أحدث الأخبار مع #الفلسفة


الإمارات اليوم
منذ يوم واحد
- ترفيه
- الإمارات اليوم
«بكين: المدينة والسنوات».. جديد مجموعة «كلمات»
يجذب كتاب «بكين: المدينة والسنوات» قارئه منذ صفحاته الأولى، بما يملكه من استعادة الذكريات وعمق التأمل الفلسفي، ليمنحه نافذة على بكين كما لم تُكتب من قبل.. «بكين التي تتنفس من حجارة الأزقة، وتحتفظ بتاريخها في صمت الجدران، وتتكلم عبر ظلالها أكثر مما تتكلم عبر معالمها الصاخبة». وفي هذا الكتاب الصادر بترجمته العربية عن «روايات»، إحدى شركات مجموعة كلمات الإماراتية، بترجمة يارا المصري، يكتب الروائي الصيني نينغ كِن 44 فصلاً بلغة تنبض بالحياة، لتشكل خريطة وجدانية تعيد رسم المدينة عبر عيني كاتبها، وتقدمها ككائن حي يتغير ويُربي ويحتفظ بالأثر، تماماً كما يحتفظ الزمن بأعمق لحظاته في الحجر القديم.


الشرق الأوسط
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- الشرق الأوسط
«الانفعالات»: طريقة لفهم العالم والاستمرار في الوجود
يطرح «كتاب الانفعالات» للفيلسوف والأكاديمي الإيطالي أومبرتو جاليمبرتي الانفعالات بوصفها تعديلاً في كياننا النفسي، وفي علاقتنا بالعالم، مؤسِساً طرحه وتأملاته في ظلال التاريخ، والفلسفة، وعلم النفس، والتكنولوجيا. صدرت الترجمة العربية للكتاب أخيراً عن دار «تنمية» للنشر بالقاهرة بتوقيع المترجمة المصرية الدكتورة نجلاء والي، ويقع الكتاب في خمسة أجزاء يتنقل فيها الكاتب بين مختلف النظريات التي تشرح الآليات الكامنة وراء الانفعالات، وصولاً لتأثير التقنية الرقمية عليها. ورغم الجهود العلمية المبذولة عبر التاريخ لرصد الانفعالات، فإن جاليمبرتي يعتبر أنها ما زالت عملية معقدة، ويرجع ذلك إلى أنها تقبع في مناطق مجهولة داخلنا، وتضرب بجذور ثابتة في الجزء الأقدم من عقولنا، وتظهر آثارها في الجزء الأكثر نبلاً في وجداننا، وفي مشاعرنا وحياتنا الاجتماعية، وتوقف الكاتب عند طبيعة الانفعالات التي تتفرق بين علوم ومجالات متعددة، ما بين علم الأعصاب وعلم النفس وعلم التربية والاجتماع، والفلسفة، وحتى بوصفها مسألة «ثقافية». حالة طوارئ تتجه بنية الكتاب إلى محاورة النماذج الفلسفية المؤسِسة حول الانفعالات، ومجاورتها مع نماذج أكثر معاصرة، فيعود لأصل الأشياء ورصد رحلة تطوّر المشاعر لدى «إنسان الكهف» الذي يقول الكاتب إنه لولا المشاعر التي كانت تقوده لكان الجنس البشري قد انقرض، حيث يمثل شعوره بالخطر أقدم الانفعالات التي حافظت على حياته، فطوّر استجابة «لحظية» لمواجهة الخطر، حيث الوقت يجب أن يكون وجيزاً بين إدراك العامِل المُحفز للانفعال والاستجابة لها، سواء للامساك بالفريسة قبل هروبها، أو أن يهرب هو نفسه من حيوان مفترس. ولعل هذا المشهد «البدائي» هو ما طوّر تكريس الانفعال بوصفه «رد فعل عاطفياً عميقاً»، يظهر بصورة حادة ولمدة وجيزة نتيجة محفز بيئي مثل خطر، أو محفز عقلي كذكرى، أو حتى من وحي الخيال، فالانفعال في علم اللغة يعني التحرك فيما وراء الشيء أو ما بعده، كما يشير المؤلف. يضع الكتاب هذا النموذج الأولي في مُقاربة مع التحليل النفسي لدى فرويد الذي يُفرّق بين الخوف الذي يتطلب وجود شيء معين نخشاه، والقلق الذي يمكن تعريفه بعملية انتظار حدوث خطر، أو الاستعداد له، وقد يكون الخطر نفسه مجهولاً، والرعب المرتقب للخطر دون استعداد مسبق له، وهنا تلعب المفاجأة دورها. ومن ثم، يتتبع جاليمبرتي حالة التفكيك الفلسفي الطويلة لتعقيدات الانفعالات مثل الغضب، والغيرة، والقلق، حتى الضحك والبكاء، ويستخدم تعبير «فقد النظام» باعتبار الانفعالات صورة من إعادة ضبط هذا النظام المُختل، فالفيلسوف الألماني كارل ياسبرز يرى الضحك والبكاء «آفتين من آفات الجسد، الذي لا يجد لهما طريقاً للخروج»، فيفقد نظامه عند نقطة معينة، ويقول الكاتب: «فقد النظام رمز، كما أن هناك رمزية في كل تعبير وإشارة، ولكنها ليست شفافة في الضحك والبكاء؛ لأن كلاً منهما استجابة متأخرة؛ استجابة على الحافة، يقتصر الضحك والبكاء على الإنسان، فهما ظاهرتان بشريتان فحسب». كسر العدم يُحاوِر المؤلِف النموذج الأفلاطوني حول المشاعر ما بين ثنائية الجسد والروح، ويسعى لربطها بأفكار داروين، وكارل يونغ، مروراً بجان بول سارتر الذي يتوقف عن تأمله لدلالة الانفعالات، فعلى سبيل المثال إذا كانت التغيرات الفسيولوجية الناشئة عن الغضب لا تختلف من حيث القوة عن تلك الناجمة عن الفرح، بما في ذلك زيادة في نبضات القلب وزيادة في صلابة العضلات، فهذا التشابه في الظاهر لا يعني أن الغضب شعور قوي بالفرح، وذلك ببساطة لأن دلالة الفرح تختلف عن دلالة الغضب، وإذا لم نفهم الدلالة فلن نفهم الفرح والغضب، وإن حددنا ورصدنا الأسباب والعلامات التي تصاحبهما. ويؤكد أنه لا يمكن إدراك الانفعالات بمعزل عن سياقها الوجودي الأشمل، فإذا كان وجودنا نفسه انفتاحاً على العالم، فالانفعال إذا هو خبرة هشاشة الوجود في اللحظة التي يبدو لنا فيها هذا الوجود أو العالم مختلفاً وغير مألوف، فيترتب على ذلك فقد السيطرة، والشعور بالخطر الوشيك وتهديد خفي بالعدم يجتاحه، وربما يمكن هنا استعارة صوت هيدغر الذي اعتبر القلق هو «استشعار العدم»، وفي تيه القلق نحاول غالباً أن نكسر الصمت المطبق ببعض الكلمات التي ننطق بها بشكل عشوائي، وهو دليل على حضور العدم؛ فالقلق يكسر العدم. تسليع المشاعر تبدو الخبرة الانفعالية إذًا أكثر التجارب التي تظهر لنا هشاشة انفتاح الإنسان على العالم، ويشير الكاتب إلى أنه يظل هناك دائماً قدر من عدم الاتساق بين موضوعية الموقف والشحنة العاطفية التي تصاحبها، أو ما يصفه بـ«الشلل» الذي نشعر به دائماً بما لا يتناسب مع المناسبة التي سببته. ويتوقف الكاتب عند تسخير «الانفعالات» في العصر الحديث بغرض التسليع، حيث تصبح «تسليع المشاعر» سلعة لترويج سلع أخرى، لا على أساس ما تثيره من انفعالات وليس على أسس عقلانية، بما في ذلك استغلال الساسة للعواطف في الخطابات الشعبوية، علاوة على مخاطر «تبدد الواقع» والعزلة التي يخلقها التواصل الاجتماعي الافتراضي، مُفصِلاً في الجزء الأخير من الكتاب تحديات ما يصفه بـ«النمو الانفعالي» للجيل الجديد، الذي يفتقر للتجاوب العاطفي، والذي يسمح لهم بالشعور اللحظي وقبل التفكير العقلاني، فهو يرى أن شبكة الإنترنت تسببت في «تراجع القدرات العقلية، واختزال عالم الانفعالات والمشاعر الذي لا يمكن التحقق عبر قنواتها»، ويتتبع الكاتب مسارات التعبير الإنساني بدايةً من مراحل ما قبل التاريخ حيث التعبير عن المشاعر بالنحت والرسم على الحجارة، وصولاً للتخلي عن تلك الرموز المرئية مع اختراع الكتابة، وصولاً لأجيال الديجيتال، حيث لم تصل إليهم المعارف من خلال «الكتاب» ولكن من خلال «المشاهدة»، ويؤكد الكاتب في النهاية أنه لا يُدين الإنترنت الذي فتح آفاقاً من الفُرص، ولكن في الوقت نفسه لا يعفيه من دوره في إبعادنا عن الانفعالات واستبدالها بأخرى زائفة تشبه الأوهام والهلاوس: «من يهجر الواقع ويذهب إلى عالم افتراضي، والأكثر من ذلك أن هذا يحدث دون دراية من جانبنا ودون عِلمنا». تبدو الانفعالات كما يصفها المؤلف طريقة لفهم العالم والتعامل معه، ووسيلة للاستمرار في الوجود، ويدعو لإدراكها ليس بوصفه خللاً فسيولوجياً، ولكن بوصفها «سلوكاً منظماً» يسمح للهروب مما لا يمكن أن يتحمله الإنسان؛ الدموع والعواطف الجياشة التي تجتاح شخصاً عندما يذكّره حديث بحب كبير ضائع لا يمكن استرجاعه، وهي مشاعر يصفها أومبرتو جاليمبرتي بأنها ليست «فوضى تعبيرية، ولكنها سلوك مناسب لوجود غير قادر على مواجهة ما حدث، ولا يستطيع التسليم بالفقد». يُفصّل المؤلف غاية الانفعال هنا بوصه سلوكاً تعويضياً له القدرة على إثارة حضور آخر قادر على تخفيف المعاناة الناتجة عن وحدة لا يمكن درؤها عند التعبير عن هذه العواطف، لتكون تلك الدموع حلاً مفاجئاً ومباغتاً للصراع. ويتوقف الكتاب عند محطة الانفعال الجمالي، بوصفها تلك الانفعالات التي تقودنا خارج الواقع وخارج عالمنا، كتلك التي تنتابنا ونحن مشدوهون بالموسيقى، والشِعر والفنون، حيث يستدعي القريب البعيد، لنبلغ نقطة أسمى، أو ما وراء الأشياء، يستدعي الكاتب هنا «هوميروس» الذي كان يستدعي وهو أعمى، ربّات الشعر ليحكين له ما حدث في طروادة، فالانفعال بالفنون يقودنا خارج سطوة العقلانية، ما دعا هايدغر لأن يقول إن الفنانين أكثر عرضة للجنون.

سعورس
١١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- سعورس
بعد إذن الفقيه الأدبي
لا بد من وقفة إشادة بالحراك الثقافي المتنامي والحقل الأدبي المتجدد الذي تشهده المملكة اليوم، والذي لم يعد مجرد طموح نظري أو ترف فكري، بل أصبح واقعًا محسوسًا، أعطى الفرصة الحقيقية للشباب والشابات لتفجير طاقاتهم الإبداعية، وإعادة تشكيل صورة مغايرة للدرس الأدبي الذي كان ولسنوات طويلة حبيس القيود المدرسية الصارمة، والمنهجيات الجامدة، والأطر التقليدية التي فرضتها الأندية الأدبية ذات النزعة المحافظة. وحين أقول فرصة، فإنني أعني بذلك فرصة متكاملة، لم تتح فقط على مستوى الشكل الفني، بل على مستوى المضامين أيضًا، سواء في التعبير الشعري، أو الاشتغال الفلسفي، أو التكوين الروائي، لقد وجد الجيل الجديد في هذه المساحات المتاحة متنفسًا للتعبير، ومجالا لإعادة مساءلة الذات والعالم، من خلال نصوص تجمع بين التأمل والتخييل، وتمنح للخيال الروائي شرعيته دون أن تتخلى عن عمق الفكرة أو صدق المعاناة الإنسانية. هذا المشهد المتجدد أتاح للرواية خاصة أن تنهض بوظيفة فلسفية غير مباشرة، حيث باتت تقارب أسئلة الوجود والإيمان والأخلاق، لا من منابر الوعظ أو مقاعد التنظير، بل من خلال شخصيات تواجه قلقها اليومي، وتحاول فهم العالم من حولها، بما فيه من غرابة وجمال وفوضى، لقد أصبحت الحكاية أداة للتفلسف، والخيال وسيلة لمقاربة الحقيقة، كما لو أن الرواية باتت الذراع الروحي للحقل الأدبي، تواجه به المعضلات الكبرى دون أن تتخلى عن دفء المشاعر أو تشويق السرد. وهنا، أمام هذا المشهد الثقافي الواعد، لا يسعنا إلا أن نثني عليه، ونؤكد أنه يمثل مشروعًا ثقافيًا يستحق الإشادة، فقد نقل الأدب من هامش الترف إلى مركز السؤال، وجعل من الفعل الثقافي ضربًا من ضروب المقاومة الناعمة تجاه الابتذال والسطحية، لكن رغم هذا الزخم، تظهر فجوة عميقة لا يمكن تجاهلها، فجوة تنبئ عن غياب مقلق لحقل معرفي مواز: الحقل العلمي الإنساني، لا بمعناه الأكاديمي البارد، بل باعتباره خطابًا فكريًا يعيد إنتاج المعرفة حول الإنسان والعالم والطبيعة والمجتمع بلغة ممنهجة تربط بين الظاهرة وتفسيرها. لقد نجح الأدب في خلق أفق تأملي خصب، لكنه لا يكفي وحده، نحتاج إلى استكمال المشهد برؤية علمية وفكرية قادرة على وضع أسئلة الرواية ضمن سياقات معرفية أوسع.. أين هو الخطاب العلمي المحلي الذي يتناول موضوعات مثل: الوعي، العقل، الإدراك، النفس، اللغة، المجتمع، التكنولوجيا، البيولوجيا، المستقبل؟، أين هي المساحات التي يدار فيها حوار عابر للتخصصات، بين الأدب والعلوم الطبيعية، بين الفلسفة وعلم الأعصاب، بين الرواية ونظرية المعرفة؟. الحقل العلمي في صورته الثقافية العامة ما زال غائبا أو متواريًا خلف جدران الجامعات، محصورًا في الأوراق البحثية والمؤتمرات المغلقة، دون أن يتحول إلى خطاب عام يغذي الوعي الجمعي أو يتقاطع مع الإنتاج الأدبي، وهذا الغياب يفرغ الكثير من النصوص الأدبية من إمكاناتها التأويلية الكاملة، لأن الفكر وحده لا يكتفي بالتعبير، بل يحتاج إلى تحليل وتفكيك وبناء، إذن نحن أمام مشهد ثقافي مشرق في نصفه، ومعتم في نصفه الآخر، النصف الأول تشكله الرواية والشعر والفن، أما النصف الآخر العلمي والفلسفي فما زال في طور الغياب. ولعل التحدي الحقيقي اليوم ليس في إنتاج مزيد من النصوص، بل في خلق فضاء معرفي متكامل، يربط بين الجمال والفكر، بين الأدب والعلم، بين الحكاية والتأويل العلمي، وبين التأمل وجرأة السؤال، أثناء قراءتي لمقالات، جون بروكمان، في كتاب «ما نؤمن به ولا نستطيع إثباته» أعاد لي تساؤلات، والحق كانت صرخة تذكير بواقع مقلق، هيمنة المثقف الأدبي في المشهد الثقافي العربي، واحتكاره لحق التعبير عن العقل الجمعي، بل ومصادرة أدوات التفكير، والنقد، والمراجعة باسم الأدب والفكر الإنساني، نعيش اليوم في بيئة معرفية يندر فيها أن ترى مثقفًا يتحدث عن فيزياء الجسيمات أو بيولوجيا التطور أو تعقيد الدماغ، إلا بوصفها ترفًا معرفيًا لا يدرج ضمن أولويات النهضة الثقافية أو الوعي الجمعي. تغيب عن مشهدنا الثقافي أسماء بحجم، فرانسيس كريك، جيمس واتسون، إدوارد ويلسون، ولين مارغوليس، كما لا يعنى أحد بإنجازات، ستيفن هوكينغ، إلا بكونه فيزيائيًا منحط الأخلاق، وبراين غرين اللانجابي اللعين، روجر بنروز الذي لا يعرف له ملة أو ذمة، كارلو روفيلي، أو إدوارد ويتن، وغيرهم في نظريات الأوتار، الأكوان المتعددة، أو البنى الكمومية للزمن.. هذه الأسماء تحدث الفارق اليوم، وتدفع حدود المعرفة البشرية إلى أقصاها، بينما ينهمك المشهد الثقافي المحلي في جدل دائري حول هل الشعر العامودي أرقى من الشعر الحر؟، أو في مهاترات حول هل الرواية العربية جنس أدبي أصيل أم مستورد من الغرب؟. لا يخفى عن الكثير أن القوى العظمى التي تعيد تشكيل العالم لا تبني نهضتها على التفريق بين المعري وامرئ القيس، ولا تأبه إن كان طه حسين قد جانب الصواب في الشعر الجاهلي أو لا، بل تبني حضارتها على المجاهر الإلكترونية، وتسليح الذكاء الاصطناعي، ونمذجة الخلايا الجذعية، وفهم الخريطة الجينية للإنسان، كل ذلك، بينما يكتفي مثقفنا المحلي بمراجعة منشورات دور النشر، ومناقشة مشروعات النقد البنيوي والتفكيكي، وإعادة تدوير إنتاج الآخر الغربي، دون المضي نحو تأسيس مشروع معرفي حقيقي في العلوم الصلبة، هذا الخلل البنيوي في الثقافة، لا يجب أن يعامل بلين ولا بطبطبة. اليوم لم يعد مقبولا أن نواصل تغليف الواقع الثقافي بمساحيق التجميل الأدبي، بينما تغيب الأحياء الجزيئية، والفيزياء النظرية، وعلوم الأعصاب عن الوعي العام، بل وعن المناهج الجامعية نفسها، لا يصح أن نحصر التفكر، وهو أرقى أفعال الإنسان، في ساحة الأدب وحده، وكأن التأمل الفلسفي لا ينشأ إلا من بيت شعر أو قافية! فكم من سؤال كوني، وكم من حيرة وجودية ولدت من مختبر البيولوجيا أو من معادلات الكم !. إن ما نحتاجه اليوم ليس تقويمًا للأدب ولا إنكارًا لقيمته، بل نحتاج اتزانًا حقيقيًا يعيد توزيع الثقل الثقافي بين الحقول، فمن القصور أن نرفع من شأن ألفية ابن مالك ونسدل الستار على علم الوراثة الجزيئية، أو نثني على لامية العرب بينما نجهل تفاعلات كرسبر أو نظريات الحقول الكمومية. يفترض أن يكون المثقف المحلي جسرًا، لا حارسًا لبوابة وهمية تسمى الثقافة، ويجب أن تتبنى الجهات الرسمية مبادرات معرفية حقيقية، تخلق بيئات تعلم متعددة التخصصات، وتفكك احتكار الأدب للفكر، وتخرج الفلسفة من نادي إعادة إنتاج مقولات، هايدغر، ونيتشه إلى فضاء الأسئلة الجديدة في الوعي، والذكاء الاصطناعي، والبيولوجيا التطورية. إننا، وبكل وضوح، بحاجة إلى ثورة في الوعي الثقافي المحلي، لا تبدأ من كتب الشعر، بل من قاعات البيولوجيا، ومراكز الفيزياء النظرية، ومختبرات علوم الدماغ، هذا العالم الذي يتسارع بقوة مخيفة لا ينتظر من يجادل إن كانت القصيدة الحرة فسادًا للذائقة، بل من يجيب عن أسئلة الجينوم، والسديم، وأصل المادة، ونهاية الزمن، وبقدر ما نحب الأدب والفلسفة والسوسيولوجيا، ندرك أن التوازن المعرفي ضرورة لا ترف، وأن احتكار الثقافة بوصفها أدبًا وفنًا فقط هو ضياع لأهم أدوات النهضة، وحرمان للعقل العربي من أدواته الأكثر حداثة وقدرة على الفهم الخلاق.


الوطن
١١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الوطن
بعد إذن الفقيه الأدبي
لديفيد هيوم تعبير لافت يقول فيه: «نحن مسكونون بأحجياتنا الداخلية، التي تميل إلى نشر أنفسنا في هذا العالم»، وهو ما استوقفني أثناء كتابة هذا المقال؛ لأنه يعبّر عن جوهر الحاجة إلى إعادة النظر في تمثلاتنا الثقافية. لا بد من وقفة إشادة بالحراك الثقافي المتنامي والحقل الأدبي المتجدد الذي تشهده المملكة اليوم، والذي لم يعد مجرد طموح نظري أو ترف فكري، بل أصبح واقعًا محسوسًا، أعطى الفرصة الحقيقية للشباب والشابات لتفجير طاقاتهم الإبداعية، وإعادة تشكيل صورة مغايرة للدرس الأدبي الذي كان ولسنوات طويلة حبيس القيود المدرسية الصارمة، والمنهجيات الجامدة، والأطر التقليدية التي فرضتها الأندية الأدبية ذات النزعة المحافظة. وحين أقول فرصة، فإنني أعني بذلك فرصة متكاملة، لم تتح فقط على مستوى الشكل الفني، بل على مستوى المضامين أيضًا، سواء في التعبير الشعري، أو الاشتغال الفلسفي، أو التكوين الروائي، لقد وجد الجيل الجديد في هذه المساحات المتاحة متنفسًا للتعبير، ومجالا لإعادة مساءلة الذات والعالم، من خلال نصوص تجمع بين التأمل والتخييل، وتمنح للخيال الروائي شرعيته دون أن تتخلى عن عمق الفكرة أو صدق المعاناة الإنسانية. هذا المشهد المتجدد أتاح للرواية خاصة أن تنهض بوظيفة فلسفية غير مباشرة، حيث باتت تقارب أسئلة الوجود والإيمان والأخلاق، لا من منابر الوعظ أو مقاعد التنظير، بل من خلال شخصيات تواجه قلقها اليومي، وتحاول فهم العالم من حولها، بما فيه من غرابة وجمال وفوضى، لقد أصبحت الحكاية أداة للتفلسف، والخيال وسيلة لمقاربة الحقيقة، كما لو أن الرواية باتت الذراع الروحي للحقل الأدبي، تواجه به المعضلات الكبرى دون أن تتخلى عن دفء المشاعر أو تشويق السرد. وهنا، أمام هذا المشهد الثقافي الواعد، لا يسعنا إلا أن نثني عليه، ونؤكد أنه يمثل مشروعًا ثقافيًا يستحق الإشادة، فقد نقل الأدب من هامش الترف إلى مركز السؤال، وجعل من الفعل الثقافي ضربًا من ضروب المقاومة الناعمة تجاه الابتذال والسطحية، لكن رغم هذا الزخم، تظهر فجوة عميقة لا يمكن تجاهلها، فجوة تنبئ عن غياب مقلق لحقل معرفي مواز: الحقل العلمي الإنساني، لا بمعناه الأكاديمي البارد، بل باعتباره خطابًا فكريًا يعيد إنتاج المعرفة حول الإنسان والعالم والطبيعة والمجتمع بلغة ممنهجة تربط بين الظاهرة وتفسيرها. لقد نجح الأدب في خلق أفق تأملي خصب، لكنه لا يكفي وحده، نحتاج إلى استكمال المشهد برؤية علمية وفكرية قادرة على وضع أسئلة الرواية ضمن سياقات معرفية أوسع.. أين هو الخطاب العلمي المحلي الذي يتناول موضوعات مثل: الوعي، العقل، الإدراك، النفس، اللغة، المجتمع، التكنولوجيا، البيولوجيا، المستقبل؟، أين هي المساحات التي يدار فيها حوار عابر للتخصصات، بين الأدب والعلوم الطبيعية، بين الفلسفة وعلم الأعصاب، بين الرواية ونظرية المعرفة؟. الحقل العلمي في صورته الثقافية العامة ما زال غائبا أو متواريًا خلف جدران الجامعات، محصورًا في الأوراق البحثية والمؤتمرات المغلقة، دون أن يتحول إلى خطاب عام يغذي الوعي الجمعي أو يتقاطع مع الإنتاج الأدبي، وهذا الغياب يفرغ الكثير من النصوص الأدبية من إمكاناتها التأويلية الكاملة، لأن الفكر وحده لا يكتفي بالتعبير، بل يحتاج إلى تحليل وتفكيك وبناء، إذن نحن أمام مشهد ثقافي مشرق في نصفه، ومعتم في نصفه الآخر، النصف الأول تشكله الرواية والشعر والفن، أما النصف الآخر العلمي والفلسفي فما زال في طور الغياب. ولعل التحدي الحقيقي اليوم ليس في إنتاج مزيد من النصوص، بل في خلق فضاء معرفي متكامل، يربط بين الجمال والفكر، بين الأدب والعلم، بين الحكاية والتأويل العلمي، وبين التأمل وجرأة السؤال، أثناء قراءتي لمقالات، جون بروكمان، في كتاب «ما نؤمن به ولا نستطيع إثباته» أعاد لي تساؤلات، والحق كانت صرخة تذكير بواقع مقلق، هيمنة المثقف الأدبي في المشهد الثقافي العربي، واحتكاره لحق التعبير عن العقل الجمعي، بل ومصادرة أدوات التفكير، والنقد، والمراجعة باسم الأدب والفكر الإنساني، نعيش اليوم في بيئة معرفية يندر فيها أن ترى مثقفًا يتحدث عن فيزياء الجسيمات أو بيولوجيا التطور أو تعقيد الدماغ، إلا بوصفها ترفًا معرفيًا لا يدرج ضمن أولويات النهضة الثقافية أو الوعي الجمعي. تغيب عن مشهدنا الثقافي أسماء بحجم، فرانسيس كريك، جيمس واتسون، إدوارد ويلسون، ولين مارغوليس، كما لا يعنى أحد بإنجازات، ستيفن هوكينغ، إلا بكونه فيزيائيًا منحط الأخلاق، وبراين غرين اللانجابي اللعين، روجر بنروز الذي لا يعرف له ملة أو ذمة، كارلو روفيلي، أو إدوارد ويتن، وغيرهم في نظريات الأوتار، الأكوان المتعددة، أو البنى الكمومية للزمن.. هذه الأسماء تحدث الفارق اليوم، وتدفع حدود المعرفة البشرية إلى أقصاها، بينما ينهمك المشهد الثقافي المحلي في جدل دائري حول هل الشعر العامودي أرقى من الشعر الحر؟، أو في مهاترات حول هل الرواية العربية جنس أدبي أصيل أم مستورد من الغرب؟. لا يخفى عن الكثير أن القوى العظمى التي تعيد تشكيل العالم لا تبني نهضتها على التفريق بين المعري وامرئ القيس، ولا تأبه إن كان طه حسين قد جانب الصواب في الشعر الجاهلي أو لا، بل تبني حضارتها على المجاهر الإلكترونية، وتسليح الذكاء الاصطناعي، ونمذجة الخلايا الجذعية، وفهم الخريطة الجينية للإنسان، كل ذلك، بينما يكتفي مثقفنا المحلي بمراجعة منشورات دور النشر، ومناقشة مشروعات النقد البنيوي والتفكيكي، وإعادة تدوير إنتاج الآخر الغربي، دون المضي نحو تأسيس مشروع معرفي حقيقي في العلوم الصلبة، هذا الخلل البنيوي في الثقافة، لا يجب أن يعامل بلين ولا بطبطبة. اليوم لم يعد مقبولا أن نواصل تغليف الواقع الثقافي بمساحيق التجميل الأدبي، بينما تغيب الأحياء الجزيئية، والفيزياء النظرية، وعلوم الأعصاب عن الوعي العام، بل وعن المناهج الجامعية نفسها، لا يصح أن نحصر التفكر، وهو أرقى أفعال الإنسان، في ساحة الأدب وحده، وكأن التأمل الفلسفي لا ينشأ إلا من بيت شعر أو قافية! فكم من سؤال كوني، وكم من حيرة وجودية ولدت من مختبر البيولوجيا أو من معادلات الكم !. إن ما نحتاجه اليوم ليس تقويمًا للأدب ولا إنكارًا لقيمته، بل نحتاج اتزانًا حقيقيًا يعيد توزيع الثقل الثقافي بين الحقول، فمن القصور أن نرفع من شأن ألفية ابن مالك ونسدل الستار على علم الوراثة الجزيئية، أو نثني على لامية العرب بينما نجهل تفاعلات كرسبر أو نظريات الحقول الكمومية. يفترض أن يكون المثقف المحلي جسرًا، لا حارسًا لبوابة وهمية تسمى الثقافة، ويجب أن تتبنى الجهات الرسمية مبادرات معرفية حقيقية، تخلق بيئات تعلم متعددة التخصصات، وتفكك احتكار الأدب للفكر، وتخرج الفلسفة من نادي إعادة إنتاج مقولات، هايدغر، ونيتشه إلى فضاء الأسئلة الجديدة في الوعي، والذكاء الاصطناعي، والبيولوجيا التطورية. إننا، وبكل وضوح، بحاجة إلى ثورة في الوعي الثقافي المحلي، لا تبدأ من كتب الشعر، بل من قاعات البيولوجيا، ومراكز الفيزياء النظرية، ومختبرات علوم الدماغ، هذا العالم الذي يتسارع بقوة مخيفة لا ينتظر من يجادل إن كانت القصيدة الحرة فسادًا للذائقة، بل من يجيب عن أسئلة الجينوم، والسديم، وأصل المادة، ونهاية الزمن، وبقدر ما نحب الأدب والفلسفة والسوسيولوجيا، ندرك أن التوازن المعرفي ضرورة لا ترف، وأن احتكار الثقافة بوصفها أدبًا وفنًا فقط هو ضياع لأهم أدوات النهضة، وحرمان للعقل العربي من أدواته الأكثر حداثة وقدرة على الفهم الخلاق.


الدستور
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الدستور
موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 وكيفية الاستعلام عنها إلكترونيًا
يتزايد بحث طلاب الصف الثالث الثانوي 2025 وأولياء أمورهم عن موعد ظهور أرقام جلوس الثانوية العامة 2025، مع اقتراب انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة والمقرر رسميا في 15 يونيو 2025، بحسب ما أعلنته وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. متى تظهر أرقام جلوس الثانوية العامة 2025؟ أكدت وزارة التعليم أن إعلان أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 سيتم خلال أيام، وسيكون متاحا على الموقع الرسمي للوزارة، بالإضافة إلى توزيع بطاقات أرقام الجلوس ورقيا على المدارس ليتم تسليمها للطلاب مباشرة دون الحاجة إلى الذهاب للمديريات. رابط وخطوات الاستعلام عن رقم جلوس الثانوية العامة 2025 يمكن لطلاب الثانوية العامة معرفة رقم الجلوس ومكان اللجنة الامتحانية فور تفعيل الخدمة الإلكترونية، وذلك باتباع الخطوات التالية: الدخول إلى الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم: تسجيل الدخول عبر البريد الإلكتروني المدرسي الموحد. الضغط على خدمة "الاستعلام عن رقم الجلوس". ظهور صفحة تحتوي على رقم الجلوس واسم المدرسة ومقر اللجنة الامتحانية. خطوات إنشاء البريد الإلكتروني المدرسي الموحد للثانوية العامة حتى يتمكن الطالب من الاستعلام عن رقم الجلوس إلكترونيًا، يجب أولًا إنشاء حساب بالبريد الإلكتروني الموحد عبر الخطوات التالية: الدخول إلى بوابة الحساب الموحد: اختيار "حساب الطالب". إدخال الرقم القومي وكود الطالب المدرسي. الضغط على "التحقق من البيانات". استلام كود التفعيل عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني. إدخال الكود لتفعيل الحساب بنجاح. جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 لجميع الشعب والنظم أعلنت وزارة التعليم الجدول الرسمي لامتحانات الثانوية العامة 2025، والذي يبدأ يوم الأحد 15 يونيو ويستمر حتى الخميس 10 يوليو، ويشمل طلاب النظامين القديم والجديد في الشعب علمي علوم – علمي رياضة – أدبي. جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 – علمي علوم (النظام الجديد) الأحد 15 يونيو: التربية الدينية – التربية الوطنية الثلاثاء 17 يونيو: اللغة الأجنبية الثانية الأحد 22 يونيو: اللغة العربية الخميس 26 يونيو: الفيزياء الأحد 29 يونيو: اللغة الأجنبية الأولى الخميس 3 يوليو: الكيمياء الخميس 10 يوليو: الأحياء جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 – أدبي (النظام الجديد) الأحد 15 يونيو: التربية الدينية – التربية الوطنية الثلاثاء 17 يونيو: اللغة الأجنبية الثانية الأحد 22 يونيو: اللغة العربية الخميس 26 يونيو: التاريخ الأحد 29 يونيو: اللغة الأجنبية الأولى الخميس 3 يوليو: الجغرافيا الخميس 10 يوليو: الإحصاء للاطلاع على الجداول الكاملة لجميع الشعب والنظم القديمة والجديدة، يمكن تحميل نسخة تفصيلية من خلال موقع وزارة التعليم. الفئات المؤهلة لدخول امتحانات الثانوية بالنظام القديم والجديد النظام القديم يشمل: الطلاب الراسبين من الأعوام السابقة. الحاصلين على أرقام جلوس ولم يدخلوا الامتحانات. النظام الجديد يشمل: الطلاب المقيدين حاليًا بالصف الثالث الثانوي. الناجحين في الصف الثاني الثانوي 2022-2023 أو بعده، بشرط عدم التقدم سابقا للصف الثالث. توزيع درجات الثانوية العامة 2025 حسب الشعب علمي علوم / رياضة: اللغة العربية: 80 درجة اللغة الأجنبية الأولى: 60 درجة الفيزياء / الأحياء / الكيمياء / الرياضيات: كل منها 60 درجة الإجمالي: 320 درجة أدبي: اللغة العربية: 80 درجة اللغة الأجنبية الأولى: 60 درجة التاريخ – الجغرافيا – الفلسفة – الإحصاء: 60 درجة لكل مادة الإجمالي: 320 درجة