logo
#

أحدث الأخبار مع #الكومينيكاسيون

✅ بين تصفيف الشعر وتبادل الحديث.. شابات إفريقيات بطنجة يصنعن التعايش بخيوط ناعمة
✅ بين تصفيف الشعر وتبادل الحديث.. شابات إفريقيات بطنجة يصنعن التعايش بخيوط ناعمة

24 طنجة

timeمنذ 4 أيام

  • ترفيه
  • 24 طنجة

✅ بين تصفيف الشعر وتبادل الحديث.. شابات إفريقيات بطنجة يصنعن التعايش بخيوط ناعمة

في أزقة جانبية لا تبعد كثيرا عن المحاور التجارية وسط المدينة، تظهر ملامح تحوّل هادئ تقوده شابات من دول جنوب الصحراء داخل صالونات تجميل صغيرة، تزايد حضورها بشكل لافت في السنوات الأخيرة. خلف واجهات زجاجية بسيطة، تُقدَّم خدمات تصفيف الشعر والعناية بالبشرة وتركيب الأظافر، في أجواء تسودها الثقة والانفتاح، وتجمع زبائن من جنسيات مختلفة، بينهم مغاربة وأفارقة. تتمركز هذه المحلات في شوارع جانبية غير بعيدة عن مناطق سكنية نشطة، حيث لا يمر وقت طويل حتى تُلمح شابة إفريقية تحمل لافتة مكتوبة بخط يدوي أنيق، تعرض من خلالها خدمات مختلفة ضمن العناية الشخصية. البعض يكتفي بابتسامة ترحيب، والبعض الآخر يفتح باب الحديث مع المارة بحثا عن زبائن جدد. داخل أحد الصالونات، تبدو الأجواء بسيطة لكنها منظمة. مرآة كبيرة، طاولة خشبية تضم زيوتاً ومستحضرات طبيعية، ومقعدين مخصصين لتسريحات الشعر. هناك، تنهمك شابة في العشرينات في تصفيف شعر زبونة مغربية، بينما تتبادل معها أطراف الحديث بلغة دارجة سلسة تكشف عن اندماج متقدم في المجتمع المحلي. تقول الزبونة، وهي طالبة جامعية في طنجة، 'كنجي لهنا حيث الأسعار مناسبة والتعامل محترم، وبصراحة عندهم يد خفيفة، خصوصا في تسريحات الشعر المجعد'. وتضيف وهي تبتسم 'حتى الكومينيكاسيون سالسة، ما كاينش حواجز'. خدمات هذه الصالونات تركز أساسا على تسريحات الشعر الافريقية التي تحتاج دقة وزمنا طويلا، وتركيب الأظافر، ومساجات الوجه، بالإضافة إلى استعمال منتجات طبيعية تستهوي زبونات يبحثن عن بدائل للمستحضرات الصناعية. اللمسة الإفريقية حاضرة في كل تفصيلة، من طريقة الجلوس إلى نبرة الحديث، مرورا بالموسيقى التي تُسمع أحيانا في الخلفية. 'جيت لطنجة قبل ثلاث سنوات، وبديت خدامة مع وحدة أخرى فصالون صغير، ومن بعد جمعت شوية ديال الفلوس وفتحت هاد المحل' تقول ماري، وهي شابة من الكاميرون تدير صالونا صغيرا في المدينة. وتضيف بثقة 'خدمتي كتعتمد على الثقة، ومع الوقت ولفت الزبونات المغاربة، وحتى الجيران كيبان عليهم الارتياح'. في المساء وعطلة نهاية الأسبوع، يتزايد الإقبال بشكل ملحوظ. الزبائن لا يقتصرون فقط على المهاجرات من إفريقيا، بل يشملون أيضا مغربيات، بعضهن يرتدن هذه الصالونات بانتظام. عاملات التجميل يتحدثن الدارجة بطلاقة، ويُظهرن حِرفية واضحة في أداء المهام. صاحب محل لبيع المواد الغذائية قرب أحد الصالونات يقول 'الناس ولفوهم، وكاين احترام وتعايش، ما عمرنا شفنا شي مشكل معاهم'. ويضيف 'اللي خدام كيتقبل، وهاد البنات خدامات وماشي عالات على شي حد'. بعض الصالونات تُدار من قبل سيدات في سن متقدمة، لكن الغالبية من شابات تتراوح أعمارهن بين العشرينات وبداية الثلاثينات. في الغالب، يعملن لحسابهن الخاص، أو ضمن مجموعات صغيرة تتقاسم الفضاء والتكاليف. السلطات المحلية تغض الطرف في الغالب، ما دامت هذه الأنشطة لا تثير شكاوى أو خروقات علنية. ورغم أن بعض المحلات تفتقر إلى التراخيص الرسمية، إلا أن التفاعل المجتمعي حولها يُظهر نوعا من القبول والتسامح. هذا الواقع لا يعكس فقط تحولا مهنيا، بل أيضا دينامية اندماج اجتماعي تدريجي. حضور هؤلاء النساء في النسيج الاقتصادي للمدينة يكشف عن قدرة طنجة على استيعاب موجات بشرية وافدة دون توتر، وتحويل الحاجة إلى فرصة. في مدينة عُرفت تاريخيا بانفتاحها على الثقافات، أصبحت الصالونات الصغيرة التي تقودها نساء من إفريقيا جنوب الصحراء عنوانا جديدا لمغرب يتحرك في صمت، نحو صيغة أكثر مرونة في تركيبته الاجتماعية. هؤلاء النسوة لا ينتظرن الاعتراف، بل يفرضن وجودهن بالعمل اليومي، بالعناية الدقيقة، وبالاندماج من الباب الهادئ. وفي زحمة المدينة، حين يمر العابر بمحاذاة أحد هذه المحلات، لن يرى فقط نشاطا مهنيا بسيطا، بل مظهرا من مظاهر تحول اجتماعي بدأت ملامحه تتشكل ببطء، دون ضجيج، ودون وساطة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store