
تصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا
الإسلاموفوبيا ليست مجرد تحامل فردي، بل هي بنية اجتماعية وثقافية وسياسية تتجسد في السياسات العامة، والتغطية الإعلامية، والممارسات اليومية. وفي فرنسا جرت أحداث صادمة في مسار العنف ضد المسلمين، حملت طابعًا واضحًا من الكراهية الدينية، ولا يمكن فصلها عن السياق السياسي والاجتماعي الذي أنتجها.
تشكل جريمة مقتل "أبو بكر سيسي" مثالًا على ما ذكرناه؛ ففي 25 أبريل/ نيسان 2025، دخل الجاني أوليفييه مسجد خديجة، وارتكب جريمة قتل مروعة بحق أبي بكر سيسيه، أثناء قيام هذا الأخير بتنظيف المسجد
الخلفية النظرية: الإسلاموفوبيا كبنية مؤسسية
يشير ديفيد تيودور (Tudor؛2018) إلى أن الإسلاموفوبيا الحديثة لم تعد مقتصرة على الرهاب الثقافي، بل أصبحت نمطًا من "العنصرية الثقافية المؤسسية". وتصف الباحثة نيلوفار غول الإسلاموفوبيا بأنها "عدسة تعيد تفسير كل مظهر إسلامي كأداة تهديدية (Göle؛2011). ويقترن ذلك بتصاعد الخطاب الشعبوي الذي يربط الإسلام بالإرهاب، والتراجع في خطاب التعددية الثقافية في أوروبا.
السياق الفرنسي: اللائكية كسيف ذي حدين
أدى التفسير الصارم لمبدأ اللائكية في فرنسا إلى فرض سياسات تقييدية تجاه المسلمين، مثل حظر الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة (2004)، وقانون "مكافحة الانفصالية" (2021). ورغم ادعاء الحياد الديني، فإن هذه الإجراءات استهدفت المسلمين غالبًا بشكل غير مباشر، ما ساهم في تأطير المسلم كمواطن "مشبوه". في هذا السياق، تظهر الإسلاموفوبيا كنتاج لتراكمات خطابية وتشريعية.
جريمة قتل "أبو بكر سيسي": تحليل دلالي وسياقي
تشكل جريمة مقتل "أبو بكر سيسي" مثالًا على ما ذكرناه؛ ففي 25 أبريل/ نيسان 2025، دخل الجاني أوليفييه مسجد خديجة، وارتكب جريمة قتل مروعة بحق أبي بكر سيسيه، أثناء قيام هذا الأخير بتنظيف المسجد. وثق الجاني فعلته بفيديو مصحوب بعبارات كراهية للإسلام مثل: "أنا أكره دينك"، و"أفعل هذا من أجل فرنسا". وبعد الجريمة فر إلى إيطاليا، حيث ألقي القبض عليه.
ولعل التحليل الأولي لفعل الجريمة يظهر خصائص نموذجية لجريمة كراهية، تتمثل في:
دافع إيديولوجي: الجاني صرح بنيته قتل مسلم بدافع كراهية الدين.
رمزية المكان: المسجد -كمكان عبادة- اختير عمدًا لتوجيه رسالة تحريضية، تستهدف المسلمين والأقليات.
توثيق الجريمة: وذلك عن طريق تصوير الحدث، الأمر الذي يدل على سعي الجاني لخلق أثر عام، ما يقربه من منطق الإرهاب.
ولعل تأخر السلطات في تصنيف الجريمة على أﻧﻬا "إرهابية" أثار انتقادات من المجتمع المسلم والمنظمات الحقوقية؛ معتبرين أن التعامل سيكون مختلفًا لو كان الجاني مسلمًا والضحية غير مسلم.
الخط الازدواجي أصبح اليوم واضحًا، بل كشفت عن أنيابه المدعية العامة، حينما صرحت بأن الجاني الذي قتل "أبو بكر سيسي" كان "مدفوعاً بـرغبة مهووسة في قتل شخص ما"! والمقصود من هذا القول أن الجاني لم يخطط لقتل المصلي المسلم الذي لم يكن يعرفه
تحليل إعلامي: التمثيل الرمزي للمسلمين
تظهر دراسة لهيئة "CSA France"، المسؤولة عن مراقبة وتنظيم المحتوى السمعي البصري، أن 73% من التغطيات الإعلامية التي تتناول المسلمين في فرنسا تربطهم بالتهديد الأمني أو العنف. هذا التمثيل يكرس صورة نمطية للمسلم كخطر محتمل، ويخلق شرعية ضمنية لأعمال العنف أو التمييز ضده.
في تغطية جريمة قتل "أبو بكر سيسي"، ترددت قنوات عديدة في استخدام وصف "جريمة كراهية"، وامتنعت بعض الوسائل عن تسميتها "إرهابية"، ما يشير إلى تردد في الاعتراف بالضحايا المسلمين كـ"ضحايا شرعيين للعنف الأيديولوجي".
الإسلاموفوبيا كإرهاب داخلي
رغم أن السلطات الفرنسية تنشر تقارير دورية عن الإرهاب، فإن الإرهاب اليميني أو الأيديولوجي ضد المسلمين لا يصنف غالبًا ضمن هذه التقارير. ويطرح هذا التمييز تساؤلاً حول ازدواجية المعايير في تصنيف التهديدات.
وهذا الخط الازدواجي أصبح اليوم واضحًا، بل كشفت عن أنيابه المدعية العامة، حينما صرحت بأن الجاني الذي قتل "أبو بكر سيسي" كان "مدفوعاً بـرغبة مهووسة في قتل شخص ما"! والمقصود من هذا القول أن الجاني لم يخطط لقتل المصلي المسلم الذي لم يكن يعرفه، وبالتالي كان يمكن أن يقتل أي شخص آخر. وباختصار، فإن قتله حصل "صدفة"، لأنه الشخص الذي وقعت عليه عيناه ذلك الصباح!!
إعلان
ووفقًا لـ"Observatoire National de lIslamophobie"، ارتفعت الاعتداءات ضد المسلمين بنسبة 32% بين عامي 2023 و2024، وشملت الاعتداءات الجسدية والتخريب المتكرر للمساجد. ومع ذلك، فإن التفاعل القضائي غالبًا ما يكون بطيئًا أو مخففًا، وهو الأمر الذي ما زال يعاني منه المسلمون إلى يومنا هذا؛ حيث إنه غالبًا ما تتأثر الأحكام وسير التحقيقات المتعلقة بهم بالتحيز المجتمعي والسياسي ضدهم.
التصدي لتصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا يتطلب مراجعة جادة للسياسات والممارسات الراهنة، وتعزيز ثقافة التعددية والمواطنة الشاملة، بما يضمن احترام الحريات الدينية، ويعيد بناء الثقة بين مكونات المجتمع الفرنسي
المجتمع المدني ورد الفعل المجتمعي
بعد حادثة القتل المذكورة، شهدت فرنسا موجة تضامن واسعة مع أسرة الضحية، إلا أن مظاهرات "العدالة لأبو بكر" اصطدمت بصمت رسمي جزئي، ومحدودية الدعم السياسي. رفعت لافتات مثل:
"الإسلاموفوبيا ليست رأيًا، إنها جريمة" "دم أبو بكر وصمة في جبين الجمهورية"
وكل هذه الاحتجاجات تدل على وعي مجتمعي متزايد تجاه الاستهداف المنظم للمسلمين، ولكن أيضًا على شعور عميق بالإقصاء والخذلان من الدولة.
يعاني ملايين المسلمين في فرنسا من مظاهر الكراهية والعنصرية تجاههم، ويعيشون أزمة ثقة في آليات حماية الأقليات وتعامل الدولة مع تصاعد العنف ضد المسلمين في فرنسا. وما لم تتخذ الدولة والمجتمع خطوات جادة لمكافحة الإسلاموفوبيا كظاهرة هيكلية، فإن تكرار الجرائم سيكون نتيجة حتمية. والعدالة في هذه الحالة ليست فقط في محاكمة الجاني، بل في الاعتراف بالجريمة كنتاج مباشر لخطاب وممارسة تمييزية ممتدة.
وفصل المقال في هذا المقام أن التصدي لتصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا يتطلب مراجعة جادة للسياسات والممارسات الراهنة، وتعزيز ثقافة التعددية والمواطنة الشاملة، بما يضمن احترام الحريات الدينية، ويعيد بناء الثقة بين مكونات المجتمع الفرنسي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
فرنسا تدعو لمراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل
دعا وزير الخارجية الفرنسي إلى مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات إلى القطاع. وبعد إسبانيا وإيرلندا، طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، التي تتضمن بنودا تتعلق بحقوق الإنسان. ودخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2000، وهي تمنح إسرائيل العديد من الامتيازات في سوق الاتحاد الأوروبي، وبلغ حجم التجارة بينهما 46.8 مليار يورو في عام 2022، مما يجعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر، إن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يجب مراجعتها، مع الأخذ في الاعتبار موقف إسرائيل تجاه غزة. ووصف بارو تصعيد إسرائيل لهجماتها على غزة وإعاقتها دخول المساعدات الإنسانية بأنه "أمر لا يمكن قبوله"، مؤكدا أن الهجمات الإسرائيلية "اعتداء خطير على الكرامة الإنسانية، وانتهاك واضح لجميع قواعد القانون الدولي ، ويتعارض مع أمن إسرائيل الذي تلتزم به فرنسا، لأن من يزرع الريح يحصد العاصفة". إعلان وأضاف "لا يمكننا أن نتجاهل معاناة شعب غزة"، مشيرا إلى أنهم يؤيدون اقتراح هولندا بمراجعة اتفاقية الشراكة، وقال إن "الاتفاقية تحتوي على أبعاد سياسية وتجارية لن تستفيد إسرائيل ولا الاتحاد الأوروبي من إنهائها، لكن وضع المدنيين (في غزة) يفرض علينا المضي قدما (في هذه القضية)". كما جدد بارو تصميم بلاده على الاعتراف بدولة فلسطين. وتأتي تصريحات بارو لتؤكد ما ذهب إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أسبوع حين طالب بالضغط على إسرائيل وإعادة النظر في اتفاقات الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن "ما يحدث في قطاع غزة مأساة إنسانية غير مقبولة ومروعة ويجب وقفها". تحول في الموقف الأوروبي وبهذا الصدد يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد أن مواقف الدول الأوروبية تجاه إسرائيل تشهد مؤخرا تحولا في اللهجة وتبدلا في المقاربة، خصوصا بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطينية في يونيو/حزيران المقبل والبيان المشترك الذي وقعه مع رئيسي وزراء بريطانيا وكندا. لكن ماجد أشار في مقابلة مع الجزيرة نت إلى أنه رغم هذه التحركات فإن "ذلك لا يعني أننا أمام تغيير جدي أو راديكالي"، مؤكدا أن الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا ، لا تزال حليفة لإسرائيل رغم الانتقادات العلنية الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال إن الاختبار الفعلي لجدية هذه المواقف هو في مدى استعداد أوروبا لاعتماد عقوبات، أو تجميد الاتفاقات، أو الالتزام بتطبيق قرارات المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية، معتبرا أن ما دون ذلك يظل في إطار الرسائل الشكلية التي لا تترك أثرا فعليا حتى الآن. وأوضح ماجد أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد طلبت، منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، اتخاذ إجراءات احترازية لمنع وقوع إبادة جماعية في قطاع غزة لكن لم يتم التعامل بجدية مع هذه المطالب أو مع قرارات المحكمة، وهو ما يعكس برأيه "ضعف الإرادة السياسية لدى العواصم الأوروبية. وأضاف أن هناك ضغوطا متزايدة على الحكومات الأوروبية من قبل منظمات حقوقية ومحامين، إذ هددت بعض الجهات الحقوقية بملاحقة الرئيس الفرنسي ومسؤولين أوروبيين آخرين قانونيا بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية، بسبب استمرار التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، رغم توثيق ارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وشدد على أن الإصرار على الإبقاء على الاتفاقيات والشراكات، في ظل تجاهل قرارات المحكمة الجنائية الدولية، يمثل شكلا من أشكال التواطؤ، ويضع الحكومة الفرنسية ومسؤولين آخرين تحت ضغط متزايد، قد يدفعهم لتغيير مقاربتهم وسياساتهم، ولو على مستوى الخطاب.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
الخارجية الفرنسية: تسهيل إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة غير كاف
صرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الثلاثاء، بأن تسهيل إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "غير كاف"، مطالبا بتقديم مساعدات "فورية وضخمة" دون أي عوائق. وأوضح بارو في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" أن "هذا غير كاف على الإطلاق… هناك حاجة إلى مساعدات فورية وضخمة"، مضيفا أن على إسرائيل أن تضمن دخول تلك المساعدات بشكل كامل وفوري، في ظل الظروف الإنسانية الكارثية التي يمر بها القطاع. كذلك، أعلن بارو أن فرنسا تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك للتحقق مما إذا كانت إسرائيل تحترم التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان. وجاءت تصريحات الوزير الفرنسي بعد يوم من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، ورئيسي الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني ، أنهم لن يقفوا "مكتوفي الأيدي" أمام أفعال إسرائيل في غزة. كما هدد الزعماء الثلاثة باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل إذا لم توقف هجومها العسكري الجديد على قطاع غزة، ولم ترفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، مما يزيد من الضغط الدولي المتزايد على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، وأسفرت حتى الآن عن أكثر من 168 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
هكذا تفاعل الفلسطينيون مع بيان الغرب ضد إسرائيل
لاقى بيان مشترك صادر عن قادة بريطانيا و فرنسا و كندا ترحيبا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن لوّح القادة بفرض عقوبات على إسرائيل إذا لم توقف حربها على قطاع غزة وترفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية. وكان قادة فرنسا وبريطانيا وكندا هددوا أمس الاثنين في بيان مشترك باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقال القادة "نعارض بشدة توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، إن مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يطاق". ونص البيان على أنه "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الجديد وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، فإننا سوف نتخذ خطوات ملموسة أخرى ردا على ذلك". ولم يتوقف البيان عند هذا الحد، بل أدان بشدة "اللغة البغيضة لبعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية والتهديد بالترحيل القسري". في هذا السياق، وصف مغرّدون فلسطينيون البيان بأنه "تاريخي"، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التي تلوّح فيها دول غربية كبرى بفرض عقوبات على إسرائيل. ورأى كثيرون أن هذا الموقف يمثل كسرا للمحرّمات السياسية التي لطالما سادت في عواصم الغرب، حيث كان الحديث عن معاقبة إسرائيل من "المحظورات الدبلوماسية". لكن في المقابل، شكّك آخرون في التأثير الفعلي للبيان، معتبرين أن: "لا بيان أوقف مجزرة، ولا تصريح وفّر خبزا، الحصار ما زال خانقا، والقتل مستمر، والمعاناة تزداد يوما بعد يوم". من جهة أخرى، وصف نشطاء ومراقبون البيان بأنه تطور دراماتيكي بكل المقاييس، مؤكدين أن العالم يشهد لأول مرة تحولا حقيقيا في لهجة الخطاب الغربي تجاه الاحتلال. وأشاروا إلى أن المواقف الغربية لم تعد تقتصر على بيانات "قلق" أو "دعوات لضبط النفس"، بل وصلت إلى تلويح فعلي بفرض عقوبات، وهو ما كان يُعدّ سابقا من المحرّمات السياسية في العواصم الغربية. وكتب أحد النشطاء: "البيان المشترك من بريطانيا وفرنسا وكندا يفتح الباب رسميا لآليات الضغط، وهو مؤشر على تآكل الحصانة السياسية التقليدية للاحتلال في الغرب". في السياق ذاته، علّق مدوّنون على أن بيان الإدانة الغربي جاء أقوى وأوضح من البيان الختامي لجامعة الدول العربية، رغم أن الدول الغربية كانت من أبرز داعمي إسرائيل في الأشهر الأولى من الحرب. وأضافوا بمرارة: "الغرب الراعي لإسرائيل يُعبّر عن ضجره من سلوك الاحتلال ويهدّد، بينما تقف دول عربية شاهدة دون أن تلوّح بأي أوراق قوة حاسمة يمكن أن توقف الكارثة والإبادة الجماعية". ترحيب من الرئاسة الفلسطينية وحركة حماس وفي الإطار ذاته، رحبت الرئاسة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالبيان المشترك الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، الذي دعا إسرائيل إلى وقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ولوح باتخاذ إجراءات ضد تل أبيب إذا لم توقف حرب. إعلان ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) عن الرئاسة وصفها لبيان القادة بالشجاع وقولها إنه ينسجم مع موقفها الداعي إلى إنقاذ وتنفيذ حل الدولتين، والوقف الفوري للعدوان، وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومنع التهجير. من جانبها قالت حركة حماس في بيان، إنها ترحب بالبيان المشترك "الذي عبّر عن موقف مبدئي رافض لسياسة الحصار والتجويع التي تنتهجها حكومة الاحتلال الفاشي ضد أهلنا في قطاع غزة، وللمخططات الصهيونية الرامية إلى الإبادة الجماعية والتهجير القسري". واعتبرت الحركة هذا الموقف خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة الاعتبار لمبادئ القانون الدولي، التي سعت حكومة نتنياهو إلى تقويضها والانقلاب عليها.