسلاموفوبيا ليست مجرد تحامل فردي، بل هي بنية اجتماعية وثقافية وسياسية تتجسد في السياسات العامة، والتغطية الإعلامية، والممارسات اليومية. وفي فرنسا جرت أحداث صادمة في مسار العنف ضد المسلمين، حملت طابعًا واضحًا من الكراهية الدينية، ولا يمكن فصلها عن السياق السياسي والاجتماعي الذي أنتجها. تشكل جريمة مقتل "أبو بكر سيسي" مثالًا على ما ذكرناه؛ ففي 25 أبريل/ نيسان 2025، دخل الجاني أوليفييه مسجد خديجة، وارتكب جريمة قتل مروعة بحق أبي بكر سيسيه، أثناء قيام هذا الأخير بتنظيف المسجد الخلفية النظرية: الإسلاموفوبيا كبنية مؤسسية يشير ديفيد تيودور (Tudor؛2018) إلى أن الإسلاموفوبيا الحديثة لم تعد مقتصرة على الرهاب الثقافي، بل أصبحت نمطًا من "العنصرية الثقافية المؤسسية". وتصف الباحثة نيلوفار غول الإسلاموفوبيا بأنها "عدسة تعيد تفسير كل مظهر إسلامي كأداة تهديدية (Göle؛2011). ويقترن ذلك بتصاعد الخطاب الشعبوي الذي يربط الإسلام بالإرهاب، والتراجع في خطاب التعددية الثقافية في أوروبا. السياق الفرنسي: اللائكية كسيف ذي حدين أدى التفسير الصارم لمبدأ اللائكية في فرنسا إلى فرض سياسات تقييدية تجاه المسلمين، مثل حظر الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة (2004)، وقانون "مكافحة الانفصالية" (2021). ورغم ادعاء الحياد الديني، فإن هذه الإجراءات استهدفت المسلمين غالبًا بشكل غير مباشر، ما ساهم في تأطير المسلم كمواطن "مشبوه". في هذا السياق، تظهر الإسلاموفوبيا كنتاج لتراكمات خطابية وتشريعية. جريمة قتل "أبو بكر سيسي": تحليل دلالي وسياقي تشكل جريمة مقتل "أبو بكر سيسي" مثالًا على ما ذكرناه؛ ففي 25 أبريل/ نيسان 2025، دخل الجاني أوليفييه مسجد خديجة، وارتكب جريمة قتل مروعة بحق أبي بكر سيسيه، أثناء قيام هذا الأخير بتنظيف المسجد. وثق الجاني فعلته بفيديو مصحوب بعبارات كراهية للإسلام مثل: "أنا أكره دينك"، و"أفعل هذا من أجل فرنسا". وبعد الجريمة فر إلى إيطاليا، حيث ألقي القبض عليه. ولعل التحليل الأولي لفعل الجريمة يظهر خصائص نموذجية لجريمة كراهية، تتمثل في: دافع إيديولوجي: الجاني صرح بنيته قتل مسلم بدافع كراهية الدين. رمزية المكان: المسجد -كمكان عبادة- اختير عمدًا لتوجيه رسالة تحريضية، تستهدف المسلمين والأقليات. توثيق الجريمة: وذلك عن طريق تصوير الحدث، الأمر الذي يدل على سعي الجاني لخلق أثر عام، ما يقربه من منطق الإرهاب. ولعل تأخر السلطات في تصنيف الجريمة على أﻧﻬا "إرهابية" أثار انتقادات من المجتمع المسلم والمنظمات الحقوقية؛ معتبرين أن التعامل سيكون مختلفًا لو كان الجاني مسلمًا والضحية غير مسلم. الخط الازدواجي أصبح اليوم واضحًا، بل كشفت عن أنيابه المدعية العامة، حينما صرحت بأن الجاني الذي قتل "أبو بكر سيسي" كان "مدفوعاً بـرغبة مهووسة في قتل شخص ما"! والمقصود من هذا القول أن الجاني لم يخطط لقتل المصلي المسلم الذي لم يكن يعرفه تحليل إعلامي: التمثيل الرمزي للمسلمين تظهر دراسة لهيئة "CSA France"، المسؤولة عن مراقبة وتنظيم المحتوى السمعي البصري، أن 73% من التغطيات الإعلامية التي تتناول المسلمين في فرنسا تربطهم بالتهديد الأمني أو العنف. هذا التمثيل يكرس صورة نمطية للمسلم كخطر محتمل، ويخلق شرعية ضمنية لأعمال العنف أو التمييز ضده. في تغطية جريمة قتل "أبو بكر سيسي"، ترددت قنوات عديدة في استخدام وصف "جريمة كراهية"، وامتنعت بعض الوسائل عن تسميتها "إرهابية"، ما يشير إلى تردد في الاعتراف بالضحايا المسلمين كـ"ضحايا شرعيين للعنف الأيديولوجي". الإسلاموفوبيا كإرهاب داخلي رغم أن السلطات الفرنسية تنشر تقارير دورية عن الإرهاب، فإن الإرهاب اليميني أو الأيديولوجي ضد المسلمين لا يصنف غالبًا ضمن هذه التقارير. ويطرح هذا التمييز تساؤلاً حول ازدواجية المعايير في تصنيف التهديدات. وهذا الخط الازدواجي أصبح اليوم واضحًا، بل كشفت عن أنيابه المدعية العامة، حينما صرحت بأن الجاني الذي قتل "أبو بكر سيسي" كان "مدفوعاً بـرغبة مهووسة في قتل شخص ما"! والمقصود من هذا القول أن الجاني لم يخطط لقتل المصلي المسلم الذي لم يكن يعرفه، وبالتالي كان يمكن أن يقتل أي شخص آخر. وباختصار، فإن قتله حصل "صدفة"، لأنه الشخص الذي وقعت عليه عيناه ذلك الصباح!! إعلان ووفقًا لـ"Observatoire National de lIslamophobie"، ارتفعت الاعتداءات ضد المسلمين بنسبة 32% بين عامي 2023 و2024، وشملت الاعتداءات الجسدية والتخريب المتكرر للمساجد. ومع ذلك، فإن التفاعل القضائي غالبًا ما يكون بطيئًا أو مخففًا، وهو الأمر الذي ما زال يعاني منه المسلمون إلى يومنا هذا؛ حيث إنه غالبًا ما تتأثر الأحكام وسير التحقيقات المتعلقة بهم بالتحيز المجتمعي والسياسي ضدهم. التصدي لتصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا يتطلب مراجعة جادة للسياسات والممارسات الراهنة، وتعزيز ثقافة التعددية والمواطنة الشاملة، بما يضمن احترام الحريات الدينية، ويعيد بناء الثقة بين مكونات المجتمع الفرنسي المجتمع المدني ورد الفعل المجتمعي بعد حادثة القتل المذكورة، شهدت فرنسا موجة تضامن واسعة مع أسرة الضحية، إلا أن مظاهرات "العدالة لأبو بكر" اصطدمت بصمت رسمي جزئي، ومحدودية الدعم السياسي. رفعت لافتات مثل: "الإسلاموفوبيا ليست رأيًا، إنها جريمة" "دم أبو بكر وصمة في جبين الجمهورية" وكل هذه الاحتجاجات تدل على وعي مجتمعي متزايد تجاه الاستهداف المنظم للمسلمين، ولكن أيضًا على شعور عميق بالإقصاء والخذلان من الدولة. يعاني ملايين المسلمين في فرنسا من مظاهر الكراهية والعنصرية تجاههم، ويعيشون أزمة ثقة في آليات حماية الأقليات وتعامل الدولة مع تصاعد العنف ضد المسلمين في فرنسا. وما لم تتخذ الدولة والمجتمع خطوات جادة لمكافحة الإسلاموفوبيا كظاهرة هيكلية، فإن تكرار الجرائم سيكون نتيجة حتمية. والعدالة في هذه الحالة ليست فقط في محاكمة الجاني، بل في الاعتراف بالجريمة كنتاج مباشر لخطاب وممارسة تمييزية ممتدة. وفصل المقال في هذا المقام أن التصدي لتصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا يتطلب مراجعة جادة للسياسات والممارسات الراهنة، وتعزيز ثقافة التعددية والمواطنة الشاملة، بما يضمن احترام الحريات الدينية، ويعيد بناء الثقة بين مكونات المجتمع الفرنسي.


الميادين
منذ 3 أيام
- سياسة
- الميادين
"972+": كيف شقّت الكاهانية طريقها إلى التيار السياسي السائد في "إسرائيل"؟
مجلة "972+" الإسرائيلية تنشر تقريراً مطولاً يتناول صعود المتطرفين اليمينيين في إسرائيل واندماجهم المتزايد في التيار السياسي الإسرائيلي الرسمي. النص يسلّط الضوء على عملية تطبيع وتبني الفكر المتطرف اليميني الإسرائيلي داخل مؤسسات الدولة، خصوصاً من خلال تعيينات سياسية وتحالفات انتخابية، ما أدى إلى تحول جذري في الخطاب والممارسة السياسية في "إسرائيل" باتجاه المزيد من التطرف والعنف والعنصرية، خصوصاً تجاه الفلسطينيين. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: في نهاية كانون الثاني/يناير، وصل سفير "إسرائيل" لدى الولايات المتحدة إلى واشنطن لتولي منصبه الجديد. وبطريقة ما، تُعدّ السيرة الذاتية ليحيئيل ليتر نموذجية بالنسبة لشخص تم تعيينه في أحد أرقى المناصب الدبلوماسية على الإطلاق. وُلد ليتر في الولايات المتحدة وهاجر إلى "إسرائيل"، وشغل عدداً من المناصب الحكومية العليا، بما في ذلك منصب رئيس مكتب وزير المالية آنذاك بنيامين نتنياهو، قبل أن يعمل باحثاً بارزاً في منتدى "كوهيليت" السياسي اليميني، ثم انتقل إلى القطاع الخاص بعد فشله في الترشح لمنصب مع حزب "الليكود" الحاكم في "إسرائيل". لكن هناك أجزاء أخرى من سيرة ليتر أكثر غرابة بالنسبة لدبلوماسي رفيع المستوى، وأهمها عضويته السابقة في منظمة صنّفها بلده الأم وبلده بالتبنّي على أنها جماعة إرهابية. وخلال وجوده في الولايات المتحدة، كان ليتر عضواً في عصبة الدفاع اليهودية اليمينية المتطرفة، وهي جماعة أهلية عنيفة أسسها الحاخام الأميركي المتطرف مائير كاهانا. في سبعينيات القرن العشرين، وبعد انتقاله إلى "إسرائيل"، انضم ليتر إلى حزب "كاخ"، وهو الحزب السياسي والحركة الفاشية التي أسسها كاهانا بعد هجرته. نشأت حركة "كاخ" في البداية كفرع دولي لعصبة الدفاع اليهودية، ثم تحولت في النهاية إلى منظمة إسرائيلية أصيلة، أنتجت عقيدتها السياسية الخاصة: الكاهانيّة. وفي وقت لاحق، رُشّح ليتر كزعيم للاستيطان اليهودي المتطرف في الخليل، قبل أن يصبح زعيماً في حركة الاستيطان الأوسع. في عام 1994، بعد أن ارتكب باروخ غولدشتاين، وهو عضو في حركة "كاخ" وأحد أتباع كاهانا ومهاجر أميركي آخر إلى "إسرائيل"، مذبحة راح ضحيتها 29 فلسطينياً أثناء الصلاة في الحرم الإبراهيمي بالخليل، صنّفت كلٌّ من الحكومتين الإسرائيلية والأميركية حركة "كاخ" منظمةً إرهابية. (ألغت وزارة الخارجية الأميركية هذا التصنيف في عام 2022). إنّ تعيين ليتر سفيراً لدى الولايات المتحدة على الرغم من عضويته السابقة في هذه المجموعة أمرٌ جدير بالملاحظة، ويقدم صورة محبطة عن التطرف في السياسة الإسرائيلية والأميركية على حد سواء. وقد تم تأكيد ذلك في أواخر نيسان/أبريل عندما وصل أحد أبرز أعضاء حركة "كاخ"، ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إلى الولايات المتحدة في أول زيارة رسمية له إلى الخارج بعد مقاطعة إدارة بايدن له. والتقى بن غفير، الذي أدين بدعم منظمة إرهابية، بالكثير من أعضاء الكونغرس الجمهوريين وتحدث إلى الجماهير المرحبة به في منتجع "مار إيه لاغو" في مانهاتن وفي جامعة ييل، وذلك خلال زياراته لسجن ومتجر أسلحة ومدرسة يهودية في فلوريدا. ويُعد صعود ليتر نافذة على قصة أكبر، وهي الاستيعاب الدائم والمتزايد للجماعات المتطرفة في التيار السياسي السائد في "إسرائيل"، وعادة ما يتم ذلك من خلال تعيين المتخرجين فيها في مناصب عامة أو توظيفهم كمساعدين كبار لأعضاء أقوياء في الكنيست. لقد أصبح مشهد الكاهانيين وأعضاء "شباب التلال" المتطرفين وهم يمارسون حياتهم اليومية في البرلمان الإسرائيلي أمراً مكرّساً اليوم، وهو يُبرز بوضوح المسار السياسي الإسرائيلي نحو اليمين على مدى العقود القليلة الماضية ــ والذي تسارع إلى سباق نحو القاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وبات شائعاً اليوم سماع تصريحات تلائم بسهولة بيان حزب "كاخ" من قبل سياسيين لا يعُتبرون متطرفين بأي حال من الأحوال في الساحة السياسية الإسرائيلية ذات التوجه اليميني. لننظر مثلاً إلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت وهو يعلن في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أننا "نقاتل حيوانات بشرية، ونحن نتصرف وفقاً لذلك"، بينما يعلن عن فرض حصار كامل على قطاع غزة؛ أو إلى نائب رئيس الكنيست وعضو الكنيست عن حزب "الليكود" نيسيم فاتوري وهو يدعو إلى "محو قطاع غزة من على وجه الأرض"؛ أو إلى عضو الكنيست عن حزب "الليكود" أميت هاليفي وهو يقول إنه "ينبغي ألّا تكون هناك أي أرض إسلامية في أرض إسرائيل.. [و] ينبغي ترك غزة كنصب تذكاري، مثل قرية سدوم"؛ أو إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو يذكر تلميحات الكتاب المقدس حول مصير غزة والتي فُهمت على نطاق واسع على أنها إشارة إلى المذبحة الجماعية. إنّ الخطاب المحرّض على ارتكاب إبادة جماعية ليس جديداً على السياسة الإسرائيلية، أو على الساحة العامة الإسرائيلية ويشارك فيه عدد كبير من الصحافيين. وقد اقترنت الهجمات الإسرائيلية السابقة على قطاع غزة بدعوات "لتدمير" القطاع أو "محوه"، وإن لم تكن موحّدة تماماً بين مختلف الأطياف السياسية. إلا أنّ ما تغيّر هو الفجوة بين الخطاب وما يحدث فعلياً على أرض الواقع. والدمار الشامل الذي يخلّفه الهجوم الحالي يبدو أقرب من أي وقت مضى إلى الأسلوب المروع الذي ينتهجه الكنيست، بحيث سمح الحزب السياسي الأكثر هيمنة في تاريخ البلاد للكاهانيين الحاليين والسابقين الذين يعتنقون الرؤى العنيفة لمؤسسهم بالانضمام إليه. لقد نتج عن انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2022 التي جرّتنا إلى هذا المستنقع، عدد من الأحداث التي تحصل للمرة الأولى: المرة الأولى التي نجح فيها أحد أتباع كاهانا المعلنين في دخول الائتلاف الحاكم ثم مجلس الوزراء؛ والمرة الأولى التي دخل فيها عضو سابق في حركة "شباب التلال" الحكومة وأصبح آخر مساعداً برلمانياً؛ والمرة الأولى التي استحوذت فيها قائمة انتخابية ذات توجه كاهاني على أكثر من 10% من الأصوات الإسرائيلية. وقد أدّت هذه التطورات وغيرها إلى وصف الائتلاف الحاكم الأخير في "إسرائيل"، عندما أدى اليمين الدستورية، بسرعة وبدقة بأنه الأكثر يمينية في تاريخ البلاد. لقد تم تقديم الكثير من الشروحات لسبب وصف كل حكومة إسرائيلية منتخبة حديثاً على مدى العشرين عاماً بهذا الوصف، إلا أنّ هناك آلية أخرى طويلة الأمد تلعب دورها، والحكومة الحالية ليست سوى أحدث مثال على ذلك. ومع استيعاب المؤسسة السياسية تدريجياً لبعض العناصر الأكثر تطرفاً في "المجتمع" الإسرائيلي، بات أصحاب الأيديولوجيات اليمينية في الأمس، الذين كانوا يحتجون ضد الحكومة من الخارج في الماضي، أعضاء في الكنيست ومعاونين وموظفين في الوزارات اليوم. وقد استمر هذا الأمر بشكل أو بآخر منذ تأسيس الدولة. فالجماعات اليمينية المتطرفة التي فجرت الفنادق والأسواق خلال حقبة ما قبل الدولة، وحرّضت ضد سلطات الانتداب البريطاني والسكان العرب الأصليين في فلسطين ومنافسيها اليهود من التيار السائد، اندمجت بسرعة في مؤسسات الدولة الجديدة، من "الجيش" إلى البرلمان. وعلى الرغم من أن اليمين الإسرائيلي أظهر هدوءاً نسبياً خلال الخمسينات والستينات، فإن هذا الاتجاه برز من جديد بقوة عقب احتلال غزة والضفة الغربية عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، وهذا ما أطلق العنان لحركة الاستيطان وأدى إلى ظهور اليمين المتطرف اليهودي الجديد المشبع بالحماسة المسيحانية، وإن كان له روابط تنظيمية وأيديولوجية مع أسلافه. 15 أيار 14:12 14 أيار 14:55 ويُعدّ تسلل أتباع الكاهانية إلى الساحة السياسية الإسرائيلية السائدة أبرز جوانب هذا التوجه وأكثرها ثباتاً، نظراً لطول عمر الحركة وأيديولوجيتها الفاشية الواضحة. لكن حركة "كاخ" ليست الجماعة اليمينية المتطرفة الوحيدة في "المجتمع" الإسرائيلي التي وجدت لنفسها مكاناً في الكنيست. فقد وجد أعضاء "غوش إيمونيم"، والتنظيم اليهودي السري، وحركة "جبل الهيكل"، وكما أشرنا أعلاه، "شباب التلال"، طريقهم إلى أروقة السلطة في "إسرائيل"، سواء كمسؤولين منتخبين أو كمساعدين ومستشارين لهم. وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، ظهرت جماعات اليمين المتطرف لتحدي سياسة الحكومة الإسرائيلية، وخاصة في ما يرتبط بالخيانات المزعومة لمشروع الاستيطان اليهودي والتطهير العرقي للفلسطينيين. فاعترضت هذه الجماعات، على سبيل المثال، على اتفاقيات كامب ديفيد في أواخر سبعينات القرن الماضي، واتفاقيات أوسلو في منتصف تسعيناته. والآن، كما كانت الحال آنذاك، تُصرّ على أن الحكومة و"الجيش" لا يبذلان جهوداً كافية لاستيطان الأرض، وحماية اليهود، والقضاء على الفلسطينيين. وبمرور الوقت، تم دمج أعضاء هذه الجماعات في المؤسسات الحاكمة في البلاد. وقد جرّدت هذه العملية قدرتهم على الضغط على الحكومة من الخارج؛ ولا يزال الاستقطاب إحدى أكثر الطرق فعالية للقضاء على الحركات الاحتجاجية. كما تكشف هذه العملية عن عبثية إصرار الحكومة الإسرائيلية، على إثر العنف القومي اليهودي، على اتخاذ إجراءات ضد "التفاح الفاسد"، فقط لكي ترحب بنظرائها الأيديولوجيين في السلطة في وقت لاحق. وفي حين أنّ استقطاب المتطرفين قد يحيد ضغوطهم الخارجية، فإنه يعمل أيضاً على ترسيخ أفكارهم السامة؛ وبالتالي، إدامة الزخم اليميني في البلاد. ففي كل مرة تظهر فيها مجموعة يمينية متطرفة جديدة، غالباً ما تكون أكثر تطرفاً من سابقتها، ومن ثم تُضمّ إلى النسيج الانتخابي الإسرائيلي، فيصبح جمهور الناخبين، إلى جانب قطاعات كبيرة من المعلقين، معتاداً بشكل مُطرد على خطابها العنيف. بعد انتخابه لعضوية الكنيست لأول مرة كرئيس لحزب "أوتزما يهوديت"، حظي صعود بن غفير السريع عام 2021 بتغطية إعلامية مكثفة لخطاب اليمين المتطرف العنصري والاضطهادي. وقد عززت هذه التغطية الإعلامية من دعمه الجماهيري، ما رسّخ مكانته في المشهد السياسي الإسرائيلي الرسمي. وأضحى بن غفير اليوم مقبولاً على نحو لم يكن عليه كاهانا قط. ولكن حتى عندما كان كاهانا على قيد الحياة، كان أتباعه السابقون يشقون طريقهم بالفعل إلى التيار السائد في السياسة الإسرائيلية. ومن هذا المنظور، فإنّ الدور الذي لعبه نتنياهو على مدى السنوات القليلة الماضية في محاولة التوسط في صفقات انتخابية لمصلحة حزب كاهانا من أجل ضمان دخوله إلى الكنيست ليس مفاجئاً. فتحالف الليكود – الكاهانية في حدّ ذاته له تاريخ أطول بكثير، وهو تاريخ يضم المجموعة الكبرى من المحرّضين اليمينيين المتطرفين إلى الحكومة والذي يعدّ جزءاً منه - وهو ما أدّى، مع انتخاب بن غفير في عام 2021، إلى عودة الكاهانيين رسمياً إلى كنف الدولة. بدأت القصة في أوائل سبعينات القرن العشرين، عندما وصل كاهانا إلى "إسرائيل" هرباً من مشاكل قانونية في الولايات المتحدة، وسرعان ما سعى رئيس الوزراء المستقبلي التابع لحزب "الليكود" للتودد إليه. وبصفته زعيم حزب "حيروت"، سلف "الليكود"، احتضن مناحيم بيغن كاهانا في البداية اعتقاداً منه بقدرته على تعزيز حظوظ الحزب السياسية. وقدّم بيغن كاهانا للسياسيين وعرض عليه "مقعداً آمناً" في حزبه، وهو ما رفضه كاهانا. كما كانت شولا كوهين، العضو السابق في منظمة "ليحي" - المجموعة اليهودية المتطرفة الرئيسة الأخرى التي تعمل في فلسطين الواقعة تحت الانتداب، إلى جانب منظمة "إرغون" التي كان يتزعمها بيغن - من المعجبين بكاهانا، ووجدت فيه مرشحاً محتملاً قوياً لحزب "حيروت"، الذي كانت على وشك الانضمام إليه أيضاً. مع الإشارة إلى أنّ بيغن وكوهين كانا من بين أول دفعة من الإسرائيليين الذين تخرجوا في منظمة يمينية متطرفة ودخلوا الكنيست. أمّا كاهانا، فقد سلك اتجاهه الخاص وأسس حزب "كاخ" الفاشي بعد فترة وجيزة. لكن الكثير من معاصريه وأتباعه المستقبليين انتقلوا من عضوية الحركة الكاهانيّة إلى "الليكود"، فخدموا في الكنيست، أو كموظفين في الوزارات، أو كموظفين رسميين في مجالات أخرى. ولعل أشهر من انتقل من حزب "كاخ" إلى حزب "الليكود" هو أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" الحالي، والذي انضم، وفقاً لمسؤولين في حزب "كاخ" كانوا حاضرين آنذاك، إلى الحزب بعد هجرته من الاتحاد السوفياتي في أواخر سبعينات القرن الماضي. (نفى حزب "إسرائيل بيتنا" هذه المعلومات وقت نشرها). وانضم إلى حزب "الليكود" في ثمانينات القرن العشرين وشق طريقه في أجهزة الحزب قبل أن يغادر لتشكيل حزبه الخاص، بينما كان يلمّع صورته باعتباره عنصرياً شرساً بخيالاته العنيفة التي تشبه خيالات كاهانا، كما جاء في تعليقه المُسيء في عام 2015 بأن المواطنين الفلسطينيين "غير الموالين" لـ"إسرائيل" يجب قطع رؤوسهم. وقد رفض المُدّعي العام آنذاك يهودا وينشتاين فتح تحقيق في تحريض ليبرمان. وانخرط مورتون (مردخاي) دولينسكي، الذي شارك في تأسيس عصبة الدفاع اليهودية مع كاهانا في نيويورك، سياسياً في حزب "حيروت" في سبعينات القرن الماضي بعد هجرته إلى "إسرائيل"، وشغل منصب مستشار أول في الوكالة اليهودية (Jewish Agency). وعيّنه بيغن رئيساً لمكتب الصحافة الحكومي في أوائل الثمانينات. شموئيل ساكيت، وهو مهاجر أميركي آخر إلى "إسرائيل" انضم إلى حزب "كاخ" بعد أن كان عضواً في عصبة الدفاع اليهودية، اتخذ طريقاً مختلفاً بعض الشيء نحو صفوف حزب "الليكود". فبعد أن شارك في تأسيس حركة "زو أرتسينو" (هذه بلادنا) المناهضة لاتفاقيات أوسلو مع موشيه فيغلين، أطلق هو وفيغلين في عام 1998 حركة "منهيجوت يهوديت" ("القيادة اليهودية") - وهي فصيل يميني متطرف في حزب "الليكود" نجح في ترسيخ موطئ قدم ثابت داخل جهاز الحزب. ولم يبذل ساكيت، الذي أعرب أيضاً عن اهتمامه بمكان في قائمة "الليكود" الانتخابية، أي جهد لإخفاء ولائه المستمر لكاهانا أثناء فترة عمله كمدير دولي لمنظمة "منهيجوت يهوديت". وقال: "بعيداً عن كونهم قوة سلبية يجب تجنبها بأي ثمن، فإنّ الكاهانيين غالباً ما يكونون أفضل أعضاء الفريق". وعلى الرغم من أنه لم يعد نشطاً في السياسة الإسرائيلية، إلا أن ساكيت لا يزال معلقاً غزير الإنتاج؛ فقبل بضعة أشهر من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، اقترح في صحيفة "جويش برس" الأرثوذكسية اليمينية المتطرفة ومقرها نيويورك، حيث كان كاهانا ينشر عموداً أسبوعياً، أن يطلق على الهجوم العسكري الإسرائيلي المقبل اسم "الحرب للقضاء على العدو"، ثم بعد هجمات حماس، استشهد بكاهانا في الدعوة إلى "سحق العدو وطرده من أرضنا". والجدير ذكره أنّ مؤسسته "عام إسرائيل حاي"، تتمتع بإعفاء ضريبي في الولايات المتحدة. وفي الآونة الأخيرة، ترشحت ماي غولان، عضو الكنيست الحالي عن حزب "الليكود" في الائتلاف الحاكم، للكنيست لأول مرة في عام 2013 كجزء من حزب "أوتزما ليسرائيل" (القوة لإسرائيل)، المعروف اليوم باسم "أوتزما يهوديت" (القوة اليهودية)، وهو حزب كاهاني مُعلن. وبعد ترشحها غير الناجح للكنيست مع "الليكود" في عام 2015، وصلت إلى الكنيست كجزء من الحزب الحاكم في نيسان/ أبريل 2019. واكتسبت غولان، التي شاركت في تظاهرات لدعم إعادة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في غزة وتم تعيينها العام الماضي وزيرة للمساواة الاجتماعية وتعزيز مكانة المرأة، شهرة كبيرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بسبب احتجاجاتها وتعليقاتها العنصرية حول طالبي اللجوء الأفارقة. علاوة على ذلك، اختيرت غولان لفترة وجيزة قنصلاً عاماً لـ"إسرائيل" في نيويورك، وسط جهود نتنياهو لقمع تمرد اليمين المتطرف داخل حزبه. ولاقت هذه الخطوة انتقادات لاذعة من أعضاء إدارة بايدن والمؤسسات الأميركية - اليهودية الليبرالية، وسُحب ترشيحها على الفور، لكن الحادثة كانت تذكيراً إضافياً بأن حسن نية الكاهانيين لا يعيق تقدّمهم في صفوف "الليكود". وفي العام الفائت، أعلنت غولان أنها "فخورة بتدمير غزة". ينبغي ألّا تُفهم حقيقة أن الكثير من أتباع كاهانا قد انتهى بهم الأمر، سواء بالانتخاب أو التعيين، إلى أداء أدوار معيّنة في الحزب السياسي الأكثر هيمنة في تاريخ "إسرائيل"، أنه لا يوجد فرق بين المجموعتين. وعلى الرغم من توحيدهما من خلال الرغبة المشتركة في السيطرة على أكبر قدر ممكن من "إسرائيل الكبرى" مع أقل عدد ممكن من الفلسطينيين، وهي الرؤية التي تؤمن بها غالبية الأطياف السياسية في "إسرائيل"، حتى مع وجود اختلافات في المنهجية، تبرز اختلافات حقيقية في الشكل والنهج بين "الليكود" والمجموعات الكاهانية المختلفة. وفي حين يظل الجهاز السياسي والعسكري في "إسرائيل" في قبضة جنون الإقصاء، من المهمّ أن نتأمل في الأسباب التي دفعت المتخرجين في مدرسة كاهانا على مدى عقود من الزمن إلى الانجذاب نحو "الليكود"، بما يتجاوز أسباب الطموح السياسي المحض والتقاليد البالية المتمثلة في "اعتدال" المتطرفين من أجل حشد الدعم الانتخابي، وكيف أدى هذا التحالف إلى تحويل جميع الأطياف السياسية الإسرائيلية نحو اليمين. لقد أصبحت السياسة الإسرائيلية أكثر تطرفاً وعنفاً وإساءة من أي وقت مضى، حتى قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، إذ وجدت باستمرار مساحة للإرهابيين والمحرضين وأولئك الذين لا يخفون أيديولوجية الإبادة الجماعية الخاصة بهم. وبعد هذا التاريخ، تسارعت وتيرة الخطاب التدميري نحو التيار السائد، ما يشكل مواكبة مناسبة للجحيم الذي أنزلته "إسرائيل" على غزة. فقبل عامين، نفذ مستوطنون إسرائيليون مذبحة في بلدة حوارة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بعد شهرين من أداء الحكومة الإسرائيلية الحالية اليمين الدستورية. في ذلك الوقت، أثار الدعم العملياتي الذي تلقاه المستوطنون من قوات الأمن الإسرائيلية، والدعم المعنوي الذي تلقوه من قطاعات كبيرة من الائتلاف الحاكم، التساؤل حول إذا ما كان مثيرو الشغب اليوم سيصبحون أعضاء في الكنيست في الغد، ومتى سوف يحدث ذلك. وبعد 17 شهراً من تاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفي الوقت الذي تتحول فيه غزة إلى أنقاض، ويخطط "الجيش" الإسرائيلي لشن هجوم بري جديد ضخم، وبينما ينخرط المستوطنون و"الجيش" في حملة مشتركة من الأرض المحروقة في مختلف أنحاء الضفة الغربية، باتت الإجابة واضحة: لقد كانت تلك المذبحة نبذة عن المستقبل القريب. وعلى الرغم من أن مرتكبيها لم يترشحوا بعد، إلا أنّ منطقهم ونهجهم ينسجمان مع منطق المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية ونهجها. ويبدو أنّ هذا النظام أصبح من الماضي. نقلته إلى العربية: زينب منعم.


الشرق السعودية
منذ 5 أيام
- الشرق السعودية
السجن لمدة عام للمتهمين بتوجيه "إهانات عنصرية" لفينيسيوس جونيور
قضت محكمة بالسجن لمدة عام لخمسة مشجعين بعد اتهامهم بارتكاب جريمة كراهية وإهانة لاعب ريال مدريد فينيسيوس جونيور، مع دفع غرامة قدرها 1,620 يورو لكل منهم. وقعت الأحداث خلال مباراة ريال مدريد وريال بلد الوليد في الدوري الإسباني يوم 30 ديسمبر 2022، وبالتحديد في الدقيقة 88، حين تعرض فينيسيوس لاعب الفريق الضيف لعبارات مهينة أثناء استبداله. تم توثيق هذه الإهانات العنصرية من خلال العديد من التسجيلات التي قام بها المشجعون الذين شاهدوا المباراة من نقاط مختلفة من المدرجات. وأدت ردود الفعل الغاضبة إلى فتح تحقيق رسمي من أجل مناهضة العنف والعنصرية وكره الأجانب والتعصب في الرياضة، ضد المتهمين. تنازل فينيسيوس عن حقه في التعويض عن الضرر الذي لحق به هذه الأحداث، بينما اعترف المتهمون بأن عباراتهم عنصرية واعتذروا عنها، ووافقوا على عدم حضور مباريات كرة القدم في الملاعب خلال فترة صدور الحكم. وتشكل هذه الوقائع خمس جرائم كراهية، وبالإضافة إلى الحكم بالسجن لمدة سنة، ودفع غرامة لمدة تسعة أشهر بمعدل ستة يورو في اليوم، تم حرمان المتهمين من ممارسة المهن التعليمية، في مجال التدريس والرياضة، لمدة تزيد على ثلاث سنوات.


الجزيرة
منذ 5 أيام
- سياسة
- الجزيرة
الإسلاموفوبيا.. معاناة المسلمين في ديمقراطيات الغرب
"الإسلاموفوبيا" مفهوم يَعني حرفيا الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين ، إلا أنه في الواقع نوع من العنصرية قوامه جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين. السياق التاريخي يُرجع مؤرخو الحقبة الاستعمارية أول استعمال لمفهوم " الإسلاموفوبيا" -الذي يعني "رُهاب الإسلام" أو الخوف المرضي من الإسلام- إلى بدايات القرن العشرين. فقد استعمل علماء اجتماع فرنسيون هذا المفهوم لوصف رفض جزء من الإداريين الفرنسيين ومعاداتهم للمجتمعات المسلمة التي كانوا يتولون إدارة شؤونها في زمن الاحتلال، ويُفترض أن يتعايشوا معها ويندمجوا في أنساقها الاجتماعية، نظرا لما تُمليه المهام الإدارية والسياسية المسندة إليهم. والواقع أنَّ ذلك الرفض وتلك الكراهية مصدرهما عنصري بالدرجة الأولى، ثم ثقافي ونفسي مردُّه إلى الخطاب الاستعماري نفسه الجاهل بالإسلام والمخوف منه ومن المسلمين، بحكم سابقِ ريادةِ الحضارة العربية الإسلامية للعالم في القرون الوسطى. يرى جزءٌ آخر من علماء الاجتماع واللسانيات أن الإسلاموفوبيا ازدهرت كمفهوم مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، إذ استُخدم هذا المفهوم ورُوج له من قبل مرجعيات دينية شيعية محافظة لفرضِ ارتداءِ الحجاب. فوُصم بمعاداة الإسلام أو الإسلاموفوبيا كل من يُعارض فرض الحجاب في الأماكن العامة، كما وُصمت به النساء الرافضات ارتداء الحجاب لدوافع ثقافية أو اجتماعية. ازدهر مفهوم الإسلاموفوبيا في مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة وتحديدا إثر هجمات 11 سبتمبر 2001 التي وقعت في الولايات المتحدة وتبناها تنظيم القاعدة ، وأحدثت تحولا نوعيا في واقع العلاقات الدولية واحتُل إثرها بلدان إسلاميان هما العراق وأفغانستان. وقد أعاد ذلك طرح إشكالية المواجهة بين الإسلام والغرب التي بشَّر بها عددٌ من المفكرين الغربيين المتصهينين منذ نهاية الحرب الباردة ، إذ روجوا لبروز الإسلام باعتباره عدوا جديدا للغرب بدلا عن الشيوعية ممثلة في الاتحاد السوفياتي ، وروَّج بعضهم لفكرة انتهاء "الخطر الأحمر" الشيوعي وبروز "الخطر الأخضر" الإسلامي. في عام 2005، دخل مفهوم الإسلاموفوبيا إلى المعاجم الفرنسية بدءا بمعجم ( Le petit Robert) الذي عرف الإسلاموفوبيا كالتالي: "شكل خاص من الحقد موجه ضد الإسلام والمسلمين، يتجلى بفرنسا في أفعال عدائية وتمييز عنصري ضد المهاجرين المنحدرين من أصول مغاربية". إذن، يبدو التداخل جليا بين المشاعر العنصرية ضد العرب والأمازيغ وكراهية الإسلام. ويُحيل هذا المعطى على الربط الآلي بين الانتماء العرقي والانتماء الديني. فالمنحدر من شمال أفريقيا مربوط بالإسلام عضويا مع أن فئات من هذه المجموعات المهاجرة غير متدينة، وبعضها وهنت روابطه بالإسلام حتى كادت تنعدم نظرا للمثاقفة المترتبة على توالي أجيال عديدة، نشأت وتربّت في بيئات المهجر البعيدة في كثير من الأحيان عن التدين عامة وعن الإسلام خاصة. نما مع ظهور الإسلاموفوبيا -في كثير من الأقطار الغربية- خطابٌ سياسي يميني متطرف يسعى بشكل حثيث إلى استثمارِ الوضع الدولي المترتب على هجمات 11 سبتمبر وما اتسم به من خطابٍ إعلامي معادٍ للإسلام، والواقع الاجتماعي في الغرب وما يُميزه من مشاكل الهوية والاندماج خاصة بالنسبة للمسلمين والعرب. وفي ضوءِ هذه العوامل، نشأ شعورٌ عنصري مناوئ للمسلمين والعرب وللإسلام، أذكاهُ الجهل المستحكم بالإسلام لدى فئات واسعة من المجتمعات الغربية، وخطابٌ محرض لدى بعض وسائل الإعلام وآخر متهافت وجاهل بالإسلام لدى أكثر المنابر الإعلامية اعتدالا. سعت الأحزاب اليمينية المتشددة و" الشعبوية" إلى استثمار المناخ اللاحق على هجمات 11 سبتمبر في تكريس الخوف من الإسلام والمسلمين وتوظيفه لغايات انتخابية، فظهرت شعارات منها أسلمة أوروبا والتهديد الإسلامي الخفي، وغير ذلك من الشعارات التي وفرت لليمين المتطرف خطابا مسموعا عوضه عن ضعف خطابه السياسي ومحدودية البدائل الاقتصادية والاجتماعية التي يُقدمها. تجلت نتائج هذا الخطاب في تنامي الأعمال العدائية ضد المسلمين والعرب وفي حق المساجد ومقابر المسلمين التي تعرضت للتدنيس في أكثر من مناسبة، كما ظهرت مجموعات من شبان اليمين تعتدي بشكل منظم ومنهجي على المسلمين في شوارع وأزقة المدن الأوروبية كلما سنحت لها سانحة. وأججت الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في 2007 موجة الكراهية ضد المسلمين، وبات اليمين المتطرف يُروج لفكرة ظالمة مفادها أن الهجرات القادمة من شمال أفريقيا والشرق الأوسط هي سبب الأزمة، وأن هؤلاء المهاجرين باتوا يُزاحمون الأوروبيين الأصليين في الحصول على فرص ويُكلفون الميزانية العمومية نفقاتٍ باهظة، وفي نفس الوقت يبنون مستقبلهم في بلدانهم الأصلية عبر استثمار ما يجنونه في المهجر. ومع موجات اللجوء الكبرى القادمة من سوريا والعراق ودول آسيوية عبر تركيا عام 2016، ازدهر خطاب الكراهية من جديد، وكشفت قراراتُ عددٍ من الدول بإغلاق حدودها مع اليونان ودول البلقان نزعة دفينة للشعور القومي الذي سبق له أن جرَّ على أوروبا ويلاتٍ لا تُحصى. وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية من أكثر البلدان التي تشهد جرائم كراهية ضد المسلمين، وقد ذكر مكتب التحقيق الفدرالي الأميركي (أف بي آي) في مايو/أيار 2017 أن نسبة تلك الجرائم شهدت ارتفاعا بنسبة 67% عام 2015، مشيرا إلى أن عدد المجموعات المعادية للمسلمين في تزايد. إعلان وخلصت دراسة أجراها مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إلى أن عدد الاعتداءات على المسلمين في 2016 تجاوز ألفي اعتداء مقابل 1400 اعتداء سنة 2015. وقد انتقد أعضاء في الكونغرس عدم إبلاغ ولايات عدة عن الأرقام الحقيقية لجرائم الكراهية التي قد تصل إلى ثلاثين ضعفا للمبلغ عنها. أيضا، انتشرت ظاهرة الإسلاموفوبيا بسرعة في البلدان الأوروبية، وباتت أخبار الاعتداء على المسلمين تأتي من معظم العواصم الأوروبية، حيث شهدت العاصمة البريطانية لندن في أبريل/نيسان 2017، اعتداءً على امرأة محجبة تم إنزالها من حافلة نقل عام عنوةً. كما تعرضت عدة نساء محجبات لاعتداءات مشابهة عام 2016 في لندن، وتضمنت الاعتداءات أعمال ضربٍ في الشارع، وإزالة للحجاب. وذكر بيان لجمعية مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا ، أن البلاد شهدت عام 2016، حدوث 419 جريمة تمييز، و39 جريمة مضايقة وتحرش، و25 هجومًا، و98 حادثة خطاب يحض على الكراهية واعتداء على المباني الدينية. وشهدت بلدة هينان بومونت، شمالي فرنسا ، في 30 مايو/أيار 2017، اعتداء شخص على امرأة كانت تجلس بجوار طفلها في حديقة عامة، وتضمن الاعتداء إزالة الحجاب وضرب المرأة على رأسها. وبعد اعتداء تشارلي إبدو، شن أحد المتطرفين هجومًا على منزل فرنسي مسلم يدعى محمد المعقولي، وقال له: "أنا إلهكم"، قبل أن ينقض عليه ويطعنه 17 مرة أمام زوجته. وفي النمسا ، سجلت أحداث الاعتداءات النابعة عن كراهية الإسلام زيادة بنسبة 65%، حيث تعرض المسلمون هناك لاعتداءات أثرت على حياتهم اليومية. وفي سبتمبر/أيلول 2016، شهدت العاصمة النمساوية فيينا ، اعتداء مواطن نمساوي على مواطنة نمساوية من أصل تركي أويغوري، وتدعى شهربن دورماز (51 عاما)، حيث اعتدى المواطن النمساوي على دورماز، بالضرب ونزع الخمار عن رأسها. وأظهر تتابع هذه الاعتداءات أن الهجمات التي يتعرض لها المسلمون ليس من الممكن أن تكون عبارة عن أحداث فردية، فيما أشار المركز الاستشاري للمسلمين في النمسا، في تقرير نشره حول العنصرية المرتكبة ضد المسلمين عام 2016، أن نسبة الهجمات ضد المسلمين زادت في ذلك العام بنسبة 65%. إلى ذلك، شكل قرار محكمة العدل الأوروبية حول منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل، أرضية تمهد لازدياد نسبة الهجمات المعادية للإسلام. وأضاف تقرير المركز الاستشاري للمسلمين في النمسا، أن نسبة الهجمات كانت ترتفع دومًا قبيل الانتخابات في الدول الأوروبية.