
«الانفعالات»: طريقة لفهم العالم والاستمرار في الوجود
يطرح «كتاب الانفعالات» للفيلسوف والأكاديمي الإيطالي أومبرتو جاليمبرتي الانفعالات بوصفها تعديلاً في كياننا النفسي، وفي علاقتنا بالعالم، مؤسِساً طرحه وتأملاته في ظلال التاريخ، والفلسفة، وعلم النفس، والتكنولوجيا.
صدرت الترجمة العربية للكتاب أخيراً عن دار «تنمية» للنشر بالقاهرة بتوقيع المترجمة المصرية الدكتورة نجلاء والي، ويقع الكتاب في خمسة أجزاء يتنقل فيها الكاتب بين مختلف النظريات التي تشرح الآليات الكامنة وراء الانفعالات، وصولاً لتأثير التقنية الرقمية عليها.
ورغم الجهود العلمية المبذولة عبر التاريخ لرصد الانفعالات، فإن جاليمبرتي يعتبر أنها ما زالت عملية معقدة، ويرجع ذلك إلى أنها تقبع في مناطق مجهولة داخلنا، وتضرب بجذور ثابتة في الجزء الأقدم من عقولنا، وتظهر آثارها في الجزء الأكثر نبلاً في وجداننا، وفي مشاعرنا وحياتنا الاجتماعية، وتوقف الكاتب عند طبيعة الانفعالات التي تتفرق بين علوم ومجالات متعددة، ما بين علم الأعصاب وعلم النفس وعلم التربية والاجتماع، والفلسفة، وحتى بوصفها مسألة «ثقافية».
حالة طوارئ
تتجه بنية الكتاب إلى محاورة النماذج الفلسفية المؤسِسة حول الانفعالات، ومجاورتها مع نماذج أكثر معاصرة، فيعود لأصل الأشياء ورصد رحلة تطوّر المشاعر لدى «إنسان الكهف» الذي يقول الكاتب إنه لولا المشاعر التي كانت تقوده لكان الجنس البشري قد انقرض، حيث يمثل شعوره بالخطر أقدم الانفعالات التي حافظت على حياته، فطوّر استجابة «لحظية» لمواجهة الخطر، حيث الوقت يجب أن يكون وجيزاً بين إدراك العامِل المُحفز للانفعال والاستجابة لها، سواء للامساك بالفريسة قبل هروبها، أو أن يهرب هو نفسه من حيوان مفترس.
ولعل هذا المشهد «البدائي» هو ما طوّر تكريس الانفعال بوصفه «رد فعل عاطفياً عميقاً»، يظهر بصورة حادة ولمدة وجيزة نتيجة محفز بيئي مثل خطر، أو محفز عقلي كذكرى، أو حتى من وحي الخيال، فالانفعال في علم اللغة يعني التحرك فيما وراء الشيء أو ما بعده، كما يشير المؤلف.
يضع الكتاب هذا النموذج الأولي في مُقاربة مع التحليل النفسي لدى فرويد الذي يُفرّق بين الخوف الذي يتطلب وجود شيء معين نخشاه، والقلق الذي يمكن تعريفه بعملية انتظار حدوث خطر، أو الاستعداد له، وقد يكون الخطر نفسه مجهولاً، والرعب المرتقب للخطر دون استعداد مسبق له، وهنا تلعب المفاجأة دورها.
ومن ثم، يتتبع جاليمبرتي حالة التفكيك الفلسفي الطويلة لتعقيدات الانفعالات مثل الغضب، والغيرة، والقلق، حتى الضحك والبكاء، ويستخدم تعبير «فقد النظام» باعتبار الانفعالات صورة من إعادة ضبط هذا النظام المُختل، فالفيلسوف الألماني كارل ياسبرز يرى الضحك والبكاء «آفتين من آفات الجسد، الذي لا يجد لهما طريقاً للخروج»، فيفقد نظامه عند نقطة معينة، ويقول الكاتب: «فقد النظام رمز، كما أن هناك رمزية في كل تعبير وإشارة، ولكنها ليست شفافة في الضحك والبكاء؛ لأن كلاً منهما استجابة متأخرة؛ استجابة على الحافة، يقتصر الضحك والبكاء على الإنسان، فهما ظاهرتان بشريتان فحسب».
كسر العدم
يُحاوِر المؤلِف النموذج الأفلاطوني حول المشاعر ما بين ثنائية الجسد والروح، ويسعى لربطها بأفكار داروين، وكارل يونغ، مروراً بجان بول سارتر الذي يتوقف عن تأمله لدلالة الانفعالات، فعلى سبيل المثال إذا كانت التغيرات الفسيولوجية الناشئة عن الغضب لا تختلف من حيث القوة عن تلك الناجمة عن الفرح، بما في ذلك زيادة في نبضات القلب وزيادة في صلابة العضلات، فهذا التشابه في الظاهر لا يعني أن الغضب شعور قوي بالفرح، وذلك ببساطة لأن دلالة الفرح تختلف عن دلالة الغضب، وإذا لم نفهم الدلالة فلن نفهم الفرح والغضب، وإن حددنا ورصدنا الأسباب والعلامات التي تصاحبهما.
ويؤكد أنه لا يمكن إدراك الانفعالات بمعزل عن سياقها الوجودي الأشمل، فإذا كان وجودنا نفسه انفتاحاً على العالم، فالانفعال إذا هو خبرة هشاشة الوجود في اللحظة التي يبدو لنا فيها هذا الوجود أو العالم مختلفاً وغير مألوف، فيترتب على ذلك فقد السيطرة، والشعور بالخطر الوشيك وتهديد خفي بالعدم يجتاحه، وربما يمكن هنا استعارة صوت هيدغر الذي اعتبر القلق هو «استشعار العدم»، وفي تيه القلق نحاول غالباً أن نكسر الصمت المطبق ببعض الكلمات التي ننطق بها بشكل عشوائي، وهو دليل على حضور العدم؛ فالقلق يكسر العدم.
تسليع المشاعر
تبدو الخبرة الانفعالية إذًا أكثر التجارب التي تظهر لنا هشاشة انفتاح الإنسان على العالم، ويشير الكاتب إلى أنه يظل هناك دائماً قدر من عدم الاتساق بين موضوعية الموقف والشحنة العاطفية التي تصاحبها، أو ما يصفه بـ«الشلل» الذي نشعر به دائماً بما لا يتناسب مع المناسبة التي سببته.
ويتوقف الكاتب عند تسخير «الانفعالات» في العصر الحديث بغرض التسليع، حيث تصبح «تسليع المشاعر» سلعة لترويج سلع أخرى، لا على أساس ما تثيره من انفعالات وليس على أسس عقلانية، بما في ذلك استغلال الساسة للعواطف في الخطابات الشعبوية، علاوة على مخاطر «تبدد الواقع» والعزلة التي يخلقها التواصل الاجتماعي الافتراضي، مُفصِلاً في الجزء الأخير من الكتاب تحديات ما يصفه بـ«النمو الانفعالي» للجيل الجديد، الذي يفتقر للتجاوب العاطفي، والذي يسمح لهم بالشعور اللحظي وقبل التفكير العقلاني، فهو يرى أن شبكة الإنترنت تسببت في «تراجع القدرات العقلية، واختزال عالم الانفعالات والمشاعر الذي لا يمكن التحقق عبر قنواتها»، ويتتبع الكاتب مسارات التعبير الإنساني بدايةً من مراحل ما قبل التاريخ حيث التعبير عن المشاعر بالنحت والرسم على الحجارة، وصولاً للتخلي عن تلك الرموز المرئية مع اختراع الكتابة، وصولاً لأجيال الديجيتال، حيث لم تصل إليهم المعارف من خلال «الكتاب» ولكن من خلال «المشاهدة»، ويؤكد الكاتب في النهاية أنه لا يُدين الإنترنت الذي فتح آفاقاً من الفُرص، ولكن في الوقت نفسه لا يعفيه من دوره في إبعادنا عن الانفعالات واستبدالها بأخرى زائفة تشبه الأوهام والهلاوس: «من يهجر الواقع ويذهب إلى عالم افتراضي، والأكثر من ذلك أن هذا يحدث دون دراية من جانبنا ودون عِلمنا».
تبدو الانفعالات كما يصفها المؤلف طريقة لفهم العالم والتعامل معه، ووسيلة للاستمرار في الوجود، ويدعو لإدراكها ليس بوصفه خللاً فسيولوجياً، ولكن بوصفها «سلوكاً منظماً» يسمح للهروب مما لا يمكن أن يتحمله الإنسان؛ الدموع والعواطف الجياشة التي تجتاح شخصاً عندما يذكّره حديث بحب كبير ضائع لا يمكن استرجاعه، وهي مشاعر يصفها أومبرتو جاليمبرتي بأنها ليست «فوضى تعبيرية، ولكنها سلوك مناسب لوجود غير قادر على مواجهة ما حدث، ولا يستطيع التسليم بالفقد».
يُفصّل المؤلف غاية الانفعال هنا بوصه سلوكاً تعويضياً له القدرة على إثارة حضور آخر قادر على تخفيف المعاناة الناتجة عن وحدة لا يمكن درؤها عند التعبير عن هذه العواطف، لتكون تلك الدموع حلاً مفاجئاً ومباغتاً للصراع.
ويتوقف الكتاب عند محطة الانفعال الجمالي، بوصفها تلك الانفعالات التي تقودنا خارج الواقع وخارج عالمنا، كتلك التي تنتابنا ونحن مشدوهون بالموسيقى، والشِعر والفنون، حيث يستدعي القريب البعيد، لنبلغ نقطة أسمى، أو ما وراء الأشياء، يستدعي الكاتب هنا «هوميروس» الذي كان يستدعي وهو أعمى، ربّات الشعر ليحكين له ما حدث في طروادة، فالانفعال بالفنون يقودنا خارج سطوة العقلانية، ما دعا هايدغر لأن يقول إن الفنانين أكثر عرضة للجنون.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
فريق بحثي يضم عالماً مصرياً يقترب من الحوسبة فائقة السرعة بإنجاز جديد
تمكن فريق بحثي يضم باحثين من جامعة أريزونا الأميركية بقيادة عالم مصري من التوصل لنبضات ضوئية فائقة السرعة يمكن أن تُشغّل الحواسيب بسرعات تفوق أفضل المعالجات الحالية بمليون مرة. ويقود باحثو جامعة أريزونا العالم المصري محمد حسن، الأستاذ المشارك في الفيزياء والعلوم البصرية بجامعة أريزونا. وتمكن فريق العلماء من استغلال نبضات ضوئية تدوم أقل من جزء من تريليون من الثانية للتلاعب بالإلكترونات في مادة الغرافين، ومن خلال الاستفادة من ظاهرة "النفق الكمومي"، سجّل العلماء مرور الإلكترونات عبر حاجز مادي بشكل شبه لحظي، وهو إنجاز يُعيد تعريف الحدود المحتملة لقدرات معالجة البيانات في الحواسيب، بحسب ما نشرته جامعة أريزونا. وسلّطت دراسة نُشرت في دورية نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications) الضوء على كيف يمكن لهذه التقنية أن تؤدي إلى سرعات معالجة في نطاق "البيتاهيرتز"، أي أسرع بأكثر من 1000 مرة من شرائح الحواسيب الحديثة. وقال محمد حسن، الحاصل على بكالوريوس والماجستير من جامعة القاهرة في عامي 2003 و2008 على التوالي، إن إرسال البيانات بهذه السرعات من شأنه أن يُحدث ثورة في عالم الحوسبة كما نعرفه. وقد كرّس حسن جزءًا كبيرًا من مسيرته لتطوير تقنيات الحوسبة القائمة على الضوء، وقاد سابقًا جهود تطوير أسرع مجهر إلكتروني في العالم. وأضاف حسن: "لقد شهدنا قفزة هائلة في تطوير تقنيات مثل برمجيات الذكاء الاصطناعي، لكن سرعة تطوير الأجهزة لا تسير بالسرعة نفسها". وتابع: "لكن بالاعتماد على اكتشاف الحواسيب الكمومية، يُمكننا تطوير أجهزة تُواكب الثورة الحالية في برمجيات تكنولوجيا المعلومات. ستُسهم الحواسيب فائقة السرعة بشكل كبير في الاكتشافات في أبحاث الفضاء والكيمياء والرعاية الصحية وغيرها". وعمل حسن في هذا الإنجاز جنبًا إلى جنب مع زملائه من جامعة أريزونا، نيكولاي غولوبيف، أستاذ مساعد في الفيزياء؛ ومحمد سناري، طالب دراسات عليا يدرس البصريات والفيزياء؛ وجليل شاه، باحث ما بعد الدكتوراه في الفيزياء؛ ومينغروي يوان، طالب دراسات عليا في البصريات. وانضم إليهم زملاء من مختبر الدفع النفاث التابع لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وجامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ بألمانيا. وباستخدام ترانزستور ضوئي من الغرافين متوفر تجاريًا تم تعديله بإضافة طبقة خاصة من السيليكون، استخدم الباحثون ليزرًا يعمل بتردد تشغيل وإيقاف يبلغ 638 أتوثانية (واحد كوينتليون من الثانية)، لإنشاء ما وصفه حسن بـ "أسرع ترانزستور كمومي في العالم يعمل بسرعة البيتاهيرتز". والترانزستور هو مكون إلكتروني أساسي يُستخدم لتنظيم تدفّق التيار الكهربائي في الدوائر الإلكترونية، ويُعد حجر الأساس في كل الأجهزة الإلكترونية الحديثة تقريبًا، من الهواتف المحمولة إلى الحواسيب وأجهزة الراديو. وقال حسن: "للتوضيح، الأتوثانية الواحدة تعادل واحدًا من كوينتيليون من الثانية"، مضيفًا: "هذا يعني أن هذا الإنجاز يُمثّل قفزة هائلة في تطوير تقنيات الحوسبة فائقة السرعة من خلال جعل ترانزستور يعمل بسرعة البيتاهيرتز حقيقة". وفي حين أن بعض التطورات العلمية تحدث في ظل ظروف صارمة، بما في ذلك درجة الحرارة والضغط، فإن هذا الترانزستور الجديد يعمل في ظل ظروف بيئية عادية، مما يفتح المجال لتسويقه تجاريًا واستخدامه في الإلكترونيات اليومية. ويعمل حسن مع مكتب "Tech Launch Arizona" الذي يتعاون مع الباحثين لتسويق الاختراعات الناتجة عن أبحاث جامعة أريزونا، بهدف تسجيل براءات اختراعها وتسويقها. وبينما استخدم الاختراع الأصلي ليزرًا متخصصًا، يعمل الباحثون على تطوير ترانزستور متوافق مع المعدات المتوفرة تجاريًا.


العربية
منذ 5 ساعات
- العربية
سكان الطوابق العليا فقط شعروا بزلازل مصر.. مسؤول يوضح
تعرضت مصر للمرة الثانية خلال أيام قليلة، إلى زلزال شعر به سكان محافظة القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية بقوة. وأعلنت الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن الزلزال وقع بجزيرة كريت اليونانية وشعر به سكان عدة محافظات مصرية. بدوره، أوضح المعهد القومي للبحوث الفلكية، أن الهزة بلغت قوتها 6.24 درجة على مقياس ريختر، محدداً موقعها بأنه على بعد 499 كلم شمال مرسى مطروح، بعمق 68.91 كلم، عند خط عرض 35.70 شمالاً، وخط طول 25.96 شرقاً. وتبين أن سكان مدن الساحل الشمالي شعروا بالهزة من دون وقوع أية خسائر في الأرواح أو الممتلكات، كما تبين إحساس المواطنين قاطني الأدوار العليا بالهزات الأرضية. لماذا شعر سكان الطوابق العليا بالزلزال؟ من جانبه قال رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث، الدكتور شريف الهادي، في تصريحات لـ " العربية.نت" إن بعض المواطنين من القاطنين في الطوابق العليا في مصر، يشعرون بالزلازل، وذلك نتيجة طبيعة التربة الطينية الهشة لمحافظات الدلتا والقاهرة. وأوضح أن هذه التربة الهشة هي التي تزيد من الإحساس بالهزة الأرضية، خصوصاً عندما يكون الزلزال عميقا مثلما حدث اليوم، حيث بلغ عمقه نحو 70 كيلومتر. وتابع أن "منطقة البحر المتوسط، تكون أكثر عرضة لحدوث الزلازل والهزات الأرضية، وتكون قوتها أكبر من زلازل منطقة البحر الأحمر، حيث تتعرض منطقة البحر الأحمر لزلازل من حين إلى آخر ولكن في الغالب متوسطة القوة خاصة في منطقة شمال البحر الأحمر، حيث يوجد خليج العقبة والذي يرجع تكرار الهزات الأرضية في هذه المنطقة إلى طبيعتها التكتونية النشطة". لا يمكن التنبؤ بحدوث الزلزال كذلك أشار مسؤول الزلازل بمعهد البحوث إلى أنه لا يوجد أي جهاز في العالم يمكنه التنبؤ بحدوث الزلازل قبل وقوعها، لكن ما يحدث هو مجرد توقعات نتيجة بعض المعطيات، حيث يمكن التوقع بحدوث زلزال، لكن لا يمكن تأكيد ذلك، وقد تكون هذه التوقعات غير دقيقة ولا يحدث شيء. ولفت إلى أن مصر في المنطقة الآمنة وفقاً للمعطيات والظروف الحالية، ولا يوجد توقعات بحدوث زلازل كبيرة هذه الفترة أو في القريب فيها. يشار إلى أن زلزال اليوم الذي شعر به سكان مصر أتى بعد أيام من آخر متوسط القوة مركزه كان أيضا جزيرة كريت اليونانية. وفي الشهور الأخيرة تعرضت مصر لعدة هزات أرضية في عدة مناطق، منها دمياط وجنوب سيناء، فيما أكد مسؤولون أن البلاد تشهد يومياً هزات يتم رصدها وتسجيلها، لكنها غير محسوسة ولا يشعر بها المواطنون.


مجلة سيدتي
منذ 5 ساعات
- مجلة سيدتي
أنواع الذكاء الاجتماعي.. وأبرز العوامل المؤثرة
الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، خلقه الله تعالى فريداً بارعاً في استخدام نظم التواصل للتفاعل مع المحيطين من أجل التعبير عن الذات وتبادل الأفكار والرؤى، وصولاً لنسق أكثر ازدهاراً وسياق أكثر نجاحاً من الحياة، ومن يملك مهارة الذكاء الاجتماعي يمكنه التواصل بمهارة والتفاعل بإيجابية مع الآخرين، مما يساهم في بناء علاقات قوية ومستدامة، وتحقيق النجاح في المجالات الشخصية والمهنية، بالسياق التالي "سيدتي" التقت أسماء الطويل اختصاصي تنمية بشرية وخبير دعم ذاتي في حديث يعرفك إلى أنواع الذكاء الاجتماعي. أدمغة البشر صُممت للرغبة في التواصل الاجتماعي تقول أسماء الطويل اختصاصي تنمية بشرية وخبير دعم ذاتي لسيدتي: صُممت أدمغة البشر للرغبة في التواصل الاجتماعي والازدهار فيه، فالذكاء الاجتماعي يعني أن تكون أكثر تأثيراً في الآخرين بطريقة إيجابية، حيث يتمتع الأشخاص ذوو الذكاء الاجتماعي بحوارات رائعة مع الغرباء، ويبنون علاقات وطيدة تدوم مدى الحياة، ويتركون أثراً في نفوس الآخرين يتجاوز كلماتهم. يفعلون ذلك من دون أية تضحية بهويتهم، ويشير المصطلح إلى قدرة الفرد على فهم التفاعلات الاجتماعية والتعامل معها، والذكاء عامة الاجتماعي يتيح للفرد تقييم مهاراته وإيجاد طرق لتطويرها باستمرار، ويمكننا القول ببساطة إن الذكاء الاجتماعي ما هو إلا القدرة على فهم وإدارة العلاقات الاجتماعية بشكل فعال. تؤكد الطويل أن الذكاء الاجتماعي يشمل مقدرة الفرد على التواصل اللفظي وغير اللفظي، والوعي الذاتي والاجتماعي، وإدارة العلاقات، والتنظيم الذاتي. كما أنه ينطوي على مهارات مثل التعاطف، والاستماع النشط، والتواصل، والقدرة على فهم وإدارة الإشارات الاجتماعية مثل نبرة الصوت و لغة الجسد والعواطف، لفهم المعنى الكامن وراء هذه التفاعلات. وقد يمتد هذا الفهم ليشمل الوعي الذاتي بأفكار الآخرين ومشاعرهم ويصل لتوقع ردود أفعالهم وطريقة التعامل مع هذه الأفعال، و يُقيّم الذكاء الاجتماعي باستخدام مقياس للذكاء الاجتماعي ويُعطي درجات على ثمانية أبعاد توضح إن كان الفرد يتحلى بالذكاء الاجتماعي أم لا وهي: الصبر، والتعاون، والثقة بالنفس، والحساسية، وإدراك البيئة الاجتماعية، وحس الفكاهة، وقوة الذاكرة واللباقة في التعامل. وإذا تابعت السياق التالي ستتعرف إلى: كيف تقيم مستوى ذكائك وتضاعفه ؟ عوامل تؤثر في الذكاء الاجتماعي تنمّيه أوتقلصه تقول أسماء: من المعروف أن الذكاء الاجتماعي يتطور بمرور الوقت ويمكن أن يتأثر بعوامل مختلفة: التجارب المبكرة: تلعب التجارب أثناء الطفولة، مثل التفاعل مع الوالدين والأطفال الآخرين دوراً حاسماً في تطوير الذكاء الاجتماعي. الوراثة: قد يكون لدى بعض الأشخاص استعداد وراثي ليكونوا أكثر ذكاءً اجتماعياً. ومع ذلك، فإن هذا الاستعداد يتأثر ويتشكل بالبيئة. البيئة التعليمية: يمكن للتعليم الرسمي والأنشطة اللامنهجية أن تعزز المهارات الاجتماعية. المشاركة في الألعاب الرياضية والأندية والأنشطة الجماعية الأخرى تساعد على تطوير الذكاء الاجتماعي. النماذج المثالية: إن مراقبة الأشخاص ذوي الذكاء الاجتماعي والتعلم منهم، مثل المعلمين أو القادة أو الشخصيات ذات السلطة، يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على تطوير هذه المهارة. الممارسة وردود الفعل: إن ممارسة المهارات الاجتماعية بشكل مستمر وتلقي ردود الفعل على تفاعلاتنا يساعدنا على تحسين ذكائنا الاجتماعي بمرور الوقت. ونحو المزيد يمكنك التعرف إلى أ أنواع الذكاء الاجتماعي تقول أسماء: هناك 4 أنواع من الذكاء تقودك إلى النجاح الذكاء الاجتماعي العاطفي الذكاء الاجتماعي العاطفي هو القدرة على فهم وإدارة عواطفك الخاصة، وكذلك عواطف الآخرين، وهو السبيل لتحقيق النجاح الشخصي والمهني. أهمية: تسهيل العلاقات الشخصية الصحية. تحسين التواصل والتعاطف. يزيد من القدرة القيادية. كيفية تطويره: ممارسة التأمل والتأمل الذاتي. تعلم كيفية تحديد مشاعرك وتسميتها. العمل على تنمية تعاطفك من خلال الاستماع الفعال للآخرين. الذكاء الاجتماعي التفاوضي الذكاء الاجتماعي التفاوضي هو القدرة على التنقل والتفاوض في السياقات الاجتماعية. وهذا يتضمن فهم الديناميكيات الاجتماعية ومعرفة كيفية التصرف في المواقف المختلفة لبناء علاقات إيجابية. أهميته: بناء الشبكات والاتصالات. يساعد على حل النزاعات بشكل فعال. يسهل التعاون والعمل الجماعي. كيفية تطويره: مراقبة وتقليد الأشخاص ذوي الذكاء الاجتماعي العالي. المشاركة في الأنشطة الجماعية والاجتماعية. ممارسة الاستماع الفعال وفن المحادثة. الذكاء الاجتماعي العملي وهو القدرة على حل المشكلات اليومية بشكل فعال. إنه نوع الذكاء الذي يساعدك على اتخاذ القرارات العملية وتكييف معرفتك مع مواقف الحياة الواقعية. أهميته: تسهيل حل المشكلات في الوقت الفعلي. يساعد على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة. يساعد على التكيف في العمل والحياة. كيفية تطويره: مواجهة التحديات اليومية بعقل منفتح. تعلم من أخطائك وتجاربك الماضية. الحفاظ على موقف استباقي والبحث عن حلول إبداعية. الذكاء الاجتماعي الإبداعي الذكاء الاجتماعي الإبداعي هو القدرة على التفكير خارج الصندوق وتوليد أفكار أصلية. فهو ضروري للابتكار وحل المشكلات بطرق جديدة. أهميته: تعزيز الابتكار والأصالة. تسهيل حل المشكلات الإبداعية. يزيد من القدرة على التكيف مع المواقف الجديدة. كيفية تطويره: اقضِ وقتاً في ممارسة الأنشطة الإبداعية، مثل الفن أو الموسيقى أو الكتابة. تعزيز بيئة تحفز الإبداع. ممارسة التفكير المتباعد والعصف الذهني. تقول أسماء: بالنهاية فإن تطوير هذه الأنواع الأربعة من الذكاء الاجتماعي يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في حياتك. إن الذكاء العاطفي والاجتماعي والعملي والإبداعي لن يساعدك على تحقيق النجاح فحسب، بل سيعمل أيضاً على تحسين صحتك العامة وعلاقاتك الشخصية. والسياق التالي يعرفك إلى 10 طرق فعالة يتعامل بها الأذكياء مع الأشخاص الوقحين